أولا: الملخص التنفيذي
تضطر النساء،بشكل عام، إلى مواجهة ثقافة تهيمن على المجتمع وتتسرب إلى جميع المجالات وتنتقص من حقوقها بشكل ممنهج. وبشكل خاص، تواجه العاملات بمهنة المتاعب، الصحافة، العديد من الممارسات الذكورية التي ترتبط بالثقافة المذكورة، كما ترتبط بالتغافل عن أهمية سن قوانين ولوائح حساسة تجاه النوع الاجتماعي، فضلاً عن متاعب المهنة نفسها.
تسلط هذه الورقة الضوء على الدور الذي لعبته النساء في بلاط صاحبة الجلالة منذ نشأتها وتأسيس مجلس نقابة الصحفيين، كما تسلط الضوء على الدور الذي لعبنه في معركة الحقوق والحريات.
تحلل هذه الورقة الأسباب التي أدت إلى تراجع تمثيل النساء بمجلس نقابة الصحفيين حتى انعدم تمامًا في المجلس الحالي، عن طريق القاء نظرة على انتخابات مجلس النقابة الأخيرة.
وأيضًا تتطرق إلى الأصوات التي طالبت بزيادة تمثيل المرأة في مجلس نقابة الصحفيين أما عن طريق تخصیص كوتة لها بمقاعد المجلس أو عن طريق استحداث لجنة المرأة، كما تتناول بالشرح أحد أهم الأمثلة على مصير تلك المطالبات حال تطبيقها، وألا وهو لجنة المرأة بنقابة المحامين.
كما تحلل الورقة الآثار المترتبة على غياب المرأة عن مجلس نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى تحليل الوضع الراهن لتعامل نقابة الصحفيين مع المشكلات التي تتعرض لها الصحفيات والإجراءات والتدابير التي تتخذها لحماية النساء من التمييز وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتوفير بيئة عمل آمنة.
ويمكن تلخيص أهمية هذه الورقة في عدد من النقاط:
تسليط الضوء على العراقيل التي تواجه الصحفيات في رحلتهن للوصول إلى مراكز صنع القرار، ومدى تأثيرها على إمكاناتهن وأدائهن المهني.
تحليل الوضع الراهن لتعامل نقابة الصحفيين مع المشكلات التي تتعرض لها الصحفيات.
استطلاع آراء مجموعة من الصحفيات حول المشكلات التي يواجهونها في أماكن العمل.
تقديم سياسات بديلة يمكن من خلالها تحقيق التمثيل العادل للنساء في مجلس نقابة الصحفيين.
جاء ذلك بهدف فهم الوضع الحالي من أجل الخروج بتوصيات تضمن التمثيل العادل للنساء في مجلس نقابة الصحفيين، الأمر الذي ينعكس كليًا على أوضاعهن داخل المؤسسات الصحفية التي يعملن بها، وأيضًا على الآلية التي يتم عن طريقها التعامل مع المشكلات التي يتعرضن لها في أماكن العمل.
ظهر دور النساء جليًا في الاجتماع التأسيسي لمجلس نقابة الصحفيين – تأسست بموجب القانون رقم 10 لسنة ١٩٤١ – من خلال مشاركة مجموعة من الصحفيات أمثال “نبوية موسي” التي تقلدت منصب رئيسة تحرير مجلة الفتاة، و“أمينة السعيد” والتي أصبحت وكيلة لنقابة الصحفيين بعد فوزها بعضوية النقابة عام ١٩٥٩، كما دافعت عن حقوق المرأة من خلال منصبها كرئيسة تحرير لمجلة حواء، إلى جانب الكاتبة الصحفية “نوال مدكور” التي فازت بعضوية مجلس النقابة في عام ١٩٦٨.
أيضًا شاركت “أمينة شفيق“، الملقبة بــ “أم الصحفيين” في الاجتماع التأسيسي لمجلس النقابة وحصلت على هذا اللقب؛ حيث حافظت على عضويتها بمجلس نقابة الصحفيين خلال عدة دورات تجاوزت مدتها خمسة وعشرين عاماً، تقلدت خلالها منصب عضو مجلس بالنقابة، كما تولت منصب سكرتير عام النقابة وأمين عام النقابة لعدة دورات.
كانت شويكار طويلة أول سيدة تمارس العمل النقابي، حيث بدأت العمل في وكالة أنباء الشرق الأوسط ووصلت لمنصب نائب مدير تحرير وانتخبت رئيسة اللجنة النقابية بالوكالة، وشغلت عضوًا بمجلس النقابة عام ۱۹۹۳ وسكرتير عام مساعد بالنقابة.
ولا يمكن أن نغفل، إضافة إلى ما سبق، الدور الذي لعبته الصحفيات المصريات في الدفاع عن حقوق المرأة من بين النماذج التي يمكن تسليط الضوء عليها في هذا الإطار الصحفية والمحامية والناشطة النسوية “منيرة ثابت“، والتي لقبت بـــ “عميدة الصحفيات المصريات” كانت “منيرة ثابت” أول أول امرأة مصرية تحصل على شهادة الليسانس من مدرسة الحقوق الفرنسية والتي كان مقرها القاهرة عام ١٩٣٣.
تعد “منيرة ثابت” أول مصرية صحفية نقابية وأول رئيسة تحرير وأول صاحبة لجريدة سياسية، وهي جريدة “الأمل” التي كانت تصدر باللغتين العربية والفرنسية. تطرقت المجلة لعدد من القضايا النسوية، وتحديدًا حق النساء في العمل، فقادت حملة للمطالبة بحق المدرسات بالاحتفاظ بوظائفهن بعد الزواج، ونجحت الحملة وأقرت وزارة المعارف هذا الحق، وذلك بجانب اهتمام “منيرة” باستقلال مصر سياسيًا.
نادت “منيرة ثابت” أيضًا بالمساواة، فانتقدت تجاهل دستور ۱۹۲۳ لحق النساء في الانتخاب وعضوية البرلمان ونادت بحق النساء في عضوية المجالس والهيئات النيابية، كما كانت من أوائل النسويات اللاتي طالبن بالغاء تعدد الزوجات، ووصاية الرجال على النساء، وطالبت بحق النساء في الخلع أو الطلاق وحقهن في إختيار خلع أو ارتداء الحجاب.
كانت “درية شفيق” كذلك من رائدات الحركة النسوية في مصر. درست “درية” الفلسفة في جامعة “السوربون” في باريس بمنحة ساعدتها في الحصول عليها ” هدى شعراوي“، ثم است حركة “اتحاد بنت النيل” الذي وجه دعوته إلى تعليم الفتيات وتنظيم عمل المرأة من كل الطبقات،ونظم دورات محو الأمية، كما ضم وكالة توظيف، وبرامج مساعدة وكافتيريا بأسعار مدروسة، كما نظم نشاطات ثقافية ومسرحيات نسائية معظمها يدور حول المطالبة بالحقوق السياسية.
١٩ فبراير ١٩٥١ قادت “درية” تظاهرة من ١٥٠٠ فناة وسيدة انطلاقاً من مقر الجامعة الأمريكية في القاهرة وصولاً إلى البرلمان المصري الذي كان يضم رجالاً فقط، كما نظمت إضراباً عن الطعام، شاركتها فيه صحفيات أخريات من بينهن الصحفية “سعاد منسي“، وهي أول امراة تؤسس وتدير وكالة أنباء، احتجاجاً على تشكيل لجنة وضع الدستور في ١٩٥٤، التي خلت من وجود امرأة. استمر الإضراب عشرة أيام، حتى ارسل لها أول رئيس للجمهورية آنذاك، اللواء محمد نجيب ليؤكد لها حرص الدستور على منح المرأة حقوقها السياسية.
وبالرغم من الدور الهام الذي لعبته المرأة في العمل الصحفي وحصول المرأة على حقوقها بشكل عام وفي تأسیس نقابة الصحفيين بشكل خاص إلا أنها تمثيلها في مجلس النقابة جاء مجحفًا وغير عادل وغير حقيقي حيث أتى ١٥ مجلسًا من مجالس نقابة الصحفيين دون أي تمثيل نسائي، وتراوحت نسبة تمثيل النساء في المجلس بين 7% و 23%، وهى أعلى نسبة وصلن إليها. يذكر أن عدد النساء اللواتي حصلن على عضوية مجلس نقابة الصحفيين منذ النشأة فى ١٩٤١ وحتى الآن هو 9 نقابيات.
وبعد غياب المرأة لــ ۱۲ عامًا عن مجلس نقابة الصحفيين، استطاعت الصحفية “عبير سعدي” أن تحصل على أعلى نسبة أصوات من الجمعية العمومية وتتفوق على مرشحى مجلس النقابة فى الانتخابات عام ٢٠٠٧ وحتى ٢٠١٤ عندما قررت تجميد عضويتها في مجلس النقابة بسبب الانتهاكات التي طالت حقوق الصحفيين. أما “حنان فكري” فقد فازت بعضوية مجلس النقابة في عام ۲۰۱۳ خلال انتخابات التجديد النصفي للنقابة، كما تقدمت بأوراق ترشحها للمنصب ذاته في عام ٢٠١٩.
في عام ٢٠١٧، ولأول مرة في تاريخ نقابة الصحفيين، نافست كلاً من “نورا راشد” نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية وعضو اتحاد الكاتبات واتحاد الصحفيين العرب،والكاتبة الصحفية “جيهان شعراوي“، نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام المسائي، ومقدمة برنامج “تحيا الستات” على راديو مصر، على مقعد نقيب الصحفيين، في ظل سياق سياسي من المفترض أن يكون داعم لمشاركة المرأة وتوليها القيادة.
وبالنظر إلى انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين الأخيرة، والتي انعقدت في مارس ۲۰۱۹، نجد أن عدد المرشحات سواء على منصب النقيب أو المجلس “۱۱ مرشحة” مقارنة بــ ٦٣ مرشح على منصب النقيب ومقاعد المجلس، حيث تنافس ۱۱ مرشحًا على مقعد النقيب، هم: ضياء رشوان،ورفعت رشاد،وأحمد الشامي،وسمية العجوز،وإسكندر أحمد، وسيد الإسكندراني،وسعيد فرج، وطلعت هاشم،وعاصم رشوان، وعبد النبي عبد الستار، ومحمد المغربي” ومرشحة واحدة هي “سمية العجوز“،بينما تنافس على مقاعد العضوية ٥٢،منهم ١٠ صحفيات،لا تمثل نسبتهن عدد عضوات الجمعية العمومية، وهن: “أسماء عصمت – أماني عبدالله – أميرة العادلي، مؤسسة الأهرام – إیمان کامل – إیمان عوف،جريدة المال– حنان فكري، جريدة وطني – دعاء النجار، جريدة الجمهورية – فاطمة مصطفى، مريم جبل،جريدة الدستور – محاسن السنوسي“، وبالتالي فإن نسبة المرشحات لم تتعدى الـ ١٧% لم تفز أي منهن بمقعد في المجلس للمرة الثانية على التوالي.
تعد صعوبة الحصول على عضوية نقابة الصحفيين من أهم العراقيل التي في طريق وصول الصحفيات إلى عضوية مجلس النقابة، ويليها في المرتبة الثانية الثقافة الذكورية المهيمنة على المجتمع وتشكل وعيه الجمعي، كما تتسرب تلك الثقافة إلى العمل الصحفي، الأمر الذي يخل بمبدأ تكافؤ الفرص، وهو ما ظهر جليًا في انتخابات مجلس نقابة الصحفيين الأخيرة.
أ– صعوبة الحصول على عضوية النقابة للسيدات مقارنة بالرجال وتأثيره على تمثيل المرأة في النقابة.
يبلغ إجمالي الصحفيين المقيدين بنقابة الصحفيين ٩٢٦٠ صحفي، ويصل عدد المقيدات بجدول المشتغلين ٢٩٤٦ مقابل ٦٣١٤ صحفيًا، وبالتالي فإن نسبة الصحفيات بالجمعية العمومية تصل إلى ما يقرب من ٣٢%، فيما تصل نسبة تمثيلهن في مجلس النقابة الحالي إلى 0%.
تبدأ المرحلة الأولى من إقحام النساء داخل حلقة مفرغة من التمييز بصعوبات الحصول على عضوية النقابة، الأمر الذي يخضع لقانون قيد الصحفيين رقم ٧٦ لسنة ۱۹۷۰ بالنقابة ولائحته، والذي يضع الكثير من العراقيل أمام الانضمام لنقابة الصحفيين، فطبقًا للمادة الخامسة والسابعة من القانون الحالي، يشترط للقيد في نقابة الصحفيين أن يكون طالب القيد “صحفيًا محترفًا” ويمتلك أرشيفًا صحفيًا، وأن يكون معينًا بإحدى الصحف، وهو ما يتطلب ممارسة المهنة قبل طلب القيد ليكون طالب القيد مستوفيًا لجميع شروط القيد. ولكي يتم قيده بجدول الصحفيين تحت التمرين يجب أن يتجاوز ثلاثة شهور على تحرير عقد العمل والتأمين بينه وبين الصحيفة، طبقًا للمادة ٢٣ في لائحة القيد.
رحلة الصحفيين للوصول إلى عضوية النقابة تكتنفها العديد من المخاطر، أهمها المادة 65 من القانون ذاته والتي تحظر العمل في الصحافة دون القيد في جداول النقابة، كما يحظر على أصحاب الصحف ورؤساء مجالس المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء في المادة (۱۰۳) من القانون أن يعينوا في أعمالهم الصحفية أشخاصًا من غير المقيدين في النقابة، وبناءً على تلك المواد يعاقب القانون ممارسي العمل الصحفي دون القيد بجداول النقابة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تتجاوز ٣٠٠ جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك لانتحاله صفة صحفي.
وتواجه الصحفيات العاملات بالصحافة المصرية تعنتًا من قبل المؤسسات التي يعملن بها فيما يخص التعينات، وذلك هربًا من تحمل عبء التأمينات والحد الأدنى للأجور المنصوص عليه في القانون، مما يعرضهن لخطر الانتهاكات والملاحقة القانونية، الأمر سيان مع الصحفيات اللواتي ينتهجن العمل الحر أو العاملات بالصحافة الإلكترونية، تلك الفئة غير المعترف بها من الأساس من قبل نقابة الصحفيين.
يظهر التعنت الذي تنتهجه المؤسسات الصحفية ضد النساء أيضًا في حصرهن في دورهن البيولوجي واعتباره عائقًا أمام ترقيهن الوظيفي لما يتطلبه الأمر من حصولها على إجازات الوضع وإجازات رعاية الطفل وساعات الرضاعة، والتي كفلها لها قانون العمل المصري في المادة رقم (۹۱) والتي تنص على أن عاملة التي أمضت عشرة شهور في خدمة صاحب العمل أو أكثر الحق فى أجازة وضع مدتها اثنا عشرة أسبوعاً بتعويض مساو للأجر تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه بشرط أن تقدم شهادة طبية مبينًا به التاريخ الذي يرجح حصول الوضع فيه ولا يجوز تشغيل العاملة خلال الستة أسابيع التالية للوضع ولا تستحق العاملة هذة الاجازة أكثر من مرتين طوال مدة خدمتها.
كفل القانون أيضًا للمرأة مجموعة من الحقوق في المادة (۹5) و (۳۹)1، وتتمثل في حق المرأة في الحصول على أجازة بدون أجر لمدة عامين لرعاية طفلها، وكذلك حق المرأة التي ترضع طفلها في الحصول على فترتين راحة فضلاً عن فترة الراحة المقررة لإرضاع طفلها ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر.
حال وصول الصحفية إلى عضوية النقابة، تبدأ في مواجهة أنواع شتى من التمييز والذي يحول دون وصولهن إلى مقاعد مجلس النقابة. فبوصفها أنثى، قد تمنع الصحفية من تغطية الأحداث الميدانية الهامة والساخنة بدعوى حمايتها من الإصابة بأذى.
كذلك تعمل الثقافة الذكورية والصور النمطية على وضع النساء داخل قوالب أقسام المطبخ والأزياء والموضة، فنجد أنه حتى إن وصلت الصحفية إلى رئاسة القسم فإنها تتولى رئاسة أحد الأقسام السابق ذكرها، وبالتالي فإنها غالبًا ما تتعرض للاستبعاد من رئاسة أقسام مثل الحوادث أو الرياضة أو الاقتصاد أو السياسة ونادرًا ما نجد امرأة رئيسة لأحد تلك الأقسام.
هنا تبدأ مرحلة أخرى من التمييز ضد النساء، والذي يمنعهن من الوصول إلى المواقع القيادية داخل المؤسسات الصحفية؛ حيث يتم اختيار رؤساء أقسام السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة لمواقع صنع القرار أي مجلس تحرير الصحيفة، وهو ما يعد إقصاء ضمنيًا للنساء عن تلك المواقع. تغيب المرأة أيضًا عن منصب رئيس تحرير الصحيفة، عدا نماذج قليلة جدًا من النساء اللواتي استطعن الوصول إلى ذلك المنصب.
ب – المشكلات التى تواجه الصحفيات في أماكن العمل
تواجه الصحفيات في أماكن عملهن العديد من المشكلات،بدء من التمييز في الأجور وفي طبيعة العمل والتعنت في التعيينات ووصولاً إلى التحرش والاستغلال الجنسي. وتختلف الوسائل التي تتعامل بها الصحفيات مع ما يتعرضن له من عنف قائم على النوع الاجتماعي وتتأثر بالعديد من العوامل مثل سيطرة الذكور على مراكز القوة داخل المؤسسات الصحفية، الأمر الذي يؤكد على عدم جدوى التقدم بالشكاوى في أغلب الأحيان، وكذلك الخوف من التشهير والوصمة المجتمعية والفضيحة المرتبطة بالحديث عن هذا النوع من الانتهاكات.
استخدمنا في البحث الاستبيان كأداة كمية لجمع المعلومات المتعلقة بإمكانية الوصول إلى المعلومات وتداولها. وتم تصميم الاستبيان ليركز على مجموعة من المحاور التي يمكن من خلالها رصد المشكلات التي تتعرض لها الصحفيات في أماكن العمل والكيفية التي تتعامل بها المؤسسات الصحفية مع تلك المشكلات،وقد تم توجيه الاستبيان إلى مجموعة من الصحفيات العاملات.
وبهذا الصدد، أظهرت نتائج الاستبيان الذي تفاعل معه ۲۲ صحفية عاملة، وهي عينة عشوائية طبقنا عليها الاستبيان، أظهرت أن نسبة ٥٠% من العينة التي أجري عليها الاستطلاع تعرضن للتحرش الجنسي على يد أحد زملائهن أو مدرائهن، كما أفادن أيضًا أن التحرش الذي تعرضن له كان يتراوح بين التحديق إلى أجزاء حساسة من أجسادهن والتلميحات اللفظية ووصل إلى طلب رشاوى جنسية، بينما لم تبلغ أي منهن عن الواقعة لإدارة المؤسسة التي تعمل بها.
تباينت الأسباب التي قادتهن إلى الصمت في التعامل مع مثل تلك الانتهاكات، فذكرن الخوف من الفضيحة والتشهير، والشك في جدوى تقديم الشكوى إلى إدارة المؤسسة، وعدم وجود دليل على حدوث الواقعة، فضلاً عن كون المتحرش في موقع صنع القرار بحسب الاستبيان، فضلت الصحفيات مواجهة التحرش خارج إطار الإجراءات الإدارية أو اضطررن إلى ترك العمل.
أيضًا أظهرت النتائج أن نسبة ٥٠% من الصحفيات اللواتي شاركن في الاستبيان تعرضن للتمييز في الأجور وكانت نسبة اللواتي تقدمن بشكاوى للمؤسسة التي يعملن بها ٢٨.٦% فقط.
ذكرت المشاركات أن زملائهن من الذكور يحصلون على أجور أعلى مقابل تأدية نفس المهام، وقد يحصلون على رواتب أعلى بالرغم من ضعف إنتاجهم مقارنة بالصحفيات الإناث، ولفتن إلى أن الأمر يرجع إلى الثقافة الذكورية التى ترسخ لمبدأ التزام الذكر بمجموعة من المسئوليات المادية دونًا عن الأنثى. قوبلت الشكاوى التي تقدمت الصحفيات لزيادة أجورهن بالرفض القاطع أو بالزيادة الهزيلة، حسبما جاء في نتائج الاستبيان.
وأرجعت المشاركات اللواتي لم يتقدمن بشكاوى إلى المؤسسات التي يعملن بها عدم إقدامهن على اتحاد هذه الخطوة إلى الشك في جدوى هذا الإجراء واحتلال الذكور لمواقع صنع القرار، فضلاً عن احتياجهن للدخل الذي يحصلن عليه.
وبحسب نتائج الاستبيان، تعرضت 66.7% من المشاركات إلى التمييز فيما يتعلق بطبيعة العمل المسندة اليهن، ولم تتقدم أي منهن بشكوى إلى إدارة المؤسسة التي تعمل بها، وأرجعن ذلك أيضًا إلى عدم جدوى الإجراء وادعاء الإدارة أن توزيع مهام العمل مرتبط بسياسة المؤسسة.
أما فيما يتعلق بالتمييز في الترقي الوظيفي، فأفادت ٦٦،٧% من المشاركات في الاستبيان بأنهن تعرضن لهذا النوع من الممارسات، بينما لم تتقدم أي منهن بشكوى للمؤسسة التي تعمل بها. أكدت المشاركات أيضًا على عدم وجود معايير معلنة للترقي داخل المؤسسات الصحفية، الأمر الذي قد يفقدهن أي فرصة للترقي الوظيفي بالرغم من مرور عدة سنوات على توليهن مهام وظائفهن، بالإضافة إلى أنهن قد يتعرضن للتضييق أو التعنت في حال طالبن بحقهن في الترقي الوظيفي.
أفادت نسبة ٨٥،٧% من المشاركات فى الاستبيان بأنهن واجهن تعنتًا في الحصول على إجازات الوضع ورعاية الأطفال، حيث حصلن على إجازات محدودة مصحوبة بتعبير عن الضيق جراء تقدمهن بالطلب، ولم تتقدم أي منهن بشكوى للمؤسسة التي تعمل بها.
أيضًا واجهت نسبة 72.7% من المشاركات في الاستبيان تعنتًا فيما يتعلق بتعيينهن بالمؤسسات الصحفية التي يعملن بها، وأفدن بأن طلبهن للتعيين قوبل بالرفض من قبل الإدارة بعد مرور سنوات عديدة تلقين فيها وعود بالتعيين.
وقالت 54.5% من المشاركات في الاستبيان إنهن تعرضن لعنف لفظي أو جسدي في مكان العمل. تقدمت 50% من النسبة المذكورة بشكاوى إلى إدارات المؤسسات التي يعملن بها، والتي بدورها قامت بحفظ الشكوى دون اتخاذ أي إجراء وهو ما عرضهن إلى المزيد من التعنت. اختارت المشاركات اللواتي لم يتقدم بشكاوى رسمية التعامل مع الأمر مباشرة وخارج الإطار المؤسسي.
وعن المعايير التي تختار على أساسها المشاركات المرشحين لعضوية مجلس نقابة الصحفيين، ركزت المشاركات على الاستقلالية وفصل المواقف السياسية عن العمل النقابي والخبرة في العمل النقابي والقدرة على الدفاع عن حقوق الصحفيين وتوفير بيئة عمل آمنة وخالية من التحرش والتمييز المصحفيات.
تعد بيئة العمل الآمنة من العوامل الأساسية التي تؤثر على الأداء المهني للصحفيات، وهي أحد الركائز الأساسية التي أقرتها الدولة لتمكين النساء على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، الأمر الذي يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها النساء لإثبات أنفسهن والوصول إلى مراكز صنع القرار في ظل بيئة عمل مشحونة بالتمييز والعنف ضدهن، ويؤكد على ضرورة تكاتف الدولة بل والعالم بأكمله سعيًا إلى توفير بيئة العمل المناسبة والآمنة للنساء.
في هذا الإطار، اعتمدت منظمة العمل الدولية في يونيو الماضي الاتفاقية ۱۹۰ بخصوص “القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل“2، ووضعت الاتفاقية تعريفات واضحة للعنف القائم على النوع الاجتماعي في أماكن العمل، كما أكدت على ضرورة اعتماد كل دولة عضو قوانين ولوائح وسياسات تضمن الحق في المساواة وعدم التمييز.
ظهر توجه الدولة نحو تعزيز المساواة وتكافؤ الفرص في عدد من الإجراءات، والتي تمثلت في خطاب النوايا الذي وقعته وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط في سبتمبر الماضي لتنفيذ مشروع “محفز سد الفجوة النوعية في مصر” Closing the Gender Gap Accelerator’ Egypt بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة ومنتدى الاقتصاد العالمي.
يهدف المشروع إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتشجيع المزيد من النساء لتقلد المناصب القيادية الاقتصادية، وسد الفجوات في الأجور، وتعزيز جهود مصر فى مجال تمكين المرأة إقليمياً ودولياً لمواكبة الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية ٢٠٣٠ والتي تنص على أنه “بحلول عام ٢٠٣٠ستصبح المرأة المصرية شريكًا رئيسيًا وفاعلاً في تحقيق التنمية المستدامة“، وذلك عن طريق تبنى سياسات فاعلة للقضاء على الفجوة بين الجنسين وتمكين المرأة والعمل على رفع الوعى والارتقاء بالقيم التي تتعلق بهذا الشأن، ودفع الشركات الكبرى للعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين من القوى العاملة لديها، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات لتمكين المرأة لتقلد المناصب القيادية وتنمية مهاراتها، ورفع الأجور الخاصة بها.
تأتي الاستراتيجية المذكورة، والتي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام ٢٠١٧، لتترجم على أرض الواقع الدستور المصري الذي حرص في مواده على ترسيخ المساواة في الحقوق والتكافؤ في الفرص كأسس لبناء المجتمع، وعلى إلزام الدولة المصرية بالقضاء على كافة أشكال التمييز، وكفالة الحقوق الأساسية والحماية والرعاية للمرأة في كافة ربوع الوطن.
أيضًا في نوفمبر الماضي، افتتحت الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة الاجتماع الأول اللجنة التسييرية للشركاء في البرنامج المشترك “تعزيز فرص العمل الإنتاجي والعمل اللائق للمرأة في مصر والأردن وفلسطين“، والذي يسعى إلى دعم النساء للاستفادة من فرص الحصول على وظائف أفضل والشعور بالأمن في أماكن العمل، والمساواة في الوصول إلى التطوير المهني، والحماية الاجتماعية للأسر وتحسين فرص التنمية الشخصية والاندماج في المجتمع، ويمتد خلال الفترة ۲۰۱۹ – ۲۰۲۲.
وبالرغم من التحركات والخطوات التي اتخذتها الدولة على طريق تحقيق بيئة عمل آمنة للنساء إلا أن نقابة الصحفيين لم تواكب تلك التحركات لمجرد أن قضايا النوع الاجتماعي ومشكلات ومتطلبات النساء ليسوا على قائمة أولويات أعضاء مجلس النقابة.
فإذا ما نظرنا نظرة متفحصة إلى الوضع الراهن فيما يتعلق بتعامل نقابة الصحفيين مع المتطلبات والمشكلات التي تتعرض لها الصحفيات سنجد أن قضية الجندر ليست مطروحة على قائمة القضايا التي تشغل النقابة وتعتبرها من أولوياتها، فضلاً عن التغافل عنها في برامج المرشحين لمجلس النقابات. يمكن رؤية ذلك بوضوح عن طريق تحليل تقرير النقابة لعامي ۲۰۱۸ و ۲۰۱۹.
بدأ التقرير العام لنقابة الصحفيين لعام3 2018 بقضية زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا وزيادة المعاشات،مؤكدًا على أهمية القضية لجموع الصحفيين. تطرق التقرير أيضًا إلى عدد من القضايا الأخرى والتي منها: زيادة مكافأة صندوق التكافل، وافتتاح منفذ دائم للسلع الغذائية بمقر النقابة بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.
تعرض التقرير أيضًا لعدد من القضايا الأخرى التي تتعلق بالصحة والإسكان وبروتوكولات التعاون مع عدد من الجهات والتي منها مشيخة الأزهر وبرنامج دعم إصلاح التعليم الفني ومحافظة القاهرة ووزارة الطيران المدني وغيرها، دون الإتيان على ذكر أي من المشكلات التي تتعرض لها الصحفيات وترتبط بالنوع الاجتماعي.
تكرر الأمر ذاته في تقرير النقابة 4لعام ۲۰۱۹ بدأ التقرير بالتطرق إلى نجاح نقابة الصحفيين في الحصول على دعم مالي من المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام وذلك لتوفير القروض لأعضاء النقابة، وجاء في المرتبة الثانية افتتاح أكبر وأحدث مركز للتدريب في العالم العربي والاتفاق على افتتاح مقر للشهر العقاري بالنقابة.
وعاد التقرير مرة أخرى إلى نفس القضايا التي طرحها تقرير العام الماضي والتي منها زيادة المعاشات وصندوق التكافل وعدد من القضايا الأخرى المتعلقة بالصحة والإسكان وأزمات الصحفيين مع بعض الجهات مع إدارات الصحف التي يعملون بها، الأمر الذي يؤكد على أن مشكلات الصحفيات ومطالبهن خارج نطاق أولويات النقابة.
ظهرت عدد من الأصوات المطالبة بتغيير لائحة نقابة الصحفيين بما يضمن حقوق الصحفيات في عدم التعرض للتمييز أو التحرش أو الفصل التعسفي والتضييق والحرمان من الوصول إلى المراكز القيادية ومواقع صنع القرار واستخدام دورها البيولوجي للحد من إمكاناتها ومواهبها، إلا أنه لم يتم الالتفات إلى الضرورة الملحة لتغيير لائحة نقابة الصحفيين لإضافة مواد يتم الاحتكام إليها في حالة تعرض الصحفيات لأي من المشكلات السابقة، فضلاً عن التغافل عن استحداث لجان مسئولة عن كل ما يتعلق بقضايا النوع الاجتماعي.
لم تكن مسألة مواجهة التحرش الجنسي على قائمة أولويات نقابة الصحفيين كذلك بالرغم من توجه الدولة نحو تشريع عقوبات رادعة على هذا النوع من الجرائم منذ عام ۲۰۱٤ حينما أقر الرئيس المؤقت “عدلي منصور” تعديلات على قانون العقوبات وذلك لتغليظ عقوبة التحرش الجنسي، والتي جاء فيها أنه “إذا كان للجاني سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه.”
فيما شهد عام ۲۰۱۸ واقعتين شهيرتين بخصوص اتهامات بالتحرش الجنسي داخل مؤسسات صحفية أولهما قضية الصحفية “مي الشامي” التي تعرضت للتحرش الجنسي داخل المؤسسة التي تعمل بها على يد أحد مديريها، والثانية هي واقعة تحرش إعلامي مصري شهير بعدد من زميلاته العاملات بمؤسسة إعلامية ألمانية، ولم تصدر نقابة الصحفيين أي بيان تعليقًا على أي من الواقعتين ولم تدار أي مناقشات إنطلاقًا من أي من الواقعتين لتغيير لائحة النقابة واتخاذ التدابير اللازمة لحماية النساء من العنف داخل أماكن العمل.
وبالرغم من اشتباك بعض المرشحين لمجلس نقابة الصحفيين مع قضايا المرأة فيما يتعلق بتخصيص كوتة بمجلس النقابة وداخل المؤسسات الصحفية واستحداث لجنة للمرأة بالنقابة وإجازات الحمل والرضاعة ودور الحضانة وأيضًا مع بعض القضايا التي طرحت على الساحة في تلك الفترة كقضية الصحفية “مي الشامي” التي تعرضت للتحرش الجنسي في مكان علمها، إلا أن أي منهن لم يتخذ من النوع الاجتماعي ركيزة لبرنامجه الانتخابي؛ حيث إن برامج المرشحات لمنصب النقيب ومقاعد مجلس نقابة الصحفيين ركزت في المقام الأول على ملفات مثل التأمين الصحي والحد الأدنى للأجور ووسائل النقل والإسكان الاجتماعي،أما قضايا المرأة فقد جاءت على هامش تلك البرامج وبالتالي لم تصل إلى الناخبات.
أ– تخصيص كوتة للمرأة بمجلس نقابة الصحفيين
بين مؤيد ومعارض لتخصيص كوتة للمرأة بمجلس نقابة الصحفيين بواقع مقعد واحد مقابل ستة مقاعد، اختلفت الآراء حول أهمية كوتة المرأة، فرأى المؤيديون أن المبدأ يتوافق مع توجهات الدولة ودستورها الذي يرسخ لمفهوم المواطنة، كما يساعد بشكل كبير على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ومحو الثقافة الذكورية التي تنظر للمرأة بنظرة دونية؛ فتستطيع بعد مرحلة من الزمن أن تقود الانتخابات بمنتهى السلاسة، وبالتالي يضمن وجودها ومشاركتها الفاعلة في صنع القرار بعيدًا عن الأهواء أو الفكر الذكوري، الأمر الذي يتطلب تمكين المرأة تمكينًا حقيقيًا.
بدأت المطالبات بتخصيص كوتة للمرأة في مجلس نقابة الصحفيين في عام ۲۰۱٥، حيث دعت ۳ منظمات نسوية، نقابة الصحفيين، إلى تخصيص كوتة للمرأة في مجلس نقابة الصحفيين، تشمل حجز ثلث المقاعد لهن، ليتم تخصيص مقعد للمرأة لكل ٦ مقاعد؛ بحيث تترشح المرأة على مقعد منفصل لها بكل انتخابات للتجديد. وذلك ضمانًا للتمثيل العادل مقارنة بنسبة عضويتهن في الجمعية العمومية للنقابة والمقدرة بأكثر من ٣٠% في عام ٢٠١٢.
وهو ما دفع بعض المنظمات النسوية – مؤسسة قضايا المرأة المصرية ومؤسسة المرأة الجديدة ومركز نظرة للدراسات النسوية للمطالبة بضمان تمثيل أكبر للنساء في مجلس نقابة الصحفيين ومواقع اتخاذ القرار الصحفي، كما طالبوا مجلس النقابة بالعمل على تعديل قانون مجلس النقابة الحالي رقم ٧٦ لسنة ١٩٧٠ بحيث يقر نظام انتخابي يضمن كوتة للنساء في مجلس نقابة الصحفيين بحيث يخصص ثلث مقاعد المجلس للنساء.
أيضًا طالبت الكاتبة الصحفية والعضو السابق بمجلس نقابة الصحفيين شويكار طويلة، بتخصيص كوتة للنساء في مجلس النقابة، مؤكدة على ضرورة تخصيص ثلث عدد أعضاء المجلس للنساء وذلك لضمان التمثيل العادل.
عقب انتخابات مجلس نقابة الصحفيين السابقة، ظهرت أصوات جديدة تطالب بتخصيص كوتة للمرأة بمجلس النقابة كان منها الكاتبة الصحفية “سكينة فؤاد“، التي شددت على أهمية تمثيل المرأة بمجلس نقابة الصحفيين، مشيرة إلى أنه سيعبر عما تقوم به المرأة في مجال الصحافة المصرية، كما نوهت إلى أن المرأة في مجال الصحافة تمثل عمودًا من أعمدة نجاحها، ومضيفة أنها مع فكرة تخصيص كوتة للمرأة في مجلس النقابة بصفة مؤقتة لأنها تريد أن يكون تمثيل المرأة في مجلس النقابة عبر إرادة حرة وتعبير عن حرية فكرية.
أما عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق “حنان فكري“، فقد طالبت بتخصيص كوتة للمرأة تمثل مرحلة انتقالية فى قانون النقابة، مشيرة إلى أن هذه المرحلة الانتقالية تكون لحين الوصول إلى التطور الإدراكي بأهمية وخطورة عدم وجود امرأة فى المجلس، مؤكدة أن إمكانيات الواقع غير عادلة لأنها أحيانًا قد تعطي للمرأة مقعد واحد داخل النقابة وأحيانًا أخرى لا تعطي.
كما أكد المرشح السابق لمجلس نقابة الصحفيين (تحت السن) “ريمون فرنسيس” خلال انتخابات مجلس نقابة الصحفيين الأخيرة أنه حال فوزه بعضوية المجلس، سيعمل على أن تمثل المرأة في قانون النقابة؛ عن طريق تخصيص كوتة لها بالمجلس، حيث أشار إلى أن وعي الصحفيين يتعارض مع ضعف مشاركة المرأة في مجلس نقابة الصحفيين والذي تمثل في وجود امرأتين فقط بالمجلس خلال عشر سنوات.
أما عن الأصوات المعارضة لتخصيص كوتة للمرأة بمجلس نقابة الصحفيين فقد ارتأت أن هناك صحفيات يمكنهن أن يخضن معركة الانتخابات والفوز بها وبالتالي ليس هناك حاجة إلى فرضهن على مجلس النقابة عن طريق تخصيص كوتة لهن. وعول البعض على النماذج القليلة لنساء استطعن بالفعل أن يصلن إلى مقعد مجلس نقابة الصحفيين، وبالتالي فإن تخصيص كوتة للنساء لن يعود بالنفع عليها بل على العكس قد يتسبب في وصول من هم أقل كفاءة إلى المجلس.
من بين تلك الأصوات كان الكاتب الصحفى أكرم القصاص الذي رأى أن الكوتة تخصص للنساء في مجالس النواب أو غيره لظروف خاصة، كما تطرق إلى عدم اصطفاف الصحفيات حول مرشحة ولكنهن يختارن المرشحين وفقًا لبرامجهم وشخصياتهم، وبالتالي فإن التصويت غير مرتبط بالجنس حسب رؤيته.
أما الكاتب الصحفي عماد الدين حسين فاعتبر أن تخصيص كوتة للمرأة بمجلس نقابة الصحفيين يعني أن مشاركة المرأة سوف تتم قصرًا، مما سيعطي البعض منهن الفرصة في تقلد المنصب دون الحاجة إلى بذل الجهد المطلوب للتواجد وقد يفتح ذلك بابًا لدخول البعض من غير المستحقات.
ب – استحداث لجنة المرأة
صاحبت المطالبات الخاصة بتخصيص كوتة للمرأة في مجلس نقابة الصحفيين مطالبات أخرى باستحداث لجنة المرأة بالنقابة بناء على المقاعد التي سوف يتم تخصيصها بمجلس النقابة لبحث مشكلات الصحفيات والنظر في مطالبهن.
وبهذا الصدد، نتطرق إلى تجربة سابقة في استحداث لجنة المرأة داخل النقابات وهي تجربة نقابة المحامين. يتماثل وضع نقابة المحامين مع نقابة الصحفيين فيما يخص التمثيل الهزيل للمرأة وذلك منذ تأسيسها في عام ۱۹۱۲م، فعلى مدار ۱۰5 سنة، لم تمثل المرأة بمجلس النقابة إلا ثلاث مرات، بثلاثة محاميات؛ أبرزهن: المستشارة تهاني الجبالي، والمحامية بشرى عصفور، والتي فازت بعضوية المجلس على قائمة الإخوان “الشريعة الإسلامية“، وفازت بمنصب وكيل النقابة في دورة ۲۰۰۱ – ۲۰۰٥، بعد ١٢ عامًا من غياب المرأة عن مجلس نقابة المحاميين، وهو ما لا يتناسب مع عدد النساء بالنقابة الذي وصل إلى ٣٠% تقريبًا في عام ٢٠١٣.
وكما هو الحال في نقابة الصحفيين، ظهرت مطالبات من داخل نقابة المحامين بتخصيص كوتة للمرأة بمجلس النقابة، بعد عزوف أعضاء النقابة عن انتخاب امرأة لتمثلهم في مجلس النقابة بسبب النظرة التقليدية وسيطرة الثقافة الذكورية، ولا سيما أن رئيس لجنة المرأة في هذه الفترة كان “أبو النجا المحرزي.”
في ١٥ سبتمبر ۲۰۱۸، أصدر نقيب المحامين “سامح عاشور” قرارًا بتجميد نشاط لجنة المرأة بعد أن سادت حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض لتعديل لائحة النقابة بنصوص تواجه التمييز الذي تتعرض له المرأة المحامية سواء في مشروع العلاج أو التأمين الاجتماعي، الأمر الذي رفضته بعض المحاميات باعتباره حلقة جديدة في سلسلة التمييز التي تواجه المحاميات داخل النقابة.
هناك عدد من السياسات التي يجب على صناع القرار الأخذ بها لضمان تمثيل عادل للنساء في مجلس نقابة الصحفيين، وهي:
تعديل القانون رقم ٧٦ لسنة ۱۹۷۰ ولائحة القيد التنفيذية الخاصة به بما يضمن تسهيل شروط الحصول على عضوية النقابة وتضمين الصحفيين الإلكترونين بالنقابة، وكذلك تخصيص كوتة للنساء تبلغ نسبتها ٥٠% من قوائم الصحفيين التي تقدمها المؤسسات الصحفية للقيد بالنقابة.
إضافة مواد لقانون نقابة الصحفيين تضمن تخصيص كوتة للنساء بمجلس نقابة الصحفيين بنسبة لا تقل عن ٣٥% من مقاعد المجلس.
ج– تصميم برامج تدريبية للصحفيين بهدف التخلص من الثقافة السائدة والتي تضع المرأة في قوالب دورها البيولوجي والصورة النمطية السائدة عنها وتمنعها من تقلد المراكز القيادية، ورفع الوعي بأهمية زيادة تمثيل الصحفيات في المجلس ووضع برامج انتخابية تركز على النوع الاجتماعي والمشكلات التي تتعرض لها الصحفيات خلال ممارستهن للعمل الصحفي.
د– إضافة مواد حساسة للنوع الاجتماعي في اللوائح الداخلية للمؤسسات الصحفية تشتمل على إجراءات إدارية واضحة يمكن للصحفية اللجوء إليها حال تعرضها للعنف أو التمييز في مكان العمل، وتضمن فتح تحقیق نزيه في الشكوى المقدمة، وكذلك إضافة مواد تضمن على أجازات الوضع وفترات الرضاعة دون أن يؤثر ذلك على أجورهن أو على مسيرتهن المهنية، إضافة إلى مواد تضمن المساواة في الأجور والتعيين وتقسيم العمل والترقي الوظيفي والوصول إلى المراكز القيادية.
في ظل هيمنة الثقافة الذكورية على المجتمع وتوغلها في بلاط صاحبة الجلالة، فضلاً عن غياب لائحة نقابية حساسة تجاه النوع الاجتماعي تتعرض الصحفيات لمجموعة من الممارسات التي تحد من مما يمكنهن تقديمه في العمل الصحفي، كما يواجهن ما يمكن أن يؤدي إلى عزوفهن عن العمل من الأساس، وهو ما ينعكس في صورة خسارة للمحتوى الذي يمكن أن يقدمنه للسلطة الرابعة، الأمر الذي يعد خسارة لوعي مجتمعي يمكن إثراءه من خلال مواهبهن وإمكاناتهن.
وبالرغم من ذلك، يمكن العمل على مجموعة من المحاور لحماية الصحفيات من التمييز الذي يتعرضن له ولضمان وصول النساء إلى مراكز صنع القرار وأيضًا ضمان تمثيلهن بمجلس نقابة الصحفيين.
أ. توصيات بسن تشريعات حساسة تجاه النوع الاجتماعي
ينبغي على السلطة التشريعية تعديل قانون نقابة الصحفيين ولائحته التنفيذية لضمان إدراج مسألة الجندر على قائمة أولويات نقابة الصحفيين.
ب – توصيات بممارسات من شأنها تقويض هيمنة الثقافة الذكورية على مهنة الصحافة
يجب على نقابة الصحفيين تنفيذ برامج تدريبية للصحفيين بالنقابة لتغيير توجهاتهم ناحية قضايا النوع الاجتماعي، وذلك للحد من هيمنة الثقافة الذكورية السائدة.
ج– توصيات تتعلق بتسهيل مجال عمل الصحفيات
ينبغي على المؤسسات الصحفية وضع لوائح داخلية حساسة تجاه النوع الاجتماعي ووضع معايير يمكن من خلالها قياس مدى تطبيق هذه اللوائح على المطالبات والمشكلات التي تتعرض لها الصحفيات فيما يتعلق بمجال عملهن.
1 – المادة (۹5) من قانون العمل “فى المنشأة التى تستخدم ٥٠ عاملاً فأكثر يكون للعاملة الحق في الحصول على أجازة بدون أجر لا تجاوز سنتين وذلك لرعاية طفلها ولا تمنح هذه الإجازة أكثر من مرتين طوال مدة خدمتها.”
المادة (٣٩) من قانون العمل يكون للعاملة التى ترضع طفلها في خلال الثمانية عشر شهرًا الثانية لتاريخ الوضع فضلاً عن مدة الراحة المقررة الحقل في فترتين أخرتين لهذا العرض لا تقل كلاً منهما عن نصف ساعة. وللعاملة الحق في ضم هاتين الفترتين وتحسب هاتان الفترتان الاضافيتان من ساعات العمل ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر.”
2- اتفاقية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل ۲۰۱۹ (رقم ١٩٠)
3- التقرير العام ٢٠١٨.
٤– النقرير لعالم ٢٠١٩.