مقابلة مع د. حبيب قزدغلي
د. حبيب القزدغلى أستاذ التاريخ المعاصر، كلية الآداب منوبة، جامعة تونس1- زار الدكتور حبيب مقــــر ملتقى المرأة والذاكرة، فى شهر نوفمبر ۱۹۹۷، عندما كان ضيفًا على السيديج. وكان لنا معه هذا اللقاء الذي دار حول مشروع مجموعته فى قراءة التاريخ الشفاهي في تونس.
س: هل لكم أن تحدثونا عن ظروف اهتمامكم بتاريخ المرأة في تونس؟
ج : لقد تم ذلك ضمن أعمال وحدة التاريخ الشفوى التي توليت تنشيطها خلال عدة سنوات وهذه الوحدة هي إحدى أقسام المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية (جامعة تونس ١). وتعنى هذه الوحدة بتجميع وتوثيق الذاكرة الجماعية لتاريخ تونس المعاصر. وفي هذا الإطار يتم تسجيل حوارات مع الذين لا زالوا على قيد الحياة من رواد ورائدات الحركة الوطنية والاجتماعية والنقابية. وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام بتاريخ المرأة يندرج ضمن ما يعرف بالتاريخ المصغر micro-histoire، ذلك أنه حتى آواخر الستينات تم التركيز على ما يسمى بالأحداث الكبرى…. لكن منذ السبعينات بدأ الاهتمام أيضًا بالفرد وبدوره في الأحداث الكبرى، ولقد بدأ الاهتمام في آواخر السبعينات ضمن المجموعة النسائية التي كانت تنشط في إطار النادى الثقافى (الطاهر الحداد)، ومن بين أفراد هذه المجموعة برز جيل من الباحثات اللاتي اهتممن بالكتابة عن تاريخ المرأة، نذكر بالخصوص أبحاث الزميلات ليلى العبيدي، إلهام المرزوقي، دلندة الأرقش ونائلة جراد وغيرهن.
س: ما هي حصيلة أعمالكم في مجال التأريخ للمرأة؟
ج : في سنة ۱۹۹۲ قمت بالإشراف على عمل جماعى لقى دعمًا من المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية ومركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بتونس (الكريديف). تمثل ذلك في إنجاز كتاب “نساء وذاكرة” الذي صدر سنة ۱۹۹۳ محتويًا على عينة من سير حياة النساء اللاتي كان لهن دور فى الحياة العامة فى تونس في الفترة الممتدة بين سنة ۱۹۲۰ و ١٩٦٠. وقد سعى أعضاء فريق البحث عبر محاورة ۱۳ امرأة وتسجيل سيرهن إلى رصد التحولات التى عرفها المجتمع التونسي, ومعاينة الظروف التي ميزت انخراط المرأة في ميادين العمل السياسي والنقابي والاجتماعي والتعليم والفنون وقد شاركت معى في إنجاز هذا العمل سبع زميلات لهن اهتمام بالبحث في تاريخ المرأة.
س: هل يلى صدور كتاب “نساء وذاكرة” إنجاز أعمال أخرى؟
ج : على أثر صدور الكتاب انتظمت خلال سنة ١٩٩٤ عدة لقاءات في الكليات والنوادى الثقافية لمناقشته، حضرها أعضاء فريق البحث كما حضرتها أحيانًا بعض من صاحبات الشهادات اللاتي استعدن في هذه المناسبات الكثير من حيويتهن بعد سنوات من الصمت واجترار الخيبات. وقد صدرت عن الندوة توصية بتوسيع الاهتمام بتاريخ المرأة وجعله يشمل كامل الحقبات التاريخية، وجعله يهتم بماضي المرأة في كامل منطقة المغرب العربي. وفي هذا الإطار تم بعث مجموعات عمل في كل من الجزائر وتونس والمغرب تنشط لترتيب اللقاءات. ففي تونس أصبحنا ننشط ضمن فريق بحث جامعی: “مجموعة البحث في تاريخ نساء المغرب العربي” الذي تتولى تنشيطه الزميلتان دلندة الأرقش ومنيرة شابوطو – الرمادي، وقد تولى هذا الفريق عقد ندوة دولية بتونس في شهر أكتوبر ١٩٩٦ بمشاركة أكثر من ثلاثين باحث وباحثة حول موضوع “تاريخ الحياة المادية للمرأة في المغرب العربي عبر العصور“، وقريبًا ستصدر أعمال هذه الندوة ضمن كتاب خاص. أما الفريق المغربى الذى ينشط في كلية الآداب بجامعة القنيطرة فقد دعا إلى عقد ندوة انتظمت بالمغرب في ديسمبر ۱۹۹۷ كان موضوعها: “ردود المرأة على الإقصاء والتهميش عبر العصور“، وأعمال هذه الندوة هى بصدد الإعداد للنشر. ومن المنتظر أن تنعقد الندوة القادمة في مدينة قسنطينة حيث يوجد فريق نشيط من الباحثات بجامعة هذه المدينة.