العاملون في اقتصاد الـ (Gig).. رقمنة الحقوق الضائعة

تاريخ النشر:

أغسطس 2022

باحث/ة رئيسية:

العاملون في اقتصاد الـ (Gig).. رقمنة الحقوق الضائعة

رئيس المركز: حسین بهجت

رئيس وحدة البحث: أحمد أبو المجد

مقدمة

عرضت التطورات المتلاحقة فى مجال الاتصال، تغييرات فن بيئة وقطاعات العمل، وأصبحت المنصات الرقمية أحد بنيات الاقتصاد الحر Gig، ويعد الاقتصاد الرقمي فرعًا مستحدثًا يقوم على التكنولوجيا، والبرمجيات، والشبكات، بالإضافة إلى الآليات الرقمية التي تتم من خلالها الأعمال التجارية والاقتصادية، ومنها التجارة الإلكترونية1

محليًا، سبق وأن دعى عمال التوصيل بالمنصة الرقمية طلباتإلى إضراب للمطالبة بزيادة الأجور في ظل ارتفاع الأسعار، ولم يستمر الإضراب إلا ثلاثة أيام خوفًا من التنكيل، ولم يشارك عدد كبير من العاملين في المنصة مع زملائهم.

ما المشكلة وما أهداف الورقة:

تهدف الورقة لتناول مشكلات العمال في قطاع العمل الحر أو (Gig) والتي تتضمن الوظائف المرنة والمؤقتة، وما يرتبط بها من علاقات بالمنصات الرقمية، وكذلك موقعها من الاقتصاد غير الرسمي، ووضع وظروف العمالة في هذا السوق المستحدث.

وتعرض الورقة العلاقة بين هذا القطاع والسياسات الاقتصادية المرتكزة على القطاع الخاص في توفير عرض العمل، خاصة مع التنامي السريع لوسائل الاتصال وانتشار استخدام الإنترنت في السنوات الأخيرة، واعتبار المنصات الرقمية بوابة لدخول سوق العمل لفئات من الشباب والنساء.

أهمية الورقة:

تبرز أهمية الورقة فى إلقاء الضوء على ظاهرة جديدة تتسع، ومعها تخلق ظروف عمل وواقع جديد، وخلاله تبرز مشكلات عمالية من بينها تدني ظروف العمل وغياب الحماية الاجتماعية، وغياب سياسة لأجور عادلة، وتعرض الورقة التحديات التي تواجه العاملين في هذا القطاع، وتقدم توصيات حول معايير العمل اللائق لتحسين ظروف العمل في هذا القطاع.

اقتصاد العمل الحر أو (Gig) يعتمد على الوظائف المرنة والمؤقتة، حيث تفضل الشركات التعامل مع موظفين مستقلين، بدلاً من الاعتماد على موظفين بدوام كامل، وكلمة (Gig) مشتقة من وصف العروض الموسيقية الحية في إشارة الى تأدية عمل محدد المدة، والنطاق2. ويخلق العمل عبر المنصات والعمل الموقت عمومًا مشكلات وتحديات أمام قطاع من العمالة منها علاقات التبعية وأشكال من الاستغلال وغياب مظلة حماية اجتماعية وسياسة أجور متقلبة.

اضراب عمال توصيل ابلكيشن طلبات

دعى عمال التوصيل بالمنصة الرقيمة إلى إضراب للمطالبة بزيادة الأجور في ظل ارتفاع الأسعار، ولم يستمر الإضراب إلا ثلاثة أيام خوفًا من التنكيل. ولم يشارك عدد كبير من العاملين في المنصة مع زملائهم.

علاقة اقتصاد العمل غير الرسمي (Informal Economy) بالعمل الحر (Gig Economy)

يعبر اقتصاد العمل غير الرسمي واقتصاد الـ Gig في جوهره عن أزمة القوى العاملة في سوق العمل، خاصة ما يتعلق بالوظائف قصيرة الأجل أو الذين يعملون لصالح أنفسهم، يعمل قطاع منهم ضمن الاقتصاد غير الرسمي، وبذلك لا يخضع عملهم للإشراف الرسمي للدولة، بما يحمل تحديات ومشكلات عديدة، وسواء كان العاملون يصنفون ضمن فئة عمالة ذوي مهارات عالية أو مهارات منخفضة فإن كلا الفئتين تفتقد الى شبكة الأمان الاجتماعي، وبالتالي ليس لديهم فرص لتحقيق الرفاه والاستدامة الاقتصادية.

ثانيًا تحديات جديدة أمام العمال في قطاع Gig:

في أعقاب التحول الرقمي يصبح جزء من العمل قائمًا على المعرفة وجمع المعلومات التي يمكن من خلالها إنتاج البيانات التي تتعامل بها المنصات لخدمة عملائها والمعلومات هي القوة الرئيسية للإنتاج والعامل الرئيسي لاكتساب القيمة، ومن ثم هناك آثار مترتبة على العمل في هذا القطاع منها:

أولاً: بنية استغلال مستحدثة: أن العمل الذهني بما فيه العمل في المنصات خاضع للإستغلال كما العمل التقليدي أيضًا ويوفر مزايا لأصحاب العمل.

ثانيًا: الإجراءات العقابية: هناك حالة مستمرة من الغموض حول حقوق العمال، تعامل الشركات عمالها بالاجراءات العقابية في وقت تنخفض فيه تكلفة العمل لأصحاب الأعمال، ومنها غياب عقود، أجور لائقة، حماية اجتماعية، بيئة عمل مناسبة.

ثالثًا: غالبًا ما يشار إلى العمال في المنصات بأنهم يتمتعون بمرونة أكبر، لكن لا ينظر إلى حجم الإنتاج ومردودة وسياسة الأجور، وساعات العمل.

رابعًا: علاقات استغلال فى هيكل جديد: تشهد علاقات العمل فى المنصات هيكلاً أفقيًا وعلاقات تبعية كما في علاقات العمل التقليدية أيضًا، على عكس التصور القائل بوجود علاقات أفقية بين أعضائها.

خامسًا: غياب ضوابط تنظم عمل الاقتصاد الـ Gig: ويؤدي ذلك إلى استغلال الشركات الأفراد المستقلين مثل (العاملين في مجال الترجمة والبرمجيات وتصميمات الجرافيك) في اختبارات القبول لديهم لإنهاء مشروعات دون تعويض أو مقابل للأفراد، مع وجود فراغ تشريعي لا يشترط وجود عقود عمل أدى إلى وقوع العديد من المستقلين في شراك النصب عليهم.3

سادسًا: وجود ثغرات قانونية: ومخالفة المواد (15)، (16) من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، الذي. يلزم أصحاب العمل بإرسال قائمة بعدد العاملين كاملاً إلى الجهات المعنية، كما لا يجوز له تشغيل العمالة لدية عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال، ما ساهم في انخفاض الأجور، وعدم توفير حماية اجتماعية لعدد كبير من هذه الفئات.

سابعًا: سياسة الأجور: وعلى الرغم من إعلان المجلس الأعلى للأجور عن زيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص يونيو من ألفي جنيه إلى 2400 ابتداء من 2022، إلا أن هذا الشرط لا يشمل العمال غير الرسميين (وضمنهم اقتصاد العمل الـ Gig) بالإضافة إلى مادة تستثني الشركات مؤقتًا من تطبيق الحد الأدنى للأجور نتيجة للظروف الاقتصادية، في مخالفة صريحة للمادة 35 من قانون العمل 12 لسنة 2003 التي تنص على: أن يحظر التمييز في الأجور بسبب اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وانتهاك للمواد (13 و 27 و 53) من الدستور المصري 2014 المعدل 2019، ويتحمل تبعات هذا الاستثناء ملايين العاملين / ت بالقطاعات المختلفة.

ثامنًا: غياب المعلومات : لا تتوافر معلومات دقيقة عن حجم اقتصاد المشاركة عبر المنصات الرقمية، إذ أنه يجعل ذلك الاقتصاد يعمل خارج سيطرة الحكومات، ومن دون أن تمتلك معلومات دقيقة عن حجم المتعاملين وحجم النشاط الاقتصادي.4

كيف يمكن للمنصات الرقمة والتقنيات الجديدة أن تجعل هذا النوع من العمل يوفر جودة عمل أفضل، فالتكنولوجيا الرقمية أتاحت للشركات الاستفادة من عمل الاقتصاد الـ Gig بدلاً من تغيير موظفين، وبذلك خفضت تكلفة العمالة.

القطاع الخاص مشغل رئيسي :

منذ سبعينات القرن الماضي واجه القطاع الخاص اهتمامًا متزايدًا على اعتبار أنه المشغل الرئيسي مستقبلاً في ظل خطط تراجع الاعتماد على الوظائف العامة، وهو ما تحقق فعليًا، حيث يستوعب القطاع الخاص معظم المشتغلين من قوة العمل حسب ما توضحه المؤشرات الرسمية، وبلغ عدد السكان وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حوالي 110 ملايين نسمة في 2021، تمثل قوة العمل حوالي 26 مليونًا، ما يقارب من 60% من السكان داخل سوق العمل، بينما نسبة العاطلين حوالي 14.5% وتبلغ معدلات البطالة بين الشباب والمتعلمين حوالي 26.45%، 22.1% على التوالي.5

لا توجد إحصاءات رسمية توضح حجم اقتصاد الـ Gig في مصر، لكن التعداد الاقتصادي يشير إلى أن عدد المنشآت العاملة في القطاع غير الرسمي تبلغ مليوني منشأة بنسبة 53% من اجمالي المنشآت العاملة عام 2017 / 2018 مع ملاحظة أن 59.4% منها تعمل في تجارة الجملة والتجزئة.6 ويشير بحث القوى العاملة إلى أن نسبة المشتغلين خارج المنشآت تصل الى 44% من إجمالي المشتغلين في 2020، مقابل 35% بالقطاع الخاص. 21% بالقطاع الحكومي.7 بهذه الكيفية يمكن استننتاج لأن اقتصاد العمل الـ Gig يتوسع، وسيوفر فرصًا للعمل في السنوات المقبلة.

نوعية العمل: توفير ظروف ملائمة لعمل لائق

عندما تفكر في مستقبل العمل بمصر، لا ينبغي أن يكون السؤال هو ما إذا كانت الوظائف ستكون رسمية أم غير رسمية، ولكن كيف يمكن للمنصات الرقمية والتقنيات الجديدة أن تجعل هذا النوع من العمل يوفر جودة عمل أفضل، فالتكنولوجيا الرقمية أتاحت للشركات الاستفادة من عمل الاقتصاد الـ Gig بدلاً من تعيين موظفين، وبذلك خفضت تكلفة العمالة.

عوامل تضعف وضع النساء في سوق العمل

أما بالنسبة لعمل النساء داخل اقتصاد Gig، فبالرغم من زيادة فرصهن في التعليم، ولكن لم تتوافر نفس القرض في المشاركة الاقتصادية، محدودية مستوى التنمية الاقتصادية وندرة الوظائف، وضعف جودتها وزيادة السمة غير المنظمة، كلها عوامل تضعف وضع النساء في سوق العمل، مما يضع تحديات أمام المرأة العاملة في سوق العمل الـ Gig والقطاع غير الرسمي.

كما تقابل النساء تحديات داخل عمل المنصات بالإضافة إلى الاشكاليات السابقة، تواجه النساء سلوك التحرش سواء من العملاء أو داخل أماكن العمل، وبحسب تقرير للبنك الدولي، فقد شهد الاقتصاد المصري، وفقًا لقياس الناتج المحلي الاجمالي، نموًا مطردًا (البنك الدولي، 2020) (الشكل 1)؛ ومع ذلك، يمكن ملاحظة عدم المساواة في هذا النمو مع معدل البطالة الأخذ في الاتساع، خاصة بين الشباب، بينما استمر انخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة مقارنةً بمشاركة الرجال.8

تقرير للبنك الدولي حول نمو الأقتصاد المصري

إشكاليات قانونية:

أجيز عمل النساء في بعض الأحوال ليلاً، كما اشترط لإمكان الترخيص بتشغيل النساء ليلاً في الأحوال الاستثنائية المنصوص عليها أن يوفر صاحب العمل كافة ضمانات الحماية والرعاية والانتقال والأمن للنساء، ويصدر هذا الترخيص عن مديرية القوى العاملة والهجرة المختصة بعد التحقق من توافر كافة الضمانات والشروط المقررة.

كما نصت المادة 95 من قانون العمل الجديد على أنه يجب على صاحب العمل في حالة تشغيلة خمس عاملات فأكثر أن يعلق في أمكنة العمل أو تجمع العمال نسخة من نظام تشغيل النساءوكان قانون العمل السابق لسنة 1981 يكتفي بعاملة واحدة فأكثر والهدف من هذا الإلزام هو إعلام المرأة العاملة بالقواعد المنظمة لعملها في المنشأة، وتوعيتها بحقوقها المقررة كي تتمسك بها وتطالب بتطبيقها عند المخالفة، هذا أدى إلى إحجام عدد كبير من الشركات عن تعيين النساء بها.

ومع التطور المرتبط بتوسع سوق العمل والذى يشمل الانخراط في مهن مرتبطة بالمنصات الرقمية، أو تقديم خدمات عبر شبكة الإنترنت، يجب تحقيق اشتراطات العمل اللائق، ومنها إعلان لائحة تشغيل النساء كما ينص القانون، وضمان وصولها للعاملات والعاملين بكافة السبل سواء كان في مقر العمل أو إعلانها بأي طرق أخرى. وهناك بعض المؤسسات التي تشترط أن يوقع العاملون فيها على مدونة سلوك كأداة للحد من أي انتهاك قد يلحق بالنساء العاملات في بيئة العمل.

أظهرت العديد من الدراسات أن النساء قد بشكل كبير نتيجة الجائحة، ولجأ بعضهن للعمل في اقتصاد الـ Gig كما أضرت سياسات الإغلاق خلال الوباء بالعديد من العاملات، أدى هذا إلى المفاضلة بين خروجهن للعمل والاهتمام برعاية أسرهن وأطفالهن، وأدى انخفاض الطلب على العمل فى بعض القطاعات لجوء بعضهن إلى العمل على المنصات الرقمية

رابعًا اقتصاد العمل الـ Gig في ظل الجائحة:

عطل الوباء مسار أحلام الاسواق وأدى إلى فقدان عدد كبير من الوظائف في القطاع غير الرسمي.. تعرض القطاع لضربة قاسية نتيجة وباء كوفيد 19 في مصر حيث إن أكثر من نصف العاملين يفتقرون إلى الحماية، ومنها خدمات التأمين الصحي ومعاشات تقاعدية، ويعملون بدون عقود، كما يعانون عدم الاستقرار في مصادر الدخل، ولا يحصلون على الضمان الاجتماعي، كما يعملون خارج القوانين والمعايير التي تقرها الدولة، وخاصة قانون العمل.. وأدى الإغلاق والانكماش الاقتصادي بسبب الوباء إلى فقد العديد من العاملين وظائفهم المؤقتة وواجهوا المعضلة بين ضرورة توفير متطلباتهم الأساسية لأسرهم، وخطر التعرض للإصابة بالمرض نتيجة خروجهم للعمل، لكنها أدت أيضًا إلى ظهور وظائف في اقتصاد العمل الـ Gig أو الرقمنة ، أدى الى إعلان الحكومة المصرية في 2021 عن البدء في تسجيل حوالي مليوني عامل في التأمين الصحي ومساعدات حكومية للطوارئ في فترة الجائحة.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن النساء قد تأثرن بشكل كبير نتيجة الجائحة، ولجأ بعضهن لتعمل في اقتصاد الـ Gig، كما أضرت سياسات الإغلاق خلال الوباء بالعديد من العاملات، أدى هذا إلى المفاضلة بیں خروجهن للعمل والاهتمام برعاية أسرهن وأطفالهن، وأدى انخفاض الطلب على العمل في بعض القطاعات إلى لجوء بعضهن إلى العمل على المنصات الرقمية، سواء في مهن مستحدثة أو لتسويق أعمالهن الخاصة من منتجات منزلية وملابس وغيرها من سلع.

خامسًا القوانين والتشريعات ذات الصلة:

معايير دولية

شكلت مخرجات مؤتمر العمل الدولي لعام 2002 بشأن العمل اللائق والاقتصاد غير الرسمي علامة فارقة للعمالة غير المنظمة، جاءت التوصيات مركزة على الانتقال من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، والتي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي في يونيو 2015، 9 وردت الفقرة (1) للمبادئ التوجيهية تقرر أنه يجب على الدول والحكومات عند تصميم استراتيجية منسقة ومتكاملة ترمي إلى تسهيل الانتقال إلى الاقتصاد المنظم، أن تراعي تنوع وسمات وظروف العمال في الوحدات الاقتصادية غير المنظمة، وتشجيع وحماية حقوقهم وتحقيق العمل اللائق للجميع من خلال مراعاة صانعي السياسات للتشريعات والسياسات وإمكانية تطبيقها.

كما ورد في الفقرة (3) من استنتاجات 2002، أنه يجب على صانعي السياسات أن يراعوا الصعوبات المفاهيمية والسياسات المتأتية عن التنوع الكبير في الأوضاع والمواصفات في الاقتصاد غير المنظم.10

التشريع المصري

على جانب آخر ظل المشرع المصري غامضًا بخصوص وضع تعريف محدد وواضح بخصوص العمالة غير الرسميةفي قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003، حيث توقف عند وصف علاقات العمل بحسب طبيعتها موسمي، عرضي، مؤقت“.11

وأشار قانون الخدمة المدنية إلى فئات العمالة غير المنتظمة في نص المادة 26 “تتولى الوزارة المختصة رسم السياسات ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة وعلى الأخص، عمال الزراعة الموسميين، وعمال البحر وعمال المناجم والمحاجر وعمال المقاولات، ويصدر الوزير المختص بالتشاور مع الوزراء المعنيين والاتحاد العام لنقابات عمال مصر القرارات الخاصة بتحديد القواعد المنظمة التشغيل هذه الفئات، واشتراطات السلامة والصحة والانتقال والإعاشة الواجب اتخاذها بشأنهم، واللوائح المالية والإدارية التي تنظم هذا التشغيل“.

سادسًا، دراسة حالة: كيف يحتج العمال الجدد.. منصة طلبات

خلال أبريل 2022 دعى عمال التوصيل بالمنصة الرقمية طلباتإلى إضراب للمطالبة بزيادة الأجور في ظل الأزمة الاقتصادية ونتيجة ارتفاع الأسعار ولم يستمر الإضراب إلا يومين نظرًا لعدم انصمام عدد كبير من العاملين بـ طلباتوالتي يبلغ قوامها حوالي 12 ألف عامل، وردت طلبات، في بيان لها بأن أجر العاملين لديها يصل ما بين 4000 – 6000 جنيه شهريًا، ولكن بحسب العاملين فإنه لا يتضمن تكلفة البنزين الذي ارتفع خلال العامين الماضيين كان آخرها ارتفاع بنسبة 3% مؤخرًا بالإضافة إلى ثمن وصيانة الاسكوترأو الدراجة التي يستخدمونها، ونتيجة للأزمة الاقتصادية في مصر انخفض الاستهلاك وانخفضت معه رحلات التوصيل، وأدى هذا إلى انخفاض العمولات، وأصبحت الرحلات تمثل عبئًا مع ارتفاع أسعار الوقود.

ظل المشرع المصري غامضًا بخصوص وضع تعريف محدد وواضح بخصوص العمالة غير الرسميةفي قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 حيث توقف عند وصف علاقات العمل بحسب طبيعتها موسمي، عرضي، مؤقت

العمالة غير المنتظمة تفتقد لمستوى لائق من الحماية ضمن سوق عمل لديه نفس الإشكاليات، وفي ظل تشريعات العمل الحالية، يفتقدون للحماية الاجتماعية، مما ينتقص من حقوقهم الأساسية، بالإضافة إلى أن عدم تنظيمهم يؤدي إلى غياب تمثيلهم.. هناك تجارب ناشئة لمحاولات التنظيم، لكن عمومًا يعانون الضعف في مواجهة أصحاب العمل أو السلطات عامة خلال الدفاع عن مصالحهم.. قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 لم يوضح بشكل كاف تعريفًا لهذه الفئة.

ووفقًا لدراسة أجرتها الجامعة الأمريكية في مصر بالتشارك مع Fairwork وهو مشروع من قبل جامعة أوكسفورد، لتقييم ظروف العمل لسبعة من أكبر المنصات الرقمية في مصر، سجلت طلباتنقطة واحدة من أصل عشرة، وجاء التقييم بناء على خمسة معايير رئيسية، جاء في مقدمتها الأجر العادل، الشروط العادلة، العقود العادلة، الإدارة العادلة، التمثيل العادل، وبناء على التقرير فإن طلباتتوفر إجراءات واضحة للقرارات المتعلقة بالعاملين والمتمثلة في مبدأ الإدارة العادلة، بما في ذلك الإجراءات المعمول بها للعمال لاستئناف الإجراءات التأديبية.12

يحمل اقتصاد العمل الـ Gig مجموعة من الإيجابيات والسلبيات، والفوائد التي يجلبها للاقتصاد المصري تجعل من الضروري على صانعي السياسة تقليل السلبيات، ومنها الغموض الذي يكتنف علاقة العمل، وهي بعيدة عن المعايير الوطنية والدولية للعمل اللائق، فغالبًا ما تدفع الأجور الضئيلة وظروف العمل السيئة صانعي السياسات للمطالبة بتصنيف عمال الوظائف المؤقتة كموظفين، بهذا التصنيف وحده لا يمكن من معالجة المشكلة، إذ لابد من إلزام هذا القطاع بالسياسات والمعايير الوطنية والدولية للعمل اللائق كما عرفتها منظمة العمل الدولية.

يأتي هدف تحقيق سبل العمل اللائق والمساواة بين الجنسين ضمن الأهداف التنموية للأمم المتحدة، وسبق وأعلنت مصر عن التزامها بهذه الأهداف.

كما صدرت خلال 2020 رؤية مصر لـ 2030، وتضمن الهدف الثالث تحقيق اقتصاد تنافسي ومتنوعوأوضحت الاستراتجية أن الهدف يتحقق ضمن زيادة معدلات التشغيل والعمل اللائق، ويتناقض هذا الهدف مع واقع وظروف العمل في القطاع غير الرسمي، وما يتضمنه من غياب سبل الحماية الاجتماعية، وظروف عمل هشة بشكل مجمل، لذا هناك ضرورة إلى إعادة تنظيم إقتصاد العمل الـ Gig وأن يكون جزءًا من بنية العمل الرسمي بما يساعد في ظروف عمل لائق..

يجب على الدولة الاعتراف بأن الوظائف المؤقتة مصدر رئيسى للعمل بالنسبة لغالبية الناس، وبالتالي هناك ضرورة لتعديل اللوائح والتشريعات التي تضمن حقوقهم، وتضمين قوانين وسياسات عمل فعالة تراعي حقوق العمالة المؤقتة فى الوظائف المستحدثة كالعمل في المنصات ضمن نمط عمل جديد لم تعالجه التشريعات فضلاً عن مراعاة منظور النوع الاجتماعي.

رفع الوعي لدى العاملين بهذا القطاع بأهمية التنظيم، وكذلك رفع الوعي بالقانون كسبيل للحصول على الحقوق بجانب إزالة عوائق التنظيم النقابي.

توفير الحكومة منهج لإدراج العاملين في منصات العمل المؤقت في خطط التأمين الاجتماعي الإلزامي وإعادة تصنيفهم كموظفين مع إمكانية الوصول إلى الحماية والمزايا المرتبطة بها، حيث المتعارف عليه تصنيفهم كمتعاقدين مستقلين، مما يتركهم وحدهم مسؤولين عن دفع اشتراكات التأمين الإجتماعي.

قيام الدولة بتفعيل الوثيقة القانونية (عقد) والتي توفر للعمال الحماية والحقوق الأساسية وتخلق توازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل.

تنفيذ إطار دولي لتحصيل الضرائب. إن دفع الضرائب بسهولة، يتيح للعمال الاندماج في المجتمع، ويقلل من وصمات العار ويوفر الاحترام، كما يمكن للحكومة استخدام الإيرادات الإضافية لتوفير حماية أفضل للعمال وتعزيز التنمية الاقتصادية.

سرعة التفعيل والتوسع في خطة التأمين الصحي الوطني ليشمل الفئات العاملة في القطاعات الجديدة.

من المفيد أن تضع كل مؤسسة مدونة سلوك كأداة للحد من أي انتهاك، يتعرض له العاملون.

 

1- الاقتصاد الرقمي والتحول نحو المجتمعات الذكية فى المنطقة العربية، الاسكو، فبراير 2017، ص5

رابط

2 – للمزيد حول المفهوم يمكن الرجوع إلى مقال اقتصاد الأعمال المستقلة على الرابط

على الرابط

آخر اطلاع يوم 20 أغسطس 2022

3- النصب في سوق العمل المصريكيف يدفع المستقلون ثمن البحث عن وظيفة؟ موقع رصيف 22

4 – سارة عبد العزيز، تنامي اقتصاد المشاركة عبر المنصات، ديسمبر 2016، على الرابط

5 – بيانات مجمعة من تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء:

6 – عبد الفتاح الجبالى، القطاع غير الرسمي وسوق العمل، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، نشرت بتاريخ الأربعاء 29 سبتمبر 2021 ، رابط الورقة https://cutt.ly/xXEtjp6

7- المرجع السابق

8 – مصدر سابق

9 – منظمة العمل الدولية

https://www.ilo.org/ ilc/ lLCSessions/ previous- sessions/104/

10- التوصية (204) بشأن الانتقال من الاقتصاد غير المنظم الى الاقتصاد المنظم:

11 – بوابة الحكومة الرسمية:

https://www.egypt gov.eg/arabic/laws/labour/Law-contract worklaw contract aspx

12- Gig work in Egypt: A source of income amidst suboptimal working conditions, School of Business- American University in Cairo https://cutt.ly/IXIXYfd

شارك:

اصدارات متعلقة

عيد الأم ما بين الاحتفاء بقيمة الأمومة و ترسيخ الدور النمطي للنساء
خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء
ختان الإناث في مصر... جريمة تعذيب ضد الإنسانية
حقوق النساء من اجل العدالة والتنمية
الإيدز خطر صامت يهدد حياة النساء في ظل جائحة كورونا
إشكاليات التقاضى فى جريمة التحرش الجنسي
أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان