الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية.. استراتيجيات بشأن البحث الاجتماعي المستقبلي

التصنيفات: غير مصنف

الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية

استراتيجيات بشأن البحث الاجتماعي المستقبلي

تحلل هذه الورقة مستوى المعرفة الحالي عن الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية. وقد اعتمدت الورقة في ذلك على استعراض نقدي للمعلومات التي تم الحصول عليها من الاجتماعات والندوات الإقليمية التي عقدت في التسعينات، والمقالات المنشورة في المجلات الطبية الدولية في هذا المجال(۱). وتركز الورقة على حدوث الإجهاض، وعملية اتخاذ قرار الإجهاض، والأبعاد السياسية والعامة للإجهاض المتعمد. كما تناقش الجوانب النظرية والمنهجية للبحوث عن الإجهاض والمخاوف ودواعي القلق الأخلاقية والسياسية. يدعو هذا المقال إلى تقوية البيانات التي تم الحصول عليها حتى الآن، وتقديم مداخل وأطر نظرية جديدة من مجالات دراسية أخرى، وتقليل الفجوة غير العادلة في مستوى المعرفة المتاحة بين دول المنطقة من خلال البحوث الوطنية والمقارنة، كما يهدف المقال إلى تحليل الأبعاد السياسية للإجهاض المتعمد بصورة أكثر عمقًا، وبصورة خاصة فيما يتعلق بالتشريع والرأي العام، وتطوير البرامج الصحية.

بدأت بحوث العلوم الاجتماعية عن الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية في التطور والنمو منذ عدة سنوات. وواقع الأمر، انه قلما نجحت ظاهرة، بمثل هذه الطبيعة الشائكة والمثيرة للجدل القانوني والأخلاقي، في حفز هذا الكم من البحوث.

لقد حدث تقدم هام في دراسة انتشار الإجهاض وخصائصه، غير أننا نجد أن معظم الدراسات قد تعاملت مع المسألة من منظور الطب البيولوجي، أو علم الأوبئة، أو الديموغرافيا الاجتماعية. لقد أوضحت دراسات الحالة الوصفية والمسوح الدولية المقارنة حجم الظاهرة وخصائصها، وكانت أكثر الجوانب التي تم تناولها تتعلق بالتقديرات بشأن حالات الإجهاض المتعمد (٢)، وخصائص النساء اللاتي مارسنه، ومعدلات الوفيات والمراضة الناتجة عن مضاعفات الإجهاض السري، ومستوى الخدمات الخاصة بالإجهاض، والعلاقة ما بين الإجهاض المتعمد واستخدام موانع الحمل وتيسر الحصول على خدمات تنظيم الأسرة (۳)، وأخيرًا التحليلات المقارنة للقواعد القانونية.

ولقد تم وضع العديد من البرامج البحثية عقب بعض الندوات التي تم عقدها في السنوات الأخيرة (٤) مما أسفر على الأقل عن القيام ببعض البحوث حول موضوعات مثل الرعاية الطبية لمضاعفات الإجهاض التي تتطلب دخول المستشفى، وإعطاء أهمية خاصة لتكاليف الرعاية الطبية وجودتها، والإجهاض بين المراهقات وأثره على مشاريعهن الحياتية.

تقدم هذه الورقة استعراضًا نقديًا لبعض النواحي الهامة للبحوث حول الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية التي تم إجرائها منذ آواخر الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، كما تقدم الورقة اقتراحات بشأن أولويات للبحث في المستقبل في المنطقة.

معظم الدراسات التي اهتمت بقياس مدى انتشار الإجهاض المتعمد كانت دراسات مرتجعة ((retrospective تعتمد أساسًا على مؤشرين هما معدل الإجهاض ونسبة الإجهاض (5). ولقد أثارت الجهود التي بذلها الباحثون لإثبات أي من تلك القياسات مصاعب جمة فيما يتعلق بصحة النتائج وإمكانية التعويل عليها وتعميمها.

سجلات المستشفيات

تأسست معظم التقديرات بشأن معدلات الإجهاض المتعمد بين النساء في مرحلة الإنجاب على معدلات دخول النساء اللاتي تعانين من مضاعفات الإجهاض السري إلى المستشفيات وباستثناء كوبا وبورتو ريكو حيث الإجهاض قانوني فإن المعلومات المتضمنة في سجل المستشفيات في أمريكا اللاتينية غالبًا ما تبخس قيمتها، أو يتم تصنيفها بصورة خاطئة. وفي بعض البلدان، لا تقدم المؤسسات الصحية العامة أو الخاصة سوی معلومات جزئية بشأن الإجهاض إلى المكاتب العامة للإحصاء، وأحيانًا لا تقدم أية معلومات على الإطلاق. وحتى إذا ما أخذنا في اعتبارنا بعض الافتراضات لتعويض التضاربات تظل هناك حاجة إلى إجراء بعض التدقيقات لاستبعاد الحالات التي لم يكن من المفترض أن يتم تضمينها، أو تضمين الحالات التي كانت ستستبعد دون تلك التعديلات.

ثمة مشكلة أخرى تتعلق بالتمييز ما بين الإجهاض التلقائي والإجهاض المتعمد، وعادة ما يتم التعويل على المعايير التي وضعتها منظمة الصحة في السبعينات، والتي تعتمد بالأساس على إقرار المرأة بوقوع إجهاض متعمد، أو وجود إصابات في الأعضاء الجنسية، أو جسم غريب في المهبل أو الرحم، أو تعفن الدم في الرحم أو التهاب الغشاء البريتوني، أو استخدام موانع الحمل أثناء الحمل، أو إفادة المرأة بعدم التخطيط للحمل أو عدم الرغبة فيه أو كليهما. وهكذا فإنه باستخدام تلك المعايير يمكن التفريق بين أربعة أنواع من الإجهاض:

1- الإجهاض المتعمد المؤكد،

2- الإجهاض المتعمد المرجح,

3- الإجهاض المتعمد المحتمل,

٤الإجهاض التلقائي (6)

وفي البلدان حيث يجرم الإجهاض المتعمد، تميل سجلات المستشفيات إلى ارتفاع الإفادة عن الإجهاض تلقائي أو غير محدد السبب“. على سبيل المثال، توضح البيانات الواردة من كولومبيا أن نسبة الإجهاض غير محدد السببفي ۱۹۸۹(۷) قد بلغت ٨٤% من نسبة الحالات التي غادرت المستشفيات بسبب الإجهاض. وتساهم العديد من العوامل في خلق هذا الوضع حيث ترفض النساء الإقرار بأنهن قد قمن بعملية إجهاض كذلك لا يقوم الطاقم الطبي بتسجيل عمليات الإجهاض المتعمد، ويسجلونها تحت مسمى آخر، للحفاظ على خصوصية النساء وخوفًا من التبعات القانونية وزيادة على ذلك، فإن الأدلة الإكلينيكية على حدوث الإجهاض المتعمد لا تكون دومًا واضحة، كذلك فإن المعلومات المطلوبة لتطبيق معايير منظمة الصحة العالمية لا تكون دومًا متاحة. وفي دراسة أجريت في ثلاثة أقاليم في بيرو، تم فيها استخدام نسخة معدلة من معايير منظمة الصحة العالمية، أوضحت سجلات المستشفيات أن ٤,٨% فقط من حالات الإجهاض يمكن تصنيفها على إنها متعمدة، و ٤,٢٤% من المرجح أن تكون متعمدة، في حين أن نسبة الإجهاض التلقائي تربو على ٦٦%، غير أن المرء ليجد صعوبة في تصديق تلك الأرقام (8).

إن مدخلا يعتمد على سجلات المستشفيات يتطلب استخدام معاملات أو مضاعفات من أجل تقدير عدد النساء اللاتي دخلن المستشفيات بسبب الإجهاض ونسبة الإجهاض بين النساء في سن الإنجاب. وقد تم إجراء بحوث مكثفة باستخدام هذا المدخل، من خلال مقبلات مع أطباء أمراض النساء والولادة من الدول المشاركة من أمريكا اللاتينية حول احتمالات دخول النساء المستشفيات بسبب المضاعفات الناشئة عن الإجهاض المتعمد (9).

بيد أن سجلات المستشفيات تقود في النهاية إلى تقديرات لا يمكن الاعتماد عليها فيما يتعلق بحجم الإجهاض المتعمد. أن عدد النساء اللاتي يدخلن المستشفيات للعلاج من مضاعفات الإجهاض، لا يعكس الصندوق الأسودلكل حالات الإجهاض المتعمد إلا بصورة جزئية. فلنأخذ على سبيل المثال بلد يجرم فيه الإجهاض، وتشير سجلات المستشفيات فيه إلى تضاءل نسبة الإجهاض، فالانطباع الأول هو أن حالات الإجهاض قد قل، غير أن العكس أيضًا قد يكون صحيحًا. فإن انخفاض تكلفة عمليات الإجهاض التي تتم على يد ممارسين ذوي كفاءة من خارج المستشفيات أو الاستخدام الأوسع لأسلوب الشفط Aspiration Vacuum بدلاً من التوسيع والكحت قد يكون أيضًا سببًا لانخفاض عدد حالات الإجهاض التي تتم في المستشفيات.

المقابلات والمسوح

ثمة مدخل آخر لتقديم حجم الإجهاض المتعمد وذلك بناء على المسوح والمقابلات. ففي منطقة أمريكا اللاتينية، تم تطبيق تلك التقنيات الخاصة البيانات على النساء في المستشفيات، على عينات ممثلة من النساء في سن الإنجاب، وعلى عينات منتقاة من النساء. فالسائد هو تدني الحالات التي يتم تسجيلها حيث تنكر النساء قيامهن بالإجهاض المتعمد مما يشكك في صحة البيانات التي تم جمعها، حيث نجد أنه قد تم التعتيم على ٢٠ إلى ٢٥% من حالات الإجهاض، وفي بعض الحالات لم يتم الاعتراف سوى بنسبة ضئيلة جدًا من حالات الإجهاض بلغت 4% (10).

كذلك تمكنت المسوح الوطنية (١١) حول الخصوبة التي أجريت كجزء من المسح العالمي للخصوبة ما بين ۱۹۷۲ و ١٩٨٤ من تسجيل ٨٠% من حالات الإجهاض التلقائي، في حين كانت نسبة حالات الإجهاض المتعمد أقل بصورة ملحوظة. “تقل تقديرات فقدان الحمل ككل بشكل ما عما هو متوقع بالنسبة لفقدان الحمل التلقائي والمتعمد مجتمعين، كذلك فإن التقارير المقدمة بشأن فقدان الحمل المتعمد أقل بشكل شبه مؤكد بكثير عن واقع الحال(۱۲).

والى جانب التبعات القانونية والجنائية المحتملة، هناك تابوهات أخلاقية ودينية واجتماعية تثني النساء عن الإقرار بأنهن قد قمن بإجهاض أنفسهن. وللالتفاف على عدم استعدادهن لإقرار تعمدهن الإجهاض، تم استخدام تقنيات مختلفة. فلقد تجنبت المسوح الصحية والديموغرافية DHS منذ إن بدأت في ۱۹۸5، السؤال عن الإجهاض بسبب الاعتراضات السياسية، ولم يتم طرح الموضوع إلا مؤخرًا في صورة أسئلة غير مباشرة، على سبيل المثال: هل سبق إن حملت عندما لم تكوني راغبة في ذلك؟ ويبدو أن هذه الأسئلة المنقحةقد نجحت في بعض المناطق في زيادة الأعداد المسجلة من حالات الإجهاض المتعمد، غير أن تلك الأسئلة قد فشلت في بعض الأماكن الأخرى، مثلما كان الحال في مدينتين في بوليفيا (۱۳). بالتالي، تم التوصية باستخدام الدراسات الاستكشافية الكيفية لتحديد أكثر أسئلة الفلترالملائمة للسياقات الثقافية المختلفة (14).

ثمة استراتيجية مبتكرة أخرى تمت في كولومبيا بدعم من منظمة الصحة العالمية (15، 16) عن طريق استخدام استمارة استبيان غير مرقمة، ولا تكتب عليها أسماء المبحوثات. تشتمل الاستمارة على عدد قليل من الأسئلة بعضها أسئلة مفتوحة، وقامت النساء بملئها على انفراد بعد أن قدم الشخص المخول بجمع الاستمارات شرحًا مستفيضًا. وبمجرد ملء تلك الاستمارات، توضع الاستبيانات في مظروف مغلق ويتم جمعها في صندوق مغلق كصناديق الاقتراع. وقد كانت تلك العينة من النساء عينة ممثلة تزيد عن 33.000 امرأة من ۲۲ مدينة في كولومبيا، ولم يتجاوز معدل عدم الاستجابة 2%. وجاءت النتائج معقولة حيث أفادت 9.22% من كل النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين ١٥ إلى ٥٥ عام أنهن أجرين إجهاض متعمد مرة على الأقل، وكانت النسبة أعلى 30.3% بين النساء اللاتي حملن مرة واحة على الأقل (۱).

بيد أن هناك أيضًا تقنية أخرى قد تم استخدامها في المقابلات، ألا وهي تقنية الاستجابة العشوائية. وقد أسفر استخدام هذه التقنية في تايوان وكندا، وإثيوبيا، وتركيا عن معدل الإجهاض أعلى وأكثر اتساقاً عن المعدلات التي تم الحصول عليها عن طريق تقنيات المقابلات التقليدية. وقد أفضى هذا الدليل بريبيكا دي سوسا اسليفا (۱۷) إلى تطبيق هذه التقنية في البرازيل في دراسة تم إجرائها على مرحلتين أحد أحياء ساوباولو، كذلك قامت بتطبيق ذلك ۱۹۸۸ في ۱۹۹۳ في مدينة ساوباولو على عينات من النساء في تتراوح أعمارهن من ١٥ إلى ٤٩ عام. وقد سئلت النساء في إحدى المجموعات عما إذا كن قد حملن العام السابق أم لا وعن نتاج هذا الحمل. أما مجموعة النساء الأخرى فقد زودت بمجموعة من ۱۸ کارت: ۱۲ منها ذات علامات صفراء و ٦ كروت ذات علامات حمراء اللون، وقد طلب منهن أن يخترن أحد الكروت دون إظهارها للشخص الذي يجري المقابلة وأن يجبن بنعم أو بلا. وكان السؤال بالنسبة للكروت ذات العلامة الحمراء هو هل ولدته في ابريل؟، وسؤال الكروت ذات العلامة الصفراء هو هل قمت بإجهاض متعمد في ۱۹۸۷ (أو ۱۹۹۲ في المرحلة الثانية)؟وبناء على احتمال انتقاء أحد اللونين أكثر من اللون الآخر، وبطرح عدد النساء المقدر ميلادهن في أبريل، وهو احتمال معروف من الإجابات بنعم، تم التوصل إلى تقدير لعدد النساء اللاتي قمن بإجهاض متعمد. ولقد جاءت معدلات الإجهاض التي تم حسابها بهذه الطريقة خمسة أضعاف المعدلات التي تم التوصل إليها بناء على طلب المعلومات بصورة مباشرة.

لقد تم في الواقع تجريب كل الاستراتيجيات المعروفة تقريبًا من أجل تحسين قياس الإجهاض المتعمد في أمريكا اللاتينية. وبالرغم من أن بعض الاستراتيجيات قد أثبتت فعاليتها عن غيرها إلا أنه لم يتم إيجاد استراتيجية محددة حتى الآن. ومن ناحية أخرى فإن البحث عن استراتيجيات أكثر تحديدًا قد يعمل بطريقة عكسية ويكون ضرره أكثر من نفعه. أن سبب الخروج بتقديرات أكثر واقعية، وذلك باستخدام تقنيات الاستجابة العشوائية بدلاً من المسوح التقليدية، لا يحتاج إلى توضيح، بيد أن تقنيات الاستجابة العشوائية لا تمكننا من تحليل المتغيرات المختلفة في الوقت الذي تمكننا فيه المسوح التقليدية من ذلك.

وبغض النظر عن مدى تعقيد أي تقنية أو فعاليتها، أو مدى إسهامها في إحراز تقدم منهجي، فإن تلك التقنية قد تكون ضعيفة نسبيًا فيما يتعلق بتمكيننا من جمع معلومات ذات شأنه. وهنا فإن الحكم على فعالية أشكال القياس يكون بقدرتها على تمكيننا من بناء سلسلة من البيانات التي توضح تطور الظاهرة. وفي نهاية الأمر، فإنه من المفضل أن نكون قادرين على إعادة استخدام المنهجيات التي أثبتت فعاليتها على أن تبتكر منهجيات جديدة.

يتأثر قياس حجم الإجهاض المتعمد ببعض العوامل غير المؤكدة التي يستحيل علينا تخطيها وبالتالي فان خيارنا الوحيد هو أن نكون أكثر تقبلاً لما هو غامض (14). ومن المفارقات أن نجد أن تلك العوامل غير المؤكدة تتأسس على عاملين مؤكدين أولاً: أن الإجهاض في بلدان أمريكا اللاتينية في الواقع يتم ممارسته بصورة سرية تحيط بها التابوهات الثقافية والنزاعات الشخصية. وثانيًا، هو بالرغم من أي قوانين جنائية، أو محرمات دينية، أو مخاطر صحية فمواقع الأمر هو أن النساء من كل الطبقات الاجتماعية والعمرية يلجأن للإجهاض. وبالتالي، فإنه من غير المستغرب أن نجد أن النساء ينسينحالات الإجهاض التي قمن بها، وتتجنب التحدث عنها ولا يرغبن في الإدلاء بتجاربهن إلى الباحثين.

وبالإضافة إلى تعمد النساء نسيان الإجهاض، فإن عملية القياس تتأثر أيضًا بعاملي الوضوح والتعريف. فمن المنظور الطبي البيولوجي، لا تبقى نصف البويضات المخصبة بالتقريب حية حتى يكتمل الحمل وأغلبها تفشل في أن تغرز نفسها في الرحم. يمكن النظر إلى تلك البويضات باعتبارها بويضات مخصبةأو إجهاض تلقائي، وهو الأمر الذي لا يمكن البت فيه إلا باستخدام التقنيات المتاحة للدراسات الإكلينيكية. كذلك تجهض نسبة أخرى من البويضات بعد الزرع وذلك في غضون أسبوع أو ما شابه من توقف الدورة الشهرية. وبالرغم من أن العديد من النساء قد تتعرضن لذلك ظنًا منهن أنه بمثابة تأخر للدورة، إلا أن ذلك من الممكن أيضًا أن يحسب من قبيل الإجهاض التلقائي. وزيادة، فإن ۱۰% إلى 20% من النساء اللاتي لم يحضن مرتين متتاليتين، قد يتعرضن بعد ذلك إلى إجهاض تلقائي (١٨).

ومن منظور النساء، فإن استخدام أنواع معينة من العقاقير مثل الميزوبروستول يتم في منطقة رمادية حيث لا يتم التمييز بوضوح بين الحمل أو تأخر الدورة الشهرية أو انتظام الدورة أو الإجهاض المبكر. ولقد أظهرت بعض الدراسات الكيفية أنه في حالة عدم وجود تدخل من أي نوع فإن إعاقة ما يمكن أن يكون حملاً بصورة موضوعية، لا يفسر ثقافيًاكإجهاض وبالتالي لا يتم الإفادة عنه بشكل صادق باعتباره إجهاضًا.

ولبضع سنين، خلت تصدى مجال الصحة الإنجابية الإشكاليات الأخلاقية في البحث على سبيل المثال، قام علماء الاجتماع بتحليل حقوق الأشخاص اللذين تتناولهم البحوث الاجتماعية، وفوائد / أخطار تلك البحوث، والإجراءات الخاصة بضمان الموافقة المطلعة بل لقد تم أحيانًا اللجوء إلى الحيلة بغرض التدقيق.

ويطرح السؤال نفسه: “ما هو مدى شرعية وأخلاقية السعي وراء الحصول على معلومات لا ترغب العديد من النساء في الإفصاح عنها حماية لأنفسهن؟لا يفترض وأن تكون تقنيات البحث خدعة أو فخ. وبالتأكيد فإنه لا يمكن القبول أخلاقيًا بما حدث في أحد الدراسات في أفريقيا عندما تم مقابلة جيران أحد النساء التي يعتقد أنها توفت بسبب مضاعفات الإجهاض وذلك ظنًا أن الجيران سيكونون أكثر استعدادًا لتقديم المعلومات عن أقارب المتوفاة (١٩).

ومنذ عدة سنوات مضت طرحت جاکلین داروخ فورست سؤالاً مؤثرًا، ألا وهو إلى أي مدى تحتاج تقديراتنا إلى الدقة لكي تكون نافعة فيما يتعلق بالدعاية لأفكارنا والدفاع عنها، أو فيما يتعلق أيضًا بتوجيه البرامج واتخاذ الخطوات العملية؟(۲۰) أو كما تضع روزنفيلد السؤال بطريقة أخرى:

ما هو الاختلاف الحقيقي بين مليونين أو ثلاث ملايين أو عشر ملايين حالة إجهاض غير قانوني؟ فمهما كان العدد فهو في جميع الأحوال مرتفع للغاية. ومهما كان عدد حالات الوفيات الناتجة عن الإجهاض غير القانوني سواء خمسين ألف أو مائة ألف أو مائتي ألف حالة فهي أيضًا مرتفعة للغاية. أيًا كان العدد فهو مرتفع. سواء كان ذلك العدد خمسين أو خمسمائة ألف أو مليونين من النساء بصرف النظر عن الحالات التي تتعرض لمضاعفات الإجهاض غير الآمن وبصرف النظر عما إذا استطاعت النساء تجاوز مضاعفات الإجهاض غير الآمن أم لا؟(۱۸)

إننا لا ندعو هنا إلى موقف عدمي من الإحصاءات، لكن هدفنا هو زحزحة مركز قياس الإجهاض من الدائرة العلمية الأكاديمية إلى مجال سياسي اجتماعي أوسع، انطلاقًا من رؤية كوليسيشكي : “بالنسبة لأولئك المعارضين للإجهاض بشدة، قد تؤكد الإحصاءات معتقداتهم بكل بساطة. أما بالنسبة لأولئك الذين يدعمون الإجهاض القانوني، فإن الإحصاءات تلقي الضوء على عدد النساء اللاتي تم تجنبيهن مخاطر الإجهاض السري أو ضغط الشعور بأمومة غير مرغوب فيها(5).

عملية اتخاذ قرار الإجهاض

تؤكد الدراسات المتنوعة التي تناولت العوامل التي تؤدي بالنساء إلى اتخاذ قرار الإجهاض على وجود نسيج معقد من الفاعلين، والأفعال، والمعايير، والأعراف، والقيم والمعتقدات، والعواطف التي تلعب دورًا في عملية اتخاذ القرار بالإجهاض (۲۱ ۲۸ ). ولقد كان الهدف المحوري مت تلك الدراسات، والتي اعتمدت على مدخل نوعي تمحور بالأساس حول الانثروبولوجيا الاجتماعية، هو استخلاص تجارب النساء وتوثيق الطريقة التي يتم بها اتخاذ القرار في السياقات الاجتماعية الثقافية والعائلية المختلفة.

ويتراوح مدى المعلومات المنشورة عن قرار الإجهاض في البلدان المختلفة في المنطقة، ولا تعد البيانات الواردة عن بعض السياقات الاجتماعية بعينها، مثل السكان القرويين والطبقات المتوسطة، كافية (٢9 – ٣٠). هناك أدلة واسعة النطاق تم جمعها من ثقافات مختلفة تفيد أن قرار الإجهاض يعد عملية متنوعة معقدة تتطلب كل من الموارد المالية والشخصية (۲۲ – ۲3 – 26 – ۲۷ – ۳۱ ۳۲).

في البداية، يمكن للنساء أن تقوم ببعض الخطوات البسيطة مثل الأشربة المصنوعة بالمنزل، أو تعاطي عقاقير سواء كانت فعالة أو مفترضة الفعالية، أو رفع أحمال ثقيلة أو بذل مجهود عضلي شاق. أما إذا لم تسفر أي من الخطوات السابقة عن شيء، يمكن أنذاك اتخاذ بعض التدابير الأكثر جذرية. إن هذه السلسلة من الأفعال البسيطة ثم الجسيمة هي مفتاحنا لفهم منطق عملية صنع القرار والتبعات الجسدية والنفسية التي تتعرض لها النساء. في العقد الماضي، أدى استخدام الميزوبروستول للإجهاض في البلدان أمريكا اللاتينية، وبصورة خاصة في البرازيل، إلى تعديل تجربة الإجهاض السري بصورة جوهرية.

كذلك تم دراسة الدور المركزي الذي يمكن للآخرين ذوي الأهمية في حياة النساء أن يلعبوه، مثل الأم، الحماة، الزوج أو الشريك، الأصدقاء، الأخوات أو أخوات الزوج، ولقد تم دراسة ذلك عبر ثقافات مختلفة. وسواء كان ذلك الدور ايجابيًا أم سلبيًا، تنزع النساء إلى إشراك أولئك الآخرين أو على الأقل وضعهم في الاعتبار عند اتخاذ قرار الإجهاض، ويحدث هذا بصورة خاصة مع الأمهات ومع الرجال الذين حملت النساء منهم(34).

قد يجبر الأزواج أو الشركاء النساء على إنهاء الحمل، أو يتعاملون مع الموضوع بلا مبالاة وينئون بأنفسهم عن التدخل بصرف النظر عما ستئول إليه الأمور. وبالرغم من أن العلاقة ما بين ردود فعل الرجال والمناخ الثقافي الذي تجري فيه العلاقات ما بين النوعين وتدخل الرجال في الشئون الجنسية والإنجاب قد كانت محور البحث الاجتماعي في المنطقة في السنوات الأخيرة، إلا أنها لم تحظ بالاستكشاف الكاف بعد( 35 – 40).

تلعب الأم دورًا هامًا خاصة عندما تكون ابنتها المراهقة هي الحامل، ويترامح ذلك الدور وفقًا لمدى تسامح الثقافة السائدة مع الشئون الجنسية للمراهقات، والى أي مدى يمكن للعائلة أن تكون شبكة دعم اجتماعي ومادي وعاطفي (٤١). كذلك تظهر الأدبيات أن قرارات النساء تتأثر بدرجة الدعم أو المعارضة التي يتوقعنها من أعضاء عائلاتهن، وذلك بناء على ما يعتقدن أن الآخرين يمكن أن يقولوه أو يفعلوه بالإضافة إلى الطريقة التي يشعرن هن بها حيال الموضوع(٤٢).

ونجد عبر الثقافات المختلفة أن بعض الأعراف الاجتماعية تدين الإجهاض المتعمد في المطلق، غير أنه أيضًا توجد بعض القيم والأعراف الأخرى التي تأخذ وضع النساء ووضع عائلاتهن الخاص في الاعتبار، وتبدو أنها تبرر قرار الإجهاض (٤٣). فبالرغم من مخاطر الإجهاض وعدم قانونيته، وحتى في حال اعتقاد النساء أنفسهن أنه حرام وغير أخلاقي، فإن أوضاعهن الاقتصادية الاجتماعية قد تغلب على أي اعتبارات أخرى (٤٤). فإن النساء قبل كل شيء يتوجب عليهن أن يفين بالتزاماتهن نحو أطفالهن، وهو ما يشكل ما يطلق عليه الأخلاقيات ذات الجذور الاجتماعية (37) التي تضع إطارًا لقيمة الأمومة وتبرر الإجهاض في ذات الوقت.

وبالنظر إلى التبعات التي قد يسببها الحمل على عائلات النساء أو حالتهن المادية ووظائفهن، وسلامة أطفالهن ووضعهم في المجتمع، فإن معظم النساء في أمريكا اللاتينية يبغين مزيدًا من التحكم في قدراتهن الإنجابية ويقمن بتنظيم خصوبتهن، بما في ذلك استخدام الإجهاض. وإذ يقمن بذلك، فإنهن يجدن أنفسهن في مواجهة قضايا ومعضلات وضغوط أخلاقية متناقضة (٣١)، بالإضافة إلى الضغوط والتوترات التي تنشأ كجزء من قرار الإجهاض.

اعتمد تحليل العمليات الخاصة باتخاذ قرار الإجهاض على عدد من الافتراضات النظرية التي حفزت اختبار المداخل المفاهيمية الجديدة، وأن الاستعراض النقدي لتلك الافتراضات يمكننا من الوصول إلى فهم أفضل للإجهاض المتعمد في البيئة الثقافية الخاصة بالمنطقة.

أحد أكثر تلك الافتراضات ارتباطًا بالأمر هو أن المعتقدات والمفاهيم المتعلقة بالإجهاض واحدة بالنسبة لجميع النساء. إن عدم محاولة فهم القرارات والأعمال الصادرة عن النساء من وجهة نظر كل منهن يمكن أن يؤدي إلى خلق مغالطة مفاهيمية وتجريبية حيث يتم الاعتقاد بأن الظاهرة التي يتم قياسها أو وصفها واحدة لا تتغير في السياقات المختلفة ومن امرأة إلى أخرى.

ولا يقصد من ذلك إنكار عمليتي التخصيب والحمل عمليتان بيولوجيتان تحدثان على مستوى العالم، ولكن الهدف هو توضيح حقيقة أن هاتين العمليتين، مثلهما مثل الإجهاض، تختلفان حسب اختلاف المعتقدات المحلية حول فسيولوجيا التناسل وكذلك حسب اختلاف التعريفات الاجتماعية والثقافية للحمل والأمومة، بالتالي يتم إدراك كلا المفهومين وفهمهما بصورة مختلفة. فالفرق ما بين الحمل كحالة جسدية وبينه كحالة اجتماعية واضح، على الأقل بالنسبة لأخصائيي الأنثروبولوجيا، وإن كان لا يؤخذ دائمًا في الاعتبار في العلوم الأخرى (۳۷).

وثمة افتراض آخر على نفس القدر من الأهمية هو أن عملية اتخاذ قرار الإجهاض تتم على هدى نظام أو منطق محدد مسبقًا، إذ أن معظم الدراسات تفترض أن النساء يكن قادرات على النظر في بدائل، والتفكير في إيجابيات وسلبيات كل منهما، ثم اختيار إحداها والتصرف على أساس هذا الاختيار، فكما أبرزت دراسة الانسون واستبوري: “هناك ميل لاختزال عملية صنع القرار بصورة مصطنعة والى تناولها كما لو كانت تسير في اتجاه واحد. أولاً تحصر مناقشة القرارات بشأن الحمل الذي يمثل مشكلة في المخرجين النهائيين فقط (أي الاستمرار في الحمل أو إنهائه)، وثانيًا يتم الاعتماد على إطار غارق في ثنائيات مريبة ومنطق أحادي الاتجاه(٣٤).

ووفقًا لهذا المنطق فإن عملية اتخاذ قرار الإجهاض تبدأ عندما تشعر المرأة بعلامات الحمل المتعددة. وعندما تتأكد من الحمل، تقرر إنهاءه فتبحث عن المصادر اللازمة وتتفاوض عليها وتحصل عليها، وفي النهاية يتم إجراء الإجهاض بما يحمله من عواقب مخاطر في وضعها المحدد. إلا أن الكتابات الاثنوغرافية تشير إلى أن العملية أكثر تعقيدًا. ففي حقيقة الأمر تمر المرأة بفترة من عدم اليقين، وخلال تلك الفترة، وعلى الرغم من التغييرات التي تطرأ على جسدها، فإن الحمل يكون في مخيلتها مجرد أحد الاحتمالات والإجهاض يكون مجرد أحد الحلول التي قد تضطر في نهاية الأمر إلى النظر فيها. وفي واقع الأمر، يمكن أن يتم تفسير تأخر الدورة الشهرية بصور مبدئية على أن هناك شيء ما في جسدها يعوق نزول الطمث وليس علامة على الحمل. وقد تحاول المرأة استخدام أي شيء بدءًا من الوصفات المنزلية إلى استخدام العقاقير حتى يحدث الطمث. وفي الوقت نفسه قد تحاول إقناع الطرف الآخر بالزواج أو إقناع شريكها، أو زوجها، أو عائلتها بالموافقة على إنجابها للطفل. وقد أوضحت بعض الدراسات الأثنوغرافية أيضًا إن المعتقدات الخاصة ببدء الحمل وتطور العلقة والجنين ونفسية المرأة الحامل يمكنها أن تجعل المرأة تبدو كما لو أنها لا تفكر في الإجهاض أو تتصرف كذلك، حتى لو لجأت إليه في نهاية الأمر (٣٥ – ٣٧ ٤٥).

وهكذا فإن فكرة القرار العقلاني، المعتمد على تحليل بسيط للمخاطر والفوائد، تصطدم مع أنواع الشكوك التي يمكن أن تشعر بها المرأة والتي تخلق نوعًا من الخطاب النفسي المزدوج. فالحقيقة هي أن القرارات لا تكون دائمًا واضحة أو محددة، ففي معظم مواقف الحياة تكون عملية تحليل المخاطر والفوائد حدسية ومستمرة وقابلة للتغير في الاتجاه المعاكس. ويمكن لمدخل أكثر جدة ويضع العوامل الاجتماعية في اعتباره بشكل أكبر عند التعامل مع الفعل الإنساني أن يساعد على تنقيح النموذج الذي كان يستخدم بصفة عامة لوصف عملية اتخاذ قرار الإجهاض. ويوضح هذا المدخل أن القرارات تتخذ ردًا على ظروف حياتية معينة في لحظة ما من حياة المرأة، كما تتخذ تلك القرارات في سياقات اجتماعية ثقافية تشكل إدراك المرأة وتقديرها للبدائل المتاحة أمامها. وتمتد تلك القرارات إلى ما هو أبعد من الشخصي والنفسي وتتأثر بالنواحي الديموغرافية والجنسية ومعايير الإنجاب في إطار الطبقة والعرق والإثنية والنوع والدين والعائلة والتاريخ الإنجابي، بالإضافة إلى المخاطر والفوائد الفردية (٤٦).

أن الآخرين ذوي الأهمية ليسوا فقط أفرادًا يمنحون المشاعر والدعم المادي والاجتماعي أو يمنعوها، وإنما يشكلون أيضًا جزءًا من سياق اجتماعي أوسع وأكثر نفوذًا (47) حيث تؤثر المعايير والقيم الخاصة بالوقت الذي يجب للمرأة أن تصبح فيه أمًا على قراراها فيما إذا كانت ستستمر في الحمل أم (22 – 48). وكثيرًا ما يعتمد القرار أيضًا على ما إذا كانت المرأة ترى ضرورة المحافظة على تغيير ما تشعر بأنه الوضع الراهن فيما يتعلق بأسرتها ومجتمعها ومع شريكها (37).

ومن ثم يبدو من المفيد تغيير محور التركيز في هذا التحليل ليأخذ في الاعتبار لا المستوى الفردي فحسب ولكن أطر صنع القرار التي يتم صياغتها إجتماعيًا. ولا يعني هذا تقليل الأهمية الواضحة للنساء كعناصر أساسية في هذه العملية، ولا تجاهل حقيقة أن النساء يتحملن معظم النتائج المترتبة على قرار الإجهاض، ولكن الهدف هو محاولة أيضاح أن التفاعلات والعلاقات الاجتماعية تقع في القلب من عملية صنع القرار.

وأخيرًا، وفي حين يفترض في الأغلب إن المعايير والقيم التي تسترشد بها النساء في تقرير ما إذا كن سيلجأن للإجهاض أم لا تنبع من النطاق الأخلاقيوتعتمد على مدى تدين المرأة وموقفها من الإجهاض وآرائها حول الوضع القانوني للإجهاض (۳۷)، تكشف بعض الدراسات أن قرار إنهاء الحمل يتم أيضًا بالاسترشاد بالمبادئ والنصوص الخاصة بالنواحي الثقافية الأخرى مثل القيم والمعايير المرتبطة بالأنوثة والزواج والأمومة (۳۸).

يكشف الجدل الدائر حول الإجهاض عن وجهات نظر جد متضاربة وغالبًا ما تتسم بالكثير من التعارض. وعلى الرغم من الاعتراف العام بأن الحواجز التي تعوق حل مشكلة الإجهاض كمشكلة صحة عامة غالبًا ما تكون سياسية، إلا أنه لم يتم التركيز في الأبحاث المنهجية في أمريكا اللاتينية إلا مؤخرًا على البعدين السياسي والعام المرتبطين بالإجهاض المتعمد. وقد يرجع هذا جزئيًا إلى الغياب شبه التام لمتخصصين في العلوم السياسية ضمن القائمين على البحوث في هذا المجال.

والى جانب النشاط الأكاديمي بذلت الحركات النسائية جهودًا جمة لتفهم الأمر كجزء أساسي من ممارساتها السياسية، ولكن نظرًا لأن تلك الجهود قد انحصرت في مناقشات أيدلوجية ومواجهات سياسية فقط، فقد افتقرت بالتالي إلى النظرة المتفحصة المحللة التي تتسم بالمنهجية والشمولية (50).

ويوضح التحليل المقارن المعايير القانونية في أمريكا اللاتينية كيف أن القوانين والسياسات المتعلقة بالإجهاض تؤثر على مدى توافر خدمات الإجهاض وجودتها، إذ أن المعايير القانونية المقيدة تؤدي إلى حرمان معظم النساء، وخاصة الفقيرات منهن، من إمكانية إجراء الإجهاض الآمن. وحتى في حالة وجود أسس محددة للإجهاض القانوني (مثلما هو الحال في حالات الاغتصاب أو الخوف من تعرض صحة أو حياة المرأة للخطر، وفي حالة وجود عيوب خلقية في الجنين) فإن الحصول على إذن قضائي ليس بالأمر اليسير(51). وتؤثر عدم قانونية الإجهاض أيضًا على جودة الرعاية الصحية مما يؤدي في كثير من الحالات إلى مضاعفات ناتجة عن عمليات الإجهاض التي تتم بصورة غير متقنة (45 – 52).

على أن تحليل الموضوعات القانونية لابد وأن يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أنه من المهم، على سبيل المثال، دراسة العمليات القضائية بغرض تقييم عمق التغيرات النهائية اللازم إدخالها في القوانين، واتجاه تلك التغيرات. وسوف يكون من المفيد استعراض محتوى مشروعات القوانين التي من المتوقع أن تعرض على البرلمانات الوطنية والتي تستهدف إلغاء العقوبات أو فرض المزيد من القيود على الإجهاض، ويجب استكمال تلك الجهود عن طريق تحليل التوجهات السياسية والأيدلوجية الخاصة بالمؤسسات الاجتماعية (مثل الكنيسة الكاثوليكية) والتي تهتم بالتغيرات المقترحة أو يمكن أن تتأثر بها بطريقة مباشرة، وكذلك التحليل السياسي للإصلاحات السياسية المستمرة التي تتم في الوقت الحالي (53 – 57).

ونظرًا للطبيعة الجدلية لهذا الموضوع، هناك حاجة أيضًا إلى دراسة أكثر تفصيلاً عن مدى قبول الإجهاض اجتماعيًا. ومن شأن هذا أن يساعد على فهم المناخ الإيديولوجي الذي يعمل السياسيون أو النشطاء أو كلاهما من خلاله، كما يسهم أيضًا في تقييم المشروعية الاجتماعية للإصلاحات الليبرالية النهائية، والإجابة على التساؤلات التالية: ما هي الحج التي يستخدمها السياسيون والنشطاء للتعريف بمواقفهم فيما يخص مسألة الإجهاض؟ ماذا يعني بالنسبة لهم أن يؤيدوا أو يعارضوا تشريع الإجهاض؟ إلى أي مدى ينظر إلى الإجهاض على أنه حق للمرأة؟ ما هي الأسباب التي تستخدم لجعل الإجهاض مشروعًا من الناحيتين الأخلاقية والاجتماعية؟ (58)

ويمكن اعتبار قياس الرأي العام أحد استراتيجيات تقييم مدى تقبل الإجهاض، وإن كان لم يتم استخدام ذلك إلا في عدد قليل من الدراسات في المنطقة (5 – 9 – 60). وبصفة عامة، فان تصميم استبيانات الرأي كان يتم عن طريق شركات تسويق إجتماعية تفتقر إلى معرفة المشكلات المنهجية المتعلقة بالأمر مما يشكك من مصداقية المعلومات التي تم الحصول عليها.

وتوضع المعلومات المتاحة أن هناك اختلافات حادة ما بين آراء النساء والرجال في المراحل العمرية المختلفة. ويجب توضيح وجود تلك الآراء المتعارضة، فمن ناحية هناك من لا يقبلون بالإجهاض تحت أي ظرف من الظروف، وعلى النقيض منهم من يرون أنه أمر يخص المرأة فقط. وفيما بين هذين الرأيين يبدو وأن الأغلبية تقبل بالإجهاض في موقف أو مواقف بعينها (ومن أكثر المواقف التي تم ذكرها الاغتصاب أو الخوف من تعرض صحة أو حياة المرأة للخطر، أو في حالة وجود عيوب خلقية في الجنين) (59 – 60)

ومن المهم أن نعلم أكثر عن توجهات الأطباء والمحامين وهما أكثر مهنتان مرتبطان بالإجهاض. فالأطباء موكل لهم مسئولية التدخل الإكلينيكي في جميع أوجه الإجهاض، إذ أن خبرتهم العملية تتيح لهم إصدار أحكام بالسماح بالإجهاض أو منعه، وكذلك معالجة المضاعفات الناتجة عنه. وبالنظر إلى أهمية الدور الإكلينيكي، يعد الأطباء من الموارد الرئيسية في إصلاحات ليبرالية يمكن إنتاجها في المنطقة (61 – 26 – 63). وعلى الرغم من أن المحامين يحصلون في العادة على اهتمام أقل من الأطباء في الأبحاث، فإنه غالبًا ما يتم اللجوء إليهم طلبًا للرأي في حالة وجود جدل حول الإجهاض، سواء كان ذلك بصفتهم الشخصية أو عن طريق نقاباتهم المهنية (64).

وأخيرًا، يجب أن يركز البحث على أنواع الخطاب والرسائل والصور الخاصة بالإجهاض التي يتم نقلها عبر وسائل الإعلام. كما يجب أن يبحث هذا التحليل فيما إذا كان هناك موقفًا واضحًا يتخذه رؤساء التحرير إزاء الإجهاض أم إن الموقف الصحفي محايدوموضوعي، وكذلك ما إذا كان يتم توصيل آراء النشطاء من الحركات النسائية والأطباء والمسئولين والمحامين ورجال الدين.

اعتبارات أخيرة :

لتحقيق تقدم جاد في فهمنا لهذا الأمر، هناك حاجة إلى إيجاد استراتيجيات بحثية لمدنا بالمعرفة الجديدة، ويشمل ذلك:

تدعيم البيانات الانثروبولوجية والسوسيولوجية الوفيرة التي تم جمعها حتى الآن.

طرح أطر نظرية ومداخل جديدة مأخوذة من مجالات أخرى، بما في ذلك علوم الديموغرافيا والوبائيات والانثروبولوجيا والاجتماع، وذلك لتوضيح تشابك العوامل الاجتماعية والثقافية التي تحيط بموضوع الإجهاض المتعمد في الثقافات المختلفة وعلى المستويات المختلفة من التحليل (فردي، واجتماعي جزئي، واجتماعي كلي) وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض. ومن أجل تعزيز هذا المدخل الذي يعتمد على الربط ما بين العديد من المجالات العلمية، يجب تشجيع عملية تضمين باحثين من علوم لم تكن مشاركة في هذا المجال إلا في حدود قليلة مثل متخصصين في العلوم السياسية والاتصالات الاجتماعية.

تقليل التباينات فيما يخص المعلومات المتاحة عن دول منطقة أمريكا اللاتينية عن طريق إجراء البحوث الوطنية والمقارنة، إذ يبدو أن هذا التباين في المعلومات لا ينتج عن حجم مشكلة الإجهاض كمشكلة صحة عامة أو عن وضع مسألة الإجهاض في السياسات الصحية لدولة ما، وإنما يمكن شرحه جزئيًا من خلال توضيح مدى دعم الهيئات الدولية لأبحاث الإجهاض والأولوية المعطاة لها في دول تعاني من مشاكل ديموغرافية شديدة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب الإشارة إلى أن بعض الحكومات قد بذلت جهودًا حثيثة لوضع سياسات وبرامج ديموغرافية وصحية لتناول مشكلة الإجهاض المتعمد.

بحث موضوعات لم يسبق بحثها من قبل. إذ إننا على سبيل المثال لا نعرف سوى القليل عن الإجهاض في القطاعات الريفية والطبقة المتوسطة من مجتمعاتنا، وعن الممارسات والتوجهات الخاصة بممارسي المهن الطبية والسياسية، ودور وتوجهات الرجال، والتفاعل ما بين موضوع الإجهاض والصحة والنوع والشئون الجنسية.

تحفيز التحليل المتعمق للأبعاد الأيدلوجية والسياسية الخاصة بالإجهاض المتعمد، خاصة تلك المرتبطة بالتشريع والمناقشات العامة والسياسات الصحية وبرامج التنمية والتي لم تحظ بالقدر الكافي من الاهتمام على الرغم من ضرورتها الملحة (٦٥).

على مدى العقد الماضي، تضمنت العديد من المناظرات الاجتماعية المتنوعة ما بين السياسيين والنشطاء موضوع الإجهاض، كما وضع الموضوع ضمن الاستراتيجيات السياسية لكلا الطرفين. وتعد الحركة النسائية المحرك الرئيسي لهذا الأمر، وان كان الإجهاض قد تجاوز في الوقت الحالي كونه مجرد اهتمامًا نسائيًا ليصبح محل اهتمام المنظمات الدولية والهيئات متعددة الأطراف، بل والعديد من الحكومات أيضًا (٥٤ – 6٦).

وسوف تساهم المعرفة الجديدة في إثراء الاستراتيجيات السياسية لأولئك الساعين إلى جعل قوانين الإجهاض أكثر ليبرالية وتحسين الوضع بالنسبة للصحة العامة المتعلقة بالإجهاض، وتعد تلك أهداف محورية، خاصة بالنسبة للحركات النسائية.

شكر وتقدير

يعد هذا المقال نسخة ملخصة ومحدثة من

del aborto inducido en America Latina un balance parcial y alguna propuestas a sfuturo” Elestudio

تم تقديم هذا البحث في الندوة المعقدة في المكسيك في الفترة من ۱۸ الى ۲۱ نوفمبر ١٩٩٦ تحت اسم

“Seminario Internacional sobre Avances en Salud Reporadvtivo y Sexualidad

ونود تقديم الشكر إلى ماريانا روميرو Mariana Romero وفرانسس بيراري Francia Mereyra من CEDES للمساعدة التي قدمتاها في استعراض الوثائق والمواد، والشكر أيضًا إلى بابلو لاتيس Pablo Lattes على ترجمة هذه الورقة من الأسبانية إلى الإنجليزية والى جويس يوماماتو Joyce Umamoto للمعاونة في تنقيح النسخة الإنجليزية.


1- These include papers on Latin America
presented at seminars and meeting on abortion and
related subjects and in international Family
Planning Perspectives and Reproductive Health
Matters from 1993 to 1996. For this version of the
paper these journals have been reviewed through
1997. Although we did not carry out an exhaustive
review of the published literature, we consider
these meeting and publications representative of
the ongoing academic discussion on the subject.

2- For recent study, see: Johnston HB, Hill KH,
1996, Induced abortion in the developing world:
indirect estimates. International Family Planning
Perspective. 22(3): 108-14.

3- For a recent study, see: Singh S, Sedgh G, 1997.
The relationship of abortion to trends in
contraception and fertility in Brazil, Colombia and
Mexico. International Family Planning
Perspective. 23(1 ):4-14.

4- Zamudio L, Rubiano N, Wartenberg L, 1994.
Representatividad, confibilidad y signification:
problemas practios de la investigacion sobre aborto
inducido. Paper presented at Encuentro de
Investigadores sobre Aborto Inducido en America
Latina y el Caribe. Universidad Externdo de
Colombia, SantafE’ de Bogot? 15-18 November.

5- Kulczycki A, 1996. Demographic research and
abortion policy: the limits to statistics. Socio-
cultural and Political Aspects of Abortion in a
Changing World.
International Union for the Scientific
Population (lUSSP), LiEge.

6- Belsey M, 1989, WHO studies di Study of
differentiating between spontaneous and induced abortions.
Methodological Issues in Abortion Research, P
Coeytaux, A Leonard, E Royston
Population Council, New York. 20(1):5.
induced abortion in six Latin American cOuntries.

7- Singh S, Wulf D, 1994, Estimated levels of
International Family Planning Perspectives. (eds).

8- Chirinos JL, Sobrevilla L, Alcantara E, 1994. El aborto en el Peru: studio epidemiologico hospitalario en las ciudades de lquitos, Piura
Puno. Paper presented at Encuentro Investigadores sobre Aborto Inducido en America Latinayel Caribe Univesidad Externado de Colombia Santafe de Bogota l5-18 November.

9- Singh S, WulfD, 1994. Niveles estimados de aborto inducido en seis Paises latses latinoamericanos. Paper Presented at encuuentro
de Invesigadores sobre Aborto Inducido en America Latina yel Caribe. Universidad
Externado de Colombia, Santafe de Bogota 15-18 November.

10- Abortion: A tabulation 1 of Available datd on the Frequency and mortality of Unsafe Abortion.
WHO/ MCH/ 90. 14. World Health Organization Geneva 1994.

11-There were 4l countries s in Africa, , Asia and Latin Amrica who Gathered national data.

12- Casterlinej 1989. Collecting data on abortion using nationl surveys. Methodological Issues in Abortion Research. F Coeytaux, A Leonerd, E
Royston (eds). Population Council, New York.

13- INOPAL Ptoject, 1992. Reasons for Use of
Family Planning Services in La Paz and El Alto.
Population Council, New York.

14- Huntington D, Mensch B, Miller VC, 1996.
Survey questions for the measurement of induced
abortion. Studies in family Planning. 27(3): 155- 61.

15- Zamudio L, Rubiano N, Wartenberg L, 1994. La incidentro del aborto en Colombia. Paper presented at Encuentro de Investigadores sobre
Aborto Inducido en America Latina y el Caribe. Universidad Externado de Colombia, Santafe de Bogota 15-18 November.

16- Zamudio L, Rubiano N, Wartenberg L, 1994. Representatividad, confiabilidad y significacion; Problemas Practicos de la Invesligacion sobre aborto inducido. Paper presented at Encuentro de Investigadores sobre Aborto inducido en America Latina y el Caribe. Universidad Externado do Colombia, Santafe de Bogota 15-18 November.

17- de Sousa e Silva R, 1994 Incidencia y cacteristicas del aborto inducido en San Paplo. Paper presented at Encuentro do Invesigadores sobre Aborto inducido en America Latina y el Caribe. Universidad Externado de Colombia, Santafe de Bogota 15-18 November

18- Rosenfield A, 1989. Estimating levels of spontaneous abortions. Methological Issues in Abortion Research. F Coeytaux, A Leonard, E Royston (eds).Population Council, New York.

19- Quoted in: Royston E, 1989. Estimating the number of abortion deaths. Methological Issues in Abortion Research. F Coeytaux, A Leonard, E
Royston (eds). Population Council, New York.

20- Darroch Forrest J, 1989. Comments. Methological Issues in Abortion Research. F Coeytaux, A Leonard, E Royston (eds). Population Council, New York.

21- Frejka T, Atkin LC, Toro OL, 1989. Programa de Investigaci? N para la Prevenci?n del Aborto Inducido en Condiciones Riesgosas Sus Consecuencias Adversas en AmErica Latina y el Caribe. Working Paper No 2. Population Council, Mexico,

22- Cardich R, Carrasco F, 1993. Desde las Mujeres. Visiones del Aborto. Nexos antre Sexualidad, Anticoncepci? N y Aborto. Movimiento Manuela Ramos y Population Council, Lima.

23- Llovet JJ, Ramos S, 1988. La Pr? Citia del Aborto en Mujeres de Sectores Populares. Documento CEDES 4. CEDES, Buenos Aires.

24- Amuchastegui A, Rivas Zivy M, 1996. Voces e Historias sobre el Aborto. Population Council, EDANEX, Mexico.

25- Weisner M, 1982. Fecundiad y aborto provocado en mujeres chilenas de sectores populares desde la perspective de la antropologica
mEdica. Enfoques3. 3(3):23-32.

26- Weisner M, 1990. las pr?ctias del aborto en las mujeres de sectores populares. El Aborto Inducido en Chile. M Requena (ed)> Sociedad Chilena de Salud P? blica, Santiago.

27- Weisner M, 1993. Estudios sobre aborto inducido desde la perspective de las ciencias socials. Paper presented at Simposio Nacional Leyes para la Salud y Derechos Reproductivos, Santiago de Chile, September.

28- Ramos S, 1989. Aborto. Cinecia Hoy. 1(1):44-52.

29- Mundigo A, 1993. Health and social aspects of
induced abortion. Paper presented at International
Population Conference, Montreal.

30- Zamudio L, Rubiano N, 1994. Conclusiones y
recomendaciones. Paper presented at Encuentro de
Investigadores sobre Aborto Indocido en America
Latina y el Caribe. Universidad Externado de
Colombia, SantafE de Bogot?, 15-18 November.

31- Browner C, 1979. Abortion Decision making:
some findings from Colombia. Studies in Family
Planning. 10(3):96-106.

32- Paxman JM, Rizo A, Brown L et al, 1993. The clandestine epidemic: the practice of unsafe abortion in Latin America. Studies in Family
Planning. 24(4): 205-26

33- Barbosa R, Arilha M, 1993. La experiencia brasilera con el cytotec. Studies in Family Planning. 24(4):236-40.

34- Allanson S, Asturby J, 1995. The abortion decision: reasons and ambivalence. Journal of Psychosomatic Gynaecology and Obstetrics.
16:123-36.

35- Bal?n J, Ramos S, 1989. La Medicalizaci?n del Comportamiento reproductivo: Un Estudio Exploratorio sobre la Demanda de Anticonceptivos en los Sectores Populares. Documento CEDES 29. CEDES, Buenos Aires.

36- Mundigo A, 1996. The challenge of induced abortion research: trans-disciplinary perspectives. A background paper. Presented at Seminar on
Socio-cultural and Political Aspects of abortion in a Changing World. IUSSP. Kovalam, India, 25-28 March.

37- Fachel Leal I, Lewgoy B, 1995. Pessoa, aborto e contracepco. Corpo e Significado. Ensaios de Antropologia Social. O Fachel Leal (ed). Editora
da Universiade/ UFRGS, Porto Algere.

38- Villa A, 1997. Significados da Reproduco na construco da identidade masculine em setores populares urbanos. Direitos Tardios. Saude
Sexualidade e reproducao na American Latina. A Oliverira da Coasta (ed). Fundacao Carlos Chagas, Editora 34, Sao Paulo.

39- Figueroa Perea JG, 1995. Algunas reflexiones
sobre la participaci?n msculina en los procesos de
salud reproductive. Paper presented at Seminar on
Fertility and the Male Life Cycle in the Era of
Fertility Decliine. IUSSP, Zacatecas, Mexico.

40- Tolbert K, 1994. El aborto: quE papel juegan
los hombres, esposos y companero? Paper
presented at Encuentro de Investigadores sobre
Aborto Inducido en AmErica Latina y el Caribe.
Universidad Externado de Colombia, SantafE de
Bogot?, 15-18 November.

41- Romero M, Lopez Carrillo L, Langer A, 1994.
Determinantes del aborto en adolescents
mexicanas. Paper presented at Encuentro de
Investigadores sobre Aborto Inducido en AmErica
Latina y el Caribe. Unversidad Externado de
Colombia, SantafE de Bogot?, 15-18 November.

42- Beckman Lj, 1983. Communication, power
and the influence of social networks in couple
decisions on fertility. Determinants of Fertility in
Developing Countries. Vol 2: Fertility Regulation
and Institutional Influences. Bulatao RA, Lee RD
(eds). Academic Press, New York.

43- Viladrich A, 1990. La pr? Ctica del aborto:
sectores Sociales y servicios de salud. Cuadernos
Medico Sociales. 53: 51-59.

44- Mazzotti M, Pujol G, Terra C, 1994. Una
Realidad y Maternidad en Mujeres Cat?licas.
Trilce, Montevideo .

45- Ramos S, Viladrich A, 1994. Abortos
hospitalizados: entrada y salida de e,ergencia.
Paper presented at Encuentro de Investigadores
sobre Aborto Inducido en AmErica Latina y el
Caribe. Unversidad Externado de Colombia,
SantafE de Bogot?, 15-18 November.

46- Ginburg F, Rapp R, 1991. The politics of
reproduction. Annual Review of Anthropo logy.
20:311-43.

47- Pescosolido BA, 1992. Beyond rational
choice: the social dymnamics of how people seek
help. American Journal of Sociology. 97(4): 1076-
130.

48- Barring M, Li D, Ramos V et al, 1993. Aproximaciones al aborto. Asociaci?n Asociaci?n SUMBI/Population Council, Lima.

49- L?pez E, Masautis A, 1994. Aborto en el cono urbano de Buenos Aires. Opiniones, evidencias e interrogantes. Paper presented at Encuentro en AmErica Latina y el Caribe. Universidad Externado de Colombia.
Bogot?, 15-18 November.

50- Lamas M, 1997. The feminist movement
and the development of political discourse on
voluntary motherhood in Mixico. Reproductive
vHealth Matters. 10(November):58-97.

51- Nuevas estrategias para abordar el tema de
los derechos reproductivos. Grupo de Informaci?n en Reproducci?n Elegida, Mexico DF, 1995.

52- Langer A, Garc?a Barrios C, Heimburger A et al, 1997. Improving post-abortion care in a public hospital in Oaxaca, Mexico. Reproductive Health Matters. 9(May): 20-28.

53- Nunes FE, Delph YM, 1995. Making abortion law reform happen in Guyana: a
success story. Reproductive Health Matteres. 6(November): 12-23.

54- Nunes FE, Delph YM, 1997. Making abortion law reform work: steps and slips in Guyana. Reproductive Health Matteres. 6(May):66-76.

55- Posada C, 1997. Abortion: a social, legal and juridical debate of the first order in Colombia. Reproductive Health Matteres. 9(May): 147-48.

56- Casas-Becerra L, 1997. Women prosecuted and imprisoned for abortion in Chile. Reproductive Health Matteres. 9(May):29-36.

57- Baltar da Rocha MI, 1996. The abortion issue in Brazil: a study of the debate in Congress. Estudos Feministas, 4(2):505-22.

58- Rance S, 1997. Safe motherhood, unsafe abortion: a reflection on the impact of discourse. Reproductive Health
Matteres. 9(May): l10-19.

59- Pick S, Givaudan M, Fawcett G, 1994. Resultado de tres encuestas nacionales de opini?n sobre el aborto, Mexico 1991-1993. Paper
presented at Encuentro de Investigadores sobre Aborto Indocido en America Latina y el Caribe. Universidad Externado de Colombia, SantafE de Bogot?, 15-18 November.

60- Weisner M et al, 1994. Algunos resultados de
al encuesta sobre opinions acerca del aborto

clandestine realizada por el Instituto Alan
Guttmacher en Brasil, Chile, Colombia, MWxico,
Per? Rep? blica Dominicana. Paper presented at
Encuentro de Investigadores sobre Aborto
Indocido en America Latina y el Caribe.
Universidad Externado de Colombia, SantafE de
Bogot?, 15-18 November.

61- Medina J et al, 1980. Encuesta de actitudes
sobre el aborto y su IEgislaci?n. Revista
Colombiana. 31:14-22.

62- Elu M del C, 1994. El personal de salud ante el
aborto: valores y contraindicaciones. Paper
presented at Encuentro de Investigadores sobre
Aborto Indocido en America Latina y el Caribe.
Universidad Externado de Colombia, SantafE de
Bogot?, 15-18 November.

63- Kennedy M, 1994. El aborto: enfogue
psicosocialy y de salud p/blica. Centro de
Estudios de la Mujer, la Paz. (Unpublished)

64- GutiErrez MA, Gogna M, Ramos S, 1996. Hacia nuevas formas de relaci?n entre la sociedad civil y el Estado: La experiencia de
Mujeres Autoconvocadas para Decidir en Liberated, Argentina. Paper presented at Seminario Salud Reproductiva en AmErica Latina: Temas y Problemas. Organised by ABEP/NEPO-UNICAMP/PROLAP, Caxambu, Barzil. 4-7 October.

65- Azize-Vargas Y, AviLEs LA, 1997. Abortion
in Puerto Rico: the limits of colonial legality.
Reproductive Health Matteres.9(May):65-65.
66- Bellucci M, 1997. Women’s struggle to decide
about their own bodies: abortion and sexual rights
in Argentina. Reproductive Health Matteres.
10(November):99-106

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي