معالجة أزمة الموارد البشرية في مالاوي

ملخص:

تعانى النظم الصحية في إفريقيا جنوب الصحراء بشكل كبير الهشاشة وعدم كفاية العاملين لتلبية الاحتياجات الصحية المتصاعدة. وبالرغم من الاهتمام الدولي المتنامي، فقد كانت الجهات المانحة مترددة في القيام بالاستثمارات الكبيرة المطلوبة لمعالجة مشكلة الموارد البشرية على نحو شامل، وذلك في ظل الحساسيات الاجتماعية والسياسية، والمخاوف فيما يتصل باستدامة التدخلات ومخاطر الاعتماد المتزايد على الجهات المانحة. ففي مالاوي، وهي إحدى أفقر الدول في إفريقيا، أدى تدني مستويات الموارد البشرية إلى تسريع انهيار خدمات الصحة العامة منذ تسعينيات القرن العشرين. وفي مسعى لتحسين النتائج الصحية، طرحت الحكومة في عام ٢٠٠٤ مبادرة صحية لتقديم حزمة صحية أساسية تشمل زيادة كبيرة في الخدمات المتصلة بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. والمشكلة الأكبر التي تتحدى تنفيذ هذه المقاربة هى تحسين مستويات التوظيف. وقد اتفقت الهيئات المانحة على مساعدة الحكومة في وضع برنامج طوارئ للموارد البشرية ذي خمسة أوجه: تحسين الحوافز لتوظيف العاملين واستبقائهم من خلال زيادة الرواتب، وتوسيع قدرة التدريب المحلية، والاستفادة من المتطوعين الدوليين من الأطباء ومعلمات التمريض كإجراء لسد الفجوات، وتوفير المساعدات الفنية الدولية لتعزيز القدرات والمهارات التخطيطية والإدارية، وتطوير قدرات مراقبة وتقييم أكثر كفاءة. وكانت العلاقات الاقتصادية اعتباراً بارزاً. عند تحديد شكل البرنامج. ويبدو أن توليفة الإجراءت قصيرة المدى والإجراءات طويلة المدى تساعد في الحفاظ على الالتزام بالبرنامج.

Tackling Malawiis Human Resources Crisis. May 2006. 14 (27). Debbie Palmer

جميع الحقوق محفوظة لمجلة قضايا الصحة الإنجابية ٢٠٠٦

في أعقاب العمل الذي قامت به لجنة الاقتصاديات الكلية والصحة بشأن أهمية تحسين الصحة بالنسبة للنمو الاقتصادي والتنمية البشرية، تركز الاهتمام العالمي على توفير آليات تمويل تتسم بقدر أكبر من المساواة وبفاعلية تكلفة لجعل الخدمات الصحية متاحة للفقراء إلى جانب تقوية أجهزة الصحة القومية كي توفرها. (1) وقد سُلطت الأضواء على الصلات بين الموارد البشرية والنتائج الصحية، التي كثيرًا ما وُصفت بأنها الغراء الذي يمسك أجهزة الصحة ببعضها. فعلى سبيل المثال، نجد أن نتائج البحث الذي أجري بتكليف من مبادرة التعليم المشتركة بشأن الموارد البشرية تؤكد بقوة أهمية الموارد البشرية الخاصة بالصحة في التأثير على النتائج الصحية“. (۲) وعلى المستوى العملي، يشير تقرير منظمة الصحة العالمية لعام ٢٠٠٣ عن المكافحة العالمية للتدرن الرئوي (السل) إلى العجز في الموارد البشرية باعتباره السبب الرئيسي في تأخير تحقيق أهدافها في الفترة من ۲۰۰۰ إلى 2005 (3، 4)

تشير الأدلة الواردة من مالاوي، وهي أحد أفقر بلدان جنوب إفريقيا، حيث كانت مؤشرات الصحة ضعيفة على امتداد الفترات السابقة، إلى أن تدني مستويات الموارد البشرية أدت إلى تسريع انهيار خدمات الصحة العامة منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين. ونتيجة لذلك، كان قطاع الصحة يكافح من أجل مسايرة الطلب على الخدمات، وخاصة في ظل النمو السكاني وارتفاع مستوى الإصابة بالفيروس المسبب المرض الأيدز. وذكر تقرير صادر في أبريل من عام ٢٠٠٤ عن وزارة الصحة أن وضع الموارد البشرية حرج ويوشك بشكل خطير على الانهيار، ومنهار، ومفككوأن قطاع الصحة يواجه أزمة كبيرة ملحة وعميقة فيما يتصل بالموارد البشرية“. (5)

أثناء الزيارة المشتركة لمالاوي في عام ٢٠٠٤، نصح صيتر صيوت، رئيس برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، وسوما تشاكرابارتي، السكرتير الدائم لإدارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة، وكالتيهما بدعم تطوير مبادرة في مالاوي لمعالجة أزمة الموارد المالية. وكان ما يثير القلق هو أنه بدون الزيادة المستدامة في العاملين في مجال الصحة لن يكون نشر علاج الفيروسات القهقرية ممكناً بدون تقويض نظام الصحة الضعيف أصلاً. وكانت النتيجة تحول الجهات المانحة عن الدعم التدريجي لعدد من المبادرات التي لا يوجد بينها تنسيق إلى مقاربة أكثر شمولاً من خلال برنامج طوارئ الموارد البشريةالذي يجري تنفيذه في الوقت الراهن.

بما أن نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي في مالاوي هو ١٤٩ دولارًا في عام ٢٠٠٣، فسكانها من بين أفقر السكان في إفريقيا. (6,7) وبما أن ما يزيد على نصف سكانها البالغ عددهم ۱۲ مليون نسمة يعتمد على المطر في زراعات حيازات صغيرة من الأراضي الزراعية، فالطعام غير مضمون (8) ويعجز 65.3% عن تلبية احتياجات استهلاكهم اليومي. (9) وبالإضافة إلى مستويات الفقر الكلي المرتفعة، فإن توزيع الدخل والاستهلاك على قدر كبير من اللامساواة كذلك. (10)

تساهم المساعدات الدولية المقدمة لمالاوي بحوالي 45.4 دولار أمريكي للفرد وكانت تمثل 31.2% من إجمالي الناتج المحلي في عام ٢٠٠٣، وهي نسبة أعلى بكثير مما في الأقطار الأخرى الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء. (6,11) وفي قطاع الصحة، توفر إسهامات الجهات المانحة حوالي ٤ دولارات أمريكية من نصيب الفرد من إجمالي الإنفاق الصحي وقدره 12.4 دولار أمريكي. ويصل ما تنفقه الحكومة على الفرد ٣ دولارات أمريكية والباقى تقدمه مصادر خاصة، تأتي في حالة الفقراء في الغالب من المصروفات الفعلية. (12)

البنية الصحية التحتية في مالاوي على قدر معقول من التطور، حيث تشمل أربعة مستشفيات مركزية (من مستوى الرعاية الثالث)، ومستشفيين للعلاج النفسي، و ۲۲ مستشفى إقليميًا، و۲۳ مستشفى تابعاً للبعثات التبشيرية (تُدار على أساس خاص لا يقوم على الربح) و۳۹۷ مركزًا صحيًا، بالإضافة إلى مراكز صحية ومستوصفات أصغر حجماً. ومع ذلك فهي في حالة شديدة من السوء: فقد أظهر مسح أُجري في عام ٢٠٠٣ أن ٢٤٣ منها ليس به مصدر يعمل للمياه، و٣٩٤ بلا مصدر يعمل للكهرباء، و٢٤٤ بلا نظام يعمل للاتصالات (لاسلكي أو تليفون). (13) والإسكان الحكومي للعاملين في قطاع الصحة الذين يخدمون في مناطق ريفية كثيرة على القدر نفسه من التدهور ويفتقر إلى الخدمات الأساسية.

تعكس مؤشرات مالاوي الصحية عمق فقرها وشدته. فقد هبط متوسط الأعمار من ٤٦ سنة في عام ١٩٩٦ إلى 37.5 سنة في عام ٢٠٠٣، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى الإصابة بالفيروس المسبب لمرض الإيدز: فمعدلات الإصابة مرتفعة وتقدر بـ ١٤.٢% بين من تتراوح أعمارهم بين ١٥ و ٤٨ سنة (١٠) ويعاني نصف الأطفال الذين دون الخامسة تقريباً سوء التغذية على نحو مزمن، وبالرغم من التحسن الذي طرأ على معدلات وفيات الرضع والأطفال خلال السنوات الخمس الماضية، فمازال الحال هو أن طفلاً واحداً تقريباً من بين كل سبعة يموت قبل بلوغه الخامسة من عمره. (14) وقد تضاعفت وفيات الأمهات في تسعينيات القرن العشرين من ٦٢٠ / ۱۰۰۰۰۰ ولادة حية إلى ١١٢٠/ ۱۰۰۰۰۰ ولادة حية في عام ٢٠٠٠، وهو ما يعد من بين أعلى المعدلات في العالم.{ تشير المؤشرات المبدئية للمسح الديموجرافي الصحي ۲۰۰٤ فى مالاوي إلي انخفاض طفيف في نسبة وفيات الأمهات مقارنة بعام 2000 }.

بالرغم من مؤشرات الصحة الضعيفة بصورة عامة، شهدت مالاوي بعض النجاح المهم في السنوات القليلة الماضية. فقد تم القضاء على التيتانوس بين حديثي الولادة من خلال برامج التطعيم، كما أن استخدام الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية كعلاج للملاريا زاد إلى ٤٢% من إجمالي عدد الأسر المعيشية، وتم الحفاظ على معدلات الشفاء من التدرن الرئوي (السل) بمعدلات تزيد على ٧٠% بالرغم من معدل الوفيات الذي يرفعه الفيروس المسبب لمرض الإيدز (14,15) إلا إن هذه المكاسب تحققت بشكل أساسي من خلال التدخلات الرأسية المستهدفة الممولة من الجهات المانحة. وفي الوقت نفسه تدنت القدرة الإجمالية لنظام الصحة العامة تدنيًا مطرداً بينما تجاهد الحكومة لتوفير رعاية صحية شاملة مجانية للسكان الذين يتزايد عددهم بنسبة ٢٣% كل عشر سنوات.(16) وتعكس هذه القدرة المتناقصة في قطاع الصحة تدنيًا مساويًا في فاعلية الخدمات العامة المالاوية وكفاءتها بصورة عامة. (١٧) وتوسيع التحسينات واستدامتها في مؤشر الصحة المالاوية لتحقيق أهداف التنمية المئوية أمر غير مرجح بدون التعزيز الضخم للأجهزة. وأهم ما في ذلك هو معالجة العجز الكبير في الموارد البشرية.

جدول رقم 1

الغريق الطبي لكل 100.000 نسمة، 2004 (18)

الكادر

جنوب أفريقيا

بوتسوانا

غانا

زامبيا

تانزانيا

مالاوي

أطباء

69.2

28.7

9.0

6.9

2.3

1.1

ممرضات

388.0

241.0

64.0

113

36.6

25.5

الموارد البشرية في قطاع الصحة بمالاوي

الوضع الحالي للعاملين الطبيين في مالاوي هو الأقل في المنطقة، كما يبين جدول رقم ١، وهو غير كاف للمحافظة على المستوى الأدنى من الرعاية الصحية. هناك عجز في الكوادر المهنية كلها، حيث يوجد طبيب واحد لكل ٦٢ ألف نسمة، وتوجد وظائف شاغرة في تخصصات: أمراض النساء والتوليد، والأطفال، والجراحة، وغيرها من التخصصات الطبية تتراوح بين۷۱ و 100%. وتصل هذه النسبة بين الممرضات إلى ٦٥%. كما يمثل التوزيع غير المتساوى للعاملين تحديًا كبيرًا كذلك: فمثلاً يعمل نصف أطباء مالاوي في واحد من أربعة مستشفيات مركزية، فى حين لا يوجد طبيب واحد تابع لوزارة الصحة في ١٦ مقاطعة، وكانت أربع مقاطعات تخلو حتى وقت قريب من أي طبيب على الإطلاق (اتصال شخصي مع مسئول بوزارة الصحة في فبراير ٢٠٠٦). وأظهر مسح أُجري عام ۲۰۰۳ أن متوسط عدد الممرضات لكل منشأة صحية كان 1.5 ممرضة / المنشاة في ١٥ مقاطعة من مقاطعات مالاوي الست والعشرين، وكان المتوسط في خمس مقاطعات أخرى أقل من ممرضة واحدة. (5,19)

طرحت الحكومة مبادرة صحية جديدة في عام ٢٠٠٤ لتقديم حزمة صحية أساسية، حيث أُعطيت الأولوية فيها للتدخلات التي تتسم بفاعلية التكلفة لمعالجة ۱۱ سبباً رئيسيًا للمرض والوفاة. (20) {تشمل الحزمة الصحية الأساسية: التطعيمات للأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها، الملاريا، الصحة الإنجابية، السل، البلهارسيا، العدوي التنفسية الحادة، أمراض الإسهال الحادة، العدوي المنقولة جنسياً، متلازمة العوز المناعي وفيروس نقص المناعة المكتسبة البشري، أمراض سوء التغذية، عدوي العين والأذن والجلد والإصابات الشائعة}. وتمثل هذه الحزمة المقدمة مجانًا للمالاويين كافةً شكلاً صريحاً من أشكال التقنين، مما يحدد بعض الخدمات على أنها ذات أولوية متقدمة، ولكنها تعترف بدورها بأنه إذا كان لابد من تقديم الخدمات للكل، فحينئذ لن يكون بالإمكان تقديم الخدمات كلها “.(21) وهي تتناقض مع المقاربات الرأسية السابقة المتصلة بالأمراض في تركيزها على تقديم الخدمات على مستوى المقاطعات، الأمر الذي يدمج الرعاية الأولية مع التحويل الفعال. وهي تهدف من بين ما لها من غايات أخرى إلى تقديم خدمات الصحة الإنجابية، بما في ذلك إتاحة رعاية الحمل الأساسية والإحالة إلى رعاية ولادة الطوارئء الشاملة، وهو الأمر الضروري لخفض مستوى وفيات الأمهات المرتفع في مالاوي.

تحسين مستويات العاملين هو التحدي الأكبر الذي يواجهه تنفيذ المقاربة الجديدة. وقد انتهت مراجعة مستقلة لمشروع الأمومة الآمنة – الذي تموله جهة مانحة وأدى بسرعة إلى الهبوط بنسبة الوفيات بين ولادات المستشفيات إلى النصف” – إلى أنه بالرغم من التدريب والدعم الموسعين للعاملين، فقد ثبت أن العجز الشديد في العاملين الناشئ عن مشاكل تتصل باستبقاء القابلات وتناقص عددهن المستمر يمثل عقبة كبيرة أمام زيادة تغطية الولادات بالمشرفات الماهرات، ويعرض المكاسب التي تحققت في جودة الرعاية للخطر“. (۲۲) والواقع أن النسبة الحالية للولادات التي تتم بمساعدة طبيب أو ممرضة عند الوضع وهي ٥٧% لم تتغير منذ ۱۹۹۲.(14) يبرز النشر الأخير لـ خريطة الطريق من أجل تسريع الحد من وفيات ومرض الأمهات والأطفال حديثي الولادة في مالاويالعجز فى العاملين وضعف إدارة الموارد البشرية باعتبارهما العاملين الأولين من بين العوامل المتعددة التي تؤثر على مستويات الإشراف الماهر.(23) كما أن ١٣% فقط من المنشآت الصحية بها تغطية طوال الأربع والعشرين ساعة بالقابلات. (13)

كجزء من الحزمة الصحية الأساسية، وضعت الحكومة المالاوية خطة طموح للوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسى والفيروس المسبب لمرض الإيدز والمضاعفات المتصلة به وعلاجها، بما في ذلك مضادات الفيروسات القهقرية والمشورة والاختبارات الطوعية. وهناك حوالي مليون مصاب بالفيروس المسبب لمرض الإيدز تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والأربعين، وهناك حوالي ١٧٠ ألف شخص يحتاجون في الوقت الراهن إلى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية. (24)

ومنذ منتصف عام ۲۰۰٤، وبالرغم من العوائق الشديدة، حققت الحكومة المالاوية نجاحاً في إعداد برنامج علاج ناجح باستخدام مقاربة بسيطة ولكنها فعالة من خلال نظام الصحة العامة. وفي منتصف ۲۰۰۳ كان توفير مضادات الفيروسات القهقرية يقتصر على ثلاثة مواقع، حيث كان يفيد أقل من 1% ممن هم بحاجة إليه. (25)

وبحلول ديسمبر من عام ٢٠٠٥، وفي أعقاب استثمار ضخم للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والملاريا والتدرن الرئوي (السل) وغيره من الجهات المانحة، بدأ حوالي ٣٨ ألف مريض العلاج، مجانًا، في 60 منشأة صحية عامة، وكانت ۲۳ منشأة خاصة قد بدأت علاج حوالي ألف مريض آخرين (26). والمعدل الذي يمكن به الحصول على العاملين الطبيين وتدريبهم قيد كبير على السرعة التي يتم بها توسيع نطاق الخدمات المتصلة بمرض الإيدز والفيروس المسبب له(5) وقد تلقى أكثر من ۱۱۰۰ طبيب وممرضة من القطاع العام وكذلك حوالي ۲۳۰ من القطاع الخاص تدريباً متخصصاً على تقديم مضادات الفيروسات القهقرية والاستشارة والاختبار الطوعيين. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى عاملين للقيام بالأنشطة التكميلية، بما في ذلك علاج العدوى الطفيلية والوقاية من انتقال العدوى من الأم للطفل، وهي الأنشطة التي تتسع كذلك (26’27). { عدد النساء اللاتي يتلقين علاجاً للوقاية من انتقال العدوى من الأم للطفل فى الوقت الحالى منخفض. في عام ٢٠٠٤ كانت النساء اللاتي تم اختبارهن لفيروس نقص المناعة البشرى يمثلن 7.9% من ٥٤٠٠٠٠ حالة ولادة. ومن بين النساء اللاتي كن يحتجن إلى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، تلقت نسبة محدودة من النساء العلاج (2.7%). وتهدف مالاوى لزيادة عدد النساء اللاتي يتم اختبارهن من ١٠٠٠٠٠ في عام ٢٠٠٦ إلى ٤٠٠٠٠٠ عام ٢٠١٠، وان يتم توفير العلاج إلى ٦٥۰۰۰ امرأة / طفل بحلول عام ٢٠١٠. كما يتصاعد الطلب على المشورة والاختبار الطوعيين أيضاً: فى عام ٢٠٠٤ تم عمل اختبارات فيروس نقص المناعة البشرية لحوالي ٢٨٥٠٠٠ شخص، في ١٤٦ من مواقع القطاع العام (وكان الرقم ۱٥۰۰۰۰ فى عام ۲۰۰۲). وتشير وزارة الصحة أيضًا إلى تصاعد الإصابات بالدرن الرئوى، والسرطان، والتهابات المخ البكتيرية، وعدوى المرىء بالفطريات}.

عند بدء تلك الخدمات في عام ٢٠٠٤، كان هدف الحكومة المحدد هو تحقيق حصول ٣٥ ٤٥ ألف مريض على مضادات الفيروسات القهقرية بحلول يوليو 2005، غير أنه وُضع كذلك هدف طموحلزيادة العدد إلى ٨٠ ألف مريض بحلول أواخر عام ٢٠٠٥، وهو ما يتفق مع مبادرة منظمة الصحة العالمية ٣ × ٥ (8,28)

جدول رقم ۲

الأعداد التقديرية للعاملين المطلوبين لخدمات الصحة العامة اللازمة للخدمات المتعلقة بمرضي العوز

المناعي المكتسب وحاملي فيروس نقص المناعة المكتسب، 2005 – ۲۰۱۰ (30)

الكادر

مضادات الفيروسات القهقرية

المشورة والفحص الطوعي

العدوى بالميكروبات الانتهازية

منع نقل العدوى من الأم للطفل

الأعداد المطلوبة

المجموع الحالي

أطباء

10

10

139

ممرضات

211

167

2.813

210

3.401

4.717

نواب

221

468

689

942

مساعدين

500

500

718

فنيو المعامل والمساعدون

8

378

386

251

صيادلة

344

344

93

مسئولو صحة البيئة

10

10

304

في ظل التأثير الكبير لوضع العاملين تم عمل تقديرات سريعة للمتطلبات المتوقعة (جدول رقم ۲). وأبرزت تلك التوقعات بقوة حجم التحدى الذي يمثله تأمين العدد الكافي من العاملين لدعم تلك الأنشطة دون الإضرار بالخدمات الأساسية الأخرى، ومنها خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المكملة الضرورية للعلاج من الفيروس المسبب لمرض الإيدز على المدى الطويل. كما بدأ العمل كذلك في بحث المقاربات الأكثر إبداعًا للتوظيف، مثل الاستفادة من الكوادر الدنيا وغير السريرية لمتابعة المرضى ومراقبتهم، وتدريب الممرضات على توزيع الأدوية على المرضى لتخفيف الطلب على الخدمات الصيدلية (اتصال شخصي، مسئول بوحدة الإيدز والفيروس المسبب له). (29)

هناك ثلاثة أسباب رئيسية للعجز المزمن في عدد العاملين الصحيين. السبب الأصلي هو الفقر: فمالاوي عاجزة منذ فترة طويلة عن تحمل تكاليف تدريب وتوظيف ما يكفي من العاملين في قطاع الصحة لتلبية احتياجات الرعاية الصحية الأساسية. وهي تعتمد منذ عقود على الأطباء من الخارج، وحتى بعد إنشاء كلية الطب الخاصة بها في عام ۱۹۹۱ لم تكن تخرج سوى 20 طبيباً في العام حتى عام 2005، وكان نصفهم يتجه إلى الأبحاث والتدريس والحصول على مزيد من التدريب أو فتح العيادات الخاصة في مالاوي أو في الخارج. وفي السنوات القليلة الأخيرة، خرجت مالاوي ما بين ٤٠ و ٦٠ ممرضة سنويًا إلى جانب حوالي ٣٠٠ ٣٥٠ ممرضة مُدرجة (31) في حين تضم مؤسسة التمريض في القطاع العام (تشمل مستشفيات البعثات التبشيرية) تضم ٨٩٦٣ وظيفة، منها ٤٩٣٤ وظيفة شاغرة.(5) وحتى لو افترضنا أن كل الممرضات اللاتى جرى تدريبهن انضممن إلى القطاع العام، مع زيادة تدفق العاملين للخارج، لما كان معدل التدريب مواكباً للاحتياجات. في السنوات العشر الأخيرة، زاد التناقص في عدد العاملين المرتبط بمرض الإيدز والفيروس المسبب له في قطاع الصحة من العجز. (32) وافترضت الخطة الخمسية المالاوية لتنمية الموارد البشرية ١٩٩٩ ٢٠٠٤ أن هناك فاقداً سنويًا إجماليًا نسبته 2.8 بناءًا على بيانات العاملين. (33) وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن هذا أقل من التدفقات إلى خارج القطاع. فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أُجريت في عام ۲۰۰۲ على المناطق الريفية وشبه الحضرية في مالاوي أن معدل الوفاة بين مقدمي الرعاية الصحية بالمستشفيات وحدها هو ٢%. (34)

وتأثير مرض الإيدز والفيروس المسبب له على العاملين يتجاوز تناقص الأعداد. فهناك تقارير تتحدث عن ممرضات يتركن عملهن لخوفهن من التعرض للإصابة بالفيروس المسبب لمرض الإيدز، خاصةً وأن عدم وجود القفازات وغيرها من المعدات يعوق الالتزم بالاحتياطات العالمية (25). { كشف مسح أجرى عام ٢٠٠٣ أن ٤٩% من العاملين الصحيين الذي يقدمون خدمة التطعيم، ٥٧% من الذين يعطون الحقن العلاجية قد أفادوا بخدوش من الأبر فى الأثنى عشر شهراً السابقة على المسح. وبينما يستطيع العاملون الصحيون الحصول على مضادات الفيروسات القهقرية، وأن الوقاية فور التعرض للعدوى أصبحت متوفرة مؤخراً، تعكس التقارير غير الرسمية درجة من تردد العاملين في التقدم للاختبارات بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف من رفض المرضى لتلقى العلاج منهم}. ويضيع وقت العاملين في حضور الجنازات، وربما يغيب العاملون لفترات طويلة بسبب المرض. وليست هناك سياسة، ولا ما يكفي من القوى الاحتياطية كي تحل محل العاملين الذين يعانون مرضاً مزمنًا. وبينما يزداد عب العمل، مما يعكس الزيادة في عدد السكان والمرض المتزايد المرتبط بالإيدز، هناك عدد أقل من العاملين للمشاركة في تحمل العبء. وعلاوة على ذلك، غالباً ما تُستدعى الممرضات على وجه خاص للقيام بعمل مقدمي الرعاية الأولية للمرضى من أفراد أسرهن أو أبناء مجتمعهن المحلي. (35)

ثالثًا: يضيع الكثير من الاستثمارات في تدريب العاملين في مجال الصحة، حيث تختار أعداد متزايدة من المهنيين والفنيين العاملين ترك القطاع العام. وبينما كانت رواتب العاملين الصحيين في الكثير من الأقطار الإفريقية تعتبر جذابة قبل ۲۰ سنة، لم تفلح الأجور.

الحقيقية للعاملين في الحكومة بمالاوي وغيرها في التماشي مع الأسعار الاستهلاكية المتزايدة في السنوات الأخيرة. (36) وانتقلت أعداد كبيرة من العاملين في مالاوي إلى القطاع الصحى الخاص الصغير ولكنه يتسع، حيث الرواتب في العادة ثلاثة أو أربعة أضعاف رواتب الحكومة، بما في ذلك العدد المتزايد بسرعة من المنظمات غير الحكومية والمبادرات البحثية، التي ترتبط في أغلب الأحيان بوباء الإيدز والفيروس المسبب له. (37)

ليس الأجر المنخفض إلا جزءًا من سبب ترك العاملين الخدمة في القطاع العام. فظروف العمل السيئة مع ضعف الإشراف والدعم، ونقص الأدوية الأساسية والإمدادات والمعدات، والفرص الوظيفية المحدودة أسهمت في حدوثها إلى حد ما الحواجز المهنية الجامدة، وأعباء العمل الكبيرة وغير المتساوية، وغياب سياسة واضحة للتوظيف، وعدم المساواة في الحصول على التدريب، والإسكان غير الملائم، حيث أسهمت جميعها في انخفاض الروح المعنوية والإحباط. ويقدر مجلس الممرضات والقابلات في مالاوي أن ما يصل عددهن إلى ۱۲۰۰ ممرضة مؤهلة يعشن في مالاوي اخترن التوقف عن العمل في قطاع الصحة تماماً، حيث انتقلن إلى مهن أفضل أجرًا أو أقل ضغطًا. (5)

زادت الهجرة الدولية للعاملات في مجال التمريض في مالاوي زيادة كبيرة في السنوات القليلة الماضية. فمنذ عام ۲۰۰۰ تسعى ما بين ۸۰ و ۱۰۰ ممرضة كل سنة إلى توثيق شهاداتهن من أجل العمل في الخارج (جدول رقم ۳)، في المملكة المتحدة في المقام الأول. (38) وفي عصر العولمة، أصبح المهنيون الطبيون ذوو المؤهلات المعترف بها دولياً سلعاً قابلة للتبادل، حيث ينتقلون بسهولة نسبية عبر الحدود. ولا يُستثنى من ذلك الممرضات المالاويات، رغم الحاجة الشديدة إليهن في الداخل.

وفي المقابل، فإنه رغم عدم كفاية أعداد الخريجين من الأطباء، فإن مالاوي لديها تاريخ معقول من الاحتفاظ بمن يدخلون الخدمة الحكومية (اتصال شخصي، عميد كلية طب مالاوي). ومنذ عام ۱۹۸۸ سُمح للأطباء البشريين وأطباء الأسنان بفتح عيادات خاصة إلى جانب التزاماتهم في الخدمة الحكومية، وقد حقق ذلك نجاحاً كبيرًا فيما يتعلق بالاحتفاظ بالأطباء، إلا أن القدرة التنظيمية الضعيفة في مالاوي تثير التساؤلات حول توازن الساعات التي يقضيها الطبيب في عمل القطاع العام وتلك التي يقضيها في العيادة الخاصة.

وقد عدلت مالاوي الهياكل التدريبية مراراً منذ أواخر التسعينيات من القرن العشرين استجابةً للعجز المتزايد في عدد العاملين. فعلى سبيل المثال، أُعيد إدخال تدريب المساعدين الطبيين (وهو كادر تختص به مالاوي ويغلب عليه الذكور، ويشترك في المهارات مع الممرضات ويخدم في الأساس في المراكز الريفية) في عام ۲۰۰۱ بعد انقطاع لمدة خمس سنوات. ولأن المساعدين الطبيين ليس لهم مؤهلات معترف بها دولياً فلم يهاجر منهم أحد تقريباً إلى خارج مالاوي، على العكس مع زميلاتهم الممرضات.

فحص الأدلة

عندما واجهت وزارة الصحة وضع الموارد البشرية الذي يزداد سوءاً والتزمت بطرح حزمة الصحة الأساسية تشمل مدى طموحاً لخدمات الإيدز والفيروس المسبب له، أعلنت في أوائل عام ۲۰۰٤ أن هناك أزمة في قطاع الصحة. (5) واستجابت الجهات المانحة لذلك بتوفير الخبرة الفنية لمساعدة الوزارة في تحديد أهداف التوظيف وحساب الآثار المالية لتنفيذ برنامج الموارد البشرية الطارئ ومدته ست سنوات. ويقوم تصميم البرنامج على الأبحاث والتقارير السياسية والمعلومات المتاحة عن المنشآت ومعدلات الوظائف الشاغرة الصحة.

وبينما لم تكن هناك نماذج دولية لبرامج مشابهة شاملة وواسعة النطاق للموارد البشرية في مجال الصحة، فقد اعتمد البرنامج على الدروس المستفادة من المبادرات التي جُربت في أماكن أخرى من المنطقة.(39) كما اعتمدت الحكومة على عدد من المبادرات المنفصلة الموجودة من قبل في مالاوي، ومنها خطة تنمية الموارد

جدول رقم 3

الممرضات المالاويات المسجلات واستعدادهن للتنقل إلى الخارج حسب السنوات (38)

الجهة المقصودة

2000 – 2001

2002

2003

2004

2005

الكل ماعدا 2000 – 2001

الولايات المتحدة

3

10

9

3

25

أستراليا

0

4

0

0

4

بتسوانا

3

1

1

0

5

كندا

1

0

0

0

1

نيوزيلنده

5

1

1

0

7

جنوب أفريقيا

7

2

1

5

15

المملكة المتحدة

83

90

64

80

317

زيمبابوي

1

0

2

0

3

أوغندا

0

0

1

0

1

المجموع الكلي

203

103

108

79

88

378

البشرية لعام ۱۹۹۹ وبرنامج التدريب الطارئ لعام ۲۰۰۱، والاستفادة طويلة المدى من الأطباء من خارج البلاد في المناصب الرئيسية، والإجراءات السابقة الأكثر تدرجاً لتحسين الحوافز المجزية، بما في ذلك حزمة الحوافز المستهدفة لمعلمات الممرضات (40,41,42)

في ظل قلة المعلومات المفصلة عن المستويات والعوامل المؤثرة على الاستبقاء والحافز، اعتمد البرنامج اعتماداً كبيرًا على الاستشارات الرسمية وغير الرسمية لاستخراج معارف وخبرة الأطراف المعنية من مقدمي الخدمات الحكوميين وغير الحكوميين، ومدارس التدريب، والوكالات النظامية والجمعيات المهنية، والجهات المانحة، وقد وافق هؤلاء الذي استشيروا بالإجماع على أن هناك حاجة ماسة إلى معالجة قضية الأجر، ولكنهم أبرزوا أيضًا أن معالجة القضايا الأطول مدى والأكثر تعقيداً لا يقل أهمية، ومنها القدرة على إدارة الموارد البشرية، والهياكل الوظيفية، وتوزيع العاملين، وظروف العمل. وأبرزت عملية الاستشارة هذه ضرورة تعزيز لجنة الخدمات الصحية الجديدة (تأسست في عام ۲۰۰۲) وضمان قدر أفضل من التنسيق بين هذه الجهة ووزارة الصحة. كما أحيت العملية اللجنة الاستشارية للموارد البشرية (للصحة) التي تشكلت عام ۲۰۰۰ للجمع بين الفاعلين في هذا المجال ولكنها دخلت في حالة من السُبات. ومنذ ذلك الحين تتولى هذه المجموعة توجيه تنفيذ البرنامج والإشراف عليه.

كانت العلاقات مع الدول الصناعية أحد الاعتبارات البارزة عند اتخاذ القرارات بشأن شكل البرنامج. فعلى سبيل المثال، رغم أن العجز فى التمريض هو المعوق الأكثر أهمية أمام توفير الخدمة الصحية فقد اتُفق على أن هناك احتمالات محدودة للاستفادة من المتطوعين من خارج البلاد لملء الفجوات في كادرات التمريض. فبينما كان توظيف معلمات الممرضات من الخارج مقبولاً بسبب تخصصهن غير المتوفر في مالاوي، كان خيار توظيف ممرضات من خارج البلاد مرفوضًا بسبب المخاطرة العالية المدركة (بناءً على التجارب السابقة) للإجراءات الاحتجاجية التي تتخذها الممرضات المالاويات. ومن ناحية أخرى، فبينما كان هناك اعتراف بالممرضات على أنهن الكادر الذي يحتاج أكثر من غيره إلى حوافز إضافية، فإن رفع مكافاة الممرضات دون عمل الشيء نفسه للكادرات الاختصاصية والفنية الأخرى كان سيؤدي إلى مشكلة داخل القوة العاملة الصحية.

بدأ برنامج الموارد البشرية الطارئ بداية جادة في أبريل 2005. يمتد البرنامج عبر ست سنوات بتكلفة ٢٧٢ مليون دولار أمريكي، معظمها من حكومة مالاوي، ووزارة التنمية الدولية البريطانية، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والتدرن الرئوي (السل) والملاريا. ويهدف البرنامج إلى رفع العمالة في مالاوي إلى المستويات التنزانية، التي بينما تظل دون الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية فهي تمثل هدفًا طموحاً ولكن يمكن تحقيقه. ويقوم البرنامج على نموذج تفصیلی محسوب التكاليف، يربط مستهدفات العمالة المتصاعدة عبر ۱۱ كادراً تخصصياً وفنيًا باحتياجات التوظيف والتدريب. {الأطباء، والممرضات، والأطباء المقيمون، والمساعدون الطبيون والصيادلة، وفنيو المعامل، وفنيو الأشعة، وأخصائيو العلاج الطبيعي، أطباء الأسنان، ضباط الصحة المهنية والمهندسون }. يتخذ البرنامج مقاربة من خمسة أفرع تهدف إلى تحقيق تحسينات قصيرة المدى في الوقت نفسه الذي تسعى فيه لتحقيق الأهداف ذات المدى الأطول. وتشمل مجالات الاهتمام:

  • تحسين الحوافز بالنسبة لتوظيف واستبقاء العاملين المالاويين في المستشفيات الحكومية ومستشفيات البعثات التبشيرية من خلال زيادة قدرها ٥٢% خاضعة للضرائب لأحد عشر كادرًا اختصاصيًا وفنيًا بالإضافة إلى مبادرة مهمة لتوظيف وإعادة تعيين العاملين المالاويين المؤهلين.

  • زيادة قدرة التدريب المحلية بما يزيد على ٥٠% بصورة عامة، ويشمل ذلك مضاعفة عدد الممرضات وزيادة عدة الأطباء تحت التدريب ثلاث مرات.

  • الاستفادة من الأطباء ومعلمي الممرضات الدوليين المتطوعين كإجراء لشغل الوظائف المهمة بينما يجري تدريب المزيد من المالاويين.

  • توفير المساعدات الفنية الدولية لتعزيز القدرة وبناء المهارات في إطار وظائف وزارة الصحة الخاصة بتخطيط الموارد البشرية وإدارتها وتطويرها.

  • خلق قدرة أكثر كفاءة على مراقبة الموارد البشرية وتقييمها في قطاع الصحة تكون داخل أنظمة المعلومات إدارة الصحة الحالية الخاصة التي يجري تقويتها لدعم تنفيذ الحزمة الصحية الأساسية. (43)

بالإضافة إلى التنفيذ الفوري لتلك الأنشطة، يعترف البرنامج صراحةً بأهمية العمل لفترة أطول بشأن مجموعة من العوامل الإضافية التي تؤثر على الاستبقاء، ومنها السياسات الخاصة بالتعيينات والترقيات، والتدريب، وتحسين المهارات، وفرص التطور الوظيفي.

وقد بدأ العمل بشأن وضع سياسة وحوافز لتوزيع العاملين على المناطق النائية وتحسين توزيع التوظيف في أنحاء البلاد. ويشمل ذلك مجهوداً كبيراً لتحسين إسكان العاملين والاعتماد على الخبرة المكتسبة من أماكن أخرى في المنطقة في تجريب حزم الحوافز المختلفة التي تحدد وفقًا لمكان التوظيف.

تمت صياغة البرنامج على نحو يكمل تنفيذ الحزمة الصحية الأساسية، الأمر الذي سوف يؤثر على الرضا بمكان العمل. ويشمل ذلك صيانة المنشآت والمعدات وتحديثها على نحو أفضل، والتزويد الملائم والمنتظم بالأدوية الأساسية والإمدادات الطبية: مع ضمان أن العاملين في مجال الصحة لديهم الأدوات التي يحتاجون إليها لأداء وظائفهم. ويجري كذلك تعزيز الهياكل الإشرافية والداعمة من خلال إنشاء أربعة مكاتب دعم مناطقية.

كان التحدي الكبير هو ضمان أن البرنامج وخاصة المقترحات الخاصة برفع المرتبات حساساً بالنسبة لوضع البلاد الاقتصادي الكلي الحرج. ولذلك نُصح بأن يكون تمويله بالكامل من الجهات المانحة، على أن تساهم الحكومة جزئياً ببعض من الموارد التي تحصل عليها من فرض ضرائب على العلاوات الممولة من الجهات المانحة. وفي البداية قُدمت أربعة سيناريوهات لزيادة المرتبات ونوقشت بتفصيل شديد على مدى شهور. كما بُحث أكثر من اثني عشر بديلاً. ولما كانت زيادة تعويضات العاملين تؤثر على صندوق معاشات الحكومة، فقد تم التوصل إلى اتفاق خاص مع صندوق النقد الدولي.

عكس قرار زيادة المرتبات في قطاع الصحة قراراً صريحاً من الجهات المانحة ببحث الإجراءات التي قد تُرفض لولا ذلك باعتبارها غير مستدامةبسبب حجم الأزمة وآثارها. (4) وكان رأي الممولين هو أن من المرجح أن تتلقى مالاوي مستويات عالية من المساعدات في المستقبل المنظور. وبالإضافة إلى ذلك، كان شكل المساعدات يتغير كذلك في القطاع، باتجاه دعم الميزانية العامة وليس مشروعات محددة. وكان هناك تساؤلان فيما يتعلق بالتمويل: ماذا سيحدث لزيادة المرتبات في نهاية البرنامج: والأهم من ذلك ما إذا كان حجم الإنفاق على الصحة (لدعم القوى العاملة الصحية الموسعة) يمثل نسبة يمكن توفيرها من ميزانية الحكومة فيما بعد في إطار السنوات الست الحالية أم لا.

انتهت إدارة التنمية الدولية إلى أنه مع أخذ موارد الحكومة المالية في الاعتبار وافتراض استمرار تدفق المساعدات، فمن المرجح أن تكون هناك موارد كافية التمويل مستويات العاملين الأعلى في مجال الصحة التي يستهدفها البرنامج. يُضاف إلى ذلك أن الجهات المانحة توصلت إلى اتفاق صريح مع الحكومة على الحفاظ على النسبة التي تنفق على الصحة من ميزانية الحكومة أو زيادتها على مدار السنوات الست (اتصال شخصي مع رئيس مكتب إدارة التنمية الدولية في مالاوي). وكانت المخاطر الرئيسية هي أن تدفق المساعدات قد ينقطع لأسباب أخرى، مثل انتهاك شروط برنامج صندوق النقد الدولي أو مشاكل حقوق الإنسان التي قد تجعل الجهات المانحة تحد من تدفق المساعدات من خلال الحكومة. ولإقناع الحكومة بالدخول في مخاطرة المستويات الأعلى من الإنفاق المدعوم من المساعدات، التزمت وزارة التنمية الدولية بإعطاء إنذار مدته عامان بالانسحاب من مكوّن الرواتب في مساعدتها. (13) وبالإضافة إلى ذلك وضعت زيادة المرتبات عمداً في إطار سياسة الأجور الخاصة بالحكومة. وبمرور الوقت، سوف تتضاءل مع الزيادات الأوسع في الأجور، في ظل معدل التضخم المرتفع في مالاوي، ما لم يتخذ قرار لاحق بزيادتها.

ما تحقق من تقدم حتى الآن

بدأ تنفيذ البرنامج جدياً في أبريل من عام ٢٠٠٥ ببدء زيادة الراوتب. وفي ذلك الحين كانت المنظمات التطوعية العالمية ومنها منظمة الخدمات التطوعية فيما وراء البحار البريطانية، ومتطوعو الأمم المتحدة قد حققت تقدماً طيباً بشأن حشد الدعم الدولي لسد الفجوة، حيث كان هناك بالفعل ۱۹ من العاملين الأجانب في مالاوي. ومن المقرر بحلول أبريل من عام ٢٠٠٦ أن يكون 51 طبيبًا و15 معلمة تمريض من خارج البلاد قد تسلموا مهام مناصبهم. (45) وكان ثلاثة خبراء موارد بشرية قد تولوا مناصبهم في أغسطس من عام ٢٠٠٥ لتعزيز قدرة وزارة الصحة ودعم تنفيذ البرنامج. وبحلول يناير من عام ٢٠٠٦ بدأت المرحلة الأولى من البناء، بما يتفق مع خطط تطوير البنية التحتية التي أُعطيت لها الأولية وحُددت تكاليفها لزيادة القدرة التدريبية.

وتشير النتائج حتى الآن إلى أن زيادة الرواتب لها أثر إيجابي على مستويات التوظيف (جدول رقم ٤). وارتفع عدد العاملين الذين يتلقون الزيادات بمقدار ٤٣٠ بعد تسعة أشهر، مقارنة بما يستهدفه البرنامج وهو ٧٠٠ في السنة الأولى. وتشير المقابلات غير الرسمية مع مديري المستشفيات في أنحاء البلاد إلى أن زيادة المرتبات قضت بشكل كبير على تدفق العاملين، وبشكل خاص الممرضات، إلى خارج القطاع العام. ومازال جمع البيانات الخاصة بالتدفقات للخارج يجري.

جدول رقم 4

العدد الإجمالي للعاملين الذين يتقاضون 52% حوافز من راتبهم الأصلي ويشمل الموظفين العاملين في المستشفيات الحكومية والتباعة للبعثات التبشيرية

أبريل – ديسمبر 2005 (46,47)

الشهر 2005

العاملون في الحكومة

العاملون في المستشفيات التبشيرية

المجموع

أبريل

3.763

1.582

5.345

مايو

3.779

1.579

5.358

يونيو

3.791

1.650

5.441

يوليو

3.792 *

1.661

5.453

أغسطس

3.768 *

1.667

5.435

سبتمبر

3.672 *

1.664

5.336

أكتوبر

3.808

1.702

5.510

نوفمبر

3.834

1.777

5.611

ديسمبر

4.057

1.718

5.775

جدول رقم 5

التوظيف الخارجي والتعزيزات الداخلية عن طريق وزارة الصحة 2005

(ماعدا المستشفيات التابعة للبعثات التبشيرية) (46)

يناير – يوليو

يوليو – ديسمبر

استكمال التعييات الخارجية

0

572

إقرار التعيينات التالية

(تحديد مواعيد المقابلات)

0

591

الترقيات الداخلية لوزارة الداخلية

580

531

كانت بداية تطبيق البرنامج بطيئة حيث كانت وزارة الصحة تسعى للحصول على إذن من الجهات الحكومية الأخرى بتعيين عاملين جدد وترتيبات محسنة يجري التفاوض عليها من أجل إعادة التعاقد مع هؤلاء الذين وصلوا إلى سن التقاعد الإجباري وهو ٥٥ سنة (أو أمضوا ۲۰ سنة في الخدمة). غير أنه بحلول الربع الأخير من عام 2005 تحقق تقدم طيب بتعيين ٥٩١ موظفًا من الخارج (جدول رقم ٥). وبعض الذين وُظفوا لم يباشروا أعمالهم بعد ومن ثم فهم غير محسوبين في أرقام کشوف الرواتب في (جدول رقم ٤). يُضاف إلى ذلك أن ما يزيد على ۱۱۰۰ جرت ترقيتهم داخليًا. وكان الكثير من هؤلاء ممرضات حالت قواعد الخدمة المدنية دون ترقياتهن في أعقاب التغيير السابق في المنهج الدراسي الخاص بالتمريض. وكان ذلك مصدر إحباط لمهنة التمريض وكان له تأثيره على استبقاء الممرضات. بالإضافة إلى ذلك، استُكمل مؤخراً مسح للمهنيين الصحيين المالاويين المؤهلين الذين تقاعدوا أو استقالوا من الحكومة. ومن بين أكثر من ألف مستجيب، أشار حوالي ٧٠٠ إلى رغبتهم في العودة إلى الوظيفة الحكومية بشرط تقديم زيادة في الرواتب والمزيد من المرونة بشأن قرارات التوزيع، على أن يصحب ذلك وجود فرص للحصول على المزيد من التدريب (اتصال شخصي مع رئيس لجنة الخدمات الصحية بمالاوي).

باختصار، يبدو أن لزيادة الرواتب تأثيرها على اجتذاب العاملين في القطاع وتحسين استبقائهم، وخاصة فيما يتعلق بالكوادر الوسطى والدنيا. الاستثناء الوحيد هو الهجرة الدولية للممرضات التي لم يبد أنها قلت في عام 2005( جدول رقم ۳). ومن المرجح أن هؤلاء الممرضات بدأن الاستعداد للهجرة قبل بداية البرنامج، ولذلك فمن المبكر القول بما إذا كان البرنامج (ومعه الإجراءات الجديدة التي اتخذتها وزارة الصحة البريطانية) قد حد من الهجرة (اتصال شخصي مع مديرة مجلس الممرضات والقابلات بمالاوي). بل إن بيانات وزارة الصحة، وإن كانت محل شك، تشير إلى أن عدد الممرضات المسجلات المستقيلات أو اللائي تركنا العمل بدون إذن في عام ٢٠٠٥ قد انخفض انخفاضاً كبيراً عما كان عليه في السنوات الماضية، وهو ما يعني أن هؤلاء الممرضات اللائي يذهبن للخارج ربما يكن قد تقاعدن أو يعملن في القطاع الخاص. وبغض النظر عن المكان الذي جئن منه، فقد فقدت مالاوي هؤلاء الممرضات الأقدم والأكثر خبرة بشكل مؤقت على الأقل، وعدم وجودهن ضمن دوائر من قد يُعاد تعيينهم في ظل البرنامج.

أدخلت الحكومة فترة خدمة إجبارية في مجال الصحة العامة بالنسبة للممرضات المسجلات للتدريب على نفقة الدولة. وتشير التجربة الدولية إلى أن مثل هذا الإلزام غير فعّال في معالجة الهجرة الدولية، ولكن هذه المبادرة تستهدف هؤلاء الذين يتركون الخدمة في القطاع العام بعد وقت قصير من تأهيلهم للحصول على وظائف ذات أجور أفضل داخل مالاوي. ولن يكون أثر ذلك مرئيًا إلى حين تأهيل هؤلاء الممرضات.

وأخيراً، فإن التقدم في بناء قدرات قوية على المراقبة والتقييم كان بطيئاً. كما أن جمع البيانات المنتظمة عن الموارد البشرية في السنوات القليلة الماضية كان محدوداً، والقدرة الإدارية التي تتطلبها دقة التقارير وإبلاغها في الوقت المناسب مازالت بعد في طور البناء، والأمر نفسه مع قدرات تحليل البيانات وتقييمها. وحتى الآن تركز مراقبة البرنامج على القضايا التشغيلية باستخدام مجموعة من المصادر. وترتبط إجراءات تقوية قدرة أنظمة المعلومات الإدارية الصحية بتنفيذ الحزمة الصحية الأساسية، وتتقدم إلى الأمام.

في الماضي، كانت الجهات المانحة تتردد في الإسهام في حزم الحوافز أو الرواتب في ظل مخاوف تتعلق بالاعتماد على الجهات المانحة واستدامة تدخلاتها (48) وكان دعم الجهات المانحة للموارد البشرية المتعلقة بالمشروعات يتم بشكل جزئى: ولم يكن حجمه ونمطه متوافقًا مع حجم المشكلة. غير أنه بات واضحاً من خلال تقييم الجهات المانحة أن غياب الموارد المالية عقبة مقيدة تحول دون نجاح المشروعات التي تمولها، وخاصةً تلك التي تركز على الصحة الجنسية والإنجابية والأمومة الآمنة.

ما تغير هو أن بعض الجهات المانحة والحكومة تحركها الآن المقاربة القائمة على النتيجة. ويرتبط هذا بالتحول عن دعم المشروعات باتجاه دعم البرامج، بما في ذلك دعم الميزانيات. وفي هذه الحالة التزمت الجهات المانحة وحكومة مالاوي بزيادة توفير العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية، في الوقت الذي كانوا يتقدمون فيه كذلك نحو الأهداف الصحية الأخرى، وأهمها تلك المتعلقة بوفيات الأمهات. فقد أظهر تحليلهم أن القيد الذي يمنع من الحركة هو وضع العاملين.

ومع ذلك، فقد احتاج الأمر لتدخل رئيسي الوكالتين الدوليتين الأكثر استعداداً للدخول في المخاطرات. وهما برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز وإدارة التنمية الدولية البريطانية. وتفويض مكتبيهما المحليين كي يساندا المبادرة. وقد حذت حذوهما الوكالات الأخرى الأقل استعداداً للمخاطرة، مثل الصندوق العالمي. وما أن أشارت إحدى الجهات المانحة علنًا إلى أنها مستعدة لبحث اتخاذ إجراءات استثنائية لولاها لكانت غير مستدامة، حتى قدمت وزارة الصحة مجموعة كاملة من المقترحات المحددة.

وهذا درس مهم للبلدان الأخرى. ففي مالاوي كان الدور القيادى للجهات المانحة ضرورياً، بسبب رفض الممولين لفترة طويلة المساهمة في معالجة مسألة الأجور. وربما تستفيد دول أخرى في إفريقيا بشكل مشابه من الدعم واسع المدى. والقيادات العليا لبعض الوكالات المانحة تشجع التوصل إلى حل شامل.

ثانيًا: لا يكون للاستثمار الكبير في الموارد البشرية في مالاوي معنى إلا في سياق برنامج أوسع لمعالجة توفير الخدمات الصحية. وتمثل ظروف العمل والممارسات الإدارية حافزاً مهماً مثله مثل الأجور: كما أن توفير العقاقير والقفازات والمعدات والبنية التحتية المناسبة والإشراف الكافى تلعب دوراً مركزياً في تحسين الروح المعنوية والاستبقاء.

ثالثًا: في حين أنه من السابق لأوانه الحكم بما إذا كانت هذه الإجراءات سوف تؤثر على المخرجات الصحية في مالاوي أم لا، فمن الواضح أن توليفة الإجراءاءت قصيرة المدى وطويلة المدى تساعد في الحفاظ على الالتزام بالبرنامج، من خلال إعطاء انطباع بالتغيير على المدى القصير. فعلى سبيل المثال، كان لزيادة الرواتب أثر مباشر وسوف تساعد شيئًا فشيئًا على تخفيف عبء العمل. كما أن ظهور العاملين الأجانب في مقاطعات كانت من قبل بلا أطباء دليل مرئي آخر على التغيير. ومن الواضح أن البرنامج يكسب الوقت إلى أن يمكن الإحساس بنتائج الإجراءات طويلة المدى مثل زيادة القدرة التدريبية وتحسين الهياكل الوظيفية وتغيير الممارسات الإدارية.

رابعاً: يقع ضعف القدرة المؤسسية في صميم وضع الموارد البشرية الخاص بمالاوي. فمستويات الوظائف الشاغرة مرتفعة في كل جوانب الخدمة المدنية، وخاصةً بين الإدارة الوسطى، وقد تدنت قدرة الخدمة المدنية ونظامها على نحو ملحوظ منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين. (17) وقد أثر نقص القدرة المزمن في عمل الموارد البشرية بوزارة الصحة، وتشظي مسئوليات الموارد البشرية داخل الوزارة وفي أنحاء الجهات الحكومية، على قدرة مالاوي على إدراك الصعوبات المتزايدة ومعالجتها حتى وقت طويل بعد بلوغها أبعاد الأزمة. ولأن الوزارة أوكلت أمر تصميم البرنامج والمرحلة الأولى من تنفيذه إلى نواة صغيرة من العاملين الأكفاء والمخلصين المسئولين مسئولية مباشرة أمام المسئولين الكبار، فقد تحقق تقدم سريع. ولكن ذلك أدى أيضًا إلى الملكية غير المتساوية للمبادرة داخل الوزارة، مما عوق إدماج تدخلات الموارد البشرية في عمليات التخطيط والمراقبة الحكومية الأوسع. وتفاقم الجهات المانحة تلك المشاكل بقدر ما تضع من شروط محددة على المساعدات، وهو ما يمكن تحاشيه حيثما تجمع الجهات المانحة تمويلها.

والدليل على ضعف القدرات يظهر في صعوبة بناء قدرات البرنامج على المراقبة والتقييم البيان التقدم فيما يخص المخرجات والنتائج. وهناك ضغط قوي من أجل إضفاء طابع المشروععلى المراقبة والتقييم عن طريق خلق نظام مواز أكثر فاعلية، ولكن هذا سوف يفوت فرصة تقوية الأنظمة على نحو أوسع. ومن غير الواضح بعد ما هى المقاربة الأفضل.

خامساً: تلقي تجربة مالاوي الضوء على مدى أهمية إدارة العلاقات الوظيفية واستهلاكها للوقت، سواء داخل قطاع الصحة أو فى علاقته بالقطاعات الأخرى. وقد ثبت أن المعرفة الجيدة بالحساسيات، وهي حساسيات يختص بها هذا البلد أمر حاسم لنجاح التنفيذ في بداية البرنامج. والأمر المثير للدهشة أن المجموعة الوحيدة التي كان لها رد فعل عند تنفيذ زيادة المرتبات كانت بعض المنتفعين: فقد نظمت الممرضات في أحد المستشفيات المركزية إضراباً في اليوم الأول لتسلمهن مرتباتهن بعد رفعها: احتجاجاً على فرض ضرائب على الزيادات، واتهمن الحكومة باحتجاز أموال الجهات المانحة التي هي من حقهن. وقد حُلت المسألة خلال ساعات، ولكنها ألقت الضوء على أهمية اتصال الحكومة بالعاملين. ذلك أن التصريحات التخمينية الصادرة عن أعضاء الحكومة قبل الاتفاق على حجم الزيادات، إلى جانب الاتصالات اللاحقة غير الكافية، سمحت لتوقعات العاملين بالارتفاع على نحو غير واقعي في الشهور السابقة للتنفيذ. وكان يمكن لمالاوي أن تستفيد من المُدخل الأكثر احترافًا في هذا الأمر. ذلك أنه رغم كون مفاوضات الأجور المجال المناسب لمشاركة الجهات المانحة المباشرة، فإن بإمكانها تزويد الحكومة بنصائح الخبراء.

على عكس التوقعات، لم يحتج الموظفون العامون الآخرون على تحسين أجور العاملين في مجال الصحة. فقد كانت حجة الحكومة في رفع أجور العاملين في مجال الصحة هي أن ذلك مكافأة لهم على طول فترة التدريب والمهارات المهنية الأعلى. واعتمد ذلك على سابقة البدلات التعويضية السابقة للعاملين في مجال الصحة (مع أن وزارة المالية كانت تتخذ الخطوات اللازمة لإلغاء تلك البدلات في الأجهزة الحكومية كجزء من جهود ترشيد الرواتب). {ساعد نمط النقابات الموجود فى مالاوى على تفادى التوتر، فبينما توجد جمعيات مهنية خاصة للممرضات والأطباء، لا توجد جمعيات مشابهة للعاملين الصحيين الآخرين، ويعولون بدلاً عن ذلك على نقابة العاملين المدنيين لتمثيلهم، التى لم تتخذ موقفاً معارضاً لتطبيق زيادة المرتبات، حيث إن بعض أعضائها سوف يستفيدون من زيادة المرتبات، وإن كان البعض الآخر لن يستفيد }.

سادسًا: من السابق لأوانه القول بما إذا كان البرنامج الطارئ للموارد البشرية سوف يساعد على الحد من هجرة الممرضات أم لا. فحتى عندما تُتخذ الإجراءات لوقف التوظيف النشط (كما حدث بالنسبة لتشديد قانون الممارسة في وزارة الصحة البريطانية حول التوظيف الدولي للمهنيين الصحيين)، يبدو من الصعب وقف قوة الدفع السلبية للهجرة مادامت قد وُجدت (49). والهجرة الدولية الحالية للممرضات المالاويات أمر يبعث على القلق. فهي تجتذب أعلى العاملات مرتبةً وأكثرهن خبرةً، حيث خدم معظمهن عشر سنوات أو أكثر داخل البلاد. وسوف يكون الإلزام غير ملائم بعد تلك الخدمة الطويلة، وليس معروفاً إن كانت قد أوقفت الهجرة العالمية في مكان آخر أم. فالطلب على العاملين المهرة في الدول الغنية سوف يستمر في الارتفاع. ولذلك فمن المرجح أن تظل الأقطار الإفريقية، ومنها مالاوي، تفقد أكثر العاملين خبرةً فيها. وبذلك سيكون على مالاوي أن تنتج من العاملين ما يفيض على المطلوب داخليًا. وسوف تُضطر لمسايرة اتجهات الهجرة، وكذلك تسرب الممرضات من القطاع العام إلى وظائف أخرى داخل مالاوي، وهو ما يبدو أن البرنامج لا يحد منه.

أخيراً: تمثل ضرورة الاستجابة لمرض الإيدز والفيروس المسبب له تحديًا مستمراً للموارد البشرية في مالاوي. وقد حثت المنجزات المبكرة الرائعة الحكومة في أواخر عام ۲۰۰٥ على وضع خطة توسيع طموحة للخدمات المتصلة بمرض الإيدز والفيروس المسبب له، حيث شمل ذلك توفير العلاج بالعقاقير المضادة للفيروسات القهقرية لـ ٢٤٥ الف شخص بحلول عام۲۰۱۰ (24) ولهذا التسريع تأثير واضح على الموارد البشرية، ويخاطر بسحب العاملين من الخدمات الأساسية الأخرى، ومنها خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الضرورية للإدارة طويلة المدى للفيروس المسبب لمرض الإيدز (50). ويخطط حاليًا لعمل تحليل كامل لأعباء العمل من أجل خدمات مرض الإيدز والفيروس المسبب له، وسوف يكون البحث المتأني لتوازن العاملين في مختلف الخدمات ضروريًا.

كل الشكر والامتنان للدكتور مايك أوكارول والدكتورة فوليا كيمب وروفر ويلسون على تعليقاتهم على مسودة هذا المقال. كما أدين بالشكر للكثير من المسئولين بوزارة الصحة ولجنة الخدمات الصحية والممرضات والقابلات والمجلس الطبي بمالاوي والجمعية الصحية المسيحية بمالاوي، ومعاهد التدريب الصحي بمالاوي على ما قدموه لي من معلومات وعلى كرم المشاركة بالبيانات.

1-WHO Commission on Macroeconomlcs and Health. Macroeconomics and Health: Investing in Health for Economic Development. Geneva: WHO, 2001.

2-Anand S, Baernighausen T. Human Resources and Health Outcomes Joint Learning Initiative Human Resources for Health and Development Working Paper 712, 2003. At:<http:/www.globalhealthtrust. org/Publication.htm>

3-Harries AD, Zachariah R, Bergstrom K. et al, Human Resourcos for Control of Tuberculosis and HIV-Associated Tuberculosis. International Journal of Tuberculosis and Lung Disease 2005;9(2):128-37.

4-Wórld Health Organization, Global Tuberculosis Control: Surveillance, Planning, Financing. Geneva: WHO, 2003

5-Ministry of Health, Malawi, Human Resources in the Health Sector: Towards a Solution. Lilongwe: Government of Malawi, 2004.

6-Malawi Country Data Profile, World Bank Group, At: <htto:/l devdata,woridbank.org/ externa/CPProfile.asp?CCODE= MWI&PTYPE=CP>

7-Economist Intelligence Unit. Malawi Country Background. At: <http://www.viewswire. com>. Accessed 7 February 2006.

8-Malawi Global Fund Coordinating Committee, An Intearated Response to HIVIAIDS and Malaria: Application to the Global Fund. National AIDS Commission. Lilongwe: Government of Malawi, 2002.

9-National Statistics Office, Malawi, 1998 Integrated Household Survey: Summary Report. Zemba: National Statistics Office, 2000.

10-United Nations Development Programme, Human Development Report 2005. New York: UNDP, 2005.

11-Data from Organisation for Economic Cooperation and Development. At: <http://

www.oecd.org/dataoecd/23/20/ 1882063.gif>,

12-Ministry of Health and Population. Malawi National Health Accounts: a broader perspective of the Malawian Health Sector. Lilongwe: Ministry of Health, 2001.

13-Ministry of Health and Population. Malawi Health Facility Survey. Lilongwe: Government of Malawi, 2003.

14-National Statistics Office. Malawi Demographic and Health Survey. Preliminary Report. Zomba: National Statistics Office, 2004.

15-Ministry of Health. National Tuberculosis Programme Annual Report 2004. Lilonew.- Government of Malawi, 2004.

16-UNFPA. State of the World’s Population 2005. New York: UNFPA, 2005.

17-Durevall D. Reform of the Malawian public sector: incentives, governance and accountability. In: Kayizzi- Mugerwa S, editor. Reforming Africa’s Institutions: Ownership, Incentives, and Capabilities. Tokyo: UNU Press, 2003.

18-WHO. Global Health Atlas – An Interactive World Map. http:// atlas.globalhealth.org/

19-Planning Department, Ministry of Health, Annual Report of the Work of the Malawi Health Sector for the Year July 2004June 2005, Lilongwe: Government of Malawi, 2005.

20-Planning Department, Ministry of Health. Joint Programme of VWork for a Health Sector Wide Approach (SWAp) 2004-2010 Annex 6. Lilongwe: Government of Malawi, 2004.

21-Essential Health Package Working Group, Ministry of Health and Population/UNICEF. Malawi Essential Health Package, Revised Content and Costings. Lilongwe: Government of Malawi, December 2001/ May 2002. p.6

22-Lenton C, Gibson S, MacleanG, et al. 2003 Output to Purpose Review of the Safe Motherhood Project Malawi London. UK Department for International Development, 2003.

23-Ministry of Health, Road Map for Accelerating the Reduction of Maternal and Neonatal Mortality and Morbidity in Malawi. Lilongwe: Ministry of Health, 2005.

24-Lilongwe. Treatment of AlDS: Five-Year Plan for the Provision of Antiretroviral Therapy and Good Management of HIVRelated Diseases to HIV-Infected Patients in Malawi 2006-2010. Lilongwe: Government of Malawi, December 2005.

25-Kemp J, Aitken J-M, LeGrand S, et al. Equity in Health Sector Responses to HIVIAIDS in Malawi. Equinet Discussion Paper No.5. Lilongwe: EQUINET/ Oxfarm GB, August 2003.

26-HIV and AIDS Unit, Ministry of Health. 12-Monthly Report from the Clinical HIV Unit, MOH: January-December 2005. Lilongwe: Ministry of Health, 2005.

27-Ministry of Health. Prevention of Mother to Child Transmission of HIV: A Five Year Plan for the Provision of PMTCT Services in Malawi 20062010, Draft (V2). Lilongwe: Government of Malawi, 2005.

28-Lee J-N. Global health improvement and NHO: shaping the future. Lancet 2003;362:2083-88.

29-Malawi Global Fund Coordinating Committee. Health Systems Strengthening and Orphan Care and Support: Application to the Global Fund Fifth Call for Proposals. Lilongwe: National AIDS Commission, Government of Malawi, 2005.

30-Martin-Staple AL. Proposed 6-Year Human Resource Relief Programme for the Malawi Health Sector. London: Department For International Development, June 2004.

31-University of Malawi College of Medicine, University of Malawi Kamuzu College of Nursing and Malawi College of Health Sciences. Unpublished data on student enrolments.

32-United Nations Development Programme. The Impact of HIV/ AIDS on Human Resources in the Malawi Public Sector. Lilongwe: UNDP, 2002.

33-Ministry of Health and Population. Five-Year Human Resources Development Plan 1999-2004 (Vol. III). Lilongwe: Government of Malawi, 1998.

34-Harries AD, Hargreaves NJ, Kwanjana JH, et al. High death rates in health care workers and teachers in Malawi. Tranisactions of Royal Society of Tropical Medicine and Hygiene 2002;96:34 -37.

35-Aitken J-M, Kemp J. HIV/AIDS, Equity and Health Sector Personnel in Southern Africa Equinet Discussion Paper No.12 EQUINET/Oxfam, September 2003. At: <http://www. equinetafrica.org>.

36-Valentine TR. Towards a Medium Term Pay Pollcy for the Malawi Civil Service: Final Reno Presented to Department of Human Resource Management arnd Development and Ministry of Finance and Economic Planning, Malawi. Lilongwe: Government of Malawi, 2003,

37-Banda EN, Walt G. The private health sector in Malawi: opening Pandora’s Box. Journal of International Development 1995;7(3):403-21.

38-Nurses and Midwives Council of Malawi. Data, 19 January 2006.

39-Joint Learning Initiative. Human Resources for Health: Overcoming the Crisis. Cambridge MA: President and Fellows of Harvard College, 2004.

40-Public Sector Change Management Agency, Government of Malawi. Ministry of Health and Population Unit Review: Implementation Report and Action Plan. Lilongwe: Government of Malawi, 1998.

41-Ministry of Health and Populatlon, Government of Malawi Project Financing Proposal for Human Resources Development in the Health Sector. Lilongwe: Government of Malawi,2000

42-Planning Department, Ministry of Health and Population. A 6-Year Emergency Pre-Service Training Plan, Lilongwe: Government of Malawi, November 2001/July 2002.

43-Department For International Development. Improving Health in Malawi: £100 million UK Aid (2005/6-2010/11). A Sector Wide Approach including Essential Health Package and Emergency Human Resources Programme, Programme Memorandum, November 2004. London: DFID, 2004.

44-Piot P, Chakrabarti S. Malawi Visit by the Director of UNAIDS and the Permanent Secretary of DFID 8-11 February 2004. Joint Report, Geneva: UNAIDS and London: Department For International Development, February 2004.

45-Ministry of Health Human Resources Management and Development Section, Data, 2006.

46-Ministry of Health. Human Resources Management and Development Secion, Data, February 2006.

47-Christian Health Association of Malawi Secretariat. Data, February 2006.

48-Martineau T, Martinez J. Human Resources in the Health Sector: an International Perspective. D Palmer / Reproductive Health Matters 2006;14(27):27-39 London: DFID Health Systems Resource Centre, 2002.

49-Department of Health, UK. Code of Practice for the International Recruitment of Healthcare Professionals. London: Department of Health, 2004.

50-Harries AD, Nyangulu D, Hargreaves N, et al. Preventing antiretroviral anarchy in sub- Saharan Africa. Lancet 2002; 358(9279):410-14.

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات