نساء السعودية.. حقوق منقوصة وقمع متواصل
الشركاء: مركز التنمية والدعم والإعلام
تاريخ النشر:
2022
كتابة:
سبتمبر , 2022
خلال السنوات الأخيرة، تعرضت رموز نسائية سعودية عدة للسجن والإيقاف، عقابًا على نشاطهن في مجالات الحقوق السياسية والمدنية، والمطالبة بتحسين أوضاع المرأة في المملكة، ورفعهن مطالب المساواة مع الرجال، في قيادة السيارات والترشح والتصويت في الانتخابات البلدية. الأمر الذي وضعهن في مواجهة تهم الاتصال بجهات أجنبية والإرهاب، في حملة عنيفة من قبل الدولة تصاعدت ضدهن في 2018، ومن بين هؤلاء:
لجين الهذلول: ناشطة سعودية في مجال حقوق المرأة، ألقي القبض عليها في 2014 أثناء قيادة السيارة.
وفي مايو/ أيار 2018، اُعتقلت ضمن حملة ضد ناشطين سعوديين. وخلال 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020، صدر حكم بسجنها 5 سنوات و8 أشهر، مع وقف التنفيذ لسنتين و10 أشهر.
سلمى الشهاب: صدر بشأنها حكم بالسجن 34 عامًا بعد نشرها تغريدة على “تويتر”، جاء نصها “الحرية لمعتقلي الرأي ولكل مظلوم في العالم”.
اعتقلت سلمى في يناير/ كانون الثاني 2021، وتراوحت أحكام السجن ضدها بين 5 و10 سنوات في اتهامات بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. كما حكم عليها لمدة عام بموجب نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، و5 سنوات “تعزيرًا مرسلًا لقاء ما أسند إليها مما لم تشمله عقوبة منظمة”، بالإضافة إلى قرار منع من السفر لمدة 34 سنة.
كان ضمن المعتقلات أيضًا في 2018 إيمان آل نفجان وستة آخريات شاركن في حملة لرفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات [1] وفي ذات السياق اعتقلت عزيزة اليوسف، وكانت من أولى المطالبات بقيادة المرأة للسيارات، ونشطت في الدفاع عن حقوق المرأة والعمال والحقوق المدنية والسياسية، وحاولت إنشاء دار لحماية ضحايا التعنيف، إلا أن السلطات قابلت طلبها بالرفض.
بينما اعتقلت سمر بدوي خلال يوليو/ تموز 2018، وواجهت اتهامات بينها التواصل مع جهات أجنبية، والنشاط الحقوقي غير المرخص، بينما اعتقلت الأستاذة الجامعية رقية المحارب، في سبتمبر/ أيلول 2017 وتم اتهامها بالعمل لصالح جهات أجنبية، وكذلك واجهت نسيمة سادة التهم نفسها، وحكم عليها بالسجن 5 سنوات مع إيقاف سنتين، وسبق وتقدمت بدعاوى قضائية عام 2011 تطالب بالسماح للنساء بالتصويت والترشح في انتخابات المجالس البلدية.
انتهاكات جسيمة خلال التحقيقات:
أعدت المحامية الحقوقية هيلينا كينيدي عام 2020 تقريرا حول تعرض الناشطات للعديد من الانتهاكات الجسيمة من جانب جهات التحقيق. فذكرت معلومات حول إجبارهن على التقبيل وممارسة الجنس مع المحققين، ومشاهدة أفلام إباحية وتهديدهن بالاغتصاب، والصعق بالكهرباء، والضرب.النساء بين التشريعات وممارسات القمع:
وضع النساء فى رؤية 2030: تضمنت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 برامج تتعلق بتمكين المرأة، كما صدر الأمر الملكي رقم (33322) عام 2017 وتضمن التأكيد على الجهات الحكومية عدم مطالبة النساء بالحصول على موافقة أي شخص عند تقديم الخدمات لهن أو إلإجراءات الخاصة بهن. وفي العام نفسه صدر الأمر الملكي رقم (905) والقاضي بتطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص قيادة الذكور والإناث على حد سواء. قرارات مجلس الشورى: أصدر مجلس الشورى 96 قرارًا وتوصية بشأن تهيئة بيئة العمل المناسبة والتوسع في الإعلان عن وظائف للنساء، وعدلت وزارة الداخلية عام 2019 تشريعات تتعلق بحرية التنقل، وأتيح للنساء تسجيل المواليد والزواج والطلاق واستخراج الوثائق الأسرية الرسمية وأهلية الوصاية على الأطفال القصر. مع السماح لأي أنثى بلغت (20 عامًا) استخراج جواز السفر دون موافقة ولي الأمر، وكذلك الحق في السفر بغرض الدراسة لمن بلغت 21 عامًا.حالة حرية الرأي والتعبير:
تعتبر البنية التشريعية في المملكة أداة لدعم النظام وتوجهاته، فوفق المادة 39 من النظام الأساسي للحكم –الذي يعد دستورًا للبلاد– “تلتزم جميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة، أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك”. أما فيما يتعلق بحقوق النشر، فنصت المادة التاسعة من نظام المطبوعات على أن “يلتزم كل مسؤول في المطبوعة بالنقد الموضوعي والبناء الهادف إلى المصلحة العامة، والمستند إلى وقائع وشواهد صحيحة. ويحظر أن يُنشر بأي وسيلة كانت ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة النافذة، وما يدعو إلى الإخلال بأمن البلاد أو نظامها العام، أو ما يخدم مصالح أجنبية تتعارض مع المصلحة الوطنية، وكذلك التعرض أو المساس بالسمعة أو الكرامة أو التجريح أو الإساءة الشخصية إلى مفتي عام المملكة أو أعضاء هيئة كبار العلماء أو رجال الدولة أو أي من موظفيها أو أي شخص من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية الخاصة، وحظر إثارة النعرات وبث الفرقة بين المواطنين، وكل ما يضر بالشأن العام في البلاد”. هذه المواد ضمن تشريعات عديدة تقيد الحق في التعبير وإبداء الرأي، وتعرقل تحقيق تنمية مستدامة تساهم في المساواة ما بين الجنسين، وفق قواعد تضع حقوق الإنسان كركيزة أساسية للتنمية.مطالب دولية بوقف العنف:
تعرضت الرياض لانتقادات دولية واسعة بسبب انتهاكات حقوق النساء، وتكرار حالات التوقيف وإصدار أحكام قضائية ضدهن. هذا غير البنية التشريعية التي تتضمن نظام الولاية الذي يجعل النساء في حاجة لموافقة أحد الأقارب الذكور على العديد من القرارات المهمة في حياتهن. على سبيل المثال، طالبت لجنة الأمم المتّحدة المعنية بحقوق المرأة، الحكومة السعودية بـ”إطلاق سراح لجين الهذلول، وضمان حقها في محاكمة عادلة”. وقالت اللجنة في بيانها إنّ “اعتقال لجين استند جزئيًا إلى تواصلها مع اللجنة”. وأعربت اللجنة عن قلقها “حيال وضع المدافعات عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية”. وأعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن الشعور بالهلع إزاء إصدار حكم على سلمى الشهاب بالسجن، وأكدت في بيان على أن الحكم يعد “مثالًا آخر على استخدام السلطات قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية في البلاد كسلاح بغرض الاستهداف والترهيب والانتقام من الأصوات المعارضة”.النساء بين دعاوى الإصلاح وانتهاك الحقوق:
رغم بعض الجوانب الإيجابية في تغيرات لحقت بالبنية التشريعية في السعودية، إلا أن الممارسات لا تزال تنطوي على أشكال عنف وانتهاكات تحرم النساء من التمتع بحقوقهن. كما أن السلطات تعاقب المناهضين لسياسات التمييز والعاملين في مجالات حقوق الإنسان، وتوظف دعاوى الإصلاح من أجل تجاوز الانتقادات الدولية وتحسين صورة المملكة، وكذلك الحد من تطور التحركات الداخلية التي قد تهدد الاستقرار. كما لا يسري مفعول التشريعات والقرارات، لأسباب عدة، منها: تأثر ممارسات السلطة بالأعراف المجتمعية، وشيوع أشكال من التمييز الطبقي والمجتمعي إلى جانب التمييز على أساس النوع. وتمارس السلطات القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وتوجه لهم تهم الإرهاب والاتصال بجهات خارجية، بينما في الوقت ذاته تكرر دعايتها حول احترام منظومة حقوق الإنسان والانفتاح على العالم وإصلاح أوضاع النساء، وهذه التناقضات هي جزء من معضلة النظام السعودي المتمثلة في “دعاية مكثفة حول الإصلاح والحرية وقمع متواصل للمدافعين عن حقوق الإنسان وبينهم النساء”. [1] https://cpj.org/ar/2018/05/post-517/ اعتقال المدونة السعودية إيمان آل نفجان
شارك: