كثيرا ما يتم تسليع المرأة في الخطابات الدينية، بجعلها أداة للجنس والخدمة للرجل تحت مسميات وعناوين مختلفة، فتارة بعنوان حُسن التبعّل أي أن تكون نعم الزوجة من ناحية المظهر والخدمة ليرضى عليها كي تنال الدرجات العليا في الجنة.
وتارة بكونها إنسانة عاطفية ومخلوقة من ضلع أعوج فتُمتدح بدموعها وضعفها وأفضلية موقع لها هو قلب الرجل لتكون محمية بمادة خلقها وهي أضلاعه.
وتارة تحفيزها بتخفيض مواصفات الرجل الذي يتقدم لخطبتها وترخيص مهرها فقط للحصول على زوج لكونها في منافسة مع نظيراتها من نساء المناطق العربية والإسلامية المجاورة.
عديدة هي التناقضات التي تحيط بمجتمعاتنا فيما يتعلق بالمرأة، فمنطقة الخليج من الدول التي أنعم الله عليها بالثروات وأصبحت من الدول الأعلى دخلا، فتستثمر الحكومات فيها الملايين لتعليم النساء وتمكينهن من إحراز الشهادات والمراكز العليا، ومن الطبيعي أن تنال الفتيات امتيازات لم تحظَ بها مثيلاتهن من الدول الأخرى، وأدى ذلك أن ترفع الفتاة من سقف طموحاتها بمواصفات زوج المستقبل ليكونا متقاربين اجتماعيا واقتصاديا.
ومن جانب آخر يقيّد الموروث الثقافي هذه النهضة بعدم الثقة في إمكانياتها –المرأة– وحصر أدوارها الوظيفية والحياتية في التدريس والطب والزواج والتربية، فيدعوها لقبول أي خاطب حتى لو لم يكن في مستوى طموحها.
موروث ثقافي ذكوري جعل من الرجل محورا للكون، ليكون هو مبتغى كل النساء ورضاهن من رضاه، وقد بلغ البعض من التطاول بإطلاق أوصاف معيبة بنساء الخليج كونهن أقل درجة جمالية من أخريات أكثر جمالا وأقل دخلا وتعليما ليكنّ خارج تلك المنافسة، فيكفي أنه هو الرجل وإن كان تعليمه أو مظهره أو دخله متواضعين، بينما على المرأة أن ترقى بالمواصفات والمعايير الجمالية بما يتناسب وقبول ذائقته، فتتخلى عن أحلامها لتنال شرف الزواج منه.
الزواج هو سنة الحياة وضرورة اجتماعية وعاطفية ودينية، ونجاح هذه العلاقة يتطلب توازنا بين تلك الضروريات، فمن المعيب الحط من قدر المرأة وكرامتها الإنسانية وتحجيم مكانتها بمقياس المسطرة والميزان واللون، وإغفال ما نالته من رعاية وتعليم وعلو قدر من أسرتها في تربيتها لتكون مكافأتها بإقصائها من قائمة “الزوجة المناسبة”.