التحرش الجنسي بين الحركة والحراك

التصنيفات: التحرش الجنسي

تاريخ النشر:

2016

تأليف:

التحرش الجنسي بين الحركة والحراك *

طوال الأعوام السابقة ظهرت قضية التحرش الجنسي كإحدى أولويات النقاش حول وضع النساء في المجال العام في مصر. فمن قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير يتم تداول الخطاب حول إلى أي حد أصبحت الشوارع في مصر على اختلاف الحضر والريف غير آمنة للنساء للسير فيها وتزايد حوادث التحرش الجنسي. ومن عام ٢٠١٢ ظهر جليًا حالات اعتداءات جنسية واغتصابات جماعية في ميادين مصر التي ضمت مظاهرات متعددة مع استمرار وتزايد حوادث التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي خارج نطاق المظاهرات. الجدير بالذكر أن قضية التحرش الجنسي التي كانت تتحدث عنها النساء باستحياء منذ عام ٢٠٠٥ أصبحت قضية تشغل الكثيرات من النساء في الوقت الحالي، ويتحدثن عنها وعما يتعرضن له بشكل أكثر علنية. وتطرح العديدات منهن عدة أدوات لإيقاف الظاهرة أو محاسبة المعتدين. وعلى أثر ذلك قامت مجموعات متعددة من شباب، ضمت فتيات ورجالاً، بطرح كيفية إنهاء الظاهرة سواء بحملات توعية أو تقديم دعم طبي ونفسي وقانوني أو بمواجهة التحرش والاعتداء الجنسي بأنفسهن سواء عن طريق مجموعات تتدخل أثناء الحادث تعليم الدفاع عن النفس للفتيات. وعلى اختلاف تلك المجموعات وطريقة عملها وتواجدها في القاهرة أو المحافظات الأخرى، وأيضًا الاختلاف حول ما يستخدمونه من أدوات، يظل الأمر هامًا للمنشغلات بقضايا الحركة النسوية الجماهيرية والتي تعتمد على صاحبات القضية أنفسهن، وتحاول الخروج من مأزق طالما وصمت به النسويات والمشتغلات بالعمل النسوى أنهن لا يعبرن عن واقع مجتمعهن. إن قضية التحرش الجنسي تلمس وبشكل أصيل أبسط حقوق نساء هذا الوطن في حرية الحركة والتواجد في مجال عام آمن يضمن سلامتهن وتواجدهن. وقد عبرت النساء عن قناعتهن الأصيلة بهذا الحق عندما قمن برفض مايتعرضن له من تحرش جنسي أو اعتداءات جنسية واغتصابات جماعية كادت أن تودي بحياة الكثيرات منهن، ومنهن من فقدت حياتها أو فقد أحد الشباب حياته عندما حاول درء إحدى محاولات التحرش بفتاة. وفي هذا الأمر يظهر الحراك حول قضية أصيلة وأساسية، وتبلور إمكانية وجود حركة مجتمعية تدافع في نهاية الأمر عن أحقية هؤلاء النساء في التواجد في مجال عام آمن، تتضح من خلال المجموعات المختلفة التي نشأت، والعديد منها مستمر، لمواجهة تلك الظاهرة. وقد أخذ بعضها الطابع السياسي بالتواجد داخل المظاهرات وأماكن الاحتجاج، وأخرى مجتمعية، وثالثة ذات طابع طويل المدى لمواجهة أصل المشكلة، من حيث التربية المجتمعية أو تعديل القوانين أو وجود إرادة سياسية من الدولة لمواجهة تلك الظاهرة. إن دعم استمرار تلك المجموعات، وجسارة الفتيات في الحديث عن تلك الظاهرة، أو اتخاذ إجراءات قانونية، أو إدراج تلك الجرائم كجرائم يحاسب عليها المعتدي، لن يساعد فقط على تقليل تلك الظاهرة المجتمعية المتفشية في بلادنا على اختلاف مناطقه وطبقاته الاجتماعية والاقتصادية, بل سيدعم أيضًا وجود حركة تدعم قضايا النساء قائمة على احتياجات أصيلة للمواطنات في مجال عام آمن يثبتن فيه وجودهن على اختلافاتهن السياسية والاجتماعية والثقافية والعرقية والاقتصادية.  

* مزن حسن، “التحرش الجنسي بين الحركة والحراك”، الشروق. 8 نوفمبر ٢٠١٤: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate= 0811214&id=c88f28e5-48cd-40d3-99d7-9e54c7ae14cd))

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي