إدراك وجهة نظر النساء عن الإجهاض في مصر

التصنيفات: غير مصنف

إدراك وجهة نظر النساء عن الإجهاض في مصر

تمت هذه الدراسة التي نفذت سريعًا لاستقصاء إدراك النساء عن الإجهاض في مصر وقد استخدمت الدراسة المقابلات المتعمقة مع المرضى الخاضعين للعلاج في المستشفيات، والمجموعات البؤرية مع المستفيدات من خدمات تنظيم الأسرة والنساء اللاتي لا تستخدمن وسائل منع الحمل. إن أبرز الأمور التي تواجه المريضات (إذا كان الإجهاض قد تم طبيعيًا أو عمدًا) هو بقاؤهن على قيد الحياة. وكانت ضرورة العودة فورًا لممارسة روتين الحياة اليومية من أكثر ما يؤرق مريضات ما بعد الإجهاض اللاتي كن في حاجة إلى الراحة والاستشفاء.

وينطوي تقديم وسائل منع الحمل لمريضة ما بعد الإجهاض على مشاكل كثيرة لاعتقاد النساء أنهن في حاجة إلى استعادة توازنهن الجسدي قبل استعادة خصوبتهن.

إن تقديم المشورة لمريضات ما بعد الإجهاض للتقليل من المخاوف والتوتر وإمدادهن بالمعلومات الدقيقة والفهم حول الإجهاض الطبيعي المتعمد والخصوبة في المستقبل والعمل على راحة مريضات بعد الإجهاض من الأمور الهامة عند تقديم رعاية ما بعد الإجهاض.

وتصنف السياسة التي تطبق في مصر بخصوص الإجهاض على أنها سياسة مقيدة إذا ما قورنت بالسياسات الأخرى حول العالم. فالإجهاض مسموح به فقط عندما يمثل الحمل مخاطر صحية بالنسبة للمرأة الحامل. وبصفة عامة يرى العلماء الدينيون في مصر أن إنهاء الحمل من أجل المحافظة على حياة الأم أمر مقبول، حتى بعد انتهاء مدة الـ ١٢٠ يومًا المنصوص عليها في الأدبيات المختلفة(1)، ولكن إذا تم الإجهاض لأسباب أخرى لا تتعلق بالمحافظة على حياة الأم، تتعرض المرأة ومقدم خدمة الإجهاض للمساءلة القانونية وفي كل الأحوال، يعد الإجهاض من القضايا الحساسة بالنسبة لصحة النساء في مصر.

ويتفهم المجتمع الطبي والنساء في مصر جيدًا مخاطر الحمل والولادة. وقد أظهر مسح قامت به وزارة الصحة مؤخرًا حول وفيات الأمهات قصورًا خطيرًا في إدارة فرق الولادة وخاصة الفشل في التشخيص المبكر للمضاعفات(2)، وقصور التعامل مع الحالة بعد التشخيص.

وفي سياق الموارد الشحيحة في مستشفيات القطاع العام ومستشفيات الرعاية المتقدمة تعتبر هذه المعلومات على درجة عالية من الأهمية لفهم المخاطر الصحية التي ينطوي عليها الإجهاض غير الكامل مع الميل المعروف لتأجيل طلب الرعاية الصحية في المستشفيات.

ومن أهم نتائج القيود الاجتماعية والدينية والقانونية المفروضة على الإجهاض في مصر والتي تبعث على الأسف هي غياب المعلومات الدقيقة حول حالات الإجهاض المتعمد. فباستثناء سرد بعض المعلومات الطريفة حول الإجهاض، لا يوجد إلا القليل من البيانات حول تشخيص حالات مضاعفات ما بعد الإجهاض التي تحال إلى المستشفى.

إن تقديم المشورة لمريض ما بعد الإجهاض يتم في ظل ظروف تتسم بالتوتر والقلق، أكثر بكثير من خدمات رعاية الصحة الإنجابية الأخرى. وتعاني النساء بصفة عامة في هذه الظروف من الإرهاق الجسدي ودرجة عالية من التوتر والقلق تجاه قدراتهن الإنجابية في المستقبل وصحتهن بصفة عامة. وفيما غير ذلك، فقد وثقت الدراسة حالات قليلة عبرت فيها النساء عن مخاوف أو أفكار محددة حول نتائج الإجهاض أو المشاكل الأخلاقية التي ينطوي عليها إجراء الإجهاض المتعمد في مصر.

وقد أجرت مجموعة بحوث حديثة (۳) على ٥٥٠ سيدة مصرية بعد الإجهاض، ظهر أن ٤٨،٦ في المائة كن حوامل في أقل من ١٢ أسبوع وأن معظمهن كن يعانين من نزيف 73% من درجة متوسطة من النزيف و ٢٤% من نزيف حاد) ووجد عدد قليل جدًا من المضاعفات الأخرى (۲% من التهابات صديدية)، مما يؤكد الدلائل الأخرى التي تشير إلى اللجوء إلى الوسائل الشعبية للإجهاض (التسبب في حدوث نزيف حمى أثناء الحمل) في مصر كما هو الحال في عدة دول أخرى، ومن هذه الوسائل على سبيل المثال حمل أشياء ثقيلة الوزن، وإدخال أشياء غريبة داخل الرحم وتناول الأدوية (4، 5).

وقد ركز المشروع التجريبي الرائد لهذه الدراسة على التحسينات التي يمكن إدخالها في الرعاية الطبية وتقديم المشورة لمريضات ما بعد الإجهاض ويهدف هذا المشروع إلى تحول العلاج الإكلينيكي لمريضات ما بعد الإجهاض من الاعتماد الكلي على عملية التوسيع والكحت باستخدام التخدير العام، إلى استخدام آلات الشفط لاستكمال الإجهاض.

وأكد المشروع التجريبي الخاص بتقديم مشورة مابعد الإجهاض على أهمية استخدام خدمات تنظيم الأسرة لتفادي الحمل غير المرغوب فيه في المستقبل، كما قدم معلومات للنساء حول الإجراءات الطبية ورعاية المتابعة.

وكانت هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات حول إدراك النساء للإجهاض قبل التوسع في هذه التجربة الرائدة حتى يمكن تطوير أساليب ملائمة لتقديم المشورة لمريضات ما بعد الإجهاض. وأيضًا تطوير الإجراءات الطبية المتبعة وقد استدعى هذا القيام بسرعة ببحث استطلاعي حول هذا الموضوع.

منهج البحث:

استخدمت الدراسة نوعين من البيانات الكيفية بين شهري مايو ويونيو ۱۹۹٥ واستخلصت معظم النتائج من المقابلات المتعمقة التي تمت مع ٣١ امرأة أحلن إلى المستشفى بسبب مضاعفات ما بعد الإجهاض. واستعانت الدراسة بمريضات في مستشفى في القاهرة وأخرى في المنيا. حيث استخدم استبیان شبه مقنن في إجراء المقابلة معهن بحيث تم حثهن على وصف تجربتهن (رفضت إحدى النساء إجراء مقابلة معها).

كما تم جمع بيانات ذات طبيعة أكثر معيارية عن طريق المناقشات من مجموعات بؤرية مع مجموعتين تتكون كل منها من خمس إلى سبع نساء ممن يترددن على عيادات تنظيم الأسرة، إما في نفس المستشفى كمريضات ما بعد الإجهاض، أو في مستشفى أخرى قريبة منها.. كما عقدت مناقشة أخرى مع مجموعة من نفس الحجم من نساء أخريات في المناطق الريفية لا يستخد من وسائل تنظيم الأسرة ولسن حوامل.

لم تجمع بيانات مفصلة حول قصص حياة النساء المشتركات في الدراسة (٦) وإن كان لهؤلاء النسوة نفس الخصائص الديموجرافية والاجتماعية والاقتصادية فمتوسط أعمارهن كان ۲۹ عامًا، ولم يحصلن على أي تعليم رسمي أو حصلن على قدر قليل منه. وكافة النساء متزوجات، ولهن في المتوسط ثلاثة أطفال. وقالت الأغلبية إنهن لا يعملن، أي إنهن ربات بيوت. وأقر عدد قليل منهن أنهن يشاركن في مصروفات الأسرة. وقالت ثلث المشتركات أنهم لم يستخدمن وسيلة لمنع الحمل بينما أقرت خمس من الإحدى وثلاثين مشتركة إنهن استخدمن وسيلة حديثة من وسائل تنظيم الأسرة في الحمل الذي أجهضن فيه. ولم نقل أي من النساء علانية أنهن سعين للإجهاض مما يدل على الحساسية الشديدة تجاه موضوع الإجهاض في مصر. واستخدمت المعلومات التي قدمناها (وليس نتيجة الفحص الطبي) لتصنيف الإجهاض على أنه إما تلقائي، أو احتمال أن يكون متعمدًا، أو غالبًا متعمدًا، وسمى الإجهاض تلقائيًا في الحالات التي وصفت فيها النساء حملهن على أنه كان مرغوبًا فيه أو مخططًا مع عدم استخدام السيدة لأية وسائل تنظيم الأسرة.

ووصف الإجهاض بأنه احتمال أن يكون متعمدًا إذا كان الحمل غير مخطط له أو لم يكن مرغوبًا فيه وفي الحالات التي ذكرت فيه السيدة بطريقة غير مباشرة أنها تسببت في الإجهاض. وصف الإجهاض بأنه غالبًا متعمد إذا اعترفت السيدة أنها كانت حاملاً واتخذت إجراء من الممكن أن يكون قد تسبب في الإجهاض (بدون ادعاء رغبتها في إنهاء الحمل). ومن بين النساء الإحدى والثلاثين تسببت سبع منهن في إحداث الإجهاض عمدًا، ومن المحتمل أن تكون ١٠ منهن قد تسببن في إحداثه ويعتقد أن 14 منهن قد أجهضن طبيعيًا.

النتائج: الألم

لم تجمع بيانات حول الى حالة الطبية للنساء. ووصفت النساء أجسادهن بأنها كانت في حالة اضطراب متزايد بصرف النظر عما إذا كان الإجهاض تلقائيًا أو متعمدًا وشعرت النساء بهذه الحالة الفسيولوجية الحادة التي كان من أعراضها الأولى الآلام الشديدة في الجسم كله أما المصدر الأساسي للألم فكان الظهر وبالتحديد أسفله. كما شعرت أيضًا بالألم في الصدر / القلب والمعدة والثديين(7).

أنا كنت باموت امبارح وكمان كنت باموت قبل العملية. أنا لسة موجوعة لحد دلوقت

أنا حاسة أن جسمي مكسر حتت حتى مش قادرة أنام ومش قادرة أقعد وحاسة إن فيه وجع جامد كل ما باتحرك. أنا عرفة اني حاخد وقت لحد الألم ما يروح دة أكثر وجع أنا حسيت بيه لغاية دلوقت

ولم يكن سبب تألم النساء بهذه الصورة واضحًا. ففي جامعة المنيا استخدم التخدير العام في حوالي نصف حالات علاج ما بعد الإجهاض(4). وقد يكون الألم ناتجًا عن عدم استخدام المسكنات أو المهدئات قبل أو بعد إجراء العملية. أو بسبب وجود حالة مرضية استفحلت بسبب عملية الإجهاض. وقد أظهرت نتائج الأبحاث الأخرى الخاصة بالصحة الإنجابية في مصر وجود التهابات لم يتم علاجها بين النساء الريفيات مما ضاعف من ظهور أعراض أخرى غير مرتبطة بهذه الحالة المرضية (5) وربما كانت هناك أسباب مماثلة تسببت في آلام مريضات ما بعد الإجهاض.

فقد الدم

تفاقمت الآلام المبرحة التي شعرت بها النساء بفقدهن الهائل للدم. وكان قد نما إلى علمهن أنه من المتوقع أن يشعرن بفترة من الضعف بعد النزيف. والضعف الجسدي مسألة شديدة الأهمية بالنسبة للنساء المصريات الفقيرات حيث أن حالتهن الجسدية أصلاً ضعيفة بسبب قلة الغذاء وعبء العمل (خاصة النساء الريفيات).

احنا أجسامنا تعبانة من الأول والسقط بيأثر جامد على صحتنا. والدم للي بيروح من الست بيخليها أضعف من الأول وبيجيب أنيميا. وعشات كدة الست لازم تستريح عشان ترجع لها صحتها“.

الشفاء

بعد أن تمر النساء بتجربة الإجهاض غير الكامل يواجهن العودة الوشيكة إلى الحياة الطبيعة والحاجة إلى استعادة الشعور بالتوازن الجسدي. وما هو جدير بالملاحظة أن النساء اللاتي اشتركن في المجموعات البؤرية ممن مررن بتجربة الإجهاض عبرن عن خوفهن من استخدام وسائل منع الحمل خلال فترة النقاهة بعد الإجهاض وشعرن أن أجسادهن قد اضطريت اضطرابًا شديدًا من جراء الإجهاض وعبرن عن حاجتهن القوية إلى استعادة التوازن الطبيعي:

في الفترة دي الست بتكون سخنة بعد السقط. لكن بعد أربعين يوم تقدر تبتدي تأخذ وسائل منع الحمل ياإما حاتحمللذلك فقد طلبت النساء أن تكون هناك فترة لتبردنمدتها ٤٠ يومًا مثل فترة ما بعد الولادة تستطيع خلالها. النساء أن يستعدن صحتهن ويحصلن على قسط أكبر من الأغذية الغنية بالبروتينات التي تساعد الجسم على استعادة اتزانه ووضعه الطبيعي.

وعبرت مريضات ما بعد الإجهاض عن اعتقادهن بأنه ما دام ليس لديهن مولود جديد فإنه ليس من المرجح أن يطلبن من أسرهن العناية بهن خلال الـ ٤٠ يومًا اللاحقة على الإجهاض، فالأرجح في المناطق الريفية ألا تمتلك أسر النساء الموارد الكفيلة بأن تعوض غيابهن عن العمل في الأرض، إن الحاجة إلى العودة إلى العمل الذي يتطلب قوة بدنية وقدرة على تحمل مسئوليات رعاية الأطفال كانت من أهم ما أثار مخاوف وقلق مريضات ما بعد الإجهاض من الريف والحضر على حد سواء.

عشان ترجع لحالتها الطبيعية لازم الست تاكل مضبوط ويكون عندها مكان تستريح فيه، ازاي أجيب دة كله في بلدنا منطقة ريفية لازم الستات تشتغل جامد ولازم ندي كل اللى نقدر عليه لولادنا.

وبالرغم من هذه الدراما لم تتعرض للحالة الصحية العامة للنساء، فقد وثقت دراسات أخرى العبء الكبير للمرضى من النسباء المصريات في الريف (۸). لذا فإن قلق النساء على قدرتهن على استعادة صحتهن البدنية له أساس من الصحة. وقد يعكس في الحقيقة فهمًا حقيقيًا لصحتهن. إن هذه التربية تعضدها القيم الثقافية في مصر التي تعزز تعزز ثقافة الصمت والاحتمالالتي تشجع النساء على احتمال العلة بدلاً من التماس الرعاية الصحية (9).

لم تستحسن أي من النساء المشتركات في الدراسة فكرة استخدام وسائل منع الحمل مباشرة في فترة ما بعد الإجهاض لأسباب كثيرة. فالحاجة إلى استعادة نظام الجسم تغلبت على أي نوع من التدخل، بما في ذلك استخدام اللولب.

ولم تتوفر معلومات حول توقيت بداية العلاقات الجنسية بعد عملية الإجهاض غير الكامل ولم تتعرض الدراسة لهذه المسألة. ويتعين أن تخاطب الأبحاث الأخرى في المستقبل مسألة العلاقة بين فترة الامتناع الجنسي بعد الإجهاض واستخدام وسائل منع الحمل. وقد رأت النساء تماثلاً بين الفترة التي تلي الإنجاب والفترة التي تلي الإجهاض بحث توقعن مدة من الامتناع عن ممارسة العلاقات الجنسية نتيجة العادات المرتبطة بالنزف. وقد امتد هذا التماثل ليتضمن توقيت عودة الخصوبة بعد عملية الإجهاض. وقد أعرب عدد كبير من النساء عن اعتقادهن بأن نزول الحيض لن يتم في الغالب إلا بعد مدة من الإجهاض قد تكون عدة شهور.

أظهرت نتائج الأبحاث في مصر أنه مع وجود نظام للمساندة من الشبكات الاجتماعية، تصبح النساء أكثر قدرة على التعامل مع حالتهن الصحية والتماس الرعاية. وقد ذكرت النساء نوعين من الرعاية: المساعدة في تحمل أعباء الأعمال البدنية وتفهم ظروفهن العاطفية والنفسية وقد بدا لهن أن أزواجهن وأسرهن غير قادرين على تقديم العون في هذين المجالين.

المشاكل الجسمانية أهم حاجة. ولسة برضه حايكون فيه مشاكل ثانية زي مثلاً الناس حاتقول على اية لما تعرف اني سقطت بس أنا عارفة أن أهم حاجة لازم اخد بالي منها هي أني ارتاح على الأقل شهرين عشان أقدر أرجع لصحتي المشكلة هي أن مفيش حد يساعدني في الفترة دي.

وقد قال عدد كبير من النساء أن أزواجهن يمثلون مصدرًا أساسيًا لمحنتهن العاطفية:

الست ممكن تكون مش زعلانه قوي بعد السقط. لكن أهل جوزها حايكونوا مستنينها وحايضايقوها عشان العيل اللي راح. أول مرة سقطت قالوا لي كان أحسن تموت البقرة بدل ما أسقط دلوقت حايضايقوني أكثر ولازم أبقة مستعدة لكدة.

وأعتقد الكثير من النساء أن أزواجهن لا يستطيعون في الحقيقة القيام بدور نشيط لتقديم وسائل الراحة لهن والتخفيف عنهن لأن الإجهاض مسألة تخص النساء فقط. بالإضافة إلى ذلك تحدد المعايير الثقافية في مصر. دورًا بسيطًا للغاية للرجال في مساعدة النساء في أعمالهن. لذلك لا ترى النساء احتمال أن يكون أزواجهن سندًا لهن في أعمالهن. وقد أشارت معظم مريضات ما بعد الإجهاض إلى أن أقصى ما يمكن أن يأملن فيه هو ألا يكون الأزواج مصدرًا إضافيًا للقلق.

ستات كثير بتمر بالآلام نفسية خصوصًا إذا كان الزوج ما بيقدرش الموقف وما بيتصرفش على أنه فاهم الست حاسة بايه (إحدى المشتركات في المجموعات البؤرية).

تتخوف النساء أن يركز الزوج أو أسرته على موضوعات مثل أن يكون الجنين قد نفخت فيه الروح، أو أن يلوم السيدة على فقد المولود. كما عبرت النساء أيضًا عن خوفهن من أن يشك أهل الزوج في قدرتهن على الحمل والولادة بعد ذلك.

مرة أخرى. إن التعامل مع الأزواج وأسرهم كان من أهم مصادر القلق الملح بالنسبة للسيدات بعد الإجهاض، وكلما استطاعت النساء أن يبتعدن عن مصدر هذا القلق كلما شعرن بالطمأنينة على قدرتهن على الشفاء المعنوي من نتائج فقد الحمل.

الغموض والمأزق الأخلاقي

كانت هناك درجة عالية من التأرجح بين النساء في موضوع الإجهاض وفقد الحمل فيما يتعلق بمعتقداتهن الدينية. أن الطريقة التي عبرت بها النساء المشتركات في الدراسة عن مواقفهن المتصارعة تجاه دور الله وتأثير مشيئته على الإجهاض هى طريقة مصرية صميمة بالرغم من أن هذا التأرجح موجود أيضًا في مناطق أخرى كثيرة. وقد وصفت معظم المريضات ما فقدن على أنه مشروع طفل وليس طفلاً حيًا أو حقيقيًا. وكانت النساء اللاتي رغبن غالبًا في الإجهاض من أكثر السيدات وضوحًا في التعبير عن هذا الاعتقاد. وقد ركزت هذه المجموعة من السيدات على الجهود الكبرى التي يبذلنها في حياتهن اليومية من أجل رعاية الأطفال وربطن ذلك بأسباب عدم رغبتهن في الإبقاء على هذا الحمل الأخير وقرار إنهائه. إن إيمان النساء العميق بالله يجعلهن يعتقدن بأن الله قادر على أن يحملن مرة أخرىبصرف النظر عن أفعالهن، وكان مشروع بحثي أنثروبولوجي حول العقم في مصر قد أظهر نتائج مماثلة إلى حد كبير (١٠).

الحمل دة من عند ربنا وإن العيل يعيش دة برضه في ايد ربنا. لما الواحدة تسقط يبقى الحمل ده كان مقطوع منه الرجا لأن ربنا كان قادر يخليه

وقد عبر عدد من النساء ممن مررن بتجربة إجهاض تلقائي أو متعمد سابقة ولكنهن حملن حملاً كاملاً في بعد ذلك عن هذا الاعتقاد أيضًا خلال المجموعات البؤرية وتقول النساء إن الممارسات التي تسبب الاجهاض ليست بالضرورة ضد مشيئة الله لأن الله قادر على كل شئ ولا يستطيع إنسان أن يفعل شيئًا ضد مشيئته. فالنساء يرين أنفسهن أدوات لتحقيق رغبات الله. إما إذا أسأن تفسیر مشيئته فسوف تفشل أعمالهن ولا يكون لها نتيجة وقد ذكرت بعض المحاولات التي لم تنجح للإجهاض كمثال عن وسائل التدخل الإلهية. فقالت ثلاث مشتركات في المجموعات البؤرية:

ربنا وقف الدم. لما أخذت الحقن ربنا وقف الدم ولما الدم وقف حملت ربنا كان عايز كدة“.

ما بينفعش الست ممكن تشرب عصير بصل أو عصير ثوم وممكن تشتري أي حاجة من العطار. أنا عارفة ست جربت كل حاجة وما نفعتش ربنا ماكانش رايد لها“.

أمي كانت حامل وكانت عايزة تسقط. أخذت سبع حقن لكن الحمل ماسقطش. والعيل اتولد عايش. كله في ايد ربنا واللي بيريده بيحصل“.

وفي المقابل، عبرت النساء من المشتركات في المجموعات البؤرية عن اعتقادهن أن الإجهاض المتعمد فيه تعطيل آثم للقدر الذي اختاره الله وأن النساء اللاتي تجهضن أنفسهن بتعرض أنفسهن لغضب الله وعقابه. كما أعربن عن اعتقادهن أن الإجهاض قد يسبب عقمًا للنساء ويعرضهن للتأثيرات الضارة بالصحة أو يعرض توافق الأسرة وصحتها للخطر.

أما النساء اللاتي أجهضن تلقائيًا (حوالي ١٤ من ٣١ مستجيبة)، فقد قررن أنهن يجهلن تمامًا أسباب الإجهاض مما أثار قلقهن عن قدرتهن على الحمل في المستقبل. “أنا بس عايزة أعرف ازاي دة حصل. دي مشكلتي الوحيدة. فيه ناس بتقول اني حاسقط كل ما أحمل وأنا مش عايزة دة يحصل لي“.

نفسي أعرف دة حصل ازاي أنا ما اتخبطش ولا وقعت ولا حاجة من دي. وصحيح عايزة اعرف اية اللي حصل عشان ما يحصلش تاني في المستقبل“.

وبالرغم من اعتقاد عدد قليل من النساء إن الإجهاض نتج عن قلة التغذية وعبء العمل الثقيل أو بسبب بعض الأمراض المتعلقة بتربية الماشية، فإن معظمهن قلن بأنه مشيئة الله. إلا أن اللجوء للعقيدة والإيمان بالله لم يقلل من قلقهن بالنسبة لحدوث إجهاض آخر في المستقبل إن الاعتقاد بان الله قدر حدوث الإجهاض سبب كثيرًا من الاضطراب للنساء خاصة وأن عددًا كبير منهن لم يكتفين بعد بعدد الأطفال الذين يردن إنجابه. وبالرغم من أن النساء لم يسهبن في التفكير في موضوع نفخ الروح في الجنين إلا أنهن اعترفن بأنه موضوع اهتمام أفراد آخرين من أسرهم ومجتمعهن المحلي.

الناس حاتفضل تضايق الست اللي سقطت. حايقولوا لها زي ما تكون قتلت روح. وحايقولوا لها أن دة ذنب كبير“.

أظهرت هذه الدراسة عددًا من أفكار النساء حول الإجهاض التلقائي والإجهاض المتعمد، وقد جاءت معظم النتائج من المريضات اللاتي مررن بتجربة جراحية طارئة لعلاج حالة الإجهاض شخصت بأنها تهدد حياتهن. وفي محاولة لفهم التجربة المريرة التى مرون بها، فقد انصب اهتمامهن على الشفاء البدني مع احتمال الاحتفاظ ببعض ردود الأفعال العاطفية. ولم تتمكن هذه الدراسة من تحديد ظهور أية مخاوف أخرى بعد أن يصبح الشفاء أمرًا مؤكدًا. وذكرت النساء المشتركات من المجموعات البؤرية أن هذا الموضوع لن يمثل غالبًا مشكلة إلا إن الدراسة لم تتفحص هذا الموضع بعمق.

إن المخاوف التي ظهرت في هذه الدراسة شبيهة بمخاوف النساء اللاتي يعانين من مضاعفات ما بعد الإجهاض التي تستدعي علاجًا في المستشفى في سياق آخر والمتصلة بتطوير وتحسين الخدمات الصحية في مرحلة ما بعد الإجهاض وأكدت هذه المخاوف الحاجة إلى إعطاء اهتمام أكبر لنوعية العلاج الطبي في مرحلة ما بعد الإجهاض، خاصة الحاجة إلى تشخيص دقيق وعلاج للأسباب الفسيولوجية للآلام التي تعاني منها النساء بالإضافة لاستخدام مسكنات الآلام (بما في ذلك مسكنات ومهدئات قبل وبعد إجراء العملية).

إن الدلالات الأساسية لهذه الدراسة تتعلق بتقديم المشورة لمريضات ما بعد الإجهاض في هذا السياق.

ويمكن التوصل إلى وسيلة للتقليل من الضغوط stress من خلال تقديم ثلاثة أنواع من المساعدة في المجال العاطفي، والإدراكي والمادي. إن الاضطراب العاطفي الذي ينعكس في الآراء التي تسلم بالقضاء والقدر حول أسباب الحمل غير المرغوب فيه أو سبب الإجهاض التلقائي تحتاج إلى تفهم عاطفي وبيئة لا تصدر أحكامًا نهائية، أنه يحتاج للمناقشة واتخاذ القرار، ويعد تدريب العناصر المختلفة في المجال الطبي على اكتساب مهارات الإنصات خطوة قيمة في اتجاه مساعدة النساء على الشفاء العاطفي من هذه التجربة، إن التوصل إلى فهم أكثر تطورًا لانحيازات مقدمي الخدمات ومعتقداتهم فيما يتعلق بمريضات ما بعد الإجهاض يعد مقدمة لهذا النوع من التدريب.

إن توفير المعلومات الدقيقة سهلة الفهم للنساء حول أسباب الإجهاض وكونه لا يؤثر سلبيًا بالضرورة على خصوبة المرأة. أمر هام للغاية لتقليل مخاوف النساء فيما يتعلق بالآثار طويلة المدى للإجهاض. كما يتعين رسم استراتيجيات لتوصيل الرسائل إلى أسر النساء حول حاجتهن إلى الراحة والاستشفاء. ويمكن توجيه رسائل خاصة لأزواج المريضات أو أقاربهن حتى يمكن تأجيل العودة لمباشرة الأعمال المنزلية وتوفير المساعدة المادية اليسيرة لسد حاجات النساء.

وأظهرت الدراسة أن توفير وسائل منع الحمل في فترة ما بعد الإجهاض تمثل مشكلة بالنسبة للنساء المصريات. ومن الواضح وجود اختلافات جوهرية بين تقديم خدمات وسائل منع الحمل للنساء اللاتي تعرضن لإجهاض متعمد في أوضاع طبية تجعله مصرحًا به قانونًا الخوف على صحة الأم“. وبين النساء اللاتي يلتمسن رعاية طبية طارئة نتيجة للإجهاض غير الكامل أو التلقائي. فقد أظهرت الدراسة أن هناك مخاوف أخرى أكثر إلحاحًا تتعلق بالإجهاض التلقائي عن الحمل مرة أخرى.

إن البقاء على قيد الحياة من أهم ما يشغل بال النساء ثم تأتي بعد ذلك الشكوك حول القدرة على استكمال الحمل، إن اعتقاد النساء أنهن سوف يمررن بفترة طويلة من انقطاع الطمث، كما كان سوف يحدث في حالة الولادة والرضاعة الطبيعية يقلل من وضوح الرسائل حول استخدام وسائل منع الحمل بعد الإجهاض.

ويتعين أن تأخذ البرامج التي تقدم خدمات تنظيم الأسرة بعد الإجهاض هذه المسالة بعين الاعتبار وأن تعمل مع النساء منفردات على التعرف على احتياجاتهن من هذه الوسائل من خلال توضيح الحقائق حول استعادة الخصوبة وامكانية تطبيق الامتناع الجنسي في فترة ما بعد الإجهاض. أما بالنسبة للنساء اللاتي مررن بتجربة الإجهاض التلقائي، فيجب توفير معلومات لهن حول أسبابه وتحويلهن إلى أحد مرافق الخدمات الصحية من أجل التشخيص السليم والعلاج الملائم لحالتهن.

ومن المستحسن بشدة أن تحصل النساء اللاتي تعرضهن لنزيف حاد بعد الإجهاض على خدمة متابعة للحالة تأخذ في الاعتبار الحالة الصحية العامة للسيدة وحاجاتها الصحية، وعلاجها بطريقة كريمة وتوصيل المعلومات لها بوسيلة تتسم بالحساسية تجاه إدراكها لحالتها البدنية وتقديم وسائل منع الحمل المناسبة إذا ما رغبت في ذلك. إن تقديم الخدمات الطبية عالية الجودة التي تضم كل هذه العناصر لمريضات ما بعد الإجهاض، هو من أكثر الأبعاد التي لا تحصل على اهتمام كاف في مجال رعاية صحة النساء في الدول النامية. إن الاستماع إلى ما يشغل بال النساء واحتياجاتهن متطلب أساسي من أجل تصميم برامج التحسين الخدمات ونشر الوعي حول شروط الصحة العامة المرتبطة بقيود تقديم خدمة الإجهاض الآمن. وعلى الرغم من أن هذه الدراسة السريعة قد حددت المجالات التي تحتاج إلى تحليل أعمق (مثل الأسباب الطبية للآلام التي تحدثت عنها النساء والمعايير المحيطة بفترة ما بعد الإجهاض والامتناع عن الممارسة الجنسية) إلا أن منهجية الدراسة ساعدت كثيرًا في تصميم برنامج لتقديم المشورة للنساء المصريات. ونحن نشجع بشدة البرامج الأخرى على أن تقوم بأبحاث كيفية مماثلة.

1- Unsafe Abortion and Sexual Health in the –
Arab Wotld. Conference, organized by International
Planned Parenthood Federation and Syrian Family
Planning Association, Damascus, Decemnber 1992.

2- ypt National Materrnal Mortality Study: Eg –
1992-1993, Ministry of Health, Child Survival Pro-
ject. July 1994. P31.

3- Huntington D, Hassan EO, Toubia N et al, –
1995. Improving the counseling and medical care of
post abortion patients in Bgypt. Studies in Family
Planning. 26(6):350-62,

4- Abortion decision making \o, Raghab AR, 19 – 1
in an illegal context: a case study from rural Egypt.
Ph.D. thesis submitted to the University of Exeter
(U.K.).

5- Hoodfar H, 1986. Child care and child súrvival – o
in low-income neighbourhoods of Cairo, Population
a and North Africa Regional Pa- Council: West Asi
pers. Population Council, Cairo.

6- Women’ refers to the postabortion patients’ -1
only, unless otherwise indicated.

7- All of the citations are from the interviews -v
with the postabortion patients unless otherwise noted.

8- ab H, Zurayak H et al, 1993. Younis N, Khatt -A
A community study of gynecological and related mor-
bidities in rural Egypt. Studies in Family Planning.
24(3): 175-86.

9- Khatab, HAS, 1992, The Silent Endurance: – 4
Social Conditions of Women’s Reproductive Health
otter (ed). UNICEF and Popula- in Rural Egypt. GP
tion Council, Cairo.

10- Inhorn -MC, 1994.. Quest for Conception,,
Gender Infertility, and Bgyptian Medical Traditions.
University of Pennsylvania Press, Philadelphia.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي