المرأة المصرية فى ظل القوانين التمييزية

اعداد بواسطة:

المرأة المصرية فى ظل القوانين التمييزية

علي الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات و المواثيق الدولية التي صدقت مصر عليها و كذلك وجود العديد من القواعد الدستورية و القانونية التي يفترض أحترامها و الإلتزام بنصوصها، ثم جاء دستور مصر الجديد ليؤكد علي المساواة وعدم التمييز ضد المرأة في العديد من مواده… إلا أنه و للاسف الشديد ما تزال هناك أنتهاكات صارخة ضد حقوق المرأة نتيجة للتمييز بين الجنسين في كثير من المجالات فمن المسئول عن ذلك؟؟؟

إعداد

سهام على

 

لقد إحتلت المرأة مكانة إجتماعية و إقتصادية و سياسية و دينية متميزة في مختلف العصور و لعبت دوراً فاعاً في شؤون الحياة كما تباينت أهمية و أشكال هذا الدور وهذه المكانة بإختلاف الأزمنة، ففي المراحل الأولي للتاريخ كانت مكانة المرأة في مرتبة الآلهة يعبدها البشر ويطلبون منها الغفران و الرحمة و شكل وجودها رمزاً من رموز الخير و الإنتاج و الخصوبة و لهذا كانت هناك علاقة وثيقة بين المرأة و الخلق، كما أرتبط وجود المرأة مع الأرض المنتجة الخصبة التي تطعم البشر من خيراتها..

وتعُد المرأة في عصرنا الحديث مواطن كامل الأهلية في مجتمعها، حيث تساهم في رقي المجتمع وتتفاعل مع مؤسساته وتنظيماته الحكومية و غير الحكومية كما تساهم في مناقشة القضايا المجتمعية بشكل عام و القضايا و المشاكل التي تواجه المرأة و الأسرة بشكل خاص و طرح الحلول لها،و مخاطبة السلطة لمعالجة هذه المشاكل.

نجد أن الهوة السحيقة التي تبعدها عن التمتع بحقوقها الإنسانية في تزايد مستمر و الذي للأسف أصبح اكثر وطأة ما بعد ثورة 25يناير فعلي الرغم من وقوف المرأة شريكاً الي جوار الرجل ضد الظلم و الطغيان في جميع ميادين مصر حتي تمت الاطاحة بالنظام السابق،ألا أنها بعد ذلك أصبحت من اكثر الفئات التي تتعرض للاقصاء و التهميش علي كافة الأصعدة سواء، السياسية أو الاقتصادية أو القانونية،وذلك علي ضوء ما تشير إليه الاحصائيات التي صدرت في الآونة الأخيرة، من أوجه التفاوت الإقتصادي و الإجتماعي بان المرأة و الرجل حيث لازالت النساء يشكلن أغلبية فقراء و أميين مصر و يعلمن ساعات عمل أطول من الرجال و يأخذن أجور أقل و يتعرضن للعنف الجسدي و الجنسي سواء داخل أو خارج أسرهن أو في مكان عملهن كما يشكلن النسبة القليلة جدا ان لم تكن معدومة في مواقع السلطة و اتخاذ القرار.

ولكنه من المؤسف حقاً أنه عند محاولات الوقوف علي أسباب ما وصلت إليه المرأة المصرية من أوضاع متردية علي مر العصور ان يكون القانون هو أحد تلك الأسباب، حيث لا تزال هناك العديد من القوانين التي تكرس التفاوت و سياسة التمييز بين الرجل و المرأة في كثر من القضايا و الحقوق ومن تلك القوانين (( موضوع الحماية الجنائية و قضايا الأحوال الشخصية و الشهادة في المحاكم، و كذلك القوانين العقابية)) التي لازالت تجيز تأديب الزوج للزوجة بضربها بحجة استعمال الحق، بالإضافة إلي إستخدام مبدأ الرأفة في جرائم القتل التي يقوم مرتكبيها بتغطيتها تحت مسمي جرائم الشرف و التي بناء عليها تتم الانتهاكات الممنهجة لحقوق المرأة الضحية فيها.

يعرف التمييز بشكل عام علي انه: الإبعاد و الإقصاء و التهميش الذي يؤدي الي الحرمان من التمتع بالحقوق من فرص العيش الكريم وكذلك الحرمان من الأمن و العدل الاجتماعي وقد، يمارس ضد أفراد أو فئات و جماعات وكذلك قد يمارس ضد مناطق أو مجتمعات بأكمالها و التي غالبا ما تمثل المرأة فيها العنصر الذي يتم التمييز ضده بصورة اكبر هذا وقد عرفته اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة بأنه:

(أي تفريق أو استبعاد أو تقييد يتم عي أساس الجنس و يكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعراف بالمرأة، عى أساس تساوي الرجل،بحقوق الإنسان و الحريات في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية أو أو ميدان آخر أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها لها و ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية و علي اساس المساواة بينها وبين الرجل..)

لم تغفل المواثيق و الإعلانات الدولية الخاصة بالمرأة النص دائما إلي ضرورة مساواتها مع الرجل بصفتها إنسان ففي ميثاق الأمم المتحدة وردت في ديباجته أن شعوب الأمم المتحدة ألت علي نفسها (أن تؤكد من جديد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان و بكرامة الفرد و قدره و بما للرجال و النساء من حقوق متساوية). كما نصت المادة الأولى من الميثاق في بيان مقاصد الأمم المتحدة علي: ( تحقيق التعاون الدولي علي حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و الإنسانية و على تعزيز احترام الإنسان و الحريات الأساسية للناس جميعا و التشجيع على ذلك إطلق بل تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال و النساء) . كما نصت المادة الثامنة من الميثاق على أن:(لا تفرض الأمم المتحدة قيودا تحد بها جواز اختيار الرجال و النساء للاشتراك بأي صفة و على وجه المساواة في فروعها الرئيسية و الثانوية ). أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد نص صراحة على المبدأ الأساسي في مساواة بين الجنسينهو ( جميع الناس يولدون أحرار و متساويين في الكرامة و الحقوق ) كما جاء في المادة الثانية: ( لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق و الحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما تمييز من أي نوع)

و لهذا فإن المساواة بي الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات تقررها المواثيق الدولية الخاصة ومنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. كما لا يجوز مطلقا أن يكون الإختلاف في الجنس سببا في تباين الحماية القانونية أو اختلاف أو إنقاص الحقوق، كما ليس من المقبول مطلقا حرمان المرأة من التعليم أو العمل مثلا بسبب الجنس و إتاحة كامل الفرص للذكور بحجة أن الذكر أقوى أو اكثر إدراكا من الإناث وهى مخالفة للتزامات الدولية والقيم الإنسانية والتشريعات الأخرى. أما عن المعاهدات الدولية الخاصة بالنهوض بالمرأة و حمايتها و مساواتها بالرجل فهي عديدة حيث تلعب منظمة العمل الدولية دورا هاما في هذا الصدد منها حماية الأمومة و تحريم العمل الليلي للنساء في الصناعة و لعل من اهم هذه الاتفاقيات هي: اتفاقية حقوق المرأةالسياسية لعام 1952 وأتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التي دخلت حيز النفاذ في 3 سبتمبر لعام 1981 والتي تظهر مناهضة التمييز ضد المرأة بوضوح فى جميع موادها بالإضافة الي التوصيات العامة المنبثقة عن لجنة الاتفاقية. و هذا يعني أن هناك التزامات دولية يجب احترامها من الدول بخصوص حقوق المرأة و مساواتها بالرجل ومنع كل أشكال التمييز ضد المرأة خاصة فى المجتمعات المصدقة عليها عبر الاتفاقيات والمواثيق.

على الرغم من وجود الاتفاقيات و المواثيق الدولية سالفة الذكر و التي صدقت مصر عليها و كذلك وجود العديد من القواعد الدستورية و القانونية و التي يفترض احترامها و الالتزام بنصوصها، ثم جاء دستور مصر الجديد ليؤكد علي المساواة و عدم التمييز ضد المرأة في عدد من موادهالتي تتمثل في:

  • مادة (11).. تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة و الرجل في جميع الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و فقا لأحكام الدستور. و تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون،كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة و التعيين فى الجهات و الهيئات القضائية، دون تمييز ضدها و تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل اشكال العنف كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة و الطفولة و المرأة المعيلة و المسنة و النساء الأشد احتياجا.

  • المادة (51) … الكرامة حق لكل إنسان، و لا يجوز المساس بها، و تلتزم الدولة باحترامها و حمايتها.

  • المادة (53).. المواطنون لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق و الحريات و الواجبات العامة لا تمييز بيتهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الإجتماعى أو الانتماء السياسي أو الجغرافي او لأي سبب آخر. التمييز و الحض علي الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة اشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.

  • المادة (93).. “ تلتزم الدولة بالاتفاقيات و العهود و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر و تصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة“..

إلا انه و للاسف الشديد ما تزال هناك انتهاكات صارخة ضد حقوق المرأة نتيجة للتمييز بين الجنسين في كثير من المجالات ولكن أهم ما يعنينا في ورقتنا هذه هو التمييز ضد المرأة داخل القوانين و الذي تعد فيه سلطات الدولة هي المسئول الرئيسي نظراً لما تصدره من تشريعات و ما يليها من أحكام بالاضافة الي آليات تنفيذ هذه الأحكام و التي لا يراعي فيها حقوق النساء و سوف نتعرض في النقطة التالية لأهم القوانين التي ترسخ مبدأ التمييز، لتكتشف لنا عن اهدار حقوق المرأة المصرية..

أولاً: قوانين الأحوال الشخصية..

لقد مر قانون الأحوال الشخصية المصري بعدة تطورات كامحاولات للإصلاح بدارية من عام 1920م حتي عام 2005م فقد صدر قانون الأحوال الشخصية في مصر رقم 25 لسنة 1920م وهذا القانون كان معني بالنفقات ثم تعدل بموجب القانون رقم 25 لسنة 1929م ثم صدر القانون 100 لسنة 1985 ثم تلى ذلك القانون 1 لسنة 2000 و أخيراً القانون 4 لسنة 2005م الخاص بتعديل سن الحضانة و هذا القانون لا ينطبق ألا على الأغلبية المسلمة، و مع ذلك فهو يطبق تلقائياً في حالات الزواج بين الأزواج المسلمين و الزوجات غير المسلمات.

و علي الرغم من كل هذه القوانين و التعديلات الا ان النصوص التمييزية ضد المرأة صارخة داخل القانون ومنها علي سبيل المثال:

(1) الزواج..

  • وفقاً ل ( القانون رقم1 لسنة 2000م ) يمكنن للمحكمة قبول طلبات لفحص ما إذا كانت الأنثى تحتاج لموافقة ولي أمرها لإبرام عقد الزواج ام لا (الفقرة 7 من المادة رقم 9) ( تختص المحكمة الجزئية بنظر المسائل المتعلقة بالولاية علي النفس وهي ….. إلخ و الإذن بزواج من لا ولي له))…

  • كما ان الزواج العرفي ليس محظوراً قانونياً و لكن لا يكفل للمرأة أي حقوق فا ليس على الزوج الالتزام بتقديم الدعم المالي للزوجة وبالإضافة الى ذلك اذا دمر الزوج وثيقة الزواج العرفي يمكن أتهام النساء بإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج و كثيرا ما يرفض الأب الأعتراف بالأطفال من هذا النوع من الزواجوعلى المرأة اللجوء إلي القضاء بكافة درجاتة حتي تتمكن من الحصول علي إثبات نسب الطفل…

(2) الطلاق..

  • وفقا ً لقانون الأحوال الشخصية المعدل (بالقانون رقم 100 لعام 1985م) “ للرجل الحق في الطلاق بقوله لزوجته أنها طالق لعدد من المرات قد تصل الي ثلاث مرات و يوثق هذا الإشهاد لدي الموثق المختص خلال 30 بوماًبينما يطلب من المرأة أن تمثل أمام المحكمة لطلب الطلاق و أثبات أي من العيون التالية:

1) المرض بما في ذلك (المرض العقلي أو العجز الجنسي )..

2) عدم الإنفاق أو الدعم المالي..

3) الغياب أو السجن…

4) السلوك الضار مثلسوء المعاملة الجسدية أو النفسية

(المادة رقم7 إلي 11 )…

  • ومنذ سنة 2000م وفقاً لقانون الأحوال الشخصية المعدل ب (قانون رقم 1 لعام 2000م )يمكن للمرأة الحصول علي الخلع دون إبداء أسباب و إرجاع المهر بالإضافة للتنازل عن حقوقها المادية من (نفقة العدة _ المتعة _ مؤخر الصداق) و علي الرغم من ذلك فقد تم رصد ( حالات عديدة من تعنت بعض القضاة مع النساء الائي يلجئن للخلع مثل طلب ذكر الأسباب و إثباتها بالإضافة الي اعتبار قائمة منقولات الزوجية جزء من المهر علي الرغم من توقيع الزوج عليها بصفتها أمانة واجبة الرد حال طلبها من الزوجة)..

(3) حضانة الطفل..

  • وفقا لقانون الأحوال الشخصية (المادة 20 بصيغته المعدلة في عام 2005م) تمنح المرأة الحضانة حتي يبلغ الطفل سن 15 سنة أو حتي تتزوج الأم ولهذا السبب تلجأ العديد من الأمهات لعدم الزواج كي يتمكن من الاحتفاظ بأولادهن و بالرغم من ذلك أنه حين يتم الطفل ال15 عام مفضلاً البقاء مع امه الذي يشعر بتضحياتها من أجله يطلب منها الخروج بأولادها ممن منزل الحضانة حيث تم انتهاء سبب أقامتها في هذا المسكن و الذي يتم تأيده بحكم قضائي..

(4) المواريث..

  • وفقا لقانون المواريث (رقم 77 لسنة 1943م) يحق للمرأة نصف ميراث أخيها طبقاً للشريعة الإسلامية و علي الرغم من ان روح الشريعة المسيحية أقرت مبدأ المساواة العام بين الرجل و المرأة ومن ثم في الميراث إلا ان العديد من الرجال المسيحين يلجئون لإثارة الخلاق و هنا يتم الاحتكام للشريعة الإسلامية فتحصل المرأة علي نصف ميراث الرجل، الا انه على الرغم من ذلك لازالت المرأة (مسلمة/ مسيحية) لا تمكن منه خاصة في صعيد مصر و الاماكن الريفية و كذلك الأماكن التي تهمش فيها النساء بشكل كبير..

(5) الشهادة..

علي الرغم من الاعتراف بشهادة المرأة الكاملة أمام قانون العقوبات، الا انه بموجب قانون الأحوال الشخصية فإن أثنين من الشهود الإناث تعادلان شاهد ذكر واحد سواء في عقد الزواج،أو شهادتها في محاكم الأسرة أو امام محكمة الاحوال الشخصية.

(6) حرية التنقل..

  • علي الرغم من وجود قرار من المحكمة الدستورية في عام 2000، بحق المرأة في حرية السفر دون الحصول على إذن مسبق من الأب أو الزوج، ولكن مع ذلك فقد يحد من هذه الحرية بقرار من المحكمة بناء على طلب أحد أفراد الأسرة الذكور طبقاً (قانون الأحوال الشخصية رقم1 لسنة 2000م المادة 1 فقرة (4) “ ويختص قاضي الامور الوقتية دون غيره بنظر المنازعات الآتية …. و المنازعات حول السفر الي الخارج بعد سماع أقوال ذوي الشأن“) …

  • حيث كثيرا ما تفسر ذوي الشأن من بعض القضاة علي أنهم أفراد الأسرة الذكور.

ثانياً: قانون العقوبات..

علي الرغم من أن قانون العقوبات المصري يقرر حماية جنائية للمرأة في مجالات كثيرة، إلا أنه توجد مجالات أخري يلزم تدعيمها بالحماية الجنائية، كما يلزم تدخل المشرع الجنائي في مجالات محددة من أجل حماية المرأة من بعض صور العنف التي لا تزال تمارس ضدها،بالاضافة الي وجود نصوص جنائية تميز بين الرجل و المرأة في كلاً من التجريم و العقاب.

أهم المواد التمييزية داخل قانون العقوبات المصريضد المرأة..

1) المادة (17) من قانون العقوبات المصري تنص علي أنه

يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوي العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة علي الوجه الاتي:

  • عقوبة الاعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد أو السجن المشدد.

  • عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.

  • عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لايجوز أن ينقض عن ستة شهور.

  • عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز ان ينقص عن ثلاثة شهور.

  • و تتمثل هذه المادة مشكلة حقيقية في شأن الجرائم التي يكون فيها المجني عليه امرأة خاصة في جرائم (الاغتصاب ) و ( هتك العرض) و كذلك ما يطلق عليها (جرائم الشرف ) حيث ما تم ملاحظته أنها تستخدم في هذه القضايا بشكل كبير جداً وهو ما بمثل انتهاك واضح لحق المرأة الضحية لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في اقصى درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة اصلا، وهو مايعد في حد ذاته تمييزاً صارخاً يعطي الحق للرجل في الاغتصاب والقتل مقابل عقوبات لا تماثل قيمة الجرم الذي قام بارتكابه.

2) مادة (60) والتي تنص علي لاتسرى أحكام قانون العقوبات علي مل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة الاسلامية وتستخدم هذه المادة فيما يسمي بتأديب الزوجة حيث تقر هذه المادة بشكل غير مباشر ضرب الازواج لزوجاتهن، و الذي يكون في بعض الاحيان ضرب بشكل مبرح، يترك اثرً او عاهةً مستديمة و عندما تتوجه الزوجة الي قسم الشرطة و التي تلاقي فيه الكثير من المعاملات السيئة و التي اقلها ان يتم رفض تحرير المحضر ضد الزوج باعتبار انة الضرب حق شرعي له وحتى فى حالة تحرير المحضر ووصول الدعوي الي القضاء، يتم استخدام نص المادة و تفصيلها علي ان ضرب الزوجات هو احد الحقوق المقررة بمقتضي الشريعة الاسلامية مفسرين النصوص القرأنية بما يتناسب مع هوى كل قاض علي حده و لكن ما يحدث في النهاية هو ضياع حقوق المرأة الضحية.

3) المواد التي تتحدث عن الزنا حيث نجد تمييز بين عقوبة الرجل و عقوبة المرأة علي الرغم من ان الشريعة الأسلامية ساوت بينهم في العقوبة متمثلة في:

المادة (237)..

  • و هذه المادة تتحدث عن حالة مفاجأة الزوج زوجتة متلبسة بالزنا (خيانة زوجها مع اخر ) وقتلها فهو يعاقب بعقوبة مخففة و هذه المادة خاصة بالزوج فقط وليس الزوجة التي تفاجئ زوجها بالتلبس بالخيانة وتقتله فيحكم عليها بعقوبة مشددة.

المادة (274 و المادة (277)..

  • يتحدثوا عن عقوبة جريمة الزنا فالزوجة التي يثبت أنها زنت تعاقب بالحبس مدة لاتزيد عن سنتين و للزوج الحق في وقف تنفيذ العقوبة برضائه معاشرتها لها. والزوج إذا زنا في منزل الزوجية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي ستة شهور،ولا يكون هنالك الحق للزوجو في وقف تنفيذ العقوبة.

4) ختان الإناث.. أضاف القانونرقم 126 لسنة 2008مإلي قانون العقوبات نصاً متواضعاً في صياغته و مضمونه هو نص المادة (242) مكرراً الذي شدد عقاب جريمة الإيذاء العمدي إذا حدث الجرح عن طريق إجراء ختان لأنثي مع مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات الخاصة بحالة الضرورة. ويلاحظ علي هذا النص الجديد ما يلي:

  • أنه لم يجرم بطريقة مباشرة ختان البنات و إنما اعتبر الختان ظرفاً مشدداً لعقاب جريمة إحداث جرح عمداً

  • أنه جعل حالة الضرورة مانعاً من موانع المسؤولية و العقاب علي الختان للأنثى و هو ما يفتح الباب واسعا للتحاليل على الحكم المستحدث بادعاء أن الختان كان ضرورياً لوقاية الأنثى من خطر جسيم علي نفسها و المعلوم أن الضروريات تبيح المحظورات.

  • أنه أعطى القاضي سلطة تقديرية واسعة في الاختيار بين الحبس أو الغرامة، و الغرامة حدها الأدنى الف جنية لا يتناسب مع ما يمكن أن يجنية المتهم من الجريمة.

  • أن النص المستحدث جعل موقف المتهم أفضل مما كان عليه في غياب النص فقد استقر الفقه الجنائي على أن الختان يشكل اعتداء علي السلامة البدنية للأنثي وهو اعتداء يعاقب عليه قانون العقوبات ويشدد العقاب اذا ادى هذا الاعتداء إلي وفاة المجني عليها لأن الجريمة تكون جناية جرح عمد أفضى إلى وفاة المجني عليها (236م ع). وإذا اعتبرت الوفاة قتلا خطأ عوقب المتهم بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي خمس سنين و الغرامة من مائة إلي خمسمائه جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين..

أن هناك كما ذكرنا سابقاً عدة محاولات لايجاد مجموعة من الأصلاحات القانونية بين عامي 2000و2009م لتوفير بعض الحماية لحقوق المرأة ففي سنة 2000م صدر القانون رقم 1 لسنة2000م الذي ركز على وضع بعض الآليات لمعالجة مشكلة بطء الإجراءات التى كان يعانى منها الكثير من النساء و الأسر في مسائل الأحوال الشخصية،و اهتم بسد الفجوة بين الحقوق التي تقرها الشريعة الإسلامية للمرأة و الواقع الثقافى و الاجتماعى، فكفل للمرأة حق الخلع الذي أقره الإسلام ولا يتعارض مع حق الطلاق للضرر، و أقر أيضا الاعتداد بدعوى التطليق فى الزواج العرفى وفى 2008، ادخلت تعديلات علي قانون الطفل بالقانون 126 لعام 2008، و الذي ادي الي رفع السن القانوني للزواج من 16 إلى 18 سنة للرجال و النساء،و جرم القانون ختان الإناث،كما ادخل عدد من الإصلاحيات الأخرى المتعلقة باقرار الخلع و رفع سن حضانة الأطفال..

علي الرغم من المحاولات سالفة الذكر إلا أنها لم تقضي علي التمييز

ضد المرأة حيث أن:

1. التدخل التشريعي.. لم يكن بالقدر الكافي مراعاة لاعتبارات تفرضها ثقاقة مجتمعية تمييزية ضد المرأة بالاضافة الي و جود فجوة بين النص القانوني من جهة و التطبيق الفعلي له من جهة اخري.

2. النهج الحالي و ان دل علي شئ انما يدل علي ترسيخ مبدأ التمييز ضد المرأة بل و الاكثر من ذلك العمل علي سلب ما حصلت عليه من حقوق كمحاولات للاصلاح عبر السنوات الماضية و هو للأسف ما ظهر بعد ثورة 25 يناير، حيث ظهرت العديد من الاصوات الداعية لعودة النساء إلي عصور الظلام.

3. وجود العديد من العادات و التقاليد التي لا تزال ترسخ مبدأ التمييز و العنف ضد المرأة و التي منها علي سبيل المثال لا الحصر،حرمان المرأة من الميراث.

يعد تقديم الدعم و مناصرة أي مظلوم أو مهمش واجب إنساني و أخلاقي بالإضافة إلي كونه واجباً وطنياً يساعد في تنمية العلاقات الايجابية بين أبناء الوطن الواحد المبنية علي الاحترام المتبادل،و الذي يعيننا كشركاء في الوطن هو رفع مكانة المرأة كمواطن و مكون أصيل للمجتمع المصري و هو ما يستدعي القضاء علي كافة أشكال التمييز ضدها و خاصة في مجال القوانين عبر عدد من الاليات سواء علي مستوي إصدار القوانين أو السياسات المؤثرة في إستخدام القوانين و أهمها:

1) مراجعة القوانين بغرض تعديل أو حذف المواد التمييزية ضد المرأة بحيث تتوافق مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان و الاتفاقيات الدولية و العمل علي رفع التحفظ عن المادة (16) من اتفاقية السيداو.

2) تعديل التشريعات التي تحول دون مشاركة المرأة و إزالة أشكال التمييز ضدها و العمل علي توفير المساواة بحكم القانون و بحكم الواقع بين المرأة و الرجل.

3) إزالة الفجوة بين النص القانوني و التطبيق الواقعي له و ما تواجهه المرأة من أوجه الامساواة و أشكال التمييز في مجال الوصول إلي العدالة.

4) عدم التمييز ضد المرأة في قواعد الدفاع و مبادئه، و عدم تمكين مرتكبي العنف ضد المرأة من الإفلات من المسؤولية الجنائية على أساس دفوع من قبيل الشرف أو الاستفزاز، او تحميل المرأة بأي شكل من اشكال المسئولية عن العنف الذي وقع عليها.

5) ضمان إنفاذ أحكام القوانين و الإجراءات الواجبة التطبيق ذات الصلة للقضاء علي التمييز ضد المرأة سواء الاحكام المساعدة علي التمكين بكافة اشكاله وبما يكفل القضاء علي جميع أعمال العنف الإجرامية المرتكبة ضد المرأة و التصدي لها على نحو مناسب من قبل نظام العدالة الجنائية

6) حرمان المرأة من الميراث،يقتضي تدخلاً تشريعياً لتعديل قانون المواريث بإضافة مادة جديدة تعاقب من يحرم أحد الورثة الشرعيين ذكراً كان أو أنثي من حقه الشرعي في الميراث.

لقد سعت المؤسسة من خلال هذه الورقة الي إلقاء نظرة موجزة علي القوانين المصرية التي تعمل على ترسيخ مبدأ التمييز ضد المرأة و التي تعد من اهم القضايا التي تؤثر في المجتمع، لما لها من أثار مباشرة علي المرأة تمنعها من الوصول الي الموارد و السيطرة عليها، ومن ثم حرمانها من حقوقها و ما يؤدي بها الي بقائها فريسة للجهل و التخلف و كان ذلك من خلال عمل تحليل بشكل سريع للنظام القانوني الحالي بما له و ما عليه وما هو مأمول في المرحلة الحالية للقضاء علي عوامل التمييز حتي تستطيع النساء مواكبة التغيرات السياسية و الاقتصادية التي طرأت علي مصر خاصة ما بعد ثورة 25 يناير..

لذلك لابد ان تكون الإصلاحات الحديثة في القوانين و سيلة لتحديث البلاد، و النهوض بعملية التنمية، حيث يتعين علينا أن ننظر إلي قيم و أهداف الثورة و العمل علي قيام هذه الاهداف بمساعدة المرأة و ليس العكس حيث ان إيذاء المرأة، هو في الحقيقة ايذاء المجتمع علي نطاق واسع.

حيث للأسف اتسمت الاستراتيجيات الإصلاحية التي تبناها المشرع المصري حتي الآن بالحذر من أجل التوفيق ما بين المنادين بالتغيير من ناحية، و الاعراف و التقاليد و المؤسسات الدينية من ناحية أخرى.

لذلك على الدولة حتى تكون قادرة علي عمل توازن بين علاقات القوي داخل المجتمع، ان تقوم بتأسيس نظام متخصص و كفء، متكامل، من التغيير الجذري للقوانين المختلفة الداعمة لسياسة التمييز.

1) إتفاقية القضاء علي كافة أشكال التمييز ضد المرأة

2) الدستور المصري و القوانين المصرية (عقوبة – أحوال شخصية).

3) بحث استراتجيات نموذجية و تدابير عملية للقضاء علي العنف ضد المرأة في مجال منع الجريمة و العدالة الجنائي – مكتبة حقوق الانسان.

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي