نظام المعاش المبكر تمييز ضد المرأة وإهدار لحقوقها
اعداد بواسطة:
سياسات الخصخصة ضربة لطموح المرأة العاملة
أصبح عمل المرأة في السنوات الأخيرة أمرًا واقعًا وملموسًا بفعل الظروف الاقتصادية. مع التأكيد على حق المرأة في العمل. فهناك ٢٥% من الأسر المصرية تعولها النساء، فضلاً عن أن غلاء المعيشة وتدني الأجور جعل من الصعب اعتماد الأسرة على مصدر دخل واحد.
الخطأ الفادح
والسؤال الذي يطرح نفسه ويحتاج لبحث متعمق للإجابة عنه هو ما إذا كان المعاش المبكر اختياريًا أم إجباريًا. ويحاول طلال شكر عضو اللجنة النقابية بشركة النصر للتليفزيون، وهي الشركة الأولى التي سيطبق عليها النظام الجديد للمعاش المبكر، الإجابة عن هذا السوال، حيث يرى أن 90% من السيدات خرجن بنظام المعاش المعاش المبكر رغم أنوفهن، فهذه النسبة من السيدات كن يرغبن في البقاء والاستمرار في العمل باعتبار أنه قيمة في حد ذاته. ويضيف طلال شكر أن النساء شريكات في نفقات الأسرة وداخلهن مهم وحيوي ولكن المعروض عليهن في حالة عدم الخروج والقبول بالمعاش المبكر هو الانتقال إلى شركات أخرى والقيام بأعمال ليس لها أي علاقة بأعمالهن الأصلية. والأمر لا يعدو عرضًا شكليًا، فليس أمامهن إلا طريق واحد وليس لديهن اختيار.
ويوضح شكر أن هذا النظام تمييز ضد النساء منذ بداية تطبيقه حيث دفع النساء للخروج للمعاش المبكر، ضد النساء ولا تحصل السيدات علي المكافأة نفسها التي يحصل عليها الرجال. ويرى أن الدولة ارتكبت خطأ فادحًا بتخلصها من الاستثمارات العامة والإلقاء بهذه الخبرات إلى الشارع، حيث نهر البطالة العريض في الوقت الذي يتعنت فيه القطاع الخاص مع النساء حيث يرفض تعيينهن وبهدر حقوقهن إن تم تعيينهن.
المعاش المبكر إجباري
العاملات يؤكدن: الظروف والقوانين تدفعنا بقوة نحو المعاش المبكر
وتؤكد هذا الكلام رضا عبد الفتاح حاصلة على دبلوم صنایع قسم إلكترونيات وكانت تعمل بشركة النصر للتليفزيون الجاري تصفيتها حاليًا، وتشير إلى أنها اضطرت للخروج للمعاش المبكر بعد قرار تصفية الشركة نظرًا لأن الشركات المطروحة تبعد تمامًا عن محل إقامتها، بالإضافة إلى أنها تعمل في مجال عمل مختلف تمامًا عن طبيعة عملها، وتقول لم أفكر يومًا ما في الخروج للمعاش المبكر إلا أن الظروف هي التي اضطرتني ودفعتي لذلك، فالعمل بالنسبة لى يمثل حياة فهذا النظام الذي نرفضه من حيث المبدأ، يميز ضد النساء حيث يعطى في النهاية للرجل حقوقًا أكثر من النساء على الرغم من أن القوانين تؤكد على المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات. ولكننا لم نستسلم لهذه التفرقة وكتبنا مذكرة للمطالبة بمساواة المرأة بالرجل، فهذا النظام لا ينظر نظرة موضوعية لحقوق النساء، وليس كما يقولون “أن المعاش المبكر اختياري فالمعاش المبكر إجباري… إجباري لأنه ليس أمامنا بديل. بينما تستكمل زميلتها سهام محمد التي ظلت في العمل لمدة ٢٤ سنة خدمة، والتي تؤكد هي الأخرى أنها مجبرة على الخروج للمعاش المبكر فهي لا تعرف المصير الذي ينتظرها إذا لم تخرج خاصة أنه جار تصفية الشركة وأن الشركات الأخرى غير مناسبة، بالاضافة إلى أن وضعها على حد قولها على كف عفريت وغير مستقر، كما أن الامتيازات في هذه الشركات أقل بكثير عما كُّن يتمتعن به من امتيازات، وتشير سهام إلى أنها كامرأة لا تفضل البقاء في المنزل بينما تفضل الاستمرار في العمل لأنه يعطيها خبرات كثيرة سواء في العمل أو الحياة فبالرغم من كل متاعب العمل والمشكلات اليومية التي تواجه النساء وصعوبة وسائل المواصلات إلا أنها تجد متعة في العمل. أما عن سوسن حسين والتي ظلت في الشركة لمدة ٢٦ سنة وكانت تعمل في قطاع الإلكترونيات بشركة النصر للتليفزيون، فهي تقول “إن تصفية الشركة كانت سببًا رئيسيًا وراء خروجي للمعاش المبكر، حيث من الصعب تغيير طبيعة العمل والانتقال لمكان آخر بامتيازات أقل“.
كما تشير سوسن إلى أن هذا القانون غير دستوري وينتقص من حقوق النساء على الرغم من أنهن يؤدين عملهن على أكمل وجه مثلهن مثل الرجال، بيد أن سن المعاش للنساء 45 عامًا والرجل 50 عامًا يعطى للرجال نسبة أكبر في المكافأة التعويضية ويهدر آلاف الجنيهات التي يجب تحصل عليها النساء العاملات حيث إن الواجبات الملقاة على عاتق الرجال هي نفسها الملقاة على عاتق النساء وأنا أرى أن المعاش المبكر إرهاب وليس اختيارًا.
بالغ الصعوبة
وتقول صفاء مصطفى إنها خرجت للمعاش المبكر خوفًا من تدهور أحوال الشركة التي كانت تعمل بها، خاصة أنهم يقولون إنها تحقق مكاسب وكانوا ينوون تصفيتها، وكما يقولون عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة خاصة وأن الانتقال الى عمل يختلف تمامًا عن تخصصي أمر بالغ الصعوبة، فعلى الرغم من أن هذا النظام يقلل من حقوق النساء لكنه الحل الوحيد بالنسبة لي مع العلم أن النساء يؤدين عملهن أفضل من الرجال خاصةً وأن قطاعًا مثل قطاع الإلكترونيات يعتمد على النساء لأنهن ينتجن أكثر من الرجال في هذه الأعمال.
وترى شادية فوزي أن هذا النظام سيئ للغاية حيث إنها لم تستكمل سنوات الخدمة وتقل عن 19 سنة خدمة، ومعاشها هزيل – حوالي مائة جنيه – بعدما كانت تحصل على راتب معقول وحوافز وأرباح، كما تضيف أن هذا النظام الظالم والذي يفرق بين الرجال والنساء يجب أن يعدل بحيث يعطى النساء حقوقهن: لأنهن يقمن بالإنفاق على مثلهن البيت مثل الرجال فضلاً عن أن النساء لا يشعرن بكيانهن وقيمتهن بعدما يفقدن وظيفتهن، فمعظم النساء يفضلن العمل ويرغبن في الاستقرار إلا أن الظروف المحيطة وظروف العمل والتحولات الاقتصادية الحادثة في المجتمع هي التي تجبر النساء وتدفعهن للخروج للمعاش المبكر والنساء تحديدًا.
وتعلق هالة عبد القادر مديرة المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة على هذا النظام المعيب من وجهة نظرها والذي يأتي ضمن سلسلة التمييز ضد النساء في القوانين، ويأتي هذا الجانب من النظام ليؤكد أن المجتمع لا يعتبر النساء كائنًا فاعلاً في المجتمع، كما يعتبرون أن النساء دورهن هامشي ولا يساهمن بشكل فاعل في الدخل القومي ونفقات الأسرة، وبالتالي عندما يوضع نظام أو قانون نجد فيه تمييزًا واضحًا وصريحًا ضد النساء، ونحن نجاهد بالفعل لإزالة كل هذه الأشكال من التمييز، لأنه لم يعد يواكب العصر الذي نعيشه كما لا يتناسب مع الدور الذي تؤديه النساء اللاتي يعتبرن فاعلات في المجتمع والأسرة بل دورهن أساسي في الأسرة، والتقارير تشير الى أن ٣٢% من الأسر تعولها النساء. كما أن 68% من النساء شريك أساسي في الأسرة وتساهم في الإنفاق ورعاية الأسرة، فلا يمكن أن ينظر المجتمع للنساء هذه النظرة الدونية فهي شريك حقيقي للرجل في هذا المجتمع بل وعنصر فاعل. ونحن من خلال المؤسسة نحاول تنقية جميع القوانين التي تميز ضد النساء بما يعوق تنمية الأسرة. ومن ثم تنمية المجتمع، ونحاول الدفع نحو إعادة النظر في المنظومة التشريعية التي تميز ضد النساء والتي تحول دون تمكين النساء وخاصة في الجانب الاقتصادي وتستكمل ميرفت أبو تيج رئيس مجلس إدارة جمعية “أمي لحقوق الانسان” والتي تؤكد أن هذا تمييز واضح وصريح، حيث أن القانون والدستور لم يحرمها من حقها في أن تتساوى مكأفاتها مع مكافأة الرجل وهذا أمر مخالف للدستور إلى ساوى بين الرجل والمرأة، وبالتالي إذا أقر نظام حتى ولو كان اختياريًا يجب أن يساوي بين الرجال والنساء والذي يمكن أن يعيد الحق للنساء في هذا النظام غير الدستوري هو أن تتقدم إحدى العاملات بالطعن على هذا النظام وتطالب بحقها في المكافأة التي تتساوى مع الرجل لأن هذا تمييز للقانون ويخالف الدستور المبني على مبدأ المساواة.
فهل نتقدم بمساندة المنظمات الحقوقية والنسائية لمواجهة ما تتعرض له النساء من تمييز في ما خرج علينا باسم المعاش المبكر؟