“العنف” لماذا؟ كيف نقضى عليه ؟؟
منذ بدأت مجموعة احتفالية يوم المرأة (المصري والعالمي) عام 1999، أصبحت الاحتفالية مظهرًا مهمًا في نشاطات الحركة النسائية، مناسبة للتأمل والتفكير في الأبعاد المختلفة للحركة، ولانفتاحها على قطاعات جديدة في المجتمع المصري. وفي احتفالية هذا العام كان حضور الشباب من الجنسين – سمة بارزة وملهمة، لقد باتت هذه الاحتفالية السنوية مصدرًا متجددًا للطاقة على العمل باتجاه حركة نسائية موحدة، الشعار الذي طرحته أول احتفالية، وللحلم بمجتمع تسود فيه المساواة بين البشر دون تمييز. وكان حلمنا هذا العام أن نبدأ في بناء مجتمع جديد خال من العنف لذلك اخترنا أن يكون شعار هذه الاحتفالية “معًا نبنى مجتمعًا خاليًا من العنف” وكان هذا أيضًا هو عنوان ندوتنا.
بدأ الاحتفال بندوة حول دور الجمعيات المشاركة في الاحتفالية في مواجهة العنف ضد النساء تحدثت ممثلات عن الجمعيات فيها المشاركة، وأدارتها أ. نولة درويش من مركز دراسات المرأة الجديدة.
فتحدثت د. هدى السعدي من “ملتقى المرأة والذاكرة” عن الجذور التاريخية والثقافية للعنف ضد النساء، وتناولت في حديثها مشروعات ملتقى المرأة والذاكرة التي تحاول تغيير بعض المفاهيم الثقافية التي تمثل عنف ضد المرأة وهي مشروعات تتمثل في “الحكي” وهو إعادة صياغة الحكايات الشعبية من وجهة نظر نسوية وتقديمها بشكل فني مسرحي، وإعادة البحث في التاريخ لإبراز دور المرأة ومكانتها التاريخية والاهتمام بإبراز دور الرائدات النسائيات في جميع المجالات. ثم قامت أ. مرفت أبو تيج بعمل مداخلة تشرح فيها دور ملتقى الهيئات ومشروعاته في مواجهة العنف ضد النساء ومشروعاته المختلفة من ورش عمل ودورات تدريبية، كما تحدثت عن المسيرة ضد العنف والفقر ضد النساء، وعن العنف القانوني وقانون الجنسية كانت مداخلة أ. سمية إبراهيم التي تحدثت عن دور جمعية نهوض وتنمية المرأة في مواجهة هذه المشكلة، كما تحدثت أ. عزة سليمان عن جرائم الشرف ومسبباتها وموقف المجتمع منها، وأهمية مواجهة هذه المشكلة، وفي النهاية قامت أ. إيمان عبد الواحد بعرض مشروع المرأة الجديدة لمواجهة العنف الأسري بعرض جزء من المقدمة النظرية لبحث المرأة الجديدة عن آليات مواجهة العنف الأسري الذي تقوم المرأة الجديدة الآن بالعمل على الانتهاء منه.
العقاب بالجنس
وقام الدكتور عدلي السمري استاد الاجتماع بجامعة القاهرة وله – العديد من الأبحاث حول العنف الأسري – بالتعليق على المداخلات السابقة. وفي هذا السياق تناول أيضًا مجموعة من النقاط، كأهمية الالتفات إلى من يمارسون العنف ضد النساء، الذين لم تهتم بهم الدراسات والأبحاث الموجودة، رغم أهمية ذلك لفهم هذه الظاهرة، مؤكداً أنه من الخطأ اعتبار من يمارس العنف ضد المرأة شخصًا مريضًا، كما نبه إلى أهمية الالتفات الي خصوصية المجتمع المصري الاجتماعية والسياسية، والثقافية، والدينية، مشيرًا إلى بعض الجوانب التي تناولها بحثه عن “الانتهاك الجنسي للزوجة: دراسة في فسيولوجية العنف الأسرى” والتي توضح أن الثقافة المصرية مارست سلوكيات معاكسة للنص الديني “واهجروهن في المضاجع“، ليصير التأديب للزوجة هو الإجبار على الممارسة الجنسية!!
وتحدث د. عدلي عن العنف المؤسسي الذي يتم من خلال التمييز في العمل وبنص تعبيره “إن الأول في كلية الحقوق ذكر حتى ولو كان الخامس، فهو من سيصبح وكيلاً للنيابة وستحرم المرأة من هذا العمل حتى ولو كانت الأولى“. كما عرض لحرمان المرأة من كثير من الأعمال بحجة الحرص عليها والخوف من تأخيرها خارج المنزل، كما أبرز الدور الذي يمارسه الإعلام في تكريس العنف ضد النساء.
على الجانب الآخر آثار حديث د. عدلى عن “حق الزوج في العنف، وتأديب زوجته“، وعن أن النساء يتحملن نصيبًا كبيرًا من المسئولية في تكريس العنف الواقع عليهن، بسكوتهن عليه، وبنقل سلوك العنف إلى أبنائهن فهن المسئولات عن تربية الأبناء، نقاشًا ساخنًا وعميقًا. وقامت العديد من الحاضرات بتفنيد آرائه. وبشكل خاص توضيح ما في آرائه من تجسيد للاتجاهات السائدة في المجتمع، والتي عادة ما تتجنب لب القضية وتسعى للوم الضحية وتحميلها المسئولية عن العنف الواقع عليها بدلاً من التفكير في استراتيجيات عملية للتصدي والقضاء على العنف ضد النساء، كما أوضحت د. هدی السعدي في مداخلتها.
النعامة والطاووس
تم عرض فيلم “النعامة والطاووس” الذي كان يتناول الجهل الجنسي لدى المرأة والرجل، وتناول موضوع الثقافة الخاطئة والمتداولة حول الجنس والتي تتسبب في خلل كبير داخل الأسرة ودارت بعد العرض مناقشة حول الفيلم بين الحضور ومخرج الفيلم محمد أبو سيف وأبطال الفيلم: لبلبة، بسمة، كارولين، خالد صالح. ودارت المناقشات لمدة نصف الساعة وتنوعت بين معجبين بالفيلم وأبطاله والأفكار التي يطرحها وبين معارضين للفكرة وطريقة عرضها أدار المناقشة أ. ماجدة موريس.
درع حتحور للمكرمات
تنوع هذا العام التكريم بين تكريم جمعيات وأشخاص قاوموا العنف وأخذوا خطوات رائدة في مواجهته، فكان التكريم يشمل مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، وهو أول مرکز مصري اهتم بإعادة تأهيل ضحايا العنف، ولجنة المرأة بقرية دير البرشا بمحافظة المنيا التي ساهمت في منع ختان الإناث بقرية دير البرشا ووقعوا على وثيقة لمنع الختان التزمت بها القرية منذ عام 1991 وحتى الآن. كما تم تكريم اسم الأستاذة كريمة حسين أول امرأة سعت لتقلد منصب القضاء في مصر، سنة ١٩٤١ والأستاذة سوزان محمد إبراهيم إحدى السيدات اللائي خضن الحملة الانتخابية النقابية والتي تعرضت لحملة من التشويه ومع هذا فقد نجحت في الانتخابات، وقد تم تقديم دروع تكريم للجمعيتين والمكرمتين. كما تم توزيع شهادات تقدير على مجموعة المنظمات غير الحكومية أعضاء محور العنف في تحالف تطبيق مقررات مؤتمر المرأة العالمي (بكين).
علي صوتك بالغنا
اختتم اليوم بمجموعة من الفقرات الفنية اهتمت المجموعة المنظمة أن يكون متنوعًا مشمل “الحكي” الذي قدمته مجموعة ملتقى المرأة والذاكرة ويعرضن فيه الحكايات الشعبية من وجهة نظر نسوية، ثم تلتها 15 دقيقة قدم فيها منتدى شابات مرکز دراسات المرأة الجديدة غناءً وشعرًا واخترن أغنية “علىّ صوتك بالغنا” لتصبح أيضًا شعارًا جديدًا لن نصمت ولن نكف عن المطالبة بحقوقنا، وفي النهاية تم تقديم فن مختلف جاء من أقاصي الصعيد ليمثل النوبة والتراث الشعبي النوبى قدمته الفرقة النوبية ورقص الجميع وغنوا معه.
نشاط الجمعيات
بالتوازي مع فعاليات يوم المرأة قامت الجمعيات بعرض مطبوعاتها وملصقاتها بشكل عام وما يتناول موضوع العنف والتمييز ضد المرأة بشكل خاص، الأمر الذي ساعد كثيرًا من الحضور خاصة الطلبة والباحثين في الحصول على نسخ من مراجع وكتب مهمة فيما يتعلق بموضوعات المرأة.
تميز اليوم بحضور أعداد غفيرة من المشاركين، كان معظمهم من الشباب من الجنسين مقارنة بالاحتفاليات السابقة، والتي كان معظم جمهورها النساء إلا أن هذا العام تنوع بين الشباب والفتيات، كما حضر كثير من المهتمين بقضايا النساء من الجمعيات الصديقة وآخرين ممن اهتموا من الجمهور المختلف والذي ربما يتعرف على قضايا النساء لأول مرة، والذين اهتموا بالحصول على مطبوعات الجمعيات المشاركة.