الافتتاحية:
لماذا” عدالة.. حرية“؟
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
منذ أن كان” المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” لا يزال مجرد فكرة وحلم، كان التفكير في ضرورة وأهمية أن تكون له” نشرة غير دورية” تعينه على تحقيق رسالته وأهدافه كأول مركز حقوقي مصري يولي عناية خاصة بحزمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمصريين.
هكذا بدأت اللقاءات التحضيرية ل” عدالة” حرية” منذ أشهر مضت، وكان هناك اتفاق على ضرورة أن تكون أداة لرفع الوعي بحقوق المواطن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعادة الاعتبار إلى هذه الحقوق باعتبارها حقوق أساسية – وليست مجرد تابع أو مكمل للحقوق السياسية والمدنية – وإيمانًا بأن حزمة حقوق الإنسان حزمة واحدة لا تقبل التجزئة، فضلاً عن أهمية النشرة فى فتح حوارات لوضع التصورات والاستراتيجيات لمواجهة الإنتهاكات التي تتعرض لها هذه الحقوق وتعزيز قدرات الحركات الاجتماعية المدافعة عنها.
لا يمكن أن ننكر أن قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية معقدة وشائكة وتحاط بالعديد من العقبات ولكن لا يعنى ذلك تخلينا عنها أو تجاهلها بقدر ما يوضح حتمية المطالبة بها والنضال من أجل حمايتها وإنفاذها فى الواقع. ولدينا قناعة بأن أمام الحركة الحقوقية المصرية الكثير لتقوم به في هذا الصدد ولا سيما في هذا التوقيت الذي تتعرض فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسواد الأعظم من المصريين للعديد من الانتهاكات، سواءً في الصحة أو التعليم أو العمل أو السكن وغيرها من الحقوق، ويجري فيه الاعتداء على ما هو قائم ومتبقي فيها من مكتسبات.
وعلى هذا الطريق، يصدر العدد الأول من” عدالة حرية” وهو يحاول تسليط الضوء على قضايا ورؤى جوهرية فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بداية من“الاستبعاد الاجتماعي” للفئات الفقيرة والمهمشة، و“تداعيات إشكالية الفقر على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية“، وصولاً إلى عمق الريف المصري الذي يشهد تراجعًا عن محاولات“الإصلاح” السابقة ومزيدًا من الاعتداء على حقوق فقراءه وفلاحيه أو موقع” العدالة والحرية من حياة الفئات المقهورة“.
ولأن“عدالة حرية” لا تهدف إلى تسليط الضوء على الانتهاكات بقدر ما تهدف أيضًا إلى تقديم التصورات الكفيلة بالتصدي لها ومعالجتها، فقد كانت هذه الروح حاضرة في معظم موضوعات المجلة، هذا فضلاً عما قدمته موضوعات بعينها من إسهامات خاصة في هذا الصدد، كما هو الحال في” المال السايب وآليات حمايته” أو” الدعوة إلى الانضمام للبروتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كمدخل للانتقال بهذه الحقوق إلى نطاق التقاضي” أو تقديم” قراءة نقدية لتقرير التنمية الإنسانية العربي 2009″.
ولما كانت قضية الحق فى الصحة إحدى أهم القضايا المثارة على الساحة الحقوقية فقد تناولنا هذا الحق من المنظور الأخلاقي والقانوني والاقتصادي وكذلك من خلال التعليق على التعديلات المقترحة لقانون التأمين الصحى.
ولأن المرأة المصرية من الفئات التى تعانى دائمًا في مجتمعنا من التهميش أو الاضطهاد فسعينا لإبراز قضاياها من خلال استعراض كتاب” استغلال أجساد النساء.. بين الهيمنة الذكورية وسلطة العمل” ومن خلال تقديم” قراءة تحليلية فى دور المرأة فى الاحتجاجات العمالية“
وتأكيدًا على أن الحركات الاجتماعية، هي الفاعل الأكبر على طريق التصدي للانتهاكات واستعادة الحقوق الضائعة، فقد حرصنا على أن نولي عناية خاصة بهذه الحركات، وتقدم تجربة نضالية فارقة في مسيرة الحركات النضالية في مصر في السنوات الأخيرة، ألا وهي تجربة موظفي الضرائب العقارية والتي تكللت بالنجاح وأسفرت عن إنشاء أول نقابة مستقلة، هذا فضلاً عن تسليط الضوء على حركة أطباء بلا حقوق التي لا تزال تناضل من أجل الحقوق المشروعة لأطباء مصر وتحسين النظام الصحي.
وإيمانًا من المركز بدور النشطاء الاجتماعيين والسياسيين الذين ناضلوا – ومازالوا – من أجل دعم حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين فكان من اللازم تناول ملامح من تاريخ إحدى هذه الشخصيات سواء الراحلة منها أو التى ما زالت تقاوم القهر والظلم في عالمنا.
وفي النهاية تتوجه إدارة المركز بخالص الشكر والعرفان لكل الأساتذة الأجلاء الذين ساهموا معنا بالكتابة للعدد الأول ونتطلع لاستمرار تواصلهم معنا ودعمهم لنا فلا بد من التأكيد على أن” عدالة حرية” لن تستطيع أن تخطو مزيدًا من الخطوات على طريق تحقيق أهدافها إلا بالتفاف ومساهمات واقتراحات ونقد القراء والكتاب والباحثين والنشطاء المؤمنين بقضية الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية للإنسانية.
يتوجه المركز المصري المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بخالص الشكر والتقدير لكل الأساتذة والباحثين الذين ساهموا بالكتابة للنشرة ونتطلع لاستمرار دعمهم لنا وتواصلهم معنا.