معاناة أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة بعيون النساء.. الأعباء الاقتصادية تكهلهن

تاريخ النشر:

ديسمبر 2023

معاناة أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة بعيون النساء..

الأعباء الاقتصادية تكهلهن

من الأعباء النفسية والمالية الواقعة على السيدات، التي نناقشها هذا الشهر في مبادرتنا “صوت لدعم حقوق المرأة”، ضمن خطة تسليط الضوء على العبء الاقتصادي على المرأة المعيلة، هو هذا النوع القاسي الواقع على الأمهات لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة. ودائمًا ما ينظر الجميع إلى هذه الأعباء على أنها معاناة نفسية، لرؤية أبناء هذه الأمهات وهم يعانون ولا يتفاعلون ولا يكبرون بالشكل الطبيعي، ولكن دائمًا ما نغفل الجزء المادي في الموضوع، فهؤلاء النساء تعاني معاناة مستمرة في كل شيء، فالمتابعة المستمرة مع الأطباء لمتابعة نمو واحتياجات الصغير من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة، تفوق تحمل أي أحد، فماذا تفعل المرأة المعيلة لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديدًا إذا كانت تعاني من الفقر؟

هذه الأمهات لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، هن المحاربات الحقيقات في هذا العالم، فهن يتدربون على كيفية معاملة صغارهن معاملة خاصة يحتجونها، إلى جانب قدرتها غير الطبيعية في جلب الأموال، بتحمل أعباء العمل في أكثر من وظيفة، إلى جانب المهام المنزلية العادية التي تقوم بها النساء المصريات في منازلهم. فهؤلاء الأمهات هن الملهمات الحقيقيات لغيرهن من النساء.

إن تربية أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وجعلهم سعداء والقدرة على دمجهم في المجتمع، هي من أكبر المعانات التي تمر بها الأمهات لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن تأتي هذه المعاناة جنبًا إلى جنب مع الأعباء المالية غير الطبيعية التي تتحملها هذه الأمهات مع أسرهن.

وتحكي السيدة دعاء حايك، في تصريح خاص لموقع “الأمهات 360″، عن تحدياتها التي وجهتها لتربية طفل من ذوي الاحتياجات، قائلة: “التحديات كثيرة، بدأت معنا من مرحلة التشخيص وعدم وجود جهات مختصة كافية له. فلم تكن رحلة تشخيص ابني “سيف” سهلة، بل كانت مدتها سنتين كاملتين قضيناهما بزيارات مستمرة للأطباء بمختلف تخصصاتهم؛ الأطفال، العيون، الأعصاب والدماغ، الأنف والأذن والحنجرة!”.

وتابعت “حايك”: “وبعد أن تم تشخيص طفلي بالتوحد، واجهتنا تحديات أخرى والتي اعتبرها مهمة جدًا، هي الدمج مع المجتمع والدمج في المدارس. أعتقد أن السبب وراء هذه المشكلة هو عدم نشر الوعي الكافي عن التوحد وطبيعته وطرق التعامل مع أطفال التوحد. فلا يوجد مكان أو مدرسة يتوفر فيهم دمج حقيقي وفعال لأطفال التوحد. من هذا المنطلق، اضطررت إلى التخلي عن مساعدة الأطباء والمدارس، لأنني مؤمنة بقدرات طفلي، عملت معه جاهدةً في تطوير مهاراته في كل ما يحب”.

واختتمت كلامها: “من الصحيح أنها رحلة متعبة وشاقة، إلا أن تجاوز التحديات والصعوبات يكمن في القبول والرضا. ليس لدينا حلول إلا أن نكون أقوى من كل شيء حولنا. وأنا من جهتي وعدت سيف أن أكون عينه ويده ولسانه الذي لم ينطق… سيحب العالم طفلي لأني أنا من سينشر الحب والمشاعر الإيجابية من حوله”.

بينما حكت “لمى جمجوم بركات”، في تصريحاتها لموقع “الأمهات 360″، عن معاناتها في تجربة علاجات مختلفة على ابنها، وكل هذا يعد حساب مفتوح من الأموال التي لا تنتهي أبدًا، وأوضحت تجربتها قائلة: “رحلتي مع ابني وضعتني تحت العدسة المكبرة، التعرض لإطلاق الأحكام والاستغلال بسبب لجوئنا لتجارب عديدة للعلاج، لذلك كانت القوة خياري الوحيد حتى أكون المدافع الأول والأخير عن حقوق طفلي حتى يرتاح ويعيش في جو من الحب والاحترام”.

أختتمت حديثها عن تجربتها مع تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة: “أن تبادل الخبرات بين الأمهات كان ولا يزال مصدر دعم وإلهام لي ولم أعد أشعر أنني لوحدي في هذا العالم”.

الأعباء الاقتصادية على أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة

هناك العديد من الاعباء الاقتصادية التي تتحملها الأمهات لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تكمن في المتابعة الدورية لتطور حالة الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى العرض المستمر على أطباء في تخصصات متعددة، من دكتور عيون، وباطنة، وأنف وأذن وحنجرة، وغيرهم، لأن هؤلاء الأطفال لن يدركوا جيدًا ما إذا كانوا يعانون من مشكلة صحية.

وهذا كله بالإضافة إلى الفحوصات الخاصة، والتحاليل والإشاعات التي يطلبها الطبيب لمعرفة التطور لحالة الإعاقة أو لمعرفة المرحلة الطبية الصحيحة التي وصل إليها الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكل هذه الفحوصات والمتابعات الدورية تحتاج كم هائل من المصاريف.

وفي هذا، تقول الاستشارية التربوية والأسرية “رولا خلف”، في تصريحات خاصة لموقع “الرأي”، عن الأعباء الاقتصادية على الأمهات لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة: “لا ننسى أن المشكلات الاقتصادية تزيد على كاهل الأم التي تعاني من وجود طفل يحتاج بسبب ظروفه الصحية إلى رعاية صحية خاصة ويتطلب تكاليف مادية باهظة قد تكون الأم غير قادرة على تلبيتها”.

وتستكمل حديثها: “وقد يحتاج الطفل إلى مراكز خاصة لرعايته بالإضافة إلى عرضه على الأطباء المختصين وهذا جميعه يؤثر سلبًا خاصة على أسر الدخل المتدني، وقد تشعر الأم أنها لا يمكنها العمل خارج المنزل على حساب هذا الطفل الذي يحتاج إلى مساعدتها الدائمة كاحتياجاته السيكولوجية الجسدية، مثل الطعام والشراب واللباس وبالطبع هذا الحمل سيكون ثقيلًا عليها بوجود أفراد آخرين في الأسرة”.

في النهاية نجد أن المجتمع بحاجة لمعرفة أكثر عن ما تمر به أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى لا يكونا عبئًا إضافيًا عليها، أما الدولة فعليها محاولة تسهيل إجراءات متابعة الحالة الصحية لذوي الاحتياجات الخاصة، ومحاولة تيسير النفقات لمثل هذه المسألة التي لم يختارها أحد، كما أن لها دور في توعية المجتمع بحقيقة ما تمر به أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى لا تضطر مثل هؤلاء الأمهات لسماع كلمات تنمر هي في غنى عن سماعها في مثل هذا الوقت.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات