العدد الرابع – اختيار
تاريخ النشر:
2017
تصميم الغلاف:
التحرير:
التدقيق اللغوى:
مراجعة:
كتابة:
مقدمة
كيف عاشت “حارقات” كميونة باريس بعد الهزيمة؟ بطلات تلك الأسطورة التاريخية، مجموعة النساء الفقيرات القبيحات نصف العاريات, اللاتي كن يحرقن باريس في آخر أيام الكميونة. تتوقف الأسطورة عند فعل الحرق، وتختفي النساء. قصة من مشهد درامي واحد. لكن من المؤكد أنه كان لقصصهن بقية. فهل للحياة اليومية ومعاركها مكان بعد المشاهد الكبرى؟
تبدأ الدورية الرابعة بما يبدو أنه السؤال الأشمل: هل من الممكن أن نعيش كنساء وكنسويات “ببساطة“؟ هل يمكن أن تصير اختیاراتنا يومًا مجرد تفضيلات شخصية نمر بها عبر الحياة بخفة؟
في هذه الدورية أصوات نساء متعددة، بعضهن يشاركننا تجاربهن الشخصية، ربما بنية النشر لأول مرة. ومن البوح نعبر للرؤية النظرية لأخريات، لكيف هي حياة النساء في عالم يخضع لقوانين تتحكم فيهن، وكيف يرين أنماط وأصول تلك القوانين كاتفاقات ضمنية، وكيف يقاومن ويقمن باختياراتهن. كيف يعشن مع أجسادهن، وكيف يعشن مع تقاطعات أشكال التمييز والامتيازات المختلفة في حياتهن. وكيف يحاولن خلق مساحات بديلة أكثر أمانًا، تفصل أحيانًا، فتصبح التجمعات النسوية مسخًا مجملاً، يحمل أشكال التمييز المتعددة نفسها من المجتمع الأوسع.
ما بين لغات خبرية موجزة، ولغات شعرية، تساعد على إيصال ما يصعب شرحه، نسعى لإتاحة مساحة لأصواتنا بتعددها. لتتكامل فتخلق صورة أوسع، لما يعنيه أن نعيش كنساء في واقعنا المحلي والإقليمي. من موقعنا, نسعى لتجميع معرفة تعبر عن واقعنا المباشر، نستعير فيه أفكارًا من أماكن أخرى، فقط لتأملها ورؤيتها في سياقنا.
وبينما نعيش في العالم تحت تحديق الرجال, ونسعى لخلق معرفتنا الخاصة. نتفاعل مع منتجات مجتمعنا الثقافية, ونراها من موقعنا كنساء. في هذه الدورية نجد رؤية نقدية لثلات نساء. تتفاعل كاتبتان نسویتان, تأتي جذورهن من لبنان والكويت، في حوار عن رواية لكاتب مصري. وتقدم لنا صانعة أفلام من مصر رؤيتها للرجولية في أفلام محمد خان, وتأثرها بالمخرج.
بخلق معارفنا الخاصة باختلافاتها. نسعى، ليس فقط لأن نسمع أصواتنا بوضوح لتساعدنا على الفهم، لكن أن نفهم اختلاف تجاربنا وتباينها واختلاف مواقعنا, لخلق تفاهم أشمل لما يعنيه أن نعیش کنسويات ونساء الآن وهنا.
وحتى يأتي يوم تكون اختياراتنا فيه “بسيطة“، نحاول أن نفهم ضيق أدوارنا الاجتماعية لدفعها حتى حدودها. لنفهم كيف تتراص تلك الأدوار واحدة فوق الأخرى، لتخلق مساحات مختلفة للحركة لكل منا. فلا نخدع أنفسنا بأن بإمكاننا أن نتماهي. فلا إمكان لتضامننا إن لم تتسع قضيتنا كنساء للتصدي لأشكال التمييز الأخرى، التي نتعرض لها باختلافاتنا. حينها فقط يمكن أن نتفاهم، فنساعد بعضنا على النمو، حتى لا يمكن لتلك الأدوار الضيقة أن تسعنا.