سؤال وجواب
سؤال وجواب
حول النوع والنسوية
هذه المطبوعة تجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بالنوع (الجندر) والنسوية. الأسئلة المطروحة نتاج جماعي من فريق مؤسسة المرأة والذاكرة واقتراحات من الفاعلات والفاعلين فى الحراك النسوي. وتهدف سلسلة سؤال وجواب للتعريف بمفاهيم أساسية عن النوع والنسوية بصورة مبسطة لغير المتخصصين وغير المتخصصات.د. هدى السعدي
لم يتحدث الإسلام عن تقسيم الأدوار بين المنزل والشارع، ففكرة عزلة النساء وتقييد دورهن في المنزل غير موجودة في رسالة الإسلام الجوهرية التي أتى بها القرآن الكريم. إذا نظرنا إلى القرآن للتعرف على دور النساء في المجال العام، سوف يتبين لنا أنه ليس هناك في القرآن ما ينص على أن مكان المرأة هو البيت، أو يحظر عليها التواجد في الشارع أو سوق العمل. فلا توجد في القرآن آية واحدة تقيد أنشطة النساء أو تحد إقامتها بالمنزل، وذلك باستثناء الآيات ٣٢ و ٣٣ و53 من سورة الأحزاب، التي تتناول بالنقاش زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
آية ٣٢: “يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتُن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا“
آية 33: “وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا“
بينما تتناول الآية 53 مخاطبة المؤمنين وتطالبهم بالامتناع عن دخول بيوت النبي دون استئذان
“يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيمًا.”
والمخاطب بهذه الآيات الثلاث هن زوجات النبي على وجه التحديد، وينبغي ألا نطبق ما يرد فيها على جميع المسلمات لتقييد دور المرأة في المجتمع وعزلها في المنزل. فإن كانت هذه الآيات سارية على المسلمات جميعهن لكان من باب المحاكاة امتناع المسلمات جميعهن عن الزواج مرة أخرى عند موت أزواجهن على غرار زوجات النبي. ولكن لا يوجد في القرآن نص واحد يشترط على النساء التأسي بزوجات النبي، بل يميز القرآن تلك الزوجات بقوله “لستن كأحد من النساء“.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد في القرآن ما ينص على أن مكان المرأة هو المنزل، ولا توجد آية واحدة تقيد أنشطة النساء وتمنعهن من التواجد في الشارع وسوق العمل، إلا أنه مع القرن الثالث هجري / التاسع ميلادي بدأ خطاب فقهي معني بعزل النساء يظهر في المجتمعات الإسلامية. ولكن ينبغي أن نحيط علمًا بأن مسألة العزلة هذه لم تكن ذات وزن أو أهمية في المجتمعات الإسلامية، حيث إن هذا الخطاب الفقهي كان يعكس الطريقة التي رآها العلماء السبيل الأخلاقي الأمثل بشأن ما ينبغي أن تكون عليه الأمور، دون أن يرتبط بالطريقة الفعلية التي يعيش بموجبها الناس في هذه المجتمعات.
هذا فضلاً عن أن هذا الخطاب كان معنيًا في الأساس بالأفكار والمواقف والسلوكيات المنحلة في المجتمع وليس بإقامة حواجز فاصلة بين العام والخاص، وتقسيم الأدوار والمهام بين النساء والرجال.
ومن هذا كله نستنبط أن فكرة تقسيم الأدوار بين المنزل والشارع وعزلة النساء وتقييد دورهن في المنزل غير موجودة في رسالة الإسلام الجوهرية، ولكن بالنظر إلى التاريخ نجد أن هذه الفكرة هي فكرة حديثة بالدرجة الأولى، ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي مع الثورة الصناعية، وانتقلت إلى مجتمعاتنا الإسلامية مع الاستعمار والمد الثقافي الغربي. فالثورة الصناعية وما تبعها من تغيير وسائل الإنتاج وتشكل السوق وآلياته وحركته وقيمه كانت بداية تأسيس الانفصال بين العام والخاص، بين المنزل والشارع في الثقافة الأوروبية، وبدأ يرتبط المجال العام بعمل الرجال مدفوع الأجر خارج حدود المنزل، وتحدد المجال الخاص بعمل النساء غير مدفوع الأجر داخل المنزل. وقد انتشرت فكرة أن المرأة رمز المنزل وأن وظيفتها الأساسية هي خدمة الزوج والأولاد في العصر الفيكتوري، فالصورة المثالية التي قُدِمت للناس آنذاك عن الملكة فيكتوريا، راعية الأسرة ورمز الأمومة، كان لها أكبر الأثر في تدعيم هذه الفكرة في المجتمعات الأوروبية في القرن التاسع عشر، ومنها انتقلت الى مجتمعاتنا مع الاستعمار، واستقرت وانتشرت على نطاق واسع في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في مجتمعاتنا بمساعدة النخب الثقافية ودعاة الفكر الحداثي، الذين حاولوا تأصيل هذه الفكرة بإعطائها مرجعية دينية ونسبها إلى الإسلام، على الرغم من عدم وجودها مطلقًا في رسالة الإسلام الجوهرية.
د. مروة شرف الدين
أوجه التباين كبيرة ومهمة بين عدد من المصطلحات الإسلامية التي عادة ما تستخدم بلا تمييز فيما بينها، وهذه المصطلحات هي: الشريعة والفقه والقانون الإسلامي وقانون الدولة القائم على الفقه. وتعني الشريعة في اللغة العربية ’الطريق‘ أو ’السبيل‘. ولا يحتوي القرآن على لفظ “شريعة” بالتحديد إلا مرة واحدة في الآية (١٨) من سورة الجاثية لكي يعبر عن “الطريق الصحيح إلى الدين“.1 واستُخدم هذا المصطلح تاريخيًا للإشارة ضمنيًا إلى جميع القواعد الشاملة والجامعة المعنية بالخير والصلاح، ولذا يرى علماء الشريعة أن هذا المصطلح يعني الخطاب الإسلامي الكامل والإلهي والأبدي الذي ينطوي على خطابات فرعية: روحانية كونية وقانونية وأخلاقية واقتصادية وسياسية كلها تؤدي إلى طريق الخير.2 ويستندون في ذلك إلى مصادر مثل القرآن والسنة ومصادر أخرى.
الشريعة: منبعها إلهي، مسار إلى الخير، خطاب كلي، شاملة وأبدية.
ومن هذا المنطلق تتطلب الشريعة اكتشافها وتفسير البشر لها وفك مغاليقها إن كان لهم العيش بموجبها. هذا هو ما يُسمي بالفقه وهو جهد إنساني، ولذا فالفقه عبارة عن الفهم البشري غير المعصوم لهذا الخطاب الإلهي. ويسترشد الفقه إلى حد كبير بسياقه (الأبوي أو القائم على المساواة أو التكافؤ أو الذي يراعي النوع الخ…) عند تحديد ما يمكن أن يحقق الخيرية والصلاح للنساء والرجال وعليه يتغير مع مرور الزمان واختلاف المكان. وعلى ذلك لا يُعتبر الفقه مُنتج مقدس على الرغم من تصديره في بعض الأحيان كذلك خطًأ بوصفه ’شرع الله‘ / ’قانون الله‘.
الفقه: بشري، غير معصوم، يستند إلى سياقه، متغير.
’القانون الإسلامي‘ أو بمعنى آخر: التراث القانوي الإسلامي، وهو عبارة عن الإنتاج التراكمي التاريخي لجهود الفقهاء في سعيهم لفهم الجوانب القانونية للشريعة (ونجده يأخذ صورة كتب ومراجع عدة شارحة لممارسات محددة ومدي قانونيتها حسب فهم الفقهاء لمصادر الشريعة، ونصوص أخري تعلق على هذه الكتب والمراجع – سواء بالاختلاف أو الاتفاق معها في الرأي – بشكل مستمر وتراكمي، هذا على خلاف المفهوم والشكل الوضعي الحديث لمصطلح ’القانون‘ بوصفه مدونة تشريعية ذات مواد قاطعة). واشتمل هذا التراث القانوني على المناقشات التي دارت فيما بين الفقهاء – عادة الرجال – بشأن ما ارتأوه القواعد التي من شأنها أن تحقق صلاح النساء والرجال كل في سياقه. وفي عقب بداية الدولة القومية الحديثة أخذت الدولة بعض الجوانب من هذا التراث القانوني الإسلامي البشري بشكل انتقائي، لكي يناسب الزمان والمكان، وأدرجت هذه الأجزاء في قوانين حديثة للدولة مثل قانون الأحوال الشخصية المصري على سبيل المثال، والذي استقى عند تنظيمه لحقوق وواجبات النساء والرجال داخل الأسرة بعض الأسس غير الدينية كذلك. وتعرضت هذه القوانين / المدونات إلى تعديلات مستمرة بغية مواكبة التغيرات التي شهدتها المجتمعات المسلمة ولا سيما التغييرات في وضع النساء اليوم، فاتجهت المدونات نحو التعبير عن المزيد من المساواة بين الرجل والمرأة وتحقيق عدالة النوع بناًء على تفسيرات جديدة وفقه جديد يحاول فهم الشريعة ومصادرها في يومنا هذا بما يحقق الصلاح والخير للبشرية في القرن الواحد وعشرين.
القانون الإسلامي: نتاج الفقه، مرتبط بسياق، بشري المصدر ممكن التغيير، أساس لبعض القوانين التي سنتها الدولة (القابلة للتغيير).
أمل المهندس
هناك آليات كثيرة ومتنوعة للتصدي للعنف الجنسي. لكن يجب الإشارة إلى واقع أن التصدي للعنف الجنسي مسؤولية الدولة ويجب أن تكون هناك آلية وتدابير شاملة تعمل على التطرق إلى هذه الجرائم ووجود آلية منتظمة ومستدامة لمتابعة تطبيقها بالتعاون مع المجموعات والمنظمات النسوية والمجتمع المدني. كما يجب الأخذ في الاعتبار أنه يستحيل للأسف الشديد القضاء على تلك الجرائم بشكل كامل، ولكن يمكن التصدي لها. وشهدنا من خلال الموجة الرابعة للحركة النسوية المصرية العديد من الآليات التي تم تبنيها من قبل مبادرات ومجموعات ومنظمات نسوية والتي تشمل – ولا تقتصر على – عمل حملات توعوية تركز على تحدي التبريرات التي تستخدم لتبرير العنف ضد النساء والمطالبة بتعديل مواد قانون العقوبات المصري المتعلقة بجرائم العنف الجنسي لتكون أكثر مطابقة للجرائم التي يتم ارتكابها، بالإضافة إلى التأكيد على محاسبة ومحاكمة الجناة سواء كانوا من فاعلي الدولة أو فاعلين مجتمعيين، ونشر إرشادات للإعلام لتغطية تلك الجرائم بشكل مهني يحترم خصوصية الناجيات من هذه الجرائم والضغط على آليات الدولة لتكون أكثر استجابة لاحتياجات الناجيات مثل المستشفيات العامة وأقسام الشرطة والنيابة والقضاء والطب الشرعي وغيرها. وهناك أساليب أخرى تشمل أنشطة التوعية للناس في الشارع والشابات والشباب في المدارس والمجموعات والمنظمات التي توفر خدمات الدعم النفسي والقانوني والطبي للناجيات، بالإضافة إلى استخدام الفن كعروض الحكي المسرحية والأغاني التي تسلط الضوء على تلك الجرائم وكيفية التصدي لها.
د. هبة شاروبيم
يمكن إدماج منظور النوع في التعليم عن طريق التوعية البسيطة وغير المباشرة لمفهوم النوع باعتباره مفهومًا ثقافيًا واجتماعيًا، وأن تتم إعادة النظر في محتوى المناهج وأيضًا طرق التدريس، بحيث تعلي من شأن الرجل والمرأة على السواء باعتبار أن هذا من أبسط حقوق الإنسان وتنص عليه الأديان السماوية، وأن يتم التدريس والأنشطة المصاحبة له بطريقة تنبه الوعي إلى هذه المساواة، وتؤكد أن مفهوم الذكورة يكمن في احترام المرأة وليس التعالي عليها أو التقليل من شأنها. فكتب القراءة، على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن دروسًا لا تقدم الصورة التقليدية للرجل باعتباره هو الذي يعمل بينما المرأة لا عمل لها سوى المنزل. ولكن يمكن أن تقدّم أمثلة لرجل يساعد زوجته في أعمال المنزل (يوجد هذا في كتب القراءة في المنهج الألماني، إذ نرى صورة رجل يقوم بنشر الملابس)، وأيضًا يمكن أن تعرض بجدية سير نساء رائدات في الحركة النسوية والتعليم مثل: هدى شعراوي، ودرية شفيق، ونبوية موسى، وغيرهن. إضافة إلى دراسة أعمال أدبية لنساء مثل: مي زيادة، والشاعرة جليلة رضا. كما يجب أن تفرد كتب الدراسات الاجتماعية جزءًا لشخصيات تاريخية نسائية وتتعرض بإسهاب لإنجازاتهن برغم الصور النمطية التي لحقت بهن مثل: كليوباترا، وشجرة الدر. ولابد أن تتعرض مناهج الدين لنصوص تعلي من شأن المرأة وتدحض الصورة السلبية التي يختزلها الرجال والنساء لها. ويجب أن يتم هذا بصورة تناسب كل مرحلة عمرية ودراسية.
د. أميمة أبوبكر
إن مقصد الخطاب القرآني الإلهي إلى الرجال – بوصفهم أزواجًا وأخوة وآباء وأولياء أمور – هو خلخلة منظومة علاقات القوة / السلطة غير المتكافئة بين فئتي النساء والرجال في مجتمع ما قبل الاسلام، عن طريق أوامر ونواه موجّهة إلى الرجال بالتحديد لتقويم سلوكياتهم وإصلاحها، وتغيير افتراضات التسلط والتحكم لديهم في مجال علاقاتهم الأسرية بالنساء، مما يشير إلى المقصد الإلهي الأشمل بالحد من السيطرة الرجالية على إرادة النساء، وتوجيه المسلمين إلى الإقرار بإنسانية النساء المشتركة وحقهن في إرادة حرة، تماشيًا مع الرسالة التوحيدية الأساسية للإسلام التي لا تُقر الاستقواء أو الاستكبار للبشر أو أحقية الطغيان / البغي لجنس دون آخر أو لفئة دون أخرى.
هناك العديد من المواقف التي سجلتها آيات قرآنية في استجابة سريعة لتصحيح وضع فيه إجحاف وتسلط من قِبَل أزواج أو إخوة تجاه النساء، مثل النهي الشديد عن الآتي: الإيلاء والعضل– أي حلف الزوج ألا يقرب الزوجة، ولكن يتركها دون طلاق إلى أجل غير مُسمى ليمنعها من الزواج بآخر – (البقرة:٢٢٦)، ثم التطليق والإرجاع المتكرر دون حد أو رادع سوى هدف الإيذاء والضرر (البقرة:٢٢٩)، ثم تحكُم الأخ أو ولي الأمر في إرادة الأخت أو من تكون في رعايته لمنعها من الزواج بمن رضيت به (البقرة:٢٣٢). هذه الآيات تعد مثالاً يشير إلى ضرورة تغيير سلوك الرجال على المستوى الأسري والفردي، وتنهى عن نمط ’الأبوية‘ التسلّطي في علاقات النوع. تكثر النواهي والأوامر من الله (عز وجل) إلى الرجل المسلم بخاصة لنفهم أنه ليس متعاليًا على التقويم الإلهي بل يحاسب على عدم اتباعه القسط والتقوى في المجال الأسري: مثلاً في آية واحدة (البقرة ٢٣١) هناك خمسة أوامر وثلاثة نواه وأسلوبان للتحذير والوعظ، بهدف الحد من التمكين غير المتناهي للأزواج وغير الخاضع لرادع أو محاسبة.
يتوجه هذا النوع من الخطاب الإلهي إلى الرجال بخاصة لمعالجة كثرة سوء استخدامهم للنفوذ القائم في ذلك الوقت، وكذلك توجيه التحذير إلى رجال الأمة المسلمة إجمالاً، والحض على ترشيد السلوك وتغيير نمط التفكير الأبوي التسلطي، أي إعادة تشكيل مفاهيم ’الرجولة‘ من العنف والشدة والاستقواء والاستعلاء إلى تحرّي القسط والإنصاف والتواضع إلى الله، ومن التسرّع والاستبداد بالرأي إلى التأني والقبول بالشراكة وإرادة وكرامة النساء المساوية.
سلمى النقاش
تعد إحدى أهم إنجازات الحركة النسوية المصرية فيما يتعلق بقضية العنف ضد النساء والحق في السلامة الجسدية، مسألة تجريم ختان الإناث بنص صريح في قانون العقوبات، حيث أضيفت مادة جديدة لقانون العقوبات في عام ٢٠٠٨ ، وهي المادة ٢٤٢ مكرر التي تنص على: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه في المادتين ٢٤١، ٢٤٢ من قانون العقوبات عن طريق إجراء ختان الإناث“. كما أن د. حاتم الجبلي، وزير الصحة السابق أصدر قرار ٢٧١ لسنة ٢٠٠٧ الذي حظر ممارسة الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين بالحقل الطبي إجراء ختان الإناث سواء داخل المستشفيات أو العيادات أو غيرها من المنشآت الطبية. وقد أتت هذه الخطوات بعد نضال طويل لرائدات الحركة النسوية مع هذه الظاهرة التي تعد إحدى صور العنف الممنهج ضد النساء والفتيات، ومن بين هؤلاء الرائدات السيدة ماري أسعد أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، والدكتورة آمال عبد الهادي إحدى مؤسِّسات المرأة الجديدة، وهي المؤسسة النسوية ذات الباع الطويل في العمل العام ومكافحة العنف ضد النساء بشتى صوره وبالأخص قضية ختان الإناث. كما أطلقت وزارة السكان الإستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث عام ٢٠١٥ في ضوء استمرار الظاهرة، وتزايد الضغوط من أجل الحد منها، ومحاصرتها من قبل مؤسسات الدولة المعنية.
كما يأتي النجاح في انتزاع حق المصريات في أن يمنحن أبناءهن الجنسية المصرية بوصفها إحدى إنجازات الحركة النسوية في مرحلة ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، مع إصدار القانون رقم 154 لسنة ٢٠٠٤ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٢٦ لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، الذي صدر استجابة للمطالبات المستمرة للمنظمات النسوية بحصول النساء على حقهن في منح جنسيتهن للأبناء من أب أجنبي، أسوة بالرجال، وهو المطلب الذي أكدت عليه عدة حملات أطلقتها المنظمات النسوية في مصر والعالم العربي مثل: حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي“.” وحملة “مساواة دون تحفظ” التي تنادي بأكثر من مطلب من بينهم رفع تحفظات الحكومة المصرية عن بعض مواد الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) التي صادقت عليها مصر في عام 1981.
تميزت المرحلة التي تلت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بانفتاح المجال العام، ولو بصورة مؤقتة، مما سمح بتبلور مجموعات ومبادرات متعددة وغير مركزية تركز على حقوق النساء، وتعمل في مختلف المحافظات.
وقد أسهم استمرار الحركة النسوية بمختلف أطرافها من جمعيات ومبادرات ومجموعات في رصد قضايا النساء وطرح الحلول لكيفية التعامل مع صور الانتهاكات المختلفة التي تواجهها النساء، وفي صياغة الاستحقاقات الدستورية التي أدت إلى تجريم التمييز والنص على المساواة صراحة في دستور ٢٠١٤. كما أسهمت مثل هذه الجهود من رصد مختلف القضايا وتحليلها، مثل قضية العنف ضد النساء، في تبني الدولة سياسات عامة تحد من الانتهاكات التي تواجهها النساء، من خلال إطلاق الاستراتيجيات الوطنية والحملات القومية، ففي عام ٢٠١٥ أطلق المجلس القومي للمرأة إستراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد النساء، وكانت أولى نتائجها إنشاء إدارة مكافحة العنف ضد المرأة في وزارة الداخلية، وكذلك إطلاق وزارة السكان للإستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث خلال العام الماضي، مما يدل على حدوث طفرة نسبية في السياسات العامة التي تؤثر على وضعية النساء وقضاياهن في مصر.
د. أميمة أبو بكر
لا تنفصل هذه العبارة عن تكملة الجزء الأول من الآية الكريمة – النساء:34 – “بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم“، فالسياق المباشر يشير إلى المسؤولية المالية للرجال، وبخاصة إذا أخذنا في الحسبان أيضًا السياق الأكبر لتتابع الآيات السابقة (١١ و ١٢ و ٣2 و ٣3)، وهي آيات تخص توزيع المواريث والموارد والكسب على أفراد الجماعة، ’فالتفضيل‘ هنا يشير إلى زيادة أنصبة الميراث في بعض الحالات، ولذا يكون الإنفاق منه أو من مصادر أخرى. هناك مغزى مهم لدلالة كلمة “قوّامون“، حيث إنها ترد في آيتين (النساء:135 والمائدة: 8 مصحوبة بلفظ “القسط“) بمعنى أمر إلهي بتحقيق العدل في كل مناحي الحياة، مما يدل على أن المعنى السياقي المباشر لـ “قوامون” في آية 34 هو تكليف الرجال بالإنفاق الأساسي مع تحرّي مبدأ القسط والعدل والمساواة في العلاقات الأسرية.
فهِم المفسرون هذه العبارة – تماشيًا مع منطق زمانهم وعصورهم – أنها تعني سيادة الرجال المطلقة وأفضليتهم وسيطرتهم داخل الأسرة؛ لأن هذه أمور وممارسات اجتماعية وثقافية مسلّم بها من البداية، مما شكّل إنتاج العلماء للمعارف والخطابات والأحكام الخاصة بالنساء. فتحوّلت العبارة إلى مفهوم فقهي – القوامة – حاكم في صياغة المنظومة الفقهية للزواج على أساس التمييز الحاسم في الأدوار وتبرير السلطة الأعلى للرجال والامتيازات لهم. صحيح أن الفقهاء اهتموا بتحديد الحقوق والواجبات بين الزوجين، إلا أنهم رسموا صورة للزواج على أنه عقد تبادل للمنفعة متمثلاً في النفقة والإعاشة مقابل التمكين والطاعة، مع افتراض القيادة والسلطة الأخلاقية والمعنوية التي تأتي مع القوامة.
تم تحميل مسؤولية الإنفاق بوصفها فرضًا مرهونًا بزيادة في الموارد مضامين أخرى غائبة عن الأصل القرآني، مثل تأويلها باعتبارها وضعًا عامًا مميزًا غير مشروط وتعليلها أنها نتيجة التفوق. وهكذا تحول التكليف بالرعاية المادية إلى سبب مزعوم للتميز والأفضلية، ودليل ’ديني‘ لعدم المساواة، ولم يُلتفت إلى المقصد القرآني الأشمل من تتابع آيات سورة النساء من البداية حتى 34، وهو إرساء مبدأ توزيع الموارد بالعدل وترشيد إنفاقها، وتقسيم الأنصبة والثروات، وتحرى القسط في الحقوق المالية، وعدم أكل الأموال بالباطل، أو اغتصاب الإرث، أو العضل للتنازل بالإكراه عن الحق، أو ظلم اليتامى.. إلى آخر التحذيرات الإلهية، والنهي عن الاستئثار، والطمع، وعدم تحمل المسؤولية الجماعية.
هناك محاولات إصلاحية معاصرة لإعادة هذا الطرح القرآني المساواتي في فهم الآية وتفسيرها وتطبيقها عن طريق مناهج تحليلية وتأويلية تأخذ في الحسبان الآتي: سياق النص، والمسارات الأخلاقية لمقصد الآيات، والنظر إلى إجمالي الآيات والأحاديث الصحيحة المرتبطة بالموضوع، وتغير ظروف الواقع المعيش، واستنباط قوانين تطبق مبادئ القسط والعدل والمساواة كما فرضها القرآن الكريم.
أمل المهندس
قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب الإشارة إلى أن العادات والتقاليد تنبع من ممارسات تتبنى أفكار وقيم أبوية مترسخة في المجتمعات، وذلك نتيجة لخلل قوي في علاقات القوى بين النساء والرجال. وذلك الخلل في علاقات القوى متأصل في جميع المجالات في كل من الحيز الخاص والعام، سواء كان القوانين أو التعليم أو جميع الوظائف المهنية أو الإعلام أو فلسفة تعامل فاعلي الدولة مع الأمور التي تكون المجتمعات المختلفة معنية بها. يضاف إلى ذلك حقيقة أن جميع التفسيرات الدينية تتبنى ذات الأفكار الأبوية والذكورية المبنية على الخلل المشار إليه سلفًا، ونجد ذلك واضحًا بشدة في قوانين الأحوال الشخصية المبنية على التفسيرات الأبوية للشريعة والشروط المقيدة للنساء في حق الطلاق في الديانة المسيحية على سبيل المثال. والجدير بالذكر أن النسوية الإسلامية منهجية واسعة تعمل على إعادة قراءة وتفسير للدين الإسلامي بحيث يكون خالي من الأفكار الأبوية والخلل في علاقات القوى التي سلف ذكرها. وبما أن تلك التفسيرات تحولت إلى “العادات والتقاليد” التي يستند المجتمع إليها كسند “ديني” مغلوط، ويقويه الخطاب “الديني” المتشدد المبني على تفسيرات أبوية، فالخطاب النسوي بالطبع يحارب ويخالف العادات والتقاليد المجحفة بحق النساء، ولكنه لا يخالف تعاليم الأديان المنضبطة والأقرب إلى صحتها.
د. هدى السعدي
-
لم يتحدث الإسلام عن طبيعة فطرية مختلفة لكل من النساء والرجال، فهذه الفكرة ليس لها أصل ديني شرعي؛ وإنما لها جذور تاريخية ثقافية واجتماعية. فالفكرة راسخة في الثقافة، ويعتقد خطأ أنها من المبادئ الإسلامية، في حين إنه ليست هناك آية قرآنية واحدة تقر هذه القسمة الفطرية الخلقية بين طبيعة أنثوية وأخرى ذكورية، بل إن القرآن الكريم تحدث عن النفس الواحدة في أكثر من موضع. هذه الفكرة هي نتاج ميراث ثقافي مغلوط، فلا نجد تعبير فطرة المرأة في كتابات أي من العلماء المسلمين حتى أوائل القرن العشرين. لقد كانت أغلبية تفسيرات علماء المسلمين والمفسرين الأوائل تنصب على التفسير السوسيولجي وليس البيولوجي، فكانوا يناقشون ويحكمون على قدرات النساء بناء على عوامل الخبرة والتعامل والاختلاط مع المجتمع الخارجي، وليس على البيولوجيا والفطرة.
-
بدأت هذه الفكرة تدخل مجتمعاتنا الإسلامية مع الاستعمار أواخر القرن التاسع عشر. وكان أكثر ما عضد لها ورسخها في مجتمعاتنا إبان القرن العشرين هي النظريات المتزامنة في علم النفس الواردة لمجتمعاتنا من الثقافة الغربية. هذه النظريات التي كانت تركز على التفسير البيولوجي للفروق بين الجنسين قد ظهرت في أوروبا لخدمة النظام الاقتصادي الذي أفرزته الثورة الصناعية. فالثورة الصناعية، وما تبعها من تشكل السوق وآلياته وحركته وقيمه، كانت بداية تأسيس الانفصال بين العام والخاص في الثقافة الأوروبية، وتبعه تحجيم دور النساء في دائرة الخاص أي المنزل والعائلة وارتباط الرجل بالمجال العام وسوق العمل، وقد وظفت فكرة الطبيعة الفطرية المتأصلة للمرأة سياسيًا لتحجيم المرأة وإبعادها عن المجال العام وسوق العمل والربح.
-
أول من استخدم تعبير الفطرة في مجتمعاتنا الإسلامية وناقش الفروق بين الجنسين بناءً عليها كان الشيخ محمد عبده. وعلى الرغم من أن محمد عبده معروف بإقراره مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة إلا أنه تأثر بالفكر الغربي المستورد، وناقض هذا المبدأ حينما تحدث عن التقسيم الفطري للأدوار وتوزيع الأعمال، فعلى المرأة تدبير المنزل والقيام بالأعمال فيه، وعلى الرجل السعي والكسب خارجه. انتشر فكر محمد عبده بخصوص الطبيعة الفطرية للرجال والنساء في القرن العشرين، وأصبح هو الفكر السائد والمصطلح المستخدم على مدار القرن وتبناه كثير من علماء المسلمين آنذاك وروجوا له؛ بل حاولوا جاهدين دعم هذا الفكر الغربي المستورد بأدلة من الدين فأساؤوا فهم آيات القرآن وأخرجوها من سياقها ليعضدوا النظريات الغربية عن الهوية البيولوجية، ويلبسوها لباس الدين لتكتسب شرعية المجتمع وقبوله. وبذلك أصبحت فكرة فطرة المرأة وطبيعتها الخاصة جزءًا من مفاهيم شعوبنا الإسلامية وثقافتنا، ورددها الناس باعتبارها جزءًا متأصلاً من الدين، والدين منها براء.
د. هدى السعدي
لم تكن النساء في المجتمعات الإسلامية قبل العصر الحديث بمعزل عن حراك الحياة الاقتصادية العامة على امتداد شرائحهن، وطبقاتهن الاجتماعية، واختلاف أنواع هذا التواجد والتفاعل في المجتمع. فالنسق القيمي الخاص بالإسلام وعرفه لم يمنع المرأة من العمل والتواجد في المجال العام. فإذا نظرنا إلى القرآن للتعرف على دور النساء في المجال العام سوف يتبين لنا أن القرآن لا يحظر على النساء العمل والتملك وإدارة الأعمال. ويتضح منه أن التوقعات من الرجال والنساء المسلمين واحدة بشأن أمانة التعامل وكسب العيش ودفع الزكاة على الكسب. ومن هنا كان المجال العام بمختلف مجالاته مفتوحًا أمام المرأة في المجتمعات الإسلامية قبل الحداثة، ويثبت لنا التاريخ أن نساء هذه المجتمعات عملن قبل الحداثة على قدر ظروف كل حقبة أو إقليم أو جماعة، وكن جزءًا من الحياة العامة. فالمصادر التاريخية مليئة بنماذج لنساء اشتغلن بالتدريس محدّثات، أو بالعلوم الدينية عالمات: مفتيات وفقيهات ومتصوفات، أو بالإدارة والعمل الاجتماعي شيخات للربط، والمساجد، ومدارس القرآن، أو بالعلاج طبيبات. هذا كله فضلاً عن النساء اللاتي عملن في مهن وحرف عديدة وبرعن في الصنائع اليدوية والخدمية المختلفة، وشاركن في عملية تدوير الإنتاج، وأعمال السوق، والتجارة، والبيع والشراء، وملكية الأموال والتركات، والعقارات، والأوقاف، والأراضي واستثمارها والعمل على إدارتها والحفاظ عليها واستخدامها في التمويل.
من هنا فإنه بالنظر الى التاريخ بموضوعية، وبالتدقيق والتمحيص في مصادره نجد أنفسنا أمام كم من المعلومات عن تواجد النساء في المجال العام ومشاركتهن الفعالة في المجال الاقتصادي على مر العصور، مما يجعلنا نقول بثقة إن عمل النساء في العصر الحاضر ليس ظاهرة غريبة وافدة أو بدعة ضالة ضد موروثات المجتمعات العربية الإسلامية، أو ضد الدين كما مارسه القدماء، إنما هو امتداد طبيعي لهذه الموروثات المجتمعية التي سمحت للنساء أن يكن جزءًا من الحياة العامة، وفتحت لهن المجال للعمل والتفاعل في المجال العام في عصور ما قبل الحداثة.
مجموعة مؤسسة قضايا المرأة المصرية
هنالك صعوبة شديدة في الاجابة على هذا التساؤل نظرًا لتنوع الحركات النسوية وتطورها، ومراحلها واختلاف أهدافها، والمجتمعات والسياقات المختلفة التي وجدت فيها وعملت، والتحديات والمعوقات التي واجهتها؛ ونتيجة لذلك هناك صعوبة في وجود مؤشرات قياس نجاح الحركات النسوية بعامة، ولكن من الممكن وضع مؤشرات قياس لإحدى هذه الحركات وأهدافها في مكان أومجتمع محدد، أو أن نقوم بقياس مضمون نجاح الحركات النسوية بعامة مع أخذنا في الاعتبار اختلاف نسب تحقق هذا النجاح من مجتمع إلى آخر.
نجحت الحركات النسوية بشكل عام، وبعد صراع طويل، في إعلاء أصوات النساء على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي للمطالبة بحقوقهن المدنية والسياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكوين حركات عالمية سهلة التواصل بفضل التكنولوجيا الحديثة التي سهلت التضامن بين الحركات النسوية وبعضها، كما نجحت ببطء في تغيير بعض المفاهيم الذكورية المتأصلة في المجتمعات كتشجيع التعليم للإناث والحقوق القانونية ووضع النسوية بوصفها أداة مهمة لتقييم تقدم الأمم والمخططات، ونجحت النسوية في تغيير بعض المعتقدات الراسخة في المجتمعات المحافظة التي نتج عنها انتهاكات عديدة تتعرض لها النساء، أوعلى الأقل تسليط الضوء عليها والعمل على تغييرها (الختان – الزواج المبكر– الأحوال الشخصية – الاعتياد على تواجد النساء في المجال العام….. إلخ)، وقد أسهمت بنجاح في تبني بعض علماء الدین عمل دراسات، وتقديم آراء دينية وفقهية مستنيرة تدعم حقوق النساء.
د. أميمة أبوبكر
-
النسوية اتجاه يتبنى وجهة نظر المرأة فيما يخص حياتها في المجتمع ومشكلاتها وواقعها، وإدراك أن النساء يعانين من التمييز والاستضعاف والتقليل من شأنهن وعدم الاحترام لأسباب كثيرة. ولذلك يجب فهم هذه الأسباب ومعرفة أصلها ونشأتها حتى نغير الأوضاع ونصلح من أمر المجتمع والثقافة والعادات والتقاليد والقوانين ليكون الواقع أكثر عدلاً وإنصافًا للنساء والرجال ولإحقاق الحق. (أ) النسوية تبدأ بوعي هذه المسألة، (ب) بمنظور محدد لنتعرف على أشكال وأنواع التمييز والانحياز ضد المرأة، (ج) ثم العمل على إنهاء ذلك والتأكيد على إنسانية المرأة وحقوقها.
-
يقر القرآن الكريم في آيات ’النفس الواحدة‘ (النساء:1 – الأنعام:89 – الأعراف: ٩٨١ – الزمر:6 – لقمان ۸۲) وفي آيات ’زوج / زوجين / أزواج‘ (النساء:1 – الأعراف:٩٨١ – الزمر:6 – النجم: 54 – القيامة: 93 – النحل:٢٧ – الروم:۲۱ – فاطر:11 – الشورى:11) مبدأ المساواة الإنسانية، ولا ينقص منها فلا يتحدث في المقابل عن تقسيم العمل بين فئتين أو التفريق بين طبيعتين في الشخصية والقدرات، ولم يرد شيء عن التكامل الذي يبرر عدم القسط بين طرفين أو أن يميل الميزان لصالح طرف دون آخر. على العكس من ذلك: توجد آيات قرآنية صريحة تتحدث عن المشاركة والتعاون بين المسلمين والمسلمات في العمل العام (التوبة:71) على قدم المساواة دون تفضيل أو فصل أو توزيع للأدوار، وآيات نزلت خصيصًا استجابة لتساؤل الصحابيات عن مساواتهن بالرجال في المكانة والاعتبار والتقدير لأعمالهن وأن يذكرن في القرآن (الأحزاب:35 – آل عمران:۱۹5).
-
معنى ذلك أن النسوية لا تتعارض مع الاسلام لأن مباديء المساواة والعدل بين الجنسين، واستخدام منظور المرأة لرصد التمييز والانحيازات والنهي عن الظلم والاستكبار والبغي وعدم القسط في كل شيء، تعتبر من المبادئ القرآنية الأساسية والمثل العليا التي جاءت بها الشريعة.
أمل المهندس
هناك أسباب متعددة تتسبب في ثقافة لوم الناجيات من جرائم العنف الجنسي التي يتم ارتكابها ضدهن، وتجتمع جميع تلك الأسباب في أصل تبني الأفكار الأبوية التي تنبع من الخلل في علاقات القوى بين النساء والرجال، وثقافة إفلات الجناة من العقاب. ويتمثل ذلك على سبيل المثال في الثقافة الأبوية في الفلسفة التشريعية للمواد المتعلقة بتلك الجرائم في قانون العقوبات المصري الذي يُعرّف على سبيل المثال الاعتداء الجنسي كهتك عرض مما يوحي بأن تلك الجرائم مرتبطة بشرف الناجية والنساء بشكل عام، بالإضافة إلى الإعلام الذي يغطي تلك الجرائم بشكل يعزز من الجانب الجنسي لها ولا يوضح حقيقة کونها جرائم عنف في الأساس، ويشير إلى ملابس الناجية أو تصرفاتها، ومثال على ذلك الاعتداء الجنسي الجماعي الذي حدث بحق طالبة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة يوم 16 مارس ٢٠١٤ وتشهير الإعلام بها.
فيفيان فؤاد
المسيح كلمة الله “Word of God” تجسده الأناجيل الأربعة محررًا ومخلصًا يجول يصنع خيرًا ويجمع حوله كل المضطهدين في المجتمع اليهودي من الفقراء والنساء والمرضى والمنبوذين يبشرهم بالخلاص والملكوت. كما تصور خلافه مع السلطة الدينية اليهودية والسلطة السياسية الرومانية من أجل هؤلاء المضطهدين.
أما المسار والتكوين التاريخي للكنيسة منذ ما يزيد عن ألفين عامًا، فقد صار تعبيرًا حقيقيًا عن جماعة المؤمنين ببشارة المسيح للعالم، ويعكس في الوقت نفسه التطور الثقافي والاجتماعي والحضاري لهذه الجماعة في كل زمان ومكان.
وتاريخيًا، تبلورت الكنيسة 3 في بعدها المؤسسي على تراتبية “Hierarchical institution”، بقيادة الرجال وسيطرة واضحة للثقافة البطريركية في رؤية وتفسير النص المقدس. لقد تم هذا البناء المؤسسي على تراث لاهوتي هائل متأثرًا بالفلسفة اليونانية والثقافة اليهودية بكل تحيزاتهما ضد النساء، وذلك منذ بدايات تأسيس الكنيسة في القرون الميلادية الأولى.
وفي هذا السياق البطريركي يتحدد كل من أدوار الرجال والنساء في الكنيسة، حيث الوظائف التي تقوم على العقل والثقافة والسلطة المتمثلة في الكهنوت وأداء الطقوس والتعليم والوعظ هي للرجال، والوظائف التي تحتاج للرعاية والعاطفة مثل تعليم الأطفال والخدمات الاجتماعية للفقراء والمرضى هي للنساء.
وبذلك صارت الكنيسة في أحد تجلياتها، واحدة من البني الاجتماعية ومؤسسات التنشئة التي تلعب دورًا كبيرًا في تحويل الأطفال “الذكور والإناث4” عبر عمليات تنشئة مركبة وطويلة المدى إلى “رجال ونساء” بالمعنى الجندري. بمعنى آخر ترسيخ الأدوار وعلاقات القوى والصور النمطية لكل من الرجال والنساء ليس فقط داخل الكنيسة، بل ينسحب ذلك على الأسرة والمجتمع أيضًا. حيث السلطة والإدارة والثقافة للرجل، والرعاية المنزلية وتربية الأطفال والخدمات الاجتماعية للمرأة.
أما وقد تغيرت جماعة المؤمنين المسيحية كنتيجة مباشرة للتطورات الاقتصادية والمجتمعية والسياسية العالمية والوطنية، فصارت النساء تعملن في وظائف الإدارة والسلطة وتغيرت الوظائف والصور النمطية للرجال والنساء في المجال السياسي والاجتماعي والاسري. وفي الوقت ذاته استمر تضرر النساء من الثقافة البطريركية الذكورية المتغلغلة في كل المؤسسات الاجتماعية والقانونية والدينية، فقد بات الفقر والأمية والمرض لصيقًا بالنساء في كل بقاع العالم أكثر من الرجال.. لذا صار واجبًا على جماعة المؤمنين الاستجابة لهذه المعضلات اللاهوتية سواء من خلال الكنائس التقليدية والتي تبذل محاولات حثيثة من أجل قراءة أكثر انصافًا لوضع النساء في إطار اللاهوت الكلاسيكي. أو من خلال مدارس وحركات اللاهوت التحريري والنسوي والتي ظهرت منذ منتصف القرن الماضي في مناطق متعددة من العالم، لإعادة قراءة النصوص المقدسة لصالح المقهورين والنساء واستعادة رسالة المسيح المخلص والمحرر.
د. هدى السعدي
-
لم تبدأ عملية التأريخ في المجتمعات الإسلامية إلا في القرن الثاني الهجري، وهي الفترة التي توسعت فيها الأمة الإسلامية واختلط المسلمون بشعوب وقبائل وحضارات مختلفة، من هنا ساد المجتمع خوف من انتشار التحرر من الضوابط الأخلاقية الأصيلة والابتعاد عن تقاليد المجتمع الاسلامي الأول، وقد انعكس هذا على وضع النساء؛ حيث إن المجتمع قام بوضع محاذير حول المرأة، وعمل على عزلتها خشية ما قد تتعرض له من المفاسد وسدًا للذرائع. ولذا جاء دورها في كتابات الرجال في هذه الفترات التاريخية محدودًا للغاية إن لم يكن نادرًا.
-
هناك تفسير آخر لتهميش النساء في كتب التاريخ، وهو أن هذا التهميش جاء رد فعل لدور النساء القوى في المجتمعات الإسلامية وبخاصة في مسرح الأحداث السياسية. فلقد تدخلت النساء في شؤون الحكم، بل إن بعضهن قد حكمن بالفعل، وقد كان حصول المرأة على هذه السلطة السياسية وسيطرتها على مقاليد الحكم مستفزًا لبعض الحكام والمؤرخين الذين قاموا بعزل المرأة من كتاباتهم أو تقليص دورها في مختلف المجالات باعتباره رد فعل لهذا الوضع الجديد، وعدم الرغبة في الاعتراف به، والتأكيد عليه في السجلات الرسمية.
من هنا يمكن القول إن اختفاء المرأة من كتب التاريخ أو انحسار دورها لا يعكس الواقع المعاش، ولكنه يعكس الواقع من وجهة نظر المؤرخ، وهي وجهة نظر شكلتها ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية محددة. إذ إن أكثر العصور التي همشت فيها المرأة واختفت من كتب التاريخ كانت عصور الانحلال السياسي والأزمات الاقتصادية؛ حيث إنه في هذه العصور دائمًا يسود المجتمع حالة من الخوف الذي غالبًا ما يصاحبه تشدد وانغلاق. وعلى مر العصور الاسلامية نجد أن أكثر كتب التاريخ تهميشًا للمرأة وتقليصًا لدورها كانت تلك التي أنتجت أيام الغزو المغولي المروع وأيام انتشار وباء الطاعون. فحالة الخوف والقلق والتشدد التي صاحبت هذه الأحداث ظهرت جلية في كتابات المؤرخين، وكانت السبب في تهميش المرأة وتقليص دورها والتشدد معها في كتاباتهم، وهو ما لا يعكس بالضرورة حقيقة وضع المرأة، ولكنه يعكس رؤيتهم الشخصية لما يجب أن يكون عليه وضع المرأة.
أمل المهندس
شهد المجال العام المصري تدفق عارم للنساء بعد ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١، مما أثر بشكل كبير على الحراك النسوي المصري. ربما كان ذلك التدفق العارم للنساء ينبع من الإيمان حينذاك بقدرة الشعب، المهتم بشكل عام بالشأن العام للبلاد، على إحداث التغيير، ولكن من خلال عمل العديد من المنظمات النسوية والمجموعات الشابة، ومنها نظرة للدراسات النسوية لقضية العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام، تعتبر هذه القضية المحرك الأساسي لتكوين حقبة جديدة تتسم بالتنوع والتشعب في محافظات عديدة بمصر للحركة النسوية، والتي تعرفها مؤسسة المرأة والذاكرة بالموجة الرابعة للحركة النسوية المصرية.
وثق عدد من المجموعات والمنظمات النسوية أكثر من 500 حالة عنف جنسي ضد النساء في المجال العام خلال الفترة من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤، وهو توثيق جاء نتيجة لتكوّن مبادرات عديدة تضم نساء ورجالاً للعمل على هذه القضية المهمة، في ظل غياب استجابة الدولة لها، وبخاصة أنها أخذت أشكال فجة منها الاعتداءات الجنسية الجماعية والاغتصابات الجماعية بالآلات الحادة والأصابع. فتكونت مبادرات معنية بالتدخل في حلقات الاعتداء لمساعدة الناجيات من تلك الجرائم، كما قامت منظمات ومجموعات، ومنها نظرة للدراسات النسوية ومركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف التعذيب بتقديم الدعم النفسي والطبي والقانوني للناجيات من تلك الجرائم. وصاحب ذلك عمل العديد من المنظمات والمجموعات النسوية – سواء التي تعمل منها منذ أكثر من ٢٠ عامًا – أو فترات أقل – على التكاتف والعمل سويًا من أجل الضغط على قيام الدولة بالاستجابة لتلك الجرائم، والمطالبة بسن قوانين تحافظ على خصوصية الناجيات حين يقمن بالإبلاغ عن تلك الجرائم، والمطالبة بتصميم خطة استراتيجية وطنية شاملة للتصدي للعنف ضد النساء، سواء كان في المجال الخاص أو العام، والذي نتج عن نشر المجلس القومي للمرأة الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء يوم 7 مايو ٢٠١٥، وتعديل المادة 306 في قانون العقوبات المصري بمرسوم رئاسي في يونيو ٢٠١٤، الذي عرّف جريمة التحرش الجنسي لأول مرة في التاريخ المصري.
كما أن ضغط المجموعات والمنظمات النسوية على قضية العنف الجنسي ضد النساء جعلها قضية يتم تناولها بشكل كبير في الإعلام المصري والرأي العام، وبدأت العديد من المنظمات والمبادرات النسوية، التي تكونت في شتى المحافظات، على عمل حملات متنوعة ومختلفة متعلقة بتسليط الضوء على القبول المجتمعي للعنف الجنسي ضد النساء، وتحدي التبريرات المجتمعية التي يتم تناولها لاعتياد تلك الجرائم في المجتمع المصري. والجدير بالذكر أن المبادرات النسوية التي تكونت بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ استخدمت أساليب وتقنيات مبتكرة ومتعددة للعمل على هذه القضية المحورية، ومنها أدوات توظف أشكال متنوعة للفن في تسليط الضوء عليها، مثل استخدام فن الكاريكاتير والجرافيتي وعروض الحكي المصري والأغاني النسوية. ومن هذه المبادرات “جنوبية حرة” في أسوان (التي هي الآن مؤسسة مشهرة)، و“أنثى” بالبحيرة و “لها وجوه أخرى” بالقاهرة، و“راديوبنات أوفلاين” بالإسماعيلية، و“دروك” بقنا، و“عشتار” بالمنيا، ومجموعة “بنت المصاروة“، وغيرها من المجموعات والمبادرات المختلفة.
بالفعل تطور الوعي النسوي عن طريق تكوّن الكثير من المبادرات النسوية وعملها كما سلف ذكره، وأصبح هناك حوار مجتمعي حول القضايا المتنوعة المتعلقة بتواجد النساء في المجال العام، وعلى أقل تقدير، أسهم ذلك في تغير النمط العام لتناول تلك القضايا من فاعلات وفاعلين مختلفات ومختلفين في المجتمع المصري، وتطوير الزخم عليها.
د. أميمة أبوبكر
المساواة عمومًا بين البشر أمام الله (سبحانه) هي من قيم الاسلام المؤسِّسة والهامة التي أكد عليها القرآن بهدف إحداث ثورة تغيير في الفكر الطبقي التمييزي للمجتمعات الانسانية. هناك أدلة كثيرة على مفهوم المساواة والتماثل في أصل الخلقة مثل آيات ’النفس الواحدة‘ التي تتكرر خمس مرات (النساء:1 ، الأنعام:98، الأعراف:189، الزمر:6، لقمان:٢٨)، ثم وصف نوعي البشرية ’بالزوجين / زوج / أزواج‘ وهو إصطلاح يقر بالثنائية والاختلاف بين كيانين ولكن الانشطار من أصل واحد الى جزئين متماثلين متساويين، في تسع آيات (النساء:1، الأعراف:۱۲۸ ، الزمر:6، النجم:45، القيامة:39، النحل:۷۲، الروم:۲۱، فاطر:۱۱، الشورى:11). ويؤيد هذا المفهوم أيضًا الحديث النبوى الشريف عن أن النساء “شقائق” الرجال بمعنى التساوي وعدم الأفضلية بين الجنسين.
هناك أكثر من أربعين آية تؤكد على ’القسط‘ و’العدل‘ كمباديء لتفعيلها في المجالات العامة والخاصة: في الأسرة والعبادات والمعاملات والقول والفعل والحياة الاجتماعية والعامة، منها أربع آيات تشير إلى التعامل مع النساء بالتحديد على هذا الأساس. ثم آيات ثلاث رئيسية تؤسِّس للمساواة بين النساء والرجال في المنظومة الاسلامية ككل: الأحزاب:35، آل عمران:195، التوبة:71، خاصة الأخيرة التي تقر المسئولية / الولاية الاجتماعية والدينية المشتركة بين نوعي الانسانية. مع تذكّر أن آيتى الأحزاب وآل عمران نزلا إستجابة من الوحي الالهى إلى تساؤلات أسماء بنت عُمَيس وأم سَلَمة إلى الرسول (عليه الصلاة والسلام) عن سبب عدم ذِكر القرآن للنساء وعملهن في بداية الدعوة. أي أن مطلب المساواة كان يُعَد مطلبًا مشروعًا ومهمًا وقد تم ترسيخه في التنزيل، مثلما تم ترسيخ حق التساؤل والإعتراض وإثبات الصوت والحضور في سورة المجادلة كذلك.
لا يوجد في هذه المصادر الدينية الرئيسية (القرآنية والنبوية) نصوص تقر: الطبيعة الفطرية المتأصلة للنساء أو الرجال – عقلانية الرجال وعاطفية النساء – الحكم على شخصية النساء أو الرجال من منطلق الوظائف البيولوجية – التقسيم الحاسم للأدوار أو التكامل بين العام والخاص – تخصيص وتحديد العمل المنزلى – الأفضلية والرئاسة والقيادة لجنس دوم آخر – نهى قاطع لإشتغال النساء في مناصب القضاء أو الولايات العامة في العمل والسياسة. بُنيَت معظم الأحكام الفقهية الخاصة بالنساء والعلاقات بين الجنسين على أساس فهم الفقهاء والعلماء المنقوص، كنتيجة طبيعية للعصور التي عاشوها ولطبيعة علاقات القوة في هذه العصور، لمتطلبات القسط والعدل والمساواة ومدارات تطبيقها تطبيقًا شاملاً صحيحًا، لذا نحتاج الى ترشيد للتفسيرات والرؤى التي تكرس للتمييز وعدم المساواة والظلم، ثم توجيها الى مسار العدل والقسط والمساواة.
د. هالة كمال
تعرف المؤرخة النسوية جيردا ليرنر الوعي النسوي فيما يلي:
إن تعريفي للوعي النسوي يعني وعي النساء بأنهن ينتمين إلى فئة ثانوية، وأنهن تعرضن للظلم باعتبارهن نساًء، وأن وضعهن الثانوي الخاضع ليس وضعًا طبيعيًا، وإنما هو مفروض اجتماعيًا، وأنه يجب عليهن التحالف مع نساء أخريات للتخلص من أشكال الظلم الواقع عليهن. وأخيرًا، إنه يجب عليهن تقديم رؤية بديلة للنظام الاجتماعي، بحيث تتمتع فيه النساء مثلهن مثل الرجال بالاستقلالية وحق تقرير مصيرهن.
فالوعي النسوي هنا لا يكتفي بالبعد الفكري وإنما يتضمن جانبين وهما الإدراك والفعل. فهو يشير إلى إدراك النساء لوضعهن الثانوي في المجتمع باعتباره وضعًا ظالمًا مفروضًا عليهن في السياق الأبوي السائد. ولا يقف الوعي النسوي عند مرحلة الإدراك والرفض، وإنما يتجاوز ذلك إلى مرحلة الفعل الإيجابي المتمثل في التضامن والتحالف مع النساء اللاتي يشاركهن هذا الإدراك. والسعي لتغيير الواقع الظالم بطرح رؤية بديلة أساسها العدل والعمل على تحقيقها. وهو تعريف بالتالي يوضح أساس الحراك النسوي المستند إلى الفكر والفعل، ويبلور مفهوم العمل النسوي باعتباره عملاً سياسيًا ساعيًا لإحداث تغيير على أرض الواقع.
أمل المهندس
تُعرّف خريطة التحرش جريمة التحرش الجنسي كالآتي (وهو أكثر تعريف شامل لجميع أشكال التحرش الجنسي):
أي صيغة من الكلمات غير مرغوب بها و / أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد.
ويمكن للتحرّش الجنسي أن يأخذ أشكالاً مختلفة وقد يتضمن شكلاً واحدًا أو أكثر في وقت واحد:
-
النظر المتفحّص: التحديق أو النظر بشكل غير لائق إلى جسم شخص ما، أجزاء من جسمه و / أو عينيه.
-
التعبيرات الوجهية: عمل أي نوع من التعبيرات الوجهية التي تحمل اقتراحًا ذو نوايا جنسية (مثل اللحس، الغمز، فتح الفم).
-
النداءات (البسبسة): التصفير، الصراخ، الهمس، وأي نوع من الأصوات ذات الإيحاءات الجنسية.
-
التعليقات: إبداء ملاحظات جنسية عن جسد أحدهم، ملابسه أو طريقة مشيه / تصرفه / عمله، إلقاء النكات أو الحكايات الجنسية، أو طرح اقتراحات جنسية أو مسيئة.
-
الملاحقة أو التتبع: تتبع شخص ما، سواء بالقرب منه أو من على مسافة، مشيًا أو باستخدام سيارة، بشكل متكرر أو لمرة واحدة، أو الانتظار خارج مكان عمل / منزل / سيارة أحدهم.
-
الدعوة لممارسة الجنس: طلب ممارسة الجنس، وصف الممارسات الجنسية أو التخيلات الجنسية، طلب رقم الهاتف، توجيه دعوات لتناول العشاء أو اقتراحات أخرى قد تحمل طابعًا جنسيًا بشكل ضمني أو علني.
-
الاهتمام غير المرغوب به: التدخل في عمل أو شؤون شخص ما من خلال السعي لاتصال غير مرحب به، الإلحاح في طلب التعارف والاختلاط، أوطرح مطالب جنسية مقابل أداء أعمال أو غير ذلك من الفوائد والخدمات، وتقديم الهدايا بمصاحبة إيحاءات جنسية، أو الإصرار على المشي مع الشخص أو إيصاله بالسيارة إلى منزله أو عمله على الرغم من رفضه.
-
الصور الجنسية: عرض صور جنسية سواء عبر الإنترنت أو بشكل فعلي.
-
التحرّش عبر الإنترنت: القيام بإرسال التعليقات، الرسائل و / أو الصور والفيديوهات غير المرغوبة أو المسيئة أو غير لائقة عبر الإيميل، الرسائل الفورية، وسائل التواصل الاجتماعي، المنتديات، المدونات أو مواقع الحوار عبر الإنترنت.
-
المكالمات الهاتفية: عمل مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل نصية تحمل اقتراحات أو تهديدات جنسية.
-
اللمس: اللمس، التحسس، النغز، الحك، الاقتراب بشكل كبير، الإمساك، الشد وأي نوع من الإشارات الجنسية غير المرغوب بها تجاه شخص ما.
-
التعري: إظهار أجزاء حميمة أمام شخص ما أو الاستمناء أمام أو في وجود شخص ما دون رغبته.
-
التهديد والترهيب: التهديد بأي نوع من أنوع التحرّش الجنسي أو الاعتداء الجنسي بما فيه التهديد بالاغتصاب.
-
التحرش الجنسي الجماعي: تحرش جنسي (شامل الاشكال السالف ذكرها) يرتكبها مجموعة كبيرة من الاشخاص تجاه فرد أو عدة أفراد.
يعد التحرش الجنسي صورة من صور العنف الجنسي والتي تشمل أيضًا:
-
الاعتداء الجنسي: القيام بأفعال جنسية تجاه شخص ما بالإكراه و / أو بالإجبار مثل التقبيل القسري والتعرية.
-
الاغتصاب: استخدام أجزاء الجسم أو غيرها من الأشياء والأدوات لاختراق الفم، أو اختراق الشرج، أو المهبل بالإكراه و / أو الإجبار.
-
الاعتداءات الجماعية: التحرّش أو الاعتداء الجنسي (بما فيه الاغتصاب) الذي ترتكبه مجموعات كبيرة من الناس ضد أشخاص منفردين.
أين؟
قد يحدث التحرّش الجنسي أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي في أي مكان، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، مثل: الشوارع، أماكن العمل، المواصلات العامة، المدارس والجامعات، المطاعم، الأسواق التجارية، داخل المنزل، بل وحتى في صحبة الآخرين (العائلة، الأقارب والزملاء)، عبر الإنترنت، وغيرها.
من؟
المتحرّشون / مرتكبو جرائم العنف الجنسي قد يكونون أفرادًا أو مجموعات من الرجال و / أو النساء. وقد يكون المتحرش شخصًا غريبًا عنك بالكامل أو أحد معارفك: صاحب العمل، موظف، زميل في العمل، عميل، أحد المارة، أحد الأقارب، أحد أفراد العائلة أو ضيف. أما المتحرَّش بهم أو المعتدى عليهم فقد يكونون أفرادًا أو مجموعات من جميع شرائح النساء و / أو الرجال.
ملاحظات هامة:
-
التحرش الجنسي ليس أبدًا حدثًا عاديًا يمكن تجاهله.
-
لا يمكن على الإطلاق أن يُترك الأمر للمتحرّش ليقرر هو ما الذي يُعدّ تحرشًا وما الذي لا يُعدّ تحرشًا.
-
التحرّش الجنسي جريمة.
-
التحرّش الجنسي لا يعتبر غلطة الشخص المتحرّش به أو المعتدى عليه أبدًا. فالتحرّش بأحدهم هو اختيار يتخذه المتحرّش بغض النظر عن ملابس الشخص المعتدى عليه أو تصرفاته، والتي لا يمكن أبدًا أن تستخدم كعذرٍ لتبرير التحرّش. وهكذا، فالأمر بسيط: الشخص الذي يتعرّض للتحرّش أو الاعتداء ليس مسؤولاً بالمرة عن أي نوع من أنواع التحرّش الجنسي الذي يتعرّض له، لا بشكل جزئي ولا كلي.
میسان حسن
لم يُحسم النقاش بين النسويات والمتخصصات / المتخصصين في العلوم الاجتماعية بشأن تعريف مفهوم “الجندر” (الذي يترجم إلى العربية أحيانًا بنوع الجنس أو النوع أو النوع الاجتماعي)، وإنما يمكن أن نعتبر أنَّ ذلك المفهوم يشير إلى ما يُنظر إليه في مجتمع بعينه باعتباره مناسبًا للرجال أو النساء من الأدوار والسلوكيات والأنشطة والسمات، وهو ما يختلف باختلاف المجتمعات وثقافاتها والمفاهيم التي تتشكل في سياق تلك الثقافات.
أمل المهندس
يجب أن نضع في الاعتبار أن النساء منذ نشأتهن كفتيات يتعرضن في كل مكان وبكافة الأشكال والطرق إلى الأفكار الأبوية والممارسات الذكورية التي يتحداها النهج النسوي، وهو نهج قائم على “مجموعة من التصورات الفكرية والفلسفية التي تسعى لفهم جذور وأسباب التفرقة بين (النساء والرجال) وذلك بهدف تحسين أوضاع النساء وزيادة فرصهن في كافة المجالات. (و) النسوية ليست فقط أفكار نظرية وتصورات فكرية مؤسسة في الفراغ، بل هي تقوم على حقائق وإحصائيات حول أوضاع النساء في العالم، وترصد التمييز الواقع عليهن“5، وتتقاطع النسوية مع مجالات عدة مثل الأدب والفلسفة والاقتصاد والعلوم المجتمعية والتاريخ والفن، بالإضافة إلى الطب ومجالات أخرى وتلك الأفكار مبنية على خلل في علاقات القوى بين النساء والرجال والتي تحرم النساء من الكثير من حقوقهن. وبالتالي، هي ليست بمفاجأة أن نجد الكثير من النساء تتبنى نفس الأفكار نظرًا لأنهن تربين على أن هذا الخلل هو الطبيعي. ولوم النساء على ذلك مماثل للوم المعنَّفات على استمرارهن في زيجات يتعرضن فيها للعنف النفسي والجسدي والجنسي والاقتصادي بدون وضع أي اعتبار لمدى تأصل تلك الأفكار في نسيج المجتمعات المختلفة.
1 نص الآية (١٨) من سورة الجاثية: “ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون.”
2 يستند هذا الفهم للمصطلح إلى الأعمال الآتية (مع مراعاة الفروق فيما بين المؤلفين): أبو الفضل (٢٠١٤)؛ أبو زید (۲۰۱۳)؛ النعيم (۱۹۹۰)؛ اسبوزیتووديلونغ باس (۲۰۰۱)؛ كمالي (۲۰۰۸)؛ مسيك (۱۹۹۳)؛ ميتشل (۱۹۹۸)؛ مورز (۱۹۹۹)؛ سنبل (۲۰۰۳)؛ تاکر (۱۹۹۸ و ۲۰۰۸).
3 وبخاصة الكنائس التقليدية الارثوذكسية والكاثوليكية
4 الذكور والإناث للإشارة إلى الفروق البيولوجية إي إلى نوع الجنس.
5 هند محمود وشيماء طنطاوي. دليل المبادرات النسوية / النسائية الشابة. القاهرة: نظرة للدراسات النسوية.٢٠١٦.
Letty M. Russell & J. Shannon Clarkson, Dictionary of Feminist Theologies, Westminster John Knox Press, Louisville, Kentucky, 1996.
فیفیان فؤاد، “الجندر في المسيحية… قراءة في خطاب الكنسية القبطية الأرثوذكسية المعاصر“، ورقة غير منشورة، مقدمة لمؤسسة المرأة والذاكرة، ۲۰۱۱.