إشكاليات إبلاغ القاصرات عن جرائم العنف في مصر

التصنيفات: غير مصنف
الشركاء: بنت النيل
 

إشكاليات إبلاغ القاصرات عن جرائم العنف في مصر

المقدمة

يعبر القانون عن صراع المصالح المتضاربة داخل مجتمع ما، وبقدر ما يملكه كل طرف من أدوات للتأثير على صياغة القواعد القانونية تخرج هذه القواعد إلى النور لتعبر عن موازين القوى داخل كل مجتمع

ولما كان التهميش والمهر قد لازما النساء تاريخيًا فليس بغريب أن يهمش القانون مصالحهن بدرجات متفاوتة تختلف من مجتمع لآخر ومن حقبة زمنية لأخرى.

ولأن القهر يستدعي المقاومة، فقد ظهرت النظرية القانونية النسوية قبل عقود قليلة. تلك النظرية التي تتضمن دراسة الأسس الفلسفية للقانون والعدالة على ضوء تجارب النساء؛ حيث إن الهدف الرئيسي لقراءة القانون من منظور نسوي يتمثل في تغيير المنظومة القانونية لأخرى أكثر انصافًا للنساء وفهمًا لاحتياجاتهن، وهو ما سينعكس في النهاية على جودة حياة النساء

في إطار سعي مؤسسة بنت النيل (تحت التأسيس) لتفكيك الرؤى الأبوية للمنظومة القانونية في مصر وتسليط الضوء على الصعوبات التي تواجه النساء أمام العدالة، تصدر المؤسسة هذه الورقة لتحليل الإشكاليات التي تواجه القاصرات تحديدًا عند الإبلاغ عن جرائم العنف الواقع عليهن والتي تبدأ من (إباحة) عدد من أشكال العنف الموجه ضد النساء والفتيات وخروجه من دائرة التجريم فضلاً عما يعتري منظومة العدالة في مصر من قصور في التعامل مع الناجيات من العنف وصولاً لمشاكل مثول القاصرات أمام جهات انفاذ القانون وهن ناقصات الأهلية وأخيرًا مناقشة مسألة إبعاد الناجية القاصر عن مصدر التهديد / العنف من خلال استعراض خدمات استضافة الناجبات من العنف التي تقدمها الدولة.

في نهاية هذه الورقة تقدم مؤسسة بنت النيل تحت التأسيس& مجموعة من التوصيات العاجلة للمساعدة في تحسين تمتع النساء والفتيات بالحماية القانونية من كل أشكال العنف والإساءة

المنهجية المستخدمة

تعتمد هذه الورقة على منهج تحليل المضمون كأحد أكثر المنهجيات الكيفية مناسبةً لدراسة القواعد القانونية حيث ستتضمن الورقة تحليل للتكييف القانوني لبعض جرائم العنف ضد النساء والفليات، بالإضافة للاعتماد على تحليل بعض البيانات التي تخص الخدمات المقدمة للناجيات في إطار حمياتهن من صور العنف المختلفة

وعن المصطلحات المستخدمة داخل هذه الورقة. فيشير لفظ العنف ضد النساء، إلى أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن بيرت عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة1 ، أما لفظ القاصر / ة فيختلف مفهومه باختلاف النطاق القانوني لاستخدامه كما سنرى هذه في الورقة لكن من جانبنا تميل لاستخدام لفظ القاصر/ ة

 

أول عقبة تواجه الفتيات القاصرات عند التفكير في الإبلاغ عما تتعرض له من عنف هي عدم الاعتراف القانوني بأن ما تتعرضن له يعد جريمة من الأساس

ورغم أن قانون العقوبات يفترض به الدقة والانضباط وأن يسري على الجميع دون تمييز، نجد أن هذا القانون ذاته يتدخل للتفرقة بين الجرائم التي تتم بين آحاد الناس وذات الجرائم إذا تمت داخل نطاق الأسرة وتكون ضحيتها النساء عادة فيعاقب على الأولى ويعتبر الثانية (مباحة ) رغم أن الفعل المجرم في الحالتين واحد. فضلاً عن تجاهل القانون نفسة للمعاقبة على بعض الجرائم مثل جريمة زواج القاصرات

يعود الخلل الرئيسي في قانون العقوبات المصري فيما يتعلق بالجرائم غير الجسيمة التي تتم ضد الفتيات والنساء في نطاق الأسرة إلى المادة ٦٠ من قانون العقوبات والتي تقدم سببًا لإباحة جرائم خطيرة، مثل الحبس المنزلي والاعتداء بالضرب على النساء لمجرد أن مرتكب الجريمة أحد أفراد الأسرة، بدعوى ممارسته لحقوقه الشرعية

تنص المادة 60 من قانون العقوبات على : لا تسري أحكام قانون العقوبات

على كل فعل إرتكب بنية سليمة عملًا بحق مقرر بمقتضى الشريعة

وتعرف هذه المادة بأنها تقنن سببًا من أسباب الإباحة للأفعال المجرمة وأسباب الإباحة هي تلك الأسباب التي يكون من شأنها رفع الصفة الجنائية عن الفعل في الظروف التي وقع فيها، فهي تعدم الركن الشرعي في الجريمة فتخرج الفعل من دائرة الأفعال المعاقب عليها إلى مجال الإباحيات2، ويعد ما يعرف بحق التأديب أشهر تطبيق لهذه المادة في أحكام المحاكم المصرية، حيث درجت المحاكم المصرية على اعتبار الضرب غير المبرح الذي لا يترك آثارًا ظاهرة كالكسر والعاهات المستديمة والأمراض على جسد الزوجة أو الأبناء والبنات من الأفعال المباحة قانونًا

فوفقاً لمنطوق أحد أحكام محكمة النقض: من المقرر أن التأديب وإن كان حقاً للزوج من مقتضاه إباحة الإيذاء إلا أنه لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقبًا عليه قانوناً حتى ولو كان الأثر الذي حدث بجسم الزوجة لم يزد عن سحجات بسيطة3

كذلك تجعل المادة 60 نفسها ممارسة جريمة الحبس المنزلي للفتيات فعلاً

ويقصد بالحبس المنزلي للفتيات إجبار البنت، أو الزوجة، أو الأخت، وسواهن، على البقاء في المنزل بشكل كامل وعدم السماح لهن بالخروج، أو منعهن من الذهاب إلى مكان معين، كمنع النساء من مغادرة البلدة التي يقطن فيها، أو منعهن من التعليم أو العمل

فرغم أن تقييد حرية إنسان دون مسوغ قانوني هي جريمة وفقًا لنص المادة رقم ۲۸۰ من قانون العقوبات والتي نصت على كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك، وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مئتي جنيه مصري غير أن هذا النص يتم تعطيله إذا مارس هذه الجريمة أحد ذكور الأسرة مثل الأب أو الأخ أو الزوج على من يعتبرهن القانون خاضعين لسلطته التأديبية شرعًا

وهو ما تجد له صدى في العديد من أحكام المحاكم المصرية، فقد ورد في أحد أحكام محكمة النقض إذا كان الولي قد رأي في سبيل حمل ابنته القاصرة على إطاعة أوامره التي لا ينبغي من ورائها إلا تهذيب أخلاقها وتقويم سلوكها أن وضع في رجلها قيدًا حديديًا عند غيابه عن المنزل ملاحظًا في ذلك ألا يمنعها عن الحركة في داخل المنزل، وألا يؤلم بدنها ذلك لا تجاوز فيه لحدود حق التأديب المخول له قانونًا4

في هذه السياق أيضًا يغيب عن دائرة التجريم بقانون العقوبات جريمة الاغتصاب الزوجي باعتبار أن ممارسة الزوج للجنس مع زوجته هو حق شرعي مطلق له دون اعتبار لإرادتها وحالتها الجسمانية والنفسية

أما جريمة تزويج القاصرات فرغم ما يترتب عليها من آثار بالغة الخطورة على حياة الفتيات، لا تزال تلك الجرائم (مباحة) وفقًا للقانون المصري، والجزاء الوحيد الذي ارتآه المشرع المصري لهذه الجرائم هو عدم إمكانية توثيق رابطة الزوجية إذا كانت الزوجة أو الزوج أقل من 18 عامًا وهو جزاء تضار منه الفتيات أيضًا نتيجة لتغييب مظلة الحماية القانونية التي يوفرها تسجيل عقد الزواج لهن، فكأن تلك العقوبة قد جاءت لمعاقبتهن على كونهن ضحايا لتلك الجرائم

تحظر المادة ٣١ مكرر والمضافة عام ٢٠٠٨ للقانون ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ بشكل واضح توثيق عقد الزواج إذا كان أحد طرفيه أقل من ١٨ عامًا غير أنها لا تحظر انعقاد رابطة الزوجية نفسه، بل وحتى في حال قيام موظف رسمي متجاوزًا القانون بتوثيق عقد زواج لقاصر فأن العقوبات التي ستطبق عليه هي الجزاءات التأديبية فقط دون أي عقوبة جنائية

يؤدي الفراغ التشريعي فيما يتعلق بتجريم تزويج القاصرات لحالة من التناقض ما بين الخطاب المعلن لكل أجهزة الدولة برفض تلك الممارسات، وما بين الواقع القانوني الذي لا يعتبر تزويج القاصرات جريمة في ذاته

تتجلى مظاهر هذا التناقض في أن البلاغات التي يستقبلها خط نجدة الطفل ويقوم بتحويلها للجهات الأمنية، أو حتى البلاغات التي تبادر الفتيات أنفسهن بتقديمها للأجهزة الأمنية طالبين فيها حمايتهن من جرائم تزويج قاصرات وشيكة تنتهي للاشيء، بل يجد رجال الأمن أنفسهم في حيرة ما بين اتباع التوجهات الرسمية المعلنة للدولة وما بين تطبيق القانون، فيحاولون التغلب على هذا الأمر بالنقاش مع ولي الفتاة، أو إجباره على توقيع إقرار غير قانوني ولا يملك أي حجية، بعدم تزويجها قبل الثامنة عشر عامًا، في النهاية يضطر رجال الأمن لتسليم الفتاة المبلغة لوليها نفسه التزامًا بالمواعد القانونية السارية في التعامل مع القصر6

تنص المادة 31 مكرر والمضافة عام ٢٠٠٨ للمانون ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ بشأن الأحوال المدنية على أنه لا يجور توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة ويعاقب تأديبياً كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة5

في نهاية هذا الجزء من المهم أن نشير إلى الخلل الواضح الذي يفرضه قانون العقوبات بتقاعسه عن حماية النساء رغم النص على أن حماية النساء من العنف أحد واجبات الدولة.

تنص المادة 11 من الدستور المصري على تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً

(الشرطة – النيابة العامة – الطب الشرعي )

لا ترتبط الصعوبات التي تواجها الفتيات القاصرات بالواقع القانوني المعيب فقط. جزء كبير من هذه الصعوبات يتعلق بالتعامل مع جهات إنفاذ القانون بدأ من قسم الشرطة التي تلجأ إلى الفتاة لتحرير محضر بما طالها من أذى، والذي يقوم بدوره بتحويلها للنيابة العامة صاحبة الاختصاص بالتصرف – بما تحمله هذه الرحلة من احتمالات التعرض لانتهاكات إضافية تابعة من أن رجال الشرطة والنيابة هم أبناء هذه المجتمع وبالتالي فغالبيتهم لا يجدون غضاضة في قيام الأب بضرب ابنته تحت مسمى التأديب هذا بطبيعة الحال إذا تغاضينا عن الإشكاليات القانونية التي ستجعل رجل الشرطة نفسه عاجز عن تحرير المحضر لعدم تجريم عدد من أشكال العنف الواقع على القاصرات

وحتى في الجرائم خارج نطاق الأسرة مثل جرائم العنف الجنسي في الشارع وغيره، فعادة ما يتم ترهيب الضحية من تحرير محضر من الأساس أو محاولة أقناعها بتغير مسمى الاتهام إلى سرقة بدلاً من تحرش جنسي مثلاً

فضلاً عما تلاقيه الناجيات داخل أقسام الشرطة والنيابات من ضغط نفسي يقع عليهم لأسباب كثيرة منها اضطرارهن لحكي تفاصيل دقيقة لواقعة الاعتداء أمام أشخاص متعددين عادة ما يكونوا من الرجال ولمرات متعددة

داخل النيابة تتجدد إشكاليات خضوع القاصر القانونية لولي أمرها، والذي قد يكون من جاءت لتختصمه أمام النيابة، فضلاً عن عدم قدرتها على توكيل محامي لنقص أهليتها، وهو ما سنتناوله في الجزء التالي

ثالثًا: التمثيل القانوني:

هناك تحدي من نوع آخر يواجه القاصرات تحديدًا وليس كل النساء عند الإبلاغ عن جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي. وهو تحدي يرتبط بامتلاك الفتيات القاصرات للحق في عقد التصرفات القانونية أو الاستعانة بمحامٍ بموجب وكالة قانونية

في البداية فعملية اتخاذ تصرف قانوني ما تتطلب بلوغ سن الرشد، غير أن سن الرشد في مصر يختلف باختلاف القانون المنظم له، فقانون الطفل ومن ثم قانون العقوبات يختلف فيهما السن القانوني عن القانون المدني (القانون العام الحاكم لقواعد الوكالة) وهو بدوره يختلف عن قانون الأحوال الشخصية

هذا التباين في تحديد سن الرشد بين القوانين المختلفة يطرح في الواقع العملي عند الإبلاغ عن جرائم العنف ضد الفتيات إشكاليات شتى، تبدأ من أن الفتاة غالبًا ما تختصم شخص له ولاية شرعية عليها أي أنه ممثلها القانوني الطبيعي لحين بلوغها سن الرشد. كذلك تثير مسألة سن الرشد مشكلة في عدم قدرة الناجية القاصرة على الاستعانة بمحام/ ة لمباشرة أي من التصرفات القانونية نيابة عنها نظرًا لعدم تمتعها بأهلية التصرف القانوني وتوكيل محامي

15 عام في الأمور الشرعية وقضايا عام الأسرة

حيث تنص المادة الثانية من القانون رقم (1) لسنة ٢٠٠٠ والخاص بتنظيم بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه : تثبت أهلية التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية للولاية على النفس لمن أتم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة متمتعًا بقواه العقلية وينوب عن عديم الأهلية أو ناقصها ممثله القانوني، فإذا لم يكن له من يمثله أو كان هناك وجه لمباشرة إجراءات التقاضي بالمخالفة لرأي ممثله أو في مواجهته عينت المحكمة له وصى خصومة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة أو الغير.

18 عام الجنائي

نص المادة الثانية من القانون رقم (١٢٦) لسنة ٢٠٠٨ بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ وقانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ۱۹۳۷ والقانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ في شأن الأحوال المدنية والتي نصت علي: يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشر سنة ميلادية كاملة، وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر. فإذا لم يوجد المستند الرسمي أصلاً قدرت السن بمعرفة إحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة.

21 عام المدني

نصت المادة ٤٤ من القانون المدني على أنه

1) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعًا بقواه العقلية. ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.

(٢) وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة

لا تقتصر الإشكاليات المحيطة بعملية الإبلاغ عن جرائم العنف ضد الفتيات القاصرات على كل ما سبق فهناك سؤال بديهي يطرح نفسه في جرائم العنف الأسري تحديدًا، إلى أين ستذهب الفناة بعد الإبلاغ؟ هل ستقوم بالإبلاغ في حال تغلبنا على كل العقبات السابقة تم ستعود لنفس البيت الذي يقطن فيه الشخص الذي يعتدي عليها؟

في حقيقة الأمر وبغض النظر عن العوامل القانونية التي تحد من قدرة الفتيات القاصرات على التماس سبل الانتصاف والحماية الرسمية ، فعدم توافر مكان يأويهن بعد عملية الإبلاغ قد يكون وحده سببًا كافيًا لعدم الإبلاغ ضمن مظلتها الحمائية للنساء والفتيات المتعرضات للعنف، من المفترض أن تقوم الدولة بتوفير دور استضافة آمنة للنساء في حال اضطرتهن الظروف لهجر منزل الأسرة هربًا من العنف الممارس عليهن

يُفترض أن تفتح الدولة عددًا كافيًا من هذه الدور، وتقوم بتوزيعه بشكل عادل على كافة أراضيها

في مصر بأسس أول بيت أمن للنساء عام ٢٠٠٣ بعد قرارين وزاريين صدرا في عام ٢٠٠٠، وبناء عليهما أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي (وزارة الشؤون الاجتماعية وقتذاك) سبعة بيوت آمنة للنساء وزاد عددهم فيما بعد طبقًا لموقع وزارة التضامن يوجد حالياً ٩ بيوت آمنة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي

إلا أنه فعليًا تبين أن هناك بيتاً آمناً واحداً بالإسكندرية وتوقف الثاني عن العمل

يوجد بيت آمن واحد مستقل عن وزارة التضامن الاجتماعي وهو بيت جمعية النهوض والتنمية بالمرأة ومكانه غير معلن كحماية للناجيات، بالتالي يوجد فعلياً 9 بيوب آمنة في مصر سواء كانت تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي أي للمنظمات غير الحكومية7

ووفقاً للمجلس القومي للمرأة فإن إجمالي عدد الأسرة في كافة بيوت الإيواء إلى 214سريراً، أي ما يعادل حوالي سرير واحد لكل 380.000 من سكان مصر، هذا بينما تشير مجموعة خبراء المجلس الأوروبي حول مناهضة العنف ضد النساء، إلى أنه ينبغي توافر ما لا يقل عن مكان واحد في بيت إيواء لكل 7.500 من السكان 8.

ووفق تصريحات أدلت بها مديرة إدارة المرأة بوزارة التضامن الاجتماعي أثناء مشاركتها في فاعلية حوارية خلال شهر سبتمبر ٢٠١٦ فقد أضيف لهذه البيوت الثمانية، ثلاث بيوت جديدة، منهم واحد مخصص لضحايا جرائم الاتجار بالبشر9

من المتعارف عليه في كثير من دول العالم أيضاً هو وجود ثلاثة أنواع مختلفة من البيوت الآمنة: بيوت الطوارئ، والبيوت قصيرة المدى، والبيوت طويلة المدى

من المفترض أن تكون البيوت الطارئة لتقديم الخدمة السريعة والمباشرة وتوفير حماية مؤقتة لا تتعدى الثلاثة أيام، أما البيوت الآمنة قصيرة المدى يمكن للنساء البقاء فيها مدة لا تتجاوز العام في أغلب الأحيان وتقوم بتأهيل النساء في هذه المدة لتتمكن من الاستقلال أو اتخاذ القرار بالعودة إلى المنزل بعد المدة المحددة، وأحيانًا يتم تحويل الناجية من بيت آمن للطوارئ إلى بيت آمن قصير المدى. أما بيوت آمنة للمدى البعيد تسمح للنساء بالبقاء مدة أطول للحالات الصعبة التي تحتاج إلى مدة أطول للعلاج النفسي أو الطبي 10

9

القاهرة – الجيزة – القليوبية – الإسكندرية – المنصورة – بني سويف – الفيوم – المنيا

= 214

 

في نهاية هذه الورقة وقبل أن نسرد التوصيات نذكر صناع القرار في مستوياته المختلفة بواجبهم الدستوري بحماية النساء والفتيات من كل أشكال العنف. ونوصي بما يلي لتحسين سبل الانتصاف في جرائم العنف ضد النساء والفتيات في مصر

1 – التعجيل بتجريم كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات والتي لا يغطيها قانون العقوبات في الوقت الحالي، مثل جرائم تزويج القاصرات، والعنف المادي والمعنوي داخل نطاق الأسرة، وغيره من الصور

٢صياغة وتبنى استراتيجية قومية جادة للتعامل مع إنهاء جرائم العنف ضد النساء والفتيات في مصر خاصة بعد انتهاء النطاق الزمني للاستراتيجية التي تبنتها الدولة عام 2015 دون تحقيق تقدم يُذكر

۳توفير كوادر شرطية نسائية داخل كل أقسام الشرطة في مصر وجعل استقبال شكاوي الناجيات من العنف من اختصاص هذه الكوادر بعد تدريبيها على التعامل مع الناجيات

4 – تدريب أعضاء النيابة العامة ومصلحة الطب الشرعي على المعايير المثلى للتعامل مع الناجيات من العنف

5 – اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة عدد والطاقة الاستيعابية لبيوت الاستضافة الآمنة للنساء والفتيات الناجيات من العنف.

6- صياغة أطر حقيقية وجادة للتعاون مع منظمات المجتمع المدني وإشراكها في صياغة الخطط والتدخلات القومية للتعامل مع التحديات التي يفرضها الانتشار الواسع لمختلف أشكال جرائم العنف ضد النساء والفتيات في مصر

 

١.اﻟﻤﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ إﻋﻼن اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة اﻟﺼﺎدر ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺮار اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة رﻗﻢ 48/104 واﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ 20 ديسمبر

٢. اﻟﻤﺴﺘﺸﺎر ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻫﺮﺟﺔ، ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻫﺮﺟﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت، اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻷول ص 600

٣.ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻨﻘﺾ، اﻟﻄﻌﻦ رﻗﻢ 750 ﻟﺴﻨﺔ 51 ق ﺟﻠﺴﺔ 11 /11 /1981

٤. ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻨﻘﺾ، اﻟﻄﻌﻦ رﻗﻢ 2286 ﻟﺴﻨﺔ 12 ق ﺟﻠﺴﺔ1 /4/ 1943

٥.أﺿﻴﻔﺖ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻤﺎدة اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ 126 ﻟﺴﻨﺔ 2008 ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺑﻌﺾ أﺣﻜﺎم ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﺎدر ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ 12 ﻟﺴﻨﺔ 1996، وﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﺼﺎدر ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ 58 ﻟﺴﻨﺔ 1937، واﻟﻘﺎﻧﻮن 143 ﻟﺴﻨﺔ 1994 ﺑﺸﺄن اﻷﺣﻮال اﻟﻤﺪن .ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻔﺠﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت، ﺻﺪر ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ 2016 (Shelters)

( ﻧﻈﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ، ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒإﻟﻰ أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻦ؟: إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﻮت اﻵﻣﻨﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء

https://goo.gl/1kHsrB

٧.ﻧﻈﺮة ﻟﻠﺪارﺳﺎت اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ، ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒإﻟﻰ أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻦ؟: إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﻮت اﻵﻣﻨﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻔﺠﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت، ﺻﺪر ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ2016

 https://goo.gl/1kHsrB

٨.اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﻤﺮأة: ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة، ﺻﺪر ﻓﻲ 2012

 http://ncw.gov.eg

/wp-content/uploads/2016/05/ar11.pdf

٩.ﺟﻠﺴﺔ ﻧﻘﺎﺷﻴﺔ ﺑﻌﻨﻮان ﻧﻈﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﻃﺎر اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻹﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﻴﺪات واﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ، ﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ إدراك ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﻤﺴﺎواة ﻓﻲ 23 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2021

https://www.facebook.com/efdegypt/posts/912067439714051

١٠.ﻧﻈﺮة ﻟﻠﺪارﺳﺎت اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ، ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒإﻟﻰ أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻦ؟: إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﻮت اﻵﻣﻨﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻔﺠﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎﺟﻴﺎت، ﺻﺪر ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ 2016

https://goo.gl/1kHsrB

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي