نساء في سوق العمل (2) العاملات في قطاع الأستثمار

نساء في سوق العمل (2)

العاملات في قطاع الأستثمار

اهداء

إلى روح الصديقة والباحثة الجادة

جيهان بسيوني

التي أسهمت بجهد كبير في العمل الميداني

يكشف التعامل مع كل من قضايا العمل والأحوال الشخصية عن الوضعية الحقيقية للمرأة في المجتمع، ومدى احترام حقوقها من عدمه، فالنوعان من القضايا يكشفان عن أوضاع المرأة على صعيد المجال العام والمجال الخاص، والذى لا يمكن فصلهما عن بعض في إطار وجود انتهاك منظم لحقوق المرأة فى المجتمع، تمثل حقوق العمل حجر الزاوية في تحقيق المساواة في المجتمع، وكلما تأكدت قيمة المساواة فى المجتمع وانعكست على القوانين المنظمة للعمل وكذلك السياسات والممارسات ذات الصلة، سار المجتمع خطوات نحو الأمام في إنجاز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتنمية والعكس صحيح.

تعانى المرأة بشكل أكبر إذا كانت فقيرة، فهي تحمل وصمتين معًا وهما : وصمة النوع ووصمة الفقر، أي عبء التهميش الطبقي بجانب عبء التمييز على أساس النوع. إن مثل هذا الوضع يشمل قطاعات واسعة من النساء اللائى يعانين من العوز ويفتقدن أي نوع من الحماية الاجتماعية مثل النساء المعيلات لأسر والعاملات في القطاع غير الرسمي والعاملات في القطاع الرسمى بلا أي ضمانات وظيفية وغيرها من القطاعات العمالية النسائية. وبالطبع من الممكن إدراك ذلك إذا عرفنا أن المرأة هى الفئة الاجتماعية الأكثر تعرضًا لانتهاك حقوقها تاريخيًا، فهى الأقل نفاذًا لفرص التعليم والتدريب، والأقل نفاذًا لسوق العمل المنظم والمحمى، والأقل وجوداً فى كل الأطر التنظيمية والمؤسسية التي تدافع عن حقوق العمال مثل النقابات العمالية. إن كل جوانب التهميش السابقة كانت بفعل تضافر مجموعة من العوامل الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وعلى الرغم من هذا فلا يمكن القول أن المرأة كانت خارج مجال العمل، فالمرأة كانت ومازالت تعمل طوال الوقت بأجر أو من دون أجر، وفى أى قطاع ومن دون أي ضمانات.

وعلى صعيد ثان، فإن أوضاع النساء المتردية فى مجالات العمل لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن أوضاعهن الأسرية الطاحنة، فضغوط الفقر وعبء الأسرة أكثر ما يجعل المرأة تقبل بظروف وشروط عمل متردية، كما أن ظروف وشروط العمل المتردية تؤثر بالسلب على علاقتها بأسرتها ومدى رعايتها لها ومدى رعايتها لنفسها أيضًا. وهكذا تجد المرأة نفسها في إطار حلقة مفرغة تستنزفها يومًا بعد يوم، ويصبح من العته الحديث في إطار مثل هذه الظروف عن حقوق الإنسان أو حقوق النساء، فكل ما هو مأمول في مثل هذه الأوضاع من قبل مثل هذه القطاعات النسائية هو مجرد البقاء على قيد الحياة هن وأسرهن.

كان من نتائج العولمة تزايد استغلال العمالة النسائية الرخيصة فى الدول النامية في الصناعات التصديرية. كما أن توافرها يعد عاملاً مهمًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات الدولية. فالعمالة النسائية تتركز فى القطاعات الأقل مهارة، كثيفة العمالة، تتعرض لكم كبير من التمييز والإساءة i.

مع تبنى سياسات الانفتاح الاقتصادي في مصر منذ منتصف السبعينيات، والتي تم تتويجها بتطبيق حزمة سياسات التكيف الهيكلي والتحرير الاقتصادي منذ منع التسعينيات، حدثت تحولات جذرية في بنية سوق العمل، فقد زادت مساحة القطاع الخاص سواء كان وطنياً أو أجنبيًا بترتيبات حكومية، فقد قدمت الحكومة المصرية لهذا القطاع عدداً كبيراً من التسهيلات والمزايا تشجيعًا لأصحاب الأعمال على حساب العمال، وفى الوقت نفسه كان هناك توجه منظم لبيع القطاع العام، وهو القطاع الذي كان يوفر حماية اجتماعية معقولة للعمال. أدت هذه التحولات إلى تزايد معدلات البطالة، وقد تواكب مع ذلك اتساع هجرة العمالة.

انعكست هذه التحولات على أوضاع المرأة، فقد زادت نسبة توظف المرأة بين سن ١٥ و ١٤ سنة عدة مرات بين عامى ۱۹۸۱ ۲۰۰۲، حيث ارتفع العدد الاجمالي من ۹۱۷۰۰۰ سنة ۱۹۸۱ إلى نحو ٤،٣ مليون سنة ۲۰۰۲ بات من المعروف أن المناطق الريفية هي المسئولة عن معظم الزيادة الملحوظة في أعداد النساء الداخلات لسوق العمل. فقد ارتفع عدد النساء العاملات فى المناطق الحضرية من ۷۱۸۰۰۰ سنة ۱۹۸۱ إلى ٢١ مليون سنة ۲۰۰۲، بينما ارتفع فى المناطق الريفية من ۱۹۹۰۰۰ إلى 2.2 مليون خلال الفترة ذاتها.ii والحقيقة أن نسبة زيادة مساهمة المرأة الريفية فى سوق العمل مرتبط بتدهور الأحوال المعيشية لقطاعات كبيرة من المجتمعات الريفية بعد تبنى سياسات التحرير الاقتصادي، وفي القلب منها سياسة تحرير الزراعة. لا يمكن تفسير أسباب زيادة نسبة عمالة المرأة من دون الأخذ فى الاعتبار تزايد معدلات الفقر فى المجتمع، وزيادة نسبة المرأة المعيلة لأسر، وتحرير قطاع الزراعة فى الريف المصري كأحد أركان حزمة التحرير الاقتصادي، والذي أضر بقطاعات واسعة من الأسر الفلاحية من أصحاب الحيازات الصغيرة، فبفعل سياسات التحرير الزراعي تم تحويل جزء كبير من الأسر الفلاحية من حائزين صغار إلى أُجراء.

الهدف من الدراسة وتساؤلاتها الأساسية

تهدف الدراسة إلى فحص أوضاع النساء العاملات فى القطاع الاستثماري سواء كان مملوكًا لرأس مال مصرى وفى ظل إدارة مصرية أو مملوكًا لرأس مال أجنبي وتحت إدارة أجنبية كما هو قائم فى المناطق الحرة الصناعية فى برج العرب بالإسكندرية والإسماعيلية وغيرهما، وذلك بغية رصد المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على حياة هؤلاء النساء فى أماكن عملهن وفى مجتمعاتهن وكيفية النهوض بأوضاعهن.

تستند الدراسة إلى خلفية مرجعية حقوقية تتعلق بمدى توافر الحقوق الأساسية ذات الصلة بحق العمل فى هذه المناطق ولهذه الفئة من العاملات، ومدى احترام معايير العمل الدولية المستقرة منذ أكثر من ٦٠ عامًا في الخطاب الدولي، ومدى توافر ما يطلق عليه العمل اللائق Decent Work في هذه المناطق الصناعية الاستثمارية ووسط النساء العاملات.

وبناء على ذلك، تسعى الدراسة إلى مناقشة عدد من المحاور كالتالي:

  • رصد أوضاع العاملات محل الدراسة من حيث مدى تمتعهن بحقوقهن الأساسية في أماكن عملهن، وأبرز المشكلات التي يعانين منها وكيفية تعاملهن معها.

  • أثر ظروفهن الأسرية والعائلية على أوضاعهن في أماكن العمل، وأثر ظروف العمل على أوضاعهن الاجتماعية والأسرية.

  • التعرف على أدوار منظمات المجتمع المدنى وصناع القرار بتلك المناطق ومواقفهم تجاه قضايا العاملات.

  • التدابير والتدخلات الملائمة واللازمة لمساندة العاملات في هذه المناطق الصناعية.

أقسام الدراسة :

تنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام أساسية :

1- الإطار النظري للدراسة: والذى يتناول جزءين: الأول خاص بالنساء ومعايير العمل الدولية ومفهوم العمل اللائق، وهى المرجعية الحقوقية التي استند إليها تصميم البحث، والتي تستند إليها أيضًا عملية تفسير النتائج، وأيضًا صياغة التدخلات المطلوبة لدعم حقوق النساء العاملات فى المناطق الصناعية الاستثمارية. كما يتم التعرض في الإطار النظري إلى السياسات الاقتصادية الليبرالية في مصر، وأثرها على أوضاع الفقراء على وجه العموم وعلى العمال على وجه الخصوص، وما يرتبط بذلك من سياسات اقتصادية مثل سياسات الاستثمار فى مصر، وكيفية تناولها من قبل الحكومة المصرية وتقييمها.

٢منهجية الدراسة : تعتمد الدراسة على الأساليب الكيفية في جمع البيانات من خلال استخدام أداتين أساسيتين: وهما المجموعات النقاشية البؤرية والمقابلات المتعمقة.

3- نتائج الدراسة : والتى سيتم فيها التعرض إلى عدد من المحاور مثل الخلفية الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية للنساء محل الدراسة، وأوضاعهن العملية والمهنية في أماكن العمل وطبيعة علاقات العمل، وأيضًا أوضاعهن الأسرية والاجتماعية، والتفاعلات بين الأوضاع الأسرية والاجتماعية من ناحية والأوضاع المهنية من ناحية أخرى، وأدوار باقى الأطراف سواء كانت حكومية أو مدنية في دعم حقوق النساء العاملات، وأخيرًا رؤية العاملات لكيفية تحسين أوضاعهن المهنية.

النساء العاملات ومعايير العمل الدولية مفهوم العمل اللائق Decent Work

ظهر مفهوم العمل اللائق في ۱۹۹۹ كرد فعل على السياسات الليبرالية الجديدة Neo Liberalism والتي أعادت النظام الرأسمالي لصياغته البدائية الأولى، التي تتجاهل تمامًا الأبعاد الاجتماعية لاقتصاد السوق، كما كان مفهوم العمل اللائق جزءًا مما يطلق عليه العولمة المضادة والتى تسعى لصياغة عالم أكثر إنسانية، واقتصاد ذي رؤية اجتماعية أكثر عدالة وأكثر حساسية لاحتياجات الفئات المهمشة والنساء.

كانت نقطة البدء فى هذا الإطار العودة للتأكيد على بعض المسلمات المفترض إنها مستقرة تاريخياً، والتى كانت الأساس لوضع معايير عمل دولية، وهي أن العمل مهم جدًا لرفاهية الإنسان، ليس فقط لأنه يوفر الدخل، ولكن لأنه يمهد الطريق لتقدم اقتصادي واجتماعي أكبر، من خلال تمكين العمال وأسرهم ومجتمعاتهم. بيد أن إنجاز هذه المهمة يتطلب ما يطلق عليه العمل اللائق.

أدت العولمة إلى تغييرات جوهرية فى أحوال وأوضاع العمال ونقاباتهم في شمال العالم وجنوبه، فعلى حين بدأت حركة واسعة لنقل المصانع من دول الشمال إلى بلدان الجنوب سعيًا وراء العمالة الأرخص وغيرها من عناصر الإنتاج الأرخص، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في دول الشمال، فإن الوضع فى بلدان الجنوب لم يكن أفضل، إذ وضح الاستغلال لأوضاع عمال الجنوب فى الأجور الأدنى وساعات العمل الأطول وعدم وجود أي ضمانات مهنية وعمالية وتشغيل النساء والأطفال وغيرها من الظواهر.

أدركت منظمة العمل الدولية عبء العولمة السلبي على العمال، ولذلك سعت إلى التأكيد على ضرورة الالتزام بمعايير العمل المستقرة، ووضع معايير جديدة للعمل تحمى حقوق العمال في إطار العولمة. صكت منظمة العمل الدولية مفهوم العمل اللائق Decent Work عام ۱۹۹۹، على أنه غاية للتنمية. والمقصود به أن لكل الناس والبلدان حقًا في الثمار التي تنتج عن عملية التنمية فى العالم، وأنه ينبغى تفادى العيوب الكامنة في النظام الاقتصادى العالمى وما يتفرع عنه من أنظمة وطنيةiii. طرحت المنظمة ذلك المفهوم في سياق صياغتها لأهدافها في صورة هدف مجمع، وهو نشر الفرص أمام الإناث والذكور للحصول على عمل لائق ومنتج في ظل ظروف الحرية والمساواة والأمان والاحترام الإنسانى. واعتبرت المنظمة أن مفهوم العمل اللائق هو مفهوم منظم لعملها من أجل توفير إطار شامل للتحرك فى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وينصرف مفهوم العمل اللائق إلى فرص العمل المنتج الذي يدر دخلاً عادلاً، وأمانًا في مكان العمل، وحماية اجتماعية للأسر، وأفاقاً أفضل للتنمية الذاتية للأفراد، وكذلك للاندماج في المجتمع وحرية الأفراد فى التعبير عما يؤرقهم، وحرية التنظيم والمشاركة في اتخاذ القرارات التى تتصل بحياتهم بالإضافة إلى ضرورة المساواة في الفرص والمعاملة بالنسبة للإناث والذكورiv، وقد تبنت منظمة العمل الدولية هذا المفهوم في ضوء ما تواجهه شعوب العالم من مشاكل فى العمل، ومن عمليات إقصاء اجتماعي وتهميش متمثلة فى التعطل والتوظيف المنقوص، وفرص العمل غير المنتجة وذات النوعية السيئة، والعمل غير الآمن، والدخل غير المنتظم وحقوق العمال غير المعترف بها وعدم المساواة بين الذكور والإناث، والعمالة المهاجرة المستغلة، ونقص التمثيل النقابي، ومن ثم فالسعى لمواجهة هذه المشاكل لا يتم إلا من خلال توفير عمل لائق بالمعنى السالف ذكره.

فالحقيقة أن مفهوم العمل اللائق كان استجابة للتحولات الجوهرية التي طرأت على سوق العمل بسبب العولمة، ففى ظل تسيّد اقتصاد السوق، أصبحت الفواصل واهية بين سوق العمل الرسمى أو المنظم وسوق العمل غير الرسمى، ففى سبيل الدفاع عن ضرورة مرونة سوق العمل وتكيفه مع متطلبات الشركات الدولية وأصحاب الأعمال والمستثمرين، أصبح وضع القطاع الرسمى المنظم لا يختلف كثيرًا عن القطاع غير الرسمى، حيث تراجعت الضمانات الوظيفية والحماية الاجتماعية للحقوق العمالية بغية الوصول إلى أعلى درجات التنافسية. وبالطبع فإن أولى ضحايا هذا التحول هم أضعف حلقات العمالة والمتمثلة فى العمالة النسائية والتي تفتقد لتراث نضالى عمالي ونقابي يعزز من مقاومتها وكفاحيتها. إن هذا الوضع هو ما يفسر حساسية مفهوم العمل اللائق للنساء واحتياجاتهن.

في هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن أهم معايير العمل الدولية والتي تطورت على مدار أكثر من خمسين عاماً لم تكن حساسة للنوع الاجتماعي، فمن طورها بالأساس العمال الذكور والتنظيمات النقابية التى كان يسيطر عليها هؤلاء العمال، وبالتالي لم تكن تخاطب احتياجات النساء. وقد جاء مفهوم العمل اللائق كي يخاطب احتیاجات النساء ويكمل ما ينقص معايير العمل الدولية. فمفهوم العمل اللائق لا يقتصر على القطاع الرسمى وهو المجال التاريخى للرجال، ولكنه يضم أيضًا القطاع غير الرسمى وهو المجال الأساسى لعمالة الإناث. وكما سبقت الإشارة إلى إنه بفعل العولمة لم تعد هناك فروق جوهرية بين القطاع الرسمى والقطاع غير الرسمى، فكلاهما أصبح يتميز بالمرونة ويسعى اللتخلص من شروط العمل ومعاييره الدوليةv.

تقوم منظمة العمل الدولية في سعيها لنشر وتطبيق مفهوم العمل اللائق بالتحرك على محاور أربعة تلخص في مجملها حقوق العمال: يختص المحور الأول بإستراتيجية خلق فرص التشغيل المنتجة والدائمة؛ وخاصة تلك التى تخفض الفقر، مع الاستثمار في التدريب وتنمية المهارات وخلق فرص العمل فى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك التعاونيات. أما المحور الثانى فينصب على نشر وتوفير المعايير والمبادئ الأساسية والحقوق في مكان العمل، وهى التى تشمل ضمن حقوق أخرى السلامة المهنية والصحة ومواعيد العمل والأجور والمساواة فى فرص شغل الوظائف والمعاملة وغيرها. يتناول المحور الثالث الحماية الاجتماعية والتى يدخل فيها مدى استقرار العمل والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى وغيرهما. كما يعمل المحور الرابع على توفير آليات الحوار الاجتماعي التي تشمل المفاوضات الجماعية، والتنظيمات العمالية والنقابات، وحل المنازعات.

تبرز حساسية مفهوم العمل اللائق للنساء فى عدد من الطروحات مثل : الإقرار بأن أولويات النساء في مجال العمل تختلف عن أولويات الرجال، فالمرأة يجب أن توفق بين واجباتها الأسرية والتزاماتها المهنية. كما إنها تتعرض لمشكلات خاصة بها مثل تعرضها للتحرش الجنسي، فضلاً عن أن معايير العمل اللائق لابد أن تكفل حماية المرأة الحامل والأم أيضًا. vii

إن الهدف من إطلاق مفهوم العمل اللائق والتركيز على أبعاده هو الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة والعولمة العادلة التى تركز على مصالح وحقوق كل أطراف العملية الإنتاجية. فمن ضمن مكونات مفهوم العمل اللائق السعى لبناء توافق بين العمال وأصحاب الأعمال والحكومات والمجتمع المدنى لتحقيق عولمة عادلة، وما يتضمنه ذلك من الحد من الفقر والتنمية المستدامة العادلة viii. وأن هذا لا يمكن أن يتحقق من دون تنظیمات نقابية عمالية قوية قادرة على المفاوضة الجماعية وإدارة حوار اجتماعي حقيقى وفعال بين جميع أطراف العملية الإنتاجية المباشرة وغير المباشرة ix. والحقيقة إن الحديث عن حقوق العمال والعاملات والمساواة بينهما، والربط بين العمل كحق من ناحية والحق في حياة كريمة من ناحية أخرى يصب في النهاية فى صالح تعزيز الإنتاجية والنمو العادل الذي يعود بثماره على الجميع: عمالاً وأصحاب أعمال ومجتمعات.

 

شاع في مصر استخدام مصطلح الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي للتعبير عن مجمل سياسات التحرير الاقتصادي التي طبقتها الحكومة المصرية تنفيذًا لاتفاقاتها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وجدير بالذكر أنه قبل ۱۹۹۱، كان قد بدأت الحكومة المصرية ومنذ منتصف السبعينيات تطبق ما يعرف بسياسة الانفتاح الاقتصادى على نحو انطوى على تطبيق جزئي ومتدرج لبعض من السياسات التي يشتمل عليها برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، وذلك قبل الدخول فى مرحلة تطبيقها الكلى كحزمة متكاملة منذ مارس ۱۹۹۱، وهو عام توقيع خطاب النوايا مع صندوق النقد الدولي.x

تغطى حزمة سياسات التكيف الهيكلى والتحرير الاقتصادي خمسة موضوعات أساسية وهي: سياسات خفض الإنفاق العام، سياسة إدارة الطلب، سياسة التخصيصية، سياسة تحرير التجارة، سياسة تحرير الزراعة.

تترتب على هذه السياسات مجموعة من الآثار التوزيعية مثل إعادة توزيع الدخل القومى لصالح عنصر رأس المال على حساب عنصر العمل. إن الطابع الانكماشي لسياسات التحرير الاقتصادى يرتب آثارًا اجتماعية قاسية تتمثل في تسريح العمالة الحكومية وزيادة معدلات البطالة وخفض الإنفاق العام الموجه للخدمات الاجتماعية. وبالطبع إن من أكثر الشرائح الاجتماعية تضررًا من هذه السياسات هم العمال وصغار الملاك وفقراء الفلاحين وبعض شرائح الطبقة الوسطى. كما يترتب على توسع القطاع الخاص والاستثمارى انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادى، وما ينتج عن ذلك من تفاوت في توزيع الدخل القومى لصالح عنصر رأس المال على حساب العمل، وأيضًا تناقص نصيب الأجور في الناتج القومى الإجمالي. كما أن هذه الأوضاع تؤدى إلى تضييق الخيارات المتاحة أمام أولئك الذين لا يملكون إلا قوة عملهم. والحقيقة أن الطبقة العاملة هي من أكثر الطبقات تضرراً من سياسات التحرير الاقتصادي. ففضلاً عن اتساع معدلات البطالة، هناك بطالة من لا يجدون فرصة عمل من الأصل. أضف لذلك الانتهاكات الشديدة التى يتعرض لها العمال بسبب إملاء شروط عمل مجحفة. وبالطبع يكون عبء البطالة أكثر قسوة فى البلدان التى لا توجد فيها نظم حماية اجتماعية، توفر إعانات بطالة وبسبب ضعف النقابات العمالية. وفى مثل هذه الأوضاع لا يصبح أمام العمال إلا هدف الحفاظ على فرصة العمل وليس تحسين شروط وظروف العمل xi.

كل هذه التحولات حدثت من دون وجود تنظيم نقابى قوى وفعال وممثل المصالح العمال، وبالتالي كان غطاء الحماية والدفاع عن حقوق العمال غائباً تمامًا بفعل سيطرة الدولة على التنظيم النقابي على مدار أكثر من خمسين عامًا، بحيث أصبح أكثر تمثيلاً لمصالح النخبة الحاكمة من العمال. وهذا أحد أسباب تفسير تصاعد الحركة الاحتجاجية العمالية في ذلك الوقت. والمشكلة الأكبر أن هذا التنظيم كان ضعيفًا لدرجة أنه لم يستطع إقامة لجان نقابية فى شركات القطاع الخاص، فقد كان القطاع الخاص سواء مصريًا أو أجنبيًا رافضاً تمامًا تكوين نقابات عمالية إلا باستثناء حالات قليلة للغاية.

تمثل محاولة تشكيل نقابة من قبل العمال أو العاملات سببًا كافيًا للفصل من العمل في القطاع الخاص والاستثماري، والذي يتركز فى المناطق الصناعية الجديدة، وما يدلل على ذلك أن مدينة 6 أكتوبر التي بها حوالى 1000 مصنع في عام ٢٠٠٥ لم يكن بها إلا 6 نقابات، فى حين أنه لم يتوافر إلا ۱۱ نقابة فى مدينة العاشر من رمضان التي بها أكثر من ۱۲۰۰ مصنع تضم ١٠٠ ألف عاملxii.

إن هذا الوضع تشابك مع تواضع الدور النسائى فى العمل النقابي بصفة عامة، فعلى مستوى العالم النساء أقل اهتمام بالعمل النقابي. والحقيقة أن دور المرأة في النقابات العمالية والمؤسسات التي تتعامل مع سياسات العمل حظى بنقاش كثيف داخل الدوائر الأكاديمية والنقابية فى السنوات الأخيرة. وقد ناقشت منظمة العمل الدولية هذه المشكلة عند طرحها لمفهوم العمل اللائق بالتأكيد على تعزيز الاقتراب الأكثر حساسية للنوع الاجتماعي. xiii

خلاصة ما سبق أن هناك مجموعة من التحولات تتنج عن التحرير الاقتصادى وتبنى سياسات السوق، فهذه السياسات ليست حلاً تكنوقراطيًا لمشكلات معينة، ولكنها تؤدى إلى تغيير بنية العلاقات الاجتماعية والطبقية فى المجتمع. ويأخذ التغيير أو التحول أشكالاً ثلاثة: الأول تحول فى موازين القوة power shift، فانسحاب الدولة يضعف من قوة الطبقة العاملة مقارنة بالطبقة الرأسمالية. كما أن التخصيصية تؤدى إلى الحد من قوة العمل النقابي المنظم وذلك بتحويل الوظائف من القطاع العام المنظم نقابيًا إلى القطاع الخاص غير المنظم نقابيًا. أما التحول الثانى فهو تحول إدراكى perceptual shift حيث يؤدى التحول نحو اقتصادات السوق إلى تغير فى القيم والتوقعات لدى الجمهور النشيط، فيتم توسيع الأنشطة الشخصية والخاصة مقابل الحد من الأنشطة العامة، وهذا يعنى مزيدًا من قدرة الطبقات والشرائح الجديدة والمميزة على أن تفرض هيمنتها الثقافية. وأخيرًا التحول المؤسسى institutional shift والذى يقوم على أساس إعادة هيكلة الترتيبات والإجراءات فى المجتمعات سواء كانت قانونية أو سياسية كي تشجع على الاستثمار. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحول المؤسسى يحول آلية التحكم والرقابة الاجتماعية من الهياكل البيروقراطية والسياسية الحكومية إلى قوى السوق.xiv

سياسات الاستثمار والمناطق الحرة في مصر إشكالية التوازن المفقود بين أطراف العملية الإنتاجية

شهدت السنوات الماضية سياسات اقتصادية عمدت إلى دعم المستثمرين وجذب الاستثمارات بزعم أن النجاح في ذلك سينعكس إيجاباً على المجتمع والعمال بالدرجة الأولى من خلال زيادة معدلات التشغيل ورفع مستويات المعيشة، وهو ما اصطلح على تسميته بسياسة التساقط رذاذاً، والتى تتلخص فى أن توفير البيئة المناسبة للاستثمار وتحفيز المستثمرين بما يزيد من ثمار النمو سوف يؤدى بشكل تلقائي إلى توزيع تلك الثمار فى المجتمع عبر آليات السوق نفسها، حيث ستحتاج الاستثمارات الجديدة للعمال بمختلف مستوياتهم المهارية مما يعنى دفع المزيد من الأجور، التي تتحول إلى طلب فعال ونشيط يحفز قيام استثمارات جديدة لتلبيته لتقوم بدورها بتشغيل عاملين جدد، فتحدث دورة متواصلة من الآثار الايجابية تسمى بمضاعف الاستثمار. لكن حتى يكون الطلب الذى تخلقه الاستثمارات الجديدة فعالاً وقويًا لابد أن يحصل العاملون فى تلك الاستثمارات الجديدة على أجور تمثل حصة عادلة من القيمة المضافة التي تنتجها تلك الاستثمارات. وهذا يعنى أن تلك الاستثمارات وحدها لا تضمن تنشيط الطلب الفعال أو تحسين ظروف العمل، وإنما تحتاج إلى سياسة أجور عادلة حتى يحدث هذا الأثر. وعلى الرغم من منح الحوافز السخية لجذب الاستثمار سواء في شكل مباشر مثل دعم المصدرين ودعم الطاقة وخفض الضرائب والجمارك أو بشكل غير مباشر عبر التسهيلات التشريعية والإجرائية، فإن سياسة تساقط الرذاذ لم تتحقق وفقًا للنموذج النظرى ولم تحدث تحسنًا حقيقيًا في أوضاع العمال بل العكس كان الصحيح.

علاقات العمل : حجر الزاوية فى جذب الاستثمارات

لقد كان من أكثر أشكال جذب الاستثمارات تأثيرًا على العمال هو ما ارتبط مباشرة بعلاقات العمل، والتى تحولت بشكل جذري في السنوات العشرة الأخيرة. وقد تم تتويج تلك التغيرات فى قانون العمل ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ والذي أطلق مرحلة جديدة في علاقات العمل، كان عنوانها تحرير علاقات العمل وتركها لآليات السوق، كما كان من أبرز ملامحها انتهاء سيطرة عقد العمل الدائم حيث انتهت مع القانون الجديد مسألة تثبيت العمالة، وأصبح العقد المؤقت هو السائد مع تجديده عدة مرات. كما أضاف القانون تسهيلات لصاحب العمل لفصل العمالة وتخفيضها وتكليف العمال بمهام غير المتعاقد عليها.

كانت لهذه التحولات في علاقات العمل آثار واضحة على الأوضاع العامة للعمال. فبحسب تقرير مؤشرات سوق العمل الصادر عن مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في نوفمبر ۲۰۰۸، فقد انخفضت نسبة المشتركين فى التأمينات الاجتماعية إلى إجمالى المشتغلين من 54.1% عام ۱۹۹۸ إلى ٤٢،٤% عام ۲۰۰٦، كما انخفضت نسبة من لديهم عقد عمل رسمى من 61.7% إلى 42% فى الفترة نفسها، وقلت نسبة المنضمين للنقابات من23.9% إلى 20.58% فى الفترة نفسها، وانخفضت نسبة العاملين بالحكومة والقطاع العام إلى اجمالى المشتغلين من ٣٤،٢٦% عام ١٩٩٨ إلى ٢٩،٤٦% عام ٢٠٠٦. هذه المؤشرات تدل أنه فى الفترة التى طبقت فيها السياسات السالفة والرامية إلى تدعيم الاستثمارات شهدت تدهور أوضاع العمالة تدهوراً ملحوظًا فيما يتعلق بالاستقرار في العمل والحماية الاجتماعية للعمال والحماية النقابية.

مما لا شك فيه أن هناك علاقة مباشرةً بين إعفاء المستثمرين من الالتزامات الاجتماعية والقانونية الدولية الأساسية وأهمها الالتزام بمعايير العمل وتركها لتفاعلات السوق وبين تدنى أوضاع العمال. إن إهمال معايير العمل لصالح جذب الاستثمار أدى في واقع الأمر إلى نمو مشوه. فعلى الرغم من الزيادة الملحوظة فى متوسط الإنتاجية التي ارتفعت من ۱۷۲۱۰ جنيه ۱۹۹۷ ۱۹۹۸ إلى ٤۱۷۱۱ جنيهاً لعام ٢٠٠٨ ٢٠٠٩ بالأسعار الجارية وفقاً لبيانات البنك المركزى النشرة الإحصائية الشهرية أبريل ۲۰۱۰، فإن التقرير المصرى للاستثمار المعنون نحو توزيع عادل لثمار النموالصادر عن الهيئة العامة للاستثمار عام ٢٠٠٨ يقرر أن 10% فقط من العاملين أى ٢ مليون يحظون بوظائف تتيح للعاملين بها مستوى عاليًا من الدخول والرواتب والنسبة الباقية ٨٠% أي ١٨ مليوناً يعملون في الأنشطة منخفضة الإنتاجية، وبالتالى منخفضة الدخل. كما أن هناك ٣٥% أي 7 ملايين المشتغلين يعملون بالقطاع غير الرسمى. إن سياسة تحفيز الاستثمار بدون حماية العاملين فى ظل إهمال معايير العمل والجوانب الاجتماعية وغياب حد أدنى عادل للأجور تلحق ضررًا أكيداً بعملية النمو حتى وإن حققت نجاحاً قصير المدى. فمن أهم عوامل تثبيت النمو وجعله مستداماً وذا تأثير متكافئ على المجتمع ككل هو مراعاة عدالة توزيع القيمة المضافة وإعطاء قوة العمل حقوقها مع إلزامها بالعمل من خلال نظام إدارى شفاف وصارم وعادل يطبق على الجميع على قدم المساواة.xv

تشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الكتاب الاحصائي السنوي ۲۰۰۹إلى أن متوسط الأجر في القطاع الخاص عام ٢٠٠٧ بلغ ٢١٤ جنيهاً أسبوعيًا أى ٩١٧ جنيهاً شهريًا، وهذا المتوسط يخفى التفاوت فى الأجور بين القطاعات المنخفضة الأجور مثل أجور العاملين بالتعليم والتى تبلغ ۱۱۱ جنيهًا أسبوعيًا، أي أقل من نصف المتوسط المذكور حسب الكتاب الاحصائى السنوى ۲۰۰۹ و ۱۲۰ جنيهًا أسبوعياً للعاملين بالصحة والعمل الاجتماعى و ۷۸۳ جنيهاً أسبوعياً للعاملين بالوساطة المالية. ويجب الإشارة إلى أن القطاع الخاص الأقل أجراً هو أيضًا الأعلى في ساعات العمل، حيث تصل ساعات العمل الأسبوعية إلى ٧٥ ساعة فى المتوسط بينما فى القطاع العام تصل ساعات العمل إلى ٥٣ ساعة.xvi

صدر أول تشريع متعلق بالحد الأدنى للأجور فى مصر ١٩٢٤ بالقانون ٣٥٨ الذي ألزم أصحاب الأعمال بصرف علاوة غلاء معيشة للعاملين تضاف للأجر، بحيث لاتقل أجورهم عن الأجور التى تقررها الحكومة للعاملين لديها. وفى عام ١٩٥٢ صدر القانون رقم ١٨٧ والذى حدد الحد الأدنى لأجور العاملين فى الزراعة بـ ١٨ قرشاً يومياً. وفى العام 1959 صدر القانون رقم ۹۱ بتشكيل لجنة تختص بتحديد الأجور الدنيا، إلا إنها لم تنعقد ولم تتخذ أي قرارات. وفى عام ۱۹۷۱ صدر القانون ٤٧ والقانون ٤٨ واللذان حددا الحد الأدنى للأجر للعاملين بالحكومة والقطاع العام بتسعة جنيهات. وفي عام ١٩٧٤ تم رفع الحد الأدنى إلى ۱۲ جنيهًا شهريًا وتوالت الارتفاعات حتى ٣٥ جنيهًا عام ١٩٨٤. والملاحظ أنه بغض النظر عن القيمة، إلا أن الحد الأدنى للأجور كان يتم رفعه على فترات متقاربة نسبيًا منذ مطلع السبعينيات وحتى عام ۱۹۸٤، وأن تجميد الحد الأدنى للأجر بدأ منذ عام ١٩٨٤. وفى العام ۲۰۰۳ صدر قانون العمل الموحد ۱۲ والذي تضمن تشكيل مجلس قومى للأجور، يختص بوضع الحد الأدنى للأجر ومراجعته كل ثلاث سنوات، إلا أن المجلس لم يتوصل إلى قرار موحد بشأن الحد الأدنى للأجر منذ تأسيسه، وهو ما ترتب عليه ثبات الحد الأدنى للأجر كل تلك الفترة. وفى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ۲۰۱۱، قامت الحكومة المصرية بوضع حد أدنى للأجور بـ ۷۰۰ جنيهًا شهريًا ولكنه لم ينفذ حتى الآن، والحقيقة أن التطبيق الانتقائي لسياسات الاقتصاد الرأسمالي بتطبيق الإجراءات التى فى صالح الرأسماليين مثل تحرير علاقات العمل دون تطبيق الإجراءات التي تتبعها الدول الرأسمالية نفسها لحماية حقوق العاملين وعلى رأسها الحد الأدنى العادل للأجر هي وراء هذا الوضع المشوه. xvii

المناطق الحرة في مصر

شهدت السنوات الأخيرة نمواً متزايدًا للدور الذى تلعبه المناطق الحرة في تنمية التجارة الدولية في ظل الاتفاقيات العالمية والإقليمية والثنائية التي هدفت إلى فتح الأسواق وإزالة الحواجز بين الدول حيث عمدت الدول العربية بلا استثناء تقريبًا إلى إنشاء مناطق حرة داخل أراضيها ومنحتها من التسهيلات والإعفاءات والتشجيع، مما جعل بعضها يلعب دوراً محورياً في جذب رؤوس الأموال الخارجية والمحلية والتي تساهم في دفع عجلة التنمية في تلك البلدان.

تعكس دراسات الباحثين المهتمين بالمناطق الحرة عدم إجماع على تسمية واحدة للمناطق الحرة، حيث تتعدد المسميات ما بين المناطق الحرة والمناطق الجمركية الحرة ومناطق العبور والمناطق الاقتصادية الخاصة.

وقد تعددت تعريفات المنظمات الدولية الخاصة بتحديد ماهية هذه المناطق. تعرفها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO بأنها مناطق صغيرة نسبيًا ومتفرقة جغرافيًا داخل الدولة، وتهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لإنشاء صناعات تصديرية من خلال سياسات خاصة محفزة للاستثمار. ويصفها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD بأنها مناطق فى شكل جيوب، وغالباً ما تتوطن هذه المناطق بالقرب من ميناء أو مطار دولى، ويتم تصدير إنتاج هذه المناطق للخارج، كما لا يخضع استيراد المواد الخام والمنتجات الوسيطة والآلات والمعدات التى تحتاج إليها صناعات هذه المناطق لرسوم جمركية. يعرف البنك الدولي المناطق الحرة بأنها مناطق تقام على مساحات من ١٠ إلى ٣٠٠ هكتار، مخصصة للصناعات التصديرية، وتعمل هذه الصناعات من خلال سياسات وبيئة تتميز بالحرية والشفافية.

يمكن تحديد عدد من العناصر أو السمات الأساسية الواجب توافرها لتحديد ما المقصود بالمنطقة الحرة في العالم :

المساحة الجغرافية ( جزء من أرض الدولة)

لابد من تحديد مساحة المنطقة الجغرافية وذلك الجزء من أرض الدولة الذى سيتم عليه مباشرة المشروعات للأنشطة المصرح بها داخل حدود تلك المنطقة، وغالباً ما تكون تلك المساحة بالقرب من أو بداخل أحد الموانيء البحرية أو الجوية أو المنافذ البرية للدولة، بمعنى ارتباطها ببعض التسهيلات من خطوط الاتصال اللازمة من سكك حديدية أو خطوط جوية أو خطوط ملاحية دولية.

عزل المنطقة الحرة عن الحدود أو الإقليم الجمركي للدولة

ويكون ذلك بإحاطة المنطقة بالأسوار، أو أن تكون بطبيعتها محاطة بعوازل طبيعية حيث يعامل هذا الجزء كما لو كان خارجًا عن إقليم الدولة وذلك من الناحية الجمركية أو من ناحية تطبيق بعض القواعد القانونية الخاصة عليه، فتتم معاملة البضائع الواردة من المنطقة الحرة لداخل البلاد كما لو كانت مستوردة من الخارج تمامًا.

الخضوع لسيادة الدولة المضيفة

تطبق القواعد القانونية المعمول بها في الدولة المضيفة على المشروعات التي تقام داخل تلك المنطقة وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى قانون المعاملات داخل أو مع تلك المناطق وباقى أرجاء الدولة، أى أنه يتم استثناء المشروعات التي تقام بتلك المناطق من بعض الأحكام والقواعد المعمول بها داخل الدولة بقانون خاص ينظم أسلوب التعامل معها.

الإعفاءات الضريبية والجمركية والإجرائية

يتم إعفاء واردات المشروعات المقامة داخل حدود المنطقة من الإجراءات الجمركية العادية ومن الرسوم والضرائب الجمركية على الواردات والصادرات الخاصة بها. فيمكن لهذه المشروعات استيراد حاجاتها من أنواع السلع كافة فيما عدا الممنوع تداولها، وذلك بدون أداء الضرائب والرسوم الجمركية عليها، ومن دون الخضوع للإجراءات الجمركية العادية أو للقيود الاستيرادية والتصديرية المتبعة في البلد المضيف.

تحديد الأنشطة المصرح بمزاولتها داخل حدود تلك المناطق

يتم تحديد نوعية الأنشطة المصرح بها من أنشطة تجارية أو صناعية أو تجارية وصناعية معًا، وكذلك تحديد بعض النوعيات من مشروعات الخدمة اللازمة لسد احتياجات المشروعات المقامة داخل المنطقة من مشروعات النقل والتأمين والشحن والتفريغ. كما لابد من إعداد الموقع وتجهيزه بالمرافق العامة اللازمة لقيام المشروعات بمباشرة أنشطتها مثل الكهرباء والمياه والصرف والطرق وغيرها.

الخضوع لإشراف جهة حكومية

أما بالنسبة لتنظيم وإدارة هذه المناطق، فغالباً ما تكون هذه المناطق خاضعة لإشراف جهة حكومية (وزارة أو هيئة عامة حسب قانون إنشاء المنطقة الحرة العامة). فالجهة المسئولة عن إدارة المنطقة الحرة مثلاً في أيرلندا هى وزارة التجارة والصناعة وفى أسبانيا وزارة المالية، وفى سوريا المؤسسة العامة للمناطق الحرة، وفى مصر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

المناطق الحرة في مصر

تتمتع مشروعات المناطق الحرة فى مصر بالعديد من المزايا والحوافز والضمانات والإعفاءات التي تمنح لها بموجب قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة ١٩٩٧ الفصل السادس من القانون والذى ينظم عمل المناطق الحرة ولائحته التنفيذية رقم ١٢٤٧ لسنة ٢٠٠٤.

تتمثل مزايا الاستثمار فى المناطق الحرة في مصر فيما يلى:

  • حرية اختيار المجال الذى يمكن الاستثمار فيه داخل المناطق الحرة، وعدم وجود قيود على جنسية رأس المال الذى يمكن أن ينفرد أو يدخل مشاركًا بأي نسبة في استثمارات مشروعات المناطق الحرة سواء كان مصريًا أو عربياً أو أجنبيًا. فضلاً عن حرية تحديد حجم رأس المال الذى يمكن الاستثمار به فى ضوء حجم وطبيعة المشروع وطاقته الإنتاجية، وحرية الشكل القانونى للمشروع سواء كان مشروعًا فرديًا أو شركة أشخاص أو شركة أموال أو فرعًا لشركة أجنبية، وحرية تحويل الأرباح والأموال المستثمرة وإعادة تصديرها مع عدم خضوع واردات المناطق الحرة للقواعد الاستيرادية العادية المعمول بها داخل البلاد، وحرية الاستيراد من السوق المحلى أو الخارجي، وتحديد أسعار المنتجات وتحديد نسبة الأرباح. بالإضافة إلى معاملة السلع والبضائع المصدرة لمشروعات المناطق الحرة من داخل البلاد معاملة السلع والبضائع المصدرة لخارج البلاد. كما يمنح المستثمرين الأجانب تسهيلات للإقامة داخل البلاد.

  • وبالنسبة للضمانات الممنوحة لمشروعات المناطق الحرة، فتتمثل في عدم جواز تأميم المشروعات والمنشآت أو مصادرتها، ولا يجوز بالطريق الإدارى فرض الحراسة على المشروعات أو الحجز على أموالها أو مصادرتها من غير الطريق القضائي.

  • بالنسبة للحوافز والإعفاءات التي تتمتع بها مشروعات المناطق الحرة فإنها تتمثل في إعفاء كافة الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج اللازمة لمزاولة نشاط المشروع عدا سيارات الركوب من أي رسوم جمركية أو ضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب طوال فترة مزاولة النشاط حتى لو اقتضت طبيعة النشاط وجودها بصفة مؤقتة خارج المنطقة الحرة، وإعفاء صادرات وواردات المشروع من وإلى خارج البلاد من أي رسوم جمركية أو ضرائب سواء كانت ضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب أو الرسوم المعمول بها خارج البلاد. فضلاً عن عدم خضوع المشروع وأرباحه للقوانين أو التشريعات الضريبية أو الجمركية المعمول بها داخل البلاد طوال فترة مزاولة النشاط، وعدم خضوع واردات وصادرات المشروع من وإلى خارج البلاد لأى إجراءات جمركية أو قواعد استيرادية عادية معمول بها داخل البلاد. هذا إلى جانب إعفاء واردات المشروع من السوق المحلى من الضرائب على المبيعات.

يبدو مما سبق أن سلة المزايا التى تحصل عليها مشروعات المناطق الحرة مبالغ فيها بما يضر بالمصالح الاقتصادية لمصر، فلا توجد قيود على استخدام عمالة أجنبية في تلك المشروعات بما يحد من قدرة مثل هذه المشروعات على استيعاب عمالة مصرية، كما أن الحرية المطلقة فى تحويل الأرباح التى تم تكوينها فى مصر إلى الخارج هو أمر يحتاج إلى مراجعة، فما الفائدة التى تعود على الاقتصاد المصرى من ذلك، فلابد من التفكير في إلزام تلك المشروعات باستثمار جزء من أرباحها داخل مصر طالما إنها كونت تلك الأرباح من نشاطها في مصر.

توجد في مصر 10 مناطق حرة عامة، منها سبع مناطق حرة قائمة في الإسكندرية (العامرية وبرج العرب) والقاهرة (مدينة نصر) وبورسعيد والسويس والإسماعيلية ودمياط والمنطقة الإعلامية بمدينة ٦ أكتوبر. تضم المنطقة الحرة الواحدة عددًا من مشروعات التخزين والمشروعات الصناعية والخدمية والتمويلية دون أن تقتصر على نشاط واحد.

وقد بدأ إنشاء المناطق الحرة العامة فى بورسعيد ومدينة نصر بالقاهرة عام 1975، والمناطق الحرة العامة فى الإسكندرية والسويس عام ١٩٧٦، والمنطقة الحرة العامة بالإسماعيلية عام ۱۹۸۰. كما بدأ إنشاء كل من المنطقة الحرة العامة بالأدبية بالسويس والمنطقة الحرة العامة بدمياط ۱۹۹6. وكان إنشاء هاتين المنطقتين معاصرًا لإنشاء ميناء الأدبية وميناء دمياط.xviii

كان من نتائج العولمة زيادة أعداد المناطق الحرة في البلدان النامية والتي تتوجه بإنتاجها للتصدير للخارج، تعتمد الصناعات فى تلك المناطق بكثافة على العمالة الرخيصة غير المدربة من النساء، فالنساء يشغلن من 70% إلى 90% من الوظائف، وهى وظائف غير مستقرة وغير منظمة. xix

تعد هذه الدراسة دراسة كيفية بالأساس، تستخدم أساليب البحث الكيفي من أجل الوصول لنوعية معينة من المعلومات المتعمقة التى لا يمكن للأساليب الكمية التوصل إليها. فالبحوث الكيفية هى بحوث تستخدم أساليب غير إحصائية في البحث والتحليل لظاهرة اجتماعية ما. وتتسم عينات مثل هذه النوعية من البحوث بالصغر والاختيار العمدي. تسعى البحوث الكيفية للحصول على وصف وتحليل تفصيلى من منظور الفئات المبحوثة ذاتها. كما أن من مزايا البحوث الكيفية أنها تتلامس مع واقع الحياة المعيش بالنسبة للمبحوثين ولا تفرض عليهم إطارًا صارمًا في الحديث مثل الأدوات الكمية بل إطار مقنن ولكنه أكثر مرونة بما يتيح للمبحوث قدرة أعلى على الحكى والتعبير والتحليل. xx من أهم المزايا التي يوفرها البحث الكيفى المرونة بما يمكن الباحث من تتبع الأفكار غير المتوقعة واستكشاف العمليات التي وراءها والحساسية للمواقف المتغيرة والقدرة على رصد الأبعاد الرمزية للظواهر، فالبحوث الكيفية تستطيع تقديم وصف لكيفية تعامل المبحوثين مع واقعهم مع تحديد العوامل غير الملموسة من عادات وقيم وأدوار نوعية ونوازع دينية. xxi

تعد المجموعات النقاشية البؤرية focus groups والمقابلات المتعمقة in-depth interviews من أهم الأدوات المستخدمة فى التحليل الكيفي، بالإضافة إلى الملاحظة بالمشاركة. يتم استخدام المقابلة المتعمقة لجمع مادة عن الأفراد، تاريخهم الشخصي، نظرتهم للحياة، خبراتهم في حين يتم استخدام المجموعات النقاشية البؤرية في تحليل المشكلات الجماعية والتعرف على سياقها الثقافي والاقتصادي والاجتماعيxxii. ومما لا شك فيه أن استخدام كل من المقابلات المتعمقة والمجموعات النقاشية البؤرية معًا يساعد على تشكيل صورة متكاملة، تجمع بين رؤى وإدراكات الفرد ورؤى وإدراكات الجماعة، كما أن المجموعات النقاشية البؤرية تتيح تحليلاً أكثر عمقاً من خلال التفاعل داخل الجماعة، والذي يؤدى إلى تداعى الأفكار والكشف عن الجوانب الخفية فى تحليل العلاقات. كما إنها تحقق صدقها الداخلى من مراجعة أعضاء الجماعة لبعضهم البعض فيما يتحدثون فيه سواء كانت معلومات أو حقائق أو آراء.

وصف مجتمع الدراسة

  • بغية تقديم صورة متكاملة من جميع الزوايا لأوضاع العاملات في القطاع الاستثمارى، تم اختيار ثلاث مجموعات من الفئات وتتمثل في : العاملات والجمعيات الأهلية والأطراف الحكومية (تم اختيار ثلاث فئات من الجمعيات الأهلية وهى الجمعيات القاعدية فى المحافظات محل الدراسة والمنظمات الحقوقية ذات الصلة وجمعيات المستثمرين ببورسعيد وبرج العرب). كما تم تمثيل الأطراف الحكومية بمقابلة بعض مسئولى الإدارات المختلفة بمديريات القوى العاملة.

  • بلغ عدد المجموعات النقاشية مع العاملات ۱۲ مجموعة فى بورسعيد والسويس وبرج العرب بالإسكندرية والإسماعيلية، فى حين تم إجراء أربع مجموعات نقاشية مع الجمعيات الأهلية القاعدية فى المناطق محل الدراسة، بواقع مجموعة نقاشية لكل منطقة. تم تطبيق خمس مقابلات متعمقة مع ممثلي المنظمات الحقوقية بواقع مقابلة واحدة لكل منظمة. وبالنسبة لجمعيات المستثمرين، فقد تم إجراء مقابلتين مع جمعية في بورسعيد وأخرى فى برج العرب. وعن مسئولى مديريات القوى العاملة وإداراتها المختلفة فى المناطق محل الدراسة تم تطبيق ٦ مقابلات متعمقة بالإضافة إلى مجموعة نقاشية. تم التطبيق الميداني في الفترة من أواخر ۲۰۰۹ إلى نهاية النصف الأول من ۲۰۱۰.

  • كانت الفئة العمرية الغالبة على العاملات اللائي تمت مقابلتهن من ١٧ إلى ٣٠ عاماً، كان هناك أعمار أقل وهناك أعمار أكبر، ولكنها تقع على هوامش تركيبة المجموعة العمرية. كما كانت أغلبيتهن أيضاً من غير المتزوجات. والحقيقة أن هذه النتيجة تتفق مع نتائج كثير من الدراسات التي تناولت عمالة المرأة سواء في مصر أو في دول أخرى. فعلى المستوى العالمي، هناك تفضيل من قبل أصحاب الأعمال في القطاع الخاص لاستخدام الفتيات غير المتزوجات. ويتم النظر إلى عملهن على أنه مؤقت سينتهي بزواجهن. كما أن وضعهن الاجتماعى يجعل صاحب العمل يقوم بتشغيلهن في الورديات الليلية ولساعات عمل أطول. كما يرجع تفضيلهن من قبل أصحاب العمل أيضًا إلى احتياجهن الشديد والذي يجعلهن يقبلن أي عمل وبأي شروطxxiii. أما فيما يتعلق بالمتزوجات أو المعيلات، فغالبية المتزوجات قادمات من محافظات أخرى غير التي يعملن بها مثل : البحيرة وكفر الشيخ والمنيا هن وأزواجهن. كما توجد نسبة من النساء المعيلات لأسر إما بسبب هجر الزوج أو مرضه وعجزه.

العمر

العدد

النسبة

أقل من 20 سنة

22

22%

20 – 30

58

58%

31 – 40

15

15%

41 – 50

5

5%

المجموع

100

100%

  • كانت أغلبية المبحوثات من ذوات الشهادات المتوسطة يليهن الأميات مع وجود نسبة محدودة من خريجات الجامعة. والحقيقة أن مثل هذا الوضع التعليمى يطرح سؤالاً هامًا ألا وهو كيف تسمح هؤلاء العاملات خاصة المتعلمات بانتهاك حقوقهن فى العمل بهذا الشكل الفج؟. ولا توجد إجابة سوى الحاجة الشديدة للعمل فى ضوء ظروفهن الاقتصادية والاجتماعية المتردية من ناحية وعدم وجود أي أثر للتعليم على وعيهن بحقوقهن وسعيهن للدفاع عنها من ناحية أخرى. وهذه النقطة الأخيرة مهمة، فبجهد منظم من قبل المنظمات الحقوقية، من الممكن أن تتحسن أوضاع فئات عديدة منهن.

الحالة التعليمية

العدد

النسبة

أمية

15

15%

تعليم أساسي

13

13%

تعليم متوسط

64

64%

جامعي

8

8%

المجموع

100

100%

  • توجد نسبة من عمالة الأطفال فى المجموعات محل الدراسة من الفتيات الأقل من ١٨ سنة، كما توجد حالات فى مرحلتى التعليم الاعدادية والثانوية وغالبًا يعملن في أيام الإجازات بغية توفير جزء من مصروفاتهن. تتعرض مثل هذه الفئة لاستغلال كبير جداً، إذ يتم التعامل معهن على أنهن يعملن وفقًا لما يطلق عليه المكأفاة الشاملة، وعلى هذا الأساس يعملن لمدة ۱۲ ساعة متواصلة ويتم استخدامهن في الأعمال التي لا تحتاج لمستويات مهارية معينة.

  • تقع المصانع التي تعمل فيها الفئات المبحوثة إما في إطار القطاع الاستثمارى المصري حيث إدارة مصرية أو فى إطار المناطق الحرة، حيث أصحاب العمل من الأجانب، وكذلك مستويات الإدارة المختلفة سواء كانت العليا أو الإشراف. وجدير بالذكر أن الصناعات التي يفضلها أصحاب الأعمال هي الصناعات التي تتسم بإدارة سريعة لرأس المال مثل الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية وغيرها، وهي صناعات تعتمد بالأساس على العمالة النسائية غير المدربة. فأكثر من 50% من العمالة في هذه المصانع من العمالة النسائية على حد شهادات العاملات والمسئولين في مديريات القوى العاملة.

  • تركزت العاملات محل الدراسة فى قطاع النسيج والملابس الجاهزة، تلاه الأدوات الكهربائية ثم الصناعات الغذائية. والحقيقة أن هذا أمر طبيعي في ضوء خصائص سوق العمل في مصر، فتاريخيًا قامت صناعة الغزل والنسيج في مصر على أكتاف المرأة العاملة، وكذلك الصناعات الغذائية خاصة بعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ لعدة أسباب، على رأسها عدم احتياج هذه الصناعات لدرجة عالية من التأهيل والتدريب والقدرة على التعامل مع فنون إنتاجية معقدة مما جعلها تمتص نسبة كبيرة من العاملات محدودى التعليم وغير المدربات. فصناعة النسيج والملابس الجاهزة والصناعات الكهربائية والغذائية والتى توسعت بصورة كبيرة بدء من السبعينيات تعتمد بشدة على العمالة الكثيفة غير الماهرة ونصف الماهرة ومحدودة القوة العضلية مما يجعلها أكثر جذبًا للنساء. والأمر الثاني مرتبط بالمنافسة الدولية التي تتعرض لها صناعة الملابس الجاهزة على وجه التحديد على المستوى العالمي، والتي تجعل الرأسمالية المصرية أو الأجنبية العاملة في مصر تسعى لاستغلال الميزة النسبية للعمالة النسائية، والتى تتمثل في الأجور الأقل والمقاومة والكفاحية العمالية الأضعف مقارنة بالعمال الرجال.

طبيعة النشاط الاقتصادي

العدد

النسبة

النسيج والملابس الجاهزة

69

69%

الأدوات الكهربائية

18

18%

الصناعات الغذائية

13

13%

المجموع

100

100%

  • فيما يتعلق بطبيعة العمل، تركزت أغلبية العاملات في خطوط الإنتاج يلى ذلك العاملات فى التعبئة ثم الأعمال الإدارية والنظافة. ومما لاشك فيه أن هذا أمر ايجابي، فالتعامل مع فن إنتاجي أرقى مع قدر من توعية العاملات، من الممكن أن يؤدي إلى عمالة نسائية أكثر وعيًا بحقوقها.

طبيعة العمل

العدد

النسبة

على خطوط إنتاج

77

77%

أعمال التعبئة والتغليف

12

12%

أعمال إدارية ونظافة

11

11%

المجموع

100

100%

 

  • شملت المجموعات النقاشية البؤرية العاملات في مناطق : المنطقة الحرة بالإسماعيلية والمنطقة الحرة ببورسعيد وبرج العرب والسخنة وعتاقة والأدبية والمنطقة الصناعية بالسويس بنسب مختلفة.

المنطقة الصناعية

العدد

النسبة

المنطقة الحرة بالإسماعيلية

35

35%

المنطقة الحرة ببور سعيد

20

20%

برج العرب

31

31%

السخنة

5

5%

عتاقة

3

3%

الأدبية

4

4%

المنطقة الصناعية بالسويس

2

2%

المجموع

100

100%

  • بلغت نسبة العاملات القادمات من الريف حوالى 44% مقابل ٥٦% للقادمات من الحضر.

يعتمد تحليل نتائج الدراسة على عدد من المرجعيات الحقوقية الأساسية، والتي ستحدد بنود التحليل : وهي معايير العمل الدولية ومؤشرات العمل اللائق والحساسية لاحتياجات النساء. وبناء على ذلك ستناقش النتائج البنود التالية:

1- مدى الالتزام بعلاقات العمل القانونية : العقود والتأمينات الاجتماعية وغيرها.

٢ الأجور من حيث مدى الانتظام وقيمتها بالنسبة للأجور الحكومية وللحد الأدنى للأجور، وقيمة الأجور المتغيرة ومدى الالتزام بها ومدى كفاية الأجر لسد الاحتياجات الأساسية للعاملة وكيفية حساب الساعات الإضافية.

3- حظر العمل الإجبارى وتشمل مناقشة وجود الإجبار على العمل، والذي يتمثل في الإجبار على العمل ساعات إضافية من عدمه، وأيضاً الخصومات التي تتم على الأجر وأسبابها.

4- حظر عمالة الأطفال.

5- حظر التمييز فى أماكن العمل والتى تشمل التحرش بالعاملات والتمييز ضد المرأة الحامل والراعية لأطفال، والتمييز بين الرجال والنساء في الأجور وغيرها

٦حرية التنظيم والمفاوضة الجماعية وتشمل وجود نقابات وسماح المنشأة بعقد اجتماعات نقابية وممارسة الاعتصام فى ساعات العمل وكيفية فض المنازعات العمالية وغيرها.

7- ساعات العمل اليومية من حيث العدد والعمل فى أيام الإجازات الموسمية والإجازات الأسبوعية ووقت الفراغ المتاح للعاملة وأسرتها.

8- الصحة والأمان أى مدى توفر رعاية صحية فى المصنع وجودتها، وكذلك إجراءات السلامة المهنية المتبعة، وحالة المرافق والطعام ومدى التعرض لإهانات مادية ولفظية والتأمين الصحي.

إن كل ما سبق يمثل سلة واحدة لتفريعات الحق فى العمل ما بين الأجر العادل الذي يتناسب مع طبيعة العمل والذي يضمن حياة كريمة للعامل وأسرته (الحد الأدنى للأجر) وحقوق العامل في الإجازات وغيرها، وأيضًا حقه فى السلامة المهنية والتأمين الصحى والتأمين الاجتماعي والتنظيم وغيرها من الحقوق التى فى النهاية تمثل حزمة واحدة من حقوق العمل التي لا يمكن إسقاط أى حق منها. وبقدر ما يتم احترام وتطبيق هذه المعايير بقدر ما يتحقق التوازنان الاقتصادي والاجتماعى وتتحقق مصالح أطراف العملية الإنتاجية ككل سواء كان العامل أو صاحب العمل. فانتهاك حقوق العمال ربما يحقق مصلحة وفائدة لصاحب العمل ولكنها مصلحة على المدى القصير وليس على المدى الطويل.

يتعين قبل مناقشة نتائج الدراسة إبداء ملاحظة مهمة ألا وهى أنه بسبب عدم وجود سياسة تشغيل واضحة تحكم هذا القطاع موضوعة من قبل الحكومة المصرية، فإن الأمر متروك لإرادة إدارة المصنع فى نهاية الأمر بما يؤدى إلى تباين المشكلات واختلاف درجة حدتها. وأيًا كان التباين ومدى حدته من عدمه، فنحن أمام واقع مهني متردٍ، تعانى فيه النساء من أشكال القهر كافة وإن كان بدرجات متفاوتة.

كما تتعين الإشارة إلى أن صعوبة دخول المصانع لإجراء المقابلات المتعمقة والمجموعات النقاشية البؤرية فرضت على هيئة البحث السعى لبديل آخر من خلال التوجه لأماكن تركز العاملات السكنية عبر مساعدة الجمعيات الأهلية القاعدية في هذه المناطق.

أشارت غالبية العاملات التي تمت مقابلتهن، خاصة الشابات أن هذه أول تجربة عمل لهن في قطاع رسمي، بعضهن عمل لوقت محدود في القطاع غير الرسمى قبل ذلك، وأنهن عرفن عن فرص العمل من خلال الأصدقاء والزملاء وليس من خلال قنوات مؤسسية مثل مكاتب العمل أو المحافظة إلا في حالات قليلة للغاية مما يشير إلى غياب سياسة واضحة للتشغيل في مصر، تضع من ضمن أولوياتها توفير فرص عمل للمواطنين. ونتيجة لهذا الوضع، فإن أغلب هذه العمالة غير مدربة مما يجعلها تتركز فى أقل القطاعات الإنتاجية تقدمًا، وما يعنيه ذلك من التعرض لدرجات أعلى من الاستغلال الوظيفي.

أولاً : مدى الالتزام بعلاقات العمل القانونية

أجمعت كل المبحوثات على أن عقد العمل الفردى هو أساس العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وهى عقود سنوية وتجدد وفقًا لاحتياج المصنع ولإرادة صاحب العمل ومدى رضائه عن العاملة. والحقيقة أن الحكومة المصرية بإصدارها قانون العمل الموحد هى التى أسست لهذه النوعية من العقود والتي أنهت تمامًا العقود الدائمة. وعلى الرغم من هذا الاتفاق بين العاملات، فإن جزءًا لا يستهان منهن أشار إلى أنه لم يوقع على أي أوراق، وبالتالي لا يتمتع بأي حقوق أو إنهن يعملن لعدة شهور قبل توقيع العقد. بيد أن المشكلة الأكثر تعقيدًا وشيوعًا هي أن غالبية العاملات لم يقرأن عقودهن وليست لديهن نسخ منها، بل إن بعضهن لا يعرف ما الذى وقع عليه هل هو عقد أم استقالة مسبقة وحتى اللاتى أطلعن على العقود، فقد أشرن إلى أن الأجر المكتوب في العقد أقل بكثير من الأجر الذى يتقاضين. وبالنسبة للتأمينات الاجتماعية، فقد أشارت غالبية العاملات إلى إنهن على علم بقيام صاحب العمل بتسديد اشتراكاتهن في التأمينات الاجتماعية من خلال خصم جزء من المرتبات. وفى الغالب يتراوح بين ٢٠ و ٢٥ جنيهًا شهريًا وإن كان أغلبهن لا يعرف رقمه التأميني. فضلاً عن ذلك، فقد اكتشف بعضهن عدم انتظام أو استمرارية صاحب العمل فى تسديد التأمينات. فمن الممكن أن يتم تسديد العام الأول من العقد فقط، ثم يمتنع صاحب العمل عن السداد عند تجديد العقد مع بقاء الخصم كما هو. والحقيقة أن العاملات اللواتى اكتشفن ذلك هن هؤلاء اللواتى تركن العمل وذهبن لمكتب التأمينات للحصول على حقوقهن التأمينية. كما أشارت بعض العاملات المبحوثات لمشكلة أخرى وهى أه عندما يتوقف المصنع عن الإنتاج لأي ظروف، فإن صاحب العمل لا يعطى للعاملات حقوقهن، ولكن يمنحهن إجازة من دون مرتب، قد تمتد لشهور، وعندما يسعين للبحث عن عمل آخر يواجهن بمشكلة إنهن مؤمن عليهن من قبل المصنع المتوقف، وبالتالى يستحيل قانوناً عليهن الالتحاق بعمل آخر إلا بعد إنهاء علاقتهن التعاقدية ومن ثم التأمينية بصاحب العمل القديم.

إن هذه النوعية من العلاقة التعاقدية أدت إلى شعور العاملات المبحوثات بغياب الأمان الوظيفى تماماً، فغالبيتهن يتملكهن شعور بأنه فى أى لحظة ممكن الاستغناء عن خدماتهن وطردهن من العمل، والأمر الأخطر قناعاتهن أنه لا توجد معايير موضوعية لتقييمهن، وبالتالي قد يكون سبب طردهن من العمل أسباب شخصية وليست موضوعية، قد ترتبط في كثير من الأحيان بعلاقة العاملة من ناحية بالمشرف أو رئيس الوردية من ناحية أخرى.

ثانياً : الأجور – القيمة والانتظام والأجور المتغيرة ومدى كفاية الدخل لإشباع الاحتياجات

على الرغم من وجود نسبة كبيرة من العاملات محل الدراسة من الحاصلين على شهادات متوسطة (دبلومات فنية وتجارية)، فإن رواتبهن تتراوح فى المتوسط بين ٣٠٠ و ٤٥٠ وهو ما يقل عن الحد الأدنى للأجور ولا يقيهن شر العوز. والأمر الغريب أنه رغم قلة الرواتب مقارنة بطول ساعات العمل الذى يمتد أحيانًا إلى ١٢ ساعة، ورغم كثير من الخصومات التى تلحق بالرواتب، فإنهن راضيات عن هذا الوضع بل إن بعضهن الذي عمل في وظائف ذات صلة بالقطاع الحكومى من قبل يرى أن هذا المستوى من الأجور جيد، لكن المشكلة تكمن فى ظروف العمل السيئة. إن سيادة هذا الوضع لا ينفى وجود حالات قليلة، كان الأجر أفضل بكثير، إذ كان يصل إلى ٨٠٠ جنيه. وقد كان الرضا الوظيفي لدى هذه الفئة أفضل بكثير. والحقيقة أن مرد هذا الرضا في كلتا الحالتين إننا أمام شريحة من النساء العاملات المهمشات واللواتي يعانين تاريخيًا من التهميش الاقتصادي والاجتماعى الذى انعكس على فرص تعليمهن وتدريبهن وأطاح بجدوى التعليم بالنسبة لهن، وربما تتضح الصورة جلية لدى خريجات الجامعة اللائي عبرن عن حسرتهن على إكمال تعليمهن الذى لم يؤهلهن لفرص عمل أفضل، وبالتالي لم يكن وسيلة للحراك الاجتماعى بالنسبة لهن. كما تشير هذه النتائج إلى ضعف الوعى الحقوقي لدى النساء العاملات وعدم درايتهن على الإطلاق بحقوقهن.

أشارت بعض الحالات إلى قيام صاحب العمل بتأخير الرواتب وعدم صرفها في مواعيدها للاستفادة من فوائد تركها فى البنك. كما برزت الشكوى من التلاعب بالأجر المتغير وعدم وضوح قواعد تقديره واستخدامه للضغط على العاملات والإمعان في استغلالهن.

أشارت غالبية العاملات محل الدراسة إلى أن دخلهن بالكاد يكفى احتياجاتهن سواء كن متزوجات أو غير متزوجات. فكلهن من الفقراء اللائى يتمركزن على هوامش الحواضر وفي ريف مصر، كما تسود بين عائلاتهن أنماط العمل الموسمية والمؤقتة سواء كان الأب أو الزوج أو غيره. كانت الإيجارات السكنية من أكثر المشكلات تعقيداً للعاملات بسبب ارتفاعها والتهامها للجزء الأكبر من الأجر وربما كله. تزداد المشكلة تعقيداً بالنسبة للمتزوجات منهن أو المعيلات، فغالبية المتزوجات يعولن أزواجهن وأولادهن إما بسبب عدم توافر العمل أو موسميته أو بسبب إعاقات بدنية أو ظروف صحية. كما توجد نسبة من النساء المهجورات أو المطلقات واللواتي يعلن أسرهن بمفردهن. وفى وسط كل هذا الوضع المتردى، تبرز طاقة أمل فى إصرار الأمهات على تعليم أولادهن، فالغالبية الساحقة منهن أولادهن فى مراحل التعليم المختلفة. خلاصة القول أن الأجر لا يتناسب على الإطلاق لا مع معايير العمل الدولية ولا مع الحد الأدنى للأجور ولا مع نفقات المعيشة.

إن هذا الوضع غير المتكافئ بين الأجور التي تتلقاها العاملات محل البحث واحتياجات المعيشة يضرب فكرة العمل اللائق التى تضمن حياة كريمة للمواطن في مقتل، ويدفع النساء العاملات لتقديم مزيد من التضحيات من أجل جنيهات إضافية، ويتيح مساحة أكثر اتساعًا لصاحب العمل لاستغلال هؤلاء النساء بإجبارهن على العمل الإضافي بأجور متدنية للغاية، إما بحساب الساعة بجنيه واحد أو بحساب ساعات العمل الأربع بساعة ونصف أو غيرها من جوانب التحايل والإهدار لحقوق العاملات. كما يتطور الأمر في كثير من الحالات إلى قبول العاملة العمل يوم الجمعة أملاً فى جنيهات إضافية قليلة مما يؤثر على حياتها وحياة أطفالها بالسلب.

ثالثاً : العمل الاجباري

شكت الغالبية العظمى من الحالات محل الدراسة من إجبارهن على ساعات عمل إضافية بعائد ضعيف للغاية، كما أشرنا سلفًا، أي جنيه للساعة أو احتساب عدد ساعات عمل إضافية أكبر بعدد ساعات أقل (٤ ساعات بساعة ونصف). والحقيقة أن مثل هذا الوضع يقع تحت طائلة العمل القهري أو القسرى والذى ينفى تمامًا حرية العمل، فضلاً عما يشوبه من استغلال مادي والأمر الأخطر من ذلك أنه إذا اعترضت العاملة على هذا النوع من العمل، فإنها في أبسط الأحوال تتعرض لخصومات عديدة من الراتب، وفى أصعب الحالات قد يتم فصلها من العمل تمامًا. ونظرًا لأن غالبية المصانع في المناطق الاستثمارية بعيدة عن مساكن هؤلاء العاملات، فإن أى ساعات إضافية يترتب عليها الاضطرار للعودة إلى المنزل ربما فى الثامنة أو التاسعة مساءً بما يسبب مشكلات كثيرة لهؤلاء العاملات سواء من أسرهن أو جيرانهن ويحيط سمعتهن بالشبهات.

أشارت غالبية المبحوثات إلى أنهن يعانين من الخصومات الكثيرة وغير المبررة وغير المعقولة التى تطول رواتبهن كل شهر سواء بسبب تأخير طفيف أو شكوى أو رفض للعمل الاضافي أو قلة الإنتاجية وغيرها من أسباب.

رابعاً : عمالة الأطفال

على الرغم من أن مصر وقعت على اتفاقية حقوق الطفل التي حددت سن الطفل بـ ١٨، وبالتبعية حرمت عمالة الأطفال أقل من سن ۱۸، فإن ظاهرة عمالة الأطفال منتشرة في هذه المصانع، فكثير من العاملات عمرهن ١٧ سنة وأقل. وقد أشارت المبحوثات انه عندما تأتى أى زيارة تفتيشية للمصنع يتم تهريب هؤلاء الأطفال. وغنى عن القول أن مثل هذه العمالة تخفف الأعباء على صاحب العمل، فلا عقود ولا تأمينات. كما تتنشر عمالة الطالبات أثناء الصيف من المرحلتين الإعدادية والثانوية حتى تحت سن ۱۸، وغالبًا ما يتم تشغيلهن بمكأفاة شاملة لمدة ۱۲ ساعة يوميًا خاصة فى الأعمال التي لا تحتاج إلى مهارات مثل التغليف وغيره.

خامساً : التمييز في أماكن العمل

تشمل ممارسات التمييز ضد الإناث فى مجال العمل عددًا من الجوانب مثل التحرش الجنسي بكل أشكاله بدءاً من اللفظى حتى البدني، والتمييز ضد المرأة الحامل والراعية لطفل، والتمييز بين الرجال والنساء في الأجور. أشارت جميع الحالات إلى صور عديدة من التمييز ضدهن، فالتحرش الجنسي سواء من المشرفين الذكور أو الزملاء من الذكور شائع، والمشكلة أن عدم قبول مثل هذه التحرشات من قبل العاملات يعرضهن إلى الخصومات والعقوبات وربما يصل الأمر للطرد من العمل كما شكت كثير من العاملات من الإهانات اللفظية اللواتي يتعرضن لها طوال الوقت من المشرفين أو الإدارة لدرجة أن عددًا من حالات الدراسة أقرت أن سبب تركها للعمل كان الإهانات المتكررة من المشرفين والإدارة.

تعالى المرأة الحامل أيضاً تمييزاً ضدها، فمن ناحية أولى المصانع لا تفضل سوى غير المتزوجات من الشابات اللواتى بلا التزامات عائلية وقادرات على العمل البدنى بشكل أكبر، ويتحفظن على المتزوجات فى سن الإنجاب وأيضًا العاملات كبار السن. شكى عدد من الحالات التي مرت بتجربة حمل ووضع أنهن لم يأخذن أجازة الوضع المحددة بثلاثة شهور، وأن بعضهن عاد للعمل بعد ١٥ يومًا وإنهن لم يحصلن على حقوقهن المادية كاملة أثناء أجازة الوضع أى الراتب كاملاً وفقًا للقانون. وعلى المنوال نفسه تتعرض العاملة التي ترعى طفلاً أيضًا لتمييز ضدها بحرمانها من ساعات الرضاعة المقررة لها وفقًا للقانون، فضلاً عن عدم توافر دور الحضانة.

من جوانب التمييز الأخرى، والتى تمت الإشارة إليها من غالبية العاملات التمييز بين الرجال والنساء في الأجور، فالرجال يحصلون على أجور أعلى من النساء مقابل العمل نفسه. كما برزت أيضًا شكوى من التمييز داخل فئة العاملات أيضًا، بمعنى أنه مقابل نفس العمل، يختلف الأجر ويتم تبرير ذلك من قبل صاحب العمل أن العاملات المميزات قادمات من مصانع عالية الإنتاجية أو أكثر تدريبًا.

الجانب الأخير من التمييز يظهر بجلاء في المصانع المملوكة لأجانب، والتي تدار بواسطة إدارة أجنبية. فالفجوة كبيرة بين العمالتين المصرية والأجنبية من المستوى نفسه، فالعمالة الأجنبية تتمتع بمزايا أعلى، وجبة غذاء وراحة وأجور أعلى.

من جوانب التمييز الأخرى بين العمال والعاملات الأماكن المخصصة للصلاة والراحة، حيث يتم تخصيص أماكن أكثر اتساعًا للعمال من العاملات. والأمر الأكثر إهانة إجبار العاملات فى بعض الشركات على القيام بتنظيف حمامات الرجال.

سادساً : حرية التنظيم والمفاوضة الجماعية وآليات فض المنازعات العمالية

تعد حرية العمال فى تشكيل نقاباتهم من الحريات النقابية الأساسية التي وردت في اتفاقية الحرية النقابية ۸۷ لسنة ۱۹٤٨، وتم التأكيد على هذا الحق مرارًا وتكرارًا في وثائق منظمة العمل الدولية المتعلقة بالحرية النقابية، كما كان حق العمال في تشكيل النقابات وإدارتها من الحقوق الأساسية عند الحديث عن العمل اللائق، فإحداث التوازن بين أطراف العملية الإنتاجية: العامل وصاحب العمل مرهون بوجود تنظيمات نقابية قوية ومعبرة عن مصالح العمال.

أشارت الغالبية العظمى من الحالات إلى عدم وجود لجان نقابية على الإطلاق في أماكن العمل، بل إن أغلبهم لا يعرف معنى كلمة نقابة أو لجنة نقابية ولم يسمع عنها من قبل وحتى من أشاروا لوجود لجنة نقابية أكدوا أنها بلا دور على الإطلاق، وأن العاملات لا يلجأن إليها في أي مشكلة على الإطلاق في حالة وجودها.

إن هذه الظاهرة جزء من سياق عام مرتبط بوضعية التنظيم النقابي في مصر من ناحية ومرتبط بمدى اهتمام الحكومة المصرية بحقوق العمل عند وضعها سياسات الاستثمار من ناحية أخرى. بالنسبة للشق الأول، فإن التنظيم النقابي الرسمي والذي استمر على مدار خمسين عامًا حتى يتم إصدار قانون الحريات النقابية والذي صدر عقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، كان ما هو إلا زراع الحكومة المصرية للسيطرة على الحركة العمالية، وبالتالي لم يتمتع بأى فعالية ولا وجود خارج شركات القطاع العام قبل بيعها، لدرجة أنه غير متواجد تقريبًا فى القطاع الخاص، فنسبة من ينتمون للقطاع الخاص وأعضاء في التنظيم النقابي 0.02% من عضويته. كما أن الحكومة المصرية في إطار تدليلها للقطاع الخاص لم تكن حريصة في يوم من الأيام على اشتراط تكوين نقابات في المناطق الاستثمارية أو غيرها.

وإذا انتقلنا لمستوى أكثر اتساعاً للبحث في آليات الشكاوى وفض المنازعات العمالية المتاحة للعاملات، نجد مكاتب عمل بلا أى دور، ففى قليل من الشكاوى التي مررتها العاملات الخاصة بالإجبار على العمل الإضافي أو غيره لم يحرك مكتب العمل ساكنًا، كما أنه نادرًا ما يفتش على المنشآت، وحتى إذا قام بالتفتيش يتم التنبيه على العاملات من قبل المشرفين بعدم إبداء أى شكوى وإلا تعرضن للفصل. كما أكدت غالبية العاملات المبحوثات أنهن لا يلجأن للشكوى خوفًا من فقدان أعمالهن.

كما تتسم علاقات العمل بالتشوه والتعسف، فالعاملات ليست لديهن قدرة على الوصول للإدارة العليا عند الشكوى. كما تزداد المعاناة فى ظل المصانع المملوكة لمستثمرين أجانب والتي تخضع لإدارة أجنبية، فالعمالة الأجنبية غالبًا ما تستحوذ على الوظائف الإشرافية والإدارية والقيادية وتستخدم القيادات الوسيطة من المصريين لقمع العاملات وإجبارهن على ظروف عمل متردية، وبسبب حاجز اللغة وغيره لا تجد العاملة سوى المشرف للشكوى له، وبالطبع نتيجة الشكوى فى النهاية هل لصالح العاملة أم لغير صالحها تعتمد على مدى صحة موقفها من ناحية ومدى موضوعية المشرف وأمانته من ناحية أخرى. وفى حالة حدوث إضرابات يتم فصل العمالة واستبدالها بغيرها.

سابعاً : ساعات العمل اليومية والإجازات

تعلم غالبية العاملات أن ساعات العمل المقررة قانونًا هى ٨ ساعات، بيد أن الواقع مختلف تمامًا، فساعات العمل الرسمية تتجاوز ذلك بقليل أو كثير، فقد يتم زيادة نصف ساعة أو ساعة من دون منح أجر إضافي، وقد يتم إجبار العاملة على العمل ١٢ ساعة بمكأفاة شاملة. وغالبًا ما يتخلل ساعات العمل اليومية نصف ساعة للراحة. فضلاً عما تمت الإشارة إليه سلفًا من الإجبار على العمل ساعات إضافية دون مكأفاة عادلة. كما تشكو معظم العاملات من عدم وضوح حقوقهن في التأخير، أي عدم وجود قواعد واضحة تحدد الجزاءات المترتبة على التأخير.

تعانى العاملات محل الدراسة انتهاك حقوقهن فيما يتعلق بالإجازات الاعتيادية والعرضية والمرضية، وعلى الرغم من علم أغلبهن بحقوقهن فى الأجازات، فأنهن يعلمن جيداً إنهن لا يستطيعن أخذها بسبب ظروف العمل، وأن ما هو على أرض الواقع مختلف تمامًا. وإذا اضطرون لأخذ أى أجازات من دون ترتيبات مسبقة مع إدارة المصنع يتعرضن لخصومات مالية كبيرة. كما شكت نسبة كبيرة من العاملات إنهم لا يتمتعن بأى إجازات وأن ما يقدمنه من أجازات فى الغالب يتم رفضه من الإدارة. كما تتعرض العاملات لاقتطاع جزء من أجورهن على إثر قيامهن بأجازات من رصيدهن، وفي كثير من الأحيان يتم حساب يوم الأجازة خصم يوم وربع، وفى حالات أكثر تعسفًا، يتم حساب يوم الأجازة بما يساوى ثلاث أيام خصم. كما يتم إجبار عدد من الحالات على العمل يوم الجمعة.

تؤثر هذه الممارسات على الحياة الأسرية للعاملات فكثير منهن أشرن أنهن لا يرين أولادهن، فنتيجة إجبارهن على العمل الاضافى وحرماتهن من الأجازات لا يستطيعن رؤية الأطفال بسبب العودة المتأخرة بعد نوم الأطفال، ناهيك عن عدم قدرتهن على متابعة مذاكرتهم والاضطرار للدروس الخصوصية لتعويض غياب الأم.

ثامناً : الصحة والأمان والحقوق ذات الصلة بالنساء

تتعدد الجوانب المتعلقة بالصحة والأمان من سلامة مهنية تشمل العاملين والمنشأة ورعاية صحية للعاملين، ووسائل مواصلات تنقلهم من وإلى أماكن عملهم. ويزداد فوق كل هذا ما يتعلق بالنساء من توفير حضانات وغيرها من الخدمات.

اختلفت العاملات المبحوثات بالنسبة لإدراكهن للسلامة المهنية، فعلى حين اتسم إدراك بعضهن بالمحدودية، إذ لم يتجاوز منع إصابات العمل، فإن البعض الآخر خاصة الأكثر تعليمًا كان إدراكه أكثر عمقًا، إذ ربط بين الأمن الصناعى للمنشأة من حيث مراجعة الكهرباء والمياه وأجهزة الإطفاء من ناحية والسلامة المهنية للعاملات من حيث توفير التهوية والزي والكمامات وغيرها من ناحية أخرى. كما أشرن إلى أن الاهتمام ينصب على الأمن الصناعي للمنشأة وليس السلامة المهنية للعاملات بدليل ضعف التهوية وعدم وجود شفاطات. فضلاً عن أن العاملة التى تتعرض لإصابة فى الغالب لا تحصل على علاج ولا يتم التعامل معها بالرعاية الكاملة، فالإسعافات الأولية فى المصانع محدودة وأحيانًا منعدمة مما يضطر الإدارة إلى إرسال العاملة المصابة إلى مصنع آخر به عيادة. وأضافت بعض العاملات أن الكمامات وكل أدوات السلامة المهنية تظهر عندما يأتي العميل أو تفتيش السلامة والصحة المهنية. خلاصة القول أن وظيفة الأمن الصناعى والسلامة المهنية تقتصر على مراجعة الكهرباء والطفايات أى الأمن الصناعى للمصنع وليس السلامة المهنية للعمال، والتى تتمثل فى توافر الرعاية الطبية والتهوية والمياه وغيرها.

ولم تكن أى عاملة من المبحوثات على دراية بحقها فى الكشف الدوري خاصة من يعمل منهن في صناعات ضارة بالصحة مثل الصباغة وغيرها. فهن لا يعرفن أى شئ عن هذا الحق على الإطلاق.

نظرًا لبعد مواقع المصانع عن المدن السكنية، فإن غالبية المصانع توفر وسائل مواصلات لنقل العاملات من وإلى المصنع، وإن كانت الشكوى الأساسية الذي تم الاتفاق عليها بين العاملات المبحوثات، إنها وسائل مواصلات متهالكة جدًا وغير صالحة للركوب، فضلاً عن تعطلها الدائم مما يؤدى إلى العودة المتأخرة ليلاً للعاملات إلى منازلهن، كما تشكو بعض العاملات من أنه إذا تأخر الأتوبيس صباحًا بسبب عطل أو غيره، فإن إدارة المصنع تقوم بإرسال أتوبيس آخر لنقل العاملات حتى لا يتأخرن عن العمل، في حين إذا تأخر الأتوبيس عند العودة مساءً فلا أحد يهتم، وأن هذا الأمر يسبب مشكلات للعاملات مع أسرهن وأهالي حيهن. كما أشارت بعض العاملات إلى أن تهالك أتوبيسات نقل الموظفين أدى إلى حوادث أودت بحياة الكثيرين. ومن الممكن تصور عبء المواصلات خاصة عند العودة ليلاً، عندما نعلم أن هناك عاملات ينتقلن يوميًا من محافظة إلى أخرى للعمل مرتين مرة عند الذهاب ومرة عند العودة.

قضية أخرى ذات صلة بالحق في الأمان والصحة وهى قضية التأمين الصحي، تباينت أوضاع العاملات بين مؤمن عليهن صحيًا وأخريات في مصانع أخرى لا يتمتعن بهذا الحق. وحتى المصانع التي بها تأمين صحى، فيقتصر على العامل ولا يشمل أسرته. كما تتوافر في بعض المصانع عيادات طبية بها طبيب وممرضة وأدوات إسعاف وإن كانت حالات ليست غالبة.

أما بالنسبة للخدمات ذات الصلة باحتياجات النساء مثل الحضانات، فقد تباينت معرفتهن بحقوقهن تجاه هذا الأمر، فبعضهن كان على علم أنه إذا وجدت مائة سيدة في مصنع لابد قانوناً من إنشاء حضانة والبعض الآخر لم يكن يعلم. وأياً كانت درجة الوعى بالحق، فإن الحضانات المتوفرة قليلة وأهلية، وغالبًا توجد في مجمعات المصانع، أي الأماكن التي يتوافر فيها أكثر من مصنع. بيد أن الشكوى الأساسية بالإضافة إلى قلة الحضانات، هي عدم كفاية المشرفات بالنسبة لعدد الأطفال وعدم السماح للعاملات برؤية أطفالهن في وقت الراحة، وعدم امتداد مواعيد الحضانات إلى وقت العمل الإضافي والذي يتم إجبار العاملات عليه، مما يجعلهن يواجهن مشكلة أين يتركن أطفالهن أثناء العمل الإضافي فضلاً عن ارتفاع رسوم الحضانة.

ومن ضمن الحقوق ذات الصلة بالنساء العاملات أيضاً أجازات الوضع. وقد أشارت الغالبية كما تمت الإشارة سلفًا إلى انتهاك هذا الحق تماماً بتقليص مدة إجازة الوضع، وكذلك بالنسبة لساعات الرضاعة، وكذلك حقوقهن المالية أثناء إجازات الوضع.

على الرغم من توافر حمامات للنساء، فقد كانت الشكوى الأساسية من سوء حالة الحمامات وعدم نظافتها على الإطلاق.

إن من تعريفات الحق فى العمل أن يتم اختياره بحرية، وألا يكون الإنسان مجبراً عليه وأن لا يتعرض لأى نوع من أنواع من القهر عند ممارسة هذا العمل. كشفت الدارسة عن الظروف المعيشية المتردية لهؤلاء العاملات والتي منعتهن من اختيار العمل بحرية. فعلى الرغم من وجود نسبة كبيرة من العاملات من حملة الشهادات المتوسطة ونسبة أقل من حملة الشهادات الجامعية، فإنهن اشتركن جميعًا فى العيش في ظل ظروف أسرية اقتصادية واجتماعية هشة أيًا كان وضعهن الأسرى: سواء متزوجات أو غير متزوجات أم مطلقات / مهجورات. فغالبية أعضاء الأسر خاصة الرجال سواء أزواجاً أو أباءاً يعملون في أعمال هامشية وموسمية، ومنهم من يعانى العجز الكلى أو الجزئي، فضلاً عن كبر حجم الأسرة. كل هذه الظروف تجعل العمل إجباريًا بالنسبة لهؤلاء العاملات، فمن الصعب استمرار الحياة بمن غير عملهن، فالشابات غير المتزوجات منهن، يعملن لتجهيز أنفسهن للزواج ويساهمن في الإنفاق على البيت، أما المتزوجات، فإنهم ينفقن كل دخلهن على العيش سواء سكناً أو طعاماً أو إيجاراً. وجدير بالذكر أن المتزوجات وكبيرات السن يشعرن بعبء أكبر بسبب ثقل التزاماتهن المادية نحو أسرهن مما يزيد من احتياجهن للعمل ويجعلهن أكثر خوفًا على فقدانه خاصة فى حالة تفضيل صاحب العمل للشابات غير المتزوجات الأكثر شباباً وقدرة على العمل والأقل ارتباطًا بالتزامات رعاية طفل أو غيره.

وعندما تم سؤال المبحوثات عن تقييمهن لأثر العمل على حياتهن، اختلفت الإجابات ما بين إجابات سلبية وأخرى ايجابية، فعلى حين أشار البعض إلى أن العمل مهم للمرأة لأنه يؤدى إلى تقوية شخصيتها وزيادة قدرتها على إدارة حياتها وعلاقاتها بالآخرين، كما أن الاستقلال المادي يشعرهن بعدم الاحتياج إلى أحد. فإن البعض الآخر والأغلب حقيقة ركز على الآثار السلبية المترتبة على العمل مثل حرمانهن من رعاية أطفالهن نتيجة ظروف العمل الشاقة. وقد كانت غالبيتهن من المتزوجات الراعيات لأطفال صغار، في حين توصل إلى النتيجة نفسها عاملات غير متزوجات بسبب إحجام كثير من الشباب عن الزواج منهن اعتقادًا بأن العمل يؤدى إلى إفساد أخلاقهن وبسبب تأخرهن عند العودة مساء. وبغض النظر عن تنوع المواقف من العمل، فإن الغالبية العظمى من العاملات كن يفضلن إذا أتيحت الفرصة الاستقرار فى البيت والتخلى عن العمل. يعنى هذا أن العمل كقيمة مرتبط بالكرامة الإنسانية وتحقيق الذات وكحق لا يمكن التنازل عنه ليس له وجود في ادراكات العاملات محل الدراسة بسبب الانتهاك المستمر والمنهجى لحقوقهن والذي يجعل العمل عبئاً يتمنين التخلص منه. يرتبط بذلك أيضًا غياب أي برامج لدعم للعاملات، تسعى لتعريفهن بحقوقهن وكيفية الدفاع عنها مما يؤدى إلى إعلاء قيمة العمل فيما بعد. وجدير بالذكر أن الانتهاك الذى تتعرض له العاملات لا يأتي فقط من أصحاب الأعمال فحسب، ولكنه يأتى فى أوقات كثيرة من أسرهن من خلال استيلاء الزوج أو الأب على راتب الزوجة أو الابنة كاملاً أو من خلال تعرضهن للإهانة من الأسرة والأهل والجيران بسبب عملهن.

تتعدد الإدارات داخل مديريات القوى العاملة المعنية بعلاقات العمل بصفة عامة من منح التراخيص ومراقبة السلامة والصحة المهنية والتفتيش وغيرها، كما توجد إدارة لشئون المرأة وتكافؤ الفرص معنية برعاية المرأة.

أشارت مديرة مديرية القوى العاملة بإحدى المحافظات محل الدراسة إلى مشكلة في غاية الخطورة وتتعارض مع معايير العمل الدولية المتعلقة بالنساء وهي العمل في ورديات الليل، ورغم أن القانون يحرم هذه النوعية من العمل للنساء، ولكن توجد نسبة كبيرة من العاملات تفضل الورديات المسائية بعد أن تكون قضت النهار مع أسرتها واطمأنت على أولادها. وعن الإجراءات التى تتخذها المديرية فى مثل هذه الحالات، أشارت المبحوثة إلى إنها تقوم بتحرير محاضر ضد هذه المصانع وتغض النظر عن قيام العاملات بالعمل الليلي لمعرفتها بحاجاتهن إليه. ولكن المشكلة الأخطر التى تواجه هذه الفئة من العاملات هي تعرضهن للسرقة أو التحرش. فهناك شكاوى كثيرة من التحرش داخل المصانع خاصة في الورديات الليلية ومن العمال أو المشرفين خاصة الأجانب، ولذلك لابد من تأمين هذه الأماكن فى الليل، رغم صعوبة الأمر لأن الضمانات المتعلقة بالمرأة مقصورة على الفترة النهارية وليس الليلية.

من أكثر المشكلات خطورة والتى تتعرض لها المرأة العاملة في هذه القطاعات من وجهة نظر المبحوثة هي الفصل التعسفى للعاملة بسبب أن قوانين الاستثمار والقوانين المنظمة للمناطق الحرة أعطت هذا الحق لصاحب العمل. ولا تستطيع المديرية فعل أي شئ إلا اللجوء للتفاوض المباشر مع صاحب العمل أو مساعدة العاملة للجوء للقضاء إذا كان لديها عقد عمل. وقد أكدت المبحوثة فى هذا الصدد على ضرورة قيام العاملات بإيداع نسخة من عقودهن لدى مكتب العمل.

كما أشارت إلى أن أصحاب الأعمال يحصلون على مزايا لا يحصلون عليها في بلادهم، لكن دون ربط ذلك بحقوق العمال خاصة فى ضوء رخص عنصر العمل في مصر بما يوفر فوائض ضخمة لأصحاب الأعمال، وحتى فى ظل وجود حد أدنى للأجور وهو ١٠٨،٥ جنيه، فإن العاملة مضارة في كل الأحوال، لأنه فى حالة الخلاف بين العامل وصاحب العمل، يقوم صاحب المصنع بإعطاء العاملة الأجر الأساسي فقط والذي يقل عن الحد الأدنى للأجور. ورغم كل هذه الانتهاكات، فإن القوى العاملة لا تستطيع إيقاف أي مصنع مخالف لأنها تريد رفع نسبة التشغيل، وليس أمامها إلا توعية العمال والعاملات بحقوقهم، وماذا يفعلون عندما تتعرض حقوقهم للانتهاك.

وفيما يتعلق بالسلامة والصحة المهنية، تمت الإشارة إلى أن العامل لا يعلم شيئاً عن الكشف الدورى الصحى، فالعامل مفترض أن يأتى للمصنع سليمًا معافى، والمفروض بعد ذلك أن يقوم المصنع بالكشف على العامل دوريًا لمعرفة هل صحته تأثرت بالعمل أم لا. ولكن هذا لا يحدث. فهناك أمراض تحدث كثيرة نتيجة العمل، فعلى سبيل المثال في صناعة النسيج والملابس الجاهزة تنتشر أمراض مثل التحجر الرئوى والحساسية والصمم المهنى والالتهاب الجلدى خاصة في مراحل الصباغة، فمن غير ارتداء القفازات المناسبة والأحذية الواقية من الخطر، تتعرض العاملات لإصابات بالغة، ونتيجة عدم علمهن بحقوقهن، فإنه لا يتم علاجهن أو تعويضهن. كما أشارت إلى أنه في حالة وجود مخالفات تخص السلامة المهنية، فالصلاحيات المخولة للمديرية إجراء المحاضر، ولكن إجراءاتها طويلة وغالبًا ما تكون العقوبة بعض الغرامات. ولكن لا يصل الأمر إلى اتخاذ إجراء بوقف المصنع حفاظًا على استمرار التشغيل، وحتى قرار الإيقاف لا يمكن أن يتخذ إلا بعد موافقة المحافظ. كما تمت الإشارة لنقطة فى غاية الخطورة وهي أن من يسعى لإيجاد ثغرات في القانون، تساعد صاحب العمل على التهرب من التزاماته القانونية بصفة عامة وتجاه العمال بصفة خاصة ليس الأجانب ولكن المصريين والذين يمثلون الخط الثانى فى الإدارة أو المستوى الثاني في الإدارة.

من ضمن الإدارات الموجودة فى مديريات القوى العاملة إدارة شئون المرأة وتكافؤ الفرص وهي مهمتها الأساسية إجراء أبحاث متعلقة بالمرأة وظروف عملها، وتنظيم دورات تدريبية عن السلامة والصحة المهنية واستقبال شكاوى العاملات سواء كانت شفهية أو مكتوبة. بيد أن هذه الإدارات لا تتمتع بسلطة التفتيش على المنشآت الصناعية، ولكن سلطتها فقط توجيه الشاكية إلى الجهة المنوط بها البت فى الشكوى. تتركز أغلب مشكلات العاملات حول امتداد مواعيد العمل لوقت متأخر بما يسبب مشكلات أسرية لهن، فضلاً عن عدم عدالة الأجر مقارنة بساعات العمل الطويلة، وتحكم صاحب العمل التعسفى فى الأجور الإضافية. كما برزت الشكوى من غياب التثبيت. وكانت الشكوى الأساسية للأمهات العاملات هي عدم وجود حضانات بالمصانع. وعند الاستفسار عن كيفية التعامل مع هذه النوعية من المشكلات كانت الإجابة أن هذه طبيعة العمل في مجال الاستثمار، ففى مقابل الساعات الطويلة هناك أجور عالية، ولكن المشكلة أن الظروف الأسرية لهؤلاء العاملات تجعلهن يفضلن العمل الحكومي الذي ينتهي مبكرًا حتى لو الأجور أقل بكثير. وإذا كانت هناك مشكلات فى قطاع الاستثمار، فليس سببها القوانين المنظمة للعمل في مثل هذا القطاع ولكن تطبيق القوانين. كما تمت الإشارة إلى عدم وجود أى دور للنقابات فى التعامل مع مشكلات العاملات.

أما فيما يتعلق بإدارات علاقات العمل فهى تختص بإحداث توازن ما بين طرفي عملية الإنتاج: العامل وصاحب العمل من خلال تسوية المنازعات التي تنشأ بينهما. تحدث التسوية عبر لجنة تسوية المنازعات الفردية، والتى تضم عضو المنظمة النقابية وممثلاً عن أصحاب الأعمال. وإذا تعذر العمل يتم اللجوء للقضاء. كما أشارت مديرة الإدارة إلى وجود تنسيق كامل بين إدارات علاقات العمل واتحاد العمال وجمعيات المستثمرين، وأنهم كلهم ممثلون فى لجان فض المنازعات. ولا تتحرك إدارات علاقات العمل إلا إذا تلقت شکاوی مكتوبة سواء باليد أو عبر البريد. ولم تختلف المشكلات عما سبق، فهى خاصة بساعات العمل الطويلة والساعات الإضافية والإجازات، وسوء المعاملة، وعدم وجود حضانات، ووجود عدد كبير من العاملات من خارج المحافظة.

تختص إدارة السلامة والصحة المهنية بالتفتيش على جميع المنشآت التي تقع في نطاق المحافظة للتأكد من وجود اشتراطات التراخيص وتأمين بيئة العمل، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المنشآت المخالفة. يحمل مفتشو الإدارة سلطة الضبطية القضائية، والقانون يلزم أصحاب العمل بالاستجابة للتفتيش، وتتم عملية التفتيش بشكل مخطط من خلال وضع خطة سنوية لكل مكتب، كما يتم التفتيش على المنشآت ذات الخطورة ثم الأقل خطورة. كما يوجد لدى إدارة التفتيش جداول محددة بالأمراض المهنية تشتمل على ٣٥ مرض يرتبط بطبيعة العمل، وتحدد تلك الأمراض الهيئة العامة للتأمين الصحى، كما يلزم القانون الشركات بإجراء كشف دورى على جميع العاملين لتحديد الأمراض المهنية الناتجة عن العمل. وجدير بالذكر أن قائمة الأمراض المهنية مطبوعة في كتيبات ويتم توزيعها فى المصانع، كما توزع أثناء الكشف الطبي. كما يفترض أن من مهام إدارات السلامة والصحة المهنية، تعريف العمال وأصحاب الأعمال بهذه الأمراض والوقاية منها عن طريق ندوات توعية، ولكن من يحرص على حضور هذه الندوات العمال فقط، فى حين لا تستطيع العاملات حضور مثل هذه الندوات بسبب ظروفهن وأعبائهن الأسرية. كما ألزم القانون تدريب الجهاز الوظيفي على أسس السلامة المهنية.

وعن منهجية رصد الأمراض المهنية، فإنه وفقًا للمسئولين عن هذه النوعية من الإدارات، فإنه يتم تزويد المصانع بنماذج إحصائيات نصف سنوية للمنشآت التي يعمل بها ١٥ عامل حتى ٤٩ عاملاً ونموذج آخر للمنشآت التى يعمل فيها ٥٠ فأكثر، وهي نماذج خاصة بإصابات العمل والأمراض المهنية والأمراض العادية والمزمنة. وتقوم الشركة بتسجيل البيانات وملء النماذج، وإذا ثبتت مخالفة، يتم تحرير جنحة للشركة. وعن الإجراءات التى يجب على العاملة القيام بها عند تعرضها لأحد الأمراض المهنية هي التقدم لإدارة السلامة والصحة المهنية بالمصنع والتى تحولها إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي.

كانت شهادة المسئولة عن إدارة السلامة والصحة المهنية السابقة ذات طابع رسمي بحت، لم تحلل الواقع على الإطلاق، والحقيقة أن ما قالته يتناقض تمامًا مع نتائج المجموعات البؤرية من العاملات ومع نتائج المقابلات المتعمقة من مسئولى مديريات القوى العاملة بإدارتها المختلفة أيضا. فالمقابلات المتعمقة مع العاملات كشفت عن الغياب التام لمفاهيم السلامة والصحة المهنية لديهن، مما يدحض ما يقال عن قيام إدارات الصحة والسلامة المهنية بتوعية العمال. وقد كانت المقابلة الثانية مع إحدى مديرات السلامة والصحة المهنية كاشفة عن عدد من الحقائق التي تتعارض مع ما تم ذكره سلفًا، وتتفق مع ما تم التوصل إليه من نتائج من خلال المقابلات المتعمقة مع العاملات. فقد تمت الإشارة في المقابلة الثانية إلى أن إدارات السلامة والصحة المهنية ممنوعة تماماً من دخول مناطق الاستثمار كجهة تفتيش ورقابة، فالقانون الخاص بالمناطق الاستثمارية ينص على أن على جهات التفتيش التابعة للقوى العاملة أن تضع برنامجها السنوي للتفتيش مسبقاً مما يجعل أصحاب الأعمال على علم مسبق بمواعيد الزيارات. وهذا ما تم تأكيده في مقابلات المجموعات البؤرية للعاملات، إذ أشاروا إلى أن أدوات السلامة المهنية توزع عند زيارات التفتيش، ويتم التنبيه عليهن بعدم الشكوى وإلا تعرضن للفصل. كما أن السلامة المهنية لا تستطيع دخول المناطق الحرة من غير موافقة رئيس مجلس إدارة المنطقة والمعين من قبل وزير الاستثمار. فعلى الرغم من توافر الضبطية القضائية التي تعطى الحق للمفتشين لدخول المصانع فى أى وقت، فإن فى حالة المناطق الحرة، لابد من موافقة أو تصريح إدارة الاستثمار. وفى الحالات القليلة التى تم دخول المصانع بشكل مفاجئ، وجد أن بجميع المصانع مخالفات، ولا توجد خطة طوارئ وإن وجدت لا تنفذ. كما أن المصانع ملتصقة ولا توجد ممرات لدخول سيارات الإطفاء. وبالنسبة للعامل فإنه لا يعرف شيئًا عن الكشف الدورى الصحى والكشف المسبق قبل العمل، وكذلك الكشوف التتبعية لاكتشاف الأمراض المهنية. وأنه رغم المكاسب الضخمة للمصانع، فإنهم لا يوفرون وحدة صحية ولا سيارة إسعاف.

اهتم البحث بالتعرف على رؤية ومواقف ثلاثة أنماط من المنظمات غير الحكومية تجاه أوضاع العاملات. يتمثل النمط الأول في الجمعيات الأهلية القاعدية في المجتمعات التي تقطنها العاملات، أما النمط الثاني فهو المنظمات غير الحكومية الحقوقية والتي توجد في القاهرة ولكنها تمتد بأنشطتها لبعض المحافظات. كانت جمعيات رجال الأعمال والمستثمرون في المحافظات محل الدراسة هي الفئة الثالثة.

المنظمات غير الحكومية القاعدية في محافظات الدراسة

بلغ عدد الجمعيات الأهلية في المحافظات الأربع محل الدراسة : السويس والإسماعيلية وبورسعيد وبرج العرب بالإسكندرية ۲۸ جمعية أهلية، يعمل بعضها من منظور خيرى وتنموى بالأساس من خلال إنشاء حضانات ونواد نسائية لتعليم بعض الحرف وإقامة مشروعات صغيرة للأسر الفقيرة وتقديم رعاية للأسر المعيلة، وبعضهم يقدم خدمات للمجتمع ككل، والبعض الآخر يخصص خدمات للنساء والأطفال بجانب خدماته للمجتمع. كما توجد مجموعة من الجمعيات الحقوقية التى تسعى لتوعية المواطنين والمواطنات بحقوقهم بل تقدم لهم دعمًا قانونيًا وسياسيًا.

أغلب الجمعيات الأهلية القاعدية إما جمعيات تنموية وخدمية ومن بينها منظمات نسائية. أظهرت الحلقات النقاشية التي أجريت مع الجمعيات الأهلية المستهدفة معرفتها لواقع النساء العاملات ومشاكلهن في المناطق الاستثمارية وأسباب التحاقهن بالعمل في هذا القطاع. فقد أشارت غالبية الجمعيات إلى أن الأسباب الأساسية وراء عمل النساء هو الفقر وتردى الأحوال المعيشية، وأنهن بسبب ذلك يقبلن العمل بأي شروط وفي ظل أي ظروف. بيد أن المشكلة أن أغلب هذه الجمعيات رغم اهتمامه بقضايا النساء لكنها لا تهتم بقضية النساء العاملات على وجه التحديد. وأرجعت بعض المنظمات السبب في عدم تبنيها لقضايا العاملات إلى عزوف وخوف العاملات من التعامل مع المنظمات الأهلية خوفًا من تعسف الإدارة، وأنهن لا يفضلن الشكوى من أجل المحافظة على فرصة عملهن، ناهيك عن انشغال العاملات بالالتزامات الأسرية، والتى تجعلهن يسرعن إلى المنزل بعد انتهاء ساعات العمل، فضلاً عن غياب الكوادر البشرية والإمكانات المادية لدى المنظمات الأهلية، ناهيك عن المضايقات الأمنية التي تتعرض لها هذه المنظمات في حالة تنظيم أنشطة تتعلق بالعاملات. كانت الجمعيات الأهلية التي اهتمت بقضايا العاملات جمعيات قليلة للغاية، ففى بورسعيد والإسكندرية تولت جمعيتان رفع قضايا فصل عمال وعاملات في مصانع بالمنطقة الاستثمارية بالمحافظتين. كما اتسمت مواقف بعض الجمعيات الأهلية بالمحافظة تجاه عمل النساء من خلال الإشارة إلى تفضيل عمل النساء في مشروعات صغيرة بالمنزل تجنبًا لظروف وشروط العمل المجحفة. واتضح هذا الموقف أيضًا في تحميل عدد قليل من الجمعيات الأهلية المسئولية للعاملات على أساس أنهن غير جادات في عملهن ويخرجن للعمل بحثًا عن فرص الزواج.

إن ما سبق لا ينفى وجود اتجاه ايجابي آخر بين بعض الجمعيات الأهلية التي شملتها عينة البحث وهو الاستعداد للعمل على قضايا العاملات مستقبلاً، والتأكيد على ضرورة تنسيق الجهود بين الحكومة وأصحاب الأعمال والمنظمات غير الحكومية من أجل حل مشاكل العاملات، بيد أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بناء قدرات الجمعيات الأهلية على صياغة برامج وأنشطة للدفاع عن العاملات وفقًا لرؤية حقوقية نسوية.

وجهت جميع المنظمات غير الحكومية التي اشتملتها العينة انتقادات بالغة لمواقف الحكومة المتحيزة لأصحاب الأعمال، فالحكومة لا تتدخل إلا عندما يقوم العمال والعاملات بالاحتجاجات، وطالبت أغلب المنظمات غير الحكومية بضرورة تغيير قانون العمل، بما يسهم في توفير حماية أكثر للعمال والعاملات من الفصل والأجر غير العادل. ومع ذلك فلم يتطرقوا للحقوق ذات الصلة بالعاملات كنساء.

وأخيرًا، رأى جميع ممثلي المنظمات غير الحكومية أن الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع معدلات الفقر هما من الدوافع الأساسية وراء خروج النساء للعمل، ولم يتحدثوا عن عمل المرأة باعتباره حقًا بغض النظر عن الاحتياج المادي.

الجمعيات الأهلية في الإسكندرية

أشارت المجموعة النقاشية الخاصة بالجمعيات الأهلية في برج العرب إلى وجود نساء كثيرات يعملن فى مصانع برج العرب في المناطق الصناعية الأربع، بالإضافة إلى المنطقة الخامسة، والتي تكثر فيها المصانع التركية والقطرية، وأن هؤلاء العاملات يعانين مشكلات كثيرة مثل عدم استقرار ظروف العمل من حيث تخفيض الرواتب مع كل تغيير يحدث فى الإدارة أو فرض القيام بورديات ليلية ومعاناة الفتيات من التحرش وغياب الأمن الصناعى، وحتى فى حال وجوده فهو غير كاف. بالإضافة إلى عدم وجود تأمين صحى على العاملات. كما أن أغلب العمالة مؤقتة ومنهم ما هو موقع على الاستقالة بجانب العقد، حتى إذا حدثت أى إصابة يتم الفصل من العمل. فانتهاك حقوق العمالة يتم بشكل واضح من أول تخفيض الأجور مرورًا بمد ساعات العمل إلى ١٢ ساعة وإجبار العاملات على التوقيع على إيصالات أمانة وشيكات لتسهيل طردهن، فضلاً عن المعاملة السيئة التي يعانينها وعدم مراعاة الصحة والسلامة المهنية وعدم وجود رعاية طبية أو تأمين صحى.

وعند التعرض للظروف الاجتماعية لهؤلاء العاملات، أشارت مجموعة النقاش إلى افتقار هؤلاء العاملات للوعى الحياتى، والذى يجعلهن عاجزات عن الاستفادة من دخولهن، وبعضهن يضطرن لإعطاء الراتب كله لأسرهن بسبب ظروفهن المعيشية المتردية. كما أن البعض الآخر منهن عندما يجدن لديهن دخل يقررن التمرد على حياتهن الأسرية، وبسبب ذلك تنتهي كثير من الزيجات بالفشل. كما تمت الإشارة إلى أن جزءًا من العاملات جاء من أماكن غير الإسكندرية مثل إيتاى البارود وكوم حمادة وكفر الشيخ. وعن أسباب الخروج للعمل، كان السبب الرئيسى سبب اقتصادي وهو الحاجة لتوفير متطلبات الحياة خاصة وأن تكاليف المعيشة فى برج العرب مرتفعة. كما برزت ظاهرة الفتيات اللواتي يأتين من الأرياف المحيطة ببرج العرب ويستأجرن شقة كجماعة ويعيشن بها بغية توفير متطلبات زواجهن ومساعدة أهلهن. ومن الأسباب الأخرى لعمل النساء زيادة عدد أفراد الأسرة وانتشار ظاهرة المرأة المعيلة لأسر وانتشار ظاهرة هجر الزوج أو الأب.

وعن طريقة إدارة الفتيات اللواتي يعشن في مكان واحد لحياتهن، فأنهن يخترن واحدة منهن كقائدة، تقوم بتقسيم المصروفات بينهن، وكذلك توزيع الأعباء، وأنهن لا يهتممن بالأكل لتوفير أكبر قدر ممكن من الأموال لمساعدة أسرهن ولتوفير نفقات تجهيز أنفسهن منتظرات العودة لقراهن كل أسبوعين ليأكلن الأكلة المتينة على حد تعبيرهن.

كما أشارت المجموعة إلى مشكلة عدم توافر فرص عمل للشباب والفتيات في قراهن مما يدفعهن للتوجه إلى برج العرب. وبالنسبة للفتيات، فانه حتى لو توفرت فرص عمل لهن في قراهن، فأنهن يحجمن عنها ويفضلن العمل بعيداً عن أعين الأهل والجيران حفاظاً على سمعتهن خاصة أن نسبة كبيرة من هؤلاء الفتيات من حملة الشهادات المتوسطة والعليا. إن السبب وراء ذلك هو الخوف من الاستهجان الاجتماعى المرتبط بعمل النساء من قبل مجتمعاتهم المحلية، والتى تتسم بقدر كبير من المحافظة وتسود فيها الثقافة التقليدية. كما أن عملهن بعيدًا عن قراهم يجنبهن مراقبة ومتابعة عودتهن متأخرات يوميًا بسبب ظروف العمل الاستثنائية، فالعودة المتأخرة مساءً تسبب كثيرًا من المشكلات الاجتماعية للعاملات مما يؤثر سلبًا على سمعتهن.

وعن التركيبة السكانية لبرج العرب، فإن أغلب السكان من الوافدين فهي مدينة حديثة عمرها لا يزيد على ٣٠ سنة، ومقسمة إلى مناطق متميزة يسكنها الأغنياء ومناطق فقيرة يسكنها العمال والمغتربون ومناطق مهجورة تكثر فيها الجريمة.

تستهدف الجمعيات الأهلية التى تم النقاش معها العاملات فى القطاع الرسمى وغير الرسمى. وعن البرامج التي تقدمها الجمعيات الأهلية للعاملات، فتتراوح بين تقديم خدمات قانونية وتكوين روابط والتوعية، ولكن بسبب قلة الدعم قد لا يكتمل تشكيل مثل هذه الروابط. ويتم الدعم القانونى من خلال القيام برفع قضايا لتثبيت العاملات وتوعية قانونية بأهمية وجود عقد العمل وشروطه، وأيضًا التدريب على كيفية إدارة علاقات العمل والتوعية بحقوق العمل التى تخص النساء. كما تهتم بعض الجمعيات الأهلية بتدريب المحامين على الدفاع عن هؤلاء العاملات.

وعن الصعوبات التي تواجههم فى التعامل مع العاملات، فتتركز في أن العاملة من السهل أن تأتى للجمعية الأهلية طلبًا للمشورة، ولكن تخشى من رفع قضية على صاحب العمل إما بسبب عدم توافر المستندات أو لخوفها من طردها من العمل.

تسعى الجمعيات للتواصل مع الجهات الحكومية المسئولة لحل مشكلات العاملات سواء كانت القوى العاملة بأقسامها المختلفة، أو جمعيات رجال الأعمال في المنطقة.

ترى الجمعيات الأهلية في برج العرب أنه من الضرورى تنظيم مزيد من برامج التوعية للعاملات بحقوقهن كاملة، وأيضًا تعريف رجال الأعمال بحقوق العمال ومطالبة أعضاء مجلس الشعب بإثارة القضايا العمالية فى البرلمان وتشديد الرقابة على رجال الأعمال وأصحاب المصانع.

كما حددت المجموعة النقاشية احتياجات العاملات فى تأمين صحى واجتماعي، وسكن مناسب، وأمن يوفره صاحب المصنع للبنات المغتربات، وتوفير سبل راحة، والتوعية بالحقوق وحق العاملات فى التدريب وعدم التمييز ضدهن.

الجمعيات الأهلية العاملة بالسويس

أشارت المجموعة النقاشية للجمعيات الأهلية العاملة فى السويس إلى وجود نسبة كبيرة من العاملات في المصانع سواء يعملن في أعمال فنية أو إدارية. وتوجد نسبة منهن تعيش في السويس وتعمل فى الإسماعيلية، ونسبة أخرى تعمل وردية ليلية. كما توجد عمالة نسائية في القطاع غير الرسمى تعمل باليومية. كما أشارت المجموعة إلى أن تيسير وتوفير المواصلات، يسر على الفتيات الالتحاق بسوق العمل.

ومن أهم المشكلات التى تعانيها النساء العاملات سوء معاملة المشرفين، فضلاً عن العمل زيادة عن الأوقات المحددة قانونًا، والعمل الاجبارى لساعات إضافية، وغياب السلامة والصحة المهنية، وخطورة وسائل المواصلات والحوادث الكثيرة، والخصومات الكثيرة على بدل الانتظام فى حالة غياب يوم واحد، وحرمانهن من الإجازات المقررة قانونًا مثل الأعياد وتشغيلهن بدلها وأخيرًا التحرشات الجنسية.

كما أشارت المجموعة لبعض المشكلات الأخرى، التى تواجه العاملات،والتي تتمثل في رفض المجتمع لخروج الفتاة للعمل وعودتها مساءً متأخرة مما يؤثر على فرص الزواج المتاحة لها. كما أشاروا للتباين الموجود فى ظروف العمل بين شركات الاستثمار وشركات البترول، فالعمل فى شركات البترول أيسر لأنه أكثر أمانًا وانضباطًا، فالعمل نهارى ولمدة 8 ساعات عمل يومية على خلاف شركات الاستثمار، حيث لا يوجد احترام لمعايير العمل الخاصة بالنساء. وبالنسبة لدور النقابات، فهي إما غير موجودة وإذا كانت موجودة فهى ضعيفة وواقعة تحت سيطرة الإدارة.

وقد أشار المشاركون فى المجموعة النقاشية إلى إنه رغم كل هذه المشكلات، فإن وعى العاملات قد ازداد فى الفترة الأخيرة من خلال برامج التوعية الحقوقية التي تنظمها الجمعيات الأهلية.

الجمعيات الأهلية العاملة في بورسعيد

تنوعت الجمعيات الأهلية العاملة فى بورسعيد ما بين جمعيات أهلية معنية بتقديم المساعدات للمواطنين وجمعيات حقوقية تسعى لتقديم المساعدات القانونية للمرأة في مختلف مجالات العمل وقضايا الأسرة. بدأت فكرة إحدى الجمعيات الحقوقية النشطة عام ۲۰۰۲ بعد إلغاء المنطقة الحرة وحدوث مشكلات أسفرت عن اعتقال ۳۰۰ مواطن بورسعيدي. وقد تحملت نقابة المحامين الدفاع عنهم، ومن هنا ولدت فكرة وجود منظمة تدافع عن الحريات والحقوق. لا يقتصر نشاط الجمعية على تقديم المساعدات القانونية، ولكن تقوم بتنظيم دورات تدريبية على حقوق الإنسان، فضلاً عن الأنشطة البحثية.

أشارت المجموعة النقاشية إلى أن من أهم أسباب انتهاكات حقوق العاملات عدم وعيهن بحقوقهن، وعدم وجود تنظيمات نقابية منتخبة وحرة. فشركات الاستثمار ليس فيها لجان نقابية، وإذا وجدت تكون تحت سيطرة الإدارة. فالعاملة تعمل وهي مجردة من كل الحقوق، توقع على عقد العمل وعلى الاستقالة فى الوقت نفسه، والعاملات يرتضين ذلك لأن أجورهن في المصانع أفضل من أجورهن فى الخارج. كما أشارت المجموعة إلى أن كل ما تفعله الجمعيات الأهلية الأخرى فى بورسعيد هو تقديم مساعدات عينية للمحتاجين. فضلاً عن مشكلة أخرى خاصة ببورسعيد، وهى أن أغلب العاملات في قطاع النسيج في بورسعيد يأتين من خارج بورسعيد مما يجعل اتصالهن بالمجتمع المحلى في بورسعيد منعدمًا.

الجمعيات الأهلية العاملة في الإسماعيلية

يتركز في الإسماعيلية الآلاف من العاملات في منطقة الاستثمار فى صناعات الملابس الجاهزة والأغذية. كان أول تماس مع العاملات من قبل بعض الجمعيات الأهلية في إطار اهتمام الأخيرة بقضية رصد التحرش الجنسى فى أماكن العمل والتى تمت بالتنسيق مع مؤسسة المرأة الجديدة.

أشارت الجمعيات الأهلية إلى إنها تستهدف كل النساء العاملات سواء في الحكومة أو القطاع الرسمى أو غير الرسمى. وأن من أهم مشكلات العاملات عدم مناسبة مواعيد العمل بسبب الورديات المسائية وصعوبة العودة لمنازلهن مساءً والتحرش الجنسي من العمال ومن أصحاب المصانع، وخاصة غير المصريين سواء أتراك أو هنود، وعدم وجود تأمينات اجتماعية وعدم وجود راحة، فضلاً عن تعرض العاملات إلى خصومات كبيرة على أي تأخير طفيف في مصانع الاستثمار، وفصل البنات اللواتي يتزوجن دون أى تعويض وذلك لأنهن لا يعرفن حقوقهن، فضلاً عن توقيعهن على عقد العمل مع الاستقالة. ومن المشكلات الأخرى التى تعانى منها العاملات الوعد برواتب كبيرة دون الوفاء بهذا الوعد، فعند استلام الرواتب يكتشفن أنها أقل بكثير. خلاصة القول ظروف عمل قاسية بكل المعايير.

أشارت المجموعة النقاشية إلى أن السبب الرئيسى لخروج النساء للعمل الحالة الاقتصادية المتردية وارتفاع سن الزواج وانتشار العنوسة. كما تباينت آراء المجموعة النقاشية من أثر العمل على فرص الزواج للفتيات. والحقيقة أن هذا التباين ما هو إلا ترجمة لملاحظات ومعايشة الجمعيات المبحوثة للفتيات العاملات. تتباين الآراء حول أثر العمل على فرص العاملة في الزواج، فعلى حين ترى وجهة نظر أن فرصة الفتيات فى الزواج تقل بسبب العمل فهناك وجهة نظر أخرى تقول إنها تزيد لأن زوجها يريد معاونتها له في المصروفات.

وعن الادوار التي تقوم بها الجمعيات فى مجال دعم العاملات، فتتراوح بين تقديم فرص تدريب حرفي للبنات ومساعدات إنسانية. ترى المجموعة النقاشية أن حماية العاملات تتطلب حزمة من الإجراءات، بعضها يقع على كاهل الأطراف الحكومية، وبعضها الآخر يقع على كاهل أصحاب الأعمال، وبعضها يقع على كاهل الجمعيات. من أمثلة هذه الإجراءات رفع الرواتب وتحسين وسائل المواصلات وتوفير الأمن للعاملات بعد خروجهن من المصنع حتى وصولهن للبيت، وسداد التأمينات الاجتماعية، واحترام ساعات العمل القانونية. وعن الأدوار الحكومية فمن المفترض أن تلعب إدارات القوى العاملة دوراً أكبر في رقابة المصانع والمنشآت الصناعية والتأكد من تطبيق معايير العمل في تلك الأماكن، وضمان تطبيق قانون العمل على المناطق الاستثمارية. ومن المطالبات أيضًا تعديل قانون الاستثمار ليعيد التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية: العامل وصاحب العمل، بمعنى توفير بيئة عمل قانونية ومؤسسية متوازنة. كما يتعين على الإعلام أن يولي اهتمامًا أكبر لقضايا العاملات من خلال رصده الانتهاكات ومطالبته بتطبيق معايير العمل الدولية وعلى صعيد الجمعيات الأهلية، لابد من التنسيق بينها وبين التنظيمات النقابية. كما أنه من الضروري التنسيق والتعاون بين الجمعيات الأهلية ومديريات القوى العاملة لتفعيل الرقابة الصارمة على المصانع وحل المشكلات وتوعية العاملات.

المنظمات الحقوقية

يتراوح اهتمام المنظمات الحقوقية ما بين اهتمام أساسي بقضايا العمال واهتمام فرعى في إطار الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ككل. وقد تم إجراء عدد من المقابلات مع جمعيات حقوقية معنية بقضايا العمال بالأساس مثل دار الخدمات النقابية والعمالية بحلوان واللجنة التنسيقية للعمال، ومنظمات أخرى معنية بقضية المشاركة المجتمعية مثل جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية. أما النمط الثالث فهي الجمعيات المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة وبالطبع حقوق العمال جزء منها وهي، المركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية ومركز هشام مبارك. خلاصة القول أن المنظمات الحقوقية محل البحث كلها تهتم بقضايا العمال ولكن بنسب متفاوتة، كما يتبنى بعضها الدفاع عن حقوق العمال من خلال تقديم الدعم القانوني للعمال الذين يتعرضون للفصل التعسفي برفع القضايا العمالية. كما يقتصر دور بعضها الآخر على القيام بدور التوعية بالحقوق. وعلى الرغم من كل هذا الجهد، فإن العاملات لسن جزءًا من اهتمام الجمعيات الحقوقية بصفة خاصة على اعتبار أن هذه الفئة تعانى انتهاكًا وتمييزًا ضدها إضافة لما يتعرض له العمال بسبب النوع.

لم يكن هناك توجه قصدى من قبل هذه المنظمات للتعامل مع قضايا العاملات وتحديدًا ما يتعرضن له من انتهاكات لأنهن نساء، مثل : التحرش الجنسى والتمييز في الأجر وتقسيم العمل وحقوق العاملات الإنجابية رغم إدراك هذه المنظمات لكم الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات. وقد أشار أحد القائمين على منظمة من المنظمات التي تمت مقابلتها أن وضع العاملات أسوأ من وضع العمال، فبخلاف الانتهاكات السابقة يتعامل صاحب العمل مع العاملات باعتبارهن عمالة مؤقتة ودوارة تعمل لفترة زمنية قبل أن تتزوج، ويفضل أصحاب الأعمال النساء غير المتزوجات لكي لا يتحمل أعباء الالتزام بإعطاء العاملات إجازة وضع ورعاية طفل وإنشاء دور الحضانة، ويتعامل أصحاب الأعمال مع العاملات باعتبارهن عمالة رخيصة وغير مكلفة وقدرتهن على المقاومة والتفاوض ضعيفة، وبالتالى يقبلن بأى شروط للعمل، فضلاً عن قيام العاملات بالأعمال التي لا تحتاج إلى تقنية ومهارات تدريبية عالية.

لفت ممثل إحدى المنظمات الانتباه إلى أن التمييز فى مجالات العمل بين الرجال والنساء يبدأ من النظام التعليمي، فجميع أقسام اللحام والخراطة فى المدارس الثانوية الصناعية تقتصر على الطلبة، بينما تتركز الطالبات فى أقسام الزخرفة والنسيج.

اتفق ممثلو المنظمات الحقوقية على صعوبة التواصل بشكل مباشر مع العاملات، فالعاملات لاتستطيع حضور أنشطة فى المنظمات الحقوقية بعد ساعات العمل سواء متزوجات أو غير متزوجات، خاصة أن انتهاء ساعات العمل بين الخامسة والسابعة، وتفضل العاملة العودة للمنزل لاستكمال مسئوليتها داخل الأسرة، وهناك صعوبة شديدة في التواصل معهن داخل المنازل، وبالتالي يحتاج الأمر إلى التوجه لهن في منازلهن أو أثناء الخروج من العمل، بيد أن هذا الأمر يتطلب تدريب ناشطات نسويات على القيام بهذا الدور.

رغم إدراك ممثلى هذه المنظمات للواقع الثقافى والواقع الاجتماعي للعاملات، فإنهن يرون أن العاملات من المسئولات عن طرح قضاياهن، واستندوا إلى أن مشاركة النساء في الاحتجاجات العمالية سوف تنعكس على تزايد فرص وجودهن النقابي، وتم الاستشهاد بتجربة الضرائب العقارية وكيف شاركت النساء بفاعلية فى الإضراب مما انعكس على وجودهن داخل تشكيل النقابة المستقلة للضرائب العقارية. والحقيقة أن هذه النقطة مردود عليها، فالنساء في الضرائب العقارية موظفات لدى الحكومة، ويتمتعن بالأمان الوظيفي، فضلاً عن أنهن موظفات ولسن عاملات، وهذه أوضاع مختلفة تماماً عن أوضاع العاملات فى المناطق الاستثمارية والتي تتسم بالفقدان التام للأمان الوظيفي في ظل ظروف احتياج قاسية. فضلاً عن أن مجلس إدارة نقابة الضرائب العقارية يضم ١٩عضوًا منهم امرأتان فقط.

لا تتوافر برامج أو وحدات للعمل على قضايا العاملات على وجه الخصوص لدى جميع المنظمات التي أجريت معهن مقابلات، فجميع ما قامت به الجمعيات محل الدراسة من أنشطة تخص العاملات جاء فى سياق برامج عمل مختلفة. وتنوعت أنشطة هذه المنظمات، فعلى حين قامت مؤسستان بتنظيم دورات تدريبية للعاملات حول حقوق العاملات في قانون العمل ومهارات التفاوض والحق في التنظيم ورصد الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات، فقد شكل البعض الآخر مراصد اجتماعية، فالاهتمامات تنوعت بين توعية وتقديم مساعدات قانونية وأبحاث.

ومن أمثلة الأنشطة التى تمارسها بعض هذه المنظمات الحقوقية ذات الصلة بالقضايا العمالية المرصد الاجتماعى بمركز هشام مبارك، وهو منوط بإجراء دراسات وأبحاث عن أوضاع العمال والحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى مصر. فمن خلال البحوث يسعى المرصد إلى معرفة أسباب الظاهرة ونتائجها وطرق حلها. لا يهتم المرصد الاجتماعي بالعاملات في حد ذاتهن، ولكن يهتم بالدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومن ضمنها تأتى حقوق العاملات وما يتعرضن له من انتهاكات بسبب الخصخصة والفصل الجماعي والمعاش المبكر. فمعظم مشكلات القطاع الخاص تتركز في عدم وجود تأمينات اجتماعية وصحية، فضلاً عن انعدام الأمان الوظيفى فى القطاع الاستثماري، فالعامل يمضى عقد العمل والاستقالة معًا، كما لا توجد نقابات عمالية بهذا القطاع، ولأن القطاع الاستثماري من أكثر القطاعات انتهاكًا لحقوق العمال، فغالبية شكاوى الفصل التعسفي سواء للعمال أو العاملات تأتى من هذا القطاع. ويقوم المرصد الاجتماعي بتقديم المساعدة القانونية لهذه الحالات بغض النظر عن النوع. وقد شهدت السنوات الأخيرة قضايا مرفوعة من عاملات سواء كانت فصلاً فردياً أو جماعيًا. وفي هذه الحالات قام مركز هشام مبارك باتخاذ كل الإجراءات القانونية المطلوبة من أول الشكوى لمكتب العمل مرورًا بالشرطة ثم النائب العام ثم القضاء. وفى بعض الحالات كان هناك تفاوض بين العاملات والمصنع تحت إشراف المركز. خلاصة القول أن قضايا العمال على وجه العموم كانت قضايا محل اهتمام من قبل المركز منذ تأسيسه. أما عن المستقبل، فإن الخطة القادمة للمركز تستهدف مزيداً من التركيز على قضايا العاملات والاستعانة بمحاميات للقيام بالتواصل مع قضايا العاملات والتى يتداخل فيها العام في كثير من الحالات مع الخاص.

أما دار الخدمات العمالية والنقابية بحلوان، فإنها تهتم بعلاقات العمل عموماً سواء رجال أو نساء. كما أشار ممثل الدار إلى أن هناك فروق واضحة بين النساء والرجال في ظروف العمل، فأوضاع النساء أسوأ بسبب وقتية العمل، فعمالة النساء عمالة دوارة ووقتية وغير مدربة، مما يجعلها أكثر عرضة لانتهاك حقوقها، كما أن العاملات لا يلجأن للشكوى في الغالب عندما تتعرض حقوقهن للانتهاك خوفًا من فقدان عملهن، كما لا تتوفر لديهن إمكانية المجئ إلى الدار أيضًا. وعلى هذا أشار ممثل دار الخدمات النقابية إلى إمكانية التركيز على العاملات على وجه الخصوص فى المستقبل والسعي للذهاب إليهن في مواقعهن للتعرف على مشكلاتهن ومحاولة مساعدتهن ورفع الوعى في صفوفهن. فالتحكم في المستقبل مرهون ببناء حركة اجتماعية عمالية واسعة على دراية بحقوقها دراية كاملة.

من ضمن برامج الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ذات الصلة بقضايا العاملات من بعيد أو قريب برنامج تمكين المرأة والمرصد النقابي والعمالي. يأتي الاهتمام بقضايا العمال فى إطار الاهتمام بقضايا المشاركة المجتمعية بصفة عامة لكل القطاعات المصرية، وبناء على ذلك تهتم الجمعية بمدى مشاركة العمال في الانتخابات النقابية والانتخابات العامة، ومدى تنظيمهم نقابيًا، وهل المنظمات النقابية القائمة تعبر حقيقة عن مصالح العمال. وقد ازداد اهتمام الجمعية بالعمال مع تزايد منحنى الحركة الاحتجاجية منذ عام ۲۰۰٥. كما تعنى الجمعية برصد الانتهاكات الموجهة للمرأة العاملة والاهتمام بمشكلات العمالة الموسمية مثل عمال التراحيل والعمالة التي بلا عقود نهائيًا من خلال برامج لبناء الوعى بالحقوق العمالية، والتدريب على مهارات التفاوض وكيفية توثيق الانتهاكات وتنظيم القواعد العمالية.

تعد قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هى القضية الأساسية محل اهتمام ونشاط المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويأتى الاهتمام بالعاملات في إطار الاهتمام الأكبر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وعلى الرغم من ذلك، فإن المركز يولى في الآونة الأخيرة اهتمامًا خاصًا بقضايا النساء العاملات في إطار تعاونه مع مؤسسة المرأة الجديدة فى مشروع لرعاية عاملات الخدمة المنزلية من منظور حقوقي. كما يقدم المركز الخدمات القانونية لكل العمال رجالاً ونساءً. أما عن المستقبل، فهناك تخطيط للاهتمام بالمرأة العاملة على أساس أنها الطرف الأضعف بحكم التزاماتها الأسرية سواء عبر التوعية أو المساعدة القانونية.

تشكلت اللجنة التنسيقية للعمال لمتابعة الانتخابات النقابية ٢٠٠١ ٢٠٠٦ ولم تكن تضم نساء عاملات فى بداية تشكيلها، لكن مع استمرار عملها بعد الانتخابات ومتابعتها للحركات الاحتجاجية واسعة النطاق التى عمت مصر منذ ٢٠٠٥ من خلال التوثيق وتقديم الدعم القانوني والتدريب والتوعية للعمال، بدأ انضمام النساء إلى اللجنة. ورغم تعرض بعضهن للفصل ثم عودتهن بمقتضى أحكام قضائية فإنهن ظللن نشطات في إطار اللجنة.

بالنسبة للتنسيق مع المنظمات الأخرى فيما يتعلق بقضايا العاملات تنوعت أشكال التنسيق. فعلى سبيل المثال كانت هناك مبادرة مشتركة من مؤسسة نسوية وهى مؤسسة المرأة الجديدة مع دار الخدمات النقابية والعمالية لتنظيم دورة تدريبية للعاملات حول قانون العمل، فضلاً عن التنسيق بين عدد من المنظمات من بينها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز هشام مبارك ومؤسسة المرأة الجديدة في إصدار البيانات التضامنية والدعم القضائي للعاملات اللواتي يتعرضن لانتهاكات.

 

تمت مقابلة جمعيتين: الأولى جمعية المستثمرين في برج العرب والثانية جمعية المستثمرين فى بورسعيد، وكلتا الجمعيتين معنيتان بالدفاع عن مصالح المستثمرين، بجانب بعض الأنشطة الأخرى. تأسست جمعية مستثمرى برج العرب سنة ١٩٨٩ بهدف تقديم خدمات لمستثمرى منطقة برج العرب وتقديم بعض المشروعات الخدمية مثل مشروع الصناعات الصغيرة للشباب وهو عبارة عن ۳۸ وحدة، تستخدم في مشاريع صغيرة يديرها الشباب. كما تتولى الجمعية مشروعًا آخر لإسكان العاملين وإنشاء معرض ثابت لعرض منتجات شركات ومصانع المدينة. كما تشرف الجمعية على مشروع مبارك كول بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم التى توفر المدارس وتضع البرنامج التعليمي. من أهم مزايا المشروع أن الطالب يتعلم ويتقاضى أجراً ويتدرب عمليًا في مصانع المدينة مما يؤهله للعمل في الشركة بعد التخرج. وتتراوح نسبة الطالبات فيه من ٣٠% إلى ٤٠% ويوجد بالمدرسة حوالى ۲۰۰ طالب وطالبة، وتتركز الطالبات فى تخصصات الكمبيوتر والنسيج والأغذية. كما توجد بالجمعية وحدة توظيف ممولة من مركز تحديث الصناعة بهدف توفير العمالة للمصانع، ويتم الإعلان عن الوظائف في الصحف وعلى الموقع الإلكتروني وفى مديريات القوى العاملة. كما أن الشركات تمد الوحدة بالتخصصات المطلوبة.

وعند الحديث مع مسئول جمعية مستثمرى برج العرب عن طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل وأوضاع العمالة النسائية، أشار إلى أن ما يحكم العلاقة بين الطرفين العرض والطلب. كما أشار إلى أن المصانع تفضل العاملات غير المتزوجات والشابات، وأن العمالة النسائية تأتى فى الغالب من البحيرة والإسكندرية.

وعن توزيع العمالة النسائية، فهى موزعة على كل القطاعات، ولكنها تتركز بالأساس في الصناعات الغذائية والمنسوجات والورق. كما تبلغ نسبة العاملات ۳۰ إلى ٣٥% من نسبة العمالة البالغ عددها ۷۰ ألف عامل فى مصانع برج العرب. كما أشار المبحوث إلى أنه لا يوجد اهتمام بالنوع الاجتماعي غير فى الشركات الأجنبية.

كما أشار إلى أن الاهتمام الأساسى لشركات القطاع الخاص هو الاعتبارات الاقتصادية وليس الاعتبارات الاجتماعية، وأن المستثمر لا يفكر في الاعتبارات الاجتماعية إلا إذا حقق ربحًا واطمأن لاستقرار المشروع اقتصاديًا.

أشارت جمعية مستثمرى بورسعيد إلى أن العمالة النسائية تشكل من ٦٠ إلى ٦٥% من حجم العمالة، وقد زادت بسبب الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وعدم قدرة الزوج على تحمل الأعباء. وتأتي غالبية العمالة النسائية من بورسعيد والمنصورة والشرقية ودمياط والقرى المحيطة ببورسعيد مثل القنطرة وبحر البقر وغيرها. وقد أنشأت الجمعية مركزين للتدريب. كما تشرف على مدارس مبارك كول التي يلتحق بها الإناث والذكور.

أشار مسئول الجمعية إلى أن أغلب العاملات من الفتيات في سن ١٧ ٢٣، وعقود العمل سنوية، وأن العاملات هن اللاتى يرفضن خصم نسبتهن فى التأمينات. كما تقدم الجمعية بعض الخدمات للعاملات مثل الحضانات.

اتفقت الشهادتان على أن نظم العمل في القطاع الخاص لها خصوصيتها، فالأولوية للاعتبارات الاقتصادية والتى تتمثل فى تحقيق الربح، وأن ما يحكم العلاقة بين العامل وصاحب العمل هو العرض والطلب، وأن ما يضمن استقرار العامل أو العاملة الأداء الجيد لكل منهما.

 

  • كان القطاع الصناعي الأكثر شيوعاً هو قطاع النسيج وصناعة الملابس الجاهزة وسط عينة العاملات محل الدراسة. والحقيقة أن هذا الأمر منطقي إذا عرفنا أن العمالة النسائية تشكل ٩٠% من حجم العمالة فى هذا القطاع، وأن هذا يعود إلى مجموعتين من العوامل: الأولى متعلقة بظروف ميلاد وتطور هذه الصناعة والثانية ذات صلة بطبيعة هذه الشريحة من الطبقة العاملة. توسع هذا القطاع بشدة منذ السبعينيات، وتقوم هذه النوعية من الصناعة على العمالة الكثيفة غير الماهرة ونصف الماهرة ومحدودة القوة العضلية. كما أن التنافس الحاد في هذه الصناعة على المستوى العالمى لا يترك للرأسماليين المصريين من خيار إلا استخدام ميزتهم النسبية وهي انخفاض أجور قوة العمل إلى أقصى حد ممكن. كما أن عمالة النساء تكلفتها أقل وقدرتها على مقاومة الاستغلال أضعف. فإمكانيات تكثيف الاستغلال أقوى بسبب جيش البطالة الاحتياطي.

  • إن نتائج هذه الدراسة تتفق مع عدد آخر من الدراسات التي سعت إلى رصد أحوال العاملات في قطاع الغزل والنسيج وصناعة الملابس الجاهزة، وربما كل من تقرير مركز الأرض وتقرير مركز الدراسات الاشتراكية من أكثر التقارير التي تؤكد ما تم التوصل إليه من نتائج فى هذا البحث، خاصة أنهما ركزا على أوضاع العاملات في عديد من المصانع محل الدراسة فى هذا البحث فساعات العمل تصل إلى 12 ساعة يوميًا، ولا يتم العمل بالعلاوة السنوية التى تقرها الحكومة، فضلاً عن انخفاض متوسط أجور العمالة النسائية والذى يصل إلى ۲۰۰ جنيه شهريًا في ۲۰۰5، وانعدام إجراءات الأمن الصناعي والرعاية الصحية وعدم وجود ای قبود على فصل العمال.

  • أبرزت الدراسة الغياب التام لمفهوم العمل اللائق بمحاوره الأربعة:

فبالنسبة لإستراتيجية خلق فرص التشغيل المنتجة والدائمة والتي تخفض الفقر والاستثمار في التدريب، فإن أحوال العاملات محل الدراسة في قطاع الاستثمار سواء الوطنى أو الاجنبي لا تخضع لأي معايير حاكمة من قبل الدولة، فليس لدى الدول إستراتيجية للتشغيل عبر شركات القطاع الخاص. فالمفترض أن استراتيجيات التشغيل في حالة توافرها لا تهتم فقط بتوفير فرص العمل، ولكنها تهتم بتحسين قدرات العامل وضمان حقوقه. وفى أكثر الدول رأسمالية لا تترك الدولة سوق العمل بلا ضوابط ولا ضمانات ولا معايير تحت حجة تشجيع الاستثمار، بل توفر كل ما سبق بما يخدم الاقتصاد، ويحد من الفقر فى المجتمع، ويقيم علاقة متوازنة بين العامل وصاحب العمل. ولا تعارض بين وضع هذه المعايير والضوابط وبين حرية المستثمر بالعكس فكلما شعر المستثمر أنه يعمل في إطار بيئة عمل منظمة ومنضبطة كان أكثر اطمئنانًا على أمواله واستثماراته وأكثر ميلاً للاستمرار على عكس البيئة غير المنضبطة، والتي تتيح حرية بلا قيود للمستثمر مما يجعله يعمل على كسب أرباح ضخمة في وقت قصير دون نية للبقاء أو الاستمرار.

غياب أي فرص للاستثمار فى العاملات عبر برامج تدريبية تعمل على رفع مهاراتهن سواء من قبل المصانع أو مديريات القوى العاملة أو حتى الجمعيات الأهلية إلا في حالات قليلة.

الغياب شبه الكامل لحقوق العمل والتى تتمثل في ساعات العمل المحددة قانونًا واختيارية العمل الإضافي والتمتع بالإجازات المقررة قانونًا وغيرها من حقوق، والغياب شبه الكامل أيضاً لظروف العمل الصحيحة والتي تتمثل في عدم إدراك أغلبية العاملات لشروط السلامة والصحة المهنية، وعدم توافر متطلبات السلامة والصحة المهنية فى المصنع وعجز الحكومة ممثلة فى مديريات القوى العاملة على إجبار الشركات في القطاعات الاستثمارية على الالتزام بهذه المتطلبات.

غياب آليات الحوار الاجتماعى والتى تتمثل في المفاوضة الجماعية والنقابات العمالية وآليات فض المنازعات العمالية، لم يرد في الدراسة أي شيء من المفاوضة الجماعية حول الأجور مثلاً، بل الأجر يفرض على العاملة دون مناقشة وإما أن تقبل أو ترفض، فطوابير الباحثات عن عمل ليس لها نهاية. كما أن مديريات القوى العاملة لا تلعب أى دور فى مثل هذه الأمور وترى أنه يكفى أن تجد هؤلاء النساء فرصة عمل. لم ترصد الدراسة أى دور للنقابات العمالية، فهى فى الغالب غير قائمة والحقيقة أن هذا شائع في الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص، ومن يجرؤ من العمال ويقرر تشكيل نقابة غالبًا ما يتعرض للفصل، وحتى القليل الموجود منها بلا أي دور بحكم تبعيته للدولة ولمجالس الإدارة. وعلى هذا فلا مجال للحديث عن آليات قانونية ومستقرة لحل المنازعات العمالية تضمن حقوق كل الأطراف، وقد كان هذا بشهادة بعض القيادات العاملة فى مديريات القوى العاملة والذين أكدوا أن كل ما يستطيعون فعله هو محاولة التوفيق بين العاملة وصاحب العمل بشكل فردى. فالفصل التعسفى سيف مسلط على رقاب العاملات، كما أن العمل بلا عقود لا يرتب أى حقوق للعاملة وغيرها من حالات التهرب من التزامات صاحب العمل تجاه العامل.

لم يكن هناك وجود ملموس لجوانب الحماية الاجتماعية المطلوبة للعاملات، والتي تشترك فى بعض بنودها مع العمال مثل التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى، وتنفرد ببعضها الآخر مثل إجازة الوضع وتوفير الحضانات والمواصلات. فغالبية العاملات يشكون من غياب مظلة الحماية الاجتماعية، وبعضهن الآخر أشار لوجود بعض جوانبها ولكنها منقوصة وغير ذى جدوى.

  • تعد الأدوار الأسرية للنساء بمثابة الأدوار الأساسية فى الحياة، ولذلك تسعى النساء لتكييف ومواءمة أوضاعهن الوظيفية وفقًا لأوضاعهن الأسرية، فقد أشارت الغالبية العظمى من حالات الدراسة إلى أن خروجهن للعمل مرتبط باحتياجات أسرية لهن، وليس مرتبطًا بقيمة العمل فى تحقيق الذات وغيرها من القيم الايجابية المرتبطة بالعمل. بل قبل كثير منهن ظروف عمل متردية وتكاد تكون لا إنسانية من أجل أسرهن مثل العمل فى الورديات الليلية بعد الاطمئنان على أولادهن. كما وضح الدور الأسرى كدور أساسى فى رغبة غالبيتهن في التقاعد عن العمل إذا سنحت الفرصة، فالدور الأهم والأكثر ديمومة هو دورهن الأسرى وليس العمل. فهناك اعتبارات حياتية خاصة أى ضغوطات حياتية هي التي أجبرت المرأة على الخروج لسوق العمل، وإذا تم التخلص من هذه الضغوطات فإنها سوف تعود للمنزل. ومما لاشك فيه أن وراء هذا التفكير مجموعة من العوامل، بعضها متعلق بسيادة الثقافة الأبوية الذكورية والتي تدعمت وتكرست على أيدى التيارات الدينية المحافظة في المجتمع، وأيضًا عوامل متعلقة بتردى الأوضاع المهنية للعاملات وحرمانهن من أى حقوق تأمينية وحقهن في العمل الدائم المستقر وفي رعاية أسرهن أو الأجر العادل وغيرها. إن كل جوانب هذا الحرمان والانتهاك جعلت العمل عبئًا لابد من سرعة التخلص منه.

  • يسعى أصحاب الأعمال لاستغلال ارتباط المرأة بالأسرة بتشديد الاستغلال عبر سلسلة من الإجراءات مثل تقليص الأجور عن طريق فرض عديد من الجزاءات والخصومات التي لا تتوافق مع التقصير، وربط معدلات الأجور بالإنتاجية والانضباط في العمل والتحكم في الأجور المتغيرة وإطالة يوم العمل والحرمان من الإجازات.

  • إن ما سبق هو المفسر الأساسى لغياب الرؤية لدى العاملات محل الدراسة لكيفية تحسين أوضاعهن، فاعتبار أن عملهن أمر مؤقت وبالتالي استغلالهن أمر مؤقت يجعلهن لا يفكرون في كيفية الدفاع عن حقوقهن وتحسين أوضاعهن المهنية بقدر ما يحلمن بيوم الخلاص من العمل.

  • ينظر رجال الأعمال في القطاع الاستثمارى محل الدراسة لعمل المرأة على أنه أحد الوسائل الأساسية لتعظيم الربح، فهى عمالة رخيصة وهادئة، تقبل ما لم يقبله العمال من الرجال. أوضحت نتائج الدراسة أن أصحاب الأعمال يفضلون تشغيل النساء غير المتزوجات وبالتحديد الشابات لأسباب عديدة منها إنهن متحررات من الالتزامات الأسرية الخاصة بالزوج ورعاية الأطفال، كما إنهن يحكم ظروفهم المعيشية المتردية والفقيرة على استعداد لقبول أى شروط عمل سواء ساعات أطول أو ورديات عمل ليلية. والحقيقة أن هذا اتجاه عالمي لا يقتصر على مصر، ولكن وطأته تزداد فى مصر بحكم الضعف الشديد للتنظيمات النقابية أو عدم وجودها أساسًا والتي كان من الممكن أن تبنى الوعى داخل هذه التجمعات العمالية النسوية وتدافع عن حقوق هذه التجمعات.

  • إن وضع العاملات في القطاعات محل الدراسة لا يختلف عن وضع العاملات في القطاع غير الرسمى وغير المنتظم، فهى لا تتمتع بأي ضمانات سواء تأمينات اجتماعية أو تأميناً صحيًا، أى الحماية الاجتماعية بالمعنى الواسع. والحقيقة التي لابد من التأكيد عليها أن شغل النساء لمواقع فى القطاع الرسمي ليس معناه تحسن في أوضاعهن، ففى ظل العولمة القاعدة الأساسية التى تحكم القطاع الرسمى هي مرونة سوق العمل، مما جعله يعاني من فقدان أى حماية اجتماعية مثله مثل القطاع غير الرسمي.

  • إن ازدياد مشاركة المرأة في سوق العمل لم ينشأ عن تحسن في سياسات النوع الاجتماعي أو عن المساواة فى علاقات النوع الاجتماعي، ولكنه نشأ بسبب أزمة اقتصادية متزايدة الوطأة، دفعت النساء دفعاً إلى سوق العمل، في ظروف غير مواتية، تمثلت في سياسات اقتصادية قدمت الحوافز للقطاع الخاص دون أدنى اهتمام بالحماية الاجتماعية للعمال، وثقافة دينية محافظة تنادى بعودة المرأة للبيت وكانت النتيجة نساء في سوق العمل عرضة لأبشع أنواع الاستغلال.

  • لا تتعرض المرأة للاستغلال الاقتصادى فى إطار خصائص الوضع السابق الإشارة إليه فحسب، ولكنها دفعت ثمنًا إجتماعيًا لعملها من خلال الاستهجان الاجتماعي من الجيران والأقارب، والتي عبرت عنه كثير من الحالات في أن العمل يقلل فرصتهن في الزواج من ناحية، ويسبب كثير من المشكلات الأسرية للبعض من ناحية ثانية، ويجعل فئة ثالثة تلجأ للعمل خارج المحافظة التي يقطنون فيها تجنباً للتشويه الاجتماعي.

  • مازال دور الجمعيات الأهلية سواء القاعدية أو الحقوقية باهت الملامح في علاقته بقضايا المرأة العاملة، فأوضاع النساء العاملات لا يتم التعامل مع كقضية أساسية على أجندة الجمعيات الحقوقية، تحتاج إلى منهجية مختلفة في التعامل، تراعي إنها تتعامل مع أضعف حلقات العمالة فى سوق العمل. كما أن الجمعيات الأهلية القاعدية في المجتمعات المحلية تعمل وفقًا لمبدأ سد بعض الفجوات وليس من خلال تقديم رؤية لكيفية تحسين أوضاع النساء العاملات.

إن دراسة وتحليل أوضاع النساء فى هذا البحث كشف عن عورات هذا المجتمع، والتي تتشكل بفعل قصدى، يشارك فيه صناع القرار تحت دعوى الاقتصاد الحر مع الرأسماليين الجدد سواء كانوا مصريين أو أجانب والذين تربوا على هدف واحد وهو كيفية تعظيم الربح على حساب مصالح العمال وعلى حساب مصالح المستهلك وعلى حساب المصلحة العامة للمجتمع ككل. وفى ظل غياب سياسة اقتصادية ذات أهداف وأبعاد اجتماعية واضحة يصبح كل شيء ميسورًا بلا قيود أو موانع، والمشكلة الأكبر أن الأمر لا يقتصر على تكاتف غياب دور الدولة مع أنهم الرأسماليين فحسب، بل يمتد إلى ترسخ ثقافة أبوية ذكورية مادية تعطى الشرعية لمثل هذه الممارسات. في إطار كل ما سبق تبرز أوضاع النساء العاملات كل عورات المجتمع، من خلال استغلالهن بسبب وصمتين أساسيتين وهما : إنهن نساء وفقيرات. فهن حاملات لعبء التمييز على أساس النوع إلى جانب عبء الاضطهاد بسبب الموقع الاجتماعي والاقتصادي.

إن التعامل مع جوانب الانتهاك والتهميش التي تعانيها العاملات يحتاج إلى إستراتيجية متكاملة الأبعاد، تتعامل مع قضايا النساء العاملات فى إطار تعاملها مع قضيتين أساسيتين، وهما قضية حقوق النساء وقضية التهميش الاجتماعي، فما أظهرته الدراسة الميدانية أن انتهاكات حقوق العاملات هو جزء من التهميش الاجتماعي المقصود لقطاعات واسعة من المواطنين، وأن هذا التهميش تزداد حدته مع الحلقات الأضعف للمجتمع وبالتحديد المرأة. إن مثل هذه الإستراتيجية لابد أن تستند إلى رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية متبلورة، وتحدد أهدافًا واضحة يشارك في صياغتها كل الأطراف المعنية : الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى. كما تحدد أدواراً لكل الفاعلين أيضًا فى تنفيذ هذه الإستراتيجية ومتابعتها.

وفي هذا الإطار من الممكن طرح بعض الأفكار المرشدة لمثل هذه الاستراتيحية:

* الحاجة إلى سياسة تشغيل ذات أهداف واضحة ومحددة، تخاطب مشكلات سوق العمل في مصر من حيث ضمان أعلى نسبة من التشغيل من ناحية ووضع ضوابط لضمان حقوق العمال مع إيلاء أهمية أكبر للنساء، أى أن تكون أكثر حساسية للنساء من ناحية أخرى.

  • أن يتواكب مع سياسة التشغيل سياسة متكاملة للحماية الاجتماعية، تستند إلى مرجعية حقوقية، وتتعامل مع النساء العاملات من منظور كيفية تمكينهن، من خلال سن التشريعات التى تكفل لهن التمتع بتأمينات اجتماعية وصحية وغيرها من الحقوق ذات الصلة بهن كنساء، وإلزام أصحاب الأعمال في قطاع الاستثمار بمثل هذه الحقوق. فالتشريعات وحدها لا تكفى ولكن يجب أن تتوفر القدرة أيضًا على إلزام القطاع الاستثمارى بهذه الحقوق. كما تشمل سياسة الحماية الاجتماعية أبعاداً أخرى مثل بناء قدرات العاملات والعمال وتدريبهم ورصد أحوال سوق العمل وغيرها. ففى النهاية سياسات الحماية الاجتماعية تهدف إلى منع أو إدارة المواقف التى تؤثر على رفاهية العاملات والعمال بشكل سلبي، فالحد من المخاطر التي يتعرض لها البشر هدف أساسى لأى سياسة للحماية الاجتماعية. ومما لاشك فيه أن سياسة الحماية الاجتماعية لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن سياسة التشغيل، فالمفترض أن تسعى كلتا السياستين لتحقيق هدفى زيادة العمالة والتشغيل من ناحية والحماية الاجتماعية لحقوق العمال من ناحية أخرى.

  • لا يمكن صياغة سياسة تشغيل ولا سياسة حماية اجتماعية من غير إعادة النظر في دور الدولة، فدور الدولة في ظل الاقتصاد الحر ليس تقديم حوافز بلا ضوابط للمستثمرين كما يحدث فى مصر، ولكن السعى إلى صياغة أهداف اقتصادية واجتماعية واضحة تخدم الصالح العام وتحد من الفقر وسوء توزيع الدخل، وبالتالي استخدام كل الأدوات الاقتصادية لتحقيق هذا الهدف، فالحكومات المصرية المتتالية تعلن أن من أهدافها الحد من الفقر، ثم تأتى كل الأدوات وتسير في منحى مختلف.

  • تغير أهداف وأدوار منظمات المجتمع المدنى من مجرد أهداف جزئية وأدوار محدودة، تفصل الظاهرة أو المشكلة عن سياقها من خلال تقديم بعض الحلول والمسكنات هنا وهناك إلى أهداف كلية، تضع الظاهرة فى سياقها وتتعامل مع الأسباب قبل الأعراض. فمن الصعب أن نتحدث عن رؤية متكاملة للتعامل مع أوضاع النساء العاملات فى القطاع الاستثمارى من دون الاشتباك مع سياسات الاستثمار ومع دور الدولة بمؤسساتها المختلفة. تحتاج هذه النقلة إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع المدنى بشكل يضمن استقلال وحرية المجتمع المدنى ويضع الأساس لبناء شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدنى.

أجريت المقابلات المعمقة والحلقات النقاشية لهذه الدراسة خلال العام ۲۰۱۰ وكان من المقرر الانتهاء من الصياغة النهائية وإصدار الدراسة في النصف الأول من ۲۰۱۱ لكن مع قيام ثورة ٢٥ يناير وما شاهدناه من مشاركة مؤثرة للحركة العمالية (نساء ورجال) في مختلفة القطاعات كانت بمثابة قوة دفع للثورة وأصبحت مواقع العمل امتدادًا مؤثرًا للتحرير

حرصًا من مؤسسة المرأة الجديدة على تقديم صورة متكاملة ورصد أوضاع العاملات بعد قيام الثورة رأت المؤسسة تأجيل إصدار الدراسة حتى تتمكن من إجراء حلقات نقاشية مع العاملات في المحافظات التي تتضمنها الدراسة

أُجريت ثلاثة ورش عمل في الاسكندرية والسويس والاسماعيلية ولم تتمكن من إجراء حلقة نقاشية في بورسعيد بسبب الأوضاع الامنية هناك.

حرصنا في هذه الورش دعوة قيادات عمالية ( رجال نساء) ممن شاركوا في تشكيل النقابات المستقلة من مواقع عمل مختلفة ليس للتعرف على خبرتهم فحسب بل أيضًا من أجل تبادل الخبرات وتحفيز العاملات على تشكيل النقابات والانخراط في الحركة النقابية التي تتصاعد من أجل الدفاع عن الحريات النقابية والدفاع عن الحق في التنظيم

فضلاً عن التعرف على احتياجاتهن وأشكال التدخل التى يمكن للمؤسسة القيام بها في المرحلة القادمة

تتضمن السطور التالية عرضًا لنصوص ورش العمل باللغة الدارجة دون أي تدخل في الصياغة مع عدم ذكر أى اسماء للمصانع أو العاملات بناء على طلب أغلبهن وتحديدًا من يعملن في القطاع الأستثماري بسبب الخوف من معرفة إدارة المصنع أو الشركة فيتعرضن للضرر

يقدم النص التالي الصورة الحية وينقل نبض العاملات ويؤكد مجددًا استنتاج يدركه الكثيرون أن بقدر ما فتحت الثورة الطريق أمام اتساع الحركة في المجال العام وتحديدًا على مستوى التنظيم النقابي والسياسي والجماهيري بشكل عام بقدر ما ألقت علينا مهام جسام نحتاج أن تعمل عليها معًا مع الحركة العمالية من أجل الدفاع عن أحد المطالب الأساسية للثورة وهي العدالة الاجتماعية

ورشة العمل بمحافظة الإسماعيلية

  • كنت بسألكوا قبل الورشة ع الثورة وفيه ناس زعلانة منها وشايفة أنها بتسبب مشاكل

إحدى العاملات : بصراحة في حقوق ضايعة كتير يعنى الأرباح والمرتبات ضعيفة أنا باخد تقريبًا أقل مرتب ٤٨٠ جنيه ويعنى لو عملت بدل انتظام كل كام شهر ال ۱۰۰ جنيه هى اللى بترفع المرتب شوية وأنا ممكن تبقى عندى ظروف وما اعملش بدل انتظام ممكن أضطر أغيب يومين وال ۱۰۰ جنيه تروح ولو غبت يومين كمان ألاقى المرتب بقى ۳۰۰ جنيه يخصمولى بقى حاجات كتير

  • طب انتى بتقولى انتى بتاخدى اقل مرتب ده مقارنة بمين؟

انا باخد ٤٨٠ دلوقتى وانا بقالى ٣ سنين فى الشركة وهما لما بيدخلوا تعيينات جديدة بيقولوهم ٥٠٠ جنيه طب ما انا أولى أو على الأقل نبقى زى بعض ما انا ممكن بقى امشي وارجع من جديد واخد ٥٠٠ جنيه

  • طب ده ايه علاقته بالثورة؟

يعني قبل الثورة كان الوضع أحسن دلوقتى بيقعدوا يقولوا مفيش شغل وكده فيعني حاسة أنها ليها عواقب وحشة عندى في الشغل يعنى

  • طب انتي ايه رأيك؟

لا الكلام ده أصلاً موجود من أيام مبارك والاستثمار كده من زمان من قبل الثورة الثورة بس مشكلتها دلوقتى فى الناس الموجودين إن ما بقاش فيه مسئول تكلميه عن أى حاجة

  • طب حاولتوا تتكلموا مع حد؟

أحنا أول ما الثورة حصلت وقالوا فى زيادة فى المرتبات في الحكومة وحصلت مظاهرات هنا فى الاستثمار عشان نزيد والجيش بقى يجرى وراهم ورجعنا المصانع تانى وبقينا نتعامل أسوء معاملة وتخصم مننا الأيام اللي اعتصمناها ولو لكى حق تسكتى عنه لأن كده كده مش هتحصلي على حاجة

وغير كده برضه فى مصنع امبى نظموا مظاهرة عند المحافظة من شهرين ولا حد سمعنا انا خياطة وبقالى ٣ سنين واكتر وبعد الزيادة وصل مرتبى ۷۰۰ جنيه واللى داخل جديد مرتبه ۸۰۰ جنيه وما بيشتغلش احنا اللى بنعلمه فطبعًا احنا بنحس بالظلم

  • طب الجديد اللي داخل ده مؤهلاته أعلی؟

لا خالص بس صاحب الشركة بيبقى محدد أن الفترة دى محتاج وظائف محددة تاخد كذا بس مالوش علاقة لا بخبرة ولا بمؤهل وده بنلاقيه كتير في الشركات وبالذات في القطاع الخاص

  • طيب ده كان أول إضراب تعملوه اللي من شهرين؟

لا أحنا عملنا قبل كده أثناء الثورة لما قالوا فى زيادات من الحكومة 7% فلما جينا نطالب بيها إدارة المصنع قالت ال 7% على المرتب الأساسي اللي في العقد والعقد فيه ١٥٠ جنيه فلما هتنزل الزيادة عليها هتبقى كام يعني فقولنا لا ما ينفعش وعملنا اعتصام جوه الشركة وقفنا الشغل يوم واحد بس فزودونا ٥٠ جنيهوبعدين عملنا الاضراب التانى ده بقى لما قالوا فيه حد أدنى للأجور ١٢٠٠ جنيه أول يوم كان كل الشركات معانا تانى يوم بدأت الشركات تخف وناس سابتنا ودخلت اشتغلت والجيش عامة كان مبهدل الناس وكانوا بيضربوا نار ف الهواء وضربوا الشباب وحبسونا جوه الاستثمار يعني دخلتي الشركة خلاص مش هتخرجى الا اخر النهار ومفيش أتوبيسات بقى فما كناش بنخش الشركات بنقف بره قدام باب الشركة قعدنا تلات ايام وبعدين وقفنا قدام المحافظة خدوا كام واحد كده من اللى واقفين يتكلموا باسمنا وقالولهم خلاص هنزود المرتبات وهترجعوا شغلكوا بكره عادى وبعدين فوجئنا وإحنا بنقبض أنهم خصموا ال ٣ ايام اللى اعتصمنا فيه وزودونا مثلاً ۲5 – ۳۰ ٤۰ جنيه يعنی خصملی ٣ ايام ب ١٧٠ جنيه وحطولى زيادة ٥٠ جنيه طب انتوا عملتوا ايه

أحدى العاملات : وبعدين يقولوا فى تأمينات ورحت أسال عن التأمينات ويقولولي لا أصل انتى في ٣ سنين مكانش متأمن عليكي هما سنتين بس يعنى انا دلوقتى بقالي ٥ سنين شغالة وكل شهر يتاخد منى ٢٥ جنيه وبعدين أروح أسحب التأمين ٣٠٠ جنيه ليه ده كله ناقص…. العاملة بتشتغل سنتين أو ثلات سنين ناخد ۷۰۰ أو ۸۰۰ أو ۱۰۰۰ جنيه ويقولك احنا مالناش دعوة الورق لسه ما رحش التأمين الورق أصلاً بيقعد فى الشركة سنتين تلاتة لحد ما يعرفوا ان انتي قربتى تتركى الشغل بسبب الزواج يبعتوا ورقك للتأمين يعني تبقى كتبتى كتابك وعملة حسابك على فلوس التأمين تساعدك فتلاقيها ۳۰۰ أو ٤۰۰ جنيه وبعدين لو رجعت الشغل بعد الجواز يتأمن عليك من جديد

أحدى العاملات : وفيه مشاكل تانيه انك ممكن تبقى شغالة في الشركة من كذا سنة وبيجى مدير جديد هندي مش عارف اى حاجة وانتى تعلميه ويبقى مدير ومرتبه اعلى منك طبعًا ومرة واحدة يستغنى عنك مجرد قرار للأمن في الاستثمار أن فلان الفلاني ما يدخلش الشركة تانى خلاص شكرًاوممكن انت حصلت معاك مشكلة فى الشركة وانت رد فعلك كان قوى مع الشركة ورفعت قضية ممكن يترفع قضية عليك ومش هتاخد حقوقك الا لما تتنازل عن القضية نظام لوى دراع وده حصل مع مهندس كمبيوتر كان بقاله ٦ سنين شغال وفجاة جابو واحد تانى وقالولوا مش هتدخل الاستثمار تانى ومش هتاخد حاجة الا لما تتنازل عن القضية اللي رفعتها

  • كانت زميلتنا بتتكلم عن اللى حصل في الإضراب ؟

كان الجيش بيضرب الموظفين والعمال بطريقة فظيعة وفيه اصابات كتير وبرضه غدارة الشركة ماشيين بلوى الدراع يعنى لو طالبتي بزيادة يقولولك مفيش وعاجبك كده عاجبك مش عاجبك خلاص

أحدى العاملات: احنا كنا عاملين اضراب يوم ٢٥ يناير ۲۰۱۲ بس بعد الاضراب الكبير، الشركات وروحنا عند المحافظة وصاحب الشركة قال أنا خلاص هاقفل الشركة ومش عايز حد يشتغل فى الشركة لأجل غير مسمى وتانى يوم رحنا المحافظة فصاحب الشركة قال أنه هيزود المرتب ٦٥ جنية وخصمولنا برضه ال ٤ أيام اللى اضربنا فيها وكمان صاحب الشركة عملنا محضر اننا عملنا اضراب وتكسير في المصنع

  • حد فاكر الإضراب الكبير، اللي حصل في الاستثمار ده كان امتى؟

في شهر مايو ۲۰۱۱ بعد الثورة

أحدى العاملات : احنا عندنا اضراب في الشركة عندنا مطالب زى الحصول على اجازة يوم اعتيادي، في الشهر زى اى شركة.. عندنا ساعتين إذن بس في الشهر وكمان بيتخصم من المرتب ولو اتاخرتى ٥ دقايق يتخصم بدل الانتظام اللى انتى عاملاه في ٩٠ يوم يعنى احنا بنعمل بدل الانتظام ده كل 3 شهور اول شهر ٢٥ جنيه تانى شهر ٥٠ تالت شهر ۱۰۰ و كمان طالبين نسبة الارباح تبقى ۱۰۰% ونقبضها شهريًا على الاساسي

  • طب حد عارف الأجازات اللى أقرها القانون عبد الله انت عارف؟

٢١ يوم اعتيادي في السنة و6 أيام عارضة

أحدي العاملات : أنا عاوزة لو عندي مرض اقدر أغيب من الشغل من غير ما يتخصم ليكل العقود بتبقى فى صالح صاحب العمل يعنى كله مكتوب فيه يحق لصاحب العملوإحنا مفيش حقوق خالص ومفيش اى ضمانة لينا ومثلاً هو يستغنى عنى فى أى وقت وانا لو همشى لازم اقدم استقالة قبلها بشهرين المفروض برضه انت لو عايزني امشي تقولى قبلها بشهرين تلاتة عشان الحق ادور على شغل وده ما بيحصلش واحنا مثلاً لما كنا في دبي قبل ما تتصفى لما مشوا الناس ادونا ٣ شهور من عندهم بس من غير بدل الانتظام عشان نمشي نفسنا وما اخدناش الاعتيادي بتاعنا انا بقالى سنتين بجرى ع الأجازات الاعتيادي وأخر حاجة قالولنا الشركة هترجع تفتح ثاني في شهر 5 واول ما تفتح هنديكوا الاعتيادي بتاعكو

  • عاوزة اسالكوا انتوا ليه لما عملتوا الاحتجاجات ما حستوش انكوا خدتوا حقوقكوا؟

أحدى العاملات: لان اى مشرف فى الشركة مالوش دعوة ومحدش بيقف جنبنا فيه هنود فى الشركة بيشتغلوا بس هما مش فاهمين قوى لكن المشكلة ان الادارة مصرية واللى بيسرقنا مننا فينا

أحدى العاملات : ابسط حاجة أن مدير الأمن في الشركة لما عملنا الاضراب وجه الجيش قاله دول خربوا الشركة طبعا ده مدير بياخد على قلبه قد كده ومش فارقة معاه حاجة

  • انتوا تسمعوا عن حاجة اسمها نقابة

أحدى العاملات : اسمع ان فيه نقابة للعمال بس المفروض فترة تشوف مشاكل العمال

  • تسمعوا زميلكم عبد الله في موضوع النقابة

أنا عبد الله القصاص محاسب فى التأمينات الاجتماعية رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالتأمينات الاجتماعية وأنا متفق تمامًا مع كلامكوا ده وليكوا حقوق زى تعويض الزواج والاجازات الاعتيادية واجازة الوضع في قانون العمل بس للأسف مش مفعل وللأسف أحنا عندنا القوى العاملة فيها مكاتب عمل مش مفعلة وبعض المفتشين ضعاف النفوس بيبعوا العمال لأصحاب العمل وثانيًا عقود العمل اللى معاكو ده مالوش لازمة المفروض صاحب العمل بيكتب عقد بقواعد محددة مش على كيفه هو ولازم يديكى اجازة وضع وترجعي على شغلك تاني بعد الأجازة

بس معلش في واحدة عندنا خدت اجازة الوضع ورجعت لقت واحدة مكانها قالها خلاص مكانك اتاخد ورجعت قعدت في البيت تاني

عبد الله : النقابة هدفها الأساسى تحسين ظروف وشروط العمل وتنظيم الإضرابات اللي هي ورقة ضغط على الحكومات وأصحاب الأعمال…. عمال الحديد والصلب سنة ٨٩ لما كانوا بيطالبوا بوجبة ومات منهم ٣ و٦١ مصاب واتفاوضوا معاهم انهم يخدوا مبلغ مالي فرفضوا وأصروا على مطالبهم العامل النهاردة من الحديد والصلب بياخد الوجبة دى مش قانون هو اللي نزلها لكن الاضراب هو اللى فرض ده واستفاد منها الأجيال اللى جت فانتوا من حقكوا تطالبوا بكل الحقوق دى زى الأجازات والأرباح

  • ممكن حد يكلمنا عن تعويض الجوازمن التأمينات

أحدى العاملات : لما العاملة تكتب كتابها بتقدمى القسيمة وتروحي تسحبى التأمين بتاعك وسواء سبتى الشغل أو كملتى بعد الجواز برضه تبدأى من الأول يتخصم منك التأمين كل شهر بس مش من حقك تسحبيه تانى بقى

یعنی ده مش تعويض دي من فلوسك

عبد الله : عندنا في التأمينات القانون بيقول أن العاملة تكون سابت الشغل ويا إما تقدم القسيمة وتمضى على استمارة ٦ وانا بصرف لها التأمينات عن المدة اللى اشتغلتها على حسب المبلغ اللى بيتسحب منها يا إما تضاف لها المدة كمدة تأمينية وانتى بتقولى انا ليه بلاقي ۲۰۰ أو ۳۰۰ جنيه المفروض تعرفى هو مأمن عليكي بكام انتى بتاخدى ۷۰۰ جنيه وهو مأمن عليكى بالحد الأدنى اللي هو ١٢٥ في ٤٠% يعمل حوالى ٤٧ جنيه فانتى لو اشتغلتى ٣ سنين ممكن فعلاً تلاقی لیکی ۳۰۰ جنيهالمفروض مفتش التأمينات يقوم بدورة ويذهب لأماكن العمل يعرف المرتبات ويطلع على دفتر الحضور والانصراف بس كمان العمال مش بيساعدونا يعنى انا باجى اسألك انتي مرتبك كام ما بتقوليش بالظبط وهما بيبقوا مظبطين معاكوا تقولوا ايه وانتوا بتوافقوا للأسف عشان عاوزين تشتغلوا

أحدى العاملات : انا لو ما قولتش اللى صاحب المصنع عايزه هيمشيني تاني يوم ومحدش هيقف جنبى وحتى انا لوجيتلك وانت حلتلى المشكلة هتبقى مضطهدة طول الوقت من الادارة ومع اى مشكلة صغيرة بعدها هيفصلونى وعشان كده اللى شغالين فى الاستثمار دول غلابة مفيش حد مرتاح ومبسوط ومحدش بيقف مع حداحنا فى شركتنا وشركة تاني عاملين إضراب بقالنا 5 ايام قدام المحافظة وبعتنا مندوبين مننا بالمطالب بتاعتنا محدش عبرنا ولا سأل فينا وبكره هنعمل وقفة تانى ونقفل الطريق ذي شركة قناة السويس لما طالبوا بالأرباح ادوهالهم طب ما احنا كمان استثمار ولا لازم كل شركة تعمل اضراب لوحدها احنا فى ميزات كتير فى قناة السويس مش عندنا زي المرتبات هناك أحسن وفيه بدل وجبة

عبد الله : أهمية النقابة أنها بتتكلم بشكل جماعي وبنختار مجلس نقابة رقم فردى من ٧ : ١٥ ويصيغوا المطالب ويعرضوها على الجمعية العمومية اللى انتخبتهم ولو انتوا حسيتوا انها مش كويسة ومش بتعبر عنكم تجتمعوا وتشيلوها كان الاول النقابات بتتعين وصاحب الشغل يقولك ماشي وماله نعمل لجنة نقابية ويحط فلان وفلان اللى هما تبعه وعلى هواه لكن دلوقتى انتوا اللى بايدكوا تحلوا مجلس الادارة.

ورشة العمل في محافظة السويس

  • محتاجين تعرف مشاكلكم في العمل؟

أحدى العاملات : أحنا بنشتغل كده مفيش تعيين ولا عقد ولا تأمين ولا نقابة

  • بتقبضوا مرتبات كام؟

– 220 جنيه في الشهر وكلنا كده

  • بالنسبة للمشاكل في مصر إيران؟

أحدى العاملات: بيتعبنا الهيو بتاع المكن وبنشتغل ٨ ساعات واقفين على رجلينا مفيش راحة والمواصلات متعبة جدا احنا عندنا أتوبيسات للشركة طالعة ع المعاشالشركات بيخاف ع الاتوبيس ومش بتخاف ع البني ادمين مرة الاتوبيس وقع بينا فى الترعة ومرة ولع بينا فى الطريق واحنا ممكن نبقى راجعين متاخر بالليل والاتوبيس يعطل وعقبال ما يبعتولنا بقى اتوبيس تانى ويوصل على مهله بقى مش احنا خلاص طلعنا من الشركة مش مهم بس المفروض ان احنا مسئولين منه لحد ما نوصل مادام راكبين عربية الشركة

أحدى العاملات: الأتوبيس ما بيدخلش هذا الشلوفة بيوصلنا على أول الطريق بره ندخل القرية متأخر بالليل وبنضطر نمشي

  • انتوا شايفين أيه الحل عشان مشاكلنا دى تتحل ؟ نسمع زملنا أحمد رمضان رئيس نقابة مراكز المعلومات في الإدارة المحلية

  • أحمد : كان عندنا مطالب ومشاكل يعنى مرتباتنا كانت ضئيلة جدًا المؤهل العالي بياخد ۱5۰ جنيه وفوق المتوسط ۱۲۰ والمتوسط ۹۹ فبعد الثورة قررنا نعمل حاجة تجمعنا وتدافع عن حقنا يبقى كلمتنا موحدة فبدأنا نعمل نقابة الأول ودى من شروطها أن يكون فيها ٥٠ عامل واحنا هنا على مستوى المحافظة ١٥٠ عامل فقدمنا طلب للقوى العاملة وخدنا موافقة وكان اول مطالبنا اننا نتثبت لاننا كان بقالنا ١٠ سنين عمالة مؤقتة باب رابع، وقبل الثورة بشهرين بالظبط بقينا على باب أول وكان أهم حاجة نعمل بطاقة علاجية خاصة للعاملين والحمد لله ع الاسبوع الجاي تعاقدت النقابة مع الدكاترة والمستشفيات ومراكز التحاليل كمان كنا بنطالب بالتثبيت لان شغلنا فى مخاطر زيكو بالظبط عشان احنا بندخل البيوت برضه عشان شغلنا فيه احصاء بياني وبنتعرض لمشاكل

أحدى العاملات : كنا ماضيين عقد مع المحافظة وبعد سته شهور قالولنا لا توزيع الخبز يتبع الحى وبعدين قطعوا العقود وقالولنا اشتغلوا مع نفسكوا

أحمد: ساعات ما عملنا العقد بتاعنا كان زى بتاعكوا بالظبط مكتوب فيه ويجوز تجديد العقد، استشارنا مدرس لغة عربية واقترح علينا، ويجددوحذف يجوز لان المشكلة كنا عاوزين نشتغل فينمضى ع العقود بدون وعى والمحافظة بتلغى التعاقد فى اي وقت على فكرة فيه زميلة لكم عبيرشكلت نقابة لبائعي الخبز في الأربعين وهي رئيسة النقابة عددكوا كبير وممكن لو اتجمعتوا تعملوا حاجة

  • أيه رأي زملتنا سهام من نقابة مركز المعلومات؟

  • انا رأيي انهم لازم يعملوا نقابة عشان كلمتهم تبقى واحدة اللى احنا نعرفه دلوقتى ان الحي هو اللى بيعمل العقود مع موزعى الخبز ولازم حد يتكلم باسمكوا والنقابة هتساعدكم عشان حل مشاكلكم

  • طب نسمع من ناهد مرزوق النقابية بشركة النصر للأسمدة؟

النقابة دى شئ مقدس للعمال ولازم تكون نقابة للنساء لان حق النساء مهضوم في كل الأماكن بمعنى أن لو انتى خريجة اى مؤهل وزميلك نفس المؤهل تلاقى مرتبه اكتر من مرتبك ليه لأنه هو بياخد الإعانة الاجتماعية بالإضافة إلى أعانة الإنجاب تضاف للراجل بس والعاملة لا….. مع ذلك نفس الاستقطاعات من المرتب اللي عليكى هي نفس اللي عليه….. وعشان نرفع بشأن المرأة لازم كل ستات مصر يحطوا أيدهم في أيد بعض والبداية بالنقابات ولو شوفنا الإحصائيات نلاقى أن المرأة المعيلة ٣٥% من الأسر المصرية مش المطلقة بس ولا الأرملة بس ده كمان المرأة اللى جوزها يشغلها وياخد فلوسها واللي جوزها عاجز

أحدى العاملات: بشتغل في مصنع حلويات من ٣ شهور وقبل كده كنت شغالة في مصنع في الأربعين وبروح من الساعة ٩ الصبح وبرجع الساعة ١٠ بليل وباخد ٣٠٠ جنيه ومفيش تأمين وأجازات ولو غبت يتخصم طبعا

  • ما حاولتوش تتكلموا مع المسئولين عن مشاكلكم؟

رحت أنا وزملتي الحي وقابلنا حد من المسئولين وقال لنا لو فيه تعيينات هنبعتلكوا

  • طب بالنسبة لغزل إيران

أحدى العاملات : عندنا مشكلة المواصلات واتكلمنا كتير ومحدش بيعمل حاجة حتى النقابة لكن بيعملوا حاجات تاني كويسة اى حد ليه خدمة بيعملوها على طول وعندنا حضانة وعيادة

أحمد: النقابة دورها مش بس الخدمات.. دورها مسانده العمال

  • عايزين نعرف تجربة سهام في تشكيل النقابة وانتخابها بقيتى أمينة عامة مساعد وايه الادوار اللى بتعمليها وهل التجربة دى ممكن تتكرر؟

بشتغل من ٨ سنين والنقابة تأسست من سنة…. يعنى قعدت 7 سنين من غير تأمین ولا اى حقوق….انا مؤهل فوق متوسط وطبيعة شغلى جمع بيانات من البيوت عدد الاطفال والوفيات.. بنتعرض لمعاكسات من الشباب ومضايقات خلتني اكره الشغل في الشارع

  • طب انتى نزلتي تشتغلى ليه؟

نزلت اشتغل عشان احقق ذاتى انا موجودة ومعايا مؤهل فوق متوسط طب ليه اقعد في البيت معملش حاجة لبلدى…. والدخل طبعا بس لو عرفتى الدخل اللى باخده تقولى كان المفروض ما انزلش انا كنت باخد ۱۱۹ جنيه ممكن نقعد ٣ شهور او 4 شهور ما نقبضش ومن غير تأمين ولو تعبت اروح لدكتور على حسابي وما عندناش اجازة رعاية طفل كنت باخد ابنى معايا في الشغل كده یعنی باستأذن من المدير لحد ما يكبر شوية وبعدين يروح الحضانة على حسابي برضه وجوزى كان بيقولى مالوش لازمة بس انا كان عندى احساس ان هيجي اليوم اخد حقي

  • انت ايه دورك في النقابة؟

اهم حاجة كانت العلاج الصحي فروحنا لدكاترة وعرفناهم ان فيه نقابة ان احنا عاوزين من عندكوا خصم وبقى لينا خصومات ٢٠ و ٣٠ و ٥٠ % على الاشاعات والتحاليل وفي الصيدليات كمانوبرضه بنحل مشاكلنا الاجتماعية اللى عندها بنت بتتجوز نساعدها ماديًا واللى عندها مشكلة بنقعد مع بعض بعد الشغل ونتناقش فيها وبقى في بينا تواصل اجتماعي واهم حاجة اننا ايد واحدة

  • أيه تعليقكم على كلام سهام وايه رايكم في تجربتهم؟

احدى العاملات : تجربة جميلة والمهم انها تجيب للناس حقهم وابقى فيه حاجة مسنودة عليها وعرفنا ان لينا حقوق….احنا كنا سمعنا عن النقابات بس ما نعرفش نعملها ازاى بس اكيد هنتواصل مع زمايلنا وياريت نشكل نقابة طبعًا

  • ممكن سهام تكلمنا عن طرق التواصل مع زملائهم وزميلاتهم من مناطق مختلفة؟

احنا بنعمل زيارات ميدانية كل ٣ اسابيع وامبارح اتجمعنا بعد وقت شغل في اقل من ساعة من كل الاحياء مش لازم كلنا نحضر بس ممثلين عننا وبعد كده كل واحد يرجع يحكي لزملائه وزميلاته عن الاجتماع عشان ناخد قرار بشكل جماعي ونتضامن مع بعض

  • ممكن نسمع من زميلتنا في مصر إيران عن أشكال التواصل النقابي

احدى العاملات : اولا انا كان نفسى ان تبقى فيها نقابية ست لانها هتحس بمشاكلنا اكثر

  • ليه لم يتم ترشيح زميلة

أحدى العاملات : مفكرتش بصراحة فى الموضوع ده لكن نفسى واحدة تكون اجرأ منى عشان الواحدة اللى واقفة ع المكنة عارفة انا بتعب قد ايه غير لو واحد شايف المكنة من بره مش هيعرف مشاكلى

  • انتوا شايفين الستات تقدر تعمل نقابة؟

تقدر بمساعدة الراجل يعنى لازم الراجل يوصل صوتها

ناهد على فكرة انا ست واحدة وسط 11 راجل في مجلس النقابة في شركتنا والمفروض ان احنا في مجتمعنا كله رجالة ما يقبلوش ست في القيادة ومع ذلك كلهم بيحبونى جدا عشان عارفين ان ناهد حقانية والست قيادية برضه وليها انجازات والمرأة قبطان وتعرفى ان فيه ٧ ستات قباطين على مستوى العالم والمرأة وزيرة ورئيسة ومكرمة في القرآن الرسول (ص) قال خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء اللى هى ستنا عائشة وكرم ستنا مريم وخلاها سيدة نساء العالمين يعنى الست ليها دور مش بس تربية الاولاد

ورشة عمل ببرج العرب بمحافظة الأسكندرية

  • رايكم أيه في الثورة؟

اه فادتنا طبعا بقينا نعرف نطالب بحقنابعد الثورة كانوا عايزين يشغلونا ١٢ ساعة من غير حساب الساعات الإضافية بدل الايام اللى اخدناها اجازة ايام الثورة فاحنا مارضيناش ووقفنا المكن واعتصمنا فى المصنع عشان ما نضيعش حقنا فقالولنا خلاص الايام اللى عليكوا دى هنخصمها منكم كل شهر يوم وربع لحد ما كل واحد يخلص اللى عليه

أحدى العاملات : عددنا في المستشفي حوالي ۳۰۰۰ عملنا كذا اعتصام عشان نتثبت وفى ناس عدى عليها ١٥ سنة وما اتثبتتش يعنى انا من ذوى الاحتياجات الخاصة عندى عجز 5% والمرتبات وحشة جدابنعمل اعتصام يوم واحد بس والمدير بينزل يهدينا ويقول مفيش فى ايدى حاجة اعملها لكم

أحدى العاملات : كنت شغالة فى مصنع مواد غذائية وعملنا اعتصام برضه بعد الثورة عشان كانوا بيشغلونا ۱۲ ساعة ومفيش زيادات وعملنا الاعتصام 3 ايام في مكان العمل عشان نشتغل ٨ ساعات والمرتب يزيد سنوى ودلوقتى اتحققت مطالبنا انا كنت بقبض ٥٥٠ اساسى ودلوقتى وصل ٦۰۰ جنية وبنشتغل ٨ ساعات

  • طب حد عنده مشاكل تاني؟

احدى العاملات : هي مشاكل المواعيد من 8 : 6 مساءا ويضطر اترك اولادى في الحضانة فترة كبيرة وده بيكلفني فلوس يعنى اللى باخده في الساعات الإضافية بدفعوا وزيادة في الحضانة

  • عارفين ان المفروض المصانع وأى مكان عمل ينشيء حضانة لو عدد العاملات 100 عاملة؟

أحدى العاملات : اه عارفين فى مصنع هنا تركى للملابس متفق مع حضانة وملتزم بمصاريفها

احدى العاملات : انا بصحى الساعة ٤ ونص الفجر وأنزل الساعة خمسة وثلث ابقى في الشغل الساعة ٦ واشتغل ٨ ساعات ورا بعض من غير راحة عشان اخرج بدرى عشان أولادى

  • في اتوبيسات للشركات ولا بتركبوا على حسابكم

في اتوبيسات كويسة وفي اتوبيسات من القرن اللي فات يعنى متبهدلة ويتعطل باستمرار

أحدى العاملات: ما بحبش المشاكل وبكبر دماغى ولو فيه حقوق وحد بيتكلم فيها ماليش فيه يتكلموا براحتهم وهما هيخلصوا الموضوع

أحدى العاملات : انت سلبية جدالأن كلنا لازم نكلم عن مطالبنايعني لما اتكلمنا في شركتنا عن مشكلة الأجازات أخدنا يوم عارضة كل ستين يوم ولينا اجازات اعتيادية

  • ايه مشاكل تاني؟

تأخير القبض المفروض نقبض يوم ۲۱ ولحد النهاردة في ناس ما قبضتش بيقولوا مفيش فلوس من أيام الثورة يعنى ممكن نقبض في نص الشهر الجديد

  • طب ما حاولتوش تطالبوا بحقوقكم دى ؟

هنعمل ايه يعنى اذا كان هما بيمضونا على استقالة قبل العقد وفى أى لحظة اللي مش عاجبه يقوله استغنينا عنك وفي زمايلنا رفعوا قواضى عشان بقالهم كتير في الشركة من غير حق وهما بعد الثورة طردوا ناس كتير ولغوا الحوافز وحاجات كتير ادانا زيادة مرة واحدة بعد الثورة وبعدين لغى الزيادات

أحدى العاملات: كنت شغالة فى احد المصانع بعد الثورة وباخد ٤٠٠ جنبه قبل ما تتصفى وكان عندنا بدل انتظام ١٠٠ جنيه بس لو غبتي يوم تخصم منك والاتوبيسات كانت بتجبنا الصبح ولما نيجى نروح ما يرجعناش عشان الشركة لا تدفع إيجارات الأتوبيسات بنشتغل لحد الساعة 5 واضافي عليكى ساعتين ولما بداو يصفوا ناس كتير قعدت وما رحتش تاني ولا أخدت اى حاجة

أحدى العاملات : احنا معظمنا مش من الاسكندرية وينضطر نأجر شقق بالغالي وبيتصرف لنا ٢٥ جنيه بدل سكن وإيجار الشقة ب ٧٠٠ أو 800 جنيه أو تاخديها على البلاط ب ٤٥٠ وهما بيوفروا سكن للعمال الاجانب المفروض يساعدونا احنا كمان

حد سمع قبل كده عن حاجة اسمها النقابة؟

اه المفروض كل مصنع يبقى له نقابة تعالج المشاكل بتاعته زى نقابة المحامين مثلا

  • فيش اى مصنع هنا في الاستثمار فيه نقابة؟

احدى العاملات: احنا فى المصنع عملنا نقابة عمالية بعد الثورة في ٢٠١٢ وعملنا انتخابات في الشركة انتخبنا 5 من الانتاج يعرضوا مشاكل الانتاج والبنات انتخبوا واحدة ليهم تتكلم عنهم وكل قسم بينتخب ممثلين على حسب عددهم وكل شهر بيشوفوا الشكاوى للعاملين ويتناقشوا فيها مع شئون العاملين

ده شكل من أشكال التنظيم وبداية ممكن تطور لتصبح نقابة لها مجلس إدارة ونظام اساسي ايه رايكم في وجود ست في النقابة؟

احد العاملات : هيفيد طبعا لانها اولا هتحس بمشاكلنا وتقدر تتكلم عن مطالبهم انا مثلا بشتغل ب ٦٠٠ جنيه وعندى اربع اولاد اتنين في مدارس واتنين في حضانة وانا لوحدى جوزى مش معايا وبدفع ايجار ٤٠٠ جنيه لو في نقابية هتفهم ظروية و تساعدني

  • المفروض أن مهمة النقابة انها تتفاوض مع الادارة ولو الادارة ما استجابتش النقابة تقدر تخاطب المسئولين والبرلمانيين ومجلس الوزراء وبالتالي تقدر توصل صوت العمال عن طريق النقابة وكمان تنظم العمال وتوحد كلمتهم يبقوا ايد واحدة

احدى العاملات : إدارة المصنع أول ما نتجمع بنلاقى ناس من الادارة داخلين وسطينا واحنا مش هنعرف نعمل حاجة

أحدى العاملات: بنمضى على ورق كتير اول ما بنستلم الشغل وما بنلحقش نشوفه وما بناخدش صورة من العقد يعنى ممكن يمشونا في أي وقت

  • المفروض يبقى في 3 نسخ من العقد نسخة معاكى ونسخة مع صاحب العمل ونسخة في التأمينات والمفروض ان دور النقابة انها تعرفكوا الحقوق دى كلها ؟

i -Franck, A.، Key Feminist Concerns Regarding Core Labor Standards, Decent Work and Corporate social Responsibility WIDE network, 2008

ii –هالة شكر الله، من البيت إلى موقع العمل : دراسة عن ظروف العمل النسائية، طيبة: النساء والعمل، مجلة غير دورية تصدرها مؤسسة المرأة الجديدة، ديسمبر ٢٠٠٦

Iii- إبراهيم عوض، منظمة العمل الدولية وحماية العمال، مفهوم العمل اللائق، في اعتماد علام، (محرر) العمال والتحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، القاهرة، مركز دراسات وبحوث الدول النامية ۲۰۰٤، ص ۸۷

Iv -ILO (December 200), Decent Work, Standards and Indicators WP No 58

V -Franck, A.،op.cit

Vi -WWW.ILO.Org/Public?English?Decent.htm

Vii -Franck، A.,op.cit

Viii -ILO, Decent Work Agenda

Ix -International Labor Rights Forum, decent Work, 2011

x –هويدا عدلي، سياسات التحرير الاقتصادى فى مصر وإمكانات بناء توافق وطني حولها، سلسلة الدولة فى عالم متغير، مركز دراسات وبحوث الدول النامية جامعة القاهرة ٢٠٠٤

xi –مرجع سابق

xii –مركز الأرض لحقوق الإنسان، تقرير عن أحوال عمال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، نوفمبر ۲۰۰۸

Xii- Franck, A., op.cit

xiv- Feigenbaum، H. & Henig, J., The Political Underpinnings of Privatization: A Typology”, World Politics, vol.46, no.2, Jan. 1994 Pp 200-201

xv- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية،۲۰۱۰ مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة ۲۰۱۰، ص ص ٣١٦ ٣١٧

xviمرجع سابق

xviiمرجع سابق ۳۱۸

xvii مرجع سابق ص ص 445 – 461

xix- International Labor Rights Forum, www.laborrights.org/rights-for working-women

xx- Ospina, S., Qualitative Research, Encyclopedia of Leadership, 2004، London, www.sagepublications.com

xxi -Family Health International, Qualitative Research Methods Overview, www.fhi.org/NR/rdonlyres/et17vogszehus

xxii- Ibid

xxiii- Arab Women Development Report, Globalization and Gender: Economic Participation of Arab Women, 2001, p 83

xxiv مركز الدراسات الاشتراكية مصر أحوال عاملات الملابس الجاهزة في شبرا الخيمة

xxvمركز الأرض لحقوق الإنسان، تقرير عن أحوال عمال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، نوفمبر ۲۰۰۸

xxvi هانية شلقامي، مستقبل تمكين المرأة ووعود العمل، طيبة : النساء والعمل، مجلة غير دورية تصدرها مؤسسة المرأة الجديدة، ديسمبر ٢٠٠٦

xxvi راجع المزيد عن الحماية الاجتماعية المفهوم والأبعاد :

– United Nations Research Institute for Social Development (UNRISD), Combating Poverty and Inequality, Structural Change، Social Policy and Politics, 2010

– UNRISD, Transformative Social Policy, Lessons from UNRISD Research, UNRISD Research and Policy Briefs (5)

تم إصدار الدراسة بدعم من مؤسسة أوكسفام نوفيب والاتحاد الدولي للنقابات

شارك:

اصدارات متعلقة

وسائل التواصل الاجتماعي ترسخ العنف ضد النساء
نصائح للمصورة الصحفية بشأن الوقاية من "كوفيد" 19" أثناء التصوير الصحفي
نصائح بشأن السلامة النفسية للنساء في أوقات الأزمات
ورقة قانونية بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد
كيف تحررين محضر تحرش
عيد الأم ما بين الاحتفاء بقيمة الأمومة و ترسيخ الدور النمطي للنساء
خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء
ختان الإناث في مصر... جريمة تعذيب ضد الإنسانية
حقوق النساء من اجل العدالة والتنمية
الإيدز خطر صامت يهدد حياة النساء في ظل جائحة كورونا