شهادات النساء على العنف داخل الأسرة
الكتاب الثاني
شهادات نساء
مقدمة حول العنف الأسرى وآثاره أكثر من 6 سنوات مرت على مجال عملنا بوحدة الاستماع.. عايشنا خلالها العديد من النساء وشاهدنا الآثار المختلفة الناجمة عن ما تتعرض له النساء داخل أسرهن.. عايشنا يوميًا العديد من القصص والحكايات التي سبق وأن أشرنا إلى بعض منها في كتاب “نساء ضد العنف” وسنحاول في الصفحات القادمة إلقاء الضوء على بعض آخر من تلك القصص والحكايات.. بالطبع ليس الهدف إيلامكم ولكننا نحاول إلقاء بعض الضوء على هذه الظاهرة كخطوة في سلسلة الخطوات التي نحاول من خلالها المساهمة في كسر دائرة العنف الأسرى الجهنمية، وكذلك نساهم بشكل بارز في فهم تلك الظاهرة وتداعياتها على المجتمعات. فتأخذ بأيدينا في جهودنا لتحليل العوامل المختلفة المسئولة عن تواجدها على هذا النحو. آملين الوصول إلى التصدي لها ومعالجة جذورها من أجل ليس صحة النساء فحسب بل وصحة المجتمع ككل. صحيح أن ظاهرة العنف بوجه عام في إزدياد.. فصور العنف ورواياته قد عمت في شوارعنا ومدارسنا وأماكن عملنا وجامعاتنا وهى كثيرة، ونتاج طبيعي للأوضاع السياسية والاقتصادية التي يعانى منها المجتمع.. فكيف يخلو المجتمع من صور وأشكال العنف المختلفة في غياب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ولكن وبالرغم من مدى انتشار العنف إلى الدرجة التي أصبح فيها حقيقية حياتية وبلاء يهدد حياتنا وصحتنا جميعاً إلا أن النساء لهن النصيب الأوفر حيث تتعرض النساء لنوعين من العنف النوع الأول يرتبط بكونها فرد من أفراد ذلك المجتمع الذي تهدر فيه حقوق وأدمية البشر عموماً. والنوع الثاني ويا حول الله لكونها إمراة..! بالنظر نجد أن موقف المجتمع تجاه العنف داخل الأسرة يتراوح بين القبول والمباركة نزولاً على العادات والموروث الثقافي “إكسر للبنت ضلع / الرجال الحمش في بیته راجل بصحيح/ إضرب مراتك من غير سبب حتلاقي هيه ألف سبب” وبين إسدال الستار على البعض الآخر لأسباب عائلية واجتماعية “الست اللي تطلع سر البيت بره تبقى ست مش كويسة“. وأحيانًا تعمُد إنكاره لإعتبارات سياسية. فالمجتمع بكل مؤسساته مسئول مسئولية مباشرة عما تتعرض له النساء من عنف وتمييز.. وتجدر الإشارة أن طبيعة عملنا بمركز النديم جعلتنا نصطدم يومياً بالعديد من الإشكاليات المرتبطة بسياسية الدولة والتي من شأنها أن توضح إلى مدى تعانى النساء والفتيات من تمييز على كافة المستويات. وسنحاول في الصفحات التالية أن نقدم بعض الشهادات الحية من بين مجموعة السيدات اللاتي ترددن على وحدة الاستماع للتعرف على منهجية العنف الأسري وتغلغل جزوره في العقل الباطن الجمعي للمجتمع وتداعياته على النساء أو الأطفالفيما يلي سنسرد بعض الحالات التي تعرفنا عليها من خلال عملنا في وحدة الاستماع توضح بعض أشكال العنف السائدة داخل الأسرة والآثار الناجمة عنها على النساء والأطفال.
1 – طيب أتعامل كويس إزاى؟؟
قالت “حُسنه” أنا ماكنتش عايزة أجى.. جدتي هيه اللي صممت أجي هنا عشان تشوفوا حل للجنان بتاعى؟ أصلها شيفاني مجنونة ومش متربية.. بصراحة أنا على طول بتعصب عليهم ومش باستحمل أى كلمة من حد.. من يوم ما أمي وأبويا اطلقوا أختي شايفة نفسها علينا.. وأخويا كل اللى هامه شرب البانجو والحشيش.. باع كليته من شهر وطلبت منه يساعدنى شويه في الجواز رفض وصرف كل الفلوس على إيه مش عارفين. خطيبي كمان بيعاملني وحش بيضربني وبيعرف بنات عليا وطول الوقت بيقول “انتي خنقتيني” من غيظي بقى بأعمل مجنونه عليهم..
عنف نفسي | عنف جسدي | خيانة | فقدان الأمان |
2 – حاسه إني غريبة في البيت !!
قالت “سعاد” بعد صمت وتردد: أنا نفسي أخلص من حياتي مش عارفه ده حصل إزاى.. خالي..
عادت للصمت من جديد
وبعد سؤالها.. ماله خالك ؟
قالت بتردد وخجل: بيعاكسنى.. مش بيعاكسنى بالضبط.. يعنى بيعمل كده.. يعني حاجات کده..
المشكلة كمان إن ماما عارفه ومش راضيه تمنعه أنه يجى البيت عندنا.. شافته مره وهو بيحضني.. إتخانقت معايا.. وزعقت ليا.. قالت إنى مش محترمة وإنى لو كنت محترمة ماكنش عمل كده.. أنا باكره البيت وباكره ماما وخالي وحاسه إنى غريبة في البيت.. نفسي أموت وأرتاح
وتدخلت المستمعة وسألت.. طيب وبابا؟
قالت “سعاد” بنفس الخجل.. هو كمان مش عايزني أعيش معاه مراته عايزه کده وكمان هيه عندها ولاد ما ينفعش أعيش معاهم في البيت.
تحرش جنسي من محرم | عنف نفسي | “موقف الأم” | فقدان الأمان |
3 – الغدر أوحش حاجه…
جاءت “سهی” تشكو من عصبية ابنها وعدوانيته وسوء معاملته لأخته وزملاءه في المدرسة.. بدأت تحكى قصتها…
كنا نعيش أنا والأولاد وأبوهم ثم إنتقلنا أنا والولاد بعد الطلاق لشقة تانيه في حي أقل في المستوى من الحى القديم.. طبعًا الولد ساب أصحابه القدام واتنقل لمدرسة تانيه.. في الحقيقه هوه كمان كان بيتعرض لمعامله قاسيه من أبوه.. أنا عارفه إن كل ده يتعب ويسبب مشاكل.. بس أنا أعمل إيه.. أخته كمان إتعرضت لكل ده زيه بس هي أهدى شويه.
وتدخل الولد وقال بعد صعوبة شديدة في النطق.. ماما بتخاف عليا أوى ومش بتوافق ألعب على الكمبيوتر.. أنا بأحب أقعد لوحدى وأعمل شات.. هيه كل حاجة تقول عليها لأ.. ودايما شايفه أختى أحسن مني.. مافيش حد عايز يصاحبنى علشان كده وبتغاظ منهم بتخانق معاهم.
ثم قالت الأم:
أعمل إيه لازم أخاف مافيش أمان في الدنيا.. أنا كنت عايشه معقوله… جوزي كان عصبي شويه.. بيتخانق شويه بس الحياه كانت ماشيه.. لحد من سنتين، كنت عامله عيد ميلاد إبني. حضرت عيد الميلاد مع أختي واحدة من أقارب جوزها.. الست دي مطلقه ومعاها بنت.. اتعرف عليها جوزى.
بعد كده بدأت تصرفاته تتغير وبدأ يتلكك على أى حاجه ويعمل خناقة من أي شيء. في يوم جه وقال لى إحنا أعصابنا تعبانه وكل شويه خناق.. روحي بيت أبوكي يومين نهدي أعصابنا وبعدين نرجع…
فعلاً أخذت الأولاد ورحت بيت بابا.. حتى ماخدتش غير شنطة صغيرة فيها الضروري من الهدوم. وبعد إسبوع اتصلت بيا واحدة من الجيران وقالت لي إن جوزى إتجوز وكانت زفته إمبارح.. طبعًا إتجوز الست إياها.. طلبت الطلاق وأهلى إدخلوا عشان العيال.. كان بيرفض أي كلام وأي حاجه حتى هدوم العبال مارضيش يبعتها.
المهم إطلقت وشفت مشاكل فظيعه علشان أنقل العيال من المدارس وأجرت شقه جنب أهلى.. طبعا حياتنا كلها إتغيرت.. العيال كانوا في مدارس خاصه ودلوقتى لا طبعًا.. باحاول أنظم لهم حياتهم.. بس على أد مقدرتي.. أنا شفت العذاب.. بهدلة المحاكم ونقل العيال من مدارسهم ومعاملة زفت من أبوهم.. ده مره كتب العيال وصلات أمانه.
المشكلة دلوقت في ابني.. نفسي يبطل عصبيته وعدوانه مع أخته وزملاءه.
عنف نفسي | عنف اقتصادي | عنف جسدي | خيانة | فقدان الأمان وعدم الثقة بالنفس |
4 – بخاف من نفسي!؟
أنا عايشة مع خالتي وجدتى لأن أمي وأبويا تركونى بعد ما اطلقوا، بابا راح إتجوز ورفض يصرف عليا وبعد شويه أمي إتجوزت هيه كمان علشان نعرف نعيش.. بس جوزها كان بيعاملنى وحش وكل شويه يهددها بالطلاق وطردها من الشقة.. خالتي وجدتي أخدوني أعيش معاهم.. خالتي مش متجوزة وطيبه خالص.. بس مش فهماني.. دايما تزعق لي وتضربني.. ماحدش مهتم بيا خالص أنا نفسي يبقى لي مصروف زي كل البنات أقدر أشتري اللي أنا عايزاه.. أنا ممكن أجيب فلوس بطريق مش كويس.. وإتعرض عليا كتير بس أنا مش راضية.. مش متصورة إني أنام مع واحد عشان الفلوس..
السنه اللي فاتت سرقت فلوس من خالتى.. فلوس هيه محوشاها ياعني للزمن.. لما عرفت ضربتني وطردتني من البيت.. أمي أخدتني عندها بس جوزها نغص عليها عشتها.. وأبويا ما أعرفش مكانه.. رحت عشت مع ناس قرايبنا من بعيد.. إتعرفت على شاب هو مش كويس بس أنا كنت عايزة أتجوز وأغيظهم.. إتجوزته عرفي.. لما أهلى عرفوا جوزونا رسمى.. بس ياريتهم ما جوزونا.. طلع فظيع بيبيع ويشرب حشيش وبانجو وكان بيضربني ضرب فظيع ويربطني في السرير ويتركني ليالي ويمشي هو مع البنات.. ما قدرتش أستحمله كان فظيع جداً.. سيبت البيت وسافرت إسكندرية عند بنات زمايلي من أيام المعهد.. إشتغلت في اسكندريه في كافتريا.. شفت حاجات وحشه خالص.. في يوم عرفت إن جدتي عيانه قررت أرجع في ساعتها.. وصلت عندهم الساعة واحدة ونصف.. بس أول ما وصلت خفت أدخل عليهم متأخر كده.. كانت الساعة واحدة ونصف بالليل.. مشيت في الشوارع مش عارفة أعمل إيه لحد الصبح ما يطلع.. وقفتني دوريه وأخدوني قسم “….”.. وفي القسم بهدلوني وطلعت بكفالة.. إتعملتلي قضية.. خالتي ندمت وأخدتني تاني.. المشكلة إني عايزة أبطل أسرق خالتي.. أنا بخاف أسرق من حد تاني.. أنا عايزة أبطل السرقة
عنف نفسي “خالتي مش فهماني” | عنف اقتصادي “نفسي يبقالي مصروف زي كل البنات” | فقدان الأمان الذي أدى لخلل سلوكي والتعرض لمخاطر الشارع |
5 – ماعنديش روح للمناهدة…
مش عارفه أعمل إيه ابنى في سنه أولى ثانوى.. وعلى طول أنا وهو بنتخانق وبخاف أقول لأبوه.. أصل أبوه ضربه غبي بيضربنا بأى حاجة.. العيال بيخافوا منه مره ضربني أدامهم لغاية ما جسمي كله جاب دم.. خافوا حتى ينادوا الجيران أو حتى يتحركوا من مكانهم..
المشكلة دلوقتي في ابني الكبير.. لقيته بيشرب سجاير ودلوقتي بقى هو كمان بيزعق ويتعصب علينا.. وعايز كمان يسيب المدرسة.. بصراحه أنا باضربه ومش عارفين نتعامل مع بعض خالص.. ماعنديش روح للمناهدة.
عنف جسدي | نقل ممارسة العنف للأجيال الجديدة | التسرب من التعليم والإنحراف الأخلاقي |
6 – عشان يطلع راجل!؟
أنا متجوزة من 3 سنين وعندى ولد واحد.. مشكلتى دلوقتى العبل الصغير ده.. واللهي مستحمله وحمد ربنا.. نصيبي كده، وعدنى بجوز عصبي بيتخلق على أي حاجه وبيضربني عادي.. أهي كل الرجالة على كده.. المصيبه أنه بيضرب الولد اللي عمره سنتين.. مره ضربه وهو عمره 6 شهور وكسر كتفه.. حاولت معاه كتير ومافيش فايده بيقول عشان يطلع راجل…!!
عنف جسدي | مفهوم خاطئ للرجولة | تعرض الأطفال لأخطار قد تؤدي بحياتهم | تقبل العنف على أنه نصيب وعادي |
7 – على طول سرحانه…
هو بخيل خالص… دخله يسمح إنه يصرف كويس بس بخيل أوى ما بيجبش حاجه في البيت.. عمره ما جاب حاجة ليا أو للعيال.. ولما أطلب أي حاجة بيضربني.. طول النهار بيبص على الجارة.. شباكها قدام شبكنا ولما أقوله كفايه.. عيب كده. يرد عليا أدام البنت بكلام منيل.. “أهي دي الستات شوفي جسمها.. شوفي كذا.. دي الستات إللي تخلي الواحد“..
بنتي في سنه أولى إبتدائي ورايحه سنه تانيه.. المُدرسه بتشكي إنها على طول سرحانه ومش بتركز في الفصل.. طول الليل تصحى مفزوعة من النوم وتصرخ وساعات تفضل تعيط وهيه نايمه لحد ما أحس بيها واصحيها.. طبعًا بتشوف أبوها وهو بيتخانق معايا ويضربني وأقول له بلاش أدام العيال مافيش فايده.. أنا كمان نفسى قفلت.. بفضل بالأيام من غير ما أنطق كلمه مع حد.. زهقانه خالص من كل حاجه.. من الدنيا والناس والعيال.. نفسي أولع فهم وفيا وأخلص..
عنف جسدي | عنف اقتصادي | عنف جسدي أدى إلى تأخر في المستوى الدراسي وعدم التركيز |
8 – ما بحبش البنات..!؟
أنا بخاف لو أي حد إتكلم قدامي بصوت عالي.. بأخاف وأقعد أعيط طول الوقت حتى لو كان الزعيق لحد تاني.. أنا عارفه إن مافيش حد بيحبني.. ماما وبابا بيحبوا أخويا الصغير وبيدلوا فلوس يجيب الحاجات اللي هو عايزها وأنا لأ.. ودايما بابا بيضربني.. بصراحة ماما ملهاش كلمه.. الكلمة كلمة بابا وعمتي.. أنا نفسي أكمل تعليمي وأدخل الجامعة.. أنا في أولى ثانوي بس بابا عايز يطلعني من المدرسة ويجوزني لواحد كويتي مش عارفه شافني فين.. أنا مش عايزة أجوز.. بابا بيضربني عشان أوافق.. ماما خلتني أجي هنا علشان تقنعيني أوافق وأرحمها وأرحم نفسي من الضرب والبهدله.. أعمل إيه.. أصله ما بيحبش خلفة البنات.. يارتني ماكنت بنت.
عنف جسدي “الضرب“ | عنف نفسي “التمييز في المعاملة” | الإكراه على الزواج | زواج مبكر | الحرمان من التعليم |
9 – ماقدرش أرجع بيت أهلى تانى….
قالت سعدية: مش عارفه أعمل إيه جوزى أكبر مني بكتير عمره 55 سنه، كان متجوز قبل مني مرتين وعنده بنت عروسه كبيرة.. إتجوزته عشان أهرب من عيشه أهلي وتحكمهم.. أنا مخلفه منه بنت عمرها 7 سنين بس عايشه معاه عيشه زی الزفت.. بيضربني بأي حاجة تطولها إيده، ويشتم بألفاظ قذرة.. مش عارفه أتصرف.. لو إتطلقت منه أروح فين.. لو رجعت لأهلى في الفيوم حيتحكموا فيا ويطلعوا روحي ويمنعوني من الشغل.. أصلي أنا اللي بأصرف على نفسي وعلى بنتي.. أهوه بأشتري شوية بيض وفراخ من البلد وأبيعها وباصرف على نفسي وعلى بنتي.. لكن البهدلة والشتيمة أعمل فيهم إيه.. ماقدرش أرجع بيت أهلي تاني.. لو رضيوا بيه مش حيرضوا ببنتي حيقولوا أبوها أولى بيها..
عنف جسدي “الضرب” | عنف نفسي “السب“ | عدم المساندة من الأهل |
10 – كل اللى عايزاه أربي عيالي…
أنا متجوزة من 15 سنة وعندى 3 أولاد، الكبير عمره 12 سنة والاتنين التانيين توأم.. جوزى أخد واحد منهم وهو عمره 3 سنيين وإداه لأخته تربيه عشان ما بتخلفش.. أنا عايزه إبني مش عارفه أعمل إيه.. وياريت على كده وبس.. ده كمان من 6 سنيين إجوز واحدة تانية أخدت كل حاجة منه وسابته.. رجع لي تاني لاني كنت على زمته.. أصلي كنت خايفه أطلب الطلاق.. ولادي كانوا صغيرين ومعنديش حد يصرف عليهم وقلت لما أرجع له يمكن يصون العشرة.. لكن رجع زي ما هو.. بيعاملني وحش ويضربني ومش بيصرف علينا.. أعمل إيه بيهددني إنه يأخذ العيال ويبيع الشقة.. مش عارفة أعمل إيه أنا كل اللى عايزاه أربي عيالي ويصرف عليهم زي أي راجل ويصون العشرة شويه..
الحرمان من الأطفال | عنف جسدي | التهديد | الزواج بأخرى | عنف نفسي | فقدان الأمان |
11 – عايشه زي كل الناس…
كنا عادي.. عايشين زي كل الناس.. جوزي ميكانيكي سيارات وشغال والحمد الله… بيشرب ساعات وساعات بيأخذ أقراص لما يكون سهران مع صحابه على القهوة ويرجع مدهول وشكله بيكون أعوذ بالله.. بس عادي مافيش مشاكل.. هو بحق ربنا عمره ما مد إيده عليا ولا شتمني.. في العيد اللي فات في شم النسيم قولت له أنا والبنات حنروح للكوافير.. عشان البنات تعمل شعرها في العيد زي أصحابها.. قال لأ.. خليكوا في البيت وأنا جأبعت لكم واحدة تعملكم في البيت.. بس بشرط ماتسألوهاش على أي حاجة.. مش شغلكم أعرفها منين.. فعلاً جت.. والغريب إن هيه اللي قعدت تسأل تعرفيه منين.. هو قريبك.. متجوزاه من إمتي.. وعرفت بعد كده إنه كان على علاقة بيها من قبل ما أتجوزه ولما طلبت منه يتجوزها قال لها ما ينفعش عشان أنا مسيحى وإنت مسلمة وما أقدرش أسلم أحسن أهلى يبهدلوني.. سابها شويه وإتجوزني.. أتارى هو لسه على علاقة بيها مع إنها متجوزة ومخلفة وعيالها في الجامعة.. ماعدتش بأثق فيه ولا في حد تاني.. كل الناس كدابين.. كل ما يتأخر بره أقول ده عندها.. ساعات يسافر إسكندرية في شغل أفكر إنها معاه هناك.. أنا أصلي إحساسي ديما صحيح.. هو بينكر بس بلاقي نمرتها على الموبايل بتاعه..
عنف نفسي | خيانة |
12 – خدعني في كل حاجة….
جوزي تاجر أدوات منزلية.. حياتي كلها مشاكل لا حصر لها.. كانت الصدمة الأولى يوم زفافي ساعتها إكتشفت أنا ووالدي قبل عقد القرآن وفي حضور المعازيم من الأهل والقرايب إن الشخص إللي إتقدم يخطبني خبى علينا عمره الحقيقي وكمان مؤهله الدراسي.. يوم الفرح اتضح أنه أكبر مني بـ 16 سنة وحاصل على الإعدادية رغم إنه أدعى حصوله على بكالوريس تجارة وإنه أكبر بـ 5 سنوات فقط..
أول مرة قابلته كنت راجعه من الجامعة “كنت في سنة أولى في كلية الآداب” ركبنا ميكروباص واحد.. كلمة كده وكلمه كده إتعرفنا قبل ما أنزل.. واستغل علاقته بأهالي القرى بمدينة قويسنا وبدأ يجمع المعلومات عنى، حتى عرف إن له قريبة تسكن بنفس قريتى، غرقها بالهدايا وخلاها تساعده في إقناع أسرتي بالموافقة عليه وبعد أسبوع واحد وكانت زيارته الأولى لنا.. قدر يخدع بابا بكلامه المعسول وأدعى أنه حاصل على بكالوريس تجارة وطلب من والدي تحديد الزفاف خلال شهر وإنه حيتكفل بكل شيء وبالفعل وبعد 3 شهور من الخطوبة اتحدد ميعاد الفرح.. وبالرغم من إكتشاف أهلي حقيقة كذبه علينا إلا أنهم وافقوا على يتمموا الجواز خوف من الفضيحة.. بعد الجواز بدأت المشاكل..
إكتشفت إنى مجرد خدامة إتجوزنى عشان أخدم إخواته وأمه وأبوه.. ولمتعته الجنسية وبس.. غير كده مافيش.. معاملة قاسية.. وحرمان من كل شيء.. وبالرغم من أني حملت بعد الزواج إلا إن حملي ده ماشفعليش ولا رقق قلبه وفضلت المعاملة القاسية وزادت لدرجة إنه حبسنى في البيت ورفض إني أروح الكلية كتفني بالحبال ومنع عنى الأكل ولما إستنجدت بأهلي زاد في البلطجة وراح لبيت بابا واتعدى عليهم بالضرب ولكن أهالي البلد إدخلوا وأنقذوا والدي ووالدتي.. رجع البيت وفضل يضرب فيا ورماني في الشارع.. ناس من أهالى القربة ودوني لبيت أبوبا وأنا بين الحياة والموت.. أبويا نقلني على مستشفي قويسنا.. قعدت في العناية المركزة أكثر من 14 يوما.. خرجت من المستشفي لقيت المشاكل أكوام..
رفعت دعوى خلع من زوجي ولكن بنفوذه وثروته لفق لي العديد من القضايا.. كان آخرها قضية إيصالات مزورة.. لكن إكتشفوا بعد كده أن الشخص اللي رفع القضايا ضدى مسجل خطر ومن الجيزة اتقبض عليه واعترف بأن جوزي مسلطه هوه اللي وراء كل المصايب دي ولحد دلوقتي أنا وابني عايشين في بيت أبويا مهددين.. عايزه حد ينقذني من جبروت الراجل ده.. بيهددني بالقتل والتشويه حتى المحاضر اللي عملتهاله واستشهدت بالشهود ما عملتش معاه حاجه.
عنف جسدي “ضرب لحد الخطر“ | عنف نفسي “إذلال وتحقير” | حرمان من التعليم | كذب خداع | اتهامات باطلة | تهديد |
13 – من يرانى يعطينى أعمار فوق عمری!؟
صحيح عندي 17 سنة. بس لإللي يشوفني يديني 100 سنة من كتر اللي شوفته في الدنيا من مصايب.. إتجوزت وماكنتش أعرف إني إتجوزت العذاب.. وإن الذل اللي في الدنيا كله حشوفه على إيد الانسان ده إللي إتفنن هو وأمه في تعذيبي.. مهما قلت وحكيت مش حقدر أعبر عن إللي شوفته واللي عانيته.. الحكاية بدأت بعد أسبوع واحد من جوازي.. رجعني لبيت أمى بحجة أني ماعرفش في شغل البيت.. ولإن أبويا ميت، وأنا من أسرة غلبانه.. يعني ماحدش حيقف قصاده.. زاد في تعذيبي طول السنة إللي هيه عمر جوازنا.. لدرجة أنه وبطني بالحبل في السرير هو وأمه وحرقوني بسكينه محمية على النار في رجلى وظهرى وذراعى، مش بس كده.. دول كمان حرقوا وشي وكسروا فكي، راسي إتفتحت، كل ده عشان ينزلوا الغيل اللي في بطني.. إستحملت كتير بس خلاص ماعدتش قادرة..
سيبت له البيت وأنا في أواخر حملى.. وروحت لأمى الغلبانة إللي مش قادرة توكل إخواتي.. روحت زودت همها.. لكن الجوع أهون من العذاب ألف مرة.
ورفعت عليه قضية، وعملت تقارير طبية بالإصابات، ماعداش على القضية شهر، وفوجئت بيه رافع عليه دعوى تبديد أمانة. مقدم وصل ب (640.000 جنيه).. طيب إزاى؟ وجت منين كل الفلوس ديه وجوزى عامل في مخبز؟
الدنيا ضافت في وشي خصوصاً بعد ما ولدت.. كل ما أبص للواد أفتكر اللي عمله فيا أبوه.. مش عارفه أحبه ولا أكرهه.. دانا برضعه الألم والغم.
عنف جسدي وصل إلى حد الخطورة “حرق وفتح رأس.”.. | تشويه | عنف نفسي “المعاناة واحتمال العذاب والإهانة | إدعاء بالباطل | تناقض المشاعر “تجاه طفلها“ |
14 – نفسي أبقى قوية زيه….
متجوزة من أد ايه مش فاكرة.. تقريبا عشتى كلها إهانات وشتيمة وضرب.. ومش عارفه ليه إستحملت.. بس كنت أعمل إيه.. من أول الجواز كان فيه مشاكل في العلاقة.. يعني العلاقة الزوجية.. بدأ يضربني بعد إسبوع من الجواز.. في الأول شكيت لأبوه.. بس الموضوع زاد.. رحت لأهلي.. رجعوني تاني بعد ما وعدني انه حيبقي كويس قعد اسبوعين كويس ورجع تاني..
بيشك في كل حاجة أعملها لو إكلمت مع أي حد يبقى أكيد بيني وبينه حاجه.. في فرح أخته فضل يقولي انتي كنتي بتبصي على الرجاله كده ليه وبعد الفرح جاب خشبه كبيرة وضربني على رجلي.. وضربني بايد وقع لي سنه..
حبسني أربع شهور.. عشان ما اخرجش ولما أمي تيجي تزورني كان بيطردها.. أصله مستقوي ومافيش حاجة بتخوفه.. عايزاكم تخلوني أقويه زيه.
عنف جسدي | تشويه | عنف جنسي | شك وعدم ثقة | الحرمان من الأهل | اتهامات باطلة |
بعض صور العنف الأسرى
هذه بعض الحالات التي جاءت إلى المركز خلال 2007 – 2008 قصصناها بشكل مختصر. فإذا تأملناها نستطيع بسهولة الوقوف على أشكال العنف التي تمارس داخل نطاق الأسرة مثل:
– الضرب.
– العصبية.
– سوء المعاملة والإهانة.
– السب بألفاظ قاسية.
– عدم تحمل المسئولية في كافة شئون المنزل (المصاريف ورعاية الأولاد).
– الطلاق القصري.
– الزواج من أخرى.
– الخيانة الزوجية.
– الغدر.
– زنا المحارم.
– صعوبة الإجراءات القانونية.
– تعاطى المخدرات.
– سوء الأوضاع الاقتصادية والفقر الشديد.
– التمييز بين البنت والولد داخل الأسرة (بابا عايز يطلعني من المدرسة ويجوزني لواحد كويتى، ماما خلتنى أجى هنا عشان تقنعيني بكلام بابا. ماما وبابا بيحبوا أخويا أكتر مني).
أما عن الآثار المترتبة على التعرض إلى هذه الصور المختلفة من العنف الأسري.
فهي تنقسم إلى شقين:
– آثار تتعلق بالنساء.
– آثار تتعلق بالأطفال.
ويمكننا أن نرى بوضوح الآثار التي تنجم عن تعرض النساء للعنف الأسري، بصوره المختلفة سواء النفسية أو الجسدية أو الجنسية من خلال شكاوى النساء أنفسهن.
– لما ببص في المرايا بإستغرب نفسى..
– إن كان على الضرب يهون.. بس الإهانة بتجرح..
– بخاف منه بأحس أنه عفریت..
– جسمي وجعنى من كتر الضرب..
– مش عايزة حاجة من حد غير الاحترام..
– أروح لمين ماليش حد في الدنيا..
– نفسى أعرف أحْضن إبنى..
– عايزة أبطل أتعصب على كل حاجة..
– شوفیلى حاجة عايزة أنام..
– بس لو ظهرى يخف.. كنت أعرف أشتغل زى زمان..
– دوخت على كل الدكاترة مافيش حاجة بتريحني..
لو تأملنا العبارات السابقة التي وردت على ألسنة بعض النساء لتوصلنا إلى ملامح الآثار التي يتركها العنف عليهن، تلك الآثار التي تناولناها سابقاً، كما تناولتها العديد من الدراسات والأبحاث، ولم تختلف بأية حال عن الآثار التي يحدثها أي سلوك مهين أو مؤذي أو مؤلم.
ويمكن إجمالها فيما يلى:
– الآثار الجسدية (جروح وكدمات وكسور وحروق والموت في بعض الأحيان)
– الآثار النفسية (الحزن، الخوف، فقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، الأرق، الكوابيس، العصبية، التوتر الشديد، القلق، اليأس، الإحباط، قلة الحيلة، الإحساس بالعجز).
– الآثار النفسجسدية (الصداع، ضيق التنفس، تقلصات بالمعدة والأمعاء، إضطراب بضربات القلب، الإحساس بتكسير في الجسم والعظام، إغماء وفقدان للوعى، فقدان للنطق).
وتجدر الإشارة إلى أن معاناة النساء على هذا النحو مرتبطة إلى حد كبير بنوعية العنف الواقع عليهن وبقسوته، فحين يتعرض المرء إلى الإهانة أو الإذلال أو التحقير أو أي فعل مؤذي ومهين ويكون في ذات الوقت هو الملام. وحين لا يكون للإنسان مخرج أو مهرب من ذلك العنف. وحين يصبح تحمل الإهانة والتحقير والضرب أشياء عادية ومن طبائع الأمور، بل وعلامة على العقل وقوة التحمل.
يدفع كل هذا الضحية لتبني الأفكار والموروثات التي تبرر وتعزز أحيانًا سلوك الجاني رغم المعاناة التي تقع على عاتقها والتي تعاني منها.
وتحضرني هنا بعض المقولات التي ترددت على ألسنة بعض النساء أثناء الندوات التي أدرناها في الأماكن المختلفة مثال ذلك “الستات بيحبوا يضربوا/ يعمل إيه الراجل ظروفه صعبه.. مسكين حيلقيها منين ولآ منين / بصراحة فيه ستات بتحب الشتيمة والضرب/ الستات مفروض تستحمل علشان عيالها/ الست من دول بعد متسيب البيت ترجع تانى أول ما جوزها يصالحها.. زى الكلب اللى بيترميلوا حتة عظمة” وبالطبع عند الحديث مع هؤلاء النساء يتضح حجم المعاناة الكامنة وراء تلك العباراتالتي تشير إلى حجم الصراع بين ما يحمله الإنسان من أفكار وعادات وبين الاحتياجات الأساسية لهذا الانسان من منا يرغب في الإدانة أو الإيذاء الجسدى.. المرء عمومًا ومنذ طفولته له إحتياجاته الأساسية لكى يحيا وينمو “الاكل، الشرب، العلاج، المحبة، والاهتمام، الاحترام والتقدير سواء تقدير الشخص لنفسه أو تقدير الآخرين له. الشعور بالأمان” وبدون هذه الاحتياجات الأساسية لا يمكن أن ينمو الإنسان نموًا سليمًا. ولو نظرنا إلى حال النساء اللاتي أتوا إلينا وتأملنا أوضاعهن لوجدنا أنهن محرومات من الحد الأدنى من الاحتياجات الأدمية. ونتيجة لكل هذا نرى أننا أمام حقيقة لا يمكن إغفالها بأن العنف الواقع على النساء له آثار جمة ليس على صحة النساء سواء النفسية أو الجسدية فحسب بل وعلى أطفالهن أيضاً. ففي الغالب أن النساء اللاتي يعانين من هذا العذاب تضعف قدرتهن على رعاية أطفالهن ومنحهم الحب والحنان، ففاقد الشيء لا يعطيه، فمعظم النساء اللاتى ترددن على وحدة الاستماع جاءوا للبحث عن العلاج سواء العلاج الطبى أو العلاج النفسى لهن أو لأطفالهن.
إذن فالأطفال هم الضحية الثانية لما تتعرض له النساء من عنف، وقد أكدت العديد من الدراسات، كما أكدت معظم الحالات التي ترددت علينا أنه حين يحدث عنف داخل الأسرة، في الغالب يكون واقع على النساء والأطفال وقد يتعرض الطفل لصور مختلفة من العنف تتمثل في:
1 – عنف مباشر وينقسم إلى (نفسي وجسدي وجنسي)
2 – عنف غير مباشر ويتمثل في مشاهدة الطفل للعنف الواقع في الأسرة أو ترقبه لحدوثه مما يؤثر على الحالة النفسية للطفل والتي تتمثل في قلة التركيز والخوف الشديد والكذب.
وفي الواقع تضرُر الأطفال من العنف غير المباشر يبدأ مبكرًا وهم لايزالون أجنة في بطون أمهاتهم، فقد يصابون بأذى عندما يضرب آباؤهم أمهاتهم إذا لم تتعرض الأم إلى الإجهاض. وفي هذا الصدد أشارت نتائج الدراسات أن ما بين ( 23%، 45%) من المضروبات كن حوامل.
أما بعد الولادة فإن الخطر يتسع، فالأم التي يضربها زوجها أو الأم التي تعاني من الإحباط والتوتر والاكتئاب بالطبع تنخفض قدرتها على رعاية أطفالها والاهتمام بهم ويزيد احتمال ضربها لأطفالها، وقد تشعر بكراهية تجاههم لأن وجودهم يجبرها على الاستمرار في هذه العلاقة الزوجية التي لا تحتملها.
وإذا كانت بعض الدراسات والأبحاث أظهرت أن هناك علاقة بين العنف الذي تتعرض له النساء وظهور بعض الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، فالممارسة العملية جاءت على نحو يزيد من تأكيد حقيقة هذه العلاقة، حيث أنه من خلال خبراتنا العملية بوحدة الاستماع تبين أن هناك إرتباطاً واضحاً بين ظهور بعض المشاكل السلوكية لدى الطفل وبين تعرضه للعنف الأسرى المباشر أو غير المباشر وقد جاءت المشكلات على النحو التالي:
– الشعور بالقلق والأرق والحزن.
– التعرض لمشاكل دراسية بسبب قلة التركيز.
– وجود خلل في القدرة على التكيف مما يؤدى إلى الخجل والوحدة والخوف من كل شيء.
– ظهور سلوك عنيف لدى الطفل.
– ظهور بعض الإضطرابات المتمثلة في التبول اللاإرادى، السرقة، الكذب، الهروب من المدرسة.
ومما لا شك فيه أن كل هذه المشكلات التي تصدر للمجتمع شخصيات لم تنمو النمو السليم، والتي يتأثر أداءها في المجتمع بالاضطرابات التي تعاني منها مما يخفض من إنتاجيتها، ناهيك عن ظهور بعض المشاكل مثل هروب الأطفال بيت الأسرة مما يسبب ظاهرة أطفال الشوارع وبالتالي تعرض هؤلاء الأطفال لأخطار الإدمان والإغتصاب وما إلى ذلك من أخطار. فيتكلف المجتمع كثير من الجهود لعلاج تلك الآثار.
وأخيرًا ولكل ما سبق يمكننا أن نجزم بأن العنف الواقع على النساء له آثار سلبية ليس فقط على النساء بل وعلى الأطفال والمجتمع ككل.
بالطبع ليست الحياة وردية.. وأننا لا تقف أمامنا مشكلة دون أن نحلها.. بل هناك كثير من المشكلات التي تواجهنا والتي نقف أمامها مكتوفي الأيدي وإن ساعدنا في تقديم بعض العون الذي يخفف نسبياً من معاناة السيدة إلا إننا نشعر بالعجز وهذه بعض الحالات التي وقفنا عاجزين عن مساندتها.
1 – ربنا يحلها من عنده….
قالت ابتسام
أنا مش عايزة أى حاجة بس كل اللى عايزاه أرفع قضية نفقة على جوزى.. أنا متجوزة من 30 سنة عندى 4 بنات وولد.. بنت منهم متجوزة وعلى أد حالها وولد شغال بس يدوب.. جوزى غير الضرب والإهانات مش بيصرف علينا.. هو بيشتغل سمسار وبيكسب كتير.. بس كل فلوسه مضيعها على الستات والقهوة.. مأقدرش أطلق لإني لو إطلقت حيطردنى من البيت وأبقى في الشارع أنا والبنات.. مستحملة العيشة عشان مابقاش في الشارع..
بيضربني أنا والبنات.. ده مره فتح دماغ البنت الصغيره الجيران إتصلوا بالبوليس ولما جه قال أب بیربى بنته.. مش مهم الضرب أهو إحنا مستحملين وأخدنا على كده. المهم إننا نلاقى ناكل.. ما عندوش مانع اشتغل شغل بطال.. بيقول الستات بتتصرف.. البنت الكبيرة عندها نزيف بقالها شهرين مش عارفه أكشف عليها..
كنت بأشتغل في لضم الخرز وباساعد شويه بس نظری ضعف وما بقتش قادرة.. محتاجة لنظارة ومش قادرة أعملها عشان عايزة فلوس.. أنا مش عايزة غير المحكمة تحكم بنفقة للعيال.
(صعوبة إثبات الدخل وقف عائق أمام السيدة في الحصول على نفقة مناسبة لها ولبناتها).
2 – أورح لمين؟؟
هربت من بيت أهلى واتجوزت وأنا عمري 17 سنة، كنت فاكره الجواز حينقذني من ضرب أبويا وأخواتي.. كان نفسي اكون زى كل البنات.. ألبس وأنفسح وأضحك.. كنت دايما ممنوعه من كل حاجة.. عشان كده سبت المدرسة وهربت من أهلى.. كنت صغيره ومش فاهمه حاجة.. قابلت شاب كان حنين وطيب أوى.. إتجوزنا عرفي ولما أهلى وأهله عرفوا جوزونا.. وبعد الجواز لقيت حد تاني خالص.. لاقت جوزی زيه زی أبويا وأخويا.. بس همه كانو أرحم شويه..
بدأ يشك في كل تصرفاتي ويعايرني عشان هربت من بيت أهلي.. بيضربني ضرب فظيع.. كسر إيد.. أنف.. حرق.. كل حاجة تخطر على البال بيعملها غيره وشك وإتهامات وضرب.. أصله ديما مبرشم..
مش عارفه أعمل إيه أهلي رفضونى أنا والعيال.. بيقولوا انتى اللى عملتى كده.. أنا عارفه إن مشكلتي مالاهاش حل غير الطلاق وخصوصًا بعد هباب الطين اللى بياخدوا.. أصل دلوقتى البيه طور نفسه من حشيش لبودره..
لكن اروح فين أو إطلقت؟ ما فيش مكان أعيش فيه أنا وولادى.. ومقدرش أرجع بيت أهلى.
(عدم وجود مكان تلجأ إليه السيدة مع العداء أسرتها وكذلك عدم وجود عمل أدى إلى صعوبة حل المشكلة).
3 – صدقيني أنا مش مجنونة
دخلت سيدتان.. الكبرى مهمومة بشدة والأصغر يبدو عليها خوف شديد.. لا ترغب في الكلام ولا تشعر بالثقة.. وبعد أن طمأنتها المستمعة وهدأت من نفسها بدأت تحكى.. قالت وداد:
جوزى إدعى إنى مجنونة وجاب شهادات تثبت الكلام ده عشان عندنا الطلاق صعب “الزائرة مسيحية” وهو عايز يطلقنى ويأخذ البنات مني.. قالت أمها: ده بيضربها ضرب شديد ومعانا محاضر بكده.. بس فوجئنا أنه جايب شهادات مزورة تثبت إنها مجنونة.. تشجعت وداد وقالت: أنا مش مجنونة هو اللي عايز يجنني.. أيوه صحيح أنا آخر مرة صرخت.. ولطمت.. بس عشان الضرب كان جامد جدًا راح متصل بالجيران عشان يقنعهم إلى مؤذيه وخطر على العيال.. أنا عارفه إنه واصل وعلاقاته كتيره.. أنا مش عايزه حاجة غير عيالي..
4 – اللي مالهوش ظهر؟
جوزي صعب جدًا ومش عارفه أروح لمين وأشتكى لمين.. أمي وأبويا مطلقين وكل واحد قيم أتجوز وعايش حياته في بيته مع ولادة الجداد.. أنا متجوزة من سنتين.. بس جوزی بیضربني ضرب فظيع وبيعذبني.. مرة كب الميه السخنه على وحرقني.. ومره خبطني في الحيط فتح دماغى.. لما كنت حامل فضل يضرب فيا لحد ما سقطنى عشان هو مش عايز أطفال.. أصله معاه طفلين من مراته الأولانية – أنا بأخدمهم كلهم في البيت حتى لو أخوه عايز الشبشب اجييوله ولو ما عملتش كده أنضرب ضرب صعب.. بصراحه هو إتجوزنى عشان أخدمه هو وعياله وأخواته.. مش عارفه أعمل إيه وأنا ماليش حد أروح له.. على رأى المثل اللى مالهوش ظهر….
(صعوبة إيجاد ملجأ للسيدة لتعيش فيه حتى لو أمكنها أن تعمل في أي عمل)
5 – انا ندمانه… ندمانه… ندمانه….
أنا ندمانه.. هذه العبارة هي آخر ما قالته لى “كريمة” حكايتها بإختصار تبدأ منذ ثلاث سنوات.. جاءت كريمة.. إلى المركز يوم 18 – 8 – 2008 وكانت تعاني من أعراض إكتئاب وعدم القدرة على النوم وفقدان تام للشهية وظلت هكذا عدة أسابيع.. كانت مصدومة بواقعة إكتشاف زواج زوجها ولا تصدق وهي في حالة ذهول تام.. وتتساءل كيف حدث ذلك ولماذا؟
تقول: سنيين طويلة وأنا مستعملة ضرب.. إهانة.. وعدم تحمل مسئولية.. سنيين طويلة بمد إيدى لكل واحد شويه وانا برده مستحملة.
ابني الكبير في ثانويه عامه وعايز فلوس للدروس والصغير عنده مرض مزمن وعايز علاج طويل.. وبرده مستحملة؟ بس دلوقتى يتجوز كمان.. مش قادرة أستحمل..
تحسنت كريمة جزئيًا بعد عدة أسابيع وبدأت مرحلة من الشعور بالغضب والمرارة وأصرت على الطلاق ورأت أنه الحل الوحيد لرد إعتبارها.. وتربية أبنائها بشكل محترم.. قالت:
أيوه.. الطلاق هو الحل.. أنا مش عايزة الطلاق عشان أتجوز.. أنا كرهت الرجاله أنا عايزة معاش أمي وأبويا وعايزه كمان نفقة الولاد.. عشان أعرف أربيهم كويس.
وأخيراً وبعد فترة تم حصولها على الطلاق.. ولكن لم يأتى معاش والدتها ولم تأتى نفقة الولاد ولم يأتي سوى كلام الناس الذي زاد من إكتئبها.. نعم كلام الناس الذي لا يرحم امرأة مطلقة تحيا بمنطقة شعبية..
واضطرت كريمة أن تخرج ابنها من المدرسة وتقفل باب بيتها بل وباب حياتها..
(صعوبة العمل مع ضعف حالتها الصحية وكذلك صعوبة استخراج المعاش الخاص بوالدها صعوبة تنفيذ حكم النفقة)
6 – من يومها مارجعش!
تحكي نوال
أنا متجوزة من 15 سنة وعندى 4 عيال 3 ولاد وبنت عايشه في أوده في شقة حماتي ومن 3 سنين وبعد خناقة من الخناقات الدايمة مع جوزي.. وقتها كنا على دخول المدارس.. والولاد عايزيين حاجة المدرسة.. إتخنقنا كالعادة.. ضربني وخبطنى بقفل الأوده.. إغمى عليا.. ثواني.. ساعات.. ماحسيتش.. فتحت عنيه على صراخ العيال وزعيق حماتي “حتجيبي للراجل داهيه فوقى“….
ومن يومها ساب جوزى وأبو عيالي البيت ومانعرفش عنه حاجه.. أصل تعبناله أعصابه “حماتي قالت كده“
وياريت على أد كده وبس دي کمان طردتنى أنا والعيال.. أجرت أوده واشتغلت “أخدم في البيوت” بس النعمة ما بتدمش…
جالى وجع شديد في رقبتي.. رحت المستشفي قالوا عندى مشكلة في الفقرات ومحتاجة علاج طبيعي وشغل بسيط.. مش عارفه أعمل إيه في العيال مين يصرف عليهم.
(لم يكن الاستدلال على مكان الزوج أو دخله)
لكن الدنيا ليست دائمًا بهذا السواد والنساء عندهن القدرة (ببعض المساعدة) على الوقوف من جديد ومقاومة الظلم والعنف واستعادة إحترامهن لأنفسهن.
هذه بعض الحالات التي نجحنا في مساعدتها ونجحت معنا في التغلب على مشكلاتهن ومعرفات المجتمع.
1 – مافيش مستحيل
تحكي نورا
حلمت حلم وطلع كبير عليا.. حلمت بالجواز والخلفة.. حلمت إني أكون زى الناس إتجوزت من سنة واحدة.. سنة واحدة بس بمليون سنة، شفت في السنة ديه كل حاجة.. ضرب.. إهانة.. ذل.. بس خلاص تعبت ومش قادرة أستحمل.
المشكلة بدأت من وأنا طفلة ديما كنت حاسة إنى غير كل البنات لإني كسيحة.. بس صدقيني أنا كنت ديما بحاول أكون زى الناس إتعلمت وأخدت دبلوم واشتغلت حاجات كتير، واتجوزت من سنة في أودة في عمارة في شارع عبد العزيز وبعد الجواز على طول شفت راجل زى الوحش بيضرب ضرب فظيع بأي حاجة في إيده وعلى أي حته في جسمي.. كنت حامل وجالى نزيف من كتر الضرب، ديما يعايرني بإني كسيحة مع إنى أنا اللى باشتغل وبأصرف عليه.. طردنى من الأوده في نص الليل ورحت دار الإيواء اللى في القناطر.. ناس ولاد حلال دلوني عليها، أنا تعبت وعايزة أطلق
تم تقديم الدعم النفسي والقانونى لنورا، وبعد عدد من الزيارات وبمساعدة دار الإيواء جاءت نورا إلى المركز وقد تجاوزت إلى حد كبير محنتها، ولكنها لم تأتي هذه المرة بمفردها بل جاءت بصحبة سيدة أخرى تسكن معها بدار الإيواء وجاءت تطلب مساندة السيدة الأخرى وكانت المفأجاة أن نورا هي التي تشجع السيدة وتفكر في مخارج معها لحل لمشكلتها واتفقتا أن تعلم نورا السيدة الأشغال اليدوية التي تتقنها ليعملان معًا.. وختمت زيارتها بتلك العبارة الرائعة “مافيش مستحيل“ |
2 – أصله عايز ولد !!
تحكي عفت:
أنا ما عنديش غير بنت واحدة عمرها 9 سنين، حماتى عمالة تزن على جوزى عشان يتجوز تانى ويخلف الولد، جوزى عصبي خالص على البنت بيضربها كثير أنا كمان بأضربها جامد.. مرة أبوها ضربها وكانت حتموت في إيده، فضل يخنق فيها لما فرفرت..
سألت المستمعة: يمكن إنت عصبية من موضوع حماتك ؟
عفت: أيوه أنا عصبية قوى من كل اللى حاصل.
تمت لقاءات مع الزوجة والزوج ومناقشة الزوج في طريقة تعامله مع إبنته وفي علاقته بزوجته وأبدى الزوج إستعداد ورغبة شديدة في تحسين الأوضاع |
3 – على طول مكشر..
حضرت ماجدة مع زوجها وقالت شوفيلي حل في عصبيته.. على طول بيزعق ومكشر.. زهقت أنا والولاد، ولما باروح عن نفسى عند أهلي يفضل يزعق.. مش عايزني أخرج من البيت والبيت معناه زعيق ونكد على طول..
بالحديث مع الزوج والزوجة وكل منهما على إنفراد إعترف الزوج بعصبيته ومن خلال الحديث معه تبين أنه يعاني من حالة إكتئاب شديدة ناتجة عن بعض المشاكل في العمل والحياة، وتم إقناع الزوج بزيارة أحد أطباء المركز لعلاج حالة الاكتئاب.. وبالفعل تحسنت حالة الزوج والتي انعكست على علاقته بزوجته وأولاده وبطل يكشر شويه.. |
4 – عمرى ماكنت أصدق
جاءت سامية إلى المركز يائسة مستسلمة.. جاءت تحت إلحاح من أختها بعد تدهور حالتها يومًا بعد يوم كانت كل ما تريده هو تقديم الدعم الطبي..
حكایتها:
سامية عمرها 43 سنه متزوجة من 24 سنة. لديها ولدان بالجامعة عاشت عمرها مع رجل لا يعرف سوى الضرب والإهانة إعتادت طريقته وبالرغم من حزنها المستمر وخوفها الشديد منه إلا أنها كانت لا تتصور الحياة بدونه الكل كان مندهش من درجة تحملها.. عايشت سامية كل أشكال العنف تقريبًا.. ضرب.. إهانة.. خيانة حتى الجواز إتجوز عليها أخيراً وبعد سنيين طويلة جاءت سامية إلى المركز بناء على طلب أختها.. جاءت تعاني من أعراض اكتئاب وفقدان تام للرغبة في الحياة وشعور بالضعف وعدم الثقة بالنفس..
ترددت سامية على المركز مرات عديدة وتم مساندتها نفسيًا وطبيًا.. وبعد مرور عام قررت الطلاق ولأن الشقة ملكًا لها فلم تجد معاناة في مواصلة الحياة وتحولت إلى شخص آخر أكثر ثقة أكثر تفائل.. تعمل وتحقق مكاسب من خلال “عمل وجبات غذائية لعدد من الجمعيات والمؤسسات والمعارف“. وكانت آخر جملة قالتها بعد أن شعرت باستقرار حياتها “أنا مش قادرة أصدق إنى بقيت كده وقدرت أعيش من غیره“. |
5 – اللى انكسر ممكن يتصلح
تحكي لنا إنتصار قصتها مع المركز ومع الحياة:
كان عمري 27 سنة وقت لما جيت المركز كنت متجوزة وعندي بنت عمرها سنتين.. إتجوزت وأنا عمري 24 سنة، عدد المرات اللى شفت فيهم جوزي تقريبًا 3 مرات.. كل مرة حوالى 30 يوم يعني عاشرت جوزى حوالى 90 يوم.. أصله بيشتغل قبطان على مركب.. أمى ربنا يسامحها كان كل همها تجوزنى بسرعة قبل بنت جوزها.. طول عمرها بتحسسنى أن ماليش لازمة في الدنيا إلا عشان أتجوز.. عشان كده جوزتني بسرعة جدًا من غير ما نعرف حاجة عن العريس.. قالنا إنه عنده شقة بس لسه على التشطيب.. اللى حصل إتجوزنا عند أمه وبعد شهر سافر وأنا بقيت حامل.. أمه عاملتي معاملة فظيعة واستحملت.. المشكلة إنه لما رجع بعد سنه وكنت طبعًا مخلفة.. كان قاسي جدًا معايا.. روحت على أمي.. سابني أنا والبنت عندها من غير مصاريف.. وكل كلمة أمه تقولهاله يسمعها من غير تفكير وياريت على أد ضعف شخصيته إلا إنه بدأ يضربنى.. تدخلوا ناس ولاد حلال عشان يصلحوا بينا.. رجعت تاني لبيت أمه ويارتنى ما رجعت شفت حاجات غريبة وسمعت أقذر الشتائم – طبعًا من حماتي – صبرت لغاية رجوع جوزى.. ولما رجع إدبدل الحال.. بدل حماتي بقى هو اللى بيقوم بتأديبي.. ساءت حالتي النفسية كرهت الدنيا.. حاولت الانتحار.. بس مين حيربي بنتي وإيه ذنبها.. بس كمان أنا كان نفسى تتربى بين أبوها وأمها وما تشفش اللى أنا شفته مع جوز أمى.. كنت حاسه انه مافيش حل واللى إنكسر عمره ما يتصلح كرهت نفسى والناس حتى بنتى.. كنت شايفه إنه الحل الوحيد هو الموت
جاءت إنتصار إلينا عن طريق إحدى المعارف تعانى من إكتئاب شديد.. وتم تقديم الدعم النفسي والاجتماعى لها وتم مقابلة الأم عدة مرات وبعد مرور عام بدأت حالتها تتحسن بشكل ملحوظ، قررت العمل وعدم الاستسلام وبدأت ترى إن اللي إنكسر ممكن يتصلح.. وتجدر الإشارة أن الأم لعبت دورًا واضحًا في مساعدة ابنتها على الرغم من قناعتها القديمة بأفكار كثيرة أضرت بابنتها إلا أن تدهور حالة ابنتها جعلها على درجة عالية من المشاركة الإيجابية. |
6 – لازم أنجح..
سهام خالد، السن: 28 سنة.
الحالة الاجتماعية: غير متزوجة.. آنسة.
تعيش سيام مع أسرتها المكونة من أب وأم وأخت أكبر بحوالي الثلاثة أعوام وأخ أصغر بعامين مع وجود أخ رابع متزوج ويتعيش في منزل مستقل.
جاءت سيام تشكو من عنف معاملة والدها لها كان الدافع المباشر للشكوى هو تعرضها للطمة على وجهها لم تعرف حتى لحظة قدومها لنا سببها.
حين جاءت سهام كان يبدو عليها أعراض إكتئاب مع إحساس عميق بالغين والقهر تقول سهام عن حياتها:
بابا عمره مابسني.. عمري ما أفتكر إنه باسني أو طبطب عليا زي الأبهات، كان طول الوقت يزعق ويشتم وعلى أقل غلطة يضرب على طول.. ضرب غبي.. كنت وأنا صغيرة بخاف منه جداً.. وبخاف أغلط لإني عارفة إللى حيحصل لي.. طبعاً فيه فرق كبير طول الوقت بيني وبين أخويا الولد.. صحيح كان بيضربه هوه كمان ساعات.. يعني لما كنا أنا وأخويا نتخانق على أي حاجة.. يعني زي العيال الصغيرة يقوم يضربنا إحنا الاتنين عشان مش عارف ينام من غير ما يعرف إحنا بنتخانق على أيه ولا حتى مين غلطان.. بس بعد كده.. لما أخويا كان يغلط في حاجة ممكن يفوتها له.. إنما أنا لأ.. كمان كان كل حاجة يبعتني أنا أجيبها ويقول عشان الدنيا شمس على أخوكي.. يعني هيه شمس على أخويا ومش شمس عليا أنا. يقول إنزلي هاتي الحاجة دي ولحد دلوقتي لو دخل ولقاني باكل حاجة يقول خلي لأخوكي هوه إنتي كل حاجة تاخديها.. وأكون أنا اللي جايبة الحاجة دي من فلوسي.
من وإحنا صغيرين كانت الدنيا تبقي حر.. إخواتي الصبيان يقعدو بالفنلة والشورت عشان همه ولاد لكن أنا لازم أغطي جسمي كله عشان أنا بنت.. أبقى حموت من الحر ومش قادرة ألبس حاجة خفيفة عشان إخواتي الصبيان في البيت.. ولو قلت إني من حقي أخد راحتي في بيتي.. طبعاً أتشتم وأبقى قليلة الأدب ومش متربية.
وأنا صغيرة كان عندي 7سنين أو 8.. كنا بعد المدارس ما تخلص نلم الكتب ونروح نبيعها لراجل في آخر شارعنا بيشتري الكتب القديمة. ناخد فلوس قليلة بس كنا بتفرح بيها.. تشتري حلويات وحاجات زي كده روحت أنا وأخويا نبيع الكتب..
الراجل أخد الكتب وبعدين قال لأخويا إستنى إنت هنا.. وأخدني ودخل جوه عشان يديني الفلوس.. شالني وقعدني على الطرابيزة وفتح سوستة البنطلون وطلع (..) وراح رافع هدومي.. قعد يزق.. أنا مافهمتش وكنت خايفة جدًا وعايزة أصرخ وصوتي مش بيطلع.. لقيت حاجة سخنة على رجلي.. نزلني بعد كده وإداني الفلوس. خرجت وأنا مرعوبة.. أخويا ما عرفش حاجة. أنا ماكنتش فاهمة بس كنت حاسة إن فيه حاجة غلط عشان كده لما روحت ما قولتش لأني عارفة إني حاضرب وكنت حاسة إني ماليش ذنب.. بعدين بعد شوية نسيت الموضوع ده خالص.. بس بعد كده لما دخلت المدرسة الإعدادي وبدأنا ناخد في العلوم جسم الإنسان إفتكرت الحدثة كلها.. كنت حموت من الرعب.. ماكنتش بافكر في أي حاجة في الدنيا غير في ده.. وخايفة جدًا وأفكر لما أكبر وأتجوز هيعرفوا وماحدش حيفهم إني ماليش ذنب.. كنت مش فاهمة إيه اللي حصل لي بالظبط.. طول الوقت سرحانة بافكر في الموضوع ده ومش عارفة أذاكر ولا أعمل حاجة تانية.. طبعاً إدهور مستوايا الدراسي.. كان بابا لما يقعد
يذاكرلي يلاقيني سرحانة يضربني عشان أنا غبية وما بفهمش حاجة خالص.. طبعاً نجحت في الإعدادية بالعافية وجبت مجموع صغير.. كنت حاسة إني فاشلة زي ما بيقولوا وإن ماليش مستقبل.. نسيت الحكاية دي تاني ماعرفش ليه لما دخلت ثانوي.. أنا دخلت ثانوي صنايع.. كان نفسي أدخل قسم زخرفة.. لكن كانت أول صدمة مش إني نظري ضعيف وقسم زخرفة محتاج لنظر قوي.. لكن الطريقة اللي إتقال لي بيها.. تقريباً إنتي عامية… إنتي ايه جابك مدرسة صنايع أصلاً.. طول الوقت موضوع النضارة ده عامل لي مشاكل.. تريقة في المدرسة وتريقة في الشارع.
أكتر حاجة بتضايقني في بيتنا سياسة المقاطعة. ودي عادة قديمة في عيلة بابا.. ناس غريبة جدًا. اللي يزعل من التاني يقاطعه.. يقعدوا بالسنين مايكلموش بعض وهمه في نفس البيت.. أنا أخويا ماكلمنيش من خمس سنين.. ومش عارفة السبب لحد دلوقت.. ما تتصوريش قد إيه مؤلم إنك تصحي من النوم الصبح عشان تبدئي يومك.. الناس تقول يا فتاح يا عليم.. تتصدمي بالتجاهل.. كإنك هوا.. مش موجودة في الدنيا خالص.. يقابلك أخوكي ولا أبوكي في الصالة كأنك فراغ.. التجاهل أصعب كتير من الضرب.. على الأقل الضرب رغم الإحساس بالإهانة إلا إنك بتحسي انك موجوده.. إن فيه كيان اسمه سهام.. لكن التجاهل يحسسك إنك ولا حاجة مالكيش لازمة في الدنيا.. وجودك زي عدمه.
كان ليا أصحاب كتير.. من أول ثانوي بقى ليا أصحاب كتير.. كنت بأهرب من مشاكل البيت ومعاملة بابا.. وأدور على الدفي مع الصحاب.. البيت كان بارد ومش حاسة بأي علاقات حميمة. كلنا بنغير من بعض.. خصوصاً إن أختي الكبيرة كانت مميزة وكل طلباتها مجابة أو يعني أكتر مني بكتير.
أنا شوفت بلاوي كتير في الدنيا.. مش لاقية فيها حاجة كويسة..
بعد ما خلصت المعهد.. إشتغلت في جمعية.. الجمعية كانت بعيد.. كنت بأركب المترو مسافة كبيرة.. كان فيه واحد.. شاب يعني بيركب معايا المترو كل يوم تقريبًا.. يوم ورا يوم إتعرفنا.. مش إتعرفنا يعني إتصاحبنا.. لأ يعني نتكلم كلام عادي كده.. صباح الخير.. المترو زحمة النهاردة.. الجو حار.. يعني أي كلام في الهبل كده.. في يوم فوجئت بيه بيقول لي تعالي معايا البيت أنا عندي مكان.. إتصدمت.. قعد يقول لي إوعي تفتكري نفسك حلوة.. دا أنا كتر خيري إني بصيت لك.. طبعًا ما عرفتش أعمل إيه.. أو أقول إيه.. سيبته ومشيت وأنا مش فاهمة إشمعنى أنا إللي بيحصل معايا كده. حبيت.. مرة واحدة حبيت.. كان أجمل إنسان في الدنيا.. الوحيد في العالم إللي حسسني إني بنت.. بنت بجد.. كان بيهتم بيه بحق وحقیق.. بيهتم بكل حاجة.. كان زميلي في المعهد.. كل يوم يسأل أكلتي.. نمتي كويس.. ذاكرتي.. يهتم بكل حاجة.. لما خلصنا المعهد، سافر. ماكنش من القاهرة. لكن كان طول الوقت يبعت جوابات.. بعد شوية قعد يتكلم عن الفرق في المستوى الاجتماعي وإنه من حيقدر يوفر لي حياة مرتاحة.. كنت مش فاهمة مين اللي فهمه إني غنية؟ وحاولت أفهمه إننا مستورين يعني مش أغنيا.. وإن بابا موظف وخلاص على كده.. لكن كانت دي جواباته الأخيرة.. بعدها قطع شوية وبعدين بعت جواب يقول فيه إنه إتجوز بنت عمه.. حاجة زي الأفلام كده.. أنا لسه بأحبه.. ومش بافتكره غير بكل خير على الأقل هوه الوحيد اللي عاملني على إني بنت بجد وكان بيحترمني خالص.
كل ما أفكر في حالي أنا قربت على التلاتين.. مش لاقية شغل وماتجوزتش ولا عندي صاحب أو حبيب وعايشة مع أهلي في بيت طول الوقت حاسة إنه مش بتاعي.. إني ماقدرش آخد راحتي فيه.. إهانة ومعاملة زفت.. كل ما أفكر إني قربت على التلاتين وبابا يمد إيده عليا كإني لسه عيلة صغيرة.. لما ضربني بالقلم ما فهمتش حتى هوه عمل كده ليه.. ولا إيه السبب.. كنت نايمة على الكنبة.. جه وندهلي، بدوب بقوم لقيت القلم رف على خدي.. حسيت عنيه نورت ألوان.. وبعدها كان عندي صداع مستحيل.. وكنت خايفة إن عنيه يكون حصل فيها حاجة.. ولحد دلوقتي ماقالش هوه ضربني ليه.. فكرت كتير في سبب.. بس ما قدرتش أعرف هوه ضربني ليه.. يعني حتي ما فهمتش العقاب ده على إيه.. تخيلي واحدة شحطة كده أتضرب بالقلم من غير حتى ما أعرف ليه.. ولما سألت وعيطت بقيت قليلة الأدب ومش متربية.
سهام تنتسب الآن لكلية الآداب وتنجح بتقدير جيد جداً.. تعمل على تحسين ظروفها المعيشية. ورغم أنها مازالت تبحث عن عمل وعن شريك في الحياة يحبها ويشعرها أنها أنثى، يقدرها ويحترم قدراتها وعقلها، إلا أنها تواصل هذا البحث بثقة وتفاؤل. |
7 – شهد عبد السلام.. مافيش حاجة حتنفعني غير نفسي..
جاءت شهد إلى المركز تطلب المساعدة في الطلاق بأي وسيلة من زوجها الذي يعاملها بعنف طول فترة زواجهما والتي تجاوزت خمسة شهور بأيام.
شهد 26 سنة هي مطلقة الآن وليس لديها أطفال فلم يسفر زواجها عن أطفال. حاصلة على ليسانس آداب وتعمل في مجالات فنية حرة.
تحكي شهد وهي تبتسم عن معاناتها مع الزوج الذي خدعت فيه وفي طريقة تفكيره وطريقته في المعاملة. تشكي من قلة النوم وعدم الأكل.
تقول شهد نفسي أعيط على حالي بس ماتعلمتش أعيط. بابا كان يضربنا بالحزام ولو حد عبط يضربه تاني عشان بيعيط. كان الحل الوحيد قدامي وأنا صغيرة إني ماعيطش عشان أقلل الضرب لأنه كان بيوجعني وكنت باحس إني زي الحمار إللى بيجر العربية وبينضرب ومايقدرش يعيط أو يرفض الجر.
تستمر شهد في الحديث في حالة توتر وقلق. ده إنسان غريب مش بيعرف يتفاهم بخيل لحد غير عادي كمان اكتشفت بعد الجواز إنه بيشرب خمرة شوفت القزايز بنفسي مخبيهم في البيت ولما سألته ماردش.
كل حاجة عندد بالعافية حتى العلاقة بين اتنين متجوزين واللى المفروض تكون حاجة جميلة هيه كمان بالعافية ولا يراعي حالة نفسية أو صحية أو حتى ظروف نكون فيها في مكان غير بيتنا.
أنا مش عايزة أكرر حياة أمي مرة تانية.. كفاية إللى هيه شافته.. وإللى أنا شوفته معاها.. مش عايزة ده يحصل تاني ولا عايزة يكون لي أولاد يشوفوا إللى أنا شوفته. أنا متجوزة من خمس شهور ماشوفتش فيهم يوم كويس.. إهانة مستمرة.. ومعاملة رفت وضرب.. أول مرة ضربني فيها سبت البيت وروحت بيت أمي.. بابا جه.. شتمني وكلمه في التليفون وقال له تعالى خد مراتك.. ولما جه، أبويا ضربي قدامه عشان إزاي أسيب بيت جوزي وأخرج من غير ما أقول له، يعني في الآخر أنا ماليش بيت.. في الأول كنت عايشة في بيت أبويا وفي الآخر في بيت جوزي وأنا هذا بنضرب وهنا بنضرب. طبعًا جوزي لما شاف أبويا بيضربني ده معناه إن مافيش حد حيق أصاده.. صحيح يومها لما روحنا البيت قعد يعتذر ويقول معلش ومش حاعمل كده تاني.. لكن ده طبعاً ما حصلش.. الضرب استمر زي الأول وأعنف.. ضرب كده زي بتاع السينما.. يعني قلم يوقعني على الأرض وبعدين يشدني من شعري يوقفني ويديني قلم تاني يوقعني على الأرض تاني.. أنا مش ممكن أستحمل الحياة دي.. أنا عارفة إن اللى بيعمل كده مش ممكن حيتغير.. أبويا كان كده.. ولسه كده لحد دلوقتي.. من يوم ما وعيت على الدنيا وهو كده لحد دلوقتي. كان بيضرب أمي ضرب بشع لدرجة إن في يوم راحت المستشفي واتعمل له محضر في القسم.. طبعاً خاف وراح وقعد يعتذر لها ويصالحها وإتصلحت.. وبعدها كان طول الوقت بيضربها. طبعاً كان بيضربنا إحنا كمان.. ضرب فظيع.. ولو حد غيط تبقى وقعته سوده ينضرب أكتر عشان ما ينفعش يعيط فينضرب تاني لحد ما يبطل عياط.. أكيد هوه ده السبب إني مش بعرف أعيط.. وكل حاجة أضحك.. طبعاً اللي يشوفني باضحك كده بيقول يا سلام دي سعيدة جدًا وأنا بأبقى من جود بتقطع..
أول مرة أعرف يعني إيه خيانة كنت في أولى ثانوي. كان فيه واحدة قريبتنا من بعيد مش فاكرة كانت تقرب لنا إيه بالظبط.. كانت غضبانة من جوزها وقاعدة عندنا. ماما كانت في الشغل.. مدرستي كانت بعد الضهر.. كنت بانزل من البيت الساعة 11 الضهر وأنا خارجة شوفت بابا والست دي نايمين في السرير مع بعض.. مش فاكرة دلوقتي كان إيه اللي بيحصل. وقفت مذهولة وعمالة أبص ومش شايفة.. بعدين روحت ماشية همه كمان إتفجئوا. بابا نط من السرير وجري ورايا.. ماقلش حاجة سألني إنتي رايحة المدرسة؟ ماردتش.. طبطب عليا وإداني فلوس.. أول مرة يديني فلوس. قال لي خدي يمكن تكوني عايزة تشتري حاجة.. خدت الفلوس ونزلت وأنا مش عارفة أعمل إيه ؟ كنت خايفة جدا ومش عارفة أقول لماما ولا لأ.. إللي حصل إني ماعملتش حاجة بس مانسيتش الحكاية دي خالص..
كنت حاطة في دماغي إن ما فيش حاجة حتنقذني من الجو ده غير إني أكمل تعليمي وأعتمد على نفسي.. ولو إن بابا ماكنش عايز يدخلني مدرسة ثانوي وكان شايف إني مش هانفع.. أنا أصريت على دخول ثانوي.. هوه كان بيسافر كتير.. قدمت ورقي للمدرسة وهوه مسافر.. هوه عموماً مالوش دعوة بحد مادام مش بيطلب منه فلوس.. من أول ما دخلت الجامعة وأنا معتمدة على نفسي وبأصرف على روحي كمان لو قدرت ساعات أساعد أمي كان ممكن أشتغل شغلانات صغيرة.. أهي أتدبر بيها لحد ما خلصت الجامعة.
قابلت جوزي في وسط المثقفين.. كان لطيف وذوق مع كل الناس.. حسيت إني باحبه فعلاً واتفقنا على الجواز.. بابا ماكنش يهمه حاجة غير إنها جوازة مش حتكلفه حاجه.. انا اللي جهزت كل حاجة كنت محتاجلها.
بعد الجواز بأسبوع واحد بدأ يظهر على حقيقته.. البخل الشديد.. التحكم في كل شيء.. مش عايزني أخرج من البيت.. كل الكلام إللي كان بيقوله قبل الجواز إتلحس.. ضربني بعد الجواز بشهر واحد.. شهر العسل.. حتى العلاقة الإنسانية بيننا كانت بالغصب.. أنا خلاص مش عايزه أعيش معاه.. حاسه إني مش طيقاه.. مش حقدر أنسى إهاناته.. بس خايفة من البيت عندنا.. ماما وبابا وأخويا.. مش عارفة حيعملوا ايه لو أنا قلت عايزة اتطلق.. أنا طول عمري خايفة.. كنت فاكرة إن الراجل ده هيحميني. لكن لسه خايفة منه ومن أهلي ومن الدنيا كلها..
كانت شهد تحتاج إلى الدعم النفسي وإلى مآذرة قانونية.. حاولنا الاتصال بزوجها للتحدث معه.. رفض أي مقابلة.. اتصلنا بأهل شهد وتحدثنا معهم عن معاناتها وضرورة الوقوف إلى جانبها ومساندتها.. عاودنا الاتصال بالزوج عن طريق أحد أصدقائه.. رفض الزوج أي تفاهم كما رفض الطلاق.. حينها أصرت شهد.. وقررت أن ترفع دعوى خلع.
عندما علم الزوج بهذا القرار وافق على الطلاق بشرط أن تتنازل شهد عن كل حقوقها لديه فوافقت وتم الطلاق على هذه الشروط.. لكن علاقتنا بشهد لم تنقطع فقد ظل طليقها يطاردها في كل مكان تذهب إليه.. ويحادث أصدقاءها بالتليفون مشوهاً صورتها. كانت شهد أكثر قوة بعد أن أمنت من جانب أهلها.. وحصلت على عمل مناسب فأصبحت أكثر صلابة في مواجهة هذا الطليق الذي كف مع الوقت عن مطاردتها وإن كان من وقت للآخر يسبب لها المتاعب حيث تتلاقى خيوط حياتهما في مجال العمل.. مما يسبب لها المرارة والحزن.. لكنها تواصل الحياة بقوة لتتجاوز كل ما حدث. |
8 – لازم أتعلم وأقف على رجلي
في إحدى وحدات الاستماع التابعة لجمعية من الجمعيات التي نتعامل معها، دخلت شربات.. سمراء سمار النيل.. جميلة كأنها أميرة فرعونية انفصلت للتو من جدار أحد المعابد عيناها الواسعتان يملأهما الحزن..
دخلت بابتسامة باهتة خجلة تخفي بها دموع ترفرفت في عينيها.. جلست مترددة في الكلام.. وبعد تشجيعها قالت: “أصلي مش عارفة حتقدروا تساعدوني ولا لأ.”..
صمتت ثم قالت: أنا بأحلم أحلام وحشة… بأحلم بأبويا أحلام وحشة قوى.. كل الأحلام زي بعض.. بأحلم إنه بيضربني ضرب فظيع وبيشتمنى شتائم وحشة.. كلام ما يتقالش.. كلام أبيح بالأم والأب.
شربات عندها 25 سنة متزوجة من 7 سنوات وعندها طفلين.. أمية ولا تعمل زوجها عامل باليومية وأمي..
تحكي شربات قصتها:
أبويا طول عمره أسى وقلبه جامد.. مادخلنيش المدرسة عشان أشتغل في الغيط.. طول الوقت شقى وأبويا أى حاجة أعملها ماتعجبهوش ويقول لى إنتي ما بتعرفيش تعملى حاجة وطول الوقت يقول لى إنت وحشة.. ودي خلقة ربنا.. أعمل فيها ايه ؟.. طول الوقت بيقولى عمرك ما حتتجوزي.. حتفضلى قاعدة في أرابيذي مين يرضى يتجوز الخلقة الزفت دى.. آسى.. وقلبه جامد علينا كلنا..
أمي غلبانة لا حول لها ولا قوة أهي دلوقتي ست كبيرة وتعبانه وبرضه مشغلها في الغيط.. إهانة وشتيمة وبيمد إيده عليها طول الوقت.. ما تقدرش تفتح بقها.. أول واحد إتقدم لى جوزهولى.. فلان طلع أسخم منه.. مطلبش منه ذهب ولا عفش عشان هو كمان مايطلبش منه جهاز.. ما جهزنیش.. جوزی بیضرينى ومن غير سبب يمكن ساعات يضربنى 3 مرات في اليوم وبيشتمنى شتيمة وحشة بالأم والأب.. أنا ما بحبش حد يشتم أمى.. الضرب مش مهم.. الإهانة بتوجع أكتر.. مرة ضربنى لما كسرني بعت لجدى وأبويا جم وقالوا له ماتضربهاش قلل الضرب شويه بس لسه بيضربني.. طول الوقت يقول لى إنتي وحشة.. أنا عاوز أجوز واحدة تانية تكون حلوة شويه.. طويلة وتخينة وبيضة.. كان يوم أسود لما اتدبست فيك…
أنا فتحت عنيه وأنا في الغيط بأشتغل.. يمكن وأنا عندي سنة.. أهوه أناول قلة أوصل حاجة.. لما هميت شوية كنت أشوف العيال رايحة المدرسة أموت من الحسرة كان نفسي أبقى زيهم وأروح المدرسة.. ولا حتى إخواتي كلهم ما وداهمش المدارس.. غير أخويا.. أصله واد وحيد وأبويا قال دا راجل.. وأهوه ما مشيش في التعليم ولا حاجة لكن لما جه يتجوز.. بنالو وجاب له عفش صلاة النبي.. جاب له كل حاجه.. جوزي أمر من أبويا ما بيعرفش يتفاهم كل كلامه زغد وشتيمة.. وطول الوقت يعايرني عشان أبويا ماجبليش حاجة في الجواز.. ماهوه كمان ما جبش حاجة يادوب سرير مستعمل وخلاص على كده.. عمره ما قال كلمة كويسة كل كلامه شتيمة.. واللهي الضرب یهون بس الإهانة بتجرح أوى.. أهوه الضرب بيوجع شوية وخلاص لكن الإهانة ما بتتنسيش..
أعمل إيه وأروح فين مانا لو إطلقت حاروح بيت أبويا تاني للشقى والإهانة والضرب نفسه.. زمان لما كنت في بيت أبويا كان عندى أمل إنى في يوم أتجوز وأعيش كويس.. دلوقتي حتى مابقاش عندى أمل إنى أخلص من التعذيب والإهانة دي.. حأفضل طول عمرى في العيشة دى من غير أمل..
رفضت شربات أن تقابل زوجها والتحدث معه قالت إنه جاهل ولا يفهم ولا ينفع معه الكلام. وأنه عندما قال له أبوه الذي يقيم لديهم وتقوم شربات على خدمته “الحريم ما تنضريش الحريم تنصان عشان تصونك” كان رده عليه “اسكت انت مالكش دعوة.. انت أصلك كبرت وخرفت“.
بعد عدة جلسات مع شربات ولأنها شخصية قوية تملك إرادة.. رافضة للعنف.. وكانت تحتاج لبعض المساندة فقد انتظمت في فصول محو الأمية.. أصبحت الآن تقرأ وتكتب وتقرأ الجرائد.. كما أنها انتظمت في تدريب على الأعمال اليدوية “شغل خيامية” أثبتت تفوقها فيه لتبدأ في العمل ضمن مشروع يدر بعض الدخل حتى لا تطلب من زوجها ما تحتاج إليه، لتحسن شروط حياتها.. تصر شربات أن تعلم أولادها ولا تكرر مأساتها. |
دراسة الحالة رقم (1)
الاسم : كريمة
السن : 32
تاريخ التحويل : 18 – 8 – 2004
جهة التحويل : الخط الساخن
الشكوى الأساسية:
تزوج الزوج من أخرى على الرغم من تحملها لسوء معاملته سنوات طويلة، جاءت كريمة تطلب رد اعتبارها بمساعدتها على الطلاق، وكانت تعاني من أعراض إكتتاب شديدة متمثلة في الحزن الشديد، صعوبة النوم، والامتناع عن الأكل، وعدم القدرة على رعاية أولادها، فكانت مصدومة وفي حالة ذهول بواقعة زواج زوجها.
عدد مرات الزيارة: مرة كل إسبوع لمدة 3 سنوات، وحدثت فترات إنقطاع “فترات تحسن أحوالها المادية والنفسية”
بيئة الحالة : تسكن أمل بمنزل أسرتها في إحدى الأحياء المتوسطة، تعانى من سوء الأوضاع الاقتصادية، حيث أن الزوج كان يعمل سائق ولا يقوم بتلبية احتياجاتهم من مأكل ومشرب، ومما زاد الأمر سوءاً أنه ترك المنزل وهجرها وتزوج من أخرى. ولا تمتلك “كريمة” أي مصدر دخل سوى مساعدة بعض أقاربها التي توقفت بعد زواج الزوج لإصرارهم على ترك الأولاد للزوج ليرعاهم فهو أحق بهم من أي أحد.
النمط العائلي للحالة:
الوالدان متوفيان، وقد كانا غير متعلمان ومن إسرة بسيطة، لها أخت تكبرها متزوجة وتعيش خارج القاهرة والعلاقة بينهما شبه مقطوعة، كما أن لها أخ غير شقيق يصغرها ويعيش خارج القاهرة أيضًا، وتوجد بينهما علاقة رسمية لا تتضمن أي نوع من الدعم والمساندة، كما أن “أمل” على علاقة طيبة بخالتها التي تقدم لها بعض المساندات النفسية والمادية وقد انقطعت في الفترة الأخيرة.
التاريخ التعليمي:
معهد سكرتارية – مستوى اهتماهمها بالتعليم كان متوسط.
التاريخ المهنى: كانت “كريمة” عند زيارة المركز لا تعمل – ربة منزل – وبعد عدة جلسات معها وتقديم الدعم النفسى لها والعلاج الطبي كان من الضرورى مساعدتها على الحصول على عمل يساندها اقتصاديًا ونفسيًا “وفي بادى، الأمر كانت “كريمة” تقوم بعمل وجبات منزلية ويساعدها المركز على تسويقها ثم عملت كمربية بإحدى المنازل كما عملت بائعة متجولة.
التاريخ الزواجى: تزوجت “كريمة” لمدة 17 عامًا وتم الطلاق منذ 3 سنوات، وعلاقتها بزوجها كانت مستقرة لمدة عامين أول الزواج ثم بدأت تسوء وبالأخص بعد وجود أطفال لعدم قدرته على تحمل المسئولية، كما أنه بعد ذلك إعتاد أن يعاملها معاملة سيئة ويضربها بقسوة وخصوصًا أمام أهله، كما أنه إعتاد أن يبوح بتفاصيل علاقتهما لأى شخص وبالأخص أهله “الأم والأخوات”
لدينا 3 أولاد (الابن الأكبر 17 عامًا حاصل على ثانوية عامة والتحق بجامعة خاصة وتركها لسوء الأوضاع الاقتصادية، الابن الأوسط 13 سنة ويعاني من مرض السكر مما يشكل عبء إقتصاديا عليها، البنت الصغرى 7 سنوات وتتسم بالعنف الشديد والعناد).
علاقة الأبناء بالأب: علاقة تتسم بالكراهية والرفض الشديد وتلعب الأم دورًا في تدعيم تلك المشاعر کرد اعتبار لكرامتها
التاريخ الطبي: لا تعاني من أمراض عقلية وليس لها تاريخ وراثي في الماضي أو الحاضر.
المظهر العام والسلوك: تعانى من الحمول والكسل والتحفظ الشديد عند الكلام، تحتاج إلى مساندة ودعم للتعبير عن مشاكلها. نبرة الصوت ضعيفة جدًا وتعكس حالة من الوهن النفسي، تميل إلى الغموض عند الحديث والخوف من الآخرين. لديها قدر متوسط من التركيز والتواصل، يبدو عليها أعراض الاكتئاب بشكل عام.
تاريخ العنف وملابساته:
قبل الزواج عنف داخل الأسرة يتمثل في مشاهداتها لممارسة الأب كافة أشكال العنف مع الأم وهذا بالطبع إنعكس على حالتها النفسية نظراً لمشاهدتها العنف من ناحية وإهمال الأم لها من ناحية أخرى وأحيانًا تعنيف الأب والأم لها، مما أدى إلى ميلها للإنطواء والعزلة منذ الطفولة.
بعد الزواج: سوء المعاملة من الزوج بعد مرور عامين من الزواج وتمثلت في الإهانة والبوح بتفاصيل العلاقة وعدم الإنفاق عليها وعلى أولادها، وأحيانًا الضرب. أي أنها تعرضت لعنف “نفسي وبدنى واقتصادى” وكان يتم ذلك في المنزل وأمام الأولاد وأحيانًا بتعريض من أم الزوج وأخواته.
وأخيرًا قام الزوج بالزواج من أخرى.
رد فعلها للعنف: الشكوى لأهلها “خالتها” التي كانت تقف معها في البداية وتحاول الإصلاح بينهما ثم تخلت عنها ليأسها من إصلاح العلاقة، وأحيانًا كانت تقاوم العنف الواقع عليها بعنف مضاد من جانبها.
المطلوب من المركز: الدعم النفسي والطبي والمساندة القانونية.
أشكال التدخل: الاستماع لها وتقديم الدعم النفسي والدعم الطبي لها ولأولادها وتقديم المساعدة الطبية.
آثار التدخل: تقويتها ومساندتها نفسيًا وتقديم العلاج الطبي لها مما أدى إلى تحسن أعراض الاكتئاب وتحسن صحتها بوجه عام، مساعدتها على تكوين علاقة طيبة مع أولادها، تحسين علاقة الأولاد بالأب.
الصعوبات التي واجهتنا:
عند التعامل مع “كريمة” واجهتنا العديد من الصعوبات بعضها يتعلق بالقانون والبعض الآخر يتعلق بالواقع الاجتماعي الذي تعيشه “أمل” فعلى الرغم من حصول الحالة على الطلاق كما كانت تريد عن طريق رفع دعوى خلع دون صعوبات جمة حيث أنها تنازلت عن كافة حقوقها القانونية، إلا أنها قد إصطدمت بإشكاليات لا تحصى عندما حاولت الحصول على نفقة الأولاد.. حتى وبعد الحصول على الحكم بنفقة الأولاد بعد رحلة طويلة.. والتى بالطبع لا تكفي لسد احتياجات طفل واحد من أطفالها – بدأت سلسة من المشاكل تواجهها عند تنفيذ قرار الحكم ولكن شاء القدر أن تمكنت كريمة من تنفيذ الحكم وجاءت إلينا ويبدو على ملامحها شيء من التفاؤل.. صحيح المبلغ بسيط ولكن بالطبع أحسن من لا شيء فكما قالت “إحنا كنا فين على الأقل أقدر أاكل الولاد انشالله عيش حاف ” وفعلاً بدأت “كريمة” في تحسن ملحوظ وتمكنا من خلال الجلسات معها التفكير في العديد من المشاكل وبدأت تفكر في كيفية تحسين أحوالها وبدأت بالفعل في ممارسة بعض الأعمال مثل عمل وجبات منزلية وقد ساعدها المركز في تسويقها، كما بدأت تساعد بعض الأسر في بعض الأعمال المنزلية وبالطبع حاولنا مناقشة علاقة الأولاد بالأب وضرورة تسهيل رؤية الأب لهم وبعد فترات من الشد والجذب والإقناع بضرورة فصل علاقتها مع الزوج عن علاقة الأولاد معه لإن هذا من شأنه أن يوفر قدر من الأمان النفسي للأطفال وبالفعل تم تنظيم مواعيد ثابتة لرؤية الأب.. وبدأنا نشعر أن هناك شيء من الاستقرار وبالفعل تم تقليل جرعة أدوية الاكتئاب على أمل الشفاء، ولكن وبعد غياب 3 شهور حضرت إلينا “كريمة” كما كانت في أول زيارة.. حزينة.. مهمومة.. يائسة من الحياة وقالت ” مش عارفة أعمل إيه رضينا بالهم.. مش راضى يدفع النفقة ودخلت كل الناس وبيقول ماعيش فلوس أعمل إيه.. طيب ما هو بيصرف على بيته التاني هو اللى هناك إبنه ودول ولاد حرام” وبدأت “كريمة” في مشوار القضاء مرة ثانية.
ولكن الأمر لن يتوقف على هذا فقط فالابن الأكبر لم يتمكن من الاستمرار في الدراسة الجامعية وحاول أن يبحث عن وظيفة لتتمكن أسرته من المعيشة وبالطبع باءت محاولاته بالفشل.
وأخيراً جاءت “كريمة” وهى تصرخ وتقول إنقذوني إبني إتعرف على ناس بتبيع حشيش وعايز يشتغل معاهم.
ولايزال المركز يعمل على مساندة “كريمة“
وتم مقابلة الابن ومساندته ونأمل أن يتم إنقاذه.
رأينا مما سبق أن أسماء الستات تتعدد فمرة سمر ومرة خديجة، مرة ماري ومرة سعاد، تريزة، نوال.. أسماء لا نهاية لها. أحياناً تتكرر الأسماء مع اختلاف اسم الأب واسم الزوج. لكن في الواقع تتحد النساء جميعاً في المعاناة وتعانين من نفس المشاكل حتى لو اختلفت أشكالها، مما يشكل ظاهرة منتشرة على نطاق القطر. هذا ما دعانا للتفكير في أسباب هذه الظاهرة، جزورها، وإمكانية محاصرتها والتقليل من حجمها.
بدأ مركز النديم العمل في مجال حقوق الإنسان منذ عام 1993 وبالتحديد في علاج وتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. ومن خلال العمل تبين أن هناك إشكاليات نوعية تخص المرأة كونها امرأة.. من أول النظرة المجتمعية لها ككائن منقوص الأهلية إلى كافة أشكال التمييز والضغوط والعنف الواقع عليها من المجتمع بكل مؤسساته الاجتماعية والسياسية والتنفيذية.
هذا ما دعا إلى التفكير في إنشاء وحدة خاصة بالمرأة داخل المركز تعنى بما تتعرض له من عنف.. ومن هنا جاءت فكرة عمل وحدة الاستماع والإرشاد النفسي للنساء المعنفات لمحاولة الدعم والبحث لكشف الجذور للتفهم والمساهمة في إيجاد حلول في هذه الوحدة “الاستماع والإرشاد النفسي” على مدى ست سنوات، جاءت لنا العديد من النساء. كذلك في وحدات الاستماع التي ساهم المركز في إنشائها في كثير من الجمعيات والمراكز المهتمة بقضايا المرأة عن طريق التدريب والمتابعة. بالإضافة إلى عمل عدد من الجمعيات الأهلية والمؤسسات غير الحكومية المعنية بتنمية المرأة ومناهضة العنف والتمييز ضدها.. كان لابد من التفكير في إيجاد حل يمكن بشكل أو آخر أن يعدل ولو بشكل نسبي هذا الوضع القاسي الذي تعاني منه النساء.
واستناداً إلى البحث الذي قام به مركز النديم بالاشتراك مع مؤسسة المرأة الجديدة للتحضير لمؤتمر بكين عام 1993 والذي أكد أن معدل العنف الجسدي الواقع على المرأة يتجاوز ما ترصده الإحصائيات الرسمية التي تستند إلى ملفات أقسام الشرطة لقلة الحالات التي تتقدم بالشكوى من العنف الواقع عليها داخل الأسرة، أما العدد الأكبر من النساء المتعرضات للعنف فيصعب إحصائهن لأنهن لا يتحدثن عن هذا العنف إما خوفًا من المعتدي عليهن أو خجلاً من الاعتراف بالتعرض لهذا العنف أو حرصًا على وضع اجتماعي ينظر للمرأة المطلقة نظرة تحقير واتهام.
كما أكد البحث على (أن العنف ضد النساء ليس بالأمر الخاص الذي لا يجوز مناقشته والبحث في أسبابه ومكافحته باعتباره سرًا من أسرار الأسرة فالعنف ضد المرأة – وإن تواجد في كل المجتمعات والأزمان – إلا أن تواجده يتأثر بموقف المجتمع المعلن منه وقدر الإدانة أو الترحيب أو اللامبالاة التي يلقاها من وسائل الإعلام والمؤثرين على الرأي العام من كتاب وسياسيين ونشطاء المجتمع الأهلي ومن ثم فهو قضية عامة وقضية رأي عام). كذلك كما أوضحنا في الفصل السابق أن العنف داخل نطاق الأسرة يؤثر على إنتاجية المجتمع وعلى صحته النفسية.
بالإضافة إلى نتائج مؤتمر بكين عام 1994 وكذلك المسح الديمجرافي عام 1995، تبين مدى العنف الذي تتعرض له النساء من خلال أو داخل الأسرة هذا العنف المسكوت عنه مجتمعياً – إن لم يكن مباركاً – في كثير من الأحيان تحت شعار “إكسر للبنت ضلع” التأديب والتقويم. مما أوضح ضرورة وجود حلول وآليات لحماية المرأة داخل الأسرة والتي يفترض أنها السكن والأمان لكل أعضاءها مما دفع في عدة اتجاهات.. أولها محاولة نشر الوعي ضد العنف والتمييز ضد المرأة لمناهضته والتنفير منه. ثانيها الدفع إلى وجود قانون يحمي المرأة من العنف الأسري.
وإن كان وجود القوانين لا يمنع وقوع الجرائم.. إلا أنه بوجود قانون يجرم العنف الأسري ويضع هذا العنف في مصاف الجرائم التي يعاقب عليها القانون سيحد من العنف ويدعو إلى ذمه والتنفير منه.
وبما أننا ولدنا متساوون لا فرق بين بنت وولد، ولكننا منذ نعومة أظافرنا نتلقى التربية والتعليمات والمفاهيم التي تفرق بيننا ليس في الكبر ولكن في الصغر أيضًا حيث يبدأ التمييز بين الطفل الذكر والطفلة الأنثى من لحظة الميلاد الأولى فتقول الأغنية الفولكلورية:
لما قالوا دا ولد … إنشد حيلي وإنسند
وجابوا لي البيض مقشر … وعليه سمن البلد
لما قالوا دي بنية … إتهد ركن البيت عليه
وجابوا البيض بقشره … وبدال السمن ميه
هذا المفهوم الشعبي التراثي الذي يسيطر على عقلنا الباطن فيكون نظرة مجتمعية للمرأة، تظل تسيطر على مفهيمنا وتتعمق مع الوقت لتعاني المرأة على طول سنوات عمرها من كافة أشكال التمييز والتحقير.
واستندا إلى جميع المواثيق الدولية التي تناهض العنف ضد المرأة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) التي دعت إلى تغيير كافة القوانين والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة. والتي تنص في مادتها الأولى على تعريف التمييز ضد المرأة على أنه “أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان على أساس التساوي مع الرجل في حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية“.
من هذا المنطلق أخذ مركز النديم على عاتقه فكرة إعداد مسودة لمشروع قانون يحمي المرأة من العنف الأسري وتبناها فبدأ في الدعاية لها وعمل على وضع مسودة لمشروع هذا القانون.
وفي الواقع هذه الفكرة ليست غربية على مجتمعنا العربي أو على العالم ففي الكثير من بلاد العالم قوانين تحمي المرأة التي تتعرض للعنف داخل الأسرة وكذلك كثير من الوسائل لهذه الحماية.
أما في عالمنا العربي فهناك أكثر من بلد تسعى إلى سن القوانين التي تحمي حقوق المرأة داخل الأسرة. فإذا ألقينا نظرة على المدونة المغربية نجد أنها تقنن الطلاق وتضع شروط لتعدد الزوجات، كما أنها تعطي المرأة حقوقها الاقتصادية على أساس المساواة بينها وبين الرجل.
وقد تم في 6/ 1/ 2008 إقرار قانون في الأردن لحماية المرأة من العنف الأسري. أما الأحكام الواردة في هذا القانون فشملت أمر الحماية الاحترازي أو المؤقت والذي يصدر من حالات العنف الأسري والتي من المحتمل أن يتعرض فيها أحد أفراد الأسرة إلى الخطر.
كما شملت الأحكام أمر الحماية الذي يبنى على موازنة الاحتمالات التي تعرض المشتكي للخطر واتخاذ إجراءات الحماية المناسبة للمتضرر من أفراد الأسرة، إلى حين التوصل لحل النزاع الأسري بالطرق السلمية.
والأحكام في حالة عدم الالتزام أو خرق أمر الحماية والتي تضع المدعى عليه بالعنف الأسري تحت طائلة المسؤولية القانونية وفقاً لأحكام القانون.
وكذلك في فلسطين هناك مشروع قانون يعد لحماية المرأة من العنف الأسري. أما في البحرين فهناك قانون يناقش في مجلس النواب لحماية المرأة من العنف الأسري يضم خمسة أبواب موزعة على 27 مادة. ويشمل على إنشاء لجنة وطنية لحماية الأسرة من العنف ووضع خطط عمل لتعزيز حماية المعتدى عليهن من جميع أشكال العنف، بالإضافة إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة لتعزيز سلامة المعتدي عليهن. كذلك نص القانون في المادتين 18 و19 على حق المعتدى عليها في المعونة القضائية دون الأخذ في الاعتبار حالتها المادية.
وفي المادتين 22 و 23 نص القانون على عقوبة للعنف النفسي المتمثل في الدم أو القدح أو الإهمال المتعمد. أما مسألة الضرب سواء الذي يفضي إلى الموت أو يفضي إلى عاهة فقد عمد إلى تشديد العقوبة خصوصاً إذا كان المعتدى قد مارس اعتداءه على مسمع ومرأى من أطفاله، أو كانت المعتدى عليها حامل سواء أدى الضرب إلى إجهاض أو لم يؤد. أما الضرب الذي لا يؤدى إلى عاهة وإنما يؤدي إلى العجز عن الأعمال الشخصية مدة تزيد على عشرة أيام فإن العقوبة هي السجن مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو غرامة لا تتجاوز مئة دينار.
هكذا نرى أن وضع قانون للحماية من العنف الأسري أصبح ضرورة يتسابق كثير من المجتمعات على وضعها وليس بدعة نبتدعها
رغم عمل العديد من الجمعيات الأهلية في مجال مناهضة العنف ضد المرأة إلا أن هذا العمل في مجمله كان ينضوي تحت أشكال من الأعمال الخيرية كالقروض الصغيرة وبعض الخدمات الصحية وما إلى ذلك من الأعمال التي لا توقف العنف وإنما تحاول المساهمة في إزالة آثار ذلك العنف أو على الأقل محاولة تحجيم هذه الآثار. ومما لا شك فيه أن هذه الجهود مهما كانت كبيرة وعلى درجة من الانتشار فهي لن تصل لك لكل نساء المجتمع – واللاتي يمثلن نصف المجتمع لمحدودية هذه الجهود وقصورها على مناطق دون أخرى. هذا بالإضافة إلى أنها لا تعالج المشكلة من جذورها مما أوجب وجود حل أو آلية تطال كافة النساء اللاتي يتعرضن للعنف في كافة أنحاء القطر. ومن هنا كانت ضرورة سن قانون يجرم العنف الأسري.
نحن لا نسعي بالدعوة لهذا القانون إلى حبس الأزواج ولا إلى تدمير الأسرة فالمحاكم تكطظ بقضايا الطلاق والخلع والنفقة وما إلى ذلك من قضايا والتي نعتبرها اللبنة الأولى لبناء المجتمع. فكلما كانت هذه اللبنة صحيحة وصحية كلما كان المجتمع راقي ومتحضر وصحي، لأن المجتمع الذي نحلم به مجتمع يقوم على المساواة في الحقوق والواجبات مجتمع يحترم فيه أفراده بعضهم بعض وتحفظ فيه كرامتهم من النساء والرجال والأطفال والشيوخ.
إننا نسعى لأسرة مستقرة يتمتع كل فرد فيها بكافة حقوقه الإنسانية. فالرجل حين يمارس العنف ضد المرأة تحت صمت المجتمع وبمباركة الثقافة الاجتماعية السائدة، يرى أن ذلك لا غضاضة فيه بل هو حق من حقوقه.
إن وجود قانون يجرم العنف الأسري وينفر المجتمع من مثل هذا الفعل، يجعل الرجال يفكرون مرات قبل أن يقترفوا مثل هذا الجرم. إن وجود مثل هذا القانون يحمي الرجال من اقتراف أفعال تدني من أنفسهم وشأنهم ويرتفع بهم إلى مستوى الإنسانية الحقة التي تحفظ لكل أفراد المجتمع حقهم في حياة كريمة. كما تعطي الفرصة للمرأة التي تتعرض لمثل هذا العنف أن تلجأ للقضاء لأخذ حقها مما يدعمها نفسياً فلا تشعر بالإحباط والمذلة مما ينعكس على علاقتها بأبنائها وبالمجتمع ككل.
مسار العمل في المشروع:
بدأنا العمل في هذا المشروع بدعوة عدد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية لمناقشة فكرة القانون وأهميته، تحمست عدة جمعيات للفكرة وتكونت لجنة ميسرة من مركز النديم ومؤسسة المرأة الجديدة وجمعية بشاير ومركز قضايا المرأة وجمعية النهوض وتنمية المرأة والمبادرة الشخصية وملتقى المرأة لتنظيم حملة تدعو للفكرة وتشارك في وضع تصور ومقترح لقانون تحت مسمي حماية المرأة من العنف الأسري وبعد عدة لقاءات تناولت ضرورة القانون وفلسفته وخطة العمل تم الاتفاق على تقسيم العمل إلى ثلاث محاور:
1 – محور معلوماتي يهدف إلى جمع المعلومات من الإنترنت حول القوانين المماثلة في البلدان الأخرى، مثل قانون الأمم المتحدة الاسترشادي
2 – محور قانوني يعمل على المضاهاة بين القوانين المماثلة في الدول المختلفة والبحث في القانون المصري، ووضع صيغة أولية لمشروع القانون.
3 – محور دعائي لنشر الفكرة والترويج لها على المستوى القومي بعمل الندوات والمؤتمرات في القاهرة والمحافظات المختلفة وجمع التوقيعات على الفكرة ومسودة القانون ومن خلال هذا العمل تم توقيع 88 جمعية ومؤسسة على المقترح الأولى للقانون من مختلف المحافظات.
بعد العمل لمدة عام كامل على المحاور الثلاث تم عقد مؤتمر في يوليو 2005 لإطلاق الحملة مع مسودة أولية لمشروع القانون.
كانت المسودة الأولية والتي تجرم العنف الأسري تعتمد بشكل أساسي على السياسة العقوبية أو تقييد الحرية مما أثار بعض التحفظات وكثير من المناقشات على المستوى القانوني وكذلك على المستوى الاجتماعي. وبناء عليه واستنادًا إلى استطلاع الرأي الذي أجريناه في وحدة الاستماع بمركز النديم خلال عام 2006 ظهرت وجهتا نظر مختلفتان.
1 – مجموعة تؤيد الرؤية الإصلاحية.
2 – مجموعة تؤيد الرؤية العقوبية.
وبعد مناقشات واستطلاع الرأي الذي قمنا به في الندوات وحلقات المناقشة التي أدرناها سواء للنساء المنتفعات بالخدمات داخل الجمعيات المختلفة. وكذلك النشطاء داخل هذه الجمعيات أو للفئات النوعية المختلفة من المحامين والصحفيين وغيرهم، ارتأينا الدمج بين وجهتي النظر فيشتمل القانون على الشقين معاً، أي أن القانون يشتمل على العقوبات الإصلاحية كالخضوع إلى برامج للتأهيل السلوكي وعند العود يخضع المعتدي إلى العمل في الخدمات الاجتماعية كالخدمة في دار للمسنين أو دار أيتام أو ما إلى ذلك من الأعمال الاجتماعية وعند العود للمرة الثالثة يبدأ الجزء العقابي من القانون.
أُعدت مسودة جديدة لمشروع القانون تم الإعلان عنها في مؤتمر عقد يوم 27 ديسمبر 2006 تضمنت المسودة مذكرة توضيحية ثم صياغة لمشروع القانون في سبعة أبواب.
1 – الباب الأول يتضمن التعريفات الخاصة بالقانون.
2 – الباب الثاني ينصرف إلى توصيف جريمة العنف الأسري وتحديد العقوبة المقررة.
3 – الباب الثالث يتناول تقديم البلاغ والإجراءات الواجب إتباعها في شأنه.
4 – الباب الرابع يتناول الأحكام المتعلقة باستصدار الأمر الوقتي بالحماية.
5 – الباب الخامس ينصرف إلى الدعوة الجنائية في جرائم العنف.
6 – الباب السادس ينصرف إلى آليات تقديم الخدمات من قبل الدولة للضحية المعتدى عليها.
7 – الباب السابع الخدمات التي تقدمها الدولة للمعتدي أو مرتكب العنف. ومن خلال المؤتمر والمناقشات التي دارت في القاعة بين الاجتماعيين والقانونيين والمنصة، اتضحت بعض الإشكاليات في مسودة القانون مثل:
– حق تحريك الدعوة غير واضح (من الذي له حق تحريك الدعوة، النيابة العامة أم نيابة الأحوال الشخصية).
– المحكمة المختصة، أي المحاكم تختص بهذه القضايا هل في محكمة الأسرة أم لجنة خبراء.
– أي قاضي ينظر الدعوة هل قاضي جنائي أم مدني أم قاضي محكمة الأسرة.
– غياب دور الشرطة أو عدم وضوحه.
– ملائمة العقوبة لما تستهدفه من القضاء على العنف الأسري.
– موضوع الغرامة الذي يؤثر على دخل الأسرة.
– تكرار بعض المواد المتضمنة في القانون المصري، مثل المادة 44 مرافعات الخاصة بحيازة مسكن الزوجية، والمادة 60 من قانون العقوبات التي تبيح العنف إذا استخدم لمن له الحق أو استناداً إلى الشريعة.
– غياب دور المجتمع المدني وتوضيح الدور المنوط به في هذا الموضوع.
– الآلية التي تلزم الزوج بالخضوع لبرامج التأهيل أو الخدمة العامة.
وخلال عامي 2007 و 2008 عقدنا العديد من الموائد المستديرة والتي جمعت العديد الفئات مثل المحامين والصحفيين وعاملين في المجتمع المدني والنساء ضحايا العنف المترددات على المركز والجمعيات المختلفة والعاملين في الإعلام بشكل عام. ومن خلال المناقشات والاستشارات القانونية مع مجموعة من المحامين، تمت التعديلات على مسودة القانون حتى صار وضعه الجديد في النسخة التالية.