حقنا نعيش في أمان

رقم الايداع:

5184 / 2006

تاريخ النشر:

2006

تصميم الغلاف:

التحرير:

حقنا نعيش في أمان

يوم المرأة

بدأ الاحتفال بيوم المرأة العالمي منذ عام ۱۹۱۰.. ولأنه يوم عالمي اختلف شكل الاحتفال به واختلفت تقاليده من مكان لآخر.. وهو اختلاف دال ومعبر إذ يعكس اختلاف الأولويات والأهداف طبقًا لاختلاف السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتاريخي.

وقد أصبح يوم ٨ مارس مظلة كبيرة توحد بين نساء العالم.. كلنا نحتفل معًا بنفس اليوم، نحتفل بإنجازات تحققت وصعاب أزيلت وعقبات انتهت, وفي نفس الوقت نتأهب معًا لتحقيق أهداف جديدة ووضع استراتيجيات عمل بديلة.

يوم المرأة هو فرصتنا لالتقاط الأنفاس وتقييم ما تم إنجازه، بل إنه فرصة أيضًا للنقد الذاتي ولتصحيح أية أوضاع جعلتنا ننحرف عن المسار.. فهل يكفي يوم واحد لكل ذلك؟! إنه قطعًا لا يكفي، لكن البدايات هامة وتساهم في رسم النهايات.. ولابد من وقفة مع النفس ومع الآخر للتأمل والتذكر والتقييم.

نحتفل بيوم مارس مشاركة منا جميعًا لكل امرأة شاركت في إضراب عام ١٨٥٧ بمصنع الغزل والنسيج بنيويورك حين كانت الأجور متدنية وظروف العمل لا إنسانية.. كما نحتفل بيوم ١٦ مارس: يوم المرأة المصرية في ذكرى خروج نساء مصر عام ۱۹۱۹ في مظاهرة سياسية ضد الاحتلال.. وذكرى تأسيس أول اتحاد نسائي مصري عام ۱۹۲۳.

إننا نحتفل بالإرادة والتصميم، والأهم أننا نحتفل بالتضامن في لحظة توحد وتكاتف، لحظة تسامي فوق ما قد نتصور أنه اختلاف.. نذكر انتصارات تتراكم على طريق النضال الطويل، لنضمها معا ولنحتفل بحاضرنا وماضينا نحو رؤية أوضح لمستقبلنا.

8 مارس في تاريخ النساء

يرجع الاحتفال بيوم ٨ مارس – يوما عالميًا للمرأة – إلى إضراب عاملات النسيج بالولايات المتحدة الأمريكية فى ٨ مارس ١٨٥٧, احتجاجًا على الأجور الزهيدة وظروف العمل القاسية وغير الآدمية. وقد خرجت العاملات آنذاك بمسيرة ضخمة في أنحاء مدينة نيويورك سميت بمسيرةالجوع“.

وفي ۸ مارس ۱۹۰۸ اتخذت النساء الأمريكيات هذا اليوم للتعبير عن كفاحهن من أجل حق التصويت والحقوق السياسية للنساء، فخرجت آلاف النساء إلى الشوارع رافعات لافتات بمطالبهن. وفي يوم ٨ مارس ۱۹۱۰ انعقد المؤتمر الثاني للنساء الاشتراكيات، وقررت مندوبات من إحدى عشرة دولة اعتبار ۸ مارس من كل عام يومًا عالميًا للمرأة, تعبيرًا عن كفاح النساء من أجل المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية.

وكان أول احتفال بيوم المرأة العالمي يوم ٨ مارس ۱۹۱۱ على مستوى عدد من البلدان (ألمانيا والدانمرك والنمسا وسويسرا والولايات المتحدة), واتخذت الاحتفالات طابع التجمهرات والمسيرات النسائية وصلت أعدادها إلى ما يقرب المليون والنصف. وكانت المطالب المرفوعة حينذاك هي حق النساء في الانتخاب والتصويت والمشاركة السياسية، والقضاء على التمييز في العمل.

وفي ۸ مارس ۱۹۱۳ قامت عاملات روسيات بصناعة النسيج بالخروج في مظاهرة ضخمة رافعات رايات بمطالبهن، وقام البوليس بتفريقهن بعنف. وقد تم فيما بعد الاحتفال بهذا اليوم في الاتحاد السوفيتي بوصفهيوم كفاح المرأة العاملة“.

وفي سنوات الحرب العالمية الأولى من ١٩١٤ إلى ۱۹۱۷كان النضال من أجل السلام هو السمة الأساسية فى احتفال النساء بهذا اليوم.

ولقد توج كفاح النساء الروسيات عام ۱۹۱۷ بالاحتفال بيوم المرأة العالمي عندما خرجت زوجات وأمهات وبنات الجنود مطالبات بإنهاء الحرب ومستنكرات أعوام الجوع والقهر، وكان شعارهن أثناء المسيرةالخبز والسلام، وقد تحولت هذه المظاهرة النسائية إلى قوة حشد للمجتمع كله تكللت بثورة ۱۹۱۷ الاشتراكية.

وقد تأخر الاحتفال بيوم المرأة العالمي في كثير من البلدان الأوروبية، فعلى سبيل المثال لم يبدأ الاحتفال بهذا اليوم في إنجلترا إلا عام ١٩٢٦، وهو العام الذي سمي بعام الإضراب الكبير.

وفي عام ۱۹۷۷ اتخذت الأمم المتحدة قرارًا بالاعتراف بيوم ٨ مارس بوصفه يوم المرأة العالمي، تتويجًا لكفاح النساء حول العالم منذ أكثر من قرن من الزمان، وتذكيرًا للعالم بضرورة استمرار مسيرة المرأة تجاه نيل حقها في المساواة وفي المشاركة في صنع مجتمع عادل.

مارس في تاريخ المرأة المصرية

جاءت ثورة المرأة المصرية في مواجهة التمييز جنبًا إلى جنب كفاحها من أجل استقلال البلاد عن الاستعمار، فشاركت المرأة المصرية في ثورة ۱۹۱۹. ففي يوم ۱٦ مارس ۱۹۱۹ خرجت المئات من النساء المصريات إلى الشوارع يتظاهرن ضد الإنجليز والاحتلال، رافعات شعارات تنادي بسقوط الاستعمار. واستشهدت في ذلك اليوم أول شهيدة للحركة النسائية وهي السيدة حميدة خليل إذ أصابتها رصاصة فسقطت أمام مسجد الحسين.

وبعد ذلك بيومين خرجت نساء الطبقة العليا في مسيرة رافعات شعار الهلال والصليب دليلاً على الوحدة الوطنية، منددات بالاحتلال. وقد توجهت المسيرة إلى بيت الأمة حيث قامت القوات البريطانية بتفريقها، إلا أن نساء مصر أعقبنها بمظاهرات تالية.

فمن دار الأوبرا خرجت روز اليوسف وماري إبراهيم في مسيرة، كما خرجت النساء في الأحياء الشعبية جنبًا إلى جنب الرجال في مظاهرات أخرى، وقد سمحت قوات الاحتلال لنفسها بإطلاق النار على هؤلاء النساء، فازداد عدد الشهيدات ومنهن على سبيل المثال سعيدة حسن وشفيقة العشماوي وفهيمة رياض وعائشة عمر.

وفي ١٦ مارس ۱۹۲۳ دعت السيدة هدى شعراوي إلى اجتماع لتأسيس أول اتحاد نسائي مصري، وقد رفع الاتحاد عند تأسيسه المطالب التالية:

  • رفع مستوى المرأة لتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية بالرجل من ناحية القوانين والآداب العامة.

  • حرية الطالبات في الالتحاق بالمدارس العالية.

  • إصلاح العادات فيما يتعلق بطلب الزواج حتى يتيسر للطرفين أن يتعارفا قبل التعاقد.

  • إصلاح القوانين الخاصة بالزواج لوقاية المرأة من الظلم الواقع عليها من تعدد الزوجات أو الطلاق.

  • سن قانون يرفع سن الزواج إلى ١٦ سنة.

  • العمل على نشر الدعوة في سبيل الصحة العامة.

  • محاربة الخرافات وبعض العادات التي لا تتفق مع العقل.

وفي يوم ۱۲ مارس ۱۹٥٤ قامت كل من منيرة حسني ومنيرة ثابت ودرية شفيق وراجية حمزة وفتحية الفلكي وبهيجة البكري وسعاد فهمي وأماني فريد وهيام عبد العزيز بالاعتصام في نقابة الصحفيين من أجل المطالبة بحقوق المرأة السياسية، وانتهي الاعتصام يوم ۲۷ مارس. ومع دستور عام ١٩٥٦ حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشيح، وهي من المطالب التي طالما نادت بها النساء المصريات.

ومنذ السبعينيات، ومع قرار الأمم المتحدة باعتبار يوم ٨ مارس, يومًا عالميًا للمرأة ازداد الاهتمام الرسمي المصري بيوم المرأة مما انعكس على الصحافة، كما أصبح تكريم القيادات النسائية سمة الاحتفال بهذا اليوم.

كما تم اختيار يوم ١٦ مارس ليكون يوم المرأة المصرية إعمالاً بقرار الأمم المتحدة باختيار كل دولة ليوم تحتفل فيه بيوم المرأة محليًا.

مجموعة ٨ مارس

وبعد أن تراجع معنى هذا اليوم من الذاكرة المصرية للتوقف عن الاحتفال به في مصر، بل واستبداله بالاحتفال بعيد الأم، كما ظل محصورًا لسنوات طويلة داخل مقرات السفارات الأجنبية، قررت مجموعة من المنظمات النسائية المصرية استعادة حق النساء المصريات في هذا اليوم.

فقد بادرت المرأة الجديدة عام ۱۹۹۹ بالاتفاق مع المرأة والذاكرة لتكوين لجنة من مجموعة من المنظمات النسائية تقوم سنويًا بتنظيم احتفالية بمناسبة يوم المرأة العالمي كأحد أشكال التنسيق والتضامن والعمل المشترك، وذلك بإحياء تقليد الاحتفال بهذا اليوم.

وقد بدأت اللجنة المنظمة عملها عام ۱۹۹۹ من سبع منظمات هي:

المرأة الجديدة المرأة والذاكرة – مركز النديم – مركز أكت مركز قضايا المرأة المصرية ملتقى الهيئات جمعية نهوض وتنمية المرأة، ثم تزايد عدد المنظمات، حتى أصبحت عام ۲۰۰٤ أربع عشرة منظمة تشارك في التحضير للاحتفالية. وتم الاتفاق على اختيار شعار سنوى لكل احتفالية.

وقد اخترنا أن يتمحور لقاؤنا هذا العام حول مقاومة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، وخاصة في ظل ما تعرضت له النساء هذا العام من انتهاكات سواء في الحياة العامة من قبل أجهزة الدولة، أو على مستوى الحياة الخاصة. ومن هنا يأتي شعارنا هذا العام:

حقنا نعيش في أمان

النساء في انتخابات ٢٠٠٥

فريدة النقاش

تراجعت نسبة تمثيل المرأة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة سنة ٢٠٠٥ عن ما كانت عليه في الدورة السابقة التي جرت عام ۲۰۰۰ من 2.8 % إلى ٢%، ولم تكن هذه النسبة قد تزايدت أبدًا منذ حصول المرأة على حقوقها السياسية في دستور عام ١٩٥٦ لتصل إلى 9% إلا في برلمانات ۱۹۷۹ و ١٩٨٤ حين جرى تخصيص مقاعد للمرأة.

وتدلنا الأرقام التالية على حقيقة وضع النساء كناخبات ومرشحات وعضوات في المجلس التشريعي إذ أن إجمالي المواطنين المقيدين في الجداول الانتخابية يصل إلى قرابة ۳۲ مليون، بينهم ۱۲ مليون امرأة شارك في الانتخابات منهم ٨ مليون بنسبة ٢٤% من المقيدين مواطن بينهم ٣ مليون امرأة، ومن إجمالي عدد المرشحات الذي بلغ ۱۲۲ مرشحة نجحت أربعة وعين رئيس الجمهورية خمس نساء. ويقدر إجمالي عدد الأصوات التي حصلت عليها النساء الناجحات بـ ٦٧٠٧٩ صوتًا، وإجمالي عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات ١٢١٤٥٣ صوتًا.

وكانت الأحزاب قد رشحت النساء بشكل رمزي باستثناء حزب التجمع الذي رشح خمسة من ٥٦ مرشحًا.

ووصفت انتخابات عام 2005 بأنها أسوأ حدث شهده العام فقد تفاقمت الظاهرتان الأساسيتان اللتان عرفتهما الانتخابات السابقة ألا وهما بروز أشد لدور المال السياسي وشراء أصوات الناخبين ويقال أنه قد جرى فعلاً إنفاق ستة مليارات من الجنيهات في هذه الانتخابات.

كذلك تفاقمت مظاهر العنف والبلطجة حتى أنه سقط 15 قتيلاً و 350 جريحًا وأكثر من 150 معتقل طبقًا لإحصائيات وزارة الداخلية التي كانت قد ضبطت عدة مصانع يجري فيها تصنيع السيوف.

واستخدم تجار الانتخابات أصوات النساء على نطاق واسع في التزوير، وشاركت نساء بلطجيات في ممارسة العنف، وجرت عملية تزوير واسعة شهد عليها القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات وأصدروا بيانًا فاضحًا.

جرت الانتخابات في بيئة سياسية كانت قد شهدت بعض الحيوية بعد تعديل المادة ٧٦ من الدستور لتغير نظام انتخاب رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخابات التنافسية بين أكثر من مرشح، ولكن ما سمي، بضوابط المادة أفرغها من معناها وحرم المستقلين من الترشيح وأصبح واضحا أن التعديل قد جرى لغرض في نفس يعقوب حيث يعد رئيس الجمهورية ابنة لكي يكون مرشح الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة القادمة عام ۲۰۱۱ ودون منافسة حقيقية لتظل الأسباب التي ولدت أزمة الحكم ومعها الاستبداد والفساد قائمة.

ظلت كل القيود على الحريات العامة قائمة كما هي مع احتكار الحكم الغالبية أجهزة الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية.. واستمرار حالة الطوارئ، واندماج الحزب الحاكم في أجهزة الدولة وهيمنة رجال الأعمال على السلطة واستبعاد كل ممثلي الطبقات الأخرى رغم الشعارات.

وعلى المستوى الثقافي بقيت صورة المرأة، ووضعها ومكانتها أسيرة للتناقضات الحادة التي تحكم الصراع الاجتماعي، فهي ممزقة بين كونها عورة في نظر الإسلاميين, وكونها سلعة في نظر الانفتاحيين وصولاً إلى تدهور وعيها بذاتها ككائن كامل الأهلية ومواطن كامل الحقوق، إذ يجري انتقاص حقوقها باسم الشريعة مرة، وفي واقع تدهور مستوى المعيشة للطبقات الكادحة والطبقة الوسطى مرة أخرى، حيث تزداد البطالة وتتسع قاعدة الفقر.

وفي استطلاعات أولية تبين أن نساء كثيرات يرفضن التصويت للنساء، كما أن أزواجًا وآباء رفضوا أن تقوم أي من نساء الأسرة بترشيح نفسها حتى لا تتعرضنللبهدلة، وفي شهادات المرشحات وقائع مؤلمة تعرضت لها النساء ناخبات ومرشحات.

وكلها عوامل تبين لنا سبب عزوف النساء عن ترشيح أنفسهن بعد أن جرى استخدام أصواتهن من قبل رجال العائلة وتجار الانتخابات.

ليس بوسعنا أن نتوصل إلى حلول واقعية لقضية استبعاد المرأة وتهميشها سياسيًا لا في مجلس الشعب فقط وإنما أيضًا في المجالس المحلية وفي النقابات وحتى في إطار المنظمات الأهلية ومجالس إدارات الشركات دون تغيير هذا التكوين الفاسد الذي يحكم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وينتج الأوضاع والصور المشوهة للنساء.

فقد أصبحت الحاجة ملحة لتشديد النضال من أجل إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات وعلى رأسها حالة الطوارئ وقانون مباشرة الحقوق السياسية، والعمل بنظام القائمة النسبية غير المشروطة التي تخصص فيها نسبة ٣٠% من المقاعد للنساء، ولا تستبعد المستقلين مع إجراء تعديلات شاملة على الدستور تحول مصر إلى جمهورية برلمانية يجري فيها تداول السلطة على أسس ديموقراطية حقيقية، ديموقراطية لا تقف عند حدود السياسة بل تصل إلى أعمال المجتمع والعلاقات الطبقية وتوزيع الثروة فيه إذ أنقسم المجتمع بشكل حاد بين أقلية غنية تتركز في أيديها الثروة وأغلبية كاسحة فقيرة ليكون لكل مواطن نصيب عادل من ثروة وطنة وناتج عمله، وتزول تدريجيًا ظاهرة تأنيث الفقر والبطالة حينذاك سوف تشارك النساء بالملايين مشاركة حقيقية في الانتخابات التي سيكون لها جدوى لأنها يمكن أن تفضي إلى تغيير الواقع البائس، وتكون الديموقراطية هي أداة هذا التغيير للأفضل لا لأوضاع النساء فقط، وإنما لأوضاع المجتمع كله الذي أخذ يتفكك تحت وطأة الاستبداد والفساد والبلطجة والمال.

إعداد مؤسسة المرأة الجديدة

بالتعاون

مع منتدى المنظمات النسائية من أجل التغيير

مؤسسة المرأة الجديدة المركز المصري لحقوق المرأة – رابطة المرأة العربية

لماذا تقرير خاص عن حالة النساء في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟

هل يفترض أن أحوال النساء المصريات تختلف عن أحوال الوطن بصفة عامة من حيث انتشار جميع أشكال الفساد, واستشراء أعمال البلطجة, وسيادة التزوير، بل وعمومية أعمال العنف من طرف جميع الجهات بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الانتخابات البرلمانية المصرية؟

بالطبع، الإجابة هي لا. فقد تحدثت أجهزة الإعلام مجتمعة عن هذه الأمور، ولم تخل منها حتى الصحف المسماة بالقومية، كما أشارت إليها وفضحتها تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية، والتقارير الدولية المختلفة، بل ذهبت منظمةهيومان رايتس واتشإلى توجيه انتقادات لاذعة للحكومة الأمريكية بسبب تصريحاتها حول نزاهة الانتخابات!!! في مصر وهو الأمر الذي يعلم الجميع عدم صحته.

ونحن إذ نقر بحدوث انتهاك شامل للوطن، ولحقوق المواطنة, ولآدمية الإنسان المصري، نفرد هذا التقرير لأحوال النساء في الانتخابات التشريعية، ونبدأ بالملاحظات التالية:

أولاً: ملاحظات على المستوى العام

  • إن مستوى أعمال العنف والبلطجة والترويع والتهديد وشراء الأصوات التي اتسمت بها العملية الانتخابية لا تعكس أية جدية – من قبل الحكومة في تطوير الآليات الديمقراطية في بلدنا، بل تشير إلى درجة عالية من الاستهانة والاحتقار لأبناء وبنات هذا الوطن الذين تم استخدامهم واستغلال فقرهم بصورة مهينة، كما يعكس استهتارًا بالغًا بمصير ومستقبل هذا الوطن الذي يتم المغامرة به مقابل مصالح حفنة من الأفراد في الحكم الذين يتعاملون مع مقدرات هذا البلد كملكية شخصية.

  • إن المرشحين لم يكتفوا باستخدام أساليب العنف والبلطجة لهزيمة منافسيهم بل عملوا على استنفار الانتماءات القبلية، واستنهاض النعرة العنصرية والتمييزية بجميع أشكالها، الأمر الذي يزيد من تدهور العلاقات داخل المجتمع، ويعمق التشققات والانقسامات في هذا الوطن.

  • إن معركة الانتخابات لم تدَر كمعركة بين برامج سياسية متصارعة, يتضح خلالها موقف المرشح أو المرشحة من قضايا الوطن والمواطنة، بل كانت معركة كراسي، وقد انعكس ذلك على أسلوب خوضها الذي ركز على تقديم الخدمات والمال مقابل الأصوات, وابتعد عن طرح أية قضايا تخص مصلحة الفئات المختلفة من هذا الشعب. ولقد تساوت في ذلك كافة الفصائل التي تعاملت الجمهور كأداة يتم كسبها بشعار أو بدعوى الدين أو بالمال.

ثانيًا: ملاحظات خاصة بوضع النساء في الانتخابات

  • بالرغم من الخطاب الرسمي الذي استمر سنوات عديدة، واعتمدت عليه، بل ونادت به أجهزة حكومية أو شبه حكومية (مثل المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان)، وغيرها، وهي جهات زعمت أنها منوطة بالنهوض بحقوق النساء المصريات وعلى رأسها الحقوق السياسية ، وتحقيق المساواة بين الجنسين، لم تفلح كل هذهالجهود الحاميةفي تعبئة النساء المصريات من أجل الترشح في انتخاباتمجلس الشعبالمصري في دورته الحالية. والأهم هو إخفاقها في حشد وتحفيز الأحزاب السياسية (وعلى رأسها الحزب الوطني الذي ترتبط جهودها في نهاية المطاف به) على دعم ومناصرة ترشيح النساء. فكانت المحصلة النهائية هي استخراج مئات الآلاف من بطاقات الرقم القومى للنساء الفقيرات ضمانًا لولاء أصواتهن.

  • كانت النتيجة الإجمالية المخيبة لآمال جميع نساء مصر، وبعض الضمائر الحية، وأصحاب الاتجاهات الليبرالية، وهي ترشيح الحزب الوطني لعدد ٦ سيدات من أصل ٤٤٤ مرشح، أي بنسبة تصل إلى فاصل من الصفر بالمائة، وترشيح جماعة الإخوان المسلمينالمحظورةلسيدة واحدة، كما قام كل من حزب الغد وحزب الأمة وحزب الوفد أيضًا بترشيح سيدة واحدة. وقام حزب التجمع مشكورًا – بترشيح ٥ سيدات من أصل ٦٦ مرشح، مما أضفى نسبة دعم للنساء لا بأس بها مقارنة بالأحزاب الأخرى.

  • وتشير أيضًا ظاهرة المرشحات المستقلات إلى انعدام الثقة في الأحزاب السياسية الحالية وإلى تفضيل خوض المعركة دون الهيمنات الحزبية الذكورية، حيث قاموا باستبعاد النساء من عمليات الترشيح لضمان المقاعد لحزبهم وخوفا من المناخ المعادي للمرأة الذي يمكن أن يؤدي إلى إسقاط المرشحات فقط لمجرد كونهن نساء. وهو الأمر الذي أشارت إليه أكثر من سيدة، وبالأخص سيدات ينتمين إلى الحزب الوطني، تمت ممارسة أشكال مختلفة من الضغوط عليهن للتخلي عن الترشيح.

  • لم تقم أية من نساء الأحزاب أو المستقلات (عوضا عن الرجال) بخوض المعركة الانتخابية حول برنامج انتخابي يضع مصالح النساء في الحسبان ويفرد لهن نقاطًا برنامجية محددة.

  • لقد انتشرت ظاهرة استخدام النساء في الدعاية الانتخابية لمرشحي الإخوان المسلمين عبر الدخول إلى المنازل واستدعاء النساء للتصويت، واستخراج البطاقات الانتخابية لهن. وكانت الدعاية المستخدمة لا تنطوي على أية إشارة إلى برنامج محدد يلبي احتياجات هذه الفئات، بل اكتفت باستخدام المفردات الدينية للتحفيز مثل:”إنكم سوف تنفذون أمر اللهأوسوف تنتخبون من أمر به الله“. ولا نرى أن هذا الأسلوب يختلف كثيرًا عن أسلوب الوعود الأخرى للتحفيز، مما يعكس احتقارًا أيضًا لعقول هؤلاء الأفراد ويستهين بمطالبهم لضمان حياة كريمة.

  • انتشار أساليب التشهير بالنساء, خاصة اللاتي تجرأن الخوض في الحياة العامة, واللجوء إلى خدش الحياء، واختلاق الاتهامات ذات الطابع الأخلاقي التي تلبي من جهة فضول وشماتةالرأي العام, وتتماشى من جهة أخرى مع الاتجاه المجتمعي للحط من قدر النساء, وتهميش أدوارهن, وتحقير إسهاماتهن, وإقصائهن من المجال العام.

  • انتشر بشكل غير مسبوق – استعمال أصوات النساء المهمشات والفقيرات, وعلى رأسهن النساء اللاتي يكدحن للحصول على قوتهن اليومي وقوت أطفالهن، ناهيك عن النساء المعيلات لأسر والتي تقدر تلك الأسر في أقل التقديرات الحكومية بنسبة 17.1% من الأسر المصرية، بينما تصل تقديرات أخرى إلى حوالي ٣٠%، أي تقريبا ثلث الأسر المصرية. إن هذه الأصوات الانتخابية هي أصوات سهلة المنال في ظل سياسات الإفقار والتجاهل والتهميش. إن هذا الاستعمال الذي يسمي خطأ بـتوسيع المشاركة السياسية للمرأةهو أبعد ما يكون عن المشاركة التي تفترض توافر الإرادة الحرة للناخبات، لا تلك الإرادة المهانة بالمال أو بالإرهاب أو بالوعود الكاذبة.

  • تصاعدت أيضًا ظاهرة لم نر لها مثيلاً في الأعوام السابقة بل بدأت تبرز بطريقة خافتة خلال انتخابات ۲۰۰۰ متعلقة بالبلطجة النسائية في المجال السياسي. ففي حين نعلم جميعا، أو نسمع, عن وجود بلطجة نسائية في أماكن متعددة (مثل السجون والأحياء الفقيرة, وغيرها) تقودهامسجلات خطر، أو أخريات ممن لهن مصالح آنية مع هذا الشخص أو ذاك، خرجت علينا منذ مايو ٢٠٠٥ (تاريخ الاستفتاء على المادة ٧٦ من الدستور) مظاهر من البلطجة النسائية لم نر لها مثيلا في تاريخ مصر السابق. فاقتادت بعض المؤيدات للنظام ميكروباصات مليئة بنساء فقيرات لتأييد الحزب الحاكم، كما قامت بلطجيات خلال الحملة البرلمانية الحالية بقيادة أعمال البلطجة والإجرام سواء ضد نساء مثلهن، أو تحفيز رجال مأجورين على القيام بأعمال البلطجة ضد نساء ورجال على حد سواء.

والسؤال الذي يبقى هو من أطلق عنان هؤلاء البلطجيات ومن شجع وجودهن على الساحة السياسية، ومن أمدهن بسلطة توجيه وقيادة المعارك؟ ببساطة، هو النظام الحاكم متمثلاً في وزارة الداخلية. كما من حقنا أن نتساءل أيضًا حول بروز أشكال من السمسرة الانتخابية على أيدي نساء. إنها ظواهر جديدة على المجتمع المصري. وكان هناك من يرى سابقًا أن عادة ما تخشى النساء ممارسة الفساد خوفًا على تلويث سمعتهن، إلا أن وجود نظام عام فاسد سوف يؤدي بالضرورة إلى اندراج الجميع في عمليات الفساد, سواء كانوا رجالا أو نساء.

  • وأخيرا، نشير هنا إلى تجاهل الخطاب الرسمي، وغير الرسمي, لأصوات النساء، واعتبارهن إماكمالة عدد، أو أصواتا مضمونة نظرا لضعفها وعدم قدرتها على المقاومة ورضوخها لمن يدفع أكثر, وتهميش هذه الأصوات واعتبارها أصواتا غير جديرة بالانتباه إليها بطريقة خاصة.

أهم المؤشرات التي برزت من الانتخابات البرلمانية المصرية ٢٠٠٥ فيما يتعلق بالنساء المصريات:

المؤشر الأساسي الذي برز بوضوح هو قيام النساء بأدوار مهمة في هذه الانتخابات, على مستويات مختلفة، ولأسباب وحوافز, مختلفة أدت إلى بروز مؤشرات فرعية نوردها دون تسلسل للأهمية.

أولاً: على مستوى المرشحات

* وصول عدد المرشحات في المراحل الثلاثة إلى ۱۲۸ مرشحة (٤٢ في المرحلة الأولى، ٥٠ في المرحلة الثانية، و ٣٦ في المرحلة الثالثة)، وهو مؤشر على زيادة عدد النساء المقبلات على الترشيح مقارنة بالانتخابات السابقة، وعلى الرغم من ذلك وصلت نسبة التمثيل في البرلمان الماضي إلى 2.4%، بينما تنخفض في البرلمان الحالي إلى ما يقل عن 1%، مما يشير إلى تعمق النظرة الدونية للمرأة، وغياب الثقة في قدراتها السياسية.

  • انخفض عدد المرشحات على قوائم الأحزاب السياسية بطريقة ملحوظة، بينما ارتفع عدد المرشحات المستقلات, مما يعد مؤشرًا على غياب ثقة المرشحات بصفة عامة – في الأحزاب السياسية من ناحية، وتخلى الأحزاب السياسية عن النساء من ناحية أخرى, واعتبارهن عبئا ثقيلا لا يستحق الالتفات إليه، حيث الهدف الأول والوحيد هو الحصول على مقاعد في البرلمان بعيدا عن إدارة معارك سياسية حقيقية.

  • ابتعاد جميع الفائزات في الانتخابات البرلمانية وعددهن ٤ ٥ عن الخوض في قضايا النساء المصريات، أو السعي إلى طرح برنامج انتخابي يتضمن أبعادا تتعلق بالعقبات الكبيرة التي تعترض حياة النساء المصريات بصفة خاصة، أو محاولة الاتصال بالمنظمات النسائية التي تدافع عن قضايا النساء لمساعدتهن على بلورة مطالب نسائية سواء في برامجهن أو فيما يتعلق بمستقبلهن البرلماني؛ مما يؤشر إلى عدم تجرؤ هؤلاء النساء أو عدم رغبتهن في التصدي لتلك القضايا الشائكة تحت قبة مجلس الشعب، خاصة مع وجود تمثيل مهم لجماعة الإخوان المسلمين، وما يترتب على ذلك من خطاب معادي لحقوق النساء. وهو أيضا مؤشر على عدم قابلية هؤلاء البرلمانيات للمحاسبة والمساءلة من قبل جموع النساء المصريات.

ثانيا: على مستوى الناخبات

  • لوحظ إحجام كبير لعديد من المثقفات المصريات عن المشاركة في الانتخابات، وهو مؤشر آخر عن فقدان الثقة في نزاهة الانتخابات من جهة، وفي الوجوه المرشحة من جهة أخرى.

  • إن مشاركة أعداد مهولة من النساء الفقيرات في العمليات الانتخابية لا تعد مؤشرا على صحة وسلامة الجماعة النسائية الناخبة، بل على تسويق النساء الفقيرات لأصواتهن من أجل الحصول على فتات الأموال الطائلة أنفقت من أجل تأمين العيش لأسرهن لفترة لا تتجاوز أيام معدودات.

  • للمرة الأولى, شاركت أعداد غفيرة من المنتميات إلى جماعة الإخوان المسلمين، سواء بالمسيرات الضخمة (الإسكندرية)، أو بالمرور على المنازل لإقناع الناخبين بصفة عامة، والناخبات بصفة خاصة، بأهمية انتخاب ممثلي الجماعة، بهدف إعلاء الأمة الإسلامية، أو بالذهاب إلى المقار الانتخابات للإدلاء بأصواتهن. وفي كل الأحوال، خلا خطاب هؤلاء النساء من أي إشارة سواء من بعيد أو من قريب إلى قضايا النساء، في حين كانت الفرصة مواتية لذلك. مما يشير ويؤكد على أن هذا الموقف سيظل مستمر، وأنه يمكن أن يمثل خطرا إضافيا على نضال النساء المصريات المشروع في الحصول على المساواة والحقوق كاملة.

ثالثا: على مستوى البلطجة النسائية

  • في حين بدأ بروز البلطجة النسائية في بعض الدوائر الانتخابية خلال الانتخابات البرلمانية لعام ۲۰۰۰، تصاعدت هذه الظاهرة خلال الاستفتاء على المادة ٧٦ من الدستور في ٢٥ مايو ٢٠٠٥، لتصل إلى ذروتها خلال انتخابات البرلمان في نوفمبر ديسمبر ٢٠٠٥؛ وهو ما يشير إلى التالي:

  • تواطؤ حكومة الحزب الحاكم، وإطلاق مسجلات خطر (بموافقة ضمنية من وزارة الداخلية) على مرأى ومسمع من قوات الأمن, وبرضا تام من هذه القوات، وهو ما يشير إلى إمكانية استمرار هذا التواطؤ في فترات ومناسبات قادمة، قد تكون مختلفة، ولكنها ستساهم بالضرورة في وأد إرهاصات حركة نسائية مصرية، قادرة على النضال في الشارع من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، التي تمثل حقوق النساء جزء لا يتجزأ منها.

وحيث أن البلطجة تشترى ممن يدفع أكثر، فإن إمكانيات قيام هؤلاء البلطجيات في المستقبل بأعمال أكثر عنفا ضد نساء أخريات، سواء تحت مسمى الحفاظ على التقاليد، أو باسم الدين، أو بأي مسمى آخر، أصبحت واردة تمامًا، سواء كان من يحكمنا هو النظام الحالي، أو مزيج من هذا النظام ومن تحالفاته مع مجموعات أخرى، أو هيمنة تيار إسلامي سلفي ينادي ببقاء المرأة في المنزل لأن هذا هو مكانها الطبيعي وإلا وجب قتلها، أو تشويهها, أو فرض الحراسة على عقلها، الخ. أصبحت هذه الإمكانية أمر ممكن تمامًا، بل مؤشر خطر بالنسبة لجميع النساء المصريات اللاتي ينادين بالمساواة، أو حتى اللاتي لا ينادين بها، بل يتمردن على أوضاع لم يعد الفصال فيها ممكنا.

رابعًا: على مستوى أشكال أخرى من الإقصاء والانتهاك

  • استمرارًا لمسلسل يوم 25 مايو 2005، تمت عمليات بلطجة ومنع من أداء الواجب بالنسبة لعديد من المراقبات، والصحفيات، والتهديد بانتهاك العرض، وصلت إلى حد قيام شرطيتان بالاعتداء بالضرب على إحدى الصحفيات، وصولاً إلى إلقائها شبه ميتة في مكان ما وسط المدينة. وهي أمور لها دلالتان: أولها، استعمال قواتالأمنأساليب خاصة مع النساء مع التركيز على الجوانب الحساسة للمرأة في مجتمع يحمل قيم ذكورية متأصلة. ثانيها، اندراج الشرطيات – على غرار البلطجيات في ممارسة العنف والإجرام ضد نساء يؤدون واجبهم المهني، مما يؤشر إلى إمكانيات تكرار وانتشار هذه الممارسات في المستقبل، ويمثل تهديدا إضافيا على مستقبل النساء المصريات.

خامسًا: أمور أخرى تستحق وقفة

  • منذ عزوف المجلس القومي للمرأة عن الدفاع عن النساء المصريات اللاتي انتهكت أجسادهن يوم 25 مايو 2005 بحجة إنهن لم يخرجن للمطالبة بحقوق نسائية، تتوالى المؤشرات المتعلقة بسقطة وزيف هذا الكيان، وإخفاقه عن مجرد تبييض ماء الوجه من خلال الضغط على حزبه الوطني لزيادة نسبة النساء المشاركات على قائمته، ولا نتحدث هنا عن مرشحات أخريات، حزبيات أو مستقلات. ويعد هذا الكيان مصادرة إضافية على حرية حركة المنظمات النسائية المهمومة فعليا بقضايا النساء والوطن، والتي تعمل في ظروف بالغة الصعوبة. وهذا المؤشر يتطلب من المجتمع المدنى أن يتخذ سريعا موقفا حاسما من مجلس كهذا، ومجالس أخرى شبيهة خلقت لوأد حركته، وتشويه جهوده، وإضفاء قناع من التحضر والرقي أمام الرأي العام الدولي.

  • كما أن ازدحام وسائل الإعلام القومية بالحديث عن الإنجازات العظيمة التي حققها هذا المجلس بقيادة سيدة مصر الأولى، وبرسائل هذا المجلس الخاوية من مضمون تمكيني فعلا للنساء المصريات والعاجزة عن النهوض بالوعي المجتمعي في هذا المجال، أدى إلى النتيجة لعكسية في وجدان الإنسان المصري البسيط؛ حيث أصبح الحديث عن حقوق النساء حديثًا مكروهًا، بل تعمقت الاتجاهات المعادية لحقوق النساء، ناهيك عن التهكم والسخرية. وهذا مؤشر جديد على تصاعد الهجمة مستقبلا لانتزاع المكاسب المحدودة التي حصلت عليها النساء المصريات بفضل نضالاتهن على مدى ما يزيد عن قرن.

ظاهرة استخدام النساء

تصدرت النساء المشهد الانتخابي، فقد كن القوى التصويتية الحاسمة للأحداث السياسية لعام 2005 بدءاً من الاستفتاء على تعديل المادة ٧٦ من الدستور المصري لاختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشر بدلاً من الاستفتاء على اختيار ثلثي مجلس الشعب، مروراً بالانتخابات الرئاسية, وانتهاءً بالانتخابات البرلمانية.

فقد كان واضحًا للعيان دون بذل أي جهد للرصد الصفوف الطويلة للنساء أمام اللجان الانتخابية في الوقت الذي خلت فيه كثير من لجان التصويت للرجال من وجود أي رجل واحد لفتح باب الاقتراع وفقاً للقانون.

والسؤال الذي يفرض نفسه: إذا كانت النساء تشكلن القوة التصويتية الحاسمة، فلماذا لم ينعكس هذا على تمثيلهن في البرلمان؟ ولماذا لم يخترن نساء مثلهن ليدافعن عن مصالحهن، ويتحدثن عن قضاياهن؟

والإجابة واضحة، ومفادها أن التعامل مع قضية المرأة كقضية شكلية من كافة الأطراف، وعدم الاهتمام بإشراكها سياسياً بصورة حقيقية، وعدم تجاوز الأمر اتخاذ إجراءات متواضعة من دون اهتمام فعلي، أدى فقط إلى إضعاف واستضعاف النساء. كما أدت السياسات السائدة إلى إفقار النساء والانتشار الواسع للأمية بينهن ومناخ التمييز ضدهن, مما جعلهن هدفاً سهلاً للحشد والاستخدام في الانتخابات البرلمانية المصرية لعام ٢٠٠٥، الأمر الذي يعيد للأذهان تجربة قيام النساء بتسليم الجزائر إلى جبهة الإنقاذ، عن غير وعي.

ففي ظل حديث لا ينقطع عن التمكين السياسي للمرأة ودعوتها للتعبير عن نفسها، ومع خروج النساء للتعبير عن آرائهن في يوم الاستفتاء على المادة ٧٦ من الدستور المتعلقة باختيار رئيس الجمهورية وهو ما عرف بـيوم الاستفتاء الأسود، تم التحرش جنسيا بالنساء المعارضات في تجمع سلمي أمام نقابة الصحفيين, في إطار مفهوم جديد للتمكين السياسي للنساء.

وأكد المجلس القومي للمرأة هذا المفهوم الجديد بتصريح أمينته العامة الدكتورة فرخندة حسن حينما علقت على الحدث والمطالبات بتحرك المجلس بـ:”أن المتظاهرات خرجن للتعبير عن رأيهن السياسي في الشأن العام لهذا البلد لم يكن يتظاهرن لحقوق النساء !!!!!”

وكأن المجلس لا يمكن أن يدين التحرش بالنساء جنسيًا في مظاهرة سلمية، إلا لو كن يطالبن بحقوق النساء، ولم توضح لنا الأمينة العامة في تصريحها ما هي حقوق النساء، هل المشاركة في الشأن العام ليست من حقوق النساء ؟! وإذا كان الأمر كذلك، فما هو مفهوم التمكين السياسي الذي ملأت به السمع والأبصار في كافة وسائل الإعلام حتى خلقت حالة من الاستنفار العام ضد النساء؟ وهل هذا كان تصريحًا باستباحة أعراض النساء إذا خرجن في غير شأن النساء مع احتفاظها بتفسير هذا الشأن ؟!!

ورغم فداحة ما حدث، وما ترتب عليه من فضيحة دولية غطت على أخبار الاستفتاء، لم يعلن النائب العام نتائج التحقيقات لحين صدور هذا التقرير، الأمر الذي يعكس منهجية التعامل مع النساء.

وشهدت الانتخابات الرئاسية فيسبتمبربروز ظاهرة استخدام النساء، حيث تم حشد النساء في مراكز الاقتراع على مستوى الجمهورية، وعملت القيادات النسائية بالحزب الوطني بجهد كبير تصديقا واستجابتا لتصريحات مسئولية في الاتجاه إلى إعطاء مساحات أوسع لمشاركة النساء، ووعود الرئيس في برنامجه الانتخابي بضمان حد أدنى أعداد لتمثيل النساء في المجالس المنتخبة، وهو ما تمت ترجمته بترشيح أعداد هزيلة منهن لذر الرماد في العيون فقط.

إلا أن الانتخابات البرلمانية كانت الأكثر تفرداً وبروزاً لظاهرة استخدام النساء على كل المستويات، وتساوى الجميع: الحزب الوطني وكافة القوى السياسية في هذا الأمر.

على مستوى التمثيل كمرشحات:

لم تبذل القوى السياسية في مصر جهداً حقيقياً لتأهيل النساء للمنافسة على المقاعد البرلمانية، وإنما اكتفت بالتمثيل الديكوري ليس فقط على قوائمها الانتخابية، بل في هياكلها التنظيمية أيضا، فالأحزاب دائماً ما تعلن عن اعتدادها بدور المرأة على مستوى الخطاب السياسي، ولكن دون المستويات الأخرى. حيث تمثل النساء في الهيئة العليا لحزب الوفد سيدتان فقط من إجمالي ٤٠ عضوًا بنسبة 5%، ومن بين ٦٤ عضوًا في الأمانة العامة لحزب التجمع توجد ثلاث سيدات فقط بنسبة 4.6%، ومن إجمالي ۷۲ عضوا باللجنة المركزية للحزب الناصري توجد سيدتان فقط بنسبة ٢,٧%، وهذا على سبيل المثال.

وبالطبع لم تشارك النساء بصورة حقيقية في صناعة القرار الانتخابي أو دراسة الخريطة الانتخابية والمساهمة في حسابات المكسب والخسارة، ولم يكلف أي حزب نفسه بدراسة القيادات النسائية القادرة على جذب أصوات الناخبين أو حفز إمكانيات الحزب لدعم أي من مرشحاته، وتم الاكتفاء بمظهر شكلي تمثل في ترشيح امرأة أو اثنتين على سبيل إبراء الذمة، ومجرد الإعلان عن أن الحزب رشح سيدات.

حيث رشح الحزب الوطني ٦ سيدات من إجمالي ٤٤٤ مرشحًا، كما رشحت الجبهة الوطنية التي ضمت أطيافًا سياسية متعددة ٧ سيدات من إجمالي ۲۲۲ مرشحًا، وهو ما لا يعد طرحاً أفضل، وأضيف إليهن فيما بعد ثلاث مثلن حزبي الغد والكرامة، حتى الإخوان المسلمون زينت قائمتهم الطويلة من المرشحين مرشحة واحدة، وأمام تخلي الأحزاب عن المرشحات خاضت ۱۱۱ سيدة الانتخابات مستقلات متخذات قرارًا اعتمد على جو التفاؤل الذي سبق انتخابات البرلمان، وأن الأحزاب التي لم تستطع دعمهن لن تعمل على مواجهتهن بعنف في الدوائر الانتخابية.

لكن النساء واجهن حملات شرسة استُخدم فيها المسموح وغير المسموح, ولم تكتف الأحزاب والقوى الوطنية بالتراجع عن دعمهن بل تم استنهاض القيم القبلية والتمييزية ضدهن وضد كل من يعاونهن أو يؤيدهن, وامتد الأمر إلى القتل كحالةسعاد تعيلبالمرشحة المستقلة بالشرقية، والتهديد بالقتل أو تشويه الوجه بماء النار، واستخدام العنف والتحرش الجنسي.

وترتب على الترشيحات الهزيلة نتائج أكثر هزلاً، حيث نجحت 4 سيدات فقط في تراجع لم يشهده البرلمان المصري من قبل.

على مستوى الناخبات:

تم استغلال تضرر النساء من التراجع الاقتصادي وفشل السياسات لحشدهن بأعداد كبيرة للتصويت من أجل الحصول على حفنة جنيهات في سوق كبير كانت النساء فيه الأرخص كماً وموضوعًا.

كما تم استخدامهن كوقود للحملات الانتخابية دون حصاد أي مكسب سوى صعود تيار قد يؤثر بالسلب على فتات الحقوق التي حصلن عليها.

على مستوى أعمال البلطجة:

تم استخدام النساء المسجلات خطر على نطاق واسع لإعاقة العملية الانتخابية، ورد أنصار المنافسين لمستأجري خدماتهن والتحرش بالناخبين وترويع الناخبات.

الأمر الذي تعد معه الانتخابات البرلمانية انتخاباتكاشفةبكل ما تحمله الكلمة من معان، فهي على الرغم من المفاجأت العديدة التي نتجت عنها إلا أننا بقليل من التأمل والتحليل نكتشف أنها لم تكن إلا حقائق غابت عنا في غيوم الشعارات والحوارات والتحالفات، وعكست قصر نظر الجميع في رؤية المستقبل، بل حتى النظر تحت الأقدام، فمنذ بداية الحديث عن الإصلاح السياسي شهدت مصر حيوية لم تشهدها منذ عقود. وبدأ كافة المعنيين والمعنيات في العمل في وضع أجندة الانتخابات البرلمانية، ولكن تم وضع أجندة تراهن على الواقع وتستخدم آلياته, وتساوى في ذلك الجميع، والكل بدأ في ترتيب أوراقه.

مستخلصات التقرير:

قام المركز بمراقبة جميع دوائر المرشحات في الانتخابات البرلمانية بمراحلها الثلاث، وقد بلغت ٨٦ دائرة انتخابية نافست فيها ۱۲۷ مرشحة, وبلغت الترشيحات الحزبية ۱۳ مرشحة، فضلاً عن مرشحة واحدة للإخوان المسلمين، و ١١٤ مرشحة مستقلة، وذلك كالتالي:

المرحلة الأولى:

جميع دوائر المرشحات البالغة ۲۸ دائرة في ثماني محافظات وهي (القاهرة الجيزة – بنى سويف – أسيوط – مرسى مطروح – المنيا – الوادي الجديد – المنوفية) خاضت فيها الانتخابات ٤٢ مرشحة: ٦ مرشحات للحزب الوطني، و 7 مرشحات للجبهة الوطنية للتغيير التي تضم أحزاباً وقوى وتيارات سياسية؛ وباقي المرشحات خضن الانتخابات مستقلات.

المرحلة الثانية:

جميع دوائر المرشحات البالغة ۳۳ دائرة في تسع محافظات وهي (الإسكندرية – البحيرة – الغربية – الإسماعيلية السويس – بورسعيد – قنا، الأقصر – القليوبية – الفيوم) خاضت فيها الانتخابات ٥٠ مرشحة, مثلت اثنتان من المرشحات حزبين سياسيين هما حزب الوفد وحزب الأمة، والأخريات قمن بشجاعة بالترشيح كمستقلات.

المرحلة الثالثة:

جميع دوائر المرشحات البالغة ۲٥ دائرة في ثماني محافظات وهي (سوهاج – البحر الأحمر – كفر الشيخ – الدقهلية – الشرقية – شمال سيناء – جنوب سيناء – دمياط) خاضت فيها الانتخابات ٣٥ مرشحة, مثلت اثنتان من المرشحات حزبين سياسيين هما حزب الوفد وحزب الكرامة، والأخريات قمن بشجاعة بالترشيح كمستقلات بعد أن تخلت عنهن أحزابهن.

وقد عمل المركز على رصد ومراقبة العملية الانتخابية في دوائر تشمل المرشحات من كافة جوانبها في إطار رؤية المركز للمراقبة وهى تشمل البيئة السياسية والاجتماعية والمناخ العام الذي جرت فيه الانتخابات؛ وتضمن ذلك تقديم رؤية نوعية معنية برصد مشاركة النساء كناخبات, وكمرشحات، وحجم المعوقات والصعوبات التي تواجههن؛ ومدى تأثير مسار العملية الانتخابية سلبياً إيجابيًا على مشاركة النساء.

وقد استخلص المركز من خلال أعمال المراقبة عدة نتائج هي:

١ التضحية بالإصلاح السياسي والتطوير الديمقراطي في مقابل الحصول على مقاعد البرلمان، واستمرار استبعاد الفئات المهمشة, وفي مقدمتها النساء.

۲ استنهاض قيم القبلية في المجتمع المصري ضد المرشحات, والتأثير على مسئولي حملاتهن الانتخابية وجميع المساعدين والمساعدات, من خلال استنهاض قيم القبلية في المجتمع المصري المتمثلة في المعايرة بكونهم يساعدون امرأة بدلاً من الوقوف خلف الرجال، وعلى اعتبار أن ذلك يخالف عادات وتقاليد المجتمع المصري، كما يحاولون التأثير على الناخبين بنفس الأقوال، وتمزيق الدعاية الانتخابية للمرشحات في كثير من الدوائر تحت نفس الادعاءات.

3 – البلطجة والتهديد بالقتل وتشويه الوجوه للمرشحات وذلك للترويع والترهيب للمرشحات, واستخدام البلطجة وإطلاق النيران عليهن, والتهديد بالحرق وتشويه الوجوه في محاولة لإجبار المرشحات ومؤيديهن على التراجع أو التنازل عن الترشيح لصالح مرشحي الحزب الوطني.

٤ – استخدام أساليب القهر الجنسي لإبعاد النساء سواء بتشويه السمعة أو التحرش الجنسي أمام اللجان الانتخابية.

5 – استخدام النساء واستغلال فقر واحتياج الناخبات للأموال ودفع الرشاوى المالية لهن لشراء أصواتهن، وخاصة النساء الفقيرات والمعيلات وغير المتعلمات، وارتكز الشراء على النساء نظراً لقلة سعر صوت المرأة مقارنة بالرجال، حيث وصل متوسط الصوت في بورصة الانتخابات للنساء إلى ۲۰ جنيهًا مصرياً بينما وصل للرجال إلى ١٥٠ جنيهًا مصريًا.

٦ – استخدام النساء المسجلات جنائيًا لافتعال المشاجرات والمشاكل لترويع الناخبين والناخبات، ولدفع القضاة إلى غلق اللجان.

7 – نجاح قوى المال والنفوذ والرشوة والفساد في حشد الناخبات للتصويت لمرشح بعينه سواء من الحزب الوطني، أو أحزاب المعارضة، أو المرشحين المستقلين من النساء والرجال.

8 – استمرار فوضى الكشوف الانتخابية وتكرار حالات السقوط بتشابه الأسماء، وتكرار أسماء أخرى، ووجود أخطاء في الأسماء فضلاً عن استمرار كتابة الأسماء ثلاثية مما يسمح بتشابه الأسماء.

٩ كثرة الأخطاء والتجاوزات الإدارية واستخدام المال العام والموظفين العموميين لخدمة مرشحي الحزب الوطني.

۱۰ – الدور السلبي للأمن في المرحلة الأولى والانتهاكات الخطيرة في المراحل الباقية والذي تجاوز الحيادية للوصول لحالة من الفوضى في بعض اللجان كما تخاذل الأمن عن أداء دوره الحقيقي في حفظ الأمن والنظام والحفاظ على حياة المواطنين، ناخبين ومرشحات، أو لم يستطع الأمن أن يتصدى لتهديد المرشحات، وإطلاق النار على إحداهن ولم يتصد للتعدي على الناخبات والتحرش جنسياً بهن في المرحلة الأولى من الانتخابات، وتطور التدخل في المرحلة الثالثة إلى التدخل لوقف العملية الانتخابية ومنع الناخبين في بعض اللجان من التصويت.

شهادة ١:

حوالي الساعة ٥ أشار مجموعة من الزملاء بخروجنا من النقابة لأحسن متوقع هجوم من البلطجية على النقابة واحنا خرجنا وكان معي (عبير العسكري)، ووقفنا تاكسي وركبنا التاكسى وطلبنا منه أنه يمشى بسرعة إلا أن الضابط وقف أمام التاكسي وكان فيه اثنين من أمناء الشرطة محاصرة التاكسي وطلب الضابط من سائق التاكسي عدم التحرك من مكانه وبعدين نده على واحد وقال له هات الستات واحنا شوفنا الستات وهما جايين فنزلنا من التاكسي لكن الضابط اللى عرفت اسمه من أحد الأشخاص أن اسمه (نبيل سليم) من مباحث بولاق أبو العلا مسكنى من المرفق عند كوعي الأيمن بقوة لدرجة انه حبس الدم في أيدي وبعدين دفعني نحو الستات وقال لهم خذوها اللي مسكوني من ملابسي وشعري وقاموا بالاعتداء عليا بالضرب وتقطيع ملابسي وحاولوا نزع البنطلون إلا أنني صرخت بصوت عالي وكانوا الستات ماسكين عصى وشباشب وكانوا يعضوني فى رقبتي وفيه كدمات وبعض الجروح بجسمي ومحامين كانوا فى النقابة لما عرفوا خرجوا ناحيتي وأخذوني وبعدين دخلوني النقابة وأنا أغمى عليا وكان فيه دكتور موجود داخل النقابة وهو اللى فوقني وأنا سوف أقدم بلاغ للمجلس القومي لحقوق الإنسان وكذلك المجلس القومي للمرأة ومنظمات حقوق الإنسان وأنا قدمت شكاوى لمنظمات دولية بعدما عرفوا واتصلوا بي مثل منظمة ايفكس لحرية الرأي والتعبير وجمعية حماية الصحفيين في أمريكا واحد المراسلين من لجنة حقوق الإنسان الدولية.

شيماء أبو الخير – محررة بجريدة الدستور

شهادة 2:

أنا كنت ضمن التظاهرة الخاصة بحركة كفاية فى نقابة المحامين وأنا واقفة على سور نقاب المحامين الساعة ۲ شاهدت عدد 2 أتوبيس هيئة نقل عام وأتوبيس خاص بالشرطة لونهم أزرق وعربة أمن مركزي ووقفت أمام جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس وكان موجود من أنصار الحزب الوطني داخل الجمعية وشفت لواء شرطة و (ماجد الشربيني) المحامي أمين شباب الحزب الوطنى يتحدث مع الشباب داخل الأتوبيس ويوجههم إلى التجمع بتاع الوطني أمام الصحفيين وضربوا مظاهرة حركة (كفاية) واعتدوا على البنات بشكل عشوائي وخلع ملابسهم ومحاولة هتك أعراضهم واتجهوا إلى نقابة المحامين واعتدوا على المتظاهرين داخل النقابة بزجاج المياه الفارغة والحجارة والعصى والحديد وأنا لما لقيت البطلجية دخلوا النقابة فجريت إلى سطح المبنى الإداري بنقابة المحامين أنا و (وائل توفيق) زميلي في الدستور و(وليد صلاح) طالب فوجئنا بعضو مجلس نقابة المحامين (على الصغير) ومجموعة من الموظفين اعتدوا علينا بالضرب وكان مصر على تسليمنا لأنصار الحزب الوطني وضربني (على الصغير) المحامي على وجهي وفي بطني وألقى بنا على السلم وتدخل عدد من زملائي لحمايتي وبعدين زملائنا أشاروا علينا بالخروج أنا وشيماء أبو الخير زميلتي ووقفنا تاكسي وفوجئت بضابط يقف أمام التاكسي ومجموع من الأمناء حول التاكسي ونزلوني بعد ما نزلت شيماء وجابوا لها عدد من الستات وكانوا يعتدوا عليها يخلعوا ملابسها وأنا أخذوني الأمناء على جانب الطريق بشارع رمسيس وضربوني ضرب مبرح وكان معهم ضابط أمن دولة بزی ملكي وآخر بزي رسمي برتبة عقيد وصرخت وسمعني زملائي وكان فى الوقت بيحاولوا يخلعوا ملابسي وضابط أمن الدولة قال علشان تعملي فيها زعيمة تاني ووريني هتنزلي مظاهرة تاني إزاي وأنا صورتك وهاوزع صوركوأمر أمناء الشرطة إنهم يجرجروني على الأرض ويتحرشوا بجسدى وشدوني من رجلي ووقعت على الأرض وهو كان رش اسبري على وجهي علشان أنا لا أصرخ وأتدخل بعض الناس على المحطة وزملائي عرفوا وخرجوا وأخذوني أنا و(شيماء) ودخلوني في نقابة المحامين وهدومي وهدوم (شيماء) كانت ممزقة وبعض الزملاء احضروا ملابس لنا و (خالد البلشي) أحضرها لنا.

عبير أحمد العسكري – محررة بجريدة الدستور

شهادة 3:

يوم الأربعاء 25/ 5/ 2005، كنت أمام ضريح سعد زغلول لمشاركة حركة كفاية والكثير من الزملاء في المظاهرة التي قررتها كفايه ضد الاستفتاء على تعديل المادة ٧٦ من الدستور وتم تجميع المتظاهرين بعيدًا قليلاً عن المكان المطروح للتظاهر ثم توجهنا إلى الضريح بجانب محطة المترو. كانت أجهزة الأمن قد استعدت بالأمن المركزي كالعادة وأيضا بمظاهرات الحزب الوطني المؤيد للاستفتاء وهذا التكتيك آثرت الحكومة والنظام استخدامه منذ فترة لإرهاب المتظاهرين ضدها. اشتغلنا لمدة عشر دقائق بشكل جيد جدا وكنا نهتف تحيا مصر ويسقط حسني مبارك وهتافات أخرى تندد بالنظام بصياغة تعديل المادة. فوجئنا بلواء شرطة يهاجم الزميل خالد عبد الحميد وهو من الأفراد النشيطين ويرفعه عن الأرض ويهم بضربه فقمت أنا والزميلة أسماء علي وإيمان عوف بإبعاده عن خالد فوقع على الأرض ونصحنا خالد بالجري فحاولنا الجري ولكن اللواء جذبني من شعري ولكني أفلت منه فأمر مجموعة من الأشخاص وكانوا يلبسون ملكي بإيقافي وقال لهم: هاتوا لي البت لدي“.. فوجئت بشاب واضح أنه من مظاهرة الحزب الوطني لأنه خرج من وسطهم يجذبني من شعري ثم بعشرة أشخاص تقريبا كلهم يضربوني ويلمسوني في كل جزء من جسمي ويحاولون نزع ملابس.. أصبحت تقريبا عارية هذا بالإضافة لسحلي على الأرض وجري من شعري وعندما اقتربنا من الحشود أمرهم أحد الضباط بتغطيتي وإلباس حذائي ثم دفعوني داخل كوردون من العساكر حول بعض الزملاء ومنهم إيمان عوف وتامر وجيه وساره الديب مراسلة الأسوشيتدبرس والتي تم ضربها عند محاولتها الدفاع عني ضد مخبري الأمن، والأستاذ عبد الحليم قنديل وبداخل الكوردون وجهوا لنا الضربات واللكمات بالعصيان وذلك لمدة نصف ساعة ثم أخرجونا فردا فردا باتجاه مظاهرة الحزب الوطني وكان المتظاهرين بها يضربوننا ولكن بعض من ضربوني أمروهم بعدم ضربي مرة أخرى لأن ذلك على حد تعبيرهم يكفيني وأنني نلت كفايتي. بعدها توجهت لنقابة المحامين وحدث التحرش بزميلاتي وحدفونا بالطوب والكراسي وعند خروجي من النقابة ركبت تاكسي وركب معي زميل لتأميني ولكني فوجئت بسيارة أجرة تراقبني فوقفت ونزل منها شخص أخبرني أنه من أمن الدولة وأنه مقدم وبإطلاعي على هويته رأيت أنه هشام ولم أتبين اسم والده وأخبرني أنه لا يريد القبض علي ولكن حمايتي لأن رجال الحزب الوطني المتظاهرين يريدون الفتك بي وبقى يلازمني فترة طويلة جدا فذهب معي لمدينة نصر ثم لمركز هشام مبارك ومن مكالمة تليفونية تلقاها أدركت أنه لا يريد القبض علي ثم تركني.

نشوة طلعت حسن – الأحد 29/ 5/ 2005

شهادة 4:

يوم الأربعاء ٢٥/ 5 تعرضت للسب والإرهاب والترويع من قبل مؤيدي الحزب الوطني بجوار ضريح سعد. وقفت قوات الأمن تشاهد بدون أي تدخل ثم اختفت تماما حين بدأ الاشتباك بالأيدي. صعد مؤيدي الوطني فوق السيارة اللادا الصفراء التي كانت تفصلنا عن الشارع وتلفظوا بأفظع الشتائم.. (لدي فيديو يثبت ذلك) ثم بدأ الاشتباك بالأيدي فجرينا إلى نقابة الصحفيين. على سلم النقابة وقفت ضمن مجموعة المتظاهرين ضد الاستفتاء وأحاطت قوات الأمن بنا على حدود رصيف النقابة. كان مجدي علام يقف على الرصيف المقابل ضمن قوات الأمن ثم أشار لبلطجية الحزب الوطني القادمين من شارع رمسيس بالإسراع وظل يشاور لهم حتى وصلوا. أفسحت قوات الأمن مكانا جهة اليمين وبدأ البلطجية الدخول إلينا وصعود السلم وبدأ الاشتباك بالأيدي وظلت قوات الأمن في مكانها في الخلف (لدي صور تثبت ذلك). تراجعنا للخلف ورفض أمن النقابة السماح لنا بالدخول. اتجهنا جهة اليسار وبدأ الضرب يقترب منا. سمعنا صوت ضابط تعالوا هنا واحنا هنحميكم“. بدأنا نتزحلق على رخام النقابة على ارتفاع متر ونصف وقال اللواء:”احنا هنحميكم“. احتجزتنا قوات الأمن في مدخل جراج النقابة ورفضوا خروجنا علشان البلطجية ما يضربوناش. بدأوا في إخراج البنات اثنين اثتين. بعد خروج حوالي ٤ بنات قال اللواءافتحكنت أنا وزميلتي آخر من خرجنا من هذه الدائرة، وقام العساكر والضباط بالاعتداء علي بالضرب بالعصا والأيدي على ظهري وكتفي وذراعي أثناء خروجي. ظل أصدقائي بالداخل محاصرين حوالي ۱۰ دقائق تحيط بهم قوات الأمن، خرجوا بعدها هدومهم مقطعة وثلاث فتيات تعرضوا لتحرش جنسي (كما قالوا في حينها) من قبل قوات الأمن والبلطجية معا. ولدي صور للضباط وهم يساعدوننا على النزول من سلم النقابة إلى مدخل الجراج، وصورة لوجه اللواء الذي قال أنه سيحمينا، ثم قالافتح“.

نورا اسماعيل يونس – ٢٩/ 5/ 2005

بلاغ من: رباب أحمد المهدي

ضد: رئيس الحزب الوطني (محمد حسني مبارك) ووزير الداخلية (حبيب العادلي)

بخصوص: تعدي الأمن وبلطجية الحزب الوطني علي بالضرب والتحرش الجنسي يوم 25/ 5/ 2005

في يوم الاستفتاء على تعديل المادة ٧٦ توجهت إلى تجمع سلمي أمام ضريح سعد زغلول للتعبير عن رفضي لصيغة المادة والاستفتاء. حين وصلت الساعة 11.30 كان الأمن بدأ يقبض على مجموعة من المتجمعين، فمشيت حوالين الضريح فترة ثم توجهت لمكان المظاهرة وأصريت على الوقوف رغم مضايقات الأمن. في حوالي الساعة 12.10 طلب منا الأمن الانصراف بعد أن هددنا الأمن بإطلاق بلطجية الحزب الوطني (حوالي ٤٠٠ شخص) علينا لضربنا. فبدأنا الانصراف وفي خلال انصرافنا تحرش بي أنصار الحزب الوطني وحاولوا شدي ومسكوني من مناطق حساسة أمام الأمن. جرينا في الشوارع الخلفية وأفراد الأمن (في ملابس مدنية ولكن يحملون جهاز لاسلكي) وبلطجية الحزب الوطني وراءنا. جرى البعض ولكني تعثرت مع بعض الزملاء (خمسة آخرين) فسحلنا الأمن داخل صيدلية أمام مكتب بريد الدواوين وأوقفوا بلطجية بالخارج يهددونا ويشتمونا ويهددون بأفعال جنسية فاضحة. اتصلت بالصحفيين ونشطاء سياسيين ليأتوا لنجدتنا. أتوا وتم ضرب الكثير منهم خارج الصيدلية. فأدخلوا د. ليلى سويف وعلاء سيف بعد ضربهم إلى الصيدلية. بعد ذلك وبضغط منا ومن في الخارج جاء ضابط من المباحث الجنائية وقال لنا: أنا ماليش دعوة بأمن الدولة اللي عاملين فيكم كده أنا مش عايز قتيل في منطقتي وسوف أأمن خروجكم“. فعلا اصطحبنا إلى الخارج وتبعنا بلطجية الوطني بالشتائم والتهديد حتى ركبنا تاكسيات وتوجهنا إلى نقابة الصحفيين. بعد ربع ساعة من وصولي إلى النقابة فوجئت بنفس البلطجية بقيادة مجدي علام ومحمد الديب أعضاء الحزب يأتون إلى النقابة وسمح لهم الأمن بدخول الكردون الأمني المحيط بنا ليضربونا. احتلوا سلم النقابة ودفعوني أنا وزملاء آخرين للوقوف على منحنى بجانب السلم حتى نستطيع الوصول للشارع. أخدنا (حوالي ١٥ شخص) الأمن المركزي على وعد بتأميننا ووضعنا في مدخل الجراج المغلق. وكان هناك ۲ ضباط أمن مركزي منعونا من المغادرة بدعوى حمايتنا وطلبوا مني عدم الاتصال بأي شخص للحضور لنجدتنا. وبعد عدة دقائق أتى لواء وهمس في أذن الضابط ففوجئت بانسحاب الأمن المركزي (في خلال ذلك نجح حوالي ٨ فتيات في الهروب ليس لهن نشاط سياسي) ولكن منعنا الأمن من الخروج معهم وأتوا بأربع صفوف من الأمن المركزي سدوا المخرج إلى الشارع والرصيف وفتحوا الناحية اليمنى ليدخل عليا بلطجية الوطني. فدفعونا ناحيتهم وبدأ البلطجية يضربونا ويتحرشون بي. وضعوا أيديهم تحت ملابسي وعبثوا بكل الأجزاء الحساسة في جسمي تحت أعين عساكر وضباط الأمن المركزي.. ظللت أستغيث بالعساكر، قالواالأوامر كده“… قلت للضابطحموت اقبضوا علي بس بلاش كدهابتسم ولم يحرك ساكنا. كان معي محمد درديري وجمال صدقي، يضربون ويحاولون حمايتي. كان البلطجية بعد أن أشار لهم مجدي علام ومحمد الديب يضربون ويعبثون بجسدي ويقولون: أوه حسنى مبارك اللي مش عاجبكم شوفتي بعمل فيكي ايه

كان هناك شهود من الصحفيين الأجانب والمصريين رأوا الواقعة وسجلوها في صحيفة Christian Science Monitor و Washington Post. كان هناك أيضا الصحفي حسام الحملاوي الذي حاول إنقاذي ونجوى حسان. وأخيرا سقطت على الأرض وبدفع الأقدام استطعت أن أفلت بين أقدام الجنود. جريت ولكن حاول بعض أفراد الأمن الواقفين خارج الكوردون اللحاق بي وهم يشتموني بأفظع الألفاظ. جريت حتى وصلت إلى شارع قصر النيل وأنا أستغيث بالمارة حتى كف البلطجية عن ملاحقتي.

رباب أحمد المهدي

مقدم من: أ. د. عايدة سيف الدولة أستاذة الطب النفسي – كلية الطب جامعة عين شمس طبيبة بمركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف ورئيس الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب.

ضد: محمد حسني مبارك بصفته رئيس الحزب الوطني ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، وحبيب العادلي وزير الداخلية بصفته

بخصوص: تعدي ضباط الشرطة وأعضاء من الحزب الوطني علي بالضرب والتحرش الجنسي في يوم الأربعاء الموافق ٢٥ مايو ٢٠٠٥ بشارع نوبار بالمنيرة.

الوقائع:

وصلتني دعوة للتظاهر تدعو كل من لا يوافق على أسلوب الاستفتاء على المادة ٧٦ من الدستور إلى التجمع عند ضريح سعد في الساعة الثانية عشرة ظهرًا يوم ٢٥ مايو 2005. وحيث أنني ممن لا يوافقون على أسلوب الاستفتاء ولا صيغة المادة المستفتى عليها، فقد توجهت إلى مكان التجمع عند ضريح سعد بسيارتي في حوالي الثانية عشرة والربع ووجدت مكان التجمع محاصرا بالأمن على حين وقف عدد من نشطاء الحركة المصرية من أجل التغيير محاصرين على الرصيف يحيط بهم الأمن من كل جانب. لم أتمكن من التقدم بالسيارة بسهولة حيث أن ضباط المرور كانوا يفسحون الطريق لسيارة من سيارات الأمن المركزي لتأخذ مكانها أمام المنطقة التي تجمع فيها المتظاهرون. تحركت بعيدا إلى شارع المبتديان وتركت سيارتي هناك وعدت سيرا على الأقدام إلى حيث يقف المتظاهرون. استغرق الأمر حوالي عشر دقائق وحين وصلت إلى مكان التجمع كان الهرج والمرج على أشده.. صراخ فتيات وضرب شباب.. وسمعت أن الأستاذ محمد عبد القدوس قد ضرب وأن عددا من أعضاء حزب العمل قد تم القبض عليهم. كان الأمن يحاصر المكان وكانوا متعددي الأنواع ضباط أمن دولة من المعروفة أشكالهم وضباط في زي رسمي وجنود من جنود الأمن المركزي. بعد حوالي ربع ساعة رأينا ضباط المرور يوقفون المرور ويفسحون الطريق لأكثر من سيارة وأوتوبيس تحمل لافتات مبايعة لمبارك موقعة باسم محمد الديب ومحملة بالشباب.. نزلوا من السيارات وتقدموا نحو التجمع سائرين في وسط الشارع رافعين على أكتافهم طفلا لا يتجاوز عمره العشر سنوات يهتف باسم مبارك.. وقفوا في منتصف الشارع لبعض الوقت يهتفون ويكيلون السباب لمتظاهري المعارضة ويشيرون إليهم بالأصبع الوسطى ويتهموهم بالعمالة.. ثم بدأوا يحاصرون الرصيف هم الآخرين بعد أن أفسح لهم جنود الأمن المركزي المكان.. اقتربوا من المتظاهرين وانحشروا في وسطهم وبدأوا الدفع بالأيدي وإلقاء الشتائم على حين وقف البعض الآخر يحمل ميكروفونا ويهتف من على سطح سيارة لادا صفراء كانت تقف ما بين المتظاهرين والرجال والشباب الذي كان بعضهم يلبس حول عنقه يافطةالحزب الوطني الديمقراطي“.. رأيت وقتها أحد المواطنين وقد اجتمع حوله عدد من الرجال في ملابس مدنية يكيلون له الضرب ثم يحملوه بعيدا عن المكان في اتجاه الجانب الآخر من ضريح سعد.. حاول محمد هاشم أن ينقذ الولد من بين أيديهم فدفعوه بعيدا.. رأيت صحفيا يرفع الكاميرا ليصور فهجم عليه رجلان وأخذوا منه الكاميرا !!

وقفت على الرصيف المقابل فرأيت عددا من المتظاهرين والمتظاهرات يجرون ورجال الأمن بالزي الرسمي إضافة إلى رجال آخرين يجرون وراءهم. لمحت زميلتي الدكتورة ماجده عدلي بين المتظاهرين فتوجهت إليها واقترحت عليه أن نتوجه إلى نقابة الصحفيين حيث أن الاستمرار في المحاولة مع وجود كل هؤلاء البلطجية أمر مستحيل. كنا على وشك التوجه إلى نقابة الصحفيين حين سمعنا أصواتا تقول أنهم قبضوا على تامر وقبضوا على إيمان وكسروا كاميرت وائل.

قررنا التوجه إلى نقابة الصحفيين. انضم إلينا عدد من الأصدقاء ثم جاءتنا مكالمة على المحمول من إحدى الصديقات تقول أنها محتجزة في صيدلية إيمان في شارع نوبار وتستنجد بنا أن نذهب لنخرجها من هناك. ثم جاءت مكالمة أخرى تقول أن الدكتورة ليلى سويف الأستاذ المساعد بكلية العلوم جامعة القاهرة وابنها أ. علاء سيف، محتجزين أمام مكتب البريد.. توجهنا إلى الشارع الموازي نسأل عن مكان الصيدلية. وحين كنا نسير في الشارع الجانبي وجدنا أنفسنا فجأة في وسط حشود من الأمن المركزي تجري في نفس الاتجاه الذي كنا نسير فيه. وصلنا إلى الصيدلية لنجد حشدا رهيبا من البلطجية على الرصيف يحيط بهم جماعة من الأمن في الزي الرسمي يعطوهم الأوامر بالتوجه هنا وهناك ورأيت الدكتورة ليلى وعلاء سيف يدفعون دفعا إلى داخل الصيدلية.. توجهت مع د. ماجدة إلى الصيدلية لنجد عددا من الرجال واقفين أمامها يمنعون الدخول ويسبون.. طلبنا الدخول فرفضوا باستخدام لغة قذرة وبدأ الضرب.. أحاطنا البلطجية من كل جانب وظلوا يضربون ويدفعون بي وبالدكتورة ماجدة من شخص إلى آخر، مستخدمين شتائم قذرة واتهامات أكثر قذارة.. ثم شعرت بعدد من الأيادي على أماكن متعددة من جسدي, أحدها جذب قميصي وأدخل يده على صدري.. وحين بدأت أصرخ فيهم, بدأ الضرب مرة أخرى. التفت لأبحث عن مخرج وكان خوفي هو أن نتعثر ونقع تحت الأقدام فندهس لا محالة وجدت ورائي ضابطين في زي رسمي.. صرخت فيهم: واقفين بتتفرجوا.. ما توقفوهم.. عندها ضربني أحدهم ضربة قوية على كتفي وظهري ودفعني مرة أخرى إلى داخل دائرة البلطجية قائلا: عشان تبطلي تيجي حتت فيها رجاله !!

لقد وصل العنف والتحرش بهؤلاء الرجال والشباب حدا جعل أحدهم في النهاية يقول: لأ يا جماعة مش للدرجة دي !! وأخذ يدفع بنا نحو الحائط بحيث أصبحنا واقفين بين الحائط وبين البلطجية يفصلنا عنهم هذا الشاب. جاء ضابط الشرطة وطلب منا أن نرحل وقلنا له أننا لن نرحل إلا بعد أن يطلقوا سراح المحجوزين في الصيدلية.. قال أنه لا يستطيع أن يخرجهم الآن حيث أنها محاصرة بالبلطجية !!! وصممنا نحن على الانتظار لحين خروجهم وانضم إلينا صديقنا وائل خليل الذي رفض هو الآخر الابتعاد سوى بعد الاطمئنان على المحجوزين في الصيدلية. استمر الأمر حوالي ربع ساعة كان البلطجية يحيطون بالمكان من كل ناحية، يشيرون بأياديهم إشارات بذيئة ويهتفون باسم مبارك.. يم قرروا التوجه إلى نقابة الصحفيين: رجل في متوسط العمر، ضخم الجسم, يحمل على صدره لافتة الحزب الوطني الديمقراطي، يحمل ميكروفونا ويقول: ورايا دلوقتي على الصحفيين. وبدأوا في السير بعيدا عن المكان وعرفنا أن أصدقاءنا قد خرجوا من الصيدلية بعد أن سرقوا كاميرات علاء وجهاز الكومبيوتر الخاص به.

توجهت إلى نقابة الصحفيين بتاكسي وكان شارع رمسيس مزدحما فنزلت عند أوله. رأيت مجموعة من الشباب لا تتجاوز أعمارهم الـ ١٦ أو ١٧ سنة ينزلون من أوتوبيس ركن تحت كوبري ٦ اكتوبر، يحملون صور حسني مبارك ويسيرون وراء شخص أكبر منهم سنا هو أيضا يحمل حول رقبته بطاقة الحزب الوطني.. ويتوجهون في اتجاه نقابة الصحفيين.

بوصولي إلى النقابة من شارع عبد الخالق ثروت رأيت سيارات المطافئ تتحرك لتدخل شارع عبد الخالق ثروت.. أحدها ركنت أمام النقابة والأخرى تعطلت وجاءوا بالعساكر لدفعها. لم يكن من الممكن الاقتراب من النقابة، فقد وقفت قوات الأمن تأمر الناس بالابتعاد عن المكان. أصريت على الوقوف فجاء رجل وقح يطلب مني الابتعاد. ويهدد بأن الرش هيبتدي دلوقتي وهتتبهدلي. رفضت وقلت له بأي حق يطلب مني أن أبتعد وأنني أريد أن أبقى لأرى ما سوف يحدث لهؤلاء المحجوزين في النقابة. قال: ابقي اتفرجي عليها في الجزيرة يا ستي. تجمع عدد من الناس اعترضوا على إجبارهم على الابتعاد وكاد يحدث اشتباك لولا تدخل أحد الرجال يبدو وكأنه من قيادات الأمن وإن كان يرتدي زيا مدنيا، لكنهم جميعا رضخوا لأوامره حين قال لهم: سيبوهم. عندها قال آخر: خلاص خليكي وانتي مسئولة عن اللي هيحصل لك.

بعد حوالي عشر دقائق بدأت تصل المكالمات من صديقات وزميلات يستنجدن لأنهن تعرضوا لأشياء فظيعة والتقينا على قهوة قريبة اتفقنا عليها وبدأت أسمع حكايات التحرش.

توجهت إلى مركز هشام مبارك للقانون لاستشير زميلي الأستاذ أحمد سيف عن كيفية التعامل مع الأمر. دخلت علينا سيدة تبكي وفي حالة انهيار عصبي ومعها ثلاثة من الشباب أحدهم يرتدي صديرية بدون قميص. علمنا بعدها أن السيدة هيا الصحفية نوال من جريدة الجيل وكانت متوجهة إلى النقابة لتحضر دورة تدريبية وأنه قد تم تعنيفها بقسوة وتمزيق ملابسها وأن الصحفي الشاب قد أعطاها قميصه بدلا من ملابسها الممزقة.

شيماء أبو الخير – صحفية

صحفية في جريدة الدستور، عقب تعديل المادة ٧٦ من الدستور قامت مظاهرات من قبل المواطنين احتجاجا على الطريقة التي تم بها تعديل المادة، فقامت مظاهرة من قبل الصحفيين والمواطنين يوم الاستفتاء على تعديل المادة، الموافق 25/ 5/ 2005، وذلك على سلم نقابة الصحفيين، وكانت الصحفية شيماء أبو الخير ضمن هؤلاء المتظاهرين من أجل تغطية المظاهرة ونزولها ضمن أخبار الجريدة. وخلال المظاهرة قامت قوات الأمن بالتعدي على الصحفية وغيرها مع هتك أعراضهن وتمزيق ملابسهن على سلالم نقابة الصحفيين على مرأى ومسمع من عدد كبير من الصحفيين ورجال الأمن والمواطنين وأمام عدسات المحطات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية. وقد قامت الصحفية بإرسال بلاغ للنائب العام وذلك لمحاسبة الجناة إلا أن نتائج تحقيقات النائب العام أسفرت عن حفظ التحقيقات وذلك بدعوى أنهلا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل“. وبناءً على ذلك قررت شيماء أبو الخير اللجوء إلى القضاء الجنائي الدولي طلبا للإنصاف. وقد وردت شهادتها ضمن الشهادات التي يتضمنها هذا الكتيب، كما نورد فيما يلي بيانا صدر عنها:

أعلن باسمي واسم كل السيدات والفتيات اللاتي تعرضن للضرب وهتك العرض يوم الأربعاء الأسود يوم الاستفتاء – سواء من كانت متواجدة لعضويتها في كفاية، أو كانت تمارس عملها كصحفية أو تم الاعتداء عليها دون ذنب، أننا جميعا نتعرض لضغط وتهديد من الحكومة المصرية وتهديد مباشر من الأمن ووزارة الداخلية باعتقالنا أو اختطافنا أو تلفيق قضايا لنا وأهلنا. وأننا مراقبون من يوم الاعتداء, وهذه المراقبة تعتبر انتهاكا صريحا للقانون لأنها غير مبررة، وأننا قدمنا بلاغا إلى النائب العام حول هذه التهديدات إلا أنها زادت بعد الإبلاغ، وأننا نؤكد إننا ما زلنا نقف على أقدامنا ولن ننكسر ولن يؤثر فينا أي شيء، وسوف نظل أصحاب حق ضحايا أقويا وليس ضعفاء، وإننا نناشدكم أن تقفوا بجوارنا وأن تنشروا هذه الرسالة لكل من تعرفونهم حتى يتم فضح هذا النظام.

شيماء أبو الخير – إحدى الصحفيات اللآتي تم الاعتداء عليهن يوم الأربعاء الأسود

ماجدة النويشي:

شهد العديد من اللجان الانتخابية حالات اعتداء على مرشحي المعارضة من قبل أنصار مرشحي الحزب الوطني، وقد رصد المراقبون تعرض المرشحة ماجدة النويشي, مرشحة الدائرة الأولى بمحافظة الإسماعيلية (مستقل – عمال) إلى محاولة اغتيال من قبل بلطجية الحزب الوطني. وقامت المرشحة بإبلاغ الشرطة وتحرير محضر بقسم ثاني, وفي المساء انتشرت أعمال البلطجة ضدها وذلك بتمزيق اللافتات الخاصة بها وقد قامت بتقديم مذكرة لمدير الأمن لإثبات ما حدث. وفي إطار أعمال البلطجة والتهديدات واجهت المرشحة ماجدة النويشي بالإسماعيلية الكثير من التهديدات وأعمال العنف وتقطيع توكيلاتها الانتخابية، والتعدي على أحد مؤيديها بالضرب، مما أدى إلى إصابته بجرح قطعي بالرقبة وتم نقله إلى المستشفى

السنة

الموضوع

المكان

المكرمات/ المكرمون

المنظمات المشاركة

1999

دور الحركة النسائية في الماضي والحاضر

متحف أحمد شوقي

– – –

المرأة الجديدة – المرأة والذاكرة – جمعية نهوض وتنمية المرأة مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية مركز قضايا المرأة المصرية ملتقى الهيئات لتنمية المرأة مركز النديم

2000

المرأة والفقر

مكتبة القاهرة

– – –

المرأة الجديدة – المرأة والذاكرة جمعية نهوض وتنمية المرأة – مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (آكت) – مركز قضايا المرأة المصرية – ملتقى الهيئات لتنمية المرأة جمعية مصر للتنمية

2001

حقوقنا بلا تحفظات

مكتبة مبارك العامة

ماري أسعد عايدة جندي تحية حليم وداد متري عايدة فهمي عزيزة حسين ثريا أدهم

المرأة الجديدة – المرأة والذاكرة جمعية نهوض وتنمية المرأة مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (آكت)- مركز قضايا – المرأة المصرية ملتقي الهيئات لتنمية المرأة

2002

معا نبني مجتمعا خاليا من العنف

مكتبة مبارك العامة

لجنة المرأة بدير البرشا

مركز النديم كريمة علي حسين سوزان محمد إبراهيم

المرأة الجديدة – المرأة والذاكرة – جمعية نهوض وتنمية المرأة مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (آكت)- مركز قضايا المرأة المصرية – ملتقى الهيئات لتنمية المرأة

2003

مبدعات ومبدعون من أجل النساء والوطن

مكتبة مبارك العامة

إنعام محمد علي رضوان الكاشف عطيات الأبنودي ماريان خوري نبيهة لطفي سناء جميل

المرأة الجديدة المرأة والذاكرة – جمعية نهوض وتنمية المرأة مركز (آكت) – مركز قضايا المرأة المصرية ملتقى الهيئات لتنمية المرأة جمعية السينمائيات جمعية المرأة والمجتمع رابطة المرأة العربية

2004

جنسيتي حقي وحق أسرتي

مكتبة مبارك العامة

تهاني الجبالي فاطمة زكي فؤاد رياض منى ذو الفقار شاهنده مقلد

المرأة الجديدة المرأة والذاكرة جمعية نهوض وتنمية المرأة مركز قضايا المرأة المصرية ملتقى الهيئات لتنمية المرأة مركز النديم – مركز بشاير – جمعية السينمائيات جمعية المرأة والمجتمع – رابطة المرأة العربية – المركز المصري لحقوق

الإنسان ائتلاف (اتفاقية بكين) – ائتلاف (وثيقة بكين) – مجموعة المرأة بمركز الدراسات الاشتراكية

2005

معًا.. لتخصيص مقاعد للنساء في المجالس المنتخبة

مكتبة القاهرة

درية شفيق عين الحياة صالح سهير عسل

المرأة الجديدة – المرأة والذاكرة – جمعية نهوض وتنمية المرأة مؤسسة قضايا المرأة المصرية – ملتقى تنمية المرأة مركز النديم مركز (آكت)- مؤسسة المركز المصري لحقوق المرأة رابطة المرأة العربية مركز بشاير جمعية المشاركة المجتمعية مجموعة المرأة بمركز الدراسات الاشتراكية

2006

حقنا نعيش في أمان

النادي السويسرى

شيماء أبو الخير ماجدة النويشي

مؤسسة المرأة الجديدة مؤسسة المرأة والذاكرة مؤسسة قضايا المرأة المصرية ملتقى تنمية المرأة مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنميةآكت“- مؤسسة المركز المصري لحقوق المرأة مؤسسة حلوان لتنمية المجتمعبشاير” – الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية المؤسسة المصرية تنمية الأسرة.

شارك:

اصدارات متعلقة

وسائل التواصل الاجتماعي ترسخ العنف ضد النساء
نصائح للمصورة الصحفية بشأن الوقاية من "كوفيد" 19" أثناء التصوير الصحفي
نصائح بشأن السلامة النفسية للنساء في أوقات الأزمات
ورقة قانونية بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد
كيف تحررين محضر تحرش
عيد الأم ما بين الاحتفاء بقيمة الأمومة و ترسيخ الدور النمطي للنساء
خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء
ختان الإناث في مصر... جريمة تعذيب ضد الإنسانية
حقوق النساء من اجل العدالة والتنمية
الإيدز خطر صامت يهدد حياة النساء في ظل جائحة كورونا