في بلاد يغتال فيها المفكرون ويكفر الكُتاب وتحرق الكتب، في مجتمعات ترفض الآخر وتفرض الصمت على الأفواه والحجر على الأفكار وتكفر أي سؤال، كان لابد أن أستأذنكم أن تسمحوا لي ..
فهل تسمحون لي أن أربي أطفالي كما أريد، وألا تملوا علي أهواءكم وأوامركم؟ هل تسمحون لي أن أعلم أطفالي أن الدين لله أولاً، وليس للمشايخ والفقهاء والناس؟
هل تسمحون لي أن أعلم صغيرتي أن الدين هو أخلاق وأدب وتهذيب وأمانة وصدق، قبل أن أعلمها بأي قدم تدخل الحمام وبأي يد تأكل؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابنتي أن الله محبة، وأنها تستطيع أن تحاوره وتسأله ما تشاء، بعيدا عن تعاليم أي أحد؟
هل تسمحون لي ألا أذكر عذاب القبر لأولادي الذين لم يعرفوا ما هو الموت بعد؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابنتي أصول الدين وأدبه وأخلاقه قبل أن أفرض عليها الحجاب؟
هل تسمحون لي أن أقول لابني الشاب أن إيذاء الناس وتحقيرهم لجنسيتهم ولونهم ودينهم هو ذنب كبير عند الله؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابني أن الاقتداء بالرسول الكريم يبدأ بنزاهته وأمانته وصدقه، قبل لحيته وقصر ثوبه؟
هل تسمحون لي أن أقول لابنتي أن صديقتها المسيحية ليست كافرة، وألا تبكي خوفا عليها من دخول النار؟
هل تسمحون لي أن أجاهر، أن الله لم يوكل أحدا في الأرض بعد الرسول لأن يتحدث باسمه، ولم يخول أحدا بمنح“صكوك الغفران” للناس؟
هل تسمحون لي أن أقول، أن الله حرم قتل النفس البشرية، وأن من قتل نفسا بغير حق كأنما قتل الناس جميعا، وأنه لا يحق المسلم أن يروع مسلما؟
هل تسمحون لي أن أعلم أولادي أن الله أكبر وأعدل وأرحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟ وأن مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين، وأن حساباته أحن وأرحم؟
هل تسمحون لي؟
تزار قباني