تهميش النساء وسطوة المال والبلطجة

عرض: نهال نصر الدين

قامت مؤسسة المرأة الجديدة بالتعاون مع منتدى المنظمات النسائية من أجل التغيير بإعداد تقرير حول النساء والانتخابات البرالمانية ۲۰۰5، تضمن هذا التقرير العديد من النقاط المهمة المتعلقة بحالة النساء في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، كما ألقى الضوء على حالة الانتخابات بشكل عام.

اشتمل التقرير على مجموعة من الملاحظات المهمة المتعلقة بالانتخابات وهي:

أولاً، ملاحظات على المستوى العام حيث مستوى العنف والبلطجة والترويع الذي اتسمت به العملية الإنتخابية لا يعكس صورة لاحتقار الحكومة المصرية لأبناء وبنات هذا الوطن واستخدامهم واستغلال فقرهم بصورة مهينة، كما يعكس استهتارًا بالغًا بمستقبل مصر حيث تتم المغامرة به مقابل مصالح حفنة من الأفراد في الحكم.

كما كان الملاحظ وبوضوح عدم اكتفاء المرشحين باستخدام العنف والبلطجة لهزيمة منافسيهم، بل عملوا على استنفار الانتماءات الطائفية، واستخدام العنصرية بمختلف أشكالها، الأمر الذي يزيد من تدهور العلاقات داخل المجتمع المصري.

أيضًا إن معركة الانتخابات لم تدر كمعركة بين برامج بل كانت معركة كراسي ومناصب، وانعكس ذلك من خلال تقديم المال في مقابل الأصوات. كما أبعدت النساء أكثر من أي وقت مضى عن تمثيل أنفسهن في مواقع اتخاذ القرار.

ثانياً، ملاحظات متعلقة بوضع النساء في الانتخابات:

فعلى الرغم من الخطاب الرسمي الذي استمر لسنوات عديدة، والذي تبنته أجهزة حكومية أو شبه حكومية الذي نادي بتمكين النساء ودعمهن وتحقيق المساواة، هذه الأجهزة لم تفلح جهودها في تعبئة النساء المصريات من أجل الترشيح في الانتخابات، بالإضافة إلى إخفاقهن في حشد وتحفيز الأحزاب السياسية وعلى رأسها الحزب الوطني، وكانت النتيجة النهائية هي مئات الآلاف من بطاقات الرقم القومي ضمانًا لولاء أصوات النساء؟، أما عن النتيجة الإجمالية التي تضمنها التقرير والمتعلقة بأعداد النساء اللاتي تم ترشيحهن بالفعل فهي كالتالي :

جماعة الإخوان المسلمين المحظورةسيدة واحدة.

كما قام كل من حزب الغد والوفد، والأمة بترشيح سيدة واحدة.

حزب التجمع 5 سيدات من أصل 16 مرشحًا.

ومن المفاجآت الغير متوقعة نزول عدد كبير من السيدات يصل إلى 100 مرشحة كمستقلات.

ولم تخص أي من نساء الأحزاب أو المستقلات المعركة الانتخابية حول برنامج انتخابي يضع مصالح النساء في الحسبان.

ومن الظواهر شديدة الوضوح انتشار ظاهرة استخدام النساء الفقيرات اللاتي لم يخضن الحياة العامة.

بالإضافة إلى تجاهل الخطاب الرسمي وغير الرسمي لأصوات النساء واعتبارهن إما كمالة عدد أو أصواتًا مضمونة نظرًا لضعفها ورضوخها لمن يدفع أكثر.

أيضًا ألقى التقرير الضوء على أهم ملامح الخطابات السائدة حول النساء، وتحليل بعض الاتجاهات الخاصة بالإعلام، كما لفت التقرير إلى أهمية النظر للخطابات التي يبثها الإعلام حول النساء والانتخابات كتنميط وقولبة لأدوار المرأة وتهميش دورها لصالح أدوار الرجال بصفة عامة، وتكريس الأدوار المفروضة اجتماعيًا على النساء.

كما أشار التقرير إلى مجموعة من النقاط التي يجب أن يتم إلقاء الضوء عليها وتتلخص في:

۱ دور الإعلام في تشويه صورة النساء والمنظمات النسائية خاصة الدفاعية منها.

٢ الحصار الذي يواجه منظمات المجتمع المدني بصفة عامة والمنظمات النسائية بصفة خاصة، ومحاولة تحجيم أدوارها في إطار الأنشطة الخدمية والرعائية، والسعى إلى منعها من نشر أفكارها المستمدة من أجندة غربية، على حد قولهم، إلى جانب اتهامات أخرى بالتبعية والخيانة.

۳ عدم مساندة الأحزاب السياسية للنساء اللاتي يمثلن أساسًا نسبة ضئيلة من كوادرها، والأمر نفسه ينطبق على النقابات العمالية والمهنية.

٤ عدم إدراج قضايا النوع على جدول المنظمات الحقوقية، واعتبارها أمرًا نسائيًا صرفًا.

وأخيرًا، وليس آخرًا، انتهى التقرير بملحق لأهم المؤشرات التي برزت في الانتخابات البرلمانية ٢٠٠٥ فيما يتعلق بالنساء المصريات.

أولاً: على مستوى المرشحات حيث وصل عدد المرشحات في المراحل الثلاث إلى ١٢٨ مرشحة: ٤٢ في المرحلة الأولى و 50 في المرحلة الثانية و36 في المرحلة الثالثة. أيضًا انخفاض عدد المرشحات على قوائم الأحزاب السياسية، بينما ارتفع عدد المستقلات، مما يعد مؤشرًا لغياب ثقة المرشحات بصفة عامة في الأحزاب السياسية من ناحية وتخلى الأحزاب السياسية عن النساء من جهة أخرى.

أيضًا ابتعاد جميع الفائزات في الانتخابات البرلمانية وعددهن 4 عن الخوض في قضايا النساء المصريات أو السعي لطرح برنامج بهدف النهوض بالنساء.

ثانيًا: على مستوى الناخبات.

لوحظ إحجام عدد كبير من المثقفات المصريات عن المشاركة في الانتخابات، وهو مؤشر آخر لفقدان الثقة في نزاهة الانتخابات من جهة وفي الوجوه المرشحة من جهة أخرى.

كما أن مشاركة الأعداد المهولة من النساء الفقيرات لا تعد مؤشرًا على صحة وسلامة الجماعة النسائية الناخبة، بل إلى تسويق النساء الفقيرات لأصواتهن من أجل تأمين العيش لأسرهن لفترة لا تتجاوز الأيام المعدودات.

وللمرة الأولى شاركت أعداد غفيرة من المنتميات إلى جماعة الإخوان بالمسيرات الضخمة بالاسكندرية، وذلك لإقناع الناخبين بصفة عامة والناخبات بصفة خاصة بأهمية انتخاب ممثلي الجماعة بهدف إعلاء الأمة الإسلامية.

ثالثًا: على مستوى أشكال الإقصاء والانتهاك، حيث استمر مسلسل يوم ٢٥ مايو ٢٠٠٥. والبلطجة ومنع العديد من الصحفيات والمراقبات من أداء الواجب المنوط بهن، وصولاً إلى قيام شرطيتين بالاعتداء بالضرب على إحدى الصحفيات وإلقائها شبه ميتة في مكان ما وسط المدينة.

رابعًا : وأخيرًا.. أمور تستحق وقفة:

فمنذ عزوف المجلس القومي للمرأة عن الدفاع عن النساء اللاتي انتهكت أجسادهن يوم ٢٥/ 5/ 2005 بحجة أنهن لم يخرجن للمطالبة بحقوق إنسانية، تتوالى المؤشرات بزيف هذا الكيان وإخفاقه في مجرد تبييض ماء الوجه من خلال الضغط على حزبه الوطني لزيادة نسبة النساء المشاركات على قائمته.

وأيضًا ازدحام وسائل الإعلام القومية بالحديث عن الإنجازات التي حققها هذا المجلس بقيادة سيدة مصر الأولى، وبوسائل هذا المجلس الخاوية من مضمون تمكين النساء فعلاً للنساء المصريات والعاجزة عن النهوض بالوعي المجتمعي في هذا المجال، أدى إلى نتيجة عكسية حيث أصبح الحديث عن حقوق النساء حديثًا مكروهًا، بل وتعمقت الاتجاهات المعادية لحقوق النساء، ناهيك عن التهكم والسخرية، وهذا مؤشر جديد على تصاعد الهجمة مستقبلاً لانتزاع المكاسب المحدودة التي حصلت عليها النساء المصريات بفضل نضالاتهن على مدى ما يزيد على قرون.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي