التاريخ شرق وجنوب وجنوب شرق آسيا

التصنيفات: غير مصنف

المنهجيات والمنظومات والمصادر

لدراسة النساء والثقافات الإسلامية

المداخلات في الأفرع المعرفية

التاريخ

شرق وجنوب وجنوب شرق آسيا

يعطي هذا المقال فكرة عامة عن المصادر والمنهجيات المستخدمة في دراسة تاريخ النساء في المجتمعات المسلمة في منطقة جنوب شرق وجنوب آسيا، التي تعد أكبر تجمع للنساء المسلمات خارج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسيتم الإشارة أيضًا إلى تاريخ النساء المسلمات في الصين. وكما سيتضح فيما يلي، لم يكن التاريخ هو الفرع المعرفي الأساسي لمن قاموا بأبحاث عن النساء المسلمات في تلك المناطق، وإن كانت هناك كتابات عديدة في الأفرع الأخرى تمنح تلك الأبحاث سياقها التاريخي.

وإلى الآن لم يحدث أن دار جدل كبير ومباشر عن مفهوم المرأة المسلمةولم يبحث أحد في معنى الزمن (وهو عنصر حيوي في أية دراسة تاريخية)، وهما مسألتان ضروريتان للتوصل إلى فهم أعمق لتاريخ النساء في المجتمعات المسلمة، وخاصة لمن يعيشون خارج قلب مناطق الإسلام. لقد التقى الإسلام في جنوب شرق وجنوب آسيا وفي الصين بمعتقدات محلية متأصلة ومركبه تختلف تمامًا عن تلك الموجودة في الشرق الأوسط، ولم تتلاش تلك المعتقدات تمامًا بعد اعتناق الإسلام. وهكذا فإن مفهوم المرأة المسلمة كان لابد أن تتم صياغته وتكوينه في هذه المجتمعات التي أصبح فيها الإسلام هو العقيدة الرئيسية، وقد اختلفت هذه الصياغة وفقًا للمكان والثقافة والزمان.

إن مفهوم الزمن مفهوم أساسي، ولكن نادرًا ما تم تحليله أو استكشافه. إن الله والزمن في الإسلام شيء واحد غير مخلوق وغير متناه، ولابد أن تتم كل الأفعال الإنسانية في هذا السياق. ولكن مفهوم الزمن في مجتمعات جنوب وجنوب شرق آسيا والصين مختلف، حيث تفهم مجتمعات جنوب وجنوب شرق آسيا الزمن على أنه سلسلة من الدورات المتكررة التي تنتقل من الكمال إلى التدهور، يسعى فيها الحاضر إلى استعادة بعض أمجاد الماضي الذهبي. والظروف في العصور غير الذهبية لا تسمح بتحقيق الكمال ولكن من الممكن الاجتهاد لإحداث تحسينات. أما مفهوم المسلمين عن الماضي فيختلف تمامًا، فهم يعتبرون الفترة السابقة على الإسلام فترة جهل وجاهلية ويعتبرون أن الكمال أصبح متاحًا فقط لمن اعتنقوا الرسالة الجديدة التي أتى بها النبي محمد (ص). والمهمة الأساسية للحاكم المسلم هي تهيئة الظروف ليحيا الناس وفقًا لتعاليم القرآن، وفي داخل هذا الإطار يلتقي الزمن الذي خلقه الله بالأعمار الإنسانية. تلك هي النظرية، ولكن عند التطبيق لم يحدث هذا إلا في النادر وإن ظل هو مثال الزعيم المسلم.

تتجلى قيم الإسلام الضرورية للحياة الاجتماعية في الشريعة، ولكن تفسير وتطبيق الشريعة لابد وأن يعبر عنه في إطار الزمن الإنساني، أي لابد أن يكون محددًا بزمان ومكان (للمزيد أنظري / أنظر M. B. Hooker 2003 ). والشريعة هي التي توضح المكانة الاجتماعية والواجبات والحقوق والحدود القانونية بالنسبة للنساء. والصورة الجماهيرية للإسلام في كثير من المجتمعات الإسلامية مقترنة بمظهر وسلوك النساء خارج المنزل M. B. Hooker 2003, 155))، فلابد إذن أن يهتم أي فهم للمرأة المسلمةسواء باعتبارها فئة تصنيفية أو أفرادًا بتطبيقات الشريعة عليهن، ولابد أن يكون محددًا في الزمان والمكان.

كيف أثرت هذه الخلفية الفكرية على البحث التاريخي عن النساء المسلمات؟ على سبيل الإجابة عن هذا السؤال سوف نتحدث أولاً عن مجموعة المنهجيات والمقاربات التي استخدمها الباحثون والباحثات. وبعد ذلك سوف نتناول موضوع المصادر، ثم سنختتم ببعض الأمثلة عن كيف يقوم بعض المسلمين والمسلمات بإعادة قراءة المصادر القديمة وإعادة تصور سياقها التاريخي في سبيل فهم أفضل لما تذكره عن النساء.

 

من نماذج الدراسات عن تاريخ النساء في المجتمعات المسلمة كتاب أكسفورد في تاريخ الإسلام (The Oxford History of Islam) (Esposito 1999)، وهناك أيضًا كتاب كيمبردج في تاريخ الإسلام (The Cambridge History of Islam) الذي صدر قبل كتاب أكسفورد (صدر لأول مرة في ۱۹۷۰م)، والذي يتضمن بعض الإشارات القليلة جدًا عن تاريخ النساء المسلمات.

ويركز كل من هذين العملين الموثوق بهما على الإسلام كديانة وكمنظومة فكرية، ويستخدمان التاريخ السياسي كمنهج رئيسي للعرض. ولا تتناول هذه الأعمال موضوع النساء إلا بشكل عابر لتوضيح اتجاهات المصلحين المصريين والأتراك إزاء التعليم والحداثة، أي تتم دراسة النساء لا من منطلق تاريخهن ولكن من حيث دورهن في برامج الإصلاح الاجتماعي. وبالنسبة للصين نجد الوصف التالي للموقف: “يبدو أن ما كتب عن الخيل التي كان يملكها ويمتطيها المسلمون بكل زهو أكثر مما كتب عن النساء المسلمات” (Pillsbury 1978, 657).

لقد تناولت باربرا آندايا حالة تاريخ النساء في جنوب شرق آسيا عامة وفسرت قلة الأبحاث بأنها ترجع إلى تركيز ما بعد الكولونيالية على تحليل النزعة القومية والتطور الاقتصادي على حساب الموضوعات الأخرى (B. W. Andaya 2000b, 1- 2). وردًا على تواريخ الحركات القومية التي تركز على الرجال، ذكر المؤرخون والمؤرخات بعض الحكايات عن إسهامات النساء في بناء الدولة ولكن معظمها كان داخل الإطار الوطني (مثلاً: Taylor 1997, Hefner and Horvatich 1997 ). وتقول باربرا آندايا إنه أثناء انشغال المؤرخين بمفاهيم الدولة أدركت الباحثات النسويات في السبعينات الحاجة إلى المزيد من الأبحاث عن النساء ولكنهن حددن القضايا الاجتماعية كمجال أساسي للأبحاث (Andaya 2000b, 3). وقد ركزت العلوم الاجتماعية ودراسات التنمية والاجتماع والأنثروبولوجيا اهتمامها على قضايا المنهجية أكثر من العلوم الأخرى.

وقد تضمنت بعض كتب التاريخ السياسي وصفًا لظهور المنظمات النسائية ومنها مجموعات النساء المسلمات، ولكن يتم تقديم إسهامات النساء في سياق التطور السياسي (مثلاً: Manderson 1980 ). ومع هذا هناك بعض الاستثناءات مثل بعض الرسائل الجامعية في الآونة الأخيرة وبعض الدراسات التي لم تنشر بعد عن نشاط النساء المسلمات في إندونيسيا. ويتم عادة استخدام مقاربة تقوم على المزج بين الدراسات النسائية والتاريخ أو بينها وبين العلوم السياسية.

لقد زاد الاهتمام بدراسات الجندر ونال مفهوم الجندر في جنوب وجنوب شرق آسيا قدرًا من الاهتمام (Atkinson and Errington 1990, Ong and Peletz 1995, Sears 1996). وعندما تقوم بعض مجتمعات جنوب شرق آسيا بتصنيف فئات الجندر نجدها تشير إلى أربعة أنواع (أنظري، أنظر مثلاً L. Y. Andaya 2000, 27 )، بينما لا يعترف الإسلام سوى بنوعين هما الذكر والأنثى. لم تتم دراسة تأثير الإسلام على مفاهيم الجندر بالقدر الكافي، وقد شاركت باربارا آندايا في مشروع لتشجيع قيام المزيد من الأبحاث عن العلاقات بين الجنسين فى جنوب شرق آسيا ولتحليل الكيفية التي تم بها تكوين مفهوم الأنوثة ثقافيًا وبل والتعرف على قدر أكبر من الوعي بالمقارنات التي يمكن عقدها فيما يتعلق بكيفية تكوين مفهوم الذكورة ثقافيًا” (B. W. Andaya 2000b, 9).

لقد تم ربط الاهتمام بكتابة تاريخ النساء بالمنهجيات الجديدة في قراءة المصادر بأساليب لم يقصد أن تقرأ بها وذلك لاستخراج أكبر كم من المعلومات التاريخية. وهكذا فإن الشعر والقوانين والكتابات ونصوص التشريع للأسر الحاكمة والملاحم السردية كلها تمت قراءتها بتمعن لاستخراج كل المعلومات التي يمكن استخراجها عن النساء (أنظري/ أنظر لاحقًا الجزء الخاص بالمصادر). لقد تطور الاهتمام العام بالإمكانيات التي تتيحها ما بعد البنيوية كمنهج لتحليل التاريخ والثقافات والمجتمعات في جنوب وجنوب شرق آسيا بنفس الطريقة التي تم وصفها بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبينما كانت مصطلحات مثل الجندروالمرأةمقبولة كمفاهيم يتم العمل من خلالها، بدأ أتباع ما بعد البنيوية في طرح الأسئلة عن معنى وفائدة هذه المصطلحات وقاموا بتقديم مفهوم خاص عن البناءلتوضيح الجوانب الإشكالية والمصطنعة في المؤسسات الثقافية.

وبالنسبة للمؤرخات والمؤرخين المهتمين بعلاقات القوى بين الجنسين، شكلت أعمال الفيلسوف ميشيل فوكو حافزًا على تحليل النصوص كمواقع للذاتوللآخروأيضًا كأنظمة للسلطة والحقيقة” (Hekman 1990, 19) يمكن من خلالها الشك في كل شيء على اعتبار أنه مجرد بناء“. وقامت الدارسات النسويات بتطوير نظريات جاك ديريدا عن الاختلاف (خصوصًا كما يظهر من خلال المعاني في اللغة) على اعتبار أنها أنجح وأقدر على فهم الأنوثة والذكورة، فبدلاً من اعتبار المفهومين متضادين، شجعت المقاربة التي قدمها ديريدا الباحثات على البحث عن أشكال متعددة للعلاقات وعلى توسيع العلاقات الممكنة بينهما وزيادة درجات الارتباط (Culler 1979, 171, Scott 1990, 136).

تظهر إمكانية استخدام ما بعد البنيوية كمنهج لكتابة تاريخ النساء في أدب الملايو التقليدي في مقالة فاين (Fane 1993) والتي تستنتج فيها أنه حتى في حالة النصوص المسايرة للأعراف والمكتوبة بأيدي كتاب رجال يمكن إبعاد النصوص عن المركز بعض الشيء لإتاحة رؤية النساء داخل علاقات ومواقف متعددة. ومثلما كانت النساء أمهات وبنات وزوجات، كن أيضًا حاكمات وسياسيات ومستشارات واقتصاديات وضحايا في نظام السلطة الأبوية” (Fane 1993, 106). ولم تظهر حتى الآن دراسة وافية تركز بشكل أساسي على النساء المسلمات باستخدام هذه المقاربة.

ونجد في كتاب حسن (Hasan 1994) مقالات قوية عن دراسات الجندر باعتبارها مقاربة يمكن استخدامها لدراسة قضايا النساء ومن بينهن النساء المسلمات في المجتمع الهندي. ومما دعم كتابة تاريخ جنوب آسيا في العقد السابق صدور كتابين بالغي الأهمية في عام ۱۹۸۲م، حيث تقول باربرا ميتكالف في دراستها المشوقة عن حركة الديوباند في شمال الهند أن تاريخ المسلمين في جنوب آسيا قد تم إغفاله ولكنه شديد الأهمية لفهم تاريخ الهند (Metcalf 1982, 7). وفي نفس العام ظهر أول مجلد من سلسلة مؤلفة من عدة مجلدات عن دراسات التبعية: كتابات عن تاريخ ومجتمع جنوب آسيا (Subaltern Studies: Writings on South Asian History and Society)، وأعلنت هذه الدراسة عن هدفها ألا وهو تعزيز قيام نقاش منظم مليء بالمعلومات عن قضايا ومواضيع التبعية والتابعين في دراسات جنوب آسيا، وبذلك تساعد على تصحيح التحيز إلى النخبة والذي اتسمت به الأبحاث والأعمال الأكاديمية في هذا المجال بالذات” (Guha 1982, vii). وعلى الرغم من أن تاريخ النساء تم تقديمه على أنه مقابل لتاريخ النخبة في الهند، إلا أنه سريعًا ما تم إدراك أن النساء (بغض النظر عن مكانتهن الاجتماعية) هن تابعات أيضًا، وأن هذه المقاربة في كتابة التاريخ وتحليل المجتمعات وأيديولوجياتها من الممكن أن تكون منهجًا قويًا في قيام تأريخ جديد للنساء. وقد تطلب الأمر عقدًا آخر من الزمان لدمج دعوة ميتكالف إلى قيام المزيد من الدراسات في تاريخ المسلمين، ومطلب جوها بأن يتم التركيز على التابعين والتابعات، وذلك في البحوث التي تتناول تاريخ النساء المسلمات في الهند.

وفي منتصف التسعينات نشرت سونيا أمين دراستها عن نساء الطبقة المتوسطة في البنغال خلال فترة التحول الهامة بين الحقبة الكولونيالية المتأخرة والحرب العالمية الثانية (Sonia Amin 1996). وقد قامت بتسجيل التغيرات التي طرأت على أسر الطبقة الوسطى من المسلمين أثناء قيام المهنيين الذين يتلقون رواتب بتحديث أسرهم ونظرتهم لأدوار زوجاتهم وبناتهم، حيث زادت بعدها فرص تعليم البنات خارج المنزل وأيضًا فرص التعليم العالي للبنات، كما بدأت نساء كثيرات من الطبقة الوسطى في الكتابة الأدبية وغير الأدبية. وتوضح سونيا أمين أنهن يكشفن عن تغير ملموس في التفكير أصبح واضحًا بحلول العشرينات من القرن الماضي، فقد شهدت هذه الصحوةنشأة مدارس للبنات ونوادي وجمعيات للنساء المسلمات، كما شهدت أيضًا الاعتراف بحدوث تغير اجتماعي كبير. وقد ارتبط بهذه التغيرات ارتباطًا وثيقًا التحول من النظام الأبوي داخل المنزل إلى النظام الأبوي خارجه حيث استمر الرجال في الهيمنة على الأنشطة المهنية.

وقد أنتجت غيل مينولت (Gail Minault) مجموعة من الكتابات اعتمدت فيها على قراءاتها المدققة لكتابات النساء الهنديات المسلمات من القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين. أن كتابها عن الدارسات المنعزلات (Secluded Scholars) ينطلق بنظرته من داخل المنزل إلى العالم خارج المنزل، ويتتبع التغيرات في الطلب على التعليم المدرسي ثم التعليم العالي، وتعتد المؤلفة فيه على أبحاثها السابقة وتتوسع فيها. إن الفصل الذي يتضمن مقدمة الدراسة وعنوانه تصوير الخفاء: الاستراتيجيات والمصادر والأجياليعتبر مسحًا خاليًا من العيوب لحالة التأريخ الذي يركز على النساء (وأشياء أخرى كثيرة) بالنسبة للنساء الهنديات المسلمات (Minault 1998, 1- 13).

إن باربرا آندايا واحدة من المؤرخين القلائل لجنوب شرق آسيا الذين اهتموا بالدراسة التاريخية المطولة لعلاقات الجندر في المنطقة ما بين عام 1500 وعام ۱۸۰۰م. وعلى الرغم من أن آندايا لم تنته بعدمن دراستها كاملة، إلا أنها نشرت مقالاً يبحث تأثير الإسلام على وضع النساء في جنوب شرق آسيا، وقد أخذت آندايا فكرة الداخل والخارج أو الخاص والعام (التي اعتبرتها سونيا أمين أيضًا هامة في البنغال في بداية القرن العشرين) وتركز على فترة أسبق بكثير لتدرس التفاعل بين الجندر والتغيرات السياسية الثقافية، وخصوصًا نشأة الدول الإسلامية (B. W. Andaya 2000c, 232 – 233). ويشير بحثها الدقيق إلى أن الصلة بين نساء الطبقات الاجتماعية العليا وبين الاستتار أو الاحتجاب هي صلة سبقت الدخول في الإسلام، ولكن الممالك الإسلامية احتوت عادات الاحتجاب التي كانت موجودة بالفعل ودعتها. وفي نفس الوقت الذي تحذر فيه من التعميم فإنها تستنتج أن بعض الأفكار عن الكيفية التي يجب أن تنصرف وفقًا لها السيدات الطيبات كانت مرتبطة بتقسيم الدرجات الاجتماعية الذي صاحب ظهور الدولة. وقد ألقت هذه المفاهيم بظلالها” (B. W. Andaya 2000a, 24).

توكد كتب التاريخ المنشورة عن المسلمين في الصين على الأساليب التي ابتكرها المسلمون ليحافظوا على وجودهم كأقليات عرقية وثقافية ودينية في مواجهة التفرقة والاضطهاد اللذين زادا منذ بداية القرن التاسع عشر (Israeli 1978, Gladney 1991). وهنالك دلائل قليلة جدًا على حياة النساء المسلمات في الصين قبل القرن العشرين، ولكن الإشارات الواردة عن الرحالة الأجانب وممارسات تلك الفترة تشير إلى عدم عزلهم وأنه كان هناك بالفعل فصل بين الجنسين أثناء الطقوس، وهو ما يظهر في وجود مساجد خاصة بالنساء في المدن التي كان يوجد بها عدد غير قليل من السكان المسلمين (Pillsbury 1978, 658). وكانت المعلمات الدينيات يقمن بتعليم النساء مبادئ الإسلام باللغة العربية وكان يتوقع أن تقوم النساء بتربية أطفالهن وفقًا للقواعد الدينية. وعلى الرغم من وجود حدود فاصلة أثناء الطقوس بين الرجال المسلمين والنساء الغريبات عنهم، إلا أن الفواصل الأكبر كانت تلك التي تفرق المسلمات عن غير المسلمين. فكما هو الحال بالنسبة للمسلمين في مجتمعات الأقليات في جنوب تايلاند يكون الخوف نابعًا من أن يؤدي الاختلاط الاجتماعي مع غير المسلمين إلى الاتصال بالأطعمة النجسةوخصوصًا لحم الخنزير. وتربط دراسة غلادني الأنثروبولوجية لجماعة عرقية من المسلمين في الصين (الهوي) هذا الخوف من التلوث عن طريق الأطعمة النجسة بقضية القومية العرقية والهوية (Gladney 1991).

تغلب على طبيعة دراسات النساء في جنوب شرق آسيا ومن ضمنها تلك التي كتبها مؤرخون ومؤرخات أنها محدودة وتركز على جزئية معينة. وقد اتخذت معظم الأبحاث المنشورة شكل مقالات شارك فيها مجموعة من الكتاب، ولكن لا تزال الكتب الكاملة نادرة. أما الدراسات عن النساء المسلمات التي تستند إلى مصادر تاريخية والتي كتبها كاتب واحد فهي أكثر ندرة. وبينما يمكن تعليل استخدام مقاربة دراسة الحالةفي الدراسات عن الفترات المبكرة على إنها ترجع إلى قلة مصادر المعلومات عن الفترات السابقة على القرن التاسع عشر، إلا أنه لا يوجد تفسير لاستخدام نفس المقاربة في دراسة الفترة الحديثة والمعاصرة. وتواجه النساء المسلمات في منطقة جنوب شرق وجنوب آسيا الراغبات في القيام بأبحاث صعوبة بالغة في العثور على الدعم المادي الذي يحتجن إليه للتفرغ الكامل للكتابة. ومن المفارقة أن أفضل الفرص غالبًا ما تأتي من منح دراسية ومالية للعمل والدراسة في المراكز الأجنبية التي توفر لهن التمويل الذي يحتجن إليه لدراسة مجتمعاتهن.

 

فترة ما قبل العصر الحديث (من القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر): نصوص محلية. لا يجد المؤرخون والمؤرخات الذين يستخدمون هذه المصادر سوى إشارات متناثرة إلى النساء، حتى أنهم يأخذون المادة حيثما يجدونها. وتعتبر نوعية المصدر ذات أهمية ثانوية، فهم يستخدمون الشعر والنثر والكتابات الدينية وأخبار المحاكم والقوانين لجمع المعلومات عن حياة النساء، ومن بينهن النساء المسلمات قبل القرن التاسع عشر. وفي جنوب شرق آسيا كانت لغة الملايو هي لغة الإسلام وكانت النصوص العربية تدرس عن طريقها أو عن طريق اللغة الجاوية في بعض الأحيان. ويعطى كتاب كومار وماكغلين نظره عامة واسعة النطاق على تراث المخطوطات في مجموعة الجزر الإندونيسية (Kumar and McGlynn 1996)، ومن بين دراسات تصوير النساء المسلمات في الكتابات السابقة على العصر الحديث توجد كتابات لكل من كومار (Kumar 1980, 2000) وفاين (Fane 1993) وهاشم (Hashim 2000) وآندايا (B. W. Andaya 2000c) ويوهان (Johan 1999). كما نجد أن دراسة ريكلفس (Ricklefs 1998) استخدمت نصوص المحاكم في وسط جاوه (المذكورة في قائمة مراجع خاصة) لتوضيح إنجازات عدد من النبيلات الجاويات كن على دراية كبيرة بجوانب متعددة من الإسلام.

فترة ما قبل العصر الحديث (القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر): نصوص غير محلية. تحتوي الأرشيفات الأوروبية على مجموعات من السجلات متفاوتة الثراء تصف اللقاءات التي تمت مع شعوب جنوب شرق آسيا قبل عهد الاستعمار. لقد ترك المستكشفون والرحالة والتجار البرتغاليون والأسبان والهولنديون والبريطانيون والفرنسيون والألمان والإسكندنافيون حكايات عن انطباعاتهم، يضم بعضها مادة عن النساء المسلمات. وهناك دراسة رئيسية قامت باستخدام هذه المادة بالإضافة إلى نصوص محلية وهي دراسة ريد (Reid 1988, 1993). وتقدم باربرا آندايا تحليلاً أكثر تركيزًا على العلاقة بين الإسلام ووضع النساء وظهور الدولة في جنوب شرق آسيا، كما تصف دراسة هامبلي حياة النساء المحيطات بالحاكم بابور (١٤٨٣ ١٥٣٠م) أثناء حكمه شمال الهند ووسط آسيا (Hambly 2002).

القرن التاسع عشر: نصوص محلية. بداية من القرن التاسع عشر تتحسن معرفتنا بالمصادر المحلية بشكل كبير نتيجة للحفاظ على النصوص بشكل أفضل في المجموعات المحلية والأوروبية. وقد استخدمت دراسة فلوريدا (Florida 1966) مخطوطات من المجموعات الملكية في وسط جاوه لتحليل العلاقات الجنسية النشطة بين الرجال المسلمين والنساء المسلمات التي تم وصفها بمنتهى الصراحة في نوع من الشعر مخصص لموضوعات متعلقة بالتصوف الإسلامي.

ويضم عدد خاص من دورية مجلة الشؤون الإندونيسية والماليزية (Review of Indonesian and Malaysian Mukherjee 1997) Affairs) دراسات دقيقة عن النساء المسلمات في عالم ماليزيا وإندونيسيا، تستخدم فيها نصوص محلية من منتصف القرن التاسع عشر حتى نهاية القرن العشرين. وتصف كلمة المحرر هذا العدد على أنه ليس تدريبًا نظريًا ولكنه تدريب تجريبيوهو الوصف الذي يمكن أن ينطبق على كثير من الأبحاث التاريخية عن النساء المسلمات في جنوب شرق وجنوب آسيا.

القرن العشرون. يتمتع الباحثون والباحثات في تاريخ نساء القرن العشرين المسلمات بفيض من المواد المطبوعة مثل الدوريات المحلية والصحف والكتب والمذكرات المنشورة وتقارير الأجانب الذين يرجع أكثرهم لفترة الاستعمار والذين كانوا إما إداريين أو من المراقبين المهتمين. ومع زيادة أعداد الجامعيات في جنوب شرق وجنوب آسيا والصين نطمئن إلى أن تاريخ النساء المسلمات في النهاية سوف تحكيه النساء المسلمات أنفسهن. كما تدعم أيضًا الجامعات الإسلامية التي يذهب إليها الكثير من النساء المسلمات البحث في مجالات مثل التسهيلات الائتمانية للنساء، وتأثير النساء العاملات على الأطفال والطلاق والحقوق الإنجابية للنساء، وأيضًا علامات الهوية مثل اختيار الزي. وتوفر هيئات التمويل الدولية، مثل مؤسسة فورد، التمويل للمشاريع التي تعمل على تمكين النساء، كما أن التقارير البحثية التي جعلتها مؤسسة فورد متاحة للجمهور سوف تشكل مصادر ممتازة لكتابة التاريخ المعاصر.

كما يوجد أيضًا نوع جديد من الأدبيات المسلمة يقوم بالربط بين القرنين التاسع عشر والقرن العشرين، وهي كتابات تم إنتاجها محليًا لمساعدة النساء وأزواجهن على التمتع بحياة متدينة وعصرية. وتؤكد ميتكالف (Metcalf 1990) على التأثير الواسع لكتيب تعليمي مثل كتاب الزخارف الفردوسية (Bihishti Zewar) الصادر باللغة الأردية في أوائل القرن العشرين لمولانا أشرف على ثناوي (١٨٦٤ ١٩٤٣م) وهو زعيم من حركة ديوباندي الإصلاحية في شمال الهند. وتعلق ميتكالف قائلة إن مثل هذه الأعمال تكمن وراء التغير الاجتماعي والسياسي الكبير” (Metcalf 1990, 5). وقد انتقل هذا الكتيب إلى المجتمعات المسلمة في جنوب شرق آسيا وبريطانيا وأوروبا عن طريق جماعات التبليغ“. وهناك نص تعليمي مشابه لتحديث المسلمين في عالم الملايو وإندونسي هو حكاية فريدة هائم بقلم الكاتب والصحفي سيد سيخ الهادي (۱۸٦٧ – 1934م)، وصدر في مجلدين في الفترة ١٩٢٥ – ١٩٢٦م ثم ظهر بعد ذلك في طبعات جديدة لعدد غير محدود من المرات، وهو يقدم مثالاً (روائيًا) قويًا لامرأة مسلمة صاحبة عقيدة رفيعة تلقت تعليمها في الغرب ثم أصبحت زوجة نموذجية وإحدى العاملات من أجل الإصلاح الإسلامي (أنظري/ أنظر V. M. Hooker 2000, chap.1 ). وتقدم كل من سونيا أمين (Sonia Amin 1966) وغيل مينولت (Gail Minault 1998) دراسات متعمقة لعوالم التغير التي تبنتها النساء المسلمات في جنوب آسيا. وقد اعتمدتا على دوريات من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وعلى الجرائد والأدب والسير. ولكن لم تظهر دراسات متعمقة مشابهة لذلك عن النساء المسلمات في عالم الملايو وإندونيسيا.

ترجع بدايات الدراسات التاريخية عن النساء المسلمات عادة إلى أواخر القرن التاسع عشر، وعادة ما تأخذ شكل السير التي تبرز إنجازات الرائدات اللاتي أصبحن قدوه لنصيرات الحداثة الإسلامية، من أمثال الأرستقراطية الجاوية الشابة كارتيني (١٨٧٩ ١٩٠٤م) التي أنشأت مدارس مهنية لبنات إقليمها (Cote 1995).ويظل كتاب فريدي دي ستيورز (Vreede -de Stuers) المنشور في ١٩٦٠م بمثابة التفسير الأساسي لفترة ما قبل الحرب بلا منافس، وهو كتاب عبارة عن تاريخ عام للحركات النسائية في إندونيسيا أثناء فترة الاستعمار، ويضم روايات عن رائدات تعليم النساء المسلمات. ويجرى الآن إعداد كتاب تاريخي أكثر تفصيلاً عن حركة عائشيةأو الجناح النسائي من حركة الإصلاح الإندونيسية المعروفة باسم الحركة المحمدية، وذلك في شكل رسالة دكتوراه (White 2003). أما كتاب برهان الدين (Burhanudin 2002) فيقدم بطريقة مجدده السير التاريخية للعلماءمن النساء الإندونيسيات (ولقب العلماءعادة ما يقتصر على الرجال).

وقد جاءت معظم الدراسات عن إندونيسيا، التي تضم أو تركز بشكل خاص على النساء المسلمات، مكتوبة بأقلام علماء الأنثروبولوجيا أو علماء الاجتماع. والآن هناك كتابات كثيرة تعتمد على الدراسات الميدانية والمقابلات الشخصية، كما يقدم الكثير من الكتاب خلفية تاريخية لدراساتهم. وقد شهدت حقبة التسعينات في شبه جزيرة الملايو نشر تحليلات ممتازة عن المجتمعات المحلية، ففي دراستها لجماعة في منطقة نيجيري سمبيلان، وهي إحدى مقاطعات شبه الجزيرة ينسب فيها الفرد إلى أمه، يتم بحث اللقاء التاريخيبين النسب الأموميوبين الحداثةباستخدام النظرية النسوية. وفي محاولتها التفسير العلاقات المركبة بين الجندر والتحولات الزراعية تؤكد الكاتبة الخصوصية التاريخية لدراسة الحالة التي تقوم بها، كما تستخدم اصطلاح إعادة التشكيل الثقافيلوصف عمليات التغير المركبة في منطقتها (Stivens 1996, 2- 7). وقد اختار بيليتز (Peletz) أيضًا مقاطعة نيجيري سمبيلان لدراسته لصور الجندر بالنسبة للرجال والنساء، كما قام بإعادة بناء تاريخ القرن التاسع عشر في سبيل فهم صلات القرابة المعقدة وعلاقات الجندر القائمة الآن في نيجيري سمبيلان، وذلك ليوضح أن نظام الزواج والمصاهرة كان يركز على تبادل الرجالولكن النظام السياسي المحلي اعتمد على تبادل النساء (عن طريق الزواج) وكان يتم التعبير عنه من خلال خطاب رسمي إسلامي عن الجندر (Peletz 1996, 309). ويؤكد الفصل الختامي في كتابه (ضمن أشياء أخرى عديدة) على القيمة الإنتاجية لمفهوم الازدواجية من أجل فهم أيديولوجيات الجندر والقرابة، كما نجد في نهاية الفصل مقارنة بين الأفكار الإسلامية الواضحة في العديد من مجتمعات جنوب شرق آسيا وبين البدو. وهذه الدراسة المشوقة والواسعة تدعمها قائمة مراجع تمثل أداة بحثية قوية للمؤرخات والمؤرخين وللمتخصصين في الأنثروبولوجيا على حد سواء.

ويحتوي تاريخ الأقليات المسلمة أيضًا على مادة قيمة عن النساء المسلمات، على الرغم من أن نقطة التركيز في مثل هذه الأعمال لا تكون منصبة عادة على النساء. فعلى سبيل المثال نصف موبيني كيشيه (Mobini- Kesheh 1999) فترة الصحوةفي المجتمع الحضرمي في إندونيسيا في الفترة السابقة على الحرب العالمية الثانية. فقد تم تأسيس جناح نسائي لحركة التحديث الحضرمية في الثلاثينات سميت بحركة الإرشادلتشجيع التعليم الحديث بين النساء الحضرميات وكانت النساء تدعمن قضيتهن بذكر الحديث الشريف الذي يقول أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة (Mobini- Kesheh 1999, 83). وتقدم سيابنو (Siapno 1994) سياقًا تاريخًا لتجارب النساء المسلمات في جنوب الفلبين حيث كانت مقاومة الحكم المتمركز في مدينة مانيلا المسيحية غالبًا ما يتم التعبير عنها عن طريق الإسلام.

وعقب تأسيس جمهورية الصين الشعبية أصبح من الصعب الحصول عن معلومات من المصادر نفسها عن النساء المسلمات اللاتي بقين في الأراضي الرئيسية الصينية. وكان معلومًا أن كل الأطفال المسلمين لابد وأن يلتحقوا بالمدارس العادية وأن التعليم الديني كان لا يجري في المساجد ولكن في المنازل بعد ساعات العمل والدراسة. أما بالنسبة لتايوان فيمكن القيام بالأبحاث عن طريق المقابلات الشخصية. وقد أدخل التحديث السريع لتايوان تغيرات كبرى واضحة على حياة النساء المسلمات (انظري/ انظر Pillsbury 1978, 567 – 573 ).

منذ أواخر التسعينات والدراسات التي تتناول النساء المسلمات تختبر الحدود التقليدية التي وضعها التخصص والمنهج، فعلى سبيل المثال تستخدم الأبحاث في التاريخ القريب للنساء المسلمات في الهند أسلوب المنظر الرمزيللعمارة الإسلامية – المدارس الدينية ومساجد النساء – باعتباره توثيقًا بصريًا قويًا للتحديات الموجهة إلى تركيز الإسلام على الرجال” (Jaschok and Shui 2000, 5). وتم استخدام وجود مساجد النساء لتتبع الوجود القوي للنساء في التدريس وفي تنظيم الإسلام في الصين، كما تم توظيف السير الشفاهية كتب التاريخ القانوني والاقتصادي لتدعيم الأدلة الوثائقية الضئيلة. وتم إعطاء سياق تاريخي للدراسة عن طريق وضع قيمة المنفعة المتعددة التي منحت الزوجات والأمهات المسلمات داخل أشكال سياسية وثقافية متغيرة تصف العلاقات التاريخية بن الإدارات الإمبراطورية المتتابعة والسكان المسلمين” (Jaschok and Shui 2000, 8).

وعلى الرغم من أن الإسلام ليس دين أقليه في إندونيسيا، إلا أن شعب إقليم أتشيه (شمال سومطره) يقاوم بشدة منذ الخمسينات الاندماج في الدولة الإندونيسية. وفي محاولتها لتحليل كيفية بناء الفاعلية الأنثوية في تلك الظروف قامت سيابنو باستخدام مقاربات تاريخية وإثنوغرافية وأدبية وسياسية اقتصادية لفحص المصادر النصية والشفاهية. وبينما تتلاءم دراستها مع الأعداد المتزايدة من دراسات المقاومة إلا أنها قد تجاوزت ذلك لتكشف التفاعل بين التركيز المحلي على الأم وبين الممارسات الإسلامية، وردود الأفعال تجاه العنف السياسي والإزاحة الاجتماعية اللذين تعتبرهما قد أضعفا الوضع القوي المتعارف عليه للنساء في مجتمع آتشيه. في تناولها للفرضية القائلة إن النساء عمومًا تابعات في كل الحركات القوميةتؤكد سيابنو على أنه فيما يتعلق بإقليم آتشيه فإن غياب النساء عن هذه الحركات ليس بالضرورة دليلاً على الخضوع والتبعية، حيث نجد في هذه الحالة أن النساء اخترن عدم المشاركة لأسباب متعددة، وأوجدن مؤسسات أخرى يتم استخدامها في تنظيم حياتهن ولتحقيق الاستقلالية والقدرة على الفعل. وقد استفادت سيابانو في مقاربتها تلك من تاريخ التبعية الذي سعى للتوصل إلى التشكيلات الخطابية خارج النزعة القومية والحركات القومية” (Siapno 2002, 3- 4). كما أنها تؤكد على أنها تسعي إلى التركيز على الممارسات الإسلامية الريفية وممارسات من هم خارج النخبة، لا على ممارسات الإسلام السياسي لسكان النخبة في المدن، ونجدها بالتالي تعبر عن الاهتمام المتواصل لدى مؤرخي ومؤرخات تاريخ النساء المسلمات من حيث كيفية العثور على التوازن بين دراسات نساء الطبقة المتوسطة في المدن، وهن فئة توجد عنها معلومات كثيرة، وبين نساء الريف من غير النخبة وهن فئة لا يتوفر عنها في السجلات العامة إلا معلومات قليلة. وفي ظل هذه الخلفية يظل سؤال ما هي المرأة المسلمة؟ سؤالاً شديد الأهمية. إن النساء المسلمات يبحثن أنفسهن عن إجابات لهذا السؤال، وسننتقل الآن إلى إندونيسيا وماليزيا للتعرف على أمثلة لكيفية تعاملهن مع هذه المسألة.

قراءات جديدة لمصادر قديمة

شهدت أوائل التسعينات قيام عدد صغير من المهنيات المسلمات في كوالالمبور بتكوين مجموعة أخوات في الإسلامبهدف تشجيع فهم عصري ومستنير لتعاليم القرآن (Othman 1994, v). ومما يؤكد اقتناعهن بأهمية تحديد السياق التاريخي لمصادر الإسلام النصية ما نجده من كلمات ملك بنبي في افتتاحية إحدى أهم إصدارات المجموعة وهي كتاب الإسلام والدولة القومية الحديثة (Islam and the Modern Nation State) والذي ورد فيه: “من لا يفهم الشريعة فهمًا تاريخيًا فهو لا يفهمها، ومن لا يفهم الإسلام تاريخيًا فهو لا يفهمه حقاً” (أنظري/ انظر Othman 1994 ). إن هذا البحث عن التطور التاريخي للقانون الإسلامي خصوصًا كما تم تطبيقه على النساء هو في واقع الأمر من وحي كتابات العالم السوداني والناشط في مجال حقوق الإنسان الدكتور عبد الله النعيم. وهناك عمل منشور قوى التأثير بقلم ودود محسن (Wadud- Muhsin 1992) وهي باحثه وثيقة الارتباط بأخوات في الإسلام، وهي دراسة تتناول مفهوم المرأةبناء على قراءة النص القرآني عن كتب والتأكيد على أهمية العودة إلى المصدر الأصلي للإسلام في سبيل الفهم المباشر لرسالته عن النساء.

وفي ديسمبر ۱۹۹۱م، وفي نفس الوقت تقريبًا الذي كانت تقوم فيه أخوات في الإسلامبتحديد هويتهن وأهدافهن، عقدت في جاكرتا ندوة عن النساء الإندونيسيات المسلمات، وقد عالج المشاركون والمشاركات فيها قضايا مثل مفهوم المرأة في القرآن والحديث، وتاريخ منظمات النساء المسلمات في جاكرتا، ووصف النساء المسلمات في مختلف أنواع المطبوعات الإندونيسية. وقد حثت التوصيات الختامية للندوة باحثي وباحثات المستقبل على توجيه نفس القدر من الاهتمام إلى كل من النص والسياق، وذكرت التوصيات أنه من الضروري استخدام مقاربات جديدة تلتفت إلى الأوضاع الاجتماعية وإلى الثقافة ومكان وزمان كتابة النص، وذلك للوصول إلى تفسيرات جديدة حيوية ومبدعة للمصادر الأساسية فيما يتعلق بالنساء المسلمات (Marcoes- Natsir and Meuleman 1993, 233).

وشهدت التسعينات انتشارًا واسعًا في المادة المطبوعة بالإندونيسية عن النساء والموجهة إليهن. ومن العوامل التي دفعت هذا الانتشار وأدت إلى استمراره زيادة النشاط في سبيل مزيد من الاعتراف بالنساء عامة في إندونيسيا (للحصول على تعليقات عن النسوية الإسلامية أنظري/ أنظر: Feillard 1997 ). وعلاوة على ذلك حدثت زيادة في الاهتمام بقراءة النصوص الأقدم التي طالما كانت مصادر أساسية في المدارس الداخلية التقليدية المسلمة (pesantren). وفي أعقاب توصيات ندوة ١٩٩١ بجاكرتا، تم الشروع في ترجمة النصوص المرشدة للنساء، مثل كتاب عقود اللجين من تأليف الإمام النووي (1۸۱۳ – 1898م) إلى اللغة الإندونيسية، مع إضافة تعليقات بها تفسيرات توضح وتتوسع في النقاط الهامة (Forum Kajian Kitab Kuning 2001).

وتتزعم نورية عبد الرحمن واحد، زوجة رئيس إندونيسيا الأسبق، وهي حجة في قضايا النساء، إحدى مشروعات إعادة تفسير الكتب الإرشادية التراثية للنساء. كما توجد مجموعة من المقالات عن النساء في التفسير والفقه والكلام والفلسفة والأدب الصوفي (Munhanif 2002) وهي نتيجة أخرى للبحث عن تفسيرات جديدة للمادة القديمة المتصلة بالنساء، وكذلك مجموعة خاصة من الفقه خاصة بالنساء للتضمن شروحًا وتعليقات بقلم أحد أهم المعلمين الدينيين في إندونيسيا (K. H. H. Muhammad 2001).

لقد بدأت هذه المقالة بنقاش حول أهمية الشريعة بالنسبة لأي فهم لمفهوم المرأة المسلمة. أن النظرة الشاملة على المناهج والمصادر الخاصة بتاريخ النساء المسلمات في جنوب شرق وجنوب آسيا وفي الصين تشير إلى أن الشريعة نادرًا ما اعتبرت عاملاً حيويًا في كتب التاريخ التي كتبها غير المسلمين. ومع هذا فإذا أخذنا إندونيسيا وماليزيا كاملة على اهتمامات النساء المسلمات أنفسهن تتجلى أمامنا صورة أخرى حيث أنهن يتجهن إلى التاريخ بحثًا عن المصادر الأصلية للشريعة من أجل فهم جوهرها وفقًا للزمان والمكان، وذلك للجمع بين حياة التدين والحصول على المزايا التي يتيحها العلم والتكنولوجيا والطب. وعندما يأتي دور نساء آخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين ليصبح موضوعًا للتاريخ، فلابد أن تكون من الأفكار الرئيسية هو اهتمامهن بالبحث نصوص الإسلام التراثية ورغبتهن في فهم هذه النصوص تبعًا لاحتياجاتهن الشخصية والاجتماعية.

Primary Source

B. D. Metcalf, Perfecting women. Maulana Ashraf Ali Thanawi’s Bihishti Zewar. A partial translation with commentary, Berkeley 1990.

Secondary Sources

S. N. Amin, The world of Muslim women in colonial Bengal, 1876–1939, Leiden 1996.

B. W. Andaya (ed.), Other pasts. Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000a.

——, Introduction, in B. W. Andaya (ed.), Other pasts. Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000b, 1–26.

——, Delineating female space. Seclusion and the state in pre-modern Island Southeast Asia, in B. W. Andaya (ed.), Other pasts. Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000c, 231–53.

L. Y. Andaya, The Bissu. Study of a third gender in Indonesia, in B. W. Andaya (ed.), Other pasts. Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000, 27–46.

J. M. Atkinson and S. Errington, Power and difference. Gender in Island Southeast Asia, Stanford, Calif. 1990.

J. Burhanudin (ed.), Indonesian women religious scholars [in Indonesian], Jakarta 2002.

J. Cote, On feminism and nationalism. Kartini’s letters to Stella Zeehandelaar 1899–1903, Clayton, Victoria 1995.

J. Culler, Jacques Derrida, in J. Sturrock (ed.), Structuralism and since, Oxford 1979, 154–80.

B. Fane, Against the grain. A poststructuralist analysis of the representation of women in traditional Malay literature, honours thesis, Faculty of Asian Studies, Australian National University 1993.

A. Feillard, Indonesia’s emerging Muslim feminism. Women leaders on equality, inheritance and other gender issues, in Studia Islamika 4:1 (1997), 83–112.

N. K. Florida, Sex wars. Writing gender relations in nineteenth-century Java, in L. J. Sears (ed.), Fantasizing the feminine in Indonesia, Durham, N.C. 1996, 207–24.

Forum Kajian Kitab Kuning, The new face of the marriage relationship. An analysis of the ‘Uqud al-lujjayn [in

Indonesian], Yogyakarta 2001.

D. C. Gladney, Muslim Chinese. Ethnic nationalism in the People’s Republic, Cambridge, Mass. 1991.

R. Guha (ed.), Subaltern studies I. Writings on South Asian history and society, Delhi 1982.

G. R. G. Hambly, Babur’s women. Elite women in late medieval Central Asia and North India, Basingstoke, U.K. 2002.

Z. Hasan (ed.), Forging identities. Gender, communities and the state, Boulder, Colo. 1994.

R. Hashim, Bringing Tun Kudu out of the shadows. Interdisciplinary approaches to understanding the female presence in Sejarah Melayu, in B. W. Andaya (ed.), Other pasts. Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000, 105–24

R. W. Hefner and P. Horvatich (eds.), Islam in an era of nation-states. Politics and religious renewal in Muslim Southeast Asia, Honolulu 1997.

S. J. Hekman, Gender and knowledge, Cambridge 1990.

M. B. Hooker, Indonesian Islam. Social change through contemporary fatawa, Sydney 2003.

V. M. Hooker, Writing a new society. Social change through the novel in Malay, St. Leonards, N.S.W. 2000.

R. Israeli, Muslims in China. A Study in cultural confrontation, London 1978.

M. Jaschok and Shui J. J., The history of women’s mosques in Chinese Islam. A mosque of their own, Richmond, U.K. 2000.

A. Jalal, Self and sovereignty. Individual and community in South Asian Islam since 1850, Lahore 2001.

K. Johan, The Undang-Undang Melaka. Reflections on Malay society in fifteenth-century Melaka, in Journal of the Malaysian Branch Royal Asiatic Society 72:2 (1999), 131–50.

W. J. Karim, Women and culture. Between Malay adapt and Islam, San Francisco 1992.

A. Kumar, Javanese court society and politics in the late 18th century. The record of a lady soldier, in Indonesia 29 (1980), 1–46 and 30 (1980), 67–112.

——, Imagining women in Javanese religion. Goddesses, ascetes, queens, consorts, wives, in B. W. Andaya (ed.), Other pasts.

Women, gender and history in early modern Southeast Asia, Honolulu 2000, 87–104.

A. Kumar and J. H. McGlynn (eds.), Illuminations. The writing traditions of Indonesia, New York 1996.

E. Locher-Scholten and A. Niehof (eds.), Indonesian women in focus. Past and present notions, Dordrecht 1987, repr. Leiden 1992.

L. Manderson, Women, politics and change. The Kaum Ibu UMNO, Malaysia 1945–1972, Kuala Lumpur 1980.

L. M. Marcoes-Natsir and J. H. Meuleman (eds.), Textual and contextual studies of Indonesian Muslim women [in Indonesian], Jakarta 1993.

B. D. Metcalf, Islamic revival in British India. Deoband, 1860–1900, Princeton, N. J. 1982.

——, Reading and writing about Muslim women in British India, in Z. Hasan (ed.), Forging identities. Gender, communities and the state in India, Boulder, Colo. 1994, 1–21.

G. Minault, Secluded scholars. Women’s education and Muslim social reform in colonial India, Delhi 1998.

N. Mobini-Kesheh, The Hadrami awakening. Community and identity in the Netherlands Indies, Ithaca, N.Y. 1999.

K. H. H. Muhammad, Women’s fiqh. A religious teacher’s reflections on the discourse of gender and religion [in Indonesian], ed. F. Abdul Kodir, Yogyakarta 2001.

W. Mukherjee (ed.), Empowered women, Review of Indonesian and Malaysian Affairs 31:2 (1997).

A. Munhanif (ed.), Hidden pearls. Women in classical Islamic literature [in Indonesian], Jakarta 2002.

A. Ong, State versus Islam. Malay families, women’s bodies and the body politic, in A. Ong and M. G. Peletz (eds.), Bewitching women, pious men. Gender and body politics in Southeast Asia, Berkeley 1995.

N. Othman (ed.), Shari’a law and the modern nation state. A Malaysian symposium, Kuala Lumpur 1994.

M. G. Peletz, Reason and passion. Representations of gender in a Malay society, Berkeley 1996.

B. L. K. Pillsbury, Being female in a Muslim minority in China, in L. Beck and N. Keddie (eds.), Women in the Muslim world, Cambridge, Mass. 1978, 651–76.

C. Prachuabmoh, The role of women in maintaining ethnic identity and boundaries. A case of Thai Muslims in South

Thailand, South East Asian Review 14:1/2 (1989), 113–50.

A. Reid, Southeast Asia in the age of commerce 1450–1680, 2 vols., Yale 1988 and 1993.

M. C. Ricklefs, The seen and unseen worlds in Java 1726–1749. History, literature and Islam in the court of Pakubuwana II, Sydney 1998.

K. Robinson and S. Bessell, Women in Indonesia. Gender, equity and development, Singapore 2001.

J. W. Scott, Deconstructing equality-versus-difference. Or, the uses of poststructuralist theory for feminism, in M. Hirsch and E. Fox Keller (eds.), Conflicts in feminism, New York 1990, 134–48.

L. J. Sears, Fantasizing the feminine in Indonesia, Durham, N.C. 1996.

J. Siapno, Gender relations and Islamic resurgence in Mindanao, southern Philippines, in C. F. El-Solh and J. Mabro (eds.), Muslim women’s choices. Religious belief and social reality, Oxford 1994, 184–201.

——, Gender, Islam, nationalism and the state in Aceh. The paradox of power, co-optation and resistance, London 2002.

G. C. Spivak, Subaltern studies. Deconstructing historiography, in R. Guha (ed.), Subaltern Studies no. 5. Writings on South

Asian history and society, Delhi 1985, 252–76.

M. Stivens, Matriliny and modernity. Sexual politics and social change in rural Malaysia, St. Leonards, N.S.W. 1996.

——, (Re)framing women’s rights claims in Malaysia, in V. Hooker and N. Othman (eds.), Malaysia. Islam, society and politics. Essays in honour of Clive S. Kessler, Singapore 2003, 126–46.

J. G. Taylor (ed.), Women creating Indonesia. The first fifty years, Clayton, Victoria 1997.

C. Vreede-de Stuers, The Indonesian woman. Struggles and achievements, s’Gravenhage 1960.

A. Wadud-Muhsin, Qur’an and woman, Kuala Lumpur 1992.

S. White, Reformist Islam. Gender and marriage in late colonial Dutch East Indies, Ph.D. thesis, Research School of Pacific

and Asian History, Australian National University 200

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي