وضع المساحات العامة في مصر وتأثيرها على النساء
تستخدم النساء المساحات والمواصلات العامة بشكل يومي للتنقل أو التنزه أو لقضاء حاجاتهم الأساسية، ولا تعد المساحات العامة مجرد وسيلة للانتقال كما تبدو، إنما تعتبر عاملاً مؤثراً على حياة النساء في مختلف مجالات حياتهن. فحتى وقتنا الحاضر، نجد أن تصميم المساحات العامة لا يأخذ احتياجات النساء في عين الاعتبار. ويترتب على هذا الإقصاء تأثير المساحات العامة على أمان النساء الشخصي بسبب تعرضهن للتحرش والاعتداءات الجنسية، حيث يقلل الإقصاء من فرصهن الاقتصادية، من حيث حرمانهن من فرص التوظيف المتساوية. كما تؤثر المساحات العامة على صحتهن على المديين القصير والطويل، وتحملهن أعباء اقتصادية إضافية للتنقل لعدم ملاءمة المواصلات لهن. وأثار انتشار جائحة كوفيد – 19 في مصر معضلة قصور التخطيط العمراني الشامل، حيث أدت رداءة تصميم المساحات العامة إلى زيادة التكدس في المساحات والمواصلات العامة، وبالتالي زيادة انتشار الفيروس، ذلك لعدم قدرة تلك المساحات على احتواء الإجراءات الاحترازية لكوفيد -19، وتحديداً الخاصة منها بالتباعد الاجتماعي.
وفي ضوء ذلك، سنتعرض في هذه الورقة لوضع المساحات العامة الراهن في مصر، واتجاه الدولة في التعامل معها وتنميتها، ومدى تأثير وضع المساحات العامة على حياة النساء. كذلك سنتطرق لوجود إجراءات حمائية للنساء من العنف، وتقدير استجابة تلك الإجراءات لحوادث العنف الجنسي في المساحات العامة، وقبل التعرض لوضع المساحات العامة، سنسرد التعريفات والمصطلحات الخاصة بالمساحات العامة، خصوصًا الحق في المدينة، وعناصر المساحات العامة المختلفة، وارتباطها بالنساء.
1-1 الحق في المدينة
تتعدد المفاهيم الخاصة بالمساحات العامة، ومن المهم أن نفهم سياق نشأة مصطلح المساحة العامة والمفاهيم الأخرى المرتبطة به، وتعتبر المساحات العامة وتخطيطها الشامل للجميع هي الآلية لضمان تنفيذ الحق في المدينة. وكبداية سنعرف الحق في المدينة، وارتباط المساحات العامة به.
يجد مصطلح الحق في المدينة بدايته مع الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي هنري لوفيفر عام 1968 إبان الحراكات الاجتماعية في باريس في ستينات القرن الماضي. وعرف لوفيفر الحق في المدينة بأنه “الحق الجمعي في اكتشاف وتغيير المدن التي نعيش فيها1“. كما يعرفه الأنثربولوجي ديفيد هارفي “إن الحق في المدينة هو الحق في تغييرها وإعادة اختراعها لتلائم أهواء قلوبنا بدرجة أكبر، وهو حق جمعي أكثر منه حق فردي، بما أن إعادة اختراع المدينة تعتمد حتمًا على ممارسة قوة جماعية من خلال عمليات التطوير العمراني“.2
واتفقت النصوص القانونية الدولية بأن الحق في المدينة هو الحق الجماعي للسكان الذي يسلط الضوء على الترابط بين جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المعترف بها دوليًا ويربط الحق في المدينة هذه الحقوق بالبعد المكاني لها للتركيز على معايير الحياة المناسبة3.
وعرفت الخطة الحضرية المعدة من قبل برنامج موئل الأمم المتحدة (UN HABITAT) في مؤتمر كيتو، مفهوم الحق على أنه “المدن للجميع، والمقصود بها استخدام جميع السكان للمدن والمستوطنات البشرية وتمتعهم بها على قدم المساواة وبدون أي تمييز، والسعي إلى تعزيز الشمول، والحرص على تمكن جميع السكان، من الأجيال الحاضرة والمستقبلية، من السكن وإنتاج مدن ومستوطنات بشرية عادلة، وآمنة، وصحية، ومتاحة للجميع، وميسورة التكلفة، وقادرة على الصمود ومستدامة. وذلك من أجل نهوض وازدهار المجتمعات وضمان نوعية الحياة للجميع“. وحددت رؤية الخطة الحضرية مسؤولية الحكومات في تأمين المنافع الأساسية للسكان مثل توفير السكن الملائم غير التمييزي، وضمان حصول الجميع على خدمات الصرف الصحي ذات الجودة والمساواة في الاستفادة من المنافع العامة والخدمات ذات النوعية الجيدة، مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية 4“.
ويعد التعريف الأخير من أكثر التعريفات تقاربًا مع المفهوم النظري للحق في المدينة لأنه يشمل جميع السكان الحاليين والمستقبليين، في إشغال واستخدام وإنتاج مدن عادلة وشاملة ومستدامة، تحقق منفعة مشتركة ضرورية لجودة الحياة، وينطوي كذلك على مسؤوليات الحكومات تجاه مواطنيها وحق الشعوب للمطالبة بهذا الحق والدفاع عنه وتعزيزه 5.
تبنت بعض التشريعات المحلية للدول المختلفة تعريف الحق في المدينة وأهمية الالتزام به، وذلك لوجود الحق في المدينة في قلب حقوق الإنسان وأجندة التنمية المستدامة، كدستور جمهورية الإكوادور في المادتين 30 و31 منه. فقد نصت المادة 31 من دستور جمهورية الإكوادور الصادر عام 2008 على أن: “للجماهير الحق في الاستمتاع الكامل بكل أرجاء المدينة والأماكن العامة فيها على أساس مبادئ الاستدامة، والعدالة الاجتماعية، واحترام كافة الثقافات الحضرية والموازنة بين كافة الثقافات الريفية والثقافات الحضرية. ممارسة الحق في الاستمتاع بالمدينة التي تقوم على أساس الإدارة الديمقراطية للمدينة، وذلك فيما يتعلق بالوظيفة البيئية والاجتماعية للمدينة وللمتلكات وللمدينة نفسها والممارسة الكاملة للمواطنة “6.
كما تناول القانون البرازيلي أهمية ضمان الدولة للحق في المدينة لكافة المواطنين، فأضيفت المادة 2 بفقرتيها في قانون المدنية البرازيلي الصادر في 10 يوليو 2001 للتأكيد على حق المواطنين البرازيليين في المدينة حيث نصت على أن “الغرض من السياسة الحضرية هو إعطاء الأولوية لتطوير للوظائف الاجتماعية للمدينة والممتلكات الحضرية، من خلال الإرشادات العامة التالية: 1– ضمان الحق في المدن المستدامة، الذي يُفهم على أنه الحق في الأرض الحضرية، والإسكان، والصرف الصحي البيئي، والبنية التحتية الحضرية، والنقل والخدمات العامة للعمل والترفيه للأجيال الحالية والمستقبلية. 2– الإدارة الديمقراطية من خلال إشراك السكان والمؤسسات التمثيلية لمختلف شرائح المجتمع في صياغة وتنفيذ ومراقبة مشاريع التنمية العمرانية وخططها وبرامجها“.7
من التعريفات السابقة تستطيع أن نستلهم الجوانب الأساسية المشتركة بين التعريفات الثلاثة، وهي المشاركة المجتمعية في تخطيط المدن، والتوزيع العادل للحيز الجغرافي بين ساكنيه، وتعزيز التنوع الاجتماعي والثقافي8. بعبارة أخرى، يشبه تعريف الحق في المدينة بأن المدن والمستوطنات البشرية بضاعة مشتركة بين أفراد المجتمع، وبالتالي يجب أن يتشاركوها وينتفعوا بها جميعًا بشكل عادل.
بالإضافة لذلك، ينطوي الحق في المدينة على عدة مكونات أساسية ينبغي أن تترجم لسياسات يمكن تنفيذها، وهي أن تكون مدينة خالية من التمييز والعنصرية، ومحققة للمساواة بين الجنسين، ومعززة للمشاركة السياسية، وتحقق كافة الوظائف الاجتماعية لأفرادها، لديها اقتصادات متنوعة وشاملة، أي أن تشمل النشاط التجاري الرسمي وغير الرسمي، وتوجد بها صلة حضرية ريفية، فتكون المدينة ضامنة لشمول الظهير الريفي، وتأخذ في الاعتبار عند تصميمها تنقل السكان الريفيين لها، وتصميم المساحات العامة بشكل عادل للأحياء الريفية في المدينة على قدم المساواة مع الأحياء الحضرية.
وتناولت أهداف الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة لعام 2030 الحق في المدينة، حيث أكدت على أهمية وجود مدن ومجتمعات مستدامة، وذلك في الهدف الـــ11، فنص على “جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة“.
ومن الجدير ذكره أن الهدف 11 يرتبط ارتباطًا وثيقًا في تحقيقه بالهدف الــ5 الخاص بالمساواة بين الجنسين9. ونستطيع ملاحظة ذلك في نفس الغايتين الثانية والسابعة من الهدف الــ 11، حيث تذكر الغاية 2-11 “توفير إمكانية وصول الجميع إلى نظم نقل مأمونة وميسورة التكلفة ويسهل الوصول إليها ومستدامة، وتحسين السلامة على الطرق، ولا سيما من خلال توسيع نطاق النقل العام، مع إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات الأشخاص الذين يعيشون في ظل ظروف هشة والنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن“، والغاية 7 – 11 على “توفير سبل استفادة الجميع من مساحات خضراء وأماكن عامة آمنة وشاملة للجميع ويمكن الوصول إليها، ولا سيما بالنسبة للنساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة10“.
1-2 المساحات العامة
تُعرف المساحات العامة بأنها جميع الأماكن المملوكة ملكية عامة أو ذات الاستخدام العام، ويمكن الوصول إليها والتمتع بها من الكافة مجانًا وبدون دافع للربح، ولكل مساحة عامة سماتها المكانية والتاريخية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية11. ويجب أن ترى المساحات العامة، بما فيها الشوارع، على أنها مساحات متعددة الأغراض، فتخصص للتفاعل الاجتماعي، والتبادل الاقتصادي، والتعبير الثقافي ما بين مجموعات متنوعة من الناس.
ويعد دور التخطيط الحصري هو إنشاء وتنظيم هذه الأماكن العامة، بالإضافة إلى تسهيل وتشجيع استخدامها، من خلال عملية تعزيز الشعور بالهوية والانتماء. كما تعتبر السلامة والأمن والبنية التحتية الحيوية (المياه والطاقة والاتصالات) من الأبعاد المهمة التي يجب مراعاتها في أي تصميم حضاري 12. كما يفصل ميثاق المساحات العامة الصادر عام 2016 من برنامج الموئل أن تكون تلك المساحات مملوكة ملكية عامة، لضمان الوصول الأفضل للمساحات العامة، لأنها تكون غير خاضعة للمتغيرات المرتبط بالملكية 13 14.
وتعد المدينة هي العنصر الرئيسي للمساحة العامة، فيجب أن ترى المدينة كمساحة عامة شاملة لتحقيق كافة الأغراض الحضرية لها، ومساحة مشتركة مملوكة للسكان، بدون أي إقصاء اجتماعي للفئات المجتمعية الأضعف، في عبارة أخرى أن ترى المدينة كحيز مكاني يشمل الجمع ويحقق مفهوم الحق في المدينة15.
وتتشكل المساحات العامة من أربعة مكونات رئيسية هي: الشوارع، المساحات العامة المفتوحة، المرافق العامة، والأسواق التجارية16. لكن قبل التطرق لتعريف تلك المكونات، سنبدأ بالتأكيد على أهمية أن تتيح المدينة التواصل والاستمتاع لساكنيها، بحيث يفضل تخطيط المدينة الإنسان عن السيارات17.
كما أن مكونات المساحات العامة مترابطة، ومن المهم مراعاة التوازن بينها، وأولها الشوارع التي تربط بين كافة مكونات المساحة العامة، وتعتبر من أهمها لأنها متعددة الأغراض، فهي أولاً تسهل حركة التنقل والتواصل للمشاة والمركبات، وتؤدي وظيفة حضارية ثانية وهي تعزيز التفاعل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي18. تعد الشوارع التصور المثالي للمساحة العامة حيث أنها مملوكة بشكل جماعي للكافة، وتتيح الوصول والتنقل بدون رسوم وفي كافة الأوقات. فيمكن للشوارع أن تحتوي على الأسواق المفتوحة، العروض، وأنشطة الاقتصاد غير الرسمي. ومن أنواع الشوارع: الميادين، الساحات العامة، الشوارع المشجرة، الممرات الدائرية، الجزر المرورية. والشوارع هي المكون الأكثر عرضة للاستخدام الأحادي مقارنة بباقي مكونات المساحات العامة، بمعنى آخر تكون عرضة لهيمنة عنصر المركبات على استخدام الشوارع على حساب المشاة، مما يهدد بشكل كامل التجوال سيرًا على الأقدام وركوب الدراجات19.
يعد بجانب الشوارع، تعتبر المساحات العامة المفتوحة من المكونات الهامة للمساحة العامة، ومؤشراً هاماً على شمول المساحات العامة للفئات الأكثر ضعفًا، ودليل على التفاعل الاجتماعي بين الفئات المجتمعية المختلفة، ويشير مصطلح المساحات العامة المفتوحة إلى الأرض غير المأهولة بالمباني، والفارغة التي يستطيع السكان الوصول لها، وتؤدي تلك المساحات وظيفة الاستمتاع للجميع، وتساعد في تعزيز العامل الجمالي للأحياء. وتتنوع المساحات العامة المفتوحة من مدينة لأخرى، وتتضمن الحدائق والمتنزهات وساحات اللعب والشواطئ العامة وجوانب النهر والواجهات المائية، ويكون الدخول لتلك المساحات بدون رسوم ومملوكة ملكية عامة20.
وثالث مكونات المساحة العامة هي المرافق العامة، والتي تتضمن الأماكن والخدمات المملوكة للعامة، ومتاحة لمستخدميها بدون أي مقابل، كالمكتبات العامة، والمراكز الاجتماعية، والأسواق المحلية، والمرافق الرياضية العامة كمراكز الشباب. وتكون هذه الأماكن متاحة فقط في ساعات النهار أو العمل. وفي بعض الأحيان، يكون دخول هذه الأماكن بأسعار رمزية مقابل تقديم خدمات داخلها، كما تعتبر المساحات غير المبنية جزءً من المساحات العامة المفتوحة داخل المدينة 21.
1-3 النوع الاجتماعي والمساحات العامة
يعرف النوع الاجتماعي أو الجندر بأنه القالب الاجتماعي من أدوار وصفات الذي يصنعه ويتوقعه المجتمع من الإناث والذكور البيولوجيين، فبالتالي يعتبر الجندر البنية الاجتماعية الناتجة عن التفاعلات التاريخية والثقافية، فإذًا يمكن تحديها وتغييرها. ويمكن تعريفه أيضًا بأنه الأدوار والصفات الاجتماعية التي يتوقعها المجتمع من النساء والرجال، وهي أدوار وصفات لا ترتبط بالطبيعة البيولوجية للجنسين، وإنما يتم فرضها عليهم اجتماعيًا.
وتاريخيًا، ألقت المجتمعات على النساء أدوارًا اجتماعية أكبر من الرجال، وهذه الأدوار تحصر النساء في القيام بأعمال إعادة إنتاج الأسرة وهو ما يعرف بالدور الإنجابي، من تربية الأبناء، وتولى مسؤوليات الرعاية لكافة أفراد الأسرة خصوصًا المسنين والأطفال، والقيام بالأعمال المنزلية من تنظيف وطبخ،
وربطت أهدف التنمية المستدامة وخاصة الهدف 11.7 الجندر بالحق في المدينة وتخطيط المساحات العامة22 فلا يمكن للمدن أن تستمر بدون الساعات الطويلة التي تقضيها النساء والفتيات يومياً في أعمال إعادة الإنتاج، والعمل غير مدفوع الأجر.
وبالرغم من ذلك، يحد النظام الأبوي من حركة النساء ووصولهن للمساحة العامة، بالإضافة لتعريضهن لخطر العنف في المساحات العامة، خصوصًا الاعتداءات والتحرشات الجنسية. مما يقيد من وصولهن للوظائف القيادية والأجر المتساوي. كما أن إقصاء النساء من المساحات العامة يؤدي إلى حرمانهن من الموارد الأساسية للحياة والخدمات، ومن الحق في امتلاك الأراضي، والحرمان من الميراث وتهديد أمانهن السكني، وحرمانهن من التعليم والرعاية الصحية الجنسية والإنجابية 23.
وتلعب المساحات العامة دورًا مهمًا في السماح للنساء بممارسة نشاطهن الوظيفي سواء كان بالقطاعات الرسمية أو الغير رسمية. والأعمال المنزلية، حيث يتطلب منهن ذلك النشاط الوظيفي استخدامات متعددة ومتشابكة للمساحات العامة، وبأشكال معقدة أكثر من الرجال، تواجه النساء عواقب كثيرة في الوصول للمساحات العامة، ويحدث ذلك بسبب عدة عوامل، أولاً بسبب تقسيم الأدوار الاجتماعية بين النساء والرجال السابق ذكره 24، وهو ما يسمى بالفصل ما بين الخاص والعام، وبناء على هذا التقسيم، يركز الاهتمام على المجال العام باعتباره مدر للربح، وهو مجال يهيمن عليه الرجال، وبالتالي تصميم المساحات العامة ملائمة لاحتياجاتهم فقط في إغفال تام لاحتياجات النساء، لما عليهن من أدوار مضاعفة في القيام بالدورين الإنجابي والإنتاجي. كما أن التقسيم الجندري للعمل يؤدي لغياب البنية التحتية المناسبة للنساء للوصول والتنقل في المساحات العامة، مما يؤدي إلى إقصائهن منها ولحصر أدوارهن في الأعمال المنزلية25.
فنجد أن النساء المتزوجات يقضين سبعة أضعاف الوقت في الرعاية عما يقضيه الرجال فيها، وغير المتزوجات بـ 6.5 أضعاف الرجال26، وتقوم 48.2% من النساء المصريات بأعمال الرعاية27. تشارك أعمال الرعاية في تنشيط حركة الاقتصاد، لأن هذه الأعمال توفر دفع أجور لقاءها وبالتالي تخلق فائض مالي للأسر يمكن ضخه في الشراء وبالتالي تدوير حركة رأس المال28.
ولا يتم حساب أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في الاقتصاد الوطني، بينما تقدر القيمة الاقتصادية لتلك الأعمال بـ 496 مليار جنيه سنويًا، وهو ما يمثل حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر29. كما أن النساء اللاتي يقمن بأعمال الرعاية لا يتم حسابهن في عداد البطالة أو المشتغلين30، مما تعكس صورة غير عن نسبة إقصاء النساء من سوق العمل، فمشاركة النساء في قوة العمل قدر بـ 20% فقط في عام 2021 مقابل 75.2% للرجال، بينما تقدر نسبة بطالة النساء لنفس السنة 21.5% من النساء، مقابل 6.89% للرجال31.
العمل المنزلي والرعاية
المصدر: مرصد السياسات والبرامج المستجيبة لاحتياجات المرأة خلال جائحة كورونا المستجد– المجلس القومي للمرأة 2021.
وتبعاً لذلك، يفضل أصحاب الأعمال تعيين الرجال عن النساء نظراً لأدوار الرعاية التي يلقيها المجتمع على النساء، ويرون أن النساء أقل إنتاجية من الرجال، وأكثر كلفة عند تعيينهم، نظراً لالتزامات أصحاب الأعمال في قانون العمل والتأمينات بتوفير حضانات رعاية للأطفال في منشأة العمل، وتوفير إجازات الرعاية للأطفال، ودفع اشتراكاتهن التأمينية خلال تلك الفترات 32. ويؤثر ذلك سلباً على تمكينهن الاقتصادي والوصول لنفس مصادر الدخل ويزيد الفجوة بين الجنسين، ونجد انعكاس ذلك على دخل النساء الذي يقدر بـ 22% من إجمالي دخل الرجال في مصر33. كما أن 5% فقط من النساء يمتلكن الأراضي34. بينما تتركز نسبة الفقر بين الأسر التي تعولها نساء، ففي المحافظات الحضر ينتشر الفقر بين الأسر التي ترأسها نساء 33% وتنخفض بالنسبة للأسر التي يرأسها رجال لـ 22% 35.
ويمكن تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال التأكيد على الحق في المدينة، فتعد الشوارع والأماكن العامة أدوات ممتازة لتصميم مدن صديقة للنساء وتعزيز حقهن فيها. وبما أن النساء يقسمن وقتهن بين العمل والأسرة، وبالتالي يستخدمن شبكة المدينة الأماكن العامة والأرصفة وطرق الحافلات وخطوط مترو الأنفاق والترام أكثر من الرجال. لهذا، فهم يحتاجون إلى وسائل نقل عام فعالة وآمنة بالإضافة إلى شوارع وأماكن عامة آمنة، وبالتالي، فإن المدينة الصديقة للنساء هي المدينة التي تهتم بشكل خاص باحتياجاتهن ويوجد بها خدمات أفضل ومساحات عامة أفضل وأكثر أمانًا للكافة 36.
بدايةً، سنلقي الضوء على أهمية تحقيق المساحات العامة وظائف متعددة، وهي الوصول، وتقليص الازدحام المروري، وتحسين المواصلات العامة، وضمان الوصول والحفاظ على الواجهة المائية (بحر– نهر)، ووجود مساحات عامة جذابة، والحفاظ على القيمة التاريخية للمدينة، وتقديم أنشطة متنوعة لساكنيها الأبديين والمؤقتين 37. كما يجب أن تحقق المدينة الحماية الكافية لساكنيها من زحام المرور، وحوادث الطرق، والعنف الجنسي والجريمة، وأن تضمن الراحة في المساحة العامة من خلال خلق مساحات للمشي والوقوف والجلوس والرؤية المجانية للواجهة المائية والأماكن التاريخية، ومساحة للحديث واللعب والتمرن، وأن تعزز الاستمتاع في المساحة العامة من خلال التركيز على الجانب الإنساني في المدينة، وخلق فرص للاستمتاع بالجوانب البيئية الجميلة، وذلك بضمان هواء نقي من التلوث والضوضاء، ووجود قدر كافي من المساحات الخضراء والوصول المجاني للشواطئ 38.
من ضمن عناصر تخطيط المدينة تحقيق المواطنة الشاملة لكافة قاطنيها الدائمين والمؤقتين، للوصول لحقوق متساوية لهم، خصوصًا الفئات الأكثر ضعفًا (الفقراء، المهددين بخطر بيئي، العمالة غير الرسمية، الأقليات الدينية والعرقية، أفراد مجتمع الميم، ذوي الاحتياجات الخاصة، سكان الشوارع)39. وبالنظر إلى الفئات الأكثر ضعفًا السابق ذكرها، سنجد أن النساء يمثلن الفئة المشتركة بين كافة الفئات المهمشة السابق ذكرها، وهي ما تسمى بالنظرة التقاطعية لقضايا النساء. وباعتبار النساء العنصر المشترك بين تلك الفئات يجعل من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي تكون أكبر مقارنة بالرجال، وذلك عند إغفال احتياجاتهن في التخطيط العمراني للمدن.
لذلك سنركز على معايير المساحات العامة الواجب توافرها لضمان مساحات عامة عادلة وشاملة للنساء، وهي الوصول والذي ينقسم إلى تخطيط الأحياء السكنية في معزل عن الأحياء التجارية، وتأثير ذلك على الفرص الاقتصادية للنساء وتعرضهن للتحرش الجنسي. وكذلك التنقل بما يتضمنه من الأخطار التي تواجه النساء في المواصلات العامة، وأنماط تنقل النساء، ووضع المواصلات العامة في مصر، بالإضافة إلى الأمان والخلو من العنف في المساحات العامة، والصحة والنظافة الشخصية من وصول المياه والصرف الصحي للمنازل المصرية، وتواجد الحمامات العامة وعددها، ومدى انتشار الحدائق والشواطئ المجانية والآمنة في مصر، وتأثير محدوديتها على صحة النساء40. وهي المعايير التي سنحاول من خلالها تحليل الوضع الحالي للمساحات العامة في مصر. ومن خلال تلك المعايير العامة، ستقيم جودة المساحات العامة من خلال التقسيم النوعي لها، ومدى تحقيقها لوظائفها الأساسية، فمن حيث التقييم النوعي، سنتطرق لمعايير جودة الطرق والشوارع، والنقل العام، والميادين والحدائق والأشجار، والملاعب41.
في إطار تحليلنا للمساحات العامة في مصر وأثرها على النوع الاجتماعي، سنحاول أن نرصد رؤية الدولة للمساحات العامة، وكيف تتعامل معها الفترة الأخيرة في تخطيطها للمساحات العامة. ففي الوضع العادي، تعد المساحات العامة ملكية مشتركة لكافة مواطني الدولة، ومن حقهم الاستمتاع بها بشكل متساوي، ومجاني، ونظيف، وآمن بغض النظر عن العمر أو الجنس أو العرق أو الدخل أو الطبقة أو الدين أو الانتماء السياسي، ويضمن ذلك التفاعل الاجتماعي والاقتصادي بين أطياف المجتمع.
الحق في المساحات العامة في الدستور المصري
لا ينص الدستور المصري بشكل صريح على حق المواطنين في المدينة، أو في المساحات العامة، ولكنه في مواده ينطوي على ضمانات كثيرة على أهمية ضمان الحفاظ على عناصر المساحات العامة المختلفة، وحق المواطنين في الاستمتاع بها واستخدامها بأشكال متعددة، حيث نصت المادة 11 من الدستور الحالي على أن حق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول دون الحاجة إلى إخطار سابق42، والمادة 44 على كفالة حق كل مواطن في التمتع بنهر النيل43. كما أكد الدستور بالمادة 45 على التزام الدولة بحماية البحار والشواطئ والبحيرات والمحميات الطبيعية وكفالة حق التمتع بهم لكل مواطن، كما تلتزم الدولة بحماية وتنمية المساحة الخضراء في الحضر44. وألزم الدستور أجهزة الدولة بنص المادة 81 على ضمانة الحقوق الاجتماعية والثقافية والترفيهية والرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة وأن تقوم تجهيز المرافق العامة والبيئة المحيطة لتلبية احتياجاتهم، وجاء في المادة 11 على إلزام الدولة بكفالة المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتخاذ كافة الإجراءات والسبل في سبيل تحقيقها 45.
كما كرس الدستور حق كل شخص في بيئة صحية سليمة بعض المادة 46، وأن حمايتها واجب لكل المواطنين، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها.
ولما كان الدستور المصري قد كفل للمواطنين حق التمتع بالمساحات العامة وألزم الدولة بالحفاظ عليها وتطويرها وصيانتها مما يكفل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. سنتعرض لعناصر المساحات العامة، ووضعها الحالي، وهي الشوارع، والمساحات العامة المفتوحة والاتجاه لخصخصتها.
3-1 الشوارع متعددة اﻷغراض
تعد الشوارع من أهم أنواع المساحات العامة، وأكثرها شيوعاً، كما أن تصميمها يتأثر به شكل ووظائف المساحات العامة في المدينة، حيث أن الشوارع تؤدي أكثر من وظيفة، التنقل للمشاة والدراجات والنقل الآلي، وتصل بين المناطق وبعضها، كما أن لها دور اقتصادي واجتماعي، حيث أنها تعلي من قيمة التفاعل الاجتماعي من خلال تعدد وظائفها، من حيث توفير مساحات تجارية، كالمقاهي والمحال التجارية، والباعة الجائلين، ومساحات اجتماعية للعب، والجلوس، واستغلالها للعروض الثقافية46. ويمكن للشوارع أن تكون إقصائية في حال تصميمها بأشكال لا تلائم ساكني المدينة أو عدم ملاءمتها لخصوصيتهم واحتياجاتهم. فمثلاً، تقصي الشوارع النساء في حالة كونها مخصصة فقط للسيارات، أو شديدة الازدحام، أو يفوق النشاط التجاري بها كافة الأنشطة المنوط بالطريق تأديتها، فتشكل أخطار جسمانية كالتعرض للحوادث، بالإضافة لزيادة خطر التحرش الجنسي عليهن47.
ولضمان الوظائف المتعددة للشوارع، يجب توافر عدة عناصر مهمة بها، ويمكن للعناصر أن تزيد أو تقل، بحسب الإطار الجغرافي الواقع به، وبيئته الاجتماعية، فيجب التفرقة في تصميم الشوارع داخل التجمعات السكنية. وتصميم الطرق السريعة، بالإضافة لأهمية تصميم الشوارع في أي مدينة جديدة قبل إنشاء المباني بها، لضمان اتصال الشوارع ببعضها من خلال التجوال48.
وهذه العناصر تمثل في أربعة محاور، أولاً: وجود مسارات للمشي، من خلال وجود أرصفة للمشاة، بمختلف احتياجاتهم، وأن تكون متساوية المستوى، ومتصلة، وغير مشغولة فقط بالنشاط التجاري، وأن تلائم احتياجات النساء، خصوصًا الحوامل، والمسنات، والقائمات بالرعاية، أي مصطحبات الأطفال أو مسنين، وتوفر قابلية الحركة لذوات الاحتياجات الخاصة. بالإضافة لمسارات المشي، يجب أن يتوافر مسارات للدراجات، وتأمينها من الحوادث، ومسارات مخصصة للنقل العام، وتوفير محطات وقوف لها، وتكون مظللة، وبها أماكن للجلوس، وأخيرًا مسارات للنقل الآلي، من سيارات خاصة، ونقل ثقيل، وهذه المسارات تضمن التنقل العادل والوصول المتساوي لكافة الفئات49.
ثانيًا: لضمان الأمان في الشوارع من الحوادث والجرائم والعنف الجنسي والتحرش الجنسي، يجب ضمان سرعة منخفضة للمركبات داخل شوارع المدن الداخلية مع ضمان وجود مسارات عبور آمن للمشاة، وتوفير الإضاءة الكافية في كافة الشوارع. ثالثًا: توفير المساحة للباعة المتجولين بالطرق، وجزء آخر للترفيه، وتوفير أماكن خاصة بالمحال التجارية والمقاهي أو أماكن نظيفة للجلوس؛ ومساحات خضراء بطول الشارع. توافر تلك العناصر مجتمعة بشكل متزامن يضمن للكافة وللنساء بصفة خاصة الحيوية في الشارع أو التفاعل الاجتماعي50.
رابعًا: ضمان الاستدامة البيئية للمدينة، من خلال اتباع سياسات شاملة تحد من الملوثات، خصوصًا الصادرة من المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، كالأسمنت، والحديد والصلب، والبتروكيماويات، والأسمدة 51. واتباع سياسات عامة تشجع على تقليل مركبات التنقل الآلي، والاعتماد على النقل الجماعي، ويجب زيادة المساحات الخضراء، كزراعة الجزر الوسطى في الشوارع، وتوفير الحدائق العامة والمحافظة عليها وصيانتها، مما سيؤدي إلى تقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة 52.
3-2 الطرق والشوارع في مصر
تعددت المعايير التي يمكن قياس جودة المساحات العامة بها، ولكنها مشتركة في أهمية تأديتها لوظائف متعددة وبها تصبح ملائمة لاحتياجات الفئات المجتمعية المختلفة. كما أن المساحات العامة يجب أن تتكون من عناصر مختلفة كما سبق ذكره، فضلاً عن تخصيص نسبة 50% – 40 من مساحة المدينة للمساحات العامة للشوارع والمساحات العامة المفتوحة، والتي بدورها تتكون من 30 – 35% للشوارع والأرصفة، و20%- 15 المساحات العامة المفتوحة53.
وتعرف الشوارع أنها ممرات داخل المدن والأحياء بجانب البيوت السكنية والمباني متعددة الأغراض54، وهي تربط بين الأحياء والشوارع داخل المدينة وتختلف الشوارع عن الطرق بأن الأخيرة في مسارات بهدف التنقل والحركة بين المحافظات والمدن والبلدات55.
السيارات الخاصة في مصر
فأولاً، يجب أن تحتوي المساحات العامة على طرق رئيسية بعرض معين وأن تكون الطرق السريعة خارج المدن، لكن نجد أن ذلك غير متحقق، حيث يبلغ عرض الشارع في العاصمة المصرية القاهرة 9.5 أمتار وهو رقم أعلى من المتوسط العالمي الذي يبلغ 7.4 أمتار، بينما لا تصب الزيادة عن المعدل العالمي في صالح أغلبية السكان من المشاة. وإنما تكون لخدمة المركبات، ويمكن أن يبرر ذلك بأن أولوية تصميم الشوارع هي ملائمتها للنقل الآلي تقليل الاحتقان المروري، لكن على العكس من ذلك يزداد من الازدحام المروري مرة أخرى بعد مرور الوقت 56.
والجدير بالملاحظة أن نسبة محدودة جدًا من السكان يمتلكون سيارات خاصة، فبلغ عدد السكان 102 مليون نسمة، بينما يبلغ عدد السيارات الخاصة 7.6 مليون سيارة، وبالتالي يملكها أقل من 15% من سكان مصر، مما يعني أن 15% من السكان يمتلكون 75% من حيز الفراغ المتاح في المساحات العامة المفتوحة57. كما أن السيارات الخاصة تمثل نسبة 91.3% من نسبة السيارات المرخصة بأكملها، بينما تمثل أتوبيسات النقل العام 1.6% فقط من عدد المركبات 58. 59
تعكس هذه الأرقام مدى ملائمة الشوارع للفئات الاجتماعية المختلفة، حيث أنها تخدم فئة محدودة للغاية من السكان، فيما تغفل احتياجات باقي الشرائح الاجتماعية والجندرية، خصوصًا وأن النساء يملكن بنسب أقل بكثير لسيارات خاصة عن أقرانهن من الرجال60، بالإضافة لذلك، تستهدف مشاريع إنشاء وتوسيع الطرق تسهيل حركة المرور وسيولتها، وتقليص حوادث الطرق، ولكن بالرغم من تلك التوسعات، إلا أن القاهرة مازالت مصنفة من أكثر المدن المزدحمة مرورياً في العالم61. فتحتل القاهرة الكبرى النسبة الأكبر من عدد المركبات الخاصة على مستوى مصر، فتقدر نسبة السيارات في محافظة القاهرة ب26.9%، بجانب محافظة الجيزة التي يوجد بها 12.7% من السيارات الخاصة، تليها في المرتبة الثانية محافظة الإسكندرية بنسبة6.7% 62.
الازدحام المروري وحوادث الطرق
تسبب نمو عدد السيارات الخاصة لازدياد ظاهرة الازدحام المروري، فتمثل السيارات الخاصة 75% من إجمالي السيارات في مصر وتتضمن هذه النسبة السيارات المتوقفة63، وذلك لعدم استيعاب الطرق هذا العدد من السيارات وعدم توفير جراجات كافية لركن السيارات. وبما إن النساء هن الأقل استخدامًا للسيارات الخاصة، فإنهن يجد كمشاة الشوارع والطرق غير ممهدة لعبورهن الطريق، فتندر بها إشارات المرور لعبور المشاة حيث أن 97% من الشوارع المصرية لا توجد بها إشارات مرور، كما تفتقر 78% منها لممرات عبور المشاة 64. فضلاً عن أن الدولة اتجهت بالأعوام الماضية إلى تحويل الطرق داخل المدن والأحياء السكنية إلى طرق سريعة، كمشروع تطوير شرق القاهرة بحي مصر الجديدة ومدينة نصر بالقاهرة، ومحور المحمودية بالإسكندرية والذي يقع بداخل 4 أحياء سكنية65، مما تسبب في ازدياد حوادث الطرق. فنلاحظ أن المشاة هم ثاني أكثر ضحايا لحوادث الطرق66.
بالإضافة لذلك، تتجه الدولة دائمًا لحل مشكلة التكدس المروري ببناء طرق وكباري جديدة67. فلا نجد توازنًا بين حجم المشروعات الخاصة بزيادة حافلات النقل العام وبين مشروعات الطرق والكباري، فمازال اتجاه الدولة يضع تطوير الطرق نصب أعينه عند تخطيط ميزانية النقل، بدلاً من الاستثمار في زيادة حافلات النقل، في ميزانية العام المالي2020 / 2021، خصصت الميزانية 21.86 مليار جنيه للهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري، يذهب منها 15.3 مليار جنيه للطرق، و6.48 مليار جنيه للكباري 68. في حين خصص أقل من نصف هذا المبلغ لدعم نقل الجماعي للركاب بقيمة 5.56 مليار جنيه لهيئة النقل العام في القاهرة 69 و 1.89مليار جنية لهيئة النقل العام في الإسكندرية 70، أي بإجمالي 7.45 مليار جنيه للنقل العام، وهذه النسب تعكس الأولوية في الموازنة التي تفوز فيها الطرق والكباري المواصلات العامة.
وتتحصل موازنة النقل في القاهرة الكبرى على نصيب الأسد من الميزانية الإجمالية المخصصة لمشروعات النقل الجماعي، في إغفال لباقي محافظات الجمهورية71. وترتب على ذلك زيادة خطورة تنقل النساء في المساحات العامة، فإما يلجأن للمشي وذلك يعرضهن لخطر الحوادث، أن يستخدمن وسائل النقل المزدحمة، ويترتب على ذلك تعرضهن للتحرش الجنسي، وطول فترات تنقلهن من نقطة لأخرى.
ونظرًا للعدد المحدود للمواصلات العامة مقارنة بعدد السكان وزيادة معدلات الفقر وتركيز الثراء لفئة محددة من المواطنين تسبب ذلك في زيادة الطلب على استخدام المواصلات العامة لاحتياجات التنقل اليومي وبالتالي ازدحامها، وانتشار جائحة كوفيد – 19 لم تستطع تلك المواصلات توفير الأمان الصحي للسكان. بالإضافة إلى أنها غير مصممة لاحتواء الفئات المجتمعية المختلفة: خصوصاً النساء، فالعربات غير مصممة بأماكن مخصصة لعربات الأطفال، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي حال توافرها في بعض حافلات النقل العام الأعلى سعرًا، غالبًا ما تكون مشغولة نظرًا لشدة إزدحام الحافلة، وخصوصًا بأوقات الذروة.
تلوث الهواء
يتسبب تلوث الهواء في 10% من الوفيات المبكرة في مصر 72، لذلك يجب الالتفات لتأثير زيادة مركبات النقل الآلي على جودة الهواء. في مصر تعتمد وسائل النقل الآلي على مصادر الطاقة غير المتجددة وتؤدي لزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وبالتالي تؤدي لتلوث الهواء وزيادة انتشار الأمراض المزمنة 73. فتستخدم 72.3% من المركبات البنزين كوقود. ويأتي بعدها السولار بـ 13.9%، والغار الطبيعي بنفس النسبة74. وتمثل انبعاثات النقل في مصر قيمة الثلث من مسببات تلوث الهواء بها75، كما صنفت القاهرة الكبرى ثاني أكثر مدينة ملوثة الهواء المحيط في العالم76.
ويعد السولار من أكثر مصادر الطاقة غير المتجددة تلويثاً للهواء، يأتي بعده البنزين بأنواعه الثلاثة، وأخيرًا الغاز الطبيعي كأقل ملوث للهواء كمحرك للسيارات77. ويؤثر تلوث البيئة بشكل مضاعف على حيوات النساء، وذلك لأكثر من سبب، أولاً صعوبة وصولهن للخدمات الصحية، نظرًا لضعف التأمين الصحى عليهن، فنسبة النساء غير المستفيدات من التأمين الصحي تبلغ 58.1% 78، ولأنهن مسؤولات عن الرعاية لباقي أفراد الأسرة79، خصوصًا الأطفال وكبار السن، فإصابة النساء أو أفراد الأسرة بأمراض تنفسية يزيد من عبء مسؤولية النساء80.
3-3 المساحات العامة
تعد المساحات العامة المفتوحة ثاني مكونات المساحات العامة، ومن أهم ضمانات الصحة العامة والترفيه في المدينة، والمميزات لأساسية للمساحات العامة المفتوحة أنها تكون مملوكة للكافة ويستطيع الجميع دخولها بالمجان. كذلك يجب أن تتوافر بتلك المساحات الاستيعاب الكافي لكل الفئات المجتمعية، من حيث توافر الأمان من التحرش والعنف داخلها، وأن تحتوي على وسائل تضمن وصول الفئات الأكثر ضعفًا كالحوامل، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة. كما توفر المساحات العامة المفتوحة فضاءات كبيرة للعب الأطفال وبالتالي ضمان صحة أفضل الهم.
وبذلك يتم التخفيف على أمهاتهن. ومن أهم عناصر المساحات العامة المفتوحة هي الحدائق، التنزهات، الشواطئ، الملاعب العامة، والواجهة المائية للمدينة.
وفي هذا الإطار، أجرى مجموعة من المعماريين استبيان عن مدى ملائمة المساحات العامة في مدينة اسطنبول لساكنيها وللسياح، وحللوا مميزات المدنية للاتصال بالواجهة المائية، والخلفية التاريخية للمدينة، وتوفر الحدائق والمساحات العامة بها، والتنوع بين الأنشطة المختلفة بينها، وهذه الخصائص تتشابه كثيرًا مع مدينة القاهرة الكبرى لكونها مدينة حضرية كبيرة المساحة، وتوجد بها معالم تاريخية وتراثية كثيرة، كما تتصل بالواجهة المائية، وتوجد بها حدائق كبيرة 81. وحددت هذا الاستطلاع التحديات التي تواجهها المدينة، وأولها، بالرغم من كون المدينة متصلة بالواجهة المائية، إلا أن الوصول والرؤية لها محدودة جدًا. كما كانت من ضمن التحديات الكبيرة للمدينة هي تخصيص أحياء بأكملها للنشاط التجاري، في حين توجد أحياء يغلب عليها الطابع السياحي، وأحياء أخرى سكنية، وأن هذا الفصل في الأغراض بين أحياء المدينة يعيق من الاندماج الاجتماعي بها، وتوجد بها آثار وأما كن تراثية كثيرة، ولكن من الصعب الوصول لها سيرًا على الأقدام 82.
من خلال تطبيق تلك المعايير على مدينتي القاهرة والإسكندرية، أكبر مدينتين حضريتين في مصر، نجد أن المساحات العامة، المخصصة منها للاستمتاع بالمدينة، غالباً تكون من نصيب القطاع الخاص، ولا يستطيع عامة الشعب الوصول لها، حيث أن الاتجاه في التعامل مع تلك المساحات هو خصخصتها، وتعرف خصخصة المساحات العامة تحويل الأماكن العامة المملوكة ملكية عامة إلى أماكن مملوكة للقطاع الخاص، حيث يتم خصخصتها عن طريق البيع أو التأجير لصالح المطورين العقاريين لإنشاء مراكز تجارية وفنادق خاصة، أو إزالتها تمامًا لزيادة عرض الطرق أو عدد الكباري، وهذا يسبب قصورًا في عدالة وصول كافة الفئات المجتمعية للمساحات العامة المفتوحة، مما يشكل الكثير من العقبات المادية والاجتماعية أمام المصريين بشكل عام للوصول إلى المساحات العامة المفتوحة.
ووفقًا لمتوسط المعدلات العالمية التي تنطبق على مصر وهي تختلف بحسب الموقع والطبيعة الجغرافية لكل دولة، يجب أن يتوافر لكل 5000 نسمة – أي المتواجدين مثلاً على مستوى حي أو تجمع سكني – 3000 متر مربع من المساحات الخضراء، وبالقياس طبقًا للمعدل العالمي، يقدر الحد الأدنى المطلوب وجوده 10% من مساحة الدولة، وبتطبيق هذا المتوسط على عدد سكان مصر المقيمون حاليًا بها، نحتاج لأن توفر الدولة نحو 58 مليون متر مربع من الحدائق والمنتزهات. وفي المقابل طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تبلغ المساحة الفعلية 5.370 مليون متر مربع فقط، تنوع بين حدائق نباتات ومتنزهات عامة بخلاف حديقتي “الحيوان والأسماك” وما بهما من أشجار كثيرة ومساحات خضراء، وتمثل تلك النسبة أقل من 10% من المساحة المطلوب توافرها لعدد سكان مصر الحالي83.
ففي مدينة القاهرة على سبيل المثال، نجد أن الأغلبية العظمى من جوانب النيل محجوب رؤيتها، لأنها إما أن تكون من نصيب الفنادق، أم المطاعم الفاخرة، أو تخصص نوادى للنقابات المهنية، كالقضاة والمهندسين، أو الجيش والشرطة، ذلك بالإضافة إلى القناطر الخيرية شمال القاهرة، التي تطل على المنطقة التي يقسم بها نهر النيل إلى فرعيه دمياط ورشيد، وهي مساحة عامة مناسبة جدًا لوصول الفئات المختلفة لها، ولكن معظمها أيضًا تم خصخصته لصالح نوادي النقابات المهنية. وبالتالي نجد أن سكان القاهرة لا يستطيعون رؤية نهر النيل إلى من فوق الكباري، أو الجلوس لساعات محدودة في المطاعم، بمقابل مادي، بدلاً من الاستمتاع به كثروة وطنية من حق الجميع الوصول لها84.
ومن حيث الوصول للواجهة المائية في مدينة الإسكندرية، التي تطل بأكملها على البحر المتوسط، بكورنيش يمتد بطول 20 كم، استمر البناء على الكورنيش مباشرة منذ عام 2014 حتى الآن، مما أدي لحجب الرؤية عن البحر تماماً في مناطق عدة، كمنطقة قلعة قايتباي، التي كانت مكان تنزه لسكان الإسكندرية، ومساحة للباعة الجائلين، أصبحت رؤية البحر بها منعدمة بسبب نوادي “اليخت واليوناني“، ومجمع للمطاعم مرتفع التكلفة، ومن الجانب الآخر أغلقت المساحة المفتوحة لبناء كوبري ومرسی يخوت بجانب القلعة 85.
کما حجبت الرؤية عن البحر أيضًا بشكل تام عن منطقة سيدي جابر المطلة على البحر، فكانت هذه المنطقة عام 2015 تحتوي على ناديين المعلمين والقوات المسلحة على الكورنيش مباشرة، في حين تضمنت هذه المنطقة في 2020، ناديين المعلمين والقوات المسلحة، ومجمع مقاهي ومطاعم فاخرة، وفندق خرساني، وسيرك، وجاءت هذه الأعمال ضمن ما يطلق عليه بمشروع تطوير منطقة سيدي جابر، الذي يتضمن بناء فندقًا جديدًا وإنشاء كوبري للسيارات لإنشاء جراج أسفله، وكان ذلك على حساب مبنى تراثي كمسرح السلام86.
يشكل كورنيش الإسكندرية أهمية كبيرة لسكانها نظرًا لأنه المتنفس الوحيد لهم للترفيه والاستمتاع بالمدينة إلا أنه قد بلغت الإنشاءات على الكورنيش نسبة 37.7% منه بطول 7.55 كم، من أصل 20 كم87، وهذا يحدث في ظل غياب المساحات العامة المفتوحة كالحدائق، فنصيب الإسكندرية من الحدائق هو 4 فقط88، بينما تحولت مساحات اللعب المفتوحة إلى مجمعات مطاعم، كالذي حدث مع حديقة الخالدين بوسط المدينة، التي كانت ملعبًا للأطفال،وتتواجد بها أماكن للجلوس والترفيه بدون رسوم 89، فضلاً عن قطع الأشجار وتغيير معالم في أكبر وأقدم حدائق الإسكندرية، وهي حديقة المنتزة، وذلك لإنشاء منتجع سياحي على شاطئ الحديقة، ومرسى لليخوت.
كورنيش الإسكندرية
المصدر: الإنسان والمدينة اللدراسات الإنسانة والاجتماعية 2020.
وهذه المشاريع والإنشاءات التي تقوم بها دولة من شأنها إهدار حق المواطنين في المساحات العامة المفتوحة ويغيب عنها الحفاظ على هوية المدن، ولا تحقق توازن اجتماعي بين الفئات الاجتماعية المختلفة. وتبعًا لهذه النتائج غير المحمودة لتلك المشاريع، يجب على الدولة عند تخطيطها للمشاريع المستقبلية الالتفات لأهمية إتاحة مساحات عامة آمنة للنساء وضامنة لوصولهن وألا تكون مكرسة لبقاء النساء في المنزل، كذلك النظر لوظيفة المساحات العامة المفتوحة بأن لها وظائف أخرى تزيد في أهميتها عن تحويل كل مساحة إلى مشروع سياحي، وأنها وظائف مهمة وهي الحفاظ على التفاعل الاجتماعي بها، وذلك في إطار تعزيز هوية المدينة، وذاكرة ساكنيها عنها.
من المهم التطرق لمسألة جودة المساحات العامة وشمولها لمختلف الفئات الاجتماعية، وخصيصًا النساء وذلك بسبب استخدام النساء للفراغ العام بمعدلات أكبر لأسباب متعددة، ولكن بالرغم من ذلك، نادرًا ما تتجول النساء والفتيات في المساحات العامة، ولكنهن يفضلن استخدام المساحات العامة للانتقال من نقطة إلى أخرى ومن أجل أهداف محددة 91، ولذلك، سنسرد في هذا الجزاء المعايير المراعية للبعد الجندري في المساحات العامة، ودور الشوارع في تلبية احتياجات النساء.
4-1 الوصول
الفصل بين اﻷحياء السكنية والتجارية
كما ذكر سلفًا في شأن التفرقة بين الحيز العام والخاص على النساء، وتأثيرها على تخطيط مدينة مخصصة فقط لاحتياجات، نجد أن هذه التفرقة تنعكس على الاتجاه لتخطيط المدينة بشكل يفصل بين السكني والتجاري92 (Modern Zoning)، وهذا الاتجاه لم يكن مسيطرًا في التخطيط العمراني في مصر بشكل كبير، حتى مطلع الألفينات حيث ظهر الاتجاه إلى إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة مخصصة بشكل حصري للسكن، مثل مدينة السادس من أكتور والتجمع الأول والخامس، كما زادت وتيرة هذا الاتجاه مع سياسات نقل مكان المناطق العشوائية أو غير الآمنة إلى أحياء سكنية جديدة كحي الأسمرات وبشاير الخير93. ويؤدي هذا الفصل ما بين الأحياء أحادية الغرض داخل المدينة إلى زيادة الفجوة بين الجنسين، وخصوصًا في الوصول إلى المساحات العامة والفرص الاقتصادية، لأنها تجعلهن في عزلة عن الوصول للمواصلات العامة للانتقال، وتضع تحديات على وصولهن للمساحات العامة، لأن الفصل بين السكني والتجاري يؤدي لزيادة معدلات تعرض النساء للعنف الجنسي داخلها94.
الفرص الاقتصادية للنساء
وبالنظر إلى مدى تأثير التخطيط العمراني على النساء، يمكننا أن نرى أن التقسيم المكاني غير المراعي للنوع الاجتماعي داخل المدينة للمساحات العامة والمواصلات والأحياء السكنية يتسبب في زيادة هشاشة الأعمال التي تشارك بها النساء، كما أن الحي السكني وتوافر الخدمات الأساسية بالمساحات العامة المحيطة به يؤثر على الفرص الاقتصادية للنساء.
فمثلاً في محافظة القاهرة نجد أنه كلما بعدت مسافة الحي السكني وغياب الخدمات به، يزيد ذلك من نسبة مشاركة النساء في الوظائف المؤقتة مقارنة بالرجال، ففي الأحياء الــ65 المبحوثة في المقال الصادر عن مؤسسة تضامن، كان نصيب النساء من الوظائف المؤقتة هناك 86% مقابل 46% للرجال، مما يشكل فجوة بين الجنسين بفارق 40 نقطة 95. ونتيجة لغياب الوظائف المستقرة للنساء في تلك الأماكن تزيد معدلات خروج النساء من قوة العمل لعدم توافر الأمان الوظيفي من حيث استمرار الوظيفة أو توفيرها لدخل كافي للنساء، وبالتالي نجد معدلات بطالة أعلى للنساء مقارنة بالرجال في تلك الأحياء بنسبة 15% للنساء أمام 8% للرجال. كما أن تأثير الحي السكني على الفرص الاقتصادية يمكن ظهوره بمقارنة الأحياء ذات الدخل الاقتصادي الأكبر، فتبلغ بطالة النساء في الأخيرة بــ 8% وهي قرابة نصف معدل بطالة النساء في الأحياء الـ65 الأكثر فقرًا 96. كما أن نسبة بطالة النساء تواري معدلات أكبر لخروج النساء من سوق العمل خلفها، فلا يتم حساب النساء اللاتي يتوقفن عن البحث عن عمل واللاتي يتفرغن للأعمال المنزلية في عداد البطالة 97.
4-2 التنقل
عادة ما تصمم وسائل النقل والمواصلات لملائمة احتياجات الذكور، ولا تلبي احتياجات النساء، حيث أن المواصلات العامة تناسب أدوار الرجال الاجتماعية، وهي الانتقال من وإلى العمل، فبالتالي تكرس المواصلات في مواعيدها وأماكن وقوفها لهذا الغرض، وبالتالي لا تتناسب مع احتياجات النساء، واللاتي يستخدمن المواصلات العامة، لأسباب متعددة تزيد عن مجرد الذهاب من وإلى العمل، وذلك نظرًا لمسؤولياتهن المتعددة، من العمل واصطحاب الأطفال والذهاب لشراء أغراض المنزل، والاعتناء بكبار السن، ولهذا يحتجن المواصلات العامة في مواعيد وأماكن توقف تزيد عن الرجال.
وبجانب ذلك، لا تحافظ المواصلات العامة على سلامة وأمن النساء الجسدي، حيث أنهن يواجهن التحرش الجنسي بنسب مرتفعة جدًا في المواصلات العامة، ولا يتم أخذ ذلك في عين الاعتبار من الجهة المسؤولة عن المواصلات 98. ويترتب على قصور المواصلات العامة تهديد الأمان الاقتصادي للنساء. فغالبًا ما تؤدي القيود على الانتقال إلى صعوبة وصول النساء لفرص العمل، كما أنها في بعض الأحياء تؤدي لصعوبة وصول النساء وأطفالهن لخدمات الرعاية الصحية الأساسية99.
يمكن فهم التحيز الجندري للرجال في تصميم المواصلات العامة من خلال محورين أساسيين: أولاً: تحميل الإطار المجتمعي للعلاقات بين النساء والرجال وهيكل الأسرة، من خلال تقسيم العمل داخلها، وقدرة النساء على الوصول للموارد وصناعة القرارات داخل الأسرة، وذلك من خلال نظرة القيم الليبرالية الكلاسيكية، وطرق تقسيم العمل في الطبقة الوسطى وهي ما تم ذكره مسبقًا، ثانيًا، فهم تحيزات تصميم منظومة النقل والطرق في مصر، ففي المواصلات العامة يتم التركيز على رحلات الرجال إلى العمل، وفي تصميم الطرق، تخصص فقط للسيارات الخاصة، التي لا يمتلكها معظم النساء والرجال الفقراء في المناطق الحضرية، وبالتالي لا تعكس احتياجات غالبية سكان المدن 100. وسنتطرق أولاً للعنف الجنسي الذي تتعرض له النساء في المواصلات العامة، وثانيًا، إلى وضع المواصلات العامة في مصر.
الأخطار التي النساء في المواصلات العامة وأنماط تنقلهن
بداية، في استطلاع أجرته رويترز عام 2018 عن خمس مدن كبرى في العالم، ومنها القاهرة التي جاءت في المركز الثاني بعد مدينة مكسيكو سيتي في خوفهن من المواصلات العامة لدواعي السلامة الجسدية، وذلك بسبب ذكر 75% منهن على الاحتمالية الكبيرة لتعرضهن للتحرش أو الاعتداء الجنسي بها101. كما قدرت نسبة تعرض النساء المصريات للتحرش الجنسي بالمواصلات العامة82.6% 102، بينما كان النصيب الأكبر في التحرش الجنسي داخل الميكروباصات بنسبة 60%، مقابل 22% في أتوبيسات النقل العام، و7.9% في مترو الأنفاق، 3.6% في التوكتوك 103.
وفي هذا الإطار، تؤدي الميكروباصات 37% من رحلات النقل اليومية، لأنها تستجيب لحاجات السكان للتنقل بين أماكن أكثر، وبتكلفة متوسطة للتنقل اليومي، كما أنها تصل لأماكن لا تصلها حافلات النقل العام، مما يجعل استخدام المواصلات الخاصة في ازدیاد دائم، بينما تمثل الحافلات العامة 22% من رحلات السكان، مقابل 17% للمترو من الرحلات104. على الصعيد الآخر، يغطي مترو الأنفاق 10% فقط من مساحة القاهرة، بينما يمكن أن تصل الأتوبيسات إلى كافة الأماكن في المدينة 105.
وفي ضوء تلك التقديرات، نجد أن نسبة التحرش ضد النساء مرتفعة وذلك بسبب هيمنة الميكروباصات على وسائل المواصلات النقل الجماعي، وكونها أكثر وسيلة نقل يتركز بها التحرش الجنسي ضد النساء. وكذلك تمثل الميكروباصات نسبة كبيرة من مسببات حوادث الطرق، التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للوفيات في مصر 106. وما يترتب على ذلك أن تكلفة الانتقال تصبح غير ميسورة للجميع، فنجد متوسط إنفاق الأسر المصرية على الانتقالات يقدر بـ 6.3% من إجمالي نفقاتها وتعتبر رابع بند في إنفاق الأسرة، كما أنها تفوق معدل نسبة إنفاق الأسرة على التعليم الذي يبلغ 2.8% 107، كما تزيد نسبة الإنفاق على المواصلات تدريجيًا مع إجراءات رفع الدعم المستمرة على مصادر الطاقة 108.
بالإضافة للمواصلات العامة، تكون النساء أكثر قابلية للانتقال عن طريق المشي لقضاء حاجاتها، وبسرعة بطيئة وذلك لكونهن مسؤولات عن الرعاية، فغالباً ما تنتقل النساء وهن حاملات لحقائب السوق، أو بصحبة الأطفال أو كبار السن 109. وغالبًا ما تتفادى النساء الخروج من المنزل بعد حلول المساء والمشي بمفردهن في الشارع، ويبتعدن عن استقلال وسائل النقل العام، عن طريق استخدام مسارات أطول للانتقال بعيدًا عن المواصلات أو الشوارع الخطيرة، وعادة ما يكلفهن ذلك نفقات أكبر للانتقال، ويسمى يفقر المواصلات.
وضع المواصلات العامة في مصر
نستطيع أن نستنتج أولويات الإنفاق الحكومي بقطاع المواصلات العامة عندما ننظر إلى مخصص الموازنة العامة في هذا القطاع موازنة العام المالي 2015 / 2016 أن موازنة النقل بلغت 24.3 مليار جنيه مصري، تم تخصيص 19.9 مليار جنيه منها للطرق السريعة والكباري، مقابل 44 مليار جنيه فقط للمواصلات العامة، وتركز الإنفاق على المواصلات العامة في العاصمة المصرية القاهرة فقط بنسبة 90% من مخصصات الإنفاق على المواصلات العامة 110. بكامل مصر. ويتم إنفاق أغلب المخصصات من الموازنة للمواصلات العامة على إنشاء وتطوير خطوط مترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى فقط.
وتشكل الأتوبيسات العامة المملوكة للدولة المركزية والمحليات بالمحافظات المختلفة عصب النقل العام في مصر لأنه يخدم أغلبية المواطنين وخاصة الفئات محدودة الدخل والفقراء. لكن لا تأتي المواصلات العامة على أجندة أولويات الإنفاق الحكومي، وهذا ما تعبر عنه أعداد الأتوبيسات العامة والتي تقدر بنسبة 0.13% من إجمالي عدد المركبات في مصر، في مقابل نسبة 45.5% من السيارات الخاصة 111. ويستحوذ إقليم القاهرة الكبرى على حصة 50% من إجمالي الأتوبيسات العامة في مصر، مقابل 28% من الأتويسات التي تعمل داخل باقي المحافظات، و22% للأتوبيسات التي تعمل للنقل بين المحافظات 112. فإذا ما وضعت الدولة الإنفاق على المركبات العامة من أولوياتها مع توزيعه توزيعًا عادلاً بين المحافظات فستحقق أولاً، العدالة في التوزيع بين مختلف المواطنين، وثانيًا، ستكون تكلفتها أقل لأنها لا تحتاج لبناء مسارات خاصة بها كمترو الأنفاق، ثالثًا، ستعطي مساحات أكبر من التي يصلها المترو113.
ويرتب ذلك القصور في الإنفاق على المواصلات العامة التسبب في عدم ملائمة المساحات العامة لاحتياجات النساء، وبالتالي يلجأن لتجنبها للحفاظ على سلامتهن، فتزيد من اتجاهات النساء لاستخدام المواصلات الخاصة، بمختلف شرائحهن، خصوصًا تطبيقات النقل الجديدة (أوبر – كريم) وسيارات الأجرة والميكروبصات، ففي استيان استهدف 2500 سيدة مصرية، ذكرت 40% من الشريحة الاجتماعية الأدنى في الدخل للنساء استعدادهن لدفع أموال أكثر في المواصلات لضمان أمانهن (الشريحة التي تتقاضى من 1000 – 2000 جنيه شهريًا)، وكلما زاد الدخل للنساء، كلما زاد إقبالهن على استخدام تلك الوسائل للنقل. بينما تفضل النساء من شرائح الدخل الأدنى استخدام التوكتوك أو سيارات الأجرة للتنقل، أو الخلط بين وسائل المواصلات، كاستقلال الميكروباصات وسيارة الأجرة داخل الرحلة الواحدة، لتفادي الأخطار الجسدية عليهن ١١4.
وتقدر التكلفة الاقتصادية السنوية للحد من حركة النساء داخل المساحات العامة والمواصلات، وإقصائهن بحوالي 548 مليون جنيه مصري، وذلك لسبب تجنبهن للمسارات غير الآمنة وتبديلها، واصطحاب مرافق معها خلال رحلاتها اليومية لحمايتها من العنف الجنسي والتحرش115.
4-3 اﻷمان والخلو من العنف
تتعرض النساء فى مصر بصورة يومية للتحرش والعنف الجنسي في المجال العام، ويعتبر التحرش الجنسي من أكثر الأسباب التي تعيق وصولهن وتنقلهن في المساحات العامة، وتساهم عدة عوامل في انتشار التحرش الجنسي في المساحات العامة، وهي تقسيم العمل للأعمال داخل الحيز الخاص والعام، وحصر دور النساء داخل الأسرة، بالإضافة إلى التقسيم المكاني للفصل بين السكني والتجاري116، وتزيد نسبة التعرض للتحرش والعنف الجنسي كلما غاب التخطيط الحضري الملائم للنساء، كغياب وسائل النظافة، أي دورات المياه والصرف الصحي الملائم، وغياب الإضاءة، وعدم اتصال الشوارع ببعضها، مما يؤدي لتحويل النساء لمساراتهم واختياراتهم الشخصية، من حيث استخدام مسارات دون مسارات أخرى، وزيادة إنفاقهن على المواصلات، كما تحد من قابليتهن للمشي والتريض في المساحات العامة، الذي غالباً ما يؤدي إلى محدودية فرصهن الاقتصادية وبالتالي مشاركة أقل في قوة العمل، ويزيد من فرص إصابتهن بالأمراض المزمنة والسمنة لمحدودية حركتهن117.
وبناء على استطلاع رأي أجرته رويترز عام 2018 على خمسة مدن كبرى، تعد مدينة القاهرة من أخطر المدن الكبيرة على النساء من حيث نسبة تعرضهن للتحرش الجنسي في المساحات العامة والمواصلات العامة 118. بالإضافة لذلك، كشفت إحصائية أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن تعرض 99.3% من النساء المصريات للتحرش الجنسي في الأماكن العامة، كما تتعرض 81.8% منهن للتحرش الجنسي في المواصلات العامة119.
التحرش الجنسي في المساحات والمواصلات العامة
المصدر: دراسة عن طرق ووسائل القضاء على التحرش الجنسي في مصر– هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013.
كما يؤدي تفشي التحرش والعنف الجنسي، ليس فقط إلى إقصاء النساء من الحياة العامة، وإنما يجعلهن أكثر عرضة لعنف الشريك الحميم، أي العنف المرتكب من الزوج، ويرجع ذلك لأن غياب التمكين الاقتصادي والمجتمعي للنساء يحد من اختياراتهن في حياتهن الشخصية، وقدرتهن على اتخاذ القرارات داخل الأسرة، ومحدودية الاستجابة لهن حين يطلبن المساعدة. فبالتالي نجد أن حوالي 46% من النساء السابق لهن الزواج في الفئة العمرية (18 – 64) تعرضن لعنف نفسي، وبلغت نسبة تعرض النساء للعنف الجنسي 12%. بينما تعرضت 32% من النساء السابق لهن الزواج لعنف بدني، ومن بين هذه النسبة، لجأت 1% منهن فقط لطلب المساعدة وتبليغ الشرطة 120.
العنف الزوجي ضد النساء
المصدر: مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي 2015.
وبالرغم من وجود تشريع عقابي يجرم التحرش الجنسي 121، إلا أن آليات تنفيذه لا تزال شديدة الضعف، وذلك لعدم وجود آلية للتبليغ ووصول الشرطة في مكان حادثة التحرش، ودعم المجتمع المحيط لمساعدة المتحرش على الهروب، وفي بعض الأحيان تعرض ضحية التحرش الجنسي للضرب من قبل المتحرش حال اعتراضها، بالإضافة إلى غياب سرية بيانات الشاكيات 122. مما يؤدي لاحتمالية تهديدهن 123، والتشهير بهن في قضايا التحرش حال قيامهن بالتبليغ 124.
تتعرض النساء للعنف الجنسي في المساحات العامة نظراً لعدم وجود شوارع ممهدة للنساء من حيث الإنارة، واتصال الشوارع، ووجود أماكن مظللة وآمنة للجلوس 125، بالإضافة إلى هيمنة النشاط الاقتصادي المفرط على استخدام الشارع، وتفضيل تصميم الشوارع لملائمة السيارات الخاصة. وبالتالي تجد النساء أن المساحات العامة أنفسهن معرضات لخطر التحرش الجنسي، ويضطرون للمشي في شوارع مظلمة للوصول لهدفهن، أو قطع مسارات أكثر طولاً من المسار الطبيعي بسبب غياب اتصال الشوارع ببعضها 126.
ويؤدي عامل التحرش الجنسي أيضًا للحد من وصول النساء للمساحات العامة في كافة الأوقات، أو بنفس القدر المتمتع به الرجال، وبالتالي يهدد ذلك فرصهن التعليمية والاقتصادية والصحية، وتعيقهن من الترقي الوظيفي، لتفضيل النساء للأعمال الصباحية، القريبة من محل سكنهن، وهي فرص لا تتوفر لكافة النساء، الأمر الذي يعزز من إقصائهن العملي من وظائف البترول، وبعض الأعمال الهندسية، والأعمال الشرطية والقضائية، كالتعيين المتساوي بالنيابة العامة، وتقلدهن الموظائف العليا في الدولة، فنجد أن نسبة تمثيل النساء في الأخيرة تبلغ 2.7% فقط من النساء 127.
4-4 الصحة والنظافة
يتسبب الوصول المحدود للمساحات العامة والخدمات إلى محدودية فرص النساء لضمان أسلوب حياة صحي، وضمان الوصول الكامل للرعاية الصحية، ويزيد من فرص النساء في الحد من الأمراض المزمنة والسمنة توافر مساحات عامة مفتوحة آمنة لهن، كالحدائق، والملاعب العامة، وتعلي من فرص سعادتهن والعيش في حالة أفضل. كما أن غياب البنية التحتية المناسبة للنظافة، من حيث توافر المياه، والمراحيض، والصرف الصحي، تسبب في أخطار صحية على الفتيات والنساء، وتحد من حركتهن ووصولهن للمساحات العامة، وبما أن النساء من المسؤولات الرئيسيات عن الرعاية، من ناحية جلب الماء، وإعداد الطعام، والتعامل مع الفضلات، فيصبحن أكثر تأثراً بفقر تصميم البنية التحتية 128.
المياه والصرف الصحي في المنازل
وعلى صعيد الصحة والبنية التحتية، يجب أن تتوافر البنية التحتية المناسبة لكافة المنازل لتحسين أوضاع النساء، من حيث توصيل المياه النظيفة، وتوفير دورات المياه بالمنازل، وشبكة مناسبة للصرف الصحي وطبقًا لبحث الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2017 / 2018، لا يصل 6.8% من الأسر المصرية المياه، بينما لا تتصل 41.1% من الأسرة بالشبكة العامة للصرف الصحي129، هذا يعني أن 8.6 مليون مصري لا تصلهم مياه نظيفة130، وتسبب غياب المياه النظيفة، والصرف الصحي داخل البيوت إلى زيادة العبء الاجتماعي والصحي على النساء والفتيات، فمن ناحية، يتسبب غياب هذه الخدمات بإصابة النساء وأطفالهن بالأمراض، ومن ناحية، عدم توفر تلك الخدمات في المنزل تزيد من تسرب الفتيات من التعليم، وتزيد تسربهن من العمل، كما تزيد من ساعات عملهن داخل المنزل لجلب المياه، والتخلص من الفضلات، وتنظيف المنزل131.
الخدمات العامة
بجانب توافر تلك الخدمات في المنازل، تحتاج النساء لاستخدام الحمامات في المساحات العامة، وتكون هذه الحمامات نظيفة ومجهزة لهن، نظراً للطبيعة البيولوجية للنساء، من حيث الدورة الشهرية والحمل، بالإضافة إلى أعباء الرعاية الواقعة عليهن، لاصطحابهن الأطفال بأغلب الأوقات. وبشكل عام، يغيب الاتجاه إلى إنشاء حمامات عامة أكثر، فنجد أن مصر يتوافر بها 1304 حمامات في27 محافظة، مقابل تعداد سكاني يبلغ 102 مليون مواطن132، بالإضافة إلى السياح. وتغيب الحمامات العامة تمامًا عن بعض المحافظات كمحافظتي الإسكندرية وجنوب سيناء. وتخصص 513 من الحمامات العامة للنساء في مصر مقابل 719 حمامًا للرجال133.
الحدائق العامة والشواطئ
فضلاً عما سبق، من المهم إتاحة مساحات عامة مفتوحة، ومجانية، تتيح مجال لاستمتاع والتسلية، بشكل آمن من التحرش، كالحدائق والملاعب والشواطئ العامة. ويجب أن يتوافر ذلك داخل كل حي، وحديقة أكبر حجمًا لكل منطقة، وحديقة كبيرة لكافة سكان المدينة، بحيث تتوافر العدالة في توزيع نصيب المواطنين من المساحات العامة المفتوحة134.بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الوصول للواجهة المائية (المدن المطلة على البحار أو التي يخترقها نهر النيل) مجانيًا، ومتاحًا للجميع، وغير محجوب رؤيته.
ويبلغ نصيب الفرد في مصر من المساحة العامة الخضراء أقل من المتوسط العالمي، فنجد أن حصة سكان القاهرة من المساحات الخضراء يبلغ 0.8 متر مربع للفرد، بينما تقل هذه النسبة للنصف بالنسبة لسكان الإسكندرية فنصيب الفرد يبلغ 0.4 متر مربع حيث يبلغ عدد الحدائق في كافة المحافظات 75 حديقة، تركز معظمها في القاهرة بعدد 46 حديقة، والجيزة 5 حدائق، وفي الإسكندرية ثاني أهم مدينة حضرية في مصر، كان نصيبها من الحدائق 4 فقط 135.
عدد الحدائق في مصر
المصدر: النشرة السنوية للإحصاءات الثقافية لعام 1919 – الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
بالإضافة لذلك تغيب العدالة في توزيع المساحات العامة داخل مدينة القاهرة بين الأحياء، فنجد مثلاً أن سكان المناطق ذات الدخل المرتفع في القاهرة لديهم4 – 7 متر مربع للفرد، وهو ما يقرب من 70 ضعف المساحات الخضراء في أكثر المناطق فقرًا، التي لا تصل في كثير من الأحيان إلى 0.1 متر مربع للمفرد136.
وبلمحة سريعة على عدد الشواطئ المفتوحة للجميع في مدينة الإسكندرية، ومتاحة بالمجان، نجد أن عددها لا يجاوز 5 شواطئ. و23 شاطئًا الخدمة لمن يطلبها يبلغ رسم دخوله سبعة جنيهات، و21 شاطئاً مميزاً برسم 15جنيهاً، وثلاثة شواطئ سياحة يصل رسم دخولها لـ25 جنيهًا 137، بالإضافة إلى تعرض النساء للتحرش في الشواطئ، ويقيد لباسهن للبحر في شكل معين، وهو تغطية الجسم بالكامل، ونجد نتيجة ذلك أن ساكنات المدن الساحلية، والإسكندرية تحديدًا لا يذهبون إلى البحر للسباحة، بالرغم من قربه لهن.
وكبديل لذلك، إما يحرمن من الشواطئ الموجودة بمدينتهم تمامًا ولا يقضون أوقاتهن بها، أو يلجأن لدفع أموال أكثر للذهاب للشواطئ الخاصة مرتفعة التكلفة أو السفر لمدينة ساحلية أخرى للسباحة والاستحمام ويكون لمدد أقل وبتكلفة أكبر.
وتعد الحدائق والمتنزهات، والشواطئ من أهم المساحات العامة المفتوحة، لأنها توفر المساحات الترفيهية لسكانها بدون رسوم، ولكن النساء لا تستطيع الاستمتاع بالحدائق والشواطئ العامة، لأنها غالباً ما تكون مساحات غير آمنة بالنسبة لهن، ويرجع ذلك لأن النساء يتعرضن للتحرش في الحدائق بنسبة 53.3%، 60.7% في الشواطئ العامة 138.
التحرش الجنسي في المساحات العامة المفتوحة
المصدر: دراسة عن طرق ووسائل القضاء على التحرش في مصر – هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013.
ويترتب على غياب المساحات العامة المفتوحة أو صعوبة وصول النساء لها، أن تحد من حركة النساء ونشاطهن، فتتسبب العوامل السابق ذكرها في نسبة إصابة النساء بالأمراض المزمنة أكبر من الرجال، كما نجد أن نسبة انتشار السمنة عند النساء تفوق الرجال، فتعد مصر الثانية عالمياً في سمنة النساء، وهذه النسبة في تزايد. ففي عام 2015، بلغت النسبة بين النساء 37.5% مقابل 20.3% للرجال 139. وزادت في 2017 إلى 39.7% للنساء، و21.3% للرجال 140.
وبناءً على تلك المعايير سابقة الذكر، والوضع الحالي للمساحات العامة والنساء في مصر، نستطيع أن نرى الوضع الغير متساوي للنساء في المساحات العامة، وغياب حقهن في المدينة، مقارنة حتى بأقرانهن من الرجال من نفس الفئات المهمشة، وبالتالي يجب أخذ المعايير السابقة في عين الاعتبار وقت تصميم المساحات العامة، وهي ما تسمى بالإجراءات التحويلية للوضع القائم للمساحة العامة، وذلك من خلال إجراء تدخلات جديدة للشمول عنصر النوع الاجتماعي في التصميم الحضري، وعند وضع مشاريع النقل، كما يتم ترسيخ ذلك من خلال تعزير مشاركة المؤسسات والأفراد المعنية من النساء، وتطوير المناهج التعليمية بجانب التخطيط العمراني للحد من النظرة الأبوية للنساء لحمايتهن من التعرض للتحرش الجنسي في المساحات والمواصلات العامة، والنظر لهن بنظرة متساوية141.
وبجانب الإجراءات التحويلية، والتي تعالج جذور المشكلة، توجد الإجراءات الوقائية من العنف الجنسي، التي تتمثل في منع الجريمة قبل وقوعها، وذلك من خلال عدة آليات، منها نشر دوريات مستمرة للشرطة، والحرص على إضاءة الشوارع للنساء، وفي كندا على سبيل المثال، تستطيع النساء جعل حافلات النقل العام تقف في محطات غير محطاتها الرئيسية، وذلك لتقريب مسافة توقف الحافلات من أماكن سكنهن، وغالباً ما تتبع الدول النوع الثالث من الإجراءات وهي الإجراءات المستجيبة، التي تبدأ بعد حدوث حوادث العنف الجنسي في المساحات العامة، ولكن بالرغم من كونها الغالبة، إلا أنها لازالت شديدة القصور في مصر، خصوصاً أن جهة الاستجابة الوحيدة هي الشرطة المصرية، ولا تأتي استجابتها بسهولة أبداً عند التبليغ عن حدوث تحرش عن طريق الهاتف، وإنما تحدث من خلال اصطحاب مرتكب التحرش إلى قسم الشرطة، وهو فعل صعب على النساء ضحايا التحرش، لأنهن يحتجن تضامن مجتمعي من الموجودين وقت الواقعة.
بالإضافة إلى صعوبة الاستجابة، تجد النساء صعوبات في فترة التحقيق، وذلك لعدم تأهيل طاقم القسم والنيابة العامة للتعامل مع ضحايا العنف الجنسي، خصوصًا المتأذين نفسيًا منهن، وغياب سرية بيانات الشاكيات. وبالنظر لتجارب بعض الدول الأخرى مع الإجراءات المستجيبة للعنف الجنسي، قامت بعض المدن الهندية بإنشاء أقسام شرطة بأكملها من النساء، وزيادة استخدام التكنولوجيا للتبليغ عن التحرش، كتخصيص تطبيقات حكومية للتعامل مع تبليغات النساء عن التحرش والاعتداء الجنسي في المساحات العامة في بوغوتا، ولقابليتهن للتعامل مع ضحايا العنف الجنسي بشكل أفضل 142. وبالتالي، يجب على الدولة المزج بين الإجراءات الثلاثة للحد من التحرش والعنف الجنسي في الأماكن العامة، أو التحسين منها في حالة وجودها.
كما سلف البيان، تتعرض النساء لتحديات مضاعفة حين استخدامهن للمساحات والمواصلات العامة، وذلك بسبب عدم مراعاة المساحات العامة لاحتياجات النساء نظراً لكون أنماط تنقلهن تتمثل غالبيتها في المشي أو ركوب المواصلات العامة. وبالتالي، لا تناسب الشوارع والمواصلات المصرية النساء، أولًا لكونها مصممة لاستخدام السيارات الخاصة بشكل رئيسي، ولندرة الاهتمام بالإنفاق على المواصلات العامة، وبجانب ذلك، تتسبب المساحات والمواصلات العامة في تعرض النساء للتحرش الجنسي بنسب مرتفعة، وذلك نظراً لازدحامها الشديد، وعدم وجود إجراءات رادعة بها تحد من التحرش بهن، وذلك يرجع لعدم تخصيص قطاع مخصص من الشرطة لمتابعة تلك الجرائم، وعدم فاعلية منظومة التبليغ عن التحرش الجنسي، من حيث غياب المختصين في الشرطة والنيابة للتعامل مع قضايا التحرش والعنف الجنسي الخاصة بالنساء.
ولضمان مساحات ومواصلات عامة آمنة للنساء، يجب تصميم المساحات العامة لتكون مستجيبة لهن، بحيث أن تؤدي الشوارع المصرية وظائفها المتعددة من ضمان التنقل الآمن للنساء، وذلك من خلال تصميم الشوارع لدعم تواجد أشكال التنقل المختلفة من مشاة، ونقل عام، وسيارات خاصة، وأن تكون تلك الشوارع متوافر بها عوامل الأمان من حيث توافر الإنارة، وإزالة وعورة الطريق، ووجود دوريات شرطية وآليات تبليغ عن التحرش بديلة بجانب المتاحة حاليًا، ويجب ضمان التفاعل الاجتماعي في الشوارع والمساحات العامة المفتوحة، من إتاحة مساحات مظللة، وأماكن للعب، والجلوس والانتظار، علاوة على توفير مساحات عامة للترفيه وتعزيز الصحة العامة في كافة الأحياء السكنية في المدن، وموزعة توزيع عادل بينهم، وذلك بتوفير مساحات خضراء كافية وآمنة من حدائق وأشجار، وإتاحة رؤية الواجهة المائية للمدن وتعزيز حق ساكني المدن الساحلية في الوصول مجانيًا للشواطئ.
1- شيماء الشرقاوي، “الحق في المدينة والإصلاح العمراني في مصر” (بيروت: منتدى البدائل العربي، مايو 2014).
2- ديفيد هارفي، لبنى صبري (مترجم)، “مدن متمردة: من الحق في المدينة إلى ثورة الخضر” صفحة 30. (الشبكة العربية للأبحاث والنشر 2017).
3- Global Platform for the Right to the City- What is the Right to the City?
Available at: https//www.right2city.org/the – right-to-the-city/
4- برنامج الموئل الثالث، الخطة الحضرية الجديدة 2017.
UN Habitat III, The Right to the City and Cities for All 2016.
6- تضامن، “الحق في المدينة” ( يناير 2014).
متاح على: https://bit.Ly/3GX8HF8
7- Instituto Polis, The Statute of the City, new tools for assuring the right to the city in Brasil.
Available at: https//bit.ly/3c2F72R
8- Global Platform for the Right to the City- What are the main ideas behind the right to the city?
Available at: https://www.right2city.org/the- right- to- the-citt/
9- الاسكوا، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، خطة 2030 والخطة الحضرية الجديدة: الترابط والاتساق، شباط / فبراير2021.
متاح على: : https://bit.ly/3CTLv7q
10- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية – غايات الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة لعام2030.
متاح على: https://bit.ly/27UHLO3U
11-The Biennial of Public Space & UN Habitat- Charter of Public Space.
12- Global Public Space Toolkit: From Global Principles to Local Polices and Practice Revision February 2016 (UN Habitaty) Nairobi.
13-UN Habitat (2018). SDG Indicator 11.7.1 Traning Module: Public Space United Nations Himman Settlement Programme (UN-Habitat), Nairobi.
14- The Biennial of Public Space & UN Habitat- Charter of Public Space.
15-Global Public Space Tolkit: From Global Principles to Local Policies and Practice Revision: February 2016 (UN Habitat) Nairobl>
16- Gehl Architects & EMBARQ- Istanbul an accessible city- a city for people.
17-Urban Synergies Giup – Perspective Statement, Right to the City
19- Global Public Space Toolkit: From Global Principles to Local Policies and Practice Revision: February 2016 (UN Habitat) Nairobi.
20-UN-Habitat (2018), SDC Indicator 11.7.1 Training Module: Public Space. United Nations Human Settlement Programme (UN-Habitar), Nairobi.
21- المصدر السابق.
22- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية – غايات الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
متاح على: https://bit.lv/3miiV92
23-UN Habitat (2012)- Gender Issue Guide: Urban Planning and Design. United Notions Human Settlements Programme 2012.
24-Margaret Thornton The Public/Private Dichotomy: Gendered and Discriminatory- Journal of Law and Society Winter, 1991, Vol, 18, No. 4 (Winter, 1991). pp 448-463.
25- المصدر السابق.
20 – هيئة الأمم المتحدة للمرأة – اقتصاد الرعاية في مصر الطريق نحو الاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والحد منها وإعادة توزيعها 2020.
27- المجلس القومي للمرأة “مرصد السياسات والبرامج المستجيبة لاحتياجات المرأة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد” النسخة الخامسة، يناير 2021.
28- ويكي الجندر – جندر.
متاح على: https://bit.ly/3FGLVLt
29- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، مسح استخدام الوقت في جمهورية مصر العربية 2015
30- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، النشرة الربع سنوية لبحث القوى العاملة، الربع الأول يناير فبراير المارس 2021.
31- المنتدى الاقتصادي العالمي، المؤشر العالمي للفجوة بين الجنس 2021.
32 – انتصار بدر، “نساء في العمل، العملات وسياسات الخصخصة ص. 79″ (مؤسسة المرأة الجديدة 2007)
33- المنتدى الاقتصادي العالمي، المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين 2021.
34- البنك الدولي “دراسة عن التمكين الاقتصادي للمرأة “، 2018.
35- د. هويدا عدلي، ” الفقر والسياسات العامة في مصر دراسة توثيقية تحليلية“
– Global Public Space Toolkit: From Global Principles to Local Police and Practice Revision: February 2016 (UN Habitat) Nairobi.
37-Gehl Architects & EMBARQ- Istanbul an accessible city-a cits for people.
38- Jan Gehl 2010- Cities for People.
39- Global Platform for the Right to the City-Right to the City components
36Available at: https://www.right 2city.org/ right- to- the- city componts.
40- World Bank Handbook for Gender- Inclusive Urban Planning and Design The World Bank 2020.
41-Global Public Space Toolkit: From Global Principles to Local Policies and Practice Revision: February 2016 (UN Habitat) Nairobi.
42- تنص الفقرة الثانية من بعير المادة 73 من الدستور المصري لعام 2012 المعدل عام 2014 على أن “وحق الإجتماع الخاص سلميًا مكفول،دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه“.
43- المصدر السابق نص المادة 44 “تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها، كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائي ودعم البحث العلمي في هذا المجال، وحق كل مواطن في التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدي على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون“.
44- المصدر السابق نص المادة 45 “تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية. ويحظر التعدى عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن في التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء في الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للإنقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون“.
45- المصدر السابق نص الفقرة الأولي من المادة 11 على أن “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وفقا لأحكام الدستور“.
46-UN Habitat 2013- Streets as public spaces and drivers of urban prosperity. United Nations Human Settlement (UN- Habitat). Nairobi.
47-Lamia Abdelfattah. “Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Caira: lessons for urban policy” (Politecnico di Milano:2018).
48- حلول للسياسات البديلة، “طرق تشمل الجميع إعادة النظر في تصميم شوارعنا“، (نوفمبر 2020)
49- Indian Ministry of Housing and Urban Affairs & The Institute for Transportation and Development. “Complete Street Policy Framework”, February 2019.
50- المصدر السابق.
51- بيسان کساب، “رغم زيادة الغاز الطبيعي.. “الصناعات كثيفة الأستهلاك” تستمر في جني ثمار أزمة الطاقة العالمية، نشرة مدى مصر(2021)
متاح على: https://bit.ly/2YcNrtr
52- Indian Ministry of Housing and Urban Affairs & The Institute for Transportation and Development. “Complete Street. Policy Framework.” February 2019
53- UN- Habitat: “SDG Indicator11.7.1 Traning Module: Public Space: (2018).
54- المصدر السابق.
55 – حلول للسياسيات البديلة.، ” طرق تشمل الجميع إعادة النظر في تصميم شوارعنا“، نوفبر (2020).
56- حلول للسياسات البديلة، “طرق تشمال الجميع إعادة النظر في تصميم شوارعنا (نوفبر 2020)
57-Lamia Abdelftattah, Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Cairo: lessons for urban policy- Politecnico di Milano 2018.
58-WHO, Global Status Report on Road Safety 2018-World Health Organization 2018.
59- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، “نشرة حصر المحركات المرخصة” 2015.
60- World Bank. “Handbook for Gender- Inclusive Urban Planning and Design” (2020).
61-TOMTOM “TOMTOM Tratlic Index”، (2019-2020)
Available at:https://www.tomtom/en-gb/traffic-index/
62- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، “نشرة حصر المركبات المرخصة“، (2015).
63-Lamia Abdelftattah. “Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Cair: lessons for urban policy (Politecnico di Milano 2018)
64-Yahya Shawkat. “Cairo’s New Roads: An Assault on Pedestrans and Mass Transit”, (Alternative Policy Solutions:2020)
Available at: https://bit.ly/3GLtdZ6
65- مدحت إسماعيل، “النقل” تستعرض المشروعات الطرق والكباري المنفذة في 2020″، (جريدة المال 2020).
متاح على: https://bit.ly/3q3EOYA
66-World Health Organization. “Global Status Report on Road Safety.” (2018)
67- Tadamum. “Urban Mobility in Cairo: Governance and Planning.” February 2017.
Available at: https://bit.ly/3bSSTuL
68- نورا فخري، “أبرز 10 مشروعات تستهدف الحكومة تنفيذها في مجال الطرق، تعرف عليها” (اليوم السابع (2021)
متاح على :https://bit.ly/3q3E0YA
69- قانون رقم 100 لسنة 2020 بربط موازية النقل العام بالقاهرة للسنة المالية 2020/ 2021 المادة الأولى.
70- قانون رقم 101 لسنة 2020 موازنة الهيئة العامة لنقل الركاب بمحافظة الإسكندرية للسنة 2020 / 2021، المادة الأولى.
71- Yahya Shawkat. “Cairo’s New Roads: An Assad on Pedestrians and Mass Transit.” (Alternative Policy Solutions:2020)
Available at: https://bit.ly/3GLtdZ6
72- سمر أشرف، ” ركاب السيارات في القاهرة يتعرضون لمستويات من التلوث“، للعلم فبراير 2020.
متاح على :https://bit.ly/3mCYLmW
73- مدى مصر، ” بعد صدور تقرير رسمي يدين ” السولار المصري” هل يمكن تأسيس منطاق منخفضة الانبعاثات في مصر؟ “، نشرة مدى البلد، (2021).
متاح على :https://bit.ly/3bCVK4N
74- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، نشرة حصر المركبات المرخصة، 2017.
75- البنك الدولي، ” مارتن هيجر وكريخ مايسن، تنقية هواء القاهرة… خطوة خطوة“، مدونة البنك الدولي 2019.
متاح على :https://bit.ly/3GORrlm
76- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ” ورقة حقائق ومعلومات عن تلوث الهواء في مصر“، (2018).
77- خالد عبد الرسول، “عوادم السيارات.. الموت من أقصر طريق“، الوطن، مارس 2020.
متاح على :https://bit.ly/3CGrzph
78- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، خصائص الأسرة الفقيرة، دراسة تحليلية من واقع بيانات بحث الدخل والإنفاق 2018 – 2017.
79- الأمم المتحدة، ” النساء بوصفهن عوامل للتغيير“
متاح على :https://bit.ly/3wceLwp
80- هيئة الأمم المتحدة للمرأة،” دور اقتصاد الرعاية في تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي تقدم المرأة في الدول العربية“، (2020).
81-Global Public Space Toolkit: From Global Principles to Local Policies and Practice Revision February 2016 (UN Habitat) Nairobi.
82- Gehl Architects & EMBARQ- Istanbul an accessible city- a city for people.
83- خبر صحفي بجريدة اليوم السابع بعنوان “مصر تحتاج 58 مليون متر حدائق. والإحصاء: يوجد 5.4 مليون فقط” نشر بتاريخ 9/2/2018.
84- تضامن، “الحق في الفراغ العام في الدستور المصري، مارس 2014.
متاح على :https://bit.ly/3ClCpLu
85- مروة مرسي،” انتهاء 68% من مشروع حماية قلعة قايتباي بالإسكندرية“، الوطن 2020.
متاح على :https://bit.ly/3k4uL6N
86- رامي ياسين،” يتضمن فندقًا عالميًا ومرسى لليخوت“. مشروع تطوير سيدى جابر“. نقلة سياحية على كورنيش الإسكندرية، الأهرام 2018.
متاح على :https://bit.ly/3Igk0yr
87- الإنسان والمدينة للدراسات الإنسانية والاجتماعية، “تحليل لشاطئ الإسكندرية من رأس التين إلى المنتزة“، إحصاءات غير منشورة 2020.
88 – الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء “النشرة السنوية للإحصاءات الثقافية لعام 2019″، إصدار مارس 2021.
89- جورجيت شرقاوي، “التطوير الحضاري يطمس الهوية التراثية بـ “حديقة الخالدين” في وسط الإسكندرية الديار 2020.
متاح على :https://bit.ly/3mFjScU
90 – رجب رمضان “حدائق المنتزه“.. مقصد سياحي عالمي يستعيد بعد التجديد“، المصري اليوم 2021.
91- World Bank Handbook for Gender-Inclusive Urban Planning and Design The World Bank 2020.
92-World Bank Handbook for Gender- Inclusive Urban Planning and Design. The World Bank 2020.
93- الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، “تاريخ الإسكان الاجتماعي في مصر“، 2021.
94- المصدر السابق.
95- تضامن، “النساء والوظائف غير المستقرة: تحليل مكاني لانعدام الأمن الاقتصادي في أحياء القاهرة” (2019).
متاح على :https://bit.ly/3mIh6Uw
96- المصدر السابق
97- المصدر السابق، الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، النشرة الربع سنوية لبحث القوى العاملة الربع الأول يناير فبراير مارس 2021
98-World Bank Handbook for Gender-Inclusive Urban Planning and Design The World Bank 2020.
99- الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، تاريخ الإسكان الاجتماعي في مصر– 2021.
100- Lamia Abdelfattah. Deconstructing the trajectories at gendered mobility in Cairo: lessons for urban policy- Politecnico di Milano 2018.
101-Belinda Goldsmith, Exclusive: Safety and time are women’s biggest concerns about teansport-globed poll- Thomson Reuters Foundation 2018
Available at: https://rcut,rs/3GY69Xp
102-UN Women-Study on Ways and Methods to Eliminate Sexual Harassment in Egypt. 2013.
103- المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، “مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي“، (مصر 2013).
104- Yahya Shawkat, Cairo’s New Rods: An Assault on Pedestrians and Mass Transit-Alternative Policy Solutions 2020>
105-Lamia Abdelfattah. “Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Cairo: lessons for urban policy” (Politecnico di Milano:2018)
106- المصدر السابق.
107- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،“بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك“، 2018 الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء “بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك، 2018.
108- العربية “مصر ترفع أسعار الوقود للمرة الثانية خلال 3 أشهر“، (2021).
متاح على :https://cutt.ly/FRXJ0es
109- World Bank Handbook for Gonder-Inclusive Urban Planning and Design. The World Bank 2020.
110-Yaha Shawkat & Amirs, Khalil The Built Environment Budget FY 2015/2016- A Built Environment Observatory Policy Series June 2016.
111- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،” مصر في أرقام النقل“، 2021.
112- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ” النشرة السنوية لإحصاءات النقل العام للركاب داخل والخارج المدن 2016/ 2017 فبراير 2018.
113-Yahya Shawkat “Cairo’s New Roads: An Assault on Pedestrians and Moss Transit.” (Alternative Policy Solutions 2020)
Available at: https://bit/3GLtd76
114- Lamia Abdelfattah. “Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Cairo: Lessons for urban policy” (Politecnico di Milano:2018).
115- المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، “مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي“،( مصر 2013 ).
116- World Bank, “Handbook for Gender- Incluive Urban Planning and Design.”( 2020).
117- المصدر السابق.
118- Beinda Goldsmith EXCLUSIVE-Cairo named most dangerous megacity for women; Landen best-poll- Thomson Reuters Foundation 2016.
Available at: https://rcut.rs/2ZQMJIR
119- UN Women. “Study on Ways and Methods to Eliminate Sexual Harassment is Egypt.” (2013)
120- المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، “مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي“، (مصر 2013).
121- قانون العقوبات رقم 58 السلة 1937 – المواد 306 مكرر (أ) و (ب).
122- غدير أحمد – شهادة على تجربة التبليغ عن وقائع التحرش الجنسي 2021.
متاح على :https://bit.ly/30fiY16
123- روزانا ناجح – شهادة عن التهديد بالانتقام وتسريب بيانات الشاكية في قضايا التبليغ من التحرش الجنسي.
متاح على :https://bit.ly/3qtPaCe
124- “بسنت: ما قصة فتاة ميت غمر التي تعرضت لتحرش جماعي وتهديد بالحرق؟” ( بي بي سي عربي: ديسمبر 2020).
متاح على :https://bbc.in /3EGqUEN
125- Metropolis-Safety and Public Space: Mapping metropolitan gender policies 2018.
126- World Bank Handbook for Gender- Inclusive Urban Planning and Design. The World Bank 2020.
127- المصدر السابق، الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، النشرة الربع سنوية لبحث القوى العاملة، الربع الأول يناير فبراير مارس 2021.
128-World Bank Handbook for Gender-Inclusive Urban Planning and Design. The World Bank 2000.
129- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، “بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2017 / 2018، إصدار مايو 2019
130- يونيسيف، المياه والصرف الصحي والنظافة 2017.
متاح على :https://www.unicef.org/Egypt/ar/water-saniation-and-hygiene
131-World Bank Handbook for Gender- Inclusive Urban Planning and Design. The World Bank 2020.
132- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الساعة السكانية الآن.
متاح على :https://www.capmas.gov.eg
133- رقية كمال، “مع غياب حمامات العامة. أين يقضي المواطن حاجته؟“، مصر في يوم 2018.
134- الجهاز القومي للتنسيق الحضاري 2010 ” أسس ومعايير التنسيق الحضاري للمناطق المتوجة والمسطحات الخضراء“.
135- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، “النشرة النسوية للإحصاءات الثقافية لعام 2019″، إصدار مارس 2021.
136- تضامن، ” الحق في الفراغ العام في الدستور المصري” 2014.
137-الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، كورنيش الإسكندرية بين الخصخصة وحق الرؤية 2020.
138- UN Women, “Study on Ways and Methods to Eliminate Sexual Harassment in Egypt.” (2013)
139- World Health Organization. World Health Statistics 2015.
140- إسلام إبراهيم، “دراسة بريطانية تدق ناقوس الخطر: مصر تحتل المركز الثاني عالميًا في معدلات انتشار سمنة النساء بـ 10 ملايين امرأة. نصف المصريات سيصبن بالمرض و30% من الرجال سيتحولون إلى بدناء بحلول 2025، اليوم السابع 2016.
متاح على :https://cutt.ly/tRN0jMW
141- Metropolis-Safety and Public Space: Mapping metropolitan gender policies 2018.
142 – المصدر السابق.