عن “لا” بصوت المؤنث

اعداد بواسطة:

عن “لا” بصوت المؤنث

اشتراك المرأة بصورة ضخمة في التظاهرات
 

لا قيمة في بلدنا للصوت الأنثوي في حد ذاته، وأما قيمته في شكل هذا الصوت فهناك صوت يغني خنوعًا، وصوت آخر يتحدث خشوعًا، ولكننا لم نألف بعد صوتًا أنثويًا يصرخ بـ لا، هذا ما حدث في بلادنا يومي ۲۰ ، ۲۱ مارس التاريخيين عندما تحركت الجماهير نساءً ورجالاً لتحتل ميدان التحرير وتعبر عن سخطها ضد الحرب في تظاهرة شعبية لم تشهدها مصر منذ عام 1977 ، وإن كان وطأة المجتمع الذكوري في مصر شكلت تاريخًا سلطويًا حديثًا يركز في الذاكرة مثلاً هدى شعراوي صاحبة الرفض العقلاني، كان الرفض الحقيقي لأسماء مثل حميدة خليل أول شهيدة سياسية عندما استقبلت رصاص الاحتلال في شجاعة لتفسح الطريق الشهيدات أخريات وعائشة عمرو وسعدية حسن وبخيته إسماعيل شهیدات رصاص الاحتلال ولعل دوافع هؤلاء النساء للاحتجاج الساخط ضد قوات الاحتلال قد سارت عليه فتيات مصريات (وغير مصريات) من الجيل الحديث قصدت بغير عمد“. إحياء الذاكرة الوطنية لشهيدات الحركة الوطنية، خرجت الفتيات إلى المظاهرة وهو أمر من شأنه أن يزيح الصور النمطية للمرأة كتابع في المجتمع، إنها تستطيع أن تخرج ، تتمرد وتناهض الحرب وأن تقول لاوهو ما دفعن ثمنه بالاعتقالات ، ولعل أهمية الحدث من تظاهر الآلاف في ميدان التحرير لمناهضة الحرب ، واشتراك المرأة بصورة ضخمة في التظاهرات ، ونيلها قدرًا وافرًا من الاعتقال والضرب والسب والتحرش على يد قوات الأمن يجعل الأمر يأخذ دلالات بعيدة الأثر ، من هنا قام تجمع من الفتيات هو منتدى الشاباتفي مركز دراسات المرأة الجديدة بعقد حوار نقاشي مفتوح مع بعض الفتيات المعتقلات حول دلالة التجربة السياسية ككل، والاعتقال بصفة خاصة، لقد اهتم المنتدى بهذا الحوار، ويكفي أن نشير إلى أن عدد فتيات المنتدى ۲۰ فتاة اعتقل منهن خمس فتيات أي بنسبة ٢٥% وكم جيدًا أن تحضر بعض الأمهات للمشاركة في النقاش وهو ما أفضى حقيقة أن هناك مطالب حقيقية لهؤلاء الفتيات لا يستطيع الجيل القديم بقيوده وخبرته أن يسيطر عليها أو يحتويها. لقد كان تعبير بعض الأمهات (وبعضهن ناشطات سیاسیات سابقات) عن حقوق واضحة على بناتهن، وعن الذي سوف يجرى في تجربة الاعتقال. دفع هذا التخوف إلى الانطلاق بعيدًا ليطرح تساؤلاً وهو ما فائدة التظاهر والعمل على إيجاد وسائل أقل صدامية للاحتجاج؟. ماذا كان رد فعل الفتيات مناهضات الحرب لقد كان رد الفعل عبارة عن مداخلات حية وبدرجة من العمق للربط ما بين الذاتي والسياسي انطلاقًا من قاعدة أن كل ما هو شخصي هو سیاسی، فنزول الشارع لدى إحدى الفتيات لم يشغله التفكير في حالة الأسرة ، وإنما كان منصبًا كلية في التغيير الساخط المناهض لهذه الحرب وبالنزول للمظاهرة والاندماج مع مجتمع المظاهرة ثم الاعتقال دخلت جملة جديدة في أذهان الفتيات وهي كَردِنُ على دول وهي جملة يطلقها ضابط الشرطة لاعتقال المشاركين في المظاهرات، إنها جملة تحمل معاني السجن من كردن، وتحمل الدلالات التحقير دول ولكن هذه الدلالات والمعاني من قبل رجال السلطة ستفرز دلالات ومعاني أخرى حول فضاء جديد للحرية وإحساس بالكرامة والرفعة.

 

إن الحفر التاريخي الذي أنتج تاريخًا مغايرًا لتاريخ السلطة الرسمي المزيف أنتج رموزًا جديدة فلم يعد رأى السلطة هو رأى الشعب ، وإنما بات هناك خطاب شعبي مناهض لخطاب السلطة، وكما رصدنا حالات حميدة خليل وعائشة عمر وأخريات من شهيدات المقاومة واللاتي تمكن من ضخ دمائهن على الأرض المراد تحريرها ستبقى المقاومة الشعبية في 1946 ضد الاحتلال وفي ١٩٧٢ لتحرير الأرض وفي 1977 ضد الغلاء، ومظاهرات ۲۰ ، ۲۱ مارس ۲۰۰۳ ستبقى هذه اللحظات نماذج لخطاب شعبي مناهض للسلطة، وإن كانت هذه اللحظات قد حققت نجاحات جزئية ولم يستطع من شاركوا في صنع الحدث من تغيير مجرى النهر كله ولكنهم بالتأكيد استطاعوا بلوغ الضفة الأخرى، وربما يتاح لهؤلاء الفتيات أصحاب المواقف الشجاعة مع أقرانهن الفتيان من أصحاب المواقف الشجاعة أيضًا أن يتمكنوا من تغيير مجرى النهر بأكمله وكما تنبأ فؤاد نجم من زمن سنة ١٩٧٢.

ما دامت مصر ولادة وفيها الطلق والعادة.

حتفضل شمسها طالعة برغم القلعة والزنازين.

إن أفقًا جديدًا يلوح ورغم الانكسار الشديد من سقوط بغداد فإن هناك مخاضًا قادمًا ولا تحتاج المرأة فيه إلى دعوة أنها ستكون صاحبة الحفل التي تنطلق فيه من ملكوت الحاجة إلى ملكوت الحرية.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي