الأسر التوركية الحاكمة من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر

التصنيفات: غير مصنف

المنهجيات والمنظومات والمصادر

لدراسة النساء والثقافات الإسلامية المداخلات تبعا للموضوع

الأسر التوركية الحاكمة

من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر

لقد قدم الأتراك إلى الأراضي الإسلامية الواقعة في المناطق الوسطى في أزمنة متفرقة. ففي البداية (أي في القرنين التاسع والعاشر)، جاءوا على هيئة أسرى، وقد تم إدخالهم في دين الإسلام بمجرد قدومهم، وصاروا يعرفون باسم المماليك، وكانت غالبيتهم من الذكور، ثم أتوا لاحقًا (خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر) في مجموعات بدأت بالغزو أولا ثم ما لبثوا أن استقروا بعدها في تلك المناطق. وقد أصبحوا معروفين قرب نهايات القرن الحادي عشر، باسم السلاجقةثم صاروا يعرفون فيما بعد بـ العثمانيين، وكانوا هم الأكثر نجاحًا والأطول بقاء ضمن الإمارات العديدة التي تأسست في آسيا الصغرى خلال القرن الثالث عشر. وفي القرنين الثالث عشر والرابع عشر قام القبجاق، وهم شعب تركي، بعبور البحر الأسود متجهين إلى مصر حيث شكلوا الطبقة الحاكمة المسماة بالمماليك القبجاق. وبمعنى آخر، فإن الأتراك الذين أتوا إلى الأراضي الإسلامية الواقعة في المناطق وسطى لم يمثلوا مشهدًا سياسيًا موحدًا، باستثناء مجيئهم – في أعقاب الموجة المملوكية – باعتبارهم مسلمين وبصحبة أسرهم.

 

تركزت عمليات الدخول في الإسلام خلال القرن العاشر في ثلاثة أقاليم مختلفة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن النساء التركيات المسلمات باعتبارهن كتلة موحدة وفئة متجانسة، سواء على مستوى الأزمنة التاريخية أو الحاضر. ففي سياق القرن العاشر نجد أنفسنا أمام مسألتين، وهما اعتناق الإسلام من جهة، ونمط الحياة من جهة أخرى ما بين حياة الاستقرار والترحال). وقد هيمنت هاتان القضيتان على التطورات التاريخية اللاحقة، ونتيجة لذلك نجد سعي الباحثات والباحثين في الماضي والحاضر إلى التمييز بين هاتين القضيتين، وإلى تصنيف أوضاع النساء ما بين المنتميات إلى مجموعات من الرحل، والمنتميات إلى مجموعات سكانية مستقرة.

يميل التوجه التقليدي إلى اعتبار أن النساء المنتميات إلى مجموعات من الرحل (من المسلمين أو غير المسلمين) أكثر تحررا. وبالتالي يتم هذا رفع الحد الفاصل بين النساء المسلمات وغير المسلمات. كما يبدو أن الأمر الذي تم إبرازه هو أنهن من الرحل، أكثر من التركيز على كونهن مسلمات. ومن ناحية أخرى، تميل البحوث المعنية بتقييم النساء المسلمات المنتميات إلى المجتمعات المستقرة إلى تأكيد الأساس الديني أكثر من أسلوب الحياة. إن هذه النظرة واسعة الانتشار، والمدعومة من خلال كتابات الرحلات التاريخية، تميل إلى التعميم، كما يتم استعمالها كأداة لدراسة التاريخ. فعلى سبيل المثال، يشير رونالد جينينغز (Ronald Jennings) إلى أن نساء منطقة وسط الأناضول في القرن السابع عشر لجأن بثقة وانتظام إلى المحاكم، كما يبدو أنهن كن يتمتعن بالتحكم في ملكياتهن وفي ميراثهن الخاص. إلا أن جينينجز يفيد بأنه لم تتم دراسة وضع النساء في المجتمع التركي الإسلامي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولم تحظ أوضاعهن بالاهتمام الجاد في أي من المراحل السابقة على انهيار الإمبراطورية العثمانية“. كما يثير تساؤلا حول مدى تأثر الوضع القانوني للنساء في قيصري بأية تقاليد مرتبطة بتركيا العتيقة” (Jennings 114, 1975). ويبدو أنه باستعمال تعبير تركيا العتيقةيلمح إلى المفهوم السائد، على حسب قوله، حول النساء التركيات في مرحلة ما قبل الإسلام، اللاتي عشن في عالم مساواتي، ظللن ينعمن به حتى الفرن السادس عشر عند انتصار الإسلاموية العربية على الإمبراطورية العثمانية“. ويشير جينينجز إلى أننا لا نمتلك أي دليل على استناد هذا المفهوم إلى وقائع تاريخية. أما السؤال الآخر الذي يطرحه فهو عما إذا كانت هذه الظاهرة إن وجدت أصلا مجرد جزء من حياة الترحال التي اختفت مع الانتقال من مجتمع الرحل إلى مجتمع الاستقرار“. وفي حين يعترف بحدوث تغيرات عبر الزمن في أوضاع النساء في ظل الإمبراطورية العثمانية، فإن مسألة تركيا العتيقةأو تراث حياة الترحال وتأثيراته يتضمن نظرة جامدة إلى النساء التركيات في مرحلة ما قبل الإسلام أو المنتميات إلى مجتمع الرجل باعتبارهم كتلة موحدة.

وحيث إن نشر الإسلام ظل عملية مستمرة في آسيا الوسطى حتى القرنين السابع عشر والثامن عشر، فليس في الإمكان التفرقة بين النساء المسلمات وغير المسلمات. غير أن الاتجاء الغالب فيما يتعلق بدراسة أوضاع النساء هو التمييز بين مرحلتي الإسلام وما قبل الإسلام، مع تناول مرحلة ما قبل الإسلام أي مرحلة الأتراك الأوائل والإيغور” – باعتبارها مرحلة مواتية بالنسبة لأوضاع النساء. وهنا تبرز قضيتان مهمتان: تتعلق القضية الأولى بالتحول الذي طرأ على وجهات النظر بشأن الإسلام والنساء المسلمات حيثما ورد في الأعمال الصادرة حديثا لكل من ليلى أحمد (Leila Ahmed)، وإليزابيث فيرنيا (Elizabeth Fernea)، وجودیث تاکر (Judith Tucker)، حيث أصبحنا نقبل بفكرة خصوصية وتاريخية أوضاع النساء في إطار التاريخ الإسلامي. أما المسألة الثانية، فهي مرتبطة حاليا بانتفاء الحاجة إلى التقسيم بين مرحلتي الإسلام وما قبل الإسلام نظرا لتصاعد التوجهات المبنية على وضع الظواهر التاريخية في سياقها بدلا من الإدراك الخطي والمتتابع للأمور.

حيثما كان يتم فهم الأسلمةواعتناق الإسلام من منطلق خطي، أكد بعض الباحثين والباحثات على الأوضاع الأكثر تحررا والتي تمتعت بها النساء في مرحلة ما قبل الإسلام، بينما اهتم أخرون بالأوضاع القانونية للنساء المسلمات. وبمعنى آخر، ركزت كل مجموعة من هاتين المجموعتين فقط على الجوانب التي كانت تخدم وجهات نظرها. كما ظهر أسلوب آخر، تمثل في اللجوء إلى مزيج من الأسلوبين: أي استخدام مقاربة انتقائية للنظر إلى أوضاع النساء التركيات من خلال السعي إلى تأكيد استمرارية الأوضاع الأكثر تحررا خلال المرحلة الإسلامية، وهي مقاربة تحاول إبراز أفضل الجوانب في العالمين.

من ناحية أخرى، يمكن إدراك الأسلمةواعتناق الدين من خلال منظور دي ويز (DeWees)، أي بالنظر إلى العملية باعتبارها تداخلا بين طبقات وشرائح ثقافية مختلفة. وفي هذه الحالة، يمكن ملاحظة ما تم استبعاده تم الاحتفاظ به، كما يمكن دراسة مدى التعايش بين الشرائح القديمة والحديثة في الأزمنة المختلفة، ومدى تناغم هذا التعايش أو اتسامه بطابع الصراع، وأشكال التوتر والأساليب التي تم استعمالها لحل هذه المنازعات، وهي كلها قضايا جديرة بالاهتمام في الدراسات المستقبلية. ولا تحرص تلك المقاربة على نهج دي ويز إلى تعريف وتصنيف الظواهر التاريخية، بقدر أهمية التعرف على الطريقة التي تم بها إدراك الظواهر التاريخية.

من شأن هذه المقاربة أن تكون مفيدة للغاية في تحليل وفهم بعض القضايا المرتبطة بالحياة العامة، مثل المشاركة في عملية صنع القرار السياسي وفي اللقاءات الاجتماعية التي لا يتم فيها الفصل بين الجنسين، وتناول المشروبات الكحولية، والمشاركة في الجنازات. كما أنها مفيدة في دراسة أوجه التوتر القائمة بين العرف والشريعة، فبدلا من محاولة تحديد درجة الإسلامالتي تتسم بها النساء في مجتمع ما، قد تسعى البحوث إلى تفهم كيفية إدراك النساء المسلمات، موضوع الدراسة، لموقف ما. وفي هذا المجال، لا يمكن إلا أن نتذكر عبارة إليزابيث فيرنيا حول كلمات الله وكلمات الرجال” (Fermea and Bezirgan 1994, xix). ومعنى هذا أنه كان يتم إدراك كلمات الله بطريقة مختلفة وفقا للتشكيل الثقافي للنوع، حتى لدى من يتحدثون باللغة التركية ويعتنقون الإسلام، إذ يتوقف ذلك الإدراك على الموقع الجغرافي وعلى أسلوب الحياة. وتمثل هذه التنويعات المتعلقة بكيفية الإدراك مجالا إضافيًا للبحوث المستقبلية.

ومن ناحية أخرى، قامت الجهود البحثية المعاصرة بتناول تلك القضايا إما من خلال دراسة أنماط الزواج، أو التباينات الموجودة بين القوانين الدينية وقوانين الدولة. ففي دراستها للزواج من زاوية السياسات الإنجابية، أبرزت ليسلي بيرس (Leslie Peince) أن السلاطين العثمانيين كانوا يفضلون المحظيات على زوجاتهم الشرعيات من المسلمات والمسيحيات ليكن أمهات لذرياتهم. كما قدم عبد القادر إنان قصة بغداد خاتونمن القرن الرابع عشر في إيران في ظل نظام حكم الخان، باعتبارها حالة تعكس التوتر الموجود بين الشريعة والعرف، والذي أثر على عديد من النساء التركيات المسلمات. فقد استند الخان أبو سعيد إلى العرف في رغبته في الحصول على بغداد خاتون، حيث كان يفيد العرف بقدرة الخان على الحصول على أية امرأة سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة. إلا أن والد بغداد خاتون رفض الإذعان لهذا الطلب استنادا إلى الشريعة، كما توجد إشارات تلمح إلى انتماء بغداد خاتون إلى الأسرة الحاكمة من جهة والدتها

(Inan 1969 – 91, 274 – 80, Hambly 1999, 11)

نتيجة لما تقدم، يمكن القول بأن هنالك حاجة إلى توجيه البحوث المستقبلية نحو دراسة بعض القضايا المتعلقة بعالم الاستمرارية والتغيير، إلى جانب أشكال التوتر المصاحبة للتغيير. إننا بحاجة إلى التمييز بين الاختلافات الهيكلية وانعكاسها على القيم، مع التحلي في الوقت ذاته بحساسية السمات الثقافية والأيديولوجية والتاريخية المشتركة، ذلك أن أخذ تلك التباينات بعين الاعتبار هو وحده الذي سيمكننا من تفهم الديناميكيات وأوجه التعقيد القائمة في تلك المجتمعات، مع تطوراتها اللاحقة التي أفضت إلى تشكيلات سياسية متميزة ومختلفة عن بعضها البعض. فعلى سبيل المثال، أصبحت الأناضول في خضم التاريخ جزءًا من الثقافة السياسية المركزية في ظل الامبراطورية العثمانية، بينما عاشت آسيا الوسطى خبرة التغييرات السياسية المستمرة، في ظل بنية مرنة، تستند إلى نموذج خاناتالمناطق الداخلية في آسيا، وهي البنية التي تقوم على التوافق بدلا من الإجبار. ومن جهة أخرى، عايشت المجموعات الاجتماعية في الإمبراطورية العثمانية – وبالتالي النساء – تغييرات أكبر بمرور الزمن، من حيث التشكيل الاجتماعي، مقارنة بنساء آسيا الوسطى. ففي آسيا الوسطى أدى استقرار المجموعة الاجتماعية إلى توفير حالة التجانس والاستمرارية لمجتمع يتمتع بتشكيل سياسي مرن.

 

فما هي تلك القضايا المتعلقة بالاختلافات الهيكلية؟ يمكن الحديث أولا عن الوضع باعتباره اجتماعيًا واقتصاديًا و/أو سياسيًا على المستوى الجزئي المصغر، وهو مجال يحظى بعديد من الدراسات عن النساء في الأناضول، مثل تلك التي قام بها كل من: رونالد جينينجز (Ronald Jennings) وثريا فاروقي (Suraiya Faroghi) وليسلي بيرس (Leslie Peirce) ومادلين زيلفي (Madeline Zilfi) وآخرون. غير أنه ما زال هناك نقص في مجال الدراسات المقارنة حول المرأة، والمعنية بالبنية السياسية على المستوى الكلي الكبير، مثل بنية المجتمع على مستوى الدولة والجماعات القبلية. لقد خضعت النساء في كل من الأناضول وآسيا الوسطى لتأثير حركات سياسية واسعة، فكان عليهن السفر والانتقال عبر مساحات شاسعة أثناء الاشتراك في حركات الهجرة وحملات الجيوش الغازية. وفي تلك الحالات، كان عليهن ترك الأقارب وشبكات العلاقات وراءهن، وتكييف نمط حياتهن تبعا لأنماط حياة رجالهن. وفي أزمنة السلام، لعبت هؤلاء النساء أدوارا أكبر داخل مجتمعاتهن المحلية في إطار الجيران وأولي القربي، وخاصة علاقات النسب والقبيلة.

ويتم هنا التأكيد على أنه عندما تكون السيادة العليا لأيديولوجيا الدولة يتم إخضاع وضع النساء لذلك النظام الأعلى، كما حدث في أوج نظام الحكم العثماني. أما في حالة غياب نظام الدولة المركزية احتفظت النساء بقبضتهن على المجال الأيديولوجي، ونتيجة لذلك ظهرت الآليات التي تضمن استمرار حياة النساء في الأناضول داخل الوحدة الأسرية. وهو ما حدث في إطار الشبكة الأوسع للجمعيات ومجموعات التضامن غير المبنية على أساس علاقات القربى بل ظلت موجودة تحت رعاية الدولة المركزية. ويبدو أن من عرفن باسم أخوات روم” Baciyan -1 Rum) كن عضوات في رابطة أو جماعة من هذا النوع. وتشير المصادر المعاصرة لهذه الفترة إلى تلك المجموعات النسائية باعتبارها متواجدة في السوق ومنتجة في مجال الغزل والنسيج. ومن جهة أخرى، اندرجت آليات استمرار مسيرة حياة النساء في آسيا الوسطي في إطار مجموعة القربي الأوسع، وروابط الدم والنسب، أو الارتباط القبلي المبني على النسب. وبالتالي هناك حاجة إلى التركيز على البنية السياسية على المستوى الكلي، وعلى البنية الاجتماعية المتضافرة حول الأنشطة الاقتصادية على المستوى الجزئي، حتى نستطيع تقييم دور النساء في إطار الآليات التي سمحت بتأمين الملكية وقدرة الحصول على وسائل البقاء على قيد الحياة.

ويمكن القول بأن الانتماءات اللغوية والثقافية والدينية كان لها طابع الاستقرار على المستوى الكلي، فيما يتعلق بتاريخ النساء في الأناضول وفي آسيا الوسطى. غير أن هذين المجتمعين قد اختلفا إلى درجة كبيرة من حيث البنية السياسية والشبكات الاجتماعية التي تحركت النساء في إطارها. وينعكس هذا الوضع على المستوى الجزئي في الضمانات التي تقدمها تلك الأنظمة للنساء، وينظر إلى الضمانات المتعلقة بالملكية وبسبل البقاء على قيد الحياة بصفة عامة باعتبارها تقوم بدور حاسم في التمييز بين نظام الدولة في الحالة العثمانية ونظام الخانات في حالة آسيا الوسطى، فاستطاعت الدولة العثمانية فرض مبادئ الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بملكية النساء وحقوق الإرث، كما حافظت على سجلات المحاكم الخاصة بها كدليل على توفير تلك الضمانات (Jennings 1975). أما في آسيا الوسطى، حيث كان الوضع في تغير مستمر، فلم يكن في الإمكان أو المستطاع تطبيق هذا النظام، إذ قامت مجموعات القربي الأوسع بحراسة ملكية النساء وميراثهن بواسطة المحاكم الشرعية ومن خلال مبادئ الشريعة، ولكن دون وجود أية سجلات رسمية. إلا أنهم كانوا يحتفظون في هذه المنطقة بسجلات خاصة. كما تلاحظ وجود اختلافات بين كل من الأناضول وآسيا الوسطى على مستوى الجنسين، وفيما بين الفئات العمرية المختلفة، مع اتسام كل تلك العلاقات بالتراتبية (قيد النشر، Togan).

إلا أن علاقة الأم بالابنظلت علاقة سارية عبر الجنسين، ولا يمكن وضعها بطريقة تلقائية في إطار التراتبية بين الجنسين فالسلاطين العثمانيون لم يتزوجوا بنساء مسلمات من الأحرار، بل كانوا يعيشون مع محظيات ليس بوسعهن اللجوء إلى أسرهن في حالة الحاجة إلى دعم. وبهذه الطريقة، قام العثمانيون بالتقليل من شأن النسب الأمومي لصالح النسب الأبوي. وقد تمت تربية هؤلاء النساء وفقًا لثقافة امتداد النسب الأبوي لسلالة الأسرة العثمانية، نظرا لكونهن مرشحات للانضمام مستقبلا إلى الحريم الإمبراطوري. وفي ظل هذه القيود ظلت علاقة الأم بالابن هي العلاقة العاطفية الوحيدة الموجودة بين الجنسين، وصحيح أنها كانت متناقضة مع مبادئ العلاقات التراتبية بين الجنسين، ولكنها كانت متوافقة مع مبدأ أقدمية السن. وخلافا للنساء الصينيات اللاتي عايشن ثلاثة مجالات من الطاعة، وهي التبعية للأب وللزوج وللابن، احتفظت الأمهات العثمانيات بسلطتهن تجاه أبنائهن. ففي حين كان يتم الاعتراف بهذه السلطة حينما تنجب المرأة طفلا ذكرا، اكتسبت نساء آسيا الوسطى سلطة أخرى مرتبطة بالسن، أي أن مبادئ أولوية السن تخطت مبادئ التراتبية بين الجنسين في هذه المنطقة. وقد جاء هذا التفضيل لأقدمية السن مقرونا بالقضاء على الحيوية الجنسية إلى حد ما، فالملكات الأمهات كان بوسعهن ممارسة السلطة فقط حينما تجاوزن من نشاط الحياة الجنسية؛ ونجد عديدا من الأمثلة حول هذا المفهوم في دراسات مثل كتاب ليزلي بيرس الحريم الإمبراطوري (Leslie Peirce, The Imperial Harem)، وفي المصادر التاريخية مثل كتاب بابورناما من تأليف بابور (Babur, Baburnama).

وبالإضافة إلى مسألة وضع النساء، تشكل أنماط الزواج قضية أخرى تتطلب مزيدا من الدراسات المستقبلية، إذ نلاحظ وجود نوع من التبادلية بين الأسر الحاكمة في آسيا الصغرى والأناضول، فيما يتعلق بالزواج ممن هو أعلى أو أدنى مرتبة. وتنطوي التبادلية في أنماط الزواج على تبادل النساء وبالأخص البنات، كما يعني ذلك ضمنا أن طرفي العلاقة متساويان إلى حد ما. فعلى سبيل المثال قامت الأسر الحاكمة مثل القراخانيين في آسيا الوسطى بعقد علاقات زواج على قدم المساواة من خلال تبادل الزوجات، كما توحي التبادلية بالحاجة إلى دعم وتقوية التحالفات. إلا أنه مع نشأة بعض الأسر الحاكمة التي تحتاج إلى تحالفات مع أطراف أقوى، كانوا يلجأون إلى نمط قبلي ممثل في الزواج بنساء ينتمين إلى أسر أعلى مرتبة. إن هذه الممارسة المتمثلة في استفادة أسرة أو عشيرة أدنى مرتبة من الارتباط بأسرة أو عشيرة أعلى، بما يضمن للأخيرة مزيدا من الرعايا والأتباع، هي ممارسة يطلق عليها الزواج بالأعلى” (hypergamy) بالنسبة للرجل المنتمي للأسرة أو العشيرة الأدنى، بينما يطلق مفهوم الزواج بالأدنى” (hypogamy) بالنسبة للمرأة المنتمية إلى أسرة أو عشيرة أعلى مرتبة من زوجها. وقد لجأ الحكام العثمانيون الأوائل، وكذلك حكام تيمور في آسيا الوسطى، إلى ممارسة الزواج بنساء أعلى مرتبة منهم، وحينما كانت إحدى الأسر الحاكمة قد مدت فروعها بالفعل وترغب في تقوية جذعها نجدها تقوم بدور المانح للزوجات. وعند تطبيق قواعد الزواج من الأباعد، كان زواج نساء الأسر الحاكمة يتم عن طريق الزواج بالأدنى، سواء تم ذلك في مرحلة نشأة الأسرة الحاكمة أو في أوجها، وتعني هذه الممارسة وجود نساء من مرتبة أعلى يتزوجن برجال ينتمون إلى أسر حاكمة ناشئة، وبعدما يشتد عود الأسرة، تقوم الأجيال التالية من بناتها بالتزوج من رجال أدنى مكانة سواء كان من المنتمين إلى الأسرة الحاكمة أو إلى نظام الحكم. وعندما تقوى الأسرة تمامًا يمكن ملاحظة الانتقال من نمط الزواج من الأباعد إلى نمط الزواج من الأقارب. ونجد في الأسرة التيمورية في القرن الخامس عشر مثالا جيدا على هذا التغير، حيث كانت زوجات تيمور نفسه ينتمين إلى أسر أعلى منه مرتبة، ثم أصبح هو نفسه مانحا للزوجات. وحينما بلغت الأسرة التيمورية الحد الذي لم يعودوا يحتاجون فيه إلى تحالفات، بدأت الزيجات تتم داخل الأسرة، أي أصبحت الأولوية لزواج الأقارب أكثر من زواج الأباعد.

يمثل اتخاذ المحظيات شكلا آخر من أشكال الاقتران بالأباعد لم تكن المسألة فيه مرتبطة بالتبادلية أو الزواج بالأدنى، بل كانت هذه العلاقات غير الشرعية بمثابة اقتران بالأعلى بالنسبة للجواري. ويرتبط اتخاذ المحظيات وتعدد الزوجات بهيمنة الرجال على النساء على أساس السلطة أو الثروة أو كليهما معا. في بعض الحالات النادرة قد تلعب هذه النظم الخاصة باتخاذ المحظيات وتعدد الزوجات دورا إيجابيا بالنسبة للنساء المعنيات. غير أن كل هذه القضايا تحتاج إلى دراسة في إطار كل إقليم وفترة زمنية محددة، وفي سياق كلي وجزئي. ولهذا الغرض، هناك أهمية لدراسة الأدلة الضئيلة التي تركها السلاطين أبناء المحظيات (مثل خطابات سلطان حورم)، وقراءة ما بين سطورها من أجل الحصول على لمحة حول نظرتهم في هذا الشأن.

 

تندر الدراسات المتوفرة حول النساء في آسيا الوسطى، كما تتباين المصادر التاريخية بشأنهن. وعلى الرغم من عدم وجود دراسات خاصة كتبتها النساء أو متعلقة بالنساء في المصادر التاريخية، إلا أنه يوجد قدر ما من المعلومات المبعثرة في أماكن متعددة، مثل الأساطير والأدب الملحمي والنصوص المتعلقة بسير القديسين، وكتب الاستشارات أو مرايا الأمراء، والسرديات التاريخية والمذكرات وكتب الرحلات وبعض وثائق الأوقاف.

لقد ساهمت أساطير الاعتناق في كل مناطق آسيا الوسطى في تطور أنماط ثقافية، في حين أدت الأساطير المتعلقة بقدوم أئمة الصوفية والقديسين الدور نفسه في الأناضول. وقد لعبت النساء أدوارا مهمة في معظم تلك الحكايات، وتحولت هذه الأساطير الأولى لاحقا إلى سير للقديسين، تضمنت معالم إرهاصات الأدب الشفاهي، الذي يعد مصدرا ثريا لتاريخ الجندر. وهناك صعوبة بالغة في تصنيف هذه المصادر وفقا لنوعها، مثل الملاحم وسير القديسين، ثم التحدث عن طبيعتها باعتبارها مصادر لتاريخ النساء، كما أن هذه المصادر لم تكتبها أقلام النساء. غير أن السياق الذي أحاط كتابتها من شأنه تقديم بعض الإشارات عن النساء. حيث نجد، أولا، أن كون هذه المصادر تشير إلى النساء، وتبرزهن كشخصيات قيادية، هو في حد ذاته رمز للعقلية السائدة آنذاك، ومع تنامي الأنماط الأبوية اختفت النساء لاحقا من هذا النوع من المصادر. الأمر الثاني يتمثل في ظهور النساء باعتبارهن من أسلاف الأمم والنظم الدينية، كدليل آخر على الموقف المجتمعي تجاه النساء ونظرته إليهن. ولا يهم هذا التأكد مما إذا كانت هذه الحكايات تعكس الواقع أم لا، بل إن الأمر الأهم هو كونها تعكس عقلية المسلمين الذين كانوا يجدون أهمية كبيرة في أن تكون امرأة ما هي أساس هويتهم. وكما يظهر من التطورات التاريخية اللاحقة، فإن تخصيص مكان للنساء في المجال الأيديولوجي لا يمكن التقليل من شأنه باعتباره مؤشرًا على احتلال النساء مكانة ما في المجال الأيديولوجي فحسب دون تمتعهن بمكانة في الواقع الفعلي. حينما نشهد تصاعد النزعة الأبوية على أصعدة متعددة في أعقاب القرن السادس عشر، نرى بداية اختفاء النساء من المجال الأيديولوجي أيضًا، فوجودهن في الأساطير والأدب الملحمي وسير القديسين والتاريخ الرسمي يمثل تقنين أوضاع النساء وفقًا للعرف داخل المجتمع الإسلامي، وهو توجه ينعكس في كتابات التاريخ الرسمي لهذه الفترة، ثم نجده يتلاشى لاحقا في القرن التاسع عشر. ومن الشخصيات النسائية السائدة في أدبيات هذه الفترة كل من: آلاء نور هانم بالنسبة للقراخانيين، أو ألان غوءا للمسلمين المغول مثل حكم الخان والجغتاويين، وحكام القبيلة الذهبية (واللذين أصبحا ناطقين باللغة التركية مع مرور الزمن)، أو فاطيما في سيرة النقشبندي في آسيا الوسطى، أو كادنشيك أنا في سيرة بكتاشييا في الأناضول. وصحيح أنها أدبيات بأقلام الرجال، ولكنها أخذت النساء بعين الاعتبار. فتظهر آلاء نور هانم في قصة الاعتناق، كما يتم تقديم ألان غوءا باعتبارها الجدة الأولى للمغول وفيما بعد لخلفهم من المغول الأتراك المسلمين، ونجد كادنشيك أنا في بداية بكتاشييا، كما تضفي فاطيما الشرعية على فروع النقشبندية في منطقة كاشغار، كما تقوم كانيكي بدور مثيل في ملحمة ماناس والتي تعود أيضًا إلى مرحلة القراخانيين، أو إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر على أقل تقدير.

إن الأدب الملحمي، مثل ملحمة ماناس (Manas) في آسيا الوسطى وملحمة ديدي كوركوت (Dede Korkut) في الأناضول، والمدون كتابيا، ليس مصدرا لتاريخ النساء فقط بل أيضًا لتاريخ الجندر، أي علاقات القوى بين الجنسين. فهو يقدم لنا صورا حية للتفاعل ما بين الجنسين وفي إطار الجنس الواحد، وبالتالي يتعين على الباحثة أو الباحث الذي يستخدم هذه الملاحم تحديد السباق التاريخي الذي تم تدوينها فيه كتابيا. فعلى سبيل المثال، حينما نتحدث عن ملحمة ديدي كوركوت، من المهم أن نعي أن النص الذي بين أيدينا قد تم إنتاجه خلال القرن الخامس عشر، بينما يعود النص الأول لملحمة ماناس إلى روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر.

والمطلوب اتخاذ نفس القدر من الحذر فيما يتعلق بأدبيات سير القديسين والسرديات العثمانية التاريخية الخاصة بكل من عاشقباشازاد” (Asikpasazade) ونشري” (Nesri)، في بحث قيد النشر (Togan).

وتتمثل أهمية وضع أي مصدر في سياقه فيما يتعلق بما يطلق عليه كتب الاستشارات أو مرايا الأمراء، ومن ضمن تلك المصادر يوضح كتاب كوتادغو ببيليغ (Qutadghu Bilig)، الذي يرجع إلى آسيا الوسطى في القرن الثاني عشر، التناقضات المتعلقة بعزل النساء. ويعكس هذا العمل الذي تمت كتابته في عهد الفراخانيين التناقضات المرتبطة بتكيف النساء من الرحالة البدويات مع حياة الاستقرار (يمكن الرجوع إلى البحث فيد النشر لمؤلفة هذا المقال Togan). وفي المقابل، نجد رؤية مباشرة لذلك في كتاب سياستناما (Siyasatnama) المكتوب في عهد السلاجقة في إيران في الفترة نفسها تقريبا، حيث يود فيه أن الموقع الآمن للنساء هو داخل المنازل، كما يتضمن إرشادات بعدم تدخلين في أمور السياسة أو الظهور في الحياة العامة. وتشير هذه الأمثلة بوضوح إلى أن النساء عشن في بيئات متنوعة، خلال الفترة من عام ٨۰۰ إلى ١٤٠٠، ولا يمكن تقييم أوضاعهن بطريقة موحدة، كما لا يمكن تقدير هذه الأوضاع بناء على النوع الذي تنتمي إليه الأعمال المكتوبة، حيث تبرز الحاجة إلى الأخذ في الاعتبار للسياق الذي وجد فيه كل من المؤلف والعمل والمجتمع المتعلق بإنتاج النص.

يمثل أدب الرحلات، الذي غالبا ما كتبه رجال مسلمون، مصدرا آخر شائع الاستعمال، كما توجد بعض كتب الرحلات التي كتبت بأقلام رجال غير مسلمين (أوروبيون أو من شرق آسيا). ومن الصعب ملاحظة الفروق المتعلقة بالخلفية الدينية في أعمال أولئك الرجال، فجميعهم يتحدثون عن النساء وفقا للصورة التي يرونها، إذ نتعرف من كتاباتهم على الوضع الاجتماعي للنساء أو ملابسهن وهيئاتهن وكيفية تفاعلهن مع الآخرين وخاصة مع الرجال. ففي كتابه الذي يرجع إلى القرن العاشر يقوم ابن فضلان بسرد رحلاته من بغداد إلى خوارزم، وإلى بلاد البلغار (وهو حاليًا إقليم القولغا الأورال). ويلجأ ابن فضلان إلى إطلاق أحكام قيمية، غير أنه لا يقسو على النساء اللاتي يراهن في تلك المناطق. أما ابن بطوطة، رحالة القرن الرابع عشر، فهو يستعمل تعبيرات شديدة الحياد في تقييمه. وتذكر تولماخيفا أن ابن بطوطة تلقى تعليما كباحث في الفقه الملكي في الشريعة الإسلامية، ومارس وظيفة القضاء في مناسبات متعددة. وبالتالي، من المنطقي ألا تحتوي ملاحظاته – إلا نادرًا – على انتقادات مباشرة، أو على أقوال تحط من قدر النساء، أو تعترض على تهاون المجتمع مع سلوكياتهن الاجتماعية أو تحركاتهن في مساحة العام

(Tolmacheva 1993, 120)

يتحدث السيد كلافيخو، سفير أسبانيا في بلاط تيمور، عن النساء بإعجاب واحترام كبيرين، وهو يصف ملابسهن وأدوات زينتهن واحتفالاتهن، فنرى من خلاله هؤلاء النساء وهن يشاركن في حفلات مختلطة تقدم فيها الأنبذة والكوميسوهو مشروب كحولي مصنوع من حليب الفرس. كما يفيدنا كلافيخو بأنه قام بجولة في جميع خيام زوجة تيمور الرئيسية عقب دعوتها إياه (Clavijo 1928، 268)، وهو ما يجعلنا نستدل أنه لم يوجد فصل بين الحرملك والسلاملك في بلاط الحكم في آسيا الوسطى مع بدايات القرن الخامس عشر.

أما الراهب التاوي تشانج تشون، فهو يصف النساء والأغطية المختلفة لرؤوسهن في سمرقند، قرنين قبل زيارة كلافيخو للمنطقة. ويقول في معرض نص طويل: “دائما ما يكون الشعر منسدلا، وبعضهن يضعن على شعورهن غطاء من الخيوط الحريرية المثقوبة، سواء من لون واحد أو متعدد الألوان، بينما ترتدي أخريات غطاء محكما من القماش أو من الحرير الطبيعي. وتبدو هؤلاء الأخيرات مثل الراهبات البوذيات” (Waley 1931, 106). وهنا نجد أن أدب الرحلات التاريخي لا يعكس الأحكام المسبقة الموجودة في الأزمنة الحديثة، فللمؤلفين أحكامهم وتحيزاتهم المرتبطة بالفترة التي وجدوا فيها. ومن الناحية المنهجية، يكون وضع المصادر في سياقها الذي وجدت فيه بالغ الأهمية.

إن المصادر المذكورة أعلاه هي مصادر مكتوبة، يمكن الرجوع إليها ودراسة القضايا التي تتضمنها بطريقة وضعية، حيث تسعى الباحثة أو الباحث إلى الحصول على معلومات مباشرة أو غير مباشرة حول النساء، وثم تحليلها وتفسيرها وفقا لذلك. وفي هذه الحالة، نكون غالبا بصدد نساء بارزاتتم اعتبارهن جديرات بالذكر.ونجد تكملة لهذه المصادر من خلال تأمل المقابر التي تضم رفات هؤلاء النساء والعبارات المكتوبة عليها، إلى جانب وثائق الأوقاف إن وجدت.

هناك أيضًا المصادر غير المكتوبة، مثل أغطية الرأس والأزياء والأقمشة وما ترتديه النساء والمنتجات اليدوية للنساء ورسومات النساء على الحجر وفي المنمنمات والعبارات المكتوبة على شواهد القبور والصور المرسومة والمعمار البسيط، وتساهم الدراسة المنظمة لتلك المصادر في إعادة إنتاج وتصور حياة النساء العاديات.

ومن ناحية ثالثة، يمكن استعمال المصادر المختلفة المذكورة سابقا، إلى مصادر أخرى، لإعادة فهم وتصوير المفاهيم والعقلية السائدة في تلك الفترات التاريخية. وحسبما أبرزته الباحثة الشابة إليف شافاك، فقد يحدث هذا على هيئة إعادة بناء العقلية المتعلقة بما يعتبر أنثويا وجميلا بدلا من التعرف على ما يتعلق بالنساء في حد ذاتهن. وتتوفر لتنويعة واسعة من المصادر التي تساعد على فهم وتحليل موضوع الحب، شخصيا كان أم إلهيا، وتحديد خصائص المحب والمحبوب، وخصائص الجمال الإلهي (قيد النشر Safak)

غير أن ما ينقص في جميع هذه المصادر حول النساء هو النساء أنفسهن، فهناك صعوبة شديدة في تخطي مستوى المظاهر الخارجية وتفهم كيفية إدراك النساء لبعض المواقف والمشاعر التي شعرن بها، إذ لا نجد كتابات أدبية بأقلام النساء سوى بعد القرن السادس عشر، مثل مهري خاتون (حوالي ١٥١٢م) في تركيا، وغولبدان بيغوم (١٦٠٣م)، وزيب النساء (۱۷۰۷م) في الهند. وتمثل كتب تاريخ الدولة التيمورية (في القرن الرابع عشر والخامس عشر)، والبابورناما (Baburnama) مصادر إضافية من نفس النوع.

وفي الفترة نفسها تقريبا، أي منذ نهايات القرن السادس عشر إلى منتصف القرن السابع عشر، بدأت الأعمال التاريخية تتخلص من الأدب الشفاهي، وقد أدت هذه الحركة إلى إقصاء النساء من الأعمال التاريخية. ويمثل الكتابان التاليان من أعمال شاه محمود شوراس (حوالي ١٦٩٦م)، وهو كاتب متمرس من شرقي تركستان، مثالا بارزا على ذلك، فكتاب أنيس الطالبين من كتب سير القديسين وتتضمن حكايات طريفة عن الحكام والأولياء والقديسين والنساء وعامة الناس الذين يتم تقديمهم من خلال أشكال من الأدب الشفاهي. أما كتاب تاريخ فيتناول التاريخ السياسي مع خلوه تماما من ذكر النساء. وبحلول منتصف القرن السابع عشر، كانت الأبوية في تربعت من جديد في منطقة الأناضول وفي الشطرين الشرقي والغربي من آسيا الوسطى، وصولاً حتى منطقة الفولغا – الأورال.

إن اختفاء النساء من الأعمال التاريخية بسبب تنامي القوى الأبوية (Togan 1999, 163 – 95) هي ظاهرة يمكن تتبعها منذ القرن الخامس عشر، على الرغم من أنها لم تكن واسعة الانتشار آنذاك. إلا أن الأبوية قد بلغت ذروتها مع حلول القرن التاسع عشر، ثم انقلب الوضع في القرن العشرين، وترتبط هذه التقلبات عبر الزمن التغيرات الطارئة على الصعيد السياسي، ومع هذا، لم تحدث تغييرات جذرية حتى القرن التاسع عشر.

وتمثل هذه المرحلة الجديدة للأبوية الميراث الذي تلقيناه، حينما بدأنا نكتب عن النساء عبر التاريخ بدءًا من ثمانينات القرن العشرين. وسوف تتيح البحوث المستقبلية في مصادر القرون الوسطى وبدايات العصر الحديث المجال لتوفير قدر أكبر وأكثر تنوعا من النماذج، مقارنة بما هو متوفر حاليًا.

Primary Sources

S. al-D. A. al-Aflākī al-‘Āarifī, Manakib al-‘ārifīn, ed. Tahsin Yazıcı, 2 vols. Ankara 1976.

R. R. Arat (ed.), Kutadgu bilig, Istanbul 1947.

Babur, Emperor of Hindustan, Vekâyi. Babur’un Hâtıratı, trans. R. R. Arat, 2 vols., Ankara 1987.

A. N. Çiftçioğlu, Âsikpasaoılu Ahmet Âsikî. Tevârîh-I Âl-i Osman, in A. N. Çiftçioğlu (ed.), Osmanlı tarihleri, vol.1,

Istanbul, 1949, 79–318.

Shāh Maħmūd Churās, Anīs al-Ŧālibīn, Bodleian Library, MS India Institute Pers. 45 [Bodleian Library No. 2494].

——, Khronika, ed. O. F. Akimushkin, Moscow 1976.

R. G. Clavijo, Embassy to Tamerlane 1403–1406, trans. G. L. Strange, London 1928.

A. Eflâkî, Âriflerin menkıbeleri, trans. T. Yażcı, 2 vols., Istanbul 1973.

O. Ş. Gökyay, Dede Korkut Hikâyeleri, Istanbul 1976.

A. Gölpınarlı, Vilâyet-nâme, Istanbul 1990.

Gülbeden, Hümayunnâme, trans. A. Yelgar, Ankara 1987.

Y. K. Ħājib, Wisdom of royal glory. A Turco-lslamic mirror of princes, trans. R. Dankoff, Chicago 1983.

Manas, trans. Walter May, Moscow 1995.

M. Neşrī, Kitâb-ı cihân-nümâ, Ankara 1995.

Niżām al-Mulk, The book of government. Or, rules for kings, trans. H. Darke, London 1960

——, Siyasetnāme, Ankara 1999.

W. Radloff, Manas Destanı, trans. E. Gürsoy-Naskali, Ankara 1995.

V. V. Radlov, Manas, in V. V. Radlov (ed.), Proben der Volksliteratur der nördlichen türkischen Stämme. V. Theil. Dialect

der Kara-Kirgisen, St. Petersburg 1985, 1–68.

F. Sümer et al. (ed. and trans.), The book of Dede Korkut, Austin, Tex. 1972.

W. M. Thackston (ed.), Zahiruddin Muhammed Babur Mirza. Baburname, 3 vols., Cambridge, Mass. 1993.

A. Z. V. Togan, Ibn Fađlān’s Reisebericht, Leipzig 1939.

M. A. Tolmacheva, Ibn Battuta on women’s travel in the Dar al-Islam, in B. Frederick and S. H. Mcleod (eds.), Women and

the journey. The female travel experience, Washington, D.C. 1993, 119–40.

A. Waley (trans.), The travels of an alchemist. The journey of the Taoist Ch‘ang-Ch‘un from China to the Hindukush at the

summons of Chingiz Khan, London 1931.

Secondary Sources

L. Ahmed, Women and gender in Islam. Historical roots of a modern debate, London 1992.

N. Araz, Anadolu’nun Kadın Erenleri, Istanbul 2001.

M. Bayram, Bacıyan-ı Rum, Konya 1990.

L. Benson, A much-married woman. Marriage and divorce in Xinjiang: 1850–1950, Paper presented at the Association of

Asian Studies Annual Conference, Washington, D.C., 2–5 April 1992.

E. Bilgin (E. Şafak), Destructuring women in Islam within the context of Bektashi and Mawlavi thought, M.A. thesis,

Middle East Technical University 1996.

D. DeWeese, Islamization and native religion in the Golden Horde, University Park, Pa. 1994.

E. Esin, Katun, in Erdem 7 (1991), 471–503.

S. Faroqhi, Men of modest substance. Houseowners and house property in seventeenth-century Ankara and Kayseri,

Cambridge 1987.

W. E. Fernea and B. Q. Bezirgan, Middle Eastern Muslim women speak, Austin, Tex. 1977, repr. 1994.

G. R. Hambly (ed.), Women in the medieval Islamic world. Power, patronage, and piety, New York 1999.

A. İnan, Türk mitolojisinde ve halk edebiyatında kadın, in A. İnan, Makaleler ve incelemeler, 2 vols., Ankara 1969–91,

274–80.

R. C. Jennings, Women in early seventeenth-century Ottoman judicial records. Court of Anatolia Kayseri, in Journal of the

Economic and Social History of the Orient 28 (1975), 53–114.

A. K. S. Lambton, Continuity and change in medieval Persia, New York 1988.

Melek Hanım, Haremden mahrem hatıralar, trans. I. Yergun, Istanbul 1996.

J. Millward, A Uyghur Muslim in Qianlong’s court. The meanings of the fragrant concubine, in Journal of Asian Studies 53

(1994), 427–51.

H. Özdemir, Adile sultan divanı, Ankara 1996.

L. Peirce, Imperial harem, Oxford 1993.

E. Şafak, Venerated mothers, emancipated daughters, condemned sisters. The crossroads of marginality and femininity in

Turkish modernization maps of belonging (forthcoming).

P. P. Soucek, Timurid women. A cultural perspective, in G. Hambly (ed.), Women in the medieval Islamic world. Power,

patronage, and piety, New York 1999.

İ. Togan, In search and approach to the history of women in Central Asia, in K. A. Erturk (ed.), Rethinking Central Asia,

Reading, U.K. 1999, 163–95.

——, Islam. Early expansion and women (overview), in EWIC, v, Brill (forthcoming).

J. E. Tucker, Women in nineteenth-century Egypt, Cambridge 1985.

Ç. Uluçay, Osmanlı sultanlarına aşk mektupları, Ankara 1950.

M. Zilfi, Women in the Ottoman Empire. Middle Eastern women in the early modern era, Leiden 1997

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي