النساء والتحليل النفسي
رقم الايداع:
2016/5871
الترقيم الدولي:
928-977-5895-32-5
رقم العدد:
6
رقم الطبعة:
الطبعة الأولى
تاريخ النشر:
2016
الاشراف العام:
تصميم الغلاف:
التحرير:
التدقيق اللغوى:
التقديم:
ترجمة:
تصدير
يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة “ترجمات نسوية” الصادرة عن مؤسسة المرأة والذاكرة، وهي مؤسسة ثقافية نسوية تتبنى رسالة معرفية ترتكز على منظور النوع (الجندر) سعيًا إلى الإسهام الفعال في إنتاج معرفة ونشر ثقافة بديلة حول النساء في المنطقة العربية، كما تعيد قراءة التاريخ الثقافي بهدف تشكيل وعي داعم لأدوار النساء الاجتماعية والثقافية في مواجهة المفاهيم النمطية المغلوطة السائدة. وهكذا تسعى “المرأة والذاكرة” إلى تحقيق هدف رئيسي وهو دعم وتمكين النساء من خلال إنتاج المعرفة ونشرها.
وفي إطار جهود “المرأة والذاكرة” في سبيل دعم مناهج الفكر والتحليل النسوي في العالم العربي، نسعى إلى إتاحة المعرفة الثقافية الصادرة في المؤسسات الأكاديمية الغربية من خلال نقلها إلى اللغة العربية بهدف التعريف بها وتشجيع التفاعل الفكري معها بالفهم والنقد والتطبيق والتفنيد. ونأمل بذلك في المساهمة في إنتاج معرفة بمناهج البحث النسوية ومن منظور النوع (الجندر) تخلق تراكمًا علميًا معرفيًا في مجال الدراسات النسوية ودراسات النوع (الجندر) وتطبيقاتها عبر التخصصات المتباينة ذلك إلى جانب وعينا بأهمية دور عملية الترجمة في حد ذاتها في صياغة المصطلحات والمفاهيم وإنتاج المعرفة باللغة العربية في مجال البحث النسوي ودراسات النوع (الجندر)، على المستويين اللغوي والمعرفي.
ويأتي هذا الكتاب من السلسلة بعنوان “النساء والتحليل النفسي“، من تحرير وتقديم د. عفاف محفوظ، أستاذة القانون والمستشارة الدولية في قضايا النساء والمحللة النفسية، وقامت بترجمته إلى اللغة العربية د. عايدة سيف الدولة، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، والناشطة الحقوقية.
ونحن إذ نصدر هذا الكتاب ضمن سلسلة ترجمات نسوية، ونرى أهميته بالنسبة للمكتبة العربية عامةً والمتخصصة في الدراسات النسوية ومنظور النوع (الجندر)، فإننا نستشرف فيه أيضا إمكانيات استخدامه كمرجع دراسي في برامج الدراسات العليا في المؤسسات الأكاديمية العربية.
مؤسسة المرأة والذاكرة
مارس 2016
مقدمة المحررة
عن النساء والنسوية والتحليل النفسي
عفاف محفوظ
بدأ الاهتمام بالتحليل النفسي في مصر منذ وقت طويل على الرغم مما تعرض له فرويد من تشويش وتشويه. وقد شهدت الأربعينيات من القرن العشرين نشأة التحليل النفسي في مصر، ، بفضل أدوار كل من مصطفى زيوار وفايزة كامل وأسحق رمزي وحورس ويصا واصف كرواد للتحليل النفسي في مصر. كذلك سافر عدد من الرواد ونخبة من الشباب إلى الخارج لاكتساب خبرة في التحليل النفسي، مثل مصطفى صفوان في فرنسا وحسن عبد العظيم في كندا كما لا نستطيع إلا أن نذكر هنا أساتذة الفلسفة، وعلى رأسهم زكي نجيب محمود، وعطاءهم في سبيل توصيل فروع المعرفة إلى قراء اللغة العربية.
هذا وقد بدأ الاهتمام بدراسة التحليل النفسي من منظور جندري في سبعينيات القرن العشرين. وقد سبق لي وأن تناولت ذلك في مقدمة كتاب حررته مع زميلي جوزيف سميث عن “التحليل النفسي والنسوية ومستقبل الجندر“،” حيث أوضحنا تلك البدايات في عام ۱۹۷۵ والتي تزامنت مع العام الدولي للمرأة، حيث قررت مجموعة من النساء والرجال أن يلتقوا يوما كل شهر لمدة عام في ضيافة المحللة النفسية إديث فايجرت (Edith Weigert) للتفكير والنقاش حول ما كان يطلق عليه عندئذ “نفسية المرأة” (Psychology of women). وبداية من يناير ۱۹۹۱ وحتى أكتوبر ۱۹۹۲ عاد بعض أفراد تلك المجموعة، مع آخرين، فقاموا بعقد سمينار عن التحليل النفسي، كان الغرض منه مناقشة والتعمق في فهم العلاقة بين التحليل النفسي والنسوية، أو بشكل أشمل الجندر.
وفي الواقع فإن العلاقة بين التحليل النفسي والنسوية هي علاقة لا يسهل فهمها، لأنها كما أشارت إليزابيث جروش، تطرح تساؤلات حول أي نظرية للتحليل النفسي نأخذ بها، وأي نوع من النسوية يلقي الضوء على قضايا التحليل النفسي.” وعلى أية حال، فقد قدم لنا التحليل النفسي نظرية وطريقة عمل وخبرة إكلينيكية بما أتاح لنا قدرا من الفهم لعلاقات القوى والرغبات والتسلط داخل النفس. وعلى مستوى آخر، أعطتنا الدراسات النسوية نظرية وأدوات لتحليل الجندر وخطة للعمل في مجتمع أبوي متسلط. وأتصور أن الصلة بين التحليل النفسي والنسوية قائمة على التكامل فيما بينهما، ومع غيرهما من المعارف الأخرى.
هذا وقد بدأ اهتمامي بدراسة التحليل النفسي عندما لم أجد إجابات عن أسئلتي بشأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر في ظل دراستي القانونية. وخلال فترة دراستي في باريس للدكتوراه في القانون الدولي والعلوم السياسية، في الستينيات من القرن العشرين، تعرفت ودخلت فى علاقة وجدانية اقتربت خلالها من مصطفى صفوان المحلل النفسي المصري المقيم حينها في باريس، وصديق المحلل النفسي الفرنسي جاك لاكان. فبدأت في حضور سمينار جاك لاكان العام في باريس، إلى جانب المشاركة في حضور مقابلات مع مرضى مستشفى الأمراض العصبية في إحدى ضواحي باريس. واتضحت لي رغبتي في دراسة التحليل النفسي والتدريب عليه، فبدأت بالعرف على مدرسة التحليل النفسي الكلاسيكي في باريس، ثم سافرت إلى واشنطن فتعرفت على المحلل النفسي جوزيف سميث، مدير وحدة أبحاث التحليل النفسي والعلوم الإنسانية، والذي شجعني على البدء في حضور محاضرات في التحليل النفسي التطبيقي نظرا لأن معاهد التحليل الفسي المتخصصة لم تكن تقبل غير المتخصصين وفي أوائل الثمانينيات، قبل المعهد أول شخصية غير متخصصة في التحليل النفسي لتتلقى تدريبا في التحليل النفسي في معهد التحليل الفسي في واشنطن، لتحصل بذلك على إجازة التحليل النفسي – وهي الشاعرة الأمريكية جوديث فيورست. والتحقت أنا أيضا بالمعهد لأكون ثاني شخصية غير متخصصة تحصل على الإجازة في بداية التسعينيات. وبدأت بعدها في ممارسة التحليل النفسي في واشنطن ثم في نيويورك. وكان أملي دوما أن يزداد الاهتمام بالتحليل النفسي في مصر لاعتقادي بأن تنمية المجتمع تتطلب مدخلا متكاملا يجمع بين الاهتمام بالفرد باعتباره الوحدة الأساسية للمجتمع. وإلى جانب اهتمامي بالتحليل النفسي، كنت ممهمومة بحقوق المرأة
وحقوق الإنسان، وصاحبه اهتمام عام بنفسية المرأة. وقد تبلور اهتمامي هذا في أعقاب مؤتمر المكسيك عام ۱۹۷٥ و تخصيص ذلك العام باعتباره عاما للمرأة على مستوى العالم، وواصلت شغفي بكل ما يتصل بالتحليل النفسي والنساء والجندر
وقد جاء اختياري لمحتوى هذا الكتاب مسلطا الضوء على النساء والتحليل النفسي. وقد اخترت فصولا من أحد أعداد الكتاب السنوي في التحليل النفسي، وهو العدد ٣٢ المخصص لدراسات حول التحليل النفسي والنساء.” وهو كتاب شامل يتضمن جوانب في نظرية التحليل النفسي ومنهجياته وممارسانه، كما يسلط ضوءا على دور النساء في تطوير وإثراء مجال التحليل النفسي، مع طرح مراجعات لنظرية فرويد في التحليل النفسي من منظور نسوي. وقد شارك في هذا الكتاب عة من أهم المحلات مجمو النفسيات اللواتي يجمعن بين المعرفة النظرية والخبرة الإكلينيكية في تقاطعاتها مع العمل السياسي والأنثروبولوجيا والإبداع الأدبي والفني، مع الالتفات إلى قضايا النساء والأقليات. أما بالنسبة لدراسة جيسيكا بنجامين الواردة هنا بعنوان “عودة إلى لغز الجنس: نظرة بين شخصية الرجولة والأنوثة“، فهي دراسة اقتراحتها المؤلفة حينما تواصلنا معها للحصول على موافقتها على ترجمة ونشر دراستها الواردة في كتاب التحليل النفسي والنساء بعنوان تفكيك مفهوم الأنوثة محاولة لفهم السلبية وموقع الابنة“، فكان أن اقترحت علينا ترجمة ونشر دراستها اللاحقة الأطول والأشمل بدلا تلك الصادرة في الكتاب، فاستجبنا لدعوتها وأوردناها هنا.
وختاما أود الإشارة إلى أني لم ألتزم بترتيب الكتاب كما هو صادر بالإنجليزية، وإنما قررت تغيير بنيته وتتابع فصوله. فالنسخة الأصلية تنقسم فصولها إلى أربعة أقسام تبدأ بالجانب الإكلينيكي، ثم النظري، تليها التجارب الشخصية وتنتهي بفصول تتناول جوانب تاريخية. بينما رأيت أن أبدأ بالفصول التي تطرح قضايا في تاريخ التحليل النفسي ورائدات التحليل النفسي، ثم انتقلت إلى الفصول ذات الجانب النظري تعقبها دراسات تطبيقية إكلينيكية، في حين رأيت أن أختم الكتاب بكتابات تستند إلى القراءات الشخصية والتأملات الذاتية لمحللات نفسيات معاصرات حول التحليل النفسي والنساء، والتجارب الشخصية والتاريخ. ولم أدرج هنا كل محتويات الكتاب الأصلي، وإنما انتقيت منه ما يسمح بصياغة كتاب متكامل في التحليل النفسي والنساء، يخاطب الباحثات والباحثين المتخصصين في التحليل النفسي و/أو التحليل النسوي، جنبا إلى جنب جمهور القارئات والقراء المهتمين بالتعرف على نقاط التلاقي بين قضايا النساء والتحليل النفسي تاريخيا ونظريا وإكلينيكيا وذاتيا.
القاهرة، أكتوبر ٢٠١٥
كلمة المترجمة
عايدة سيف الدولة
في هذه الكلمة القصيرة أود أولا أن أشكر مؤسسة المرأة والذاكرة لتمكيني من هذه التجربة الثرية والتي لا تقتصر على ترجمة الجزء الخاص بتقديم رؤى نفسية نسوية جديدة، وإنما إعادة النظر أيضا فيما اعتبرته لفترات طويلة ثوابت في التحليل النفسي، هذه المرة من منظور النساء. كما لا تكتمل كلمتي دون توجيه الشكر والعرفان للدكتورة عفاف محفوظ، المعالجة النفسية، والتي طالما كانت لي بمثابة الأم والأخت والصديقة، مثلا يحتذى في صدق الرؤية والعطاء والتسامح مع الحزم، سواء خلال وجودها في القاهرة أستاذة في كلية الحقوق أو بعد سفرها الذي لم تنقطع خلاله لحظة عن حياتنا وواقعنا، فكانت دائما الحاضرة الغائبة، وقد كانت هي من اختارت النصوص التي قمنا بترجمتها. كذلك أود أن أشكر الصديقة هاله كمال والتي أعادت ترتيب المقالات، لا ظهورها في المصدر الأصلي، وإنما بترتيب ينقل القراء بسلاسة من النظري الى التطبيقي، علما منها بأن هذا الإصدار لا يستهدف المتخصصين والمتخصصات وإنما بحسب القراء من خارج التخصص، فكان للترتيب الذي اختارته منطق أكثر سلاسة. وأخيرا وليس آخرا أود أن أعبر عن امتناني للمجموعة الرائعة من النساء التي كنت جزءا من مجموعتهن واللاتي تولت كل واحدة منهن ترجمة عدد من الأعداد الأخرى من هذه الإصدارات، وكنا نلتقي بين الحين والآخر لنعرض ما أنجزناه والمشكلات التي تقابلنا، فكانت المناقشات التي تدور مزيجا من العلم والمعرفة وأيضا والتأمل في لغتنا العربية التي كانت في بعض الأحيان عصية على التطويع لنقل مفاهيم ومصطلحات وليدة عوالم وثقافات وخبرات أخرى. وفي هذا السياق الأخير أود أن أختم كلمتي بالحديث عن واحد من تلك الاجتماعات التي كانت تنظمها المجموعة وتستضيفها مؤسسة المرأة والذاكرة، حيث عرضت كل واحدة منا لما أنجزته من الجزء الخاص بها وبعض معضلات الترجمة التي واجهتها. وطلبت من المجموعة أن أكون الأخيرة فى التقديم وذلك لطول قائمة المصطلحات التي جئت بها إلى الاجتماع وقد رصصت عددا لا بأس به من المصطلحات مصحوبا بترجمتها الحرفية، فكانت النتيجة في كثير من الأحيان مثيرة للضحك، حيث إن الترجمة، وإن كانت دقيقة من حيث المعنى الحرفي للكلمة ، أنتجت بالعربية مصطلحا أقرب الى الهزل منه إلى الجد، الأمر الذي بدأ نقاشا أعتقد أنه لم يحسم بعد بين المترجمين والمترجمات هل نحن بصدد ترجمة أم تعريب؟ هل نستهدف الوفاء للكلمة أم المعنى؟ وجدير بالذكر أن المجموعة انقسمت تقريبا مناصفة بين رأيين رأي يرى أن الأهم هو الوفاء للمعنى حتى وإن تُرجمت الكلمة بجملة كاملة أو الجملة بكلمة، على حين رأى النصف الآخر أن الوفاء للكلمة وإن جاء بمصطلحات غريبة على السمع والخبرة إلا أن الأمر يستحق الثبات عليه، حيث إن تكرار استخدام الكلمات الجديدة المستحدثة قادر مع الوقت على أن يجعلها إضافة إلى اللغة.
في هذا النقاش كنت من بين النصف الأول، الذي يقدِم الوفاء للمعنى عن الوفاء للكلمة. في الكثير من المقالات التي قمت بترجمتها استحدثت الكاتبات كلمات جديدة ليعبرن بها عن أفكار جديدة، لكن ذلك كان نتيجة عملية فكرية وتحليل نجم عن خبرات طويلة في مجال علم النفس والعلاج النفسي، فحتى لو بدت هذه الكلمات غريبة على الأذن الأجنبية إلا أنها جاءت نتيجة عملية فكرية وتحليلية حدثت في ذات السياق الذي انتجها، وحين نقوم بترجمتها فنحن نترجم المنتج النهائي، النظرية، دونا عن الخبرة، فتأتي النتيجة غريبة مرتين مرة لأنها تفتقد إلى السياق الذي صدرت عنه، ومرة لأنها نقل من لغة إلى أخرى. وحيث إن الترجمة، مهما كانت بديعة، تفقد الأصل شيئا ما، ذلك الشيء المرتبط بإنتاج الأصل، فإن إنتاج المعنى يصبح، في رأيي، هو الأهم والأكثر صدقا و ووفاء، لمؤلف وخبرة وإبداع النص الأصلي. ترجمة أم تعريب؟” يبقى سؤالا لن نتمكن من الإجابة عليه مهما اجتهدنا في النقاش والتدليل، ويبقى القراء هم الفيصل والحكم الأخير بمقدار ما يمسهم النص المترجم وينقل إليهم ما أراد النص الأصلي أن ينقله.
القاهرة، 9 أبريل ٢٠١٥
* Afaf Mahfouz & Joseph Smith, Psychoanalysis, Feminism, and the Future of Gender, Monograph Collection (Matt – Pseudo), 1994.
** Elizabeth Grosz, Jacques Lacan: A Feminist Introduction, Routledge 1990.
* Jerome A. Winer, James William Anderson, and Christine C. Kieffer (eds.), The Annual of Psychoanalysis: Psychoanalysis and Women, Vol. XXXII, Routledge 2013.