هل توجد طريقة بحث نسوية؟ *
أثارت التساؤلات النسوية عبر العقدين الماضيين طعونًا أساسية في الطرق التي استخدمتها العلوم الاجتماعية لتحليل النساء، والرجال، والحياة الاجتماعية. وقد تداخلت القضايا التي تتناول طرق البحث (Methods) ومناهجه (methodologies) ونظرية المعرفة (epistemology) مع النقاشات التي جرت حول أفضل السبل لتصحيح التفسيرات المحدودة والمحرفة في التحليلات التقليدية.
هل توجد طريقة نسوية مميزة لطرح التساؤلات؟ وكيف يطعن منهج البحث النسوي في مناهج البحث التقليدية (أو يكملها)؟ وعلى أي أساس يمكن أن ندافع عل مزاعم وإجراءات الباحثات النسويات والباحثين النسويين؟
لقد تولد عن مثل هذه الأسئلة مسائل خلافية مهمة داخل النظرية والسياسات النسوية، كما تولد عنها فضول وتوقعات في الخطابات التقليدية.
وكان السؤال الأول هو أكثر هذه الأسئلة تواترًا على ألسنة السائلات والسائلين، ألا وهو: هل توجد طريقة نسوية مميزة للبحث؟ وقد كان من الصعوبة التوصل إلى تركيز واضح على نوع الإجابة التي ينبغي أن نسعى إليها عن هذا السؤال. وفكرتي هي أن أجادل ضد فكرة وجود طريقة نسوية مميزة في إجراء البحوث، وذلك على أساس أن الانشغال المسبق بطريقة البحث يضفي غموضًا على جانب كان أهم جوانب البحوث النسوية. كما أني أعتقد حقًا أن ما يعطي دافعًا لمعظم صياغات مسألة طرق البحث، وما تعبر عنه معظم هذه الصياغات همّ مختلف، ألا وهو: ما الذي يجعل بعضًا من أهم أبحاث العلوم البيولوجية والعلوم الاجتماعية المؤثرة التي استلهمت النسوية في السنوات الأخيرة بمثل هذه القوة؟
سأحاول أولاً أن أفك اشتباك خيوط بعض القضايا عن طرق ومناهج البحث ونظرية المعرفة، ثم أقدم بعد ذلك عرضًا موجزًا للمشكلات التي تكتنف الفكر الذي يحاول “إضافة النساء” إلى التحليلات الراهنة الموجودة في العلوم الاجتماعية (أو تقديم مقدمة عنها، وذلك حسب نوع القارئ /القارئة) وهل يحب فعل كل هذا استجابة للنقد النسوي. وأخيرًا, سأجذب انتباه القراء والقارئات إلى ثلاث سمات مميزة محددة لهذه الأنواع من التحليلات النسوية التي تتجاوز النُهُج التي تعمل عن طريق الإضافة. وسأحاول أن أوضح لماذا لا ينبغي علينا أن نختار التفكير فيها كطرق للبحث، ورغم أنه من الواضح أن لها آثارًا مهمة على تقييماتنا للبحوث.
من أحد أسباب صعوبة إيجاد إجابة مُرضِية على الأسئلة المثارة حول وجود طريقة بحث نسوية متميزة أن النقاشات حول طرق البحث (تقنيات جمع الشواهد) ومناهج البحث (النظرية والتحليل لكيف ينبغي أن يسير البحث قدمًا) قد تداخلت مع بعضها البعض ومع قضايا نظرية المعرفة (القضايا المتعلقة بنظرية مُرضية للمعرفة أو استراتيجية تبرير مُرضية) في كل من الخطابين التقليدي والنسوي، أن هذا الادعاء معقد، وسوف ننقي مكوناته وننظمها، لكن الفكرة هنا هي أن مصطلح “طريقة البحث” كثيرًا ما يستخدم للإشارة إلى جوانب البحث الثلاثة كلها. وبناء على ذلك، ليس من الواضح ما الذي يفترض أن يبحث عنه الشخص الذي يحاول تحديد معالم “طريقة بحث نسوية“. وقد سمح عدم الوضوح هذا للنقاد بتجنب مواجهة القبول بما يميز أفضل التحقيقات الاجتماعية النسوية، كما جعل من الصعب التعرف على ما ينبغي لنا عمله لتحقيق التقدم البحوث النسوية.
إن طريقة البحث عبارة عن تقنية لجمع الشواهد (أو طريقة للمضي قدمًا في جمعها). ويمكننا أن نذهب على نحو معقول إلى أن كل تقنيات جمع الشواهد تقع في إحدى هذه الفئات الثلاث: الاستماع إلى الإخباريين (أو استجوابهم)، أو ملاحظة السلوك، أو فحص البقايا والسجلات التاريخية. وبهذا المعنى لا يوجد إلا ثلاث طرق للبحث الاجتماعي. وكما توضح هذه المجموعة من المقالات، تستخدم الباحثات النسويات (والباحثون النسويون) أيًا من الطرق التي استخدمها الباحثون المتمحورون حول الذكور (أو كلها)، ونعني هنا الطرق بالمعنى الملموس للكلمة وبالطبع كثيرًا ما تتباين سبل تنفيذهن لهذه الطرق في جمع الشواهد تباينًا يلفت الأنظار. فهن ينصتن جيدًا مثلاً لمعتقدات الإخباريات من النساء عن حياتهن وحياة الرجال، ويستمعن بأذن نقدية لكيفية إدراك علماء الاجتماع التقليديين لحياة النساء والرجال، وهن يلاحظن سلوكيات النساء والرجال التي لم يعرها علماء الاجتماع التقليديين اهتمامًا، ويبحث في البيانات التاريخية عن أمثلة للنماذج التي عرفت حديثًا.
وهذه الحالات تجمع بين أقل وأكثر قدر من الريب عن طرق البحث الجديدة. “الأقل” حيث تبدو أنها تقدم وحدة بالمعنى الزائف بين كل “الأشياء الصغيرة” المختلفة التي تفعلها الباحثات النسويات (والباحثون النسويون) بالطرق المألوفة ليجعلن هذه الأشياء تفهم على أنها “طرق بحث نسوية جديدة“. لكن “الأكثر” أنها مناهج بحث جديدة ونظريات معرفة جديدة تتطلب هذه الاستخدامات الجديدة لتقنيات البحث المألوفة. فإذا كان المقصود بمصطلح “طريقة البحث” هذا المعنى المجرد تمامًا المصطلح، فإن من شأن هذا أن لا يقدر التحولات التي تتطلبها التحليلات النسوية لتجسيد هذه الاستخدامات الجديدة من حيث اكتشاف طرق البحث المميزة فحسب حق قدرها.
إنها لمشكلة أن علماء الاجتماع يميلون إلى التفكير في قضايا مناهج البحث أساسًا من حيث طرق البحث (مثلاً، من حيث “مقررات طرق البحث” في علم النفس، والاجتماع، الخ). أي أنهم حين يتحدثون عن التقنيات الملموسة لجمع الشواهد يثيرون أساسًا قضايا تعلق بمناهج البحث، ولاشك أن هذه العادة هي التي تغري علماء الاجتماع بالبحث عن طريقة فريدة للبحث كتفسير لما يوجد في التحليلات النسوية من سبل غير معتادة. من جهة أخرى، إنها لمشكلة أيضًا أن الفلاسفة يستخدمون مصطلحًا مثل “طريقة البحث العلمية” و“طرق البحث العلمي” حين يشيرون حقًا إلى قضايا البحث العلمي ونظرية المعرفة. وهم أيضًا يجدون إغراء في السعي إلى كل ما هو فريد في البحوث النسوية في “طريقة البحث” الجديدة“.
إن منهج البحث نظرية وتحليل لكيفية تقدم العمل في البحث أو كيف ينبغي له أن يتقدم؛ وهو يشمل تعليلات لكيف “تجد البنية العامة للنظرية تطبيقًا لها في فروع علمية بعينها“.1 كما يشمل على سبيل المثال النقاشات التي تجري عن: كيفية وجوب تطبيق الذرائعية (أو الاقتصاد السياسي الماركسي، أو الظاهراتية) أو كيف تطبق فعلاً تحليلات مجال مناهج البحث في مجالات بحث معينة 2.
وقد ذهبت الباحثات النسويات ( والباحثون النسويون) إلى أن النظريات التقليدية قد طبقت بطرق تجعل من الصعب فهم مشاركة النساء في الحياة الاجتماعية, وفهم أنشطة الرجال بصفتها أنشطة تخص نوعًا معينًا (مقابل فهمها كأنشطة تمثل“الجنس البشري“). وقد أنتجن (وأنتجوا) نسخًا نسوية من النظريات التقليدية. وهكذا يمكننا أن نجد الآن أمثلة لمناهج بحث نسوية في المناقشات التي تجري عن كيف يمكن استخدام النُهُج الظاهراتية لنبدأ فهم عوالم النساء، أو كيف يمكن استخدام الاقتصاد السياسي الماركسي لتفسير أسباب استمرار استغلال النساء في الأسرة أو في العمل المأجور3. لكن هذه الجهود – التي تكون أحيانًا جهودًا بطولية – تثير أسئلة عما إذا كان التطبيق النسوي لتلك النظريات يمكن أن ينجح في إنتاج تفسيرات مكتملة وغير محرفة للنوع وأنشطة النساء. كما أنها تثير أيضًا قضايا معرفية.
أما نظرية المعرفة فهي نظرية عن المعرفة. إنها تجيب عن الأسئلة التي تتناول من هو “العارف” (هل يمكن أن تكون النساء عارفات؟)؛ وما هي الاختبارات التي يحب أن تمر بها المعتقدات ليحق لها أن تكون معرفة (وهل هي فقط الاختبارات التي تمتحن خبرات الرجال وملاحظاتهم؟)؛ وما هي أنواع الأشياء التي يمكن معرفتها (هل يمكن أن تعتبر “الحقائق الذاتية” معرفة؟)، وهلم جرا. إن علماء اجتماع المعرفة يميزون نظريات المعرفة بأنها استراتيجيات لتبرير المعتقدات، فالاستعانة بسلطة الرب أو العرف أو التقاليد، أو “الحسن العام السليم“، أو الملاحظة، أو العقل، أو السلطة الذكورية كلها أمثلة لاستراتيجيات تبرير مألوفة. وقد ذهبت النسويات (والنسويون) إلى أن نظريات المعرفة التقليدية قد استبعدت على نحو نظامي إمكانية أن تكون النساء “عارفات” أو “وكيلات للمعرفة“، وقد حدث هذا الاستبعاد سواء عن قصد أو عن غير قصد، ويزعمن (ويزعمون) أن صوت العلم صوت ذكوري؛ وأن التاريخ قد كتب من وجهة نظر الرجال فحسب (رجال الطبقة السائدة والعرق السائد)، وأن الفاعل في الجملة الاجتماعية التقليدية يفترض دائمًا أنه رجل. وقد اقترحن (واقترحوا) نظريات معرفة بديلة تبرر أن تكون النساء عارفات 4 . ويمكن أن نجد أمثلة لهذه الادعاءات والنقاشات الفكرية النسوية في المقالات التي ستلي [هذه المقدمة]. وكثيرًا ما يشار إلى هذه القضايا أيضًا على أنها قضايا عن طرق البحث. ومن المؤكد أن للقضايا المعرفية آثارًا على كيفية تطبيق الهياكل النظرية العامة وكيف ينبغي أن تطبق في مجالات معينة من مجالات المعرفة ومن أجل اختيار طرق البحث. لكني أعتقد أن الإشارة إلى تلك القضايا أيضًا بوصفها قضايا حول طرق البحث أمر مضلل وباعث على الارتباك. 5
وتلخيصًا لما سبق، توجد روابط بين نظريات المعرفة، ومناهج البحث، وطرق البحث لكني أذهب إلى أننا لن نتمكن من تحديد المعالم المميزة لأفضل ما في البحوث النسوية عن طريق النظر إلى طريقة البحث التي اتبعتها. وسنرى لاحقًا أن محاولات “إضافة النساء” إلى التحليلات التقليدية لن تجعلنا نعثر أيضًا على هذا التميز.
نحتاج لكي نمسك بزمام أعماق واتساع مدى التحولات المطلوبة في العلوم الاجتماعية كي نفهم النوع أنشطة النساء إلى التعرف على أوجه القصور التي تكتنف معظم السبل الواضحة التي يمكننا أن نحاول أن نسلكها لتقويم اعوجاج ما في التحليلات التقليدية من نزعة التمركز حول الذكور. وقد حاولت الباحثات النسويات (والباحثون النسويون) أو لا “إضافة النساء” إلى هذه التحليلات. وقد وُجدَت ثلاثة أصناف من النساء تبدو مرشحة بوضوح لهذه العملية: عالمات الاجتماع، والنساء اللاتي أسهم في الحياة العامة التي كانت عالمات الاجتماع بصدد دراستها بالفعل، والنساء اللاتي كن ضحايا لأشد أشكال السيادة الذكورية بشاعة.
في أول هذه المشروعات، كان الباحثون قد بدأوا في استعادة أعمال النساء العاملات بالبحث والتنظير وتقديرها، فكثيرًا ما تعرضت أبحاث النساء ودراساتهن للتجاهل، والانتقاص من قدرها، أو انتحالها دون الإقرار بالفضل لصاحباتها – وهو ما كان ممن انتحلوها ليقدمونها إلي صاحب العمل، لو كان رجلاً – ومن أشهر هذه الأمثلة سيئة السمعة على الحط من قيمة الأبحاث في العلوم الطبيعية بسبب التعصب ضد جنس الباحثة تلك المعاملة التي لقيها بحث روزالیند فرانكلين من الحمض النووي (DNA) من زملائها الفائزين بجائزة نوبل.6 كم عدد عالمات العلوم الاجتماعية والطبيعية الأخريات اللاتي لن يجدن أبدًا فرصة ليحظين بالتقدير، لأنهن ليس لديهن أي أصدقاء مقربين يمكنهم إعادة عدل الموازين، كما حدث في حالة روزاليند فرانكلين؟
لكن توجد مشكلات عديدة في تخيل أن هذا هو السبيل الوحيد أو الأهم لتخليص العلوم الاجتماعية من التحيز ضد النساء والتمحور حول الذكور. من الواضح أنه ليس على المرء أن يتوقع فهم أدوار النوع والنساء في الحياة الاجتماعية بمجرد العلم بالأعمال الماضية لعالمات الاجتماع، فهؤلاء “النساء الضائعات” مع تحليهن بجلاء البصيرة لم يمكن أن يستفدن في أعمالهن من الفتوح النسوية النظرية الكثيرة التي حدثت في العِقدين الماضيين. كما أن هؤلاء النساء نجحن في دخول عالم استبعد النساء على نطاق واسع من التعليم والتأهيل اللازمين لتكوين علماء الاجتماع. وهكذا كتبن أعمالهن في حدود الضغوط الشديدة التي مورست عليهن لجعل بحوثهن تساير معتقدات رجال عصرهن عن الحياة الاجتماعية. وقد ذهبت كل كاتبات المقالات التي في هذا الكتاب إلى أن هذه الضغوط مازالت شديدة، كما سنرى. لكن مع ذلك، ينبغي ألا نتوقع أن تنتج عن بحوثهن تحليلات قوية من النوع الذي قد يظهر حين تصير أفكار الرجال والنساء جزءًا من ثورة اجتماعية عريضة مثل التي خلقتها حركة النساء. أما ما يظل مدهشًا فهو الشجاعة الفكرية وومضات الألمعية الكثيرة التي تظهر في تفكير عالمات الاجتماع هؤلاء، رغم القيود الاجتماعية، والمهنية، والسياسية التي يواجهنها.7
وقد أولت البحوث الاجتماعية النسوية اهتمامها لشيء آخر، ألا وهو دراسة إسهامات النساء في أنشطة العالم العام التي كانت بالفعل موضع تركيز التحليل في العلوم الاجتماعية. ويمكننا أن نرى الآن أن النساء كان منهن أيضًا المنشئات لثقافة إنسانية متميزة، والمنحرفات والناخبات، والثوريات، والمصلحات الاجتماعيات، وذوات الإنجازات الكبيرة، والعاملات بأجر ، وهلم جرا. لقد وسّعت دراسات مهمة من فهمنا لأدوار النساء في الحياة العامة، سواء تاريخيًا أو في ثقافات أخرى اليوم.
لكن التركيز على دراسة هذه الإسهامات لم يزعزع رسوخ بعض معايير التمحور حول الذكورة، وهي بذلك لم تضمن إلا تحليلات منحازة ومحرفة للأنشطة الاجتماعية للنساء. وهي توحي على نحو زائف بأن الأنشطة التي وجد الرجال أهمية لدراستها هي فقط التي تكون الحياة الاجتماعية وتشكلها. وهذا من شأنه أن يقودنا إلى تجاهل قضايا شديدة الأهمية مثل كيف أدت التغيرات في الممارسات الاجتماعية للإنجاب، والطبيعة الجنسية، والأمومة إلى تشكيل الدولة والاقتصاد وغيرهما من المؤسسات العامة. كما أن البؤرة التي يركز عليها هذا البحث لم تشجعنا على أن نسأل ما الذي كانت تعنيه إسهامات النساء في الحياة العامة للنساء. فمثلاً، لعبت حركة تنظيم النسل التي قادتها مارجاریت سانجار دورًا مهمًا وسيئًا في سياسة تحسين نسل الجنس البشري، لكنها أيضًا أعطت النساء إشارة بأن بمقدورهن التخطيط لحياتهن الإنجابية، وأنهن بهذا المعنى يمكنهن أن يتحكمن بكفاءة في عواقب أنشطتهن الجنسية وينظمنها. لا يرجح أن يلحظ هذا المعنى الثاني لو أن التركيز انصب فقط على إسهامات النساء في “عالم الرجال” . ولنأخذ مثالاً آخر، لقد عملت النساء البيضاوات والسوداوات – كلاهما – ببسالة في الحركات المضادة للعبودية، التي طالبت بحقوق الانتخاب و الاقتراع للسود، والتي وقفت ضد إعدام الاشخاص بلا محاكمة. لكن، ماذا عناه عملهن في تلك الحركات لحياتهن كنساء؟ (لقد تعلمن الحديث في المحافل العامة، والتنظيم السياسي، وشراسة الكراهية التي يكنها الرجال البيض تجاه تعلم النساء كيف يتحدثن وينظمن أنفسهن، وغير ذلك !).8
ويمكن أن تجد نوعًا ثالثًا من أنواع التركيز الجديد للبحوث على النساء في دراسة النساء بوصفهن ضحايا لسيادة الرجال، حيث تأخذ سيادة الرجال أشكالاً كثيرة. وقد قدمت الباحثات (والباحثون) دراسات رائدة عن “الجرائم التي ترتكب ضد النساء“، وخاصة الاغتصاب، وزنا المحارم، والعري، وضرب الزوجات. وقد درسن الأنماط الأعرض للاستغلال الاقتصادي في المؤسسات والتمييز السياسي ضد النساء. كما بحثن أشكال سيادة الذكور التي وقعت النساء الملونات بالذات ضحايا لها في مسائل العبودية، وسياسات الدولة في مجال الإنجاب والرعاية الاجتماعية، وفي تشريعات “الحماية“، وفي الأنشطة النقابية، وغير ذلك من الظروف. 9 إن ظهور الوعي العام بهذا الجانب الخفي القبيح من أحوال النساء قد جعل من المستحيل على المفكرين الجادين الاستمرار في الاعتقاد بحقيقة حدوث تقدم اجتماعي تام في هذه الثقافة أو معظم الثقافات الأخرى. من المعقول أن نجد أن الثقافة المعاصرة تصنف إحصائيًا ضمن أكثر الثقافات بربرية من حيث الإيقاع بالنساء كضحايا.
إن العلوم المختصة بدراسة الضحايا لها أوجه قصورها أيضًا, وهي تميل إلي خلق انطباع زائف بأن النساء كن ضحايا فقط، وأنهن لم ينجحن أبدًا في النضال ذودًا عن أنفسهن، وأن النساء يستحيل أن يصرن ذوات قدرة اجتماعية على الفِعل بالأصالة عن أنفسهن أو بالنيابة عن غيرهن. لكن دراسات عالمات وباحثات نسويات أخريات تقول غير ذلك. لقد قاومت النساء دائمًا سيادة الرجال.
لقد وضحت المشكلات التي تكتنف ثلاثة نُهُج أساسية لدراسة النساء والنوع، وهي نُهُج بدت للوهلة الأولى واعدة. إن كل نَهْج منها قيم في حد ذاته، لكن أكثر أمثلة الدراسات النسوية الجديدة التي لقيت ترحابًا عامًا تشمل تحليلات لـ “هذه الأنواع من النساء” ، كما تذهب إلى ما هو أبعد من هذه المشروعات10. ولنلتفت الآن إلى النظر في ما يميز أفضل هذه البحوث، لأن هذه السمات المميزة يجب أن تقدم معايير واعدة لمميزات التحليلات النسوية أكثر مما تقدمه طرق البحث.
فلنسأل عن تاريخ البحث النسوي سؤالاً من النوع الذي طرحه توماس كوهن عن تاريخ العلم. 11 لقد تساءل: ما هي أغراض فلسفة العلم التي قد يكون تاريخ العلم قد فشل في دعمها بالشواهد؟ ويمكننا أن نسأل: ما الغرض من التوسع في وضع نظرية عن الطبيعة المتميزة للبحث النسوي التي استثنت أفضل الأبحاث النسوية في العلوم الاجتماعية من الوفاء بمعاييرها؟ لقد كان لبعض المقترحات بوضع منهج بحث نسوي هذه العواقب السيئة. فصياغة هذا السؤال توجه السائل إلى محاولة تحديد السمات التي تميز أكثر أمثلة الأبحاث النسوية تنويرًا عن غيرها.
سأقترح ثلاثة من هذه السمات، وأنا لا أقصد أبدًا أن تكون هذه القائمة جامعة مانعة، فلا يمكننا التعرف على هذه السمات إلا بعد أن تنتج الأبحاث أمثلة لها وتثبت أنها مثمرة. ومع استمرار البحث، سنتعرف بالتأكيد على المزيد من السمات المميزة التي من شأنها أن توسع من فهمنا لما يجعل التعليلات النسوية قادرة على التفسير بمثل هذه القوة. لا شك أننا سنراجع أيضًا أوجه فهمنا لأهمية السمات الثلاث التي أنبه لها. وليس عرضي أن أقدم إجابة نهائية على السؤال الذي جعلته عنوانًا لهذا القسم، بل أن أوضح أن هذا النَهج التاريخي يعد أفضل استراتيجية إذا رغبنا في تعليل القوة المميزة للبحث النسوي. إن لهذه السمات عواقب تعود على اختيار مناهج البحث، لكن لا يوجد سبب وجيه يدعونا إلى تسميتها باسم مناهج البحث.
يذهب النقاد إلى أن العلوم الاجتماعية التقليدية لم تبدأ تحليلاتها إلا بخبرات الرجال، بمعنى أنها لم تسأل عن الحياة الاجتماعية إلا أسئلة تبدو إشكالية من داخل الخبرات الاجتماعية التي يتميز بها الرجال (الرجال البورجوازيون الغربيون البيض ليس إلا). وقد اتبعت العلوم الاجتماعية التقليدية بلا وعي “منطق اكتشاف” يمكننا صياغته على النحو التالي: لا تسأل إلا الأسئلة التي يرغب الرجال (البرجوازيون، الغربيون البيض) في إيجاد إجاباتها عن الطبيعة والحياة الاجتماعية. كيف يمكننا “نحن البشر” أن نحقق المزيد من الاستقلال باتخاذ القرار؟ ما السياسة القانونية الملائمة للتعامل مع المغتصبين والنساء المغتصبات بحيث لا تمس المعايير العادية السلوك الجنسي الذكوري؟12 من جهة ما، فإن الكثير من الظواهر التي تبدو إشكالية من منظور الخبرات التي يتميز بها الرجال لا تبدو إشكالية على الإطلاق من منظور خبرات النساء. (فالقضيتان المذكورتان سلفًا مثلاً لا تنشآن بشكل مميز من خبرات النساء). ومن جهة أخرى، تمر النساء بخبرات تشمل الكثير من الظواهر التي يعتقدن أنها ليست بحاجة إلى تفسير. لماذا يعتبر الرجال رعاية الأطفال والأعمال المنزلية كريهة إلى هذا الحد؟ لماذا تميل فرص النساء في الحياة إلى التقلص بالضبط عند اللحظات التي يضعها التاريخ التقليدي كعلامات دالة على أقصى درجات التقدم؟ لماذا يصعب اكتشاف مُثل النساء السود عن كون الشخص امرأة في الدراسات التي تتناول عائلات السود؟ لماذا “تسير” الطبيعة الجنسية للرجال على هذا النحو، وتُعرَّف بعبارات القوة إلى هذه الدرجة؟ لماذا قيل إن المخاطرة بالموت تمثل فعلاً بشريًا مميزًا في حين اعتبرت الولادة مجرد شيء طبيعي؟13. وسرعان ما يكشف التأمل في كيفية تعريف الظواهر الاجتماعية كمشكلات تحتاج إلى التفسير في المقام الأول عن أنه لا توجد مشكلة دون شخص (أو جماعة) يعانون من هذه المشكلة: فالمشكلة تكون دائمًا مشكلة بالنسبة لشخص أو آخر. وسرعان ما سيضع الاعتراف بهذا – وبما يتضمنه من آثار على هيكل المسعى العلمي – النُهُج النسوية في البحث في صراع مع وجود الفهم التقليدي بعدة طرق.
تذهب فلسفة العلم التقليدية إلى أن منشأ المشكلات أو الفروض العلمية لا علاقة له بـ “جودة” نتائج البحث، فلا يهم من أين أتت المشكلة أو الفرض الذي يطرحه الباحث، سواء أتت من حملقته في الكرات البلورية، أم من عبادته للشمس، أم من تأمله للعالم المحيط بنا، أم من نقاش نقدي مع أكثر المفكرين ألمعية، لا تخضع “سياقات الاكتشاف” هذه لأي منطق، رغم محاولات الكثيرين لاكتشاف منطق لها، فـ “سياق المبررات” التي يتم فيه اختبار الفروض هو الذي يجب أن نبحث فيه عن “منطق للسؤال العلمي“. وفي عملية الاختبار هذه لابد أن نبحث عن الفضائل المميزة للعلم” (عن “منهجه“). لكن التحديات النسوية تكشف عن أن الأسئلة التي طرحت – والأهم الأسئلة التي لم تطرح – لها من القدرة على تقرير مدى كفاءة صورتنا الإجمالية ما يضاهي قدرة أي إجابات قد نتمكن من الكشف عنها. إن تعريف ما يحتاج إلى تفسير علمي من مجرد منظور خبرات الرجال البرجوازيين البيض يؤدي إلى أوجه فهم جزئية – بل ومنحرفة – للحياة الاجتماعية. ومن أحد السمات المميزة للبحث النسوي أنه يولد إشكالياته من منظور خبرات النساء، كما يستخدم هذه الخبرات كمؤشرات مهمة تدل على “الواقع” التي يستخدم محكًا لاختبار الفرضيات.
من الجلي أن الاعتراف بأهمية استخدام خبرات النساء كموارد للتحليل الاجتماعي له آثار ضمنية على الهياكل الاجتماعية للتعليم، والمعامل، والصحف، ومجتمعات المتعلمين، وهيئات التمويل، بل وعلى الحياة الاجتماعية عمومًا. ويلزم التأكيد على أن النساء هن اللاتي ينبغي أن نتوقع أنهن قادرات على كشف ماهية خبرات النساء للمرة الأولى. لابد أن يكون للنساء كلمة مساوية في تصميم وإدارة المؤسسات التي تنتج فيها المعرفة وتوزع لأسباب تخص العدالة الاجتماعية، ألا وهي أنه ليس من الإنصاف استبعاد النساء من الاستفادة من ممارسة هذه المساعي التي يستفيد منها الرجال. لكن لابد أن يشاركن أيضًا في هذه المشروعات لأنه لا يمكن إنتاج أوجه فهم لأنفسنا وللعالم من حولنا لا يشوبها نقص أو تحريف في ثقافة تخمد أصوات النساء وتقلل من قيمتها على نحو منتظم.
ولنلحظ أن “خبرات النساء” بصيغة الجمع هي التي تقدم الموارد الجديدة للبحث. وتؤكد هذه الصياغة عدة طرق تختلف بها أفضل التحليلات النسوية عن التحليلات التقليدية، لأننا أدركنا – أولاً – أنه لا يوجد رجل بشكل عام موحد في جميع أنحاء الكون، بل يوجد رجال ونساء مختلفين ومختلفات ثقافيًا، فاختفت حينئذ “المرأة” التي تعد الرفيق السرمدي لـ “الرجل“. ويعني هذا أن النساء يأتين من طبقات، وأعراق، وثقافات مختلفة، بمعنى أن خبرات ورغبات ومصالح النساء والرجال تختلف باختلاف الطبقات، والأعراق، والثقافات.14 وقد أدى هذا ببعض المنظرين إلى اقتراح أننا ينبغي أن نتكلم عن “أنواع أيديولوجياتنا النسوية” بصيغة الجمع لا المفرد، حيث إنه لا توجد مجموعة واحدة من المبادئ أو أوجه الفهم النسوية تتجاوز المبادئ وأوجه الفهم شديدة العمومية التي تتفق عليها النسويات من مختلف الطبقات، والأعراق والثقافات.
لماذا نتوقع أن يختلف الأمر عن هذا؟ فالمبادئ أو أوجه الفهم الموجودة التي يمكن أن يتفق عليها المتحيزون ضد النساء من مختلف الأعراق، والطبقات والثقافات قليلة!
إن خبرات النوع التي لدينا لا تتفاوت فقط عبر الفئات الثقافية، بل كثيرًا ما تكون في صراع مع بعضها البعض أيضًا في خبرة أي فرد على حدة. فخبراتي كأم وأستاذة جامعية كثيرًا ما تكون متناقضة. كثيرًا ما تتحدث العالمات عن تناقضات الهوية بين خبراتهن كنساء وكعالمات. فتكت دوروثي سميث عن “خط الخلل” بين خبرة عالمات العلوم الاجتماعية كعالمات في مجالهن وكنساء.15 فلافتات الهوية التي تختارها النسويات بأنفسهن والتي تتكون من أكثر من كلمة بينها علامة وصل – النسويات السود، والنسويات الاشتراكيات، والنسويات الأمريكيات ذوات الأصول الآسيوية، والنسويات المثليات – تعكس هذا التحدي “لسياسات الهوية” التي أسست الفكر الغربي والحياة العامة، كما أن هذه الهويات المفتتة مصدر غنيّ بالبصيرة النسوية.16
وأخيرًا، نادرًا ما تكون الأسئلة عن احتياجات الجماعات المقهورة من متطلبات ما يسمى بالحقيقة الخالصة. بل هي أسئلة عن كيفية تغيير شروطها، وكيف يتشكل عالمها بفعل قوى تتجاوزها؛ وكيف يمكن كسب أو هزيمة أو تحييد هذه القوى المتكتلة ضد تحررها، أو نموها، أو تطورها؛ وهلم جرا. وبناء على ذلك، تنشأ مشروعات البحوث النسوية أساسًا لا من أي “خبرات قديمة للنساء“، بل من خبرات النساء في نواحي النضال السياسي. (كيت ميلليت وغيرها يذكرننا بأن مخدع النوم والمطبخ مواقع للنضال السياسي بنفس القدر الذي عليه غرف الاجتماعات أو لجان التصويت).17 وقد يكون الأمر أن المرأة منا لا يمكنها فهم نفسها والعالم الاجتماعي إلا من خلال مثل هذا النضال.
إذا بدأنا بطرح الأسئلة عن ما يبدو إشكاليًا من منظور خبرات النساء، فسيقودنا هذا إلى تصميم بحث من أجل النساء، كما يوضح عدد من مؤلفي ومؤلفات هذا الكتاب. أي أن هدف هذه الأسئلة أن تقدم للنساء تفسيرات للظواهر الاجتماعية التي يردنها ويحتجنها، بدلاً من تقديم إجابات على الأسئلة التي لدي وزارات الشئون الاجتماعية، وأصحاب المصانع، والعاملين بالإعلانات والأطباء النفسيين، والمؤسسات الطبية، أو الجهاز القضائي. فالأسئلة التي تدور حول النساء والتي يريد الرجال إجابات لها كانت كلها في الغالب الأعم تنشأ من الرغبة في تهدئة النساء، أو التحكم فيهن، أو استغلالهن، أو التلاعب بهن. لقد كان البحث التقليدي في العلوم الاجتماعية يجرى من أجل الرجال. وفي أفضل البحوث التسوية، لا ينفصل غرض البحث والتحليل عن منشأ مشكلات البحث.
وضع الباحثة / الباحث في نفس المستوى النقدي مثل المادة الظاهرة لموضوع البحث
توجد عدة طرق يمكننا بها أن نحدد سمات المادة المتميزة لموضوع التحليل الاجتماعي النسوي. إن دراسة النساء ليست جديدة، لكن دراستهن من منظور خبراتهن هن أنفسهن بحيث يستطعن فهم أنفسهم والعالم أمر لا يمكن الادعاء بأن له أي تاريخ سابق على الإطلاق. كما أن دراسة النوع أمر جديد أيضًا. أن فكرة عدم تقيد الإنشاء الاجتماعي للذكورة والأنوثة على نحو نظامي إلا إلى حد قليل – هذا إذا تقيد أصلاً– بالتكوين البيولوجي فكرة ظهرت حديثًا. بالإضافة إلى أن البحث النسوي ينضم إلى غيره من النُهُج التي من “الطبقة الدنيا” في إصراره على أهمية أن ندرس أنفسنا وأهمية دراستها بطريقة “الدراسة الموسعة المستمرة” (studying up) لا بطريقة “الدراسة المختصرة المقطعة.” ((studying down, وكثيرًا ما تعاقد أصحاب الأعمال مع باحثين لإجراء دراسات عن كيف يمكن جعل العمال سعداء بحيازة أقل قدر من القوة وتقاضي أضأل مرتب ممكن، وفي نفس الوقت نادرًا ما كان العمال في موقع يسمح لهم بالتعاقد مع باحثين لإجراء دراسات من أي شيء على الإطلاق، ناهيك عن دراسات عن كيف يمكن جعل أصحاب الأعمال سعداء بحيازة أقل قدر من القوة وجني أقل قدر من الأرباح. وبالمثل، لم يكف الأطباء النفسيين عن دراسة ما يعتبرونه السمات الخاصة المميزة لعقلية النساء وسلوكهن، لكن لم يقدر للنساء إلا حديثًا أن يبدأن في دراسة السمات الغربية المميزة لعقلية الأطباء النفسيين وسلوكهم. وإذا أردنا أن نفهم كيف صارت خبراتنا اليومية على ما هي عليه الآن، فمن المعقول أن نفحص مصادر القوة الاجتماعية بعين نقدية.
إن أفضل التحليلات النسوية يتجاوز هذه التجديدات في مادة موضوع البحث بطريقة كبيرة، فهي تصر على أن يوضع الباحث / الباحثة نفسه أو نفسها في نفس المستوى النقدي كالمادة الظاهرة لموضوع البحث، وبذلك يمكن أن تتضمن نتائج البحث إمكانية العودة إلى الفحص المدقق لعملية البحث بأكملها. يعني هذا أن طبقة الباحث / الباحثة نفسيهما، وانتماءهما العرقي، والثقافي، والنوع الذي يعتبران أنهما ينتميان إليه، ومعتقداتهما، وسلوكياتهما لابد أن توضع في إطار الصورة التي يحاولان رسمها ببحثهما. لا يعني هذا حتمية أن ينشغل النصف الأول من أي تقرير مكتوب عن البحث بالبحث عن النفس (مع أن انشغال الباحث/ الباحثة بشيء من البحث عن النفس من حين إلى آخر أمر طيب)! وبدلاً من ذلك، وكما سنرى، كثيرًا ما يخبرنا الباحث / الباحثة بصراحة بنوع جنسهما، وانتمائهما العرقي، والطبقي والثقافي، بل وأحيانًا ما يخبرانا كيف يشك الواحد أو الواحدة منهما بأن هذه الانتماءات قد تدخلت في تشكيل مشروع البحث، رغم كوننا أحرارًا طبعًا في أن نصل إلى أفكار مخالفة عن تأثير وجود الباحث / الباحثة على تحليلهما. وهكذا، لا يظهر لنا الباحثة / الباحث بوصفه صوت سلطة خفية مجهولة، بل كشخص واقعي له / لها تاريخ ورغبات ومصالح خاصة ملموسة.
وهذا الشرط ليس محاولة عابثة “لعمل الطيب” بمعايير نقاد من بنات الخيال من طبقات ، أو أعراق، أو ثقافات (أو نوع جنسي بعينه) غير ما ينتمي إليه الباحث / الباحثة؛ بل هو استجابة للاعتراف بأن المعتقدات الثقافية للباحثين / الباحثات النسويات وسلوكهن / سلوكهم تشكل نتائج تحليلاتهن / تحليلاتهم بقدر لا يقل عن القدر الذي تشكل به هذه المعتقدات والسلوكيات الخاصة بالباحث / الباحثة أبحاث المتحيزين / المتحيزات ضد النساء أو المنحازين / المنحازات للرجال. يلزمنا – إذن– أن نتجنب الموقف “الموضوعي” الذي يحاول أن يبقى المعتقدات والممارسات الثقافية للباحث / الباحثة طي الخفاء، بينما يدفع بمعتقدات وممارسات المبحوثين إلى طاولة العرض. وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن ننتج شروحًا تؤدي للفهم وتفسيرات خالية من التحريف الذي يأتي من معتقدات وسلوكيات علماء الاجتماع أنفسهم / أنفسهن التي لم تتعرض للفحص (أو فيها قدر أقل من مثل هذا التحريف على الأقل). ويمكن صياغة هذه الفكرة بعبارة أخرى، ألا وهي أن معتقدات الباحثين / الباحثات وسلوكياتهن / سلوكياتهم جزء من الشواهد العملية التي تدعم الادعاءات التي تقدمها نتائج البحث (أو تدحضها). وهذا الشاهد يجب أن يتعرض أيضًا للتمحيص المدقق بقدر لا يقل عن ما يتعرض له ما يعرف تقليديًا باسم الشاهد ذي العلاقة بالموضوع. إن إدخال هذا العنصر “الذاتي” في التحليل يزيد في الحقيقة من الحالة الموضوعية للبحث ويقلل من “الأيديولوجية الموضوعية” فيه، تلك التي تخفي هذا النوع من الشواهد عن أنظار الجمهور. وهذا النوع من العلاقة بين الباحث / الباحثة وموضوع البحث يناقش عادة تحت عنوان “وحدة الفاعل والمفعول به في العلوم الاجتماعية” (reflexivity of social sciences). وأنا أشير إليه هنا كمادة جديدة لموضوع البحث لتأكيد القوة غير المعتادة لهذا الشكل من التوصية بالوحدة بين الفاعل والمفعول به. وسيرغب القارئ / القارئة في توجيه سؤال عن ما إذا كان من الممكن أن يوجد هذا الشكل القوي من أشكال الوحدة بين الفاعل والمفعول به في التحليلات التالية وكيف يوجد. كيف يكون هذا البحث موجهًا على نحو غير صريح؟ كيف يمكن له أن يكون قد شكّل بعضًا من مشروعات الأبحاث هذه لكن بشكل أقوى؟
وسألخص حجتي بقولي إن مثل هذه السمات الثلاث – وليس “منهج البحث النسوي” – هي المسئولة عن إنتاج أفضل الأبحاث والدراسات النسوية الجديدة. ويمكن التفكير فيها كسمات منهجية لأنها ترينا كيف نطبق الهيكل العام لنظرية علمية على بحث عن النساء والنوع، كما يمكن أن نعتبرها سمات معرفية لأنها تتضمن نظريات معرفة مختلفة عن نظريات المعرفة التقليدية. ومن الواضح أن القوة التفسيرية الفائقة لنتائج البحث النسوي في العلوم الاجتماعية ترجع إلى الطعون التي استلهمت النسوية والتي وجهت إلى النظريات الكبرى وخلفيات افتراضات البحوث التقليدية في العلوم الاجتماعية.
قبل أن أنهي هذا المقال، أود أن أحذر القارئة / القارئ من شيئين يجب عليهما مقاومة الرغبة في استنتاجهما من هذا التحليل الذي قدمته. فأحيانًا يفترض عن خطأ أن النسوية حين تستخدم خبرات النساء – لا خبرات الرجال كمورد عملي ونظري – تعتنق نوعًا من النسبية. وقد يتخيل الناس عن خطأ أيضا في بعض الأحيان أن الرجال لا يمكنهم تقديم إسهام مهم للبحوث والدراسات النسوية. وهاتان القضيتان يتصل كل منهما بالآخر.
يجب أن نلاحظ أولاً أن خبرات النساء والرجال – في التعليل الذي قدمته سلفًا – لا تمثل دليلين متساويين في الثبات لإنتاج بحث مكتمل في العلوم الاجتماعية لا يشوبه نقص أو تحريف فالبحوث النسوية لا تقول أبدًا إن ادعاءات المتحيزين ضد النساء كجنس مثلاً تبدو متساوية في معقوليتها مع ادعاءات من يناهضون هذا التحيز، بمعنى أنه لا تتساوى معقولية اعتبار النساء عاجزات عن إصدار أحكام أخلاقية رفيعة المستوى (كما كان الرجال يزعمون) مع معقولية اعتبارهن يمارسن نوعًا مختلفًا من الحكم الأخلاقي، لكنه يتساوى في “رفعة مستواه” مع أحكام الرجال (كما تذهب إلى ذلك كارول جيلجان). ويمكن لمن يطلع على التقارير التي تحمل الطعون النسوية في التحليلات الاجتماعية التي ستلي التعرف على ادعاءات إضافية مختلفة لا تعد ولا تحصى متناقضة مع بعضها البعض بشكل مباشر. تذهب الباحثات النسويات (والباحثون النسويون) إلى أن الخبرات الاجتماعية المميزة للنساء والرجال تقدم حججًا مختلفة وإن كانت غير متساوية لادعاءات معرفية تتميز بالثبات. سأستكشف في المقال النهائي الحجج التي تقدمها مختلف نظريات المعرفة النسوية المتعارضة للأسباب التي ينبغي أن تجعلنا جميعًا – الرجال منا والنساء – نفضل خبرات النساء على خبرات الرجال كأسس للادعاءات المعرفية. أما هنا، فكل ما في وسعي أن أضفي ثوب النسبية على النسبية ذاتها؛ أي أنني يمكنني الإشارة إلى السياقات الاجتماعية المحدودة التي يبدو أن النسببة فيها موقف من المعقول تقديمه.
تبدو النسبية تاريخيًا كإمكانية ثقافية، و“كمشكلة“، فقط بالنسبة للجماعات المتسيدة عند الحد الذي يوجه عنده طعن في هيمنة (وعمومية) آرائهم. أما باعتبار النسبية موقفًا ثقافيًا حديثًا, فقد ظهرت في الإدراك المتأخر للأوروبيين في القرن التاسع عشر لأن معتقدات وسلوكيات غير الأوروبيين التي تبدو غريبة لها مبررات أو منطق خاص بها. ربما كانت المعتقدات الغربية التي تحظى بالتفضيل ليست المعتقدات الوحيدة المعقولة 18. والفكرة هنا أن النسبة ليست مشكلة تنشأ في خبرات النساء أو جدول عمل النسويات أو يمكن تبريرها بعبارتهما، بل هي أصلاً رد فعل ينم عن كراهية لجنس النساء في محاولة للحفاظ على مشروعية الادعاءات المتمركزة حول الرجال في مواجهة شواهد مناقضة لها. يذهب النسبيون والنسبيات إلى أنه “ربما … لم تكن آراء الرجال هي الآراء الوحيدة المبررة. فللنساء آرائهن عن الموضوع وللرجال آرائهم. من ذا الذي يقول بموضوعية إن أحدهما أفضل من الآخر؟” إن نظريات المعرفة النسوية التي سنفحصها فيما بعد تقدم رفضًا لا يقبل الحلول الوسط لهذه الطريقة في التصوير الذهني لأوجه الفهم النسوي للمسائل. واتعشم أن يتمكن القارئ / القارئة من إلقاء نظرة سريعة على السبب الذي يدعونا إلى التشكك في الادعاء بأن نتائج البحوث الاجتماعية النسوية تقوم على أسس نسبية.
الاستنتاج الخاطئ الثاني الذي قد يجد البعض إغراء في الخروج به أن الرجال لا يمكنهم تقديم إسهامات مهمة في البحوث والدراسات النسوية. فإذا كان لابد أن تنشأ المشكلات التي يدرسها البحث النسوي من خبرات النساء، وإذا أرادت العلوم الاجتماعية النسوية أن تكون من أجل النساء، وإذا كان يجب وضع الباحث / الباحثة في نفس المستوى النقدي كمادة موضوع البحث (الذي كثيرًا ما يكون عن النساء والنوع)، فكيف يتأتي للرجال أن يجروا أبحاثًا في العلوم الاجتماعية النسوية؟ لقد تزايد جذب هذا السؤال المقلق للانتباء بتزايد الرجال الذين يقومون بالتدريس في برامج دراسات المرأة وإنتاجهم لتحليلات عن النساء والنوع.
فمن جهة، قدم بعض الرجال إسهامات ذات أهمية واضحة في تاريخ الفكر النسوي، مثل جون ستيوارت ميل، وكارل ماركس، وفردريك إنجلز، وهم ليسوا إلا أبرز هؤلاء المفكرين. إن كتاباتهم خلافية بالتأكيد، وهي في أفضل الحالات يعتورها النقص؛ لكن هذا أيضًا شأن كتابات أوضح المفكرات رؤية في الفترات التي عاش فيها هؤلاء المفكرون، أو من تناولن هذا الأمر في يومنا الراهن. كما أن الأمر لم يخل أبدًا من نساء مستعدات لإنتاج فكر متحيز ضد النساء وكاره لهن، وقادرات على إنتاجه، وماربل مورجان وفيليس شالفلي ليستا إلا اثنتين من أمثال هؤلاء الكاتبات اللاتي ظهرن حديثًا. ومن الواضح أنه لا القدرة على الإسهام في الفهم النسوي ولا الاستعداد له سمات مرتبطة بجنس أو بآخر!
كما أن بعض المفكرين قد قدموا إسهامات مهمة في حركات تحرير أخرى، في حين لم يكونوا أعضاء في الجماعة التي نادوا بتحريرها. لم يكن ماركس ولا إنجلز من أفراد البروليتاريا، وفي بلدنا [أمريكا] وفي جنوب إفريقيا وغيرها من النظم العنصرية يوجد أشخاص بيض مستعدون للتفكير بطريقة منافية للعنصرية وقادرون على ذلك حقًا، وقد تعرضوا للقتل دون محاكمة، وللنفي، ولمنع نشر كتاباتهم المناهضة للعنصرية. وقد قدم الأغيار في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حججًا للدفاع عن حريات اليهود وعانوا بسبب هذا. من ثم، يبدو من غير المعتاد تاريخيًا أن تستبعد حركة تحرير النساء وحدها من قوائمها بالأمر كل أفراد “جماعة القاهرين” من مصافها.
من جهة أخرى، فالنساء بالتأكيد – مثلهن كمثل أفراد هذه الجماعات الأخرى المعرضة للاستغلال – يملكن من الحكمة ما يجعلهن ينظرن بعين نقدية على وجه الخصوص إلى التحليلات التي ينتجها أفراد جماعة القاهرين. هل استخدموا خبرات النساء على سبيل الاختبار لكفاءة المشكلات، والمفاهيم، والأطروحات، وتصميم البحث، وجمع البيانات وتفسيرها؟ (هل يجب أن تكون “خبرات النساء” التي تنشأ منها إشكاليات البحث النسوي هي نفسها خبرات الباحثة – أو الباحث – نفسيهما؟)، هل يكرس مشروع البحث من أجل النساء لا من أجل الرجال والمؤسسات التي يحكمونها؟، هل تضع الباحثة (أو الباحث) أو واضعة النظرية نفسها في نفس المستوى النقدي من حيث طبقتها، أو انتمائها العرقي، أو ثقافتها أو حساسيتها لقضايا النوع كما تضع المبحوثات والمبحوثين اللاتي يشكلن موضوع دراستها؟
ما إن نطرح هذه الأسئلة حتى يمكننا أن نرى الكثير من مشروعات البحوث الملائمة بوجه خاص ليقوم بها الرجال المتعاطفين مع النسوية، ألا وهي الفحص النقدي للأبعاد التي تخص النوع في أفكار الرجال وسلوكياتهم، تاريخيًا وعبر الثقافات، وهو ما يسمى في النقد الأدبي “النقد القضيبي“. يمكن للقارئ أن يفحص بنفسه / بنفسها كيف يبدو أن هذا المشروع يلبي متطلبات أنجح البحوث النسوية التي نوقشت سلفًا. (لاحظي / لاحظ أن مطلب “الدراسة الموسعة المستمرة (studying up) سيوجه هذه المشروعات نحو معتقدات وسلوكيات الرجال الذين من نفس طبقة الباحث أو من طبقات أعلى منه؛ ولا ينبغي للرجال ولا للنساء “توجيه اللوم” للطبقات التي تتكون من ناس ليسوا مسئولين عن تصميم مؤسساتنا الاجتماعية ولا عن الحفاظ عليها بسبب ما ترتكبه هذه المؤسسات من خطايا)، كما توجد مناطق من السلوك والفكر الذكوري قد يسهل على الباحثين الذكور الوصول إليها بشكل أفضل من الباحثات الإناث, مثل: المواقع التي تضم الذكور بالدرجة الأولى والتي تستبعد منها النساء على نحو نظامي، كغرف اجتماعات مجالس الإدارة، والمواقع العسكرية، أو حمامات الرجال. يمكن للباحثين أن يجعلوا بعض وجهات النظر النسوية تؤثر في نواح معينة من بعض العلاقات ذات القيمة بطرق مختلفة عما يمكن أن يؤثر به منظور النساء على هذه العلاقات. أنا أفكر هنا في “النقد القضيبي” الذي يمكن للرجال تقديمه عن الصداقات بين الرجال، أو العلاقات بين الآباء والأبناء، أو عن السمات المميزة للصداقات بين النساء، وهلم جر؟ 19
وبالإضافة إلى الفوائد الدراسية أو العلمية التي يمكن أن تعود علينا من مثل هذه الدراسات، فإن هذا النوع من البحث القائم على النقد الذاتي الذي يجريه الرجال يشكل نوعًا من الإسهام السياسي في تحرير النساء لا يمكن أن تنجزه البحوث التي تجريها نساء. وكما يمكن أن يضرب الشجعان من البيض مثلاً بأنفسهم لغيرهم من البيض، ويمكنهم أن يستخدموا القوة الجبارة التي تضفيها المؤسسات العنصرية، حتى على أكثر البيض مناهضة للعنصرية، ليخدموا بها غايات مضادة للعنصرية، يمكن أيضًا للرجال أن يقدموا إسهامًا من نوع مهم – وإن كان مختلفًا – في تحرير النساء. وإذا كانت المؤسسات المتحيزة ضد النساء تدرب الرجال على إعطاء قيمة كبيرة للسلطة الذكورية، فإن بعض الرجال الشجعان يمكنهم استغلال هذا الشر بأن يستخدموا سلطتهم الذكورية لإعادة تنشئة الرجال اجتماعيًا.
توجد حجتان أخيرتان ينبعي اقامتهما لصالح إمكانية وجود علماء اجتماع نسويين. أقترح أن النسويات يجب أن يعتبرن أن من غير الملائم توجيه النقد الباحثين والعلماء الذكور لتجاهلهم للنساء والنوع، والإصرار أيضًا على أنهم غير قادرين على إجراء بحث يفي بالمتطلبات النسوية. كما أنه حيث إن النسويات كثيرًا ما يصرون (وإنى لأذهب إلى أنهن يفعلن هذا عن حق) على أن كل القضايا تعتبر قضايا نسوية، فإنه يبدو غريبًا بعض الشيء أن يأخذن بسياسة تتطلب في تطبيقها العملي أن تنفرد النساء ولا أحد غيرهن بإجراء الأبحاث في العلوم الاجتماعية، بل أن هذا يعد على الأقل خطأ استراتيجيا. 20
والواضح أنه سواء تعلق الأمر بالرجال أم النساء، فإن من لا يناضلون بفعالية ضد الاستغلال الذي تتعرض له النساء في الحياة اليومية لا يرجح أن ينتجوا بحوثًا في العلوم الاجتماعية عن أي موضوع لم يتناوله التحيز ضد النساء والتمركز حول الرجال بالتحريف. وعلى حد قول نانسي هارتسوك، “لابد من النضال من أجل الرؤية المتاحة للجماعة المقهورة وهي تمثل إنجازًا يتطلب الجمع بين العلم (لرؤية ما تحت سطح العلاقات الاجتماعية التي يرغمن جميعًا على المشاركة فيها)، وبين التربية، التي لا يمكن أن تنمو إلا من النضال لتغيير هذه العلاقات“.
وبالرغم من وجود هذه الحجج على وجهة النظر المخالفة، يسهل أن نفهم لماذا تأخذ الكثير من النسويات موقفًا متشككًا نحو ادعاء أي رجل بأنه يجري بحثًا نسويًا أو يقدم تعليلاً كفئًا للنوع أو لأنشطة النساء. من المهم طبعًا عدم تشجيع الرجال على التفكير بأنهم يمكن أن يتولوا البحث النسوي بنفس الطريقة التي يتولون بها كل شيء آخر يصير مهمًا في المجال العام – فلا يستشهدون إلا بباحثين ذكور آخرين، ولا يبذلون إلا أدنى جهد لتخفيف الاستغلال الواقع على زميلاتهم من الباحثات أو على النساء اللاتي في حياتهم اللاتي يمكن أن تجعلهن أعمالهن عرضة للاستغلال، وهلم جرا.
وأنا شخصيًا أفضل الذهاب إلى أن صفة “نسوي” يمكن أن تنطبق على الرجال الذين يفون بأي معايير يجب أن تفي بها النساء للفوز بهذه الصفة. ولكي نعظم من فهمنا للأمور، لابد أن يفي البحث بالمعايير الثلاثة التي ناقشناها سلفًا. والقضية هنا ليست قضية الادعاء بالحق في صفة ما بقدر ما هي قضية شروط لابد من الوفاء بها لإنتاج أنواع من الدراسات الوصفية, والتفسيرات، والفهم الأقل تحيزًا وتحريفًا.
لقد آن أوان فحص ما كان مسئولاً عن توليد بعض من التحليلات الاجتماعية النسوية الجديدة التي تحظى بالترحاب على أوسع نطاق.
Sandra Harding¸ “Introduction: Is There A Feminist Method?” In Sandra Harding (ed.) ¸ Feminism And Methodology: Social Science Issues. Bloomington and Indianapolis: Indiana University Press. 1988¸ pp: 1- 12.
1 انظر/ ي:
Peter Caws, “Scientific Method”, in The Encyclopedia of Philosophy, ed. Paul Edwards (New York: Macmillan, 1967), p. 339.
2 لقد أنجزت مناهج البحث النسوية عملاً بطوليًا حين أظهرت أننا يمكن أن نزيد من أوجه فهمنا للنساء والنوع من خلال التطبيقات الماهرة لما اعتبرت على نطاق واسع نظريات متحيزة ضد النساء مثل نظريات علم الاجتماع. انظر / ي مناقشة دونَّا هاراواي لهذه القضية في مقالها:
Donna Haraway, “Animal Sociology and a Natural Economy of the Body Politic”, pt. 2 in Signs: Journal of Women in Culture and Society 4, no. 1 (1978).
3 تقدم دوروثي سميث، وهايدي هارتمان ونانسي هارتسبوك هذه النقاشات المنهجية صراحة في مقالاتهن التي في هذا الكتاب.
4 المقال التي نختم به هذا الكتاب يفحص نظريات المعرفة النسوية. للاطلاع على مزيد من النقاش لنقاد وناقدات العلم والمعرفة النسوبين انظري / انظر كتابي المعنون:
Sandra Harding, The Science Question in Feminism (thaca, N. Y.: Cornell University Press. 1986)
وانظر/ ي أيضًا كتاب:
Jean O’Barr and Sandra Harding, eds., Sex and Scientific Inquiry (Chicago: University of Chicago Press, 1987).
5 أعتقد أن القراء والقارئات يحاولون التفرقة بين هذه الجوانب الثلاثة للبحث في المقالات التي ستلي هذه المقدمة.
6 انظر/ ي:
James Watson, The Double Helix (New York: New American Library, 1969)
وكذلك كتاب
Anne Sayre, Rosalind Franklin and DNA (New York: Norton, 1975)
كما ناقشت کارولین وود شریف مثل هذه الممارسات في علم النفس في مقالها الذي يوجد في هذا الكتاب.
7 للإطلاع على توثيق الجهود التي بذلتها عالمات الطبيعة والعلوم الاجتماعية في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين انظر/ ي:
Margaret Rossiter, Women Scientists in America: Struggle and Strategies to 1940 (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1982)
8 انظر / ی:
Bettina Aptheker, Women’s Legacy: Essays on Race, Sex and Class in American History (Amherst: University of Massachusetts Press, 1982)
وكذلك كتاب:
Angela Davis, Women, Race and Class (New York: Random House, 1983)
9 يلزم أن نقول أن النساء البيضاوات قد شاركن أيضًا في قهر النساء الملونات بعدة طرق متنوعة.
10 من المدهش أن بيجي ماكنتوش تقدم حكمًا أخشن من حكمي على هذه المداخل إلى الدراسات النسوية, وهي مداخل تقوم على الإضافة، وذلك في ورقة العمل التي قدمتها بعنوان:
“Interactive Phases of Curricular Revision; A Feminist Perspective”, Working paper no., 124 (Wellesley, Mass.: Wellesley College Center for Research on Women, 1983)
11 انظر/ ي:
Thomas S. Kuhn, The Structure of Scientific Revolution. 2 ed. (Chicago: University of Chicago Press, 1970).
12 نوقشت المشكلات الموجودة في هذه “المشكلات الخاصة بالرجال” في المقالات.
13 توجد تحليلات لهذه “المشكلات الخاصة بالنساء” في المقالات التي تلي هذه المقدمة.
14 توضح مقالات جويس أ. لاندار وبوني ثورنتون ديل المنشورة في هذه المجموعة من المقالات هذه النقطة بأكبر قدر ممكن من الإيضاح.
15 انظر/ ي مقال سميث في هذا الكتاب.
16 تناول هذه القضية في مقال:
Sandra Harding, “Epistemological Questions”. In Sandra Harding (ed.). Feminism and Methodology: Social Science Issues. Bloomington and Indianapolis: Indiana University Press, 1988, 181- 190.
17 أنظر / ی:
Kate Millett, Sexual Politics, New York: Doubleday & Co.1969)
18 في بعض الأوضاع يمكن أن تكون النسبية موقفًا فكريًا معقولاً، وذلك حيثما ينتج منظوران متساويان في القوة وغير متنافسين وجهين مختلفين من أوجه الفهم. فمثلاً، قد يكون لفنان وجيولوجي أساسين مختلفين لكن لهما نفس المصداقية يقيمان عليهما ادعاءاتهما حول سلسلة جبال معينة. لكن لأن هذين
الأساسين غير متنافسين على وجه الخصوص، فإن القضية لا تثار أبدًا، فلا أحد يتخيل أن الجيولوجي سيكون لديه أي سبب المعارضة فنان، والعكس بالعكس.
19 نبهني جيرالد توركل إلى أن من أمثلة هذه الدراسات الفصل الذي يتناول الصداقة بين الرجال، وعنوانه:
“Man to Man”, in Michael E. McGill, The McGill Report on male Intimacy (New York: Harper & Row, 1986).
20 وقد يسأل سائل: “فلماذا بعد كل هذا النقاش تخلو هذه المجموعة من مقالات بأقلام رجال؟” لقد اشتملت القائمة الأصلية المطولة للكتاب الذي نشرت فيه هذه المقالة مقالتين بأقلام رجال، إلا أنه تم الاستغناء عنهما مثلما تم الاستغناء عن مقالات في الأنثروبولوجيا، واللغوبات، والسوسيوبيولوجيا النسوية، ومقالات لنساء ملونات عدا الأمريكيات السود، ومقالة في الديموغرافيا، وعلم الاجتماع الفينومونولوجي، والتاريخ الكولونيالي، والإحصاء في علم النفس، وغيرها من المقالات. وقد رأيت أن أتطرق إلى تلك المسألة هنا مع ترك المساحة في الكتاب نفسه للمقالات التي جاء كل منها متماشيًا مع عدد من المعايير المحددة.