هموم امرأة عاملة.

في معرض بحث أحوالِ المرأة العاملة ودراسة أهم المشكلات النوعية التي تواجهها في مجال عملها في الحقل الصناعي، كان هذا الحوار مع إحدى العاملات في مصنعِ الغزل والنسيج بحلوان، والتي قضت في عملها قرابة ٢٥ عامًا، وعندما نعرفُ أنها لم تُكمل الأربعين بعد، مما يعني اشتغالها منذ طفولتها تقريبًا. ويثيرُ هذا الحوار العديد من المشاكل التي يجبُ تناولها تباعًا بالمزيد من المقابلات والبحث والدراسة، لتحتل مكانها الطبيعي ضمن برنامج شامل تكافحُ المرأة العاملة من أجله.

س: بتشتغلي ايه؟

ج: عاملة بقسم البرودريه.

س: عندك كام طفل

ج : خمس أطفال

س: عندكو حضانة

ج: عندنا حضانة، بس أنا مش بودي العيال الحضانة.

س: هي مستواها ايه؟

ج: مستواها كويس.

س: أمال ما بتوديش عيالك فيها ليه؟

ج: مبوديش عيالي علشان بأخرج الصبح بدري، الساعة سبعة إلا ثلث وعلشان آخذهم لازم أصحيهم بدري قوي، كنت بأخذ البنات في الأول لكن لقيت الموضوع متعب قوي.

س: الحضانة بتاخد من سن كام ؟

ج : بتاخد من سن سنتين.

س: طيب واللي سنهم أصغر، أهلهم يعملوا فيهم ايه.

ج : يتصرفوا فيهم!!!

س: هي أجازة الوضع مدتها أد ايه؟

ج: 3 أشهر واللي مخلفه أكثر من ثلاثة يبقى شهر واحد، وأي أجازة تانية تبقى مرضى.

س: في التلات أشهر بتوع أجازة الوضع بتتحاسبي على 8 ساعات والا على 7 ساعات.

ج: لأ على 7 ساعات بس، لأن أي يوم ما بشتغلوش أتحاسب فيه على 7 ساعات، وكمان ما بتحاسبش على أيام الراحة.

س: بكام اشتراك الحضانة؟

ج: كانوا زمان بياخدوا حوالي 50 قرش في الحضانة كرسم للطفل وكانوا بيدولوا الشكولاته اللي كانت بربع جنيه وبيدوا العيل باكوين بسكويت من أبو شلن دلوقتى بقى الرسم اتنين جنيه وبيدوا العيل باكوين بسكويت من أبو شلن. الحضانة اتغيرت كثير وطبعًا دلوقتي لو قالوا حتى أكثر من كده الأمهات راح تدفع لأنها مضطرة تدخل أولادها، لأن مقدمهاش غير كده. كان الأول فيه رعاية صحية كان بيروح دكتور مرتين في الأسبوع يكشف على العيال، دلوقتى مفيش. ولافيش حد بيعترض لأنهم حيعملوا ايه.

س: هل التغيير ده أثر على أنك تودي ولادك الحضانة؟

ج: ده أثر طبعًا، لأن مفيش رعاية صحية ومفيش رعاية غير التليفزيون الملون اللي بيلموا الأطفال حواليه. وكثير يسيبوا الأطفال يعيطوا لغاية ما يناموا .

س: کام طفل في الحضانة ؟

ج : حوالي 100 أو ٢٠٠ طفل.

س: وكام عاملة في المصنع؟

ج: أكثر من 1000 عاملة .

س: كل دول بيعملوا في أطفالهم ايه؟

ج: بيودوا الأطفال بره. كتير بيتحملوا انهم يودوا بره أغلى لأن الأطفال بيتعلموا بره فيه بعض الحضانات بـ ۲۰۰ جنيه في السنة لكن الأولاد بيتعلموا حاجة وبيهتموا بيهم. لكن في حضانة الشركة مفيش رعاية إلا بشكل استثنائی، یعنی لوفيه معرفة.

س: لو فيه لجنة في العاملات بتشرف على الحضانة، هل الوضع ممكن يبقى أفضل؟

ج: مفيش. ازاي يعني، هو أنتي حتشتغلي عليهم ناس تانية.

س: لأ، لكن لو فيه ناس منتخبين مثلاً على هيئة لجنة رقابية، للإشراف على مستوى الرعاية بالحضانة.

ج: مفيش عاملة إنتاج ممكن تلاقي وقت تسيب المكنة وتروح تشوف الحضانة.

س: یعنی ممكن اللجنة النقابية هي اللي تبقى مسؤولة بالمصنع.

ج: هي بس عايزة شوية خدمات. دكتور يمر الأطفال ، مشرفة تهتم بتعليمهم وتربيتهم.

س: ليه بياخدوا في الحضانة من سنتين فقط ؟

ج: علشان ما يبقاش فيه مشكلة غيار، والأطفال تكون متمرنة على أنها تاكل سندويتشات مثلاً.

س: هل اعترضتم على هذا الشرط ؟

ج: عملنا هيصة كتيروناس قالت وناس عيطت، وناس مش قادرة تاخد أجازة سنة بدون مرتب. وناس تعبت خالص، لكن اترفض بشكل قاطع. كان في الأول سنة ونصف وبعدين خلوها سنتين. وكمان أول ما ييجي تشوفه المشرفة إن كان نظيف وبيعرف يتكلم ومريح وأبوه مین!!!

س: یعنی ممكن ترفض أطفال؟

ج: ممكن ترفض الطفل المشاغب أو تطلعه. وممكن تقولك قدمي ولما يفضى مكان حنبعت لك, وحسب الظروف. هم بيسلموا الطفل مريلة من الشركة (غزل ونسيج) ولازم الطفل يروح بالمريلة نظيفة ومكوية. كانوا الأول مريلتين بس دلوقتي خلوها واحدة.

س: وبالنسبة للساعات الإضافية إيه وضعها؟

ج : الست بعد ما تولد، لها سنة ونصف (بما فيهم الثلاث أشهر)، تأخذ فيهم ساعة للرضاعة. یعني تخرج الساعة واحدة من الشغل بدل الساعة ثلاثة. وبيتخصم منها الساعة الإضافي (الـ 8 ساعات) لغاية ما تخلص السنة ونصف. وده طبعًا بيأثر على مستوى الأجر. فيه ستات بترفض الساعة الرضاعة لأنها ما تتحملش إنقاص الأجر. وده طبعًا على حساب رعايتها لطفلها. وفيه عندنا ناس بقالها ٢٥ سنة على المكنة ومفيش ترقية ولما تترقى تبقى درجة سابعة، برضه فئة ثالثة. لو وصلت سن 40 – ٣۹ سنة (لأنهم شغالين وهم عندهم ١٤ سنة أو أقل)، فبعد ٢٥ سنة، لما توصل للسن ده تبقى فئة ثالثة، ما بيزيدش المرتب، ولكن .. المفروض ما تبقاش على مكنة علشان ما متتعبش؛ وفيه لحد دلوقتي بنات بتيجي في سن ١٤ ١٣ سنة، لكن ما تبقاش متثبتة لها تأمينات بس ما دام قبل 16 سنة ما تبقاش متثبتة، وما بيتحسبش لها معاش. لأن القانون ما بيسمحش بتعيين في السن ده. وده من أيام التأميم عبد الناصر، لما خللى مفيش زهورات ومفيش حاجات من دي.

س: أنتي أخذتي أجازة وضع.

ج: لأ، ما اخدتش ولا اجازة وضع، لأن القانون ده اطبق سنة 79 بعد طفلي الرابع وطبعًا ما بقاليش الحق في أجازة وضع.

س: والأولاد دلوقتي في المدارس إيه ظروف المدارس والدروس الخصوصية؟

ج: بنتي الكبيرة في الاعدادية، طبعًا بتاخد دروس في كله. فيه واحدة صاحبتي بنتها بتاخد دروس بـ 40 جنيه في الشهر. وفيه ناس بيدفعوا 56 جنيه في الشهر. حتى اللي بيودوا أولادهم مدارس الفرير (بحلوان) ما بیودهومش علشان المدرسة كويسة، لا برضه بيحتاجوا دروس لكن علشان المدرسة فترة واحدة، لأن الاولاد لو خرجوا من المدرسة وهي في الشغل حيروحوا فين.

س: افرضى سمحوا لك تاخدي إجازة في البيت بنصف مرتب، توافقی؟

ج: لأ ، ما ينفعشي.

س: ليه؟ ما انتي حتاخدي فرصة تربي الأولاد .

ج: ما ينفعشي، والأولاد ياكلوا ويصرفوا منين. احنا بنطالب إن أي ست بتشتغل ٢٥ سنة تطلع معاش كامل. أنا دلوقتي بقالي ٢٥ سنة يوم ما أخرج حأخذ 55% معاش.. طبعًا ما ينفعش.

س: طب إية رأيك لو قالوا الست تقعد في البيت؟

ج: ما ينفعش، يدونا 80% من الأجر معاش، يا إما يضاعفوا الأجر للراجل.. والله هما حرين بأه ..وبعدين لو ضاعفوا له الأجر وطلع ندل وسابني وساب العيالولا راح واتجوز واحدة تانية .. برضه ما ينفعش.

س: هل كان ممكن تشتغلى لو مش محتاجة للفلوس؟

ج: كنت الأول بقول كده .. بس دلوقتى تعبت قوي.. لأني بأروح الشغل وأرجع أطبخ وأغسل وأراعي العيال. يمكن الست اللي قاعدة على مكتب تكون مستريحة أكثر، لكن اللي واقفة على 4 ماكينات نسيج.. توطى لدي.. وتقف لدي. وكمان دلوقني بقوا بيشغلوا الستات ورديات.. مع العيال والبيت صعب.. الحقيقة كنت أحب أريح دلوقتي.. كان نفسي دلوقتي وأنا داخلة على الأربعين إنى أريحيعني هي سنين عمري كلها تعب.

س: إيه مشاكلك أنت كواحدة ست؟

ج: أنا حاسة أني محتاجة أرتاح.. هي دي مشكلتي .. مفروض يريحوني بأه.. أتنقل يعني لشغلة تانية.

س: مشرفة مثلاً..

ج: مثلاً، لكن عندنا مشرفات كثير ومفيش حد بيرضى يطلع. إذا كانت اللي على مكنة مش راضية تطلع .. يبقى المشرفة حتطلع.

س: تعرفي ايه عن الشركات اللي فيها أقل من۱۰۰ عاملة.

ج: أنا أعرف شركة فيها 99 عاملة ومش راضيين يعينوا الـ 100 علشان ما يعملوش حضانة.

س : شركة ايه ؟

ج: 9 للمسبوكات (۹۹ حربي) وكمان سيماف فيها 96 عاملة .

س: لكن رأيك إيه في القانون؟

ج: طبعًا غلط مفروض يعملوا حضانة لأي عدد .

س: طيب ورأيك إيه في أن العمال الرجال مالهمش حضانة ؟

ج: شئ طبيعي لأن الست هي المسؤولة عن الطفل، الرجالو عندنا متمنجهين“.

س: یعني ده مش حق للرجل اللي مراته بتشتغل في مكان مفيهوش حضانة أو اللي ما بتشتغلش.

ج: لأ الست اللي مابتشتغلش ممكن تودي ابنها حضانة وتبهدله .

س: بس علشان الحضانات مستواها سيء .. لكن لو فيه حضانة كويسة.. فيها ملاعب وتعليم للأولاد ونظافة.. الخ .

ج: أودي إبنى من سن 4 شهور طبعًا .. لكن فين.. احنا بنتكلم عن مصر.. مش بلاد بره.

س: طب وايه رأيك في شركة النصر للسيارات، الرجالة هما اللي طلبوا الحضانة مش الستات.

ج: والله كويس.. جدعان .. بس عندنا مش ممكن يعملوها .. الراجل شايف أن العيال مسؤولية الست . ويقول لك لو ودت ابنها الحضانة معايا ..آمال هي حتعمل إيه . تعرفي لو الرجالة أخذوا عيالهم معاهم الحضانة يبقوا حيطردوا الستات من البيت .. حيستغنوا عنهم.. أصل الست بتبقى أصغر منه بـ ۸، ۹ سنين وتلاقيها كبرت وعجزت واتبدلهت وهو متأنتك“.. طبعًا هي بتتعب .. فطبعًا ممكن يستغنى عنها.

إننا نكتفي بتعليق بسيط يتضمنُ نقطتين يربطهما خط واحد، أن المرأة العاملة وفي الطبقات الشعبية بشكل أكثر حدة – تواجه بنوعين من الضغوط.

1 – الضغوط الخاصة بتلاعبات جهات العمل بالمستخدم البسيط، ونذكر هنا على سبيل المثال:

تشغيل العاملات دون السن القانونية، زهورات (بعقود مؤقتة) وما يترتبُ عليه من اقتطاع سنوات الخدمة دون السن القانونية من المعاش.

واذن نرى ضرورةَ منع عمل الفتيات اللاتي لم يبلغن السن القانوني للعمل، نرى أيضًا أن تلك الأوضاع غير الإنسانية التي تدفعُ تلك الفتيات إلى العمل في سن مبكرة لا يحلها سن القوانين أو التطبيق الصارم لها. ولكن بحل تلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي أدت إليها.

عدم تشغيل الحد الأدنى من النساء الذي يجبر صاحب العمل على فتح حضانة لأبناء العاملات. ونحن نندهش لذلك الشرط العددي. كما أننا نرى أن من حقُ العمال الرجال الذين تعمل زوجاتهم مع عدم وجود دور حضانة في أماكن عملهن في الحصولِ على مكان في الحضانةِ لأطفالهم.

التحايل على الحقوق القانونية للمرأة، مثل خصم الساعة الثامنة في حالة حصول المرأة على ساعة الرضاعة، على الرغم من أنها حق مكتسب للعاملين، رغم أنهم لا يعملونها فعلاً وهي ساعة أضيفت كمكسبِ سياسي نتيجةَ لمطالبة العمال برفع أجورهم. بالإضافة إلى خصمِ الحوافز في الوقت الذي تعد فيه الحوافزُ صيغةُ سياسية لرفعِ مستوى الأجور في ظلُ الانخفاض الشديد للأجور، وليست مقابل عمل محدد.

۲ ضغوط خاصة بوضع المرأة كإنسانة.

أن المرأة التي تنتمى إلى الأسر التي يُعتبرُ فيها خروج المرأة للعمل موردًا أساسيًا من موارد الأسرة، مواجهة بمشكلة حقيقية تقفُ أمام قدرتها على العمل بكفاءة، فهناك مشكلة عدم توافر الحضانات الملائمة (من كل الجوانب) لمحدودي الدخل. كما أنها تُحملُ بكل الأعباءالمنزلية في ظل العقلية التقليدية التي ارتبطت بوجود المرأة داخل المنزل فقط، مما يؤدي إلى الإرهاق الشديد للمرأة ويشكلُ عائقًا أمام قدرتها على العمل حتى في ظلُ اقتناعها بضرورةِ هذا العمل.

إيمان المرأة المطلق وتمسكها بقصر تربية الأطفال والأعمال المنزلية عليها باعتبارها حصانة لها من غدر الزوج. مما يؤدي إلى خوفها الدائم من أي تغييرٍ في توزيعِ الأعمال من أجل تحسين أوضاعها ومعاملتها كإنسانةٍ لها حقوق في مقابل ما عليها من واجبات، وكعنصر منتجٍ قادر على الكسب، مثلها في ذلك مثل الرجل.

ويزيدُ من وطأة هذه الضغوط عدم الوعي بدور الحلُ الجماعي كوسيلةٍ لانتزاع مكاسب وبتحسين أوضاعِ المرأة العاملة.

وفي النهاية نقول.. إن تفهمنا لكلُ هذه الظروف لا يستطيعُ أن يمحو المرارةَ المنبعثة من قلب هذه العاملة.

 
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات