نبض قلب مهرجان السودان للسينما المستقلة: إيلاف الكنزي

الشركاء: أندريا

تاريخ النشر:

2017

بقلم:

٢٥ يناير ٢٠١٧

يسري في الخرطوم خلال هذه الأيام مهرجان السودان للسينما المستقلة الذي إفتتح الدورة السنوية الرابعة في 21 يناير وسيختتمها يوم 27 يناير 2017. أصبح المهرجان إحدى العناصر الرئيسية في الأحداث الثقافية في الخرطوم عندما بدأ في عام 2014. تم إختيار تاريخ بداية المهرجان لتكريم ذكرى المخرج السوداني الأسطوري والفنان حسين شريف، ويعود المهرجان كل سنة متجدداً بحُلية جديدة تمثل في معظم الأفلام المختارة.

رئيس المهرجان طلال عفيفي مخرج أفلام و منتج، ويدير أيضاً مؤسسة سودان فلم فاكتوري المنظمة للمهرجان. تقوم المؤسسة بصناعة و إنتاج العديد من الأفلام المعاصرة وتنظيم العشرات من الدورات التدريبية لصانعي الأفلام السودانية. و لكن لا يُعرف الكثير عن المديرة التنفيذية للفاكتوري و المهرجان على حد سواء، صانعة الأفلام إيلاف الكنزي، التي تعد نبض قلب المؤسستين بمقدراتها الكثيفة لإدارة و بث الشغف والطاقة في العمل التنظيمي و الإبداعي. إيلاف مخرجة لعدة أفلام، ولكن عبر تنظيم مهرجان السودان للسينما المستقلة منذ بدايته، جهودها والعاطفة والطاقة التي تبذلها لها فضل كبير في نجاح الفعالية وإرضاء آلاف المتفرجين من هواة السينما والضيوف الدوليين. في هذه المقابلة، نتعرف على إيلاف المبدعة السينمائية و المنظمة لفعالية مهمة في العاصمة وإحدى النساء الرائدات في المشهد الثقافي السوداني

أندريا: كيف دخلتي عالم صناعة الأفلام؟ 

إيلاف الكنزي: لم تكن صناعة الأفلام أبداً من إهتماماتي. درست إعلام بنيّة العمل في التلفزيون أو الراديو كمقدمة برامج، وبالتالي تخصصت في هذا المجال. في السنة الثانية من الجامعة، تلقينا تدريب في قطاعات وسائل الإعلام المختلفة (بما في ذلك صناعة الأفلام) و كل المدربين أخبروني بأنني أكثر فعالية وراء الكاميرا. لم أكن مقتنعه، ورفضت تعليقاتهم تماماً. واصلت دراستي وتتبع مهنة التلفزيون ثم عدت إلى السودان بعد التخرج. في ذلك الوقت كنت مقتنعة أنني يجب أن أواصل في حلمي بما أنني بذلت كل جهدي لأصل إليه. لذلك بدأت برنامجا تدريبياً لمدة شهر واحد مع تلفزيون السودان. في غضون شهر تغير تفكيري من “هذا حلمي” إلى “إني أكره هذا العمل كثيرا”.

إتخذت القرار لإنهاء الحلم التلفزيوني مع قناعة أنه لا يناسبني. كنت عاطلة عن العمل لمدة سنة عندما سمعت عن سودان فلم فاكتوري الذي أشارت إليه إحدى خالاتي. إنضممت إلى المبادرة وبدأت في تعلم الإنتاج السينمائي وصناعة الأفلام. لم أكن متأكدة من خطة سيري لأن صناعة الأفلام ليست قريبة مما درست ولم تكن لدي أي خبرة في هذا المجال على الإطلاق. في ذلك الوقت، كانت الأيام الاخيرة لورشة سودان فلم فاكتوري بعنوان “صورت فيلمي الأول”. إنضممت لبعض المتدربين في تصوير مشاهد لفيلم، وأدمنت العملية على الفور. واصلت إلى جميع مراحل الإعداد حتى وقت العرض. عندما شاهدت العروض وسمعت السينمائيين يتحدثون عن أفلامهم كأكبر إنجازاتهم، شعرت بالفخر الذي أحسوه من إنتاج الأفلام.

أندريا: أخبرينا عن أفلامك.

إيلاف الكنزي: دعاني طلال عفيفي، مدير سودان فلم فاكتوري، لأنضم إلى ورشة عمل أفلام عن حقوق الإنسان، وفي نوفمبر 2012 بدأت التدريب على إنتاج فيلم في 45 يوما؛ من مرحلة كتابة السيناريو للتصوير والمونتاج. أخرجت أول فيلم بإسم “شميش” و عندما عرض الفيلم في نهاية ورشة العمل، قال لي مدير ورشة العمل عماد مبروك أن أقوم ببعض التحسينات وأقدمه للمهرجانات الدولية. عدت بعدها إلى إستوديو المونتاج وأعدت ضبط الضوء، والصوت، والترجمة وكل شيء حتى وصل إلى ما يليق بالتقديم للمهرجانات.

وضعت فيلم “شميش” على الرف وإستمريت في العمل مع سودان فلم فاكتوري، وحضور ورش العمل وجميع الفعاليات. قضيت 2013 أتعلم صنع الأفلام وبناء الخبرات حتى أستطيع أن أبدأ تقديم “شميش” لمختلف المهرجانات. من خلال ترشيح طلال شاركت في ورشة عمل صناعة الأفلام في الأقصر ومهرجان بيرد آي فيوو لصناع السينما من النساء في لندن. عدت مفعمة بالحيوية و مقتنعة أن “شميش” يستحق العرض و بدأت أفكر في أفضل طريقة لعرضه.

بدأت التقديم للمهرجانات وأختير الفيلم للدورة ال30 لمهرجان السينما بالإسكندرية. وصلت في الوقت المحدد، وإستمتعت جداً بالعرض والتعليقات و المهرجان ككل. بعد ذلك، تم عرض “شميش” في العراق، و الإسكندرية (مرة أخرى)، و الأرجنتين (مهرجان بوينس آيرس لحقوق الإنسان)، وأخيرا في الدورة الثانية من مهرجان السودان للسينما المستقلة. بدأت العمل في وكالة أنباء و أتاح لي هذا العمل معرفة الإنتاج للقنوات الأخبارية وإنتاج التقارير التلفزيونية. أضافت لي هذه الخبرة بناء مقدراتي الفنية كمخرجة، فعلمتني الإلتزام والكفاءة وحل المشاكلجميعها صفات مهمة جداً لصناعة الأفلام.

منذ ذلك الحين، أنتجت فيلمي الثاني بعنوان “دياب”

أندريا: ما هي التحديات التي تواجهك كمخرجة؟

إيلاف الكنزي: أعتقد أن أهم التحديات هي عدم وجود قانون معين يحدد حقوق المخرج و الممنوع أو المسموح به. هناك دائماً قلق من التصوير الخارجي في الأماكن العامة، وسواء إن كنت سأواجه مشاكل أكبر مثل مصادرة المعدات وبالتالي فقدان جميع اللطلقات والمواد المحفوظة بها. الحصول على التصاريح دائما صعب، مع وجود أنواع مختلفة من الممكن أن يحتاج لها مشهد واحد، وليس هناك دليل واضح يسهل التعامل مع هذه الناحية قانونياً. يمكن بالتأكيد أن تحل هذه المشكلة من قبل إستوديوهات أو مدن إنتاج و لكن ليس لدينا ما يكفي من الأفلام المنتجة سنوياً لإنشاء مدن إنتاج سينمائي بمليارات الدولارات. إذا كان لدي مليار دولار، فمن الأفضل أن أنشيء مدرسة إخراج أو صناعة أفلام بدلاً من إنفاق هذه الأموال على المدينة التي ستستخدم لصنع أفلام قليلة خلال السنة.

على الرغم من أن التصوير في الأماكن العامة مزعج لا يمكننا أن نتعذر كسينمائيين و نترك العمل و إنتاج الأفلام. في السودان الناس تحترم بعضها البعض، فإذا كان أحد أفراد عائلتك يعيش في المكان الذي تود التصوير فيه يمكنك أن تطمئن أنه سيسهل لك التصوير هناك. إلى جانب ذلك، صناعة الأفلام في الوقت الحاضر يعتمد عن الحيل. على سبيل المثال، هناك فيلم عملت فيه كمديرة تصوير و واجهنا مشهد يظهر فيه الكثير من الاطفال في الجزء الخلفي من شاحنة صغيرة سائرة عبر الصحراء. من الواضح أننا لا يمكن تصوير ذلك، لذلك ذهبنا إلى منزل عمي في كافوري، وهو رجل محترم لا أحد يجرؤ أن يسأله – وجلبنا جميع أطفال الحي و الشاحنة المطلوبة ثم بدأنا بتنفيذ الحيلة لإظهار المشهد كما تمنيناه. قمنا بارجحة الشاحنة في حين أنها كانت متوقفة أصلاً، وحركنا مصباح يدوي بجانب الكاميرا كما حركنا أقدامنا على الرمال لخلق وهم الصحراء. هذه خدعة بسيطة تتغلب على الحاجة لمدينة الإنتاج السينمائي التي لن نتمكن من إنشائها قريباً.

هناك تحديات أخرى بالنسبة للتمويل، ولكن هذا قل بعض الشيء بوجود منح و دعم دولي للمؤسسات و الأفراد في الوقت الحاضر، فإذا كانت لديك فكرة عظيمة، يمكنك أن تغطي نفقات إنتاج الفيلم بسهولة من خلال هذه الفرص.

من الأشياء التي ساعدتني على فهم هذه الصناعة على نحو أفضل هي حضور ورش العمل والذهاب إلى المهرجانات والفعاليات في بلدان أخرى. ليس فقط لأنها توسع وجهة نظري ولكنها أيضا جعلتني أكثر وعياً لكيفية تعامل الآخرين مع التجارب المختلفة في أماكن أخرى. ومن دون شك فهي تجربة مفيدة ليس فقط للمخرج، بل يجب على أي شخص من كل الخلفيات المهنية أن يتطلع على كيفية تعامل الزملاء مع التحديات في المجتمعات الأخرى. ما زلت أحضر ورش عمل ومؤتمرات لهذا اليوم و أتحير من الذين يحضرون واحدة أو اثنين، ويدعون أنهم على علم بما فيه الكفاية للتقدم  في حياتهم المهنية. هناك شعور رائع عندما أذهب إلى ورشة عمل، وأدرك أنني سمعت كل الأشياء التي نتحدث عنها ولكن لا يزال هناك فائدة من الترابط الاجتماعي المهني مع الزملاء الذين يتشاركون الاهتمامات و يختلفون في الخلفيات الثقافية والاجتماعية. كمخرجة من المفترض أن أحضر أفلام بقدر الإمكان لأكون قادرة على تفسير الأفكار في وقت لاحق في شكل فيلم برسالة هادفة. كلما سافرت، أدركت أن التحديات التي تواجه صناع السينما المستقلة هي نفسها في جميع أنحاء العالم.

أندريا: منذ بداية مهرجان السودان للسينما المستقلة في عام 2014 و أنتي المديرة التنفيذية، كيف إنضممتي للمهرجان؟

إيلاف الكنزي: الجهة المنظمة لمهرجان السودان للسينما المستقلة هي سودان فلم فاكتوري. تم تأسيس الفاكتوري في عام 2010 عندما كنت أدرس في الكلية لأصبح إعلامية. لم أسمع عن الفاكتوري حتى قرب نهاية عام 2012. أما  مهرجان السودان للسينما المستقلة فقد رأيته يزدهر و ينمو من مجرد فكرة إلى ما هو عليه الآن. ذكرياتي عن البدايات تشبه حلم ضبابي. بدأ بتشاور طلال عن إنشاء أو عدم إنشاء مهرجان أو سلسلة عروض و كان كله حلم حتى تم إرسال بريد إلكتروني مع النص: “دعونا نختار شعار”. لحظة إختيار الشعارعرفت أن المهرجان كان على وشك أن يحدث.

أندريا: حدثينا عن تطور مهرجان السودان للسينما المستقلة منذ إطلاقه في عام 2014.

إيلاف الكنزي: لقد تغير المهرجان كثيراً منذ السنة الأولى إلى الآن. كان المهرجان تحدياً للتغلب على الإعتقاد الشائع بأن سودان فلم فاكتوري سينهار فور خروجه من حاضنة معهد جوته الثقافي الذي بدأ الفاكتوري فيه. الفاكتوري أثبت ولا يزال يثبت أن هذا الإعتقاد خاطيء. في البداية بدأ المهرجان كإحتفال أسري، كحفل زفاف الإبنة الأولى، ربما. أعطى كل منا ما إستطاع، وكانت العروض في ثلاثة مواقع: المجلس الثقافي البريطاني، ومعهد جوته و المركز الثقافي الفرنسي. تلقينا عدد قليل من الأفلام، لذلك كان علينا أن نسأل السينمائيين الذين نعرفهم أن يساهموا بأفلامهم. كانت مصر ضيفة الشرف نظراً للعلاقات الوثيقة بين البلدين، و دعينا أسماء كبيرة في السينما المصرية على رأسهم سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر السينمائي والكثير من صناع السينما المصرية.

واحد من أصدقاء المهرجان، بنتلي براون – مخرج أمريكي يعيش في تشاد و لديه إتصالات جيدة في السودان – وافق على عرض فيلم حول هجرة السودانيين إلى الولايات المتحدة والصراعات التي يواجهونها. وكان هذا فيلم الإفتتاح، وإستضفنا أيضاً المطربة المصرية دينا الوديدي ليلة الإفتتاح مما لفت الإنتباه إلى مهرجان في البداية. وكان أول موضوع للمهرجان في 2014 “القومية الإفريقية”.

عملي في وكالة الأنباء سمح لي بتشكيل إتصالات مهنية جيدة مع قنوات مثل سكاي نيوز، العربية، الحرة، و غيرهم، لذلك قدمنا دعوة لهم ووسائل الإعلام الدولية. الدورة الأولى، وإن لم تكن ضخمة مثل الثانية، لم يكن يستهان بها، وهذا ما ضمن لنا الرعاية في الدورة الثانية. وكانت الدورة الثانية بالتأكيد أكبر مع المزيد من ورش العمل والعروض، والمزيد من الضيوف – من إيطاليا وسويسرا و مصر ودول أخرى. حضر الدورة الثانية العديد من الضيوف المميزين من المخرجين السويسريين و مدير الأرشيف الإيطالي.

تم إفتتاح الدورة الثانية في الطابية في أم درمان حيث أنها بقعة تاريخية مع بصمة أبدية. فكرة العرض هناك كانت غريبة – تكاد تكون مستحيلة حتى – حتى عندما حصلنا على التصاريح، لم يكن لأحد رؤية أو فكرة عما سيكون طابع ليلة الإفتتاح. و لكنها كانت ليلة ساحرة، وأحد الأسباب الرئيسية هو عرض فيلم “الخرطوم” للمغفور له رمز السينما السودانية جاد الله جبارة، فهو إنتاج جميل جداً نجح في إشعال الحنين في روح الحاضربن. بحلول الدورة الثانية، تم بناء شعور الألفة والقبول بين وزارة الثقافة والمهرجان، فبدلاً من عرض الأفلام في ثلاثة مواقع فقط تمكنا من زيادة ذلك العدد إلى خمسة بإضافة الساحة الخضراء ومنتدى دال الثقافي. إرتفع عدد الحضور كثيراً في هذه الدورة.

في سنة 2016 ، تناولنا المقاومة الثقافية بكل أشكالها من الفنون البصرية والسمعية لصناعة السينما وصناعة الأفلام. فتحنا التقديم لجميع أنحاء العالم، وفي فئات عريضة، وبالتالي فإن طبعة 2016 كانت أقوى كثيراً مما سبق. تلقينا 253 فيلماً، معظمهم من مصر والعراق. وكانت هناك أيضاً ترشيحات لأفلام بتأثير كبير في مهرجانات أخرى مماثلة. تم حفل الإفتتاح بإختار الفيلم الفلسطيني “مطلوب 18” الذي سلط الضوء على جوهر رسالة المقاومة الثقافية. أقيم حفل الإفتتاح في جزيرة توتي لأسباب عديدة؛ من بينها أن الجزيرة قدرت على الحفاظ على وجودها على الرغم من زحف النيل، و على الحفاظ على علاقات قوية بين مجتمعها على الرغم من الغزو القسري عليهم من الجسر. شملت مراكز العرض لعام 2016 مركز أم درمان الثقافي، وبالتالي إستطعنا أن يكون لنا مركز في بحري، وثلاثة في الخرطوم وأمدرمان. هذا بالإضافة إلى مواقع الإفتتاح والختام المميزة: في جزيرة توتي و كلية كمبوني على التوالي.

في عام 2016، تم إضافة عنصر مميز من خلال تقديم جائزة حسين شريف. الجائزة هي فيل أسود، و تقدم لتشجيع صناع السينما السودانية لإنتاج الأفلام وتقديمها للعرض محلياً ودولياً. نأمل بإضافة قيمة مادية وفتحها لجنسيات أخرى في المستقبل

هناك تعطش متجدد للسينما، فالحضور الكبير الملحوظ لعرض “الزمالك” في سينما مدني كمثال  إشارة إلى إرتفع الحاجة لهذا الحقل في غياب وسائل و برامج التعليم والترفيه. السينما هي فعلاً وسيلة للتعليم والترفيه، وعندما توجد بكثافة لمدة أسبوع واحد فقط في السنة بالطبع سيحضرها الناس، و لو كان لمشاهدة فيلم واحد.

أندريا: ما هو الأثر الملموس للمهرجان على المجتمع السوداني؟

إيلاف الكنزي: أعتقد أن إعادة خلق قاعدة تشاهد أفلام بإنتظام – بعد أن دُمرت في حقبة التسعينات – قد يكون التأثير الأهم. وجود الناس الذين يعملون من أجل صناعة أفلام لهذه القاعدة ( من شباب و شابات) أيضاً مهم، فهؤلاء من كتاب السيناريو، وفنيي الصوت و الضوء والمنتجين والمصورين والمخرجين، يعملون لإنتاج أعمال محلية للمشاهدة المحلية و العالمية. بالإضافة إلى ذلك، من الجدير بالذكر أن الإتصالات التي تم إنشاؤها من قبل صناع السينما في السودان مع أفريقيا والعالم العربي وأوروبا، تسببت بلفت أنظار هذه الدول المنتجة للسينما نحو السودان.

الشيء الفعلي الوحيد الذي تحتاجه لتحقيق النجاح في هذه الصناعة هو العاطفة الحقيقية. قبل سنوات، كان الناس تسألك عن الجامعة أو المعهد الذي تعلمت فيه صناعة الأفلام. ولكن هذا ليس حال الأمور الآن، بل صار من الممكن أن يكون المخرج من العصاميين الذين تعلموا لوحدهم بمساعدة فيديوهات اليوتيوب التعليمية. نفور الناس من السينما تراجع بالتأكيد، وعلى العكس من ذلك فالآن ينظر الناس لصناع الأفلام كمهنيين مرموقين. بدأت صناعة السينما السودانية بالظهور في السودان، بمعنى أن الناس في هذه الصناعة إكتسبوا مهارات لا تقل من مهارات الأسماء الكبيرة التي تصنع أفلام في بلدان أخرى. يمكننا أن نتنافس دولياً إن لم يكن لبعض المشاكل الواضحة التي نواجهها. على سبيل المثال، لدينا تحديات في تعزيز قدرات الموهوبين من الممثلين و الممثلات، وحبك الأفكار و تطويرها، وإدارة الإنتاج بطرق محترفة. فيما يتعلق بالأفكار، السودان فيه الكثير من الأفكار الجديدة التي لم يتطرق لها أحد حتى الآن، فمن المحتمل أنه يكاد يكون من المستحيل أن تجد فكرة مستهلكة. تعلمت من رحلاتي أن السودان لديه قليل من كل شيء. المشاكل التي نواجهها تتعلق بتطوير الأفكار وكتابة السيناريو. مع ذلك، إذا نظرتم اليها من زوايا التصوير فصناعة السينما السودانية ناضجة إلى حد ما يكفي لإنتاج شيء جيد و محترف.

أندريا: تشغلين منصبين رئيسيين في أهم مؤسسة لصناعة الأفلام في السودان، ما هي خططكي المستقبلية؟

إيلاف الكنزي: أحلم بالعودة وخلق شيء كفيلم “شميش”، شيء من صناعتي. وعلى الرغم من رغبتي بخوض تجربة الإخراج السينمائي مجدداً،  في الوقت الحالي يحتاجني سودان فلم فاكتوري، فهو لا يزال في مرحلة بناء ركائزه. ربما عندما يكسب سودان فلم فاكتوري القوة للوقوف دون دعم سأعمل على فيلم جديد. في الوقت الراهن، أسخر كل إنتباهي على سودان فلم فاكتوري ومهرجان السودان للسينما المستقلة.

في غضون عشر أعوام أرى نفسي كجزء من المهرجان حتى لو قدمي حملتني إلى مكان آخر، فسيظل يناير مرتبط بالمهرجان في الخرطوم. كما أرى نفسي أخرجت فيلم أو اثنين – ليس الكثير – بتأثير كبير على المشاهدين والسينما بشكل عام، و قدرة على المنافسة الجادة في المسابقات العالمية وربما الفوز بجوائز. أتمنى أن تكون أفلامي ناضجة و تلقي الضوء على قضايا مهمة مثل الأفلام التي تعرض في أهم المهرجانات العاليمة. أرى نفسي في المستقبل كمخرجة محترفة وعضو مساهم في كل من سودان فلم فاكتوري ومهرجان السودان للسينما المستقلة. والأهم من ذلك كله، أتمنى أن يكون هناك مكان ما في السودان لتدريس صناعة الأفلام.

أعتقد أن المهرجان سيستمر لفترة طويلة لأنه أصبح مشهوراً في الساحة الفنية والثقافية وصنع إسم محترم لنفسه. الناس يعرفون الآن أن هناك مهرجان في السودان للأفلام و والمخرجين المستقلين. طالما أن هناك ناس مستعدين لحمل الشعلة سوف يستمر المهرجان. تهدف خطتنا إلى جعل المهرجان دولي بقاعدة قوية – وهذا سوف يتحقق بعد السنة الخامسة.

أتمنى أن يصبح المهرجان عامل جذب لأي شخص مهتم بمشاهدة الأفلام، أو صنع الأفلام، أو المعرفة عن الأفلام، أو معرفة كيفية الترتيب لمهرجان، ويكون وجهة لكل أجنبي يرغب في التعرف على السودان. أريد أن يكون من الثوابت لأي شخص مهتم بالفنون البصرية من أي مكان في العالم. وأتمنى أن يكون لدينا المزيد من ورش العمل والمعارض والعروض طوال اليوم في أكثر من 20 موقعاً. أتصور أنه على الرغم من أن المهرجان في الخرطوم، فسيكون لدينا عروض في كثير من المدن المختلفة في جميع أنحاء السودان.  أود أن أرى المهرجان مٌترقب سنوياً بفارغ الصبر من جميع الأعمار والأجناس والخلفيات والمصالح

شارك:

اصدارات متعلقة

النسوية الإلغائية في فلسطين
نصائح من اجل بيئة عمل آمنة للنساء
نصائح للنساء لضمان السلامة خلال الحمل والولادة والوقاية من كوفيد19
الإجهاض القسري في نيجيريا وسؤال العدالة الانجابية
اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10