في إطار اهتمام مجموعة من المنظمات الأهلية والتي اختارت العمل تحت عنوان “مجموعة العمل المشترك” بقضية أطفال الشوارع قررت التنظيم ليوم تضامني تحت عنوان “أطفال الشوارع مسئولية مجتمع“، واهتمت المنظمات المشاركة في إعداد يوم تتوازي فيه الأنشطة الترفيهية.. مع الأنشطة الثقافية، وكان أبرز إيجابيات اليوم وجود أطفال الشوارع جنبًا إلى جنب مع أطفال المدارس المحيطة بالمنطقة.
تم اليوم التضامني في مركز ثقافة الطفل بالسيدة زينب، كما شارك أبناء العاملين في هذه المنظمات في الاحتفال، وكان أول انطباع هو سعادة الجميع ولم يكن من الممكن التفريق بين أطفال الشوارع وغيرهم من الأطفال، وتواري وهم التخوف من هؤلاء في دمج حقيقي لهم في المجتمع، عاشوا يومًا سعيدًا توفرت لهم فيه أدوات رسم وألوان مختلفة، استطاعوا من خلالها رسم أشجار وحدائق آمنة، لا تطاردهم فيها الشرطة للقبض عليهم، ولا تطردهم نظرات المارة بالشفقة مرة، وبالتشكك والخوف مرات، ولون الأطفال وجوههم بألوان وأشكال مختلفة داعين الحياة لتلون وجهها بابتسامة رضا وأمل، كما عاش الحضور كبارًا وصغارًا مع غناء فرقة أطفال جمعية بشاير، وابتسموا وصفقوا لفرقة “حالة” وهي ترتدي ملابسهم البسيطة ويؤدون إبداعًا غنائيًا جماعيًا.
وعن الأنشطة الثقافية، شارك الحضور في مشاهدة فيلم “البنات دول” للمخرجة “تهاني راشد“، الفيلم الذي كشف الغطاء عن المسكوت عنه، وقدم بلا رتوش أو ألوان حياة بنات الشوارع البائسة ومعاملة الجهات الأمنية المتوحشة لهن.
وفي محاولة لطرح القضية وإيجاد حلول لها تم التنظيم لندوة شارك فيها عدد من المختصين والمهتمين بظاهرة أطفال الشوارع، ومنها ما عرضته ورقة هاني هلال مدير مركز حقوق الطفل المصري تطوير مركز تدريبي متخصص في إعداد الكوادر اللازمة من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والقانونيين اللازمين على مستوى الجمهورية، وكذلك رجال الشرطة والقضاة والمحامين سواء من داخل المؤسسات الاجتماعية التابعة للدولة أو من داخل الجمعيات الأهلية المساهمة في رعاية أبناء الشوارع.
وقد تناولت ورقة “د. عبلة البدري” مدير قرية الأمل الظاهرة من مدخلين وهما:
المدخل الوقائي، الهدف منه : الحد من أعداد المتسربين من الأطفال إلى الشارع “إشراك القطاع الخاص ووزارة الأوقاف ووزارة التضامن الاجتماعي في تبني خطة جادة لتنمية الأحياء والمناطق الفقيرة. المدخل العلاجي، الهدف منه: انتشال الأطفال من حياة الشارع وتأهيلهم بالمؤسسات المتخصصة حكومية وأهلية، وقد عرضت أن الخطوات الحالية التي تتم في هذا الإطار تتمثل في قيام أجهزة الشرطة بالقبض عليهم، واحتجازهم تمهيدًا إما لتسليمهم إلى ذويهم الذين يقومون بتركهم مرة أخرى في الشارع فور تسلمهم على أقرب ناصية لقسم الشرطة وهو سيناريو معروف ومتكرر أمام الجميع، أو تحويلهم وتوزيعهم على مؤسسات الأحداث المختلفة كل حسب نوع جريمته، أو المخالفات التي قام بها والتي مع الأسف هي مؤسسات غير مؤهلة إلى الآن للتعامل مع نوعية مشاكلهم الأمر الذي يشجعهم على التخطيط للهرب منها إلى الشارع مرة أخرى وهم أكثر انحرافًا ونقمة على المجتمع وأفراده.
وقد عرضت لمياء لطفي – مؤسسة المرأة الجديدة – ورقة بعنوان “العنف والاستغلال الجنسي لفتيات الشوارع” وقد قسمت الورقة لعدد من أشكال العنف والاستغلال الجنسي منها: الاغتصاب وهتك العرض والذي تتعرض له الفتيات سواء على يد ضباط الشرطة داخل أماكن الاحتجاز أو على يد أطفال الشوارع، ومنها: استغلال الفتيات في أعمال الدعارة والتي تؤكد دراسة عالمية أن 50% من فتيات الشوارع دخلن عالم تجارة الجنس وأعمارهن بين ٩ و ١٢ عامًا، ويتم تجنيد هؤلاء الفتيات مقابل الحماية والإيواء وتجدر هنا الإشارة إلى أن الدراسة المشار إليها دراسة عالمية لا تنطبق بالضرورة على مصر، كما تتعرض هؤلاء الفتيات للإجبار على الزواج أو مرافقة من أحد المسئولين عن تسريح الفتيات أو بشكل عام من له نفوذ في عالم الشارع، وتناولت الورقة مشكلة هؤلاء الفتيات في إعادة إنتاج أطفال الشوارع خاصة مع صعوبة إجراءات تسجيل هؤلاء الأطفال وتتصل ليس فقط آباء الأطفال منهم بل ومؤسسات الدولة أيضًا.
وقد كان لليوم عدد من الأهداف تمت الدعوة لتبنيها عبر أنشطة مختلفة ومنها: إثارة الانتباه والوعي بظاهرة أطفال الشوارع، توضيح وتأكيد مسئولية المجتمع عن هؤلاء الأطفال، تقديم رؤية بديلة، اعتبار يوم ٢٣ فبراير من كل عام يومًا قوميًا لأطفال الشوارع.