الدراسات القانونية

التصنيفات: غير مصنف

المنهجيات والمنظومات والمصادر

لدراسة النساء والثقافات الإسلامية

المداخلات في الأفرع المعرفية

الدراسات القانونية

مقدمة

قامت الدراسات القانونية المعاصرة على أساس يعتمد على مبدأ راسخ ليس في النظريات البيرالية لكل من لوك، وبنتام، وروسو فحسب، بل كذلك في الفلسفة الإغريقية القديمة. وهو المبدأ المعروف باسم السيادة القانونية (legality)، أو بعبارة أخرى، هو المثال الذي تخضع المجتمعات بموجبه لسيادة القانون. ويرى القدماء والمحدثون أن المجتمع يعمل بسيادة القانون عندما ينظم فيه القانون أشكال القوة العامة والخاصة ويضع لها الضوابط.والوضع المثالي للقانون هو أن يعمل كمجموعة واحدة من المعايير الحاكمة التي تمنع الفساد السياسي وتعزز المساواة.

ولسيادة القانون وظيفتان أخريان هامتان من وجهة النظر الحديثة، ألا وهما: ( أ ) الإخطار العادل، و(ب) المسؤولية القانونية. ويستدعي الإخطار العادل أن تخطر الدولة الأشخاص قبل التدخل في حياتهم، مما يدعم الإحساس بأن الجميع يعملون في نطاق منطقة واضحة المعالم من نطاق الحرية“. أما المسؤولية القانونية فتستدعي بعض نقاط التفتيش، إذ تعني خضوع المسيطرين على السلطة العامة للمساءلة بموجب مجموعة معايير رسمية موضوعة سلفًا، ومعروفة للكافة تطبق على الجميع، ومفهومة بلا لبس، تسن وفقًا للقوانين السارية، وتطبق على نحو متسق مع معناها وملائم له، فالقانون بهذا المعنى الحديث ينظم ويضبط السلطة لضمان صيانة الحرية الفردية من الطغيان الحكومي، كما أن الإخطار العادل والمسؤولية القانونية هي مُثل مركزية هامة لحماية الحرية (Altman 1990، 22 – 6).

يثير ذكر مبدأ السيادة القانونية عدة مشكلات. أولها وأهمها هو أن مفهوم القانون الذي يتجلى هذا يؤكد أن المثالي هو المجرد بالمعنى القانوني، أو أن القانون إعلان للمبادئ. في مقابل هذا، يمكننا أن نرى أن الترتيبات المؤسسية (المحاكم، والمشرعين، وهيئات الضبط والتنظيم) التي تصون السيادة القانونية في أي مجتمع عرضة لضغوط تنشأ من الجدل المثار حول الصالح (الكفء) والحق (العادل). فالصالح والحق ليسا نفس الشيء بالضرورة في جميع الحالات، وكثيرًا ما تتصارع التصورات عن الصالح والحق، وتؤدي بمتخذي القرار إلى الأخذ بحلول وسط، وتسويات تختلف من سياق لآخر، إذ تنطبق على ظروف وفاعلين معينين دون غيرهم، ولا تقر قواعد تنطبق على الجميع. ومن وجهات النظر الأخرى الجديرة بالاعتبار أن الأحكام التي تطلق حول الاستحقاقات النسبية لكل طرف من الأطراف في مسألة موضع خلاف لا تنشأ في فراغ، وهذا أمر واضح. وكل مفكر قانوني معاصر يعترف بأن الاختلاف في التصورات المعيارية والخلفيات الاجتماعية / الاقتصادية/ الثقافية يؤثر في أحكام وقرارات القضاة والمحلفين والمحامين وواضعي القوانين وغيرهم من الموظفين في المجال القانوني. ثالثًا، للهيئات الإدارية والتنظيمية في المجتمعات الليبرالية المعاصرة حرية تصرف واسعة في ممارستها السلطة، ولا يوجد ما يوجه خطاها إلا قوانين عامة مبهمة يكتنفها الغموض. ويلقي هذا الوضع بظلال من الشك الخطير على فكرة أن سيادة القانون تقيد وتنظم سلطة الدولة على نحو فعال. ورغم كل الجهود المبذولة للحفاظ على حدود واضحة بين القانون والسياسة، تظل الأجهزة القانونية عرضة للانتقاد لأنها لا تجسد السمات الجوهرية المرتبطة بنموذج سيادة القانون (أي، الحدود الواضحة التي تحمي الحرية الفردية والمساواة من الانتهاك بسبب إساءة استخدام السلطة).

 

ما زال لهذه المشكلات صدى يتردد في المجال المعروف بشكل عام باسم الدراسات القانونية المعاصرة“. وقد كتبت دراسات عما يوجد في نموذج سيادة القانون من مواطن ضعف واضحة وعدم اتساق، بعضها تحليلي وبعضها من باب الدفاع عن النموذج، مما جعل الكثيرين يفكرون بعمق في كل من طبيعة القانون بل وعمليات القانون. ومع اقتراب نهاية القرن التاسع عشر وحلول القرن العشرين، احتدم النقاش حول ما ارتبط بنموذج سيادة القانون من تشدد في الالتزام بالشكليات والقوالب العرفية، وتأكيد الفقه القانوني على أن القضاة هم الذين تقع على عاتقهم مهمة اكتشاف حقيقة القانون من خلال التبرير العقلي المجرد على أساس السوابق القانونية. وعلى حد قول أوليفر وندل هولمز الابن (الذي صار بعد ذلك المسؤول الأول عن العدالة بالمحكمة القضائية العليا بماساتشوستس، ثم رئيس المحكمة العليا بالولايات المتحدة الأمريكية)، إن جوهر القانون يعكس بالضرورة لا المنطق القانوني المجرد بل الضرورات المحسوسةللزمن ولغيره من المؤثرات الاجتماعية والعملية. إن حركة الواقعية القانونية، التي تفرعت عن المدارس القانونية الأمريكية في النصف الأول من القرن العشرين، هي حركة اعتنقت في دراستها للقانون التركيز الهولمزي على الممارسات العملية لا المبادئ. ويتضح الإسهام العميق لحركة الواقعية القانونية في فهمنا للقانون في ملحوظة صارت مألوفة لنا اليوم، ألا وهي أن الصفات الاجتماعية لأطراف أي قضية لا المتهمين والجناة فقط، بل القضاة والمحلفين أيضًا – تؤثر في كيفية تداول القضية وما سيسفر عن هذا التداول من نتائج. وتشير التقارير النقدية عن قوة القانون وموقع الحقوق في المجتمعات الليبرالية إلى أن التساؤلات الثقافية صارت تتخذ اتجاهات جديدة. فقد فتحت الواقعية القانونية الطريق أمام المزيد من الاهتمام البحثي بالأبعاد الاجتماعية والسلوكية للقانون، فأرست بذلك أسسًا جديدة للدراسات القانونية المعاصرة.

وقد ظهرت عدة مدارس جديدة للفقه القانوني في الدراسات الأكاديمية القانونية في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ومع استمرار الكثير من دارسي القانون في التماهي الشديد مع المدرسة التقليديةللفقه القانوني، قابلين فرضيات نموذج سيادة القانون، نجد أن آخرين تقبلوا أو اتبعوا مدرسة بديلة من مدارس هذا الفقه تسعى إلى تعديل الفرضيات التقليدية أو حتى تغييرها تغييرًا جذريًا. وكثير من هؤلاء ينتمون إلى مجال الدراسات البينية وبالتالي يسرفون في الاستعارة من نطاق متسع من التخصصات تشمل الاقتصاد والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والعلوم السياسية. وتختلف بعض هذه المدارس على الأقل عن مدارس الفقه القانوني التقليدية في تركيزها على المشكلات العملية في عالم القانون، كموقف رافعي الدعاوى من النساء أو الأقليات أمام القانون. وتشمل مدارس الفقه القانوني المعاصرة حركة القانون والاقتصاد (وهي امتداد لمذهب المنفعة)، والفقه القانوني التفسيري (الذي يرتبط بأستاذ القانون رونالد دووركين)، والدراسات القانونية النقدية (التي تنبذ فكرة سيادة القانون) والنظرية العرقية النقدية (التي تذهب إلى أن العرق هو أساس غياب العدالة في النظام)، والفقه القانوني النسوي (الذي يذهب إلى أن القانون ذكوري)، والفقه القانوني السردي (الذي يعتمد على الحكايات)، والفقه القانوني لما بعد الحداثة (الذي يرفض النظريات الكبرى التي تزعم أنها تمتلك معرفة تامة بالخبرة الإنسانية). وقد يكون الفقه القانوني النسوي والسردي أهم مقاربتين من هذه المقاربات وأكثرها صلة بموضوع دراسة النساء المنتميات إلى تراث شرق الأوسطي والنساء اللاتي يعشن في مجتمعات إسلامية، بل ربما كانا أكثر مقاربتين تخدمان أغراض هذا النوع من الدراسات.

الفقه القانوني النسوي

يكرس الفقه القانوني النسوي نفسه لكشف الأسس الأبوية للقانون والمبادئ القانونية، ولتحديد وتوصيل وجهات نظر النساء واحتياجاتهن وحقوقهن. وترى الباحثات النسويات والباحثون النسويون أن تقاليد الفقه القانوني، والقانون الأنجلو – أمريكي خاصة، التي يحكمها مبدأ يقوم على أساس من الأفكار الليبرالية التي تحتفي بالحقوق الفردية في حين تزعم أنها محايدة بين النساء والرجال وموضوعية، هي تقاليد منحازة فعليًا لمصالح الرجال. كما أن القانون وضع قيودًا على دخول النساء إلى المجال العام، ولم يتدخل إلا بقدر قليل إن كان تدخل أصلاً – في حالات هيمنة الذكور على المجال الخاص أو إساءتهم لمن فيه. وهناك قناعة قوية بأن هيمنة الذكور على الفقه القانوني يفاقم من تكريس وضع النساء في محل المفعول بهن. ويتم النظر إلى المجتمع أساسًا باعتباره مجتمعًا أبويًا يهيمن عليه الرجال ويضعون نظمه، ونتيجة لذلك لا تحظى النساء في المجتمع بكثير من الترحاب. وأستاذة القانون كاثرين ماكينون من أبرز من يرتبط اسمهن بالفقه القانوني النسوي، وقد ذهبت إلى أن نظام الدولة الليبرالية الحديثة يمثل الرجال، ومن ثم تتجلى في القانون المعايير الموجهة لخدمة الرجال وتغليب حكم الرجال على النساء. وتؤكد الأستاذة ماكينون أن الجنس والعلاقات الجنسية يقعان موقع القلب أي مجتمع يهيمن فيه الرجال وتخضع فيه النساء. وقد كانت الأستاذة ماكينون وما زالت مدافعة قانونية رائدة من أجل إلغاء الصور العارية والعروض الإباحية، على أساس أنها وسيلة رئيسية لتحقيقآليات اللامساواة الاجتماعية بين النساء والرجال في مجال الحياة الجنسية، وأنها تسهم في استمرار هيمنة الرجال على النساء وإيذائهم لهن، بما في ذلك ارتكابهم للاغتصاب (MacKinnon 1987, 1989, 1993). وبالإضافة إلى قضية الصور العارية والعروض الإباحية، أثرت العديد من الباحثات القانونيات النسويات على التطورات القانونية، في إصلاح قانون الاغتصاب، وفي إدخال قوانين تحدد تعريف التحرش الجنسي في أماكن العمل. كما شاركن أيضًا في التشريعات التي تتناول العنف الأسري وعمليات التقاضي فيه، وفي توسيع الاختيارات المتاحة للنساء عمومًا، بما في ذلك حق الإجهاض القانوني. وبالنسبة للكثير من دارسات ودارسي القانون من النسويات والنسويين، فإن التصورات عن الجندر، ودور النساء، وحالة الأمومة، والحقوق الإنجابية، ومعنى الخصوصية، تظل من مجالات النزاع التي ما زالت تحتاج إلى كشف الممارسات التي تنطوي على منافاة للعدل مع النساء.

 

المجال الآخر الذي نورده مثالاً هو مجال الفقه القانوني السردي (Delgado 1989, Elkins 1990, Abrams 1991). ويركز الفقه القانوني السردي على موضوعين، إذ يهتم بالقانون في الأعمال الأدبية، وبالقانون باعتباره عملاً أدبيًا. ينظر الموضوع الأول إلى معالجة الأعمال الأدبية للقانون والعدالة بوصفهما موضوعًا أدبيًا. أما الثاني فينظر في القانون نفسه (مثلاً: أحكام الإعدام، والجنح، والدعاوى، وهلم جرا) كشكل من النشاط الأدبي الذي يمكن تحليله كأي نشاط أدبي آخر، ويستكشف أستاذ القانون جيس بويد وايت كيفية تصور القضاة والمحامين لخبراتهم وحديثهم عنها، وكيف تتغير المخيلة القانونية بفعل هذه الأشكال من التفكير والتعبير (White 1984, 1985, 2001)، وقد جمع وايت ما بين التعليم القانوني والدراسات الأدبية بطرق تبرز كيف يسهم المكتوب إسهامًا مميزًا في فهمنا للقانون. ويشكك بعض النقاد في قدرة الأدب على تعميق الحس الأخلاقي لدى المحامين والارتقاء به، وهو ما يفترض فيه. أما نواحي القصور في هذه المقاربة فتشمل فشله في الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها، وصعوبة التحقق من فرضياته.

السياق العلمي الاجتماعي للقانون

لم يقتصر المجال الذي طرقته مدارس القانون على دراسة القانون والظواهر الاجتماعية القانونية، إذ تدخل في حدوده الآن أيضًا الكثير من الفروع العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية. وقد انتزع علماء الاجتماع القانون من أيدي العاملين بالمهن القانونية، كجزء من حركة أكبر، هي الحركة الاجتماعية في القانونالتي حدثت في منتصف سبعينات القرن العشرين (Brigham 1996, 10). ويشكل الكثير من دارسي ودارسات السياق الاجتماعي للقانون خطًا متصلاً ما بين نظرة ترى أن جذور المجتمع ثابتة في حالة الإجماع العام، وأخرى ترى جذوره ممتدة في تربة الصراع ما بين الجماعات الاجتماعية الكبرى، حيث يستخدم القوي القانون لقرض إرادته على الضعيف. وقد درس بعض هؤلاء الباحثين والباحثات كيفية انتشار الاعتقاد في السلطة في جميع نواحي الحياة اليومية، وما يصحب ذلك من صراع بين نوع العالم كما يصفه ذوي السلطان وبين إدراكنا الفردي الذاتي للحياة. وألقى غيرهم الضوء على مدى توغل القانون في الحياة الاجتماعية والسياسية من خلال فحص الجوانب الدستورية للقانون، موضحين كيف يؤثر القانون في طرق تفكير الفرد وتصرفاته. فمثلاً، حين وصف العالم السياسي جون بريغهام موضوع إغلاق حمامات سان فرانسيسكو في السنوات الأولى من ظهور الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة بشكل وبائي، ذهب إلى أن دعاوى المطالبة بالحقوق – والاعتقاد في قوة القانون كانت عنصرًا هامًا في إنشاء طائفة المثليين (Brigham 1996, 29 – 50). إن الدعاوى المطالبة بالحقوق، مع احترام القنوات المتاحة من خلال المؤسسات والخطابات المهنية التي تشكل المجال القانوني، هي أمور مغرية لأن فيها وعدًا غامضًا بأن الدولة ستعترف في نهاية المطاف بموقف الفرد وتدعمه.

المذهب الوضعي

يسود مجال الدراسات القانونية مذهبان للتحليل الاجتماعي العلمي، هما المذهب الوضعي والمذهب الإنساني، وتتخذ النصوص الوضعية عن القانون من العلوم الطبيعية نموذجًا لها، وتقوم في هذا الصدد بصياغة نظريات ووضع فرضيات ثم تختبرها للتثبت من صحتها بالخبرة العملية. وتشمل مناهج البحث المستخدمة في هذا المذهب كلا من التجارب والمسوح والدراسات التي تجري بالملاحظة، وتحليل المضمون وتحليل البيانات الثانوية. وعالم الاجتماع دونالد بلاك من المدافعين المعروفين عن المذهب الوضعي، وهو يعرف القانون بصفته نوعًا من التحكم الحكومي في المجتمع – كمتغير قياس كميًا: فالقانون اعتقالات وقضايا ومحاكمات وأحكام وشكاوى واتهامات، لذا فهو متغير تابع يمكن قياسه، وهو يزيد أو ينقص من وضع إلى آخر.

وتشمل بعض الفرضيات التجريبية الخاصة التي أتى بها دونالد بلاك ما يلي:

1 – القانون يتناسب عكسيًا مع أشكال التحكم الاجتماعي الأخرى.

2 – زيادة الشرائح الاجتماعية تنتج المزيد من القانون (أي أنه كلما زادت معدلات اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية ازداد تواجد القانون).

3 – القانون الهابط من القمة إلى القاع أكثر من القانون الصاعد من القاع إلى القمة (أي أن القوانين التي يسنها الأقوياء والأثرياء أشد وطأة على الفقراء والضعفاء).

4 – يزداد القانون كلما تناقصت الحميمية، لكن القانون يتراجع عندما تتفكك الروابط التي تربط الناس بعضهم البعض تمامًا (أي أن هناك علاقة يمثلها خط منحن، وفيها لا يوجد إلا القليل من القانون بين الناس الذين تربطهم علاقات حميمة، أو بين الناس المتباعدين تمامًا بحيث لا تربطهم أية علاقات، بينما يتواجد القانون بأكبر قدر ممكن بين الناس الذين يحتكون ببعضهم البعض بانتظام دون أن تربطهم علاقة حميمة).

5 – يزداد وضوح دور القواعد كلما كبر حجم المجتمع وصار أكثر تعقيدًا (Black 1976, 1989, 1993).

وقد كانت إسهامات بلاك مثار جدل وخلاف في مجال علم اجتماع القانون، إذ نقدها البعض بسبب نقص الروابط المنطقية بين افتراضاتها وعدم قابلية إثباتها بالتجربة العملية (مثلاً: Baumgartner 1999 )، كما هاجمها آخرون على أساس أنها لم تترك الأسئلة الهامة عن كيف ولماذا يتصرف الناس ويعتقدون على نحو ما هم عليه، وكيف أن القانون نفسه ممارسة لغويةيجري من خلالها توصيل مختلف الاختيارات الأخلاقية (مثلاً: Frankford 1995). إن دونالد بلاك إذن باحث وضعي يختبر حدود البحث القائم على الخبرة العملية ويحفزنا لفهم العلاقة بين ما هو قانوني وما هو اجتماعي.

 

إن المذهب الإنساني، وعلى النقيض من المذهب الوضعي، يتجه صوب الدراسات الإنسانية – الفلسفة والتاريخ والأدب والدراسات الثقافية – لكي يولد منها نموذجه. ويؤكد هذا المذهب أن العالم الاجتماعي مختلف جوهريًا عن العالم الطبيعي والمادي، ولذا يرى أن مناهج البحث الوضعية لا علاقة لها بدراسة القانون، أما القانون وجانبه الاجتماعي فيمكن تأويلهما أكثر مما يمكن شرحهما. ويفضل هذا المذهب اتخاذ حكايات النزاعات كمصادر أكثر مما يميل إلى التحاليل الإحصائية. فحين يطبق الطلبة مفاهيم فلسفية ملائمة على الجانب الاجتماعي للقانون، أو يقدمون تقارير تاريخية مفصلة، أو يقرأون تقارير أدبية، يفترض أنهم سيتمكنون من التوصل إلى فهم ثري لكيفية تفاعل القانون والمجتمع مع بعضهما البعض. ومن المقاربات الجديرة بالذكر المقاربة السردية التي تقوم على سرد حكايات من الحياة اليومية، وقد نشأت هذه المقاربة في أحضان المذهب الإنساني، وتستتبع دراسة خطابات الأطراف المتنازعة، للكشف عن كيف تفعل القوة فعلها على المستوى الخطابي لتشكل فئات من الخطاب، وكيف يستخدم الأشخاص هذه الفئات حين يتبادلون الحديث مع غيرهم، وأحيانًا ما يشككون في هذه الفئات في إطار أوجه القصور التي تكتنفها. أي أن المقاربة السردية تتناول حكايات الأطراف المشاركة في مسارات القانون الحكومي وتفحص مدى تأثر الوعي بالهويات المتعددة للراوية أو الراوي، مما يؤثر في تأويلهم للظواهر الاجتماعية (مثل الجندر أو العرق). من الأمثلة على ذلك هي القصص التي يحكيها المحلفون – البيض منهم والسود – في القضايا التي يحكم فيها بالإعدام، إذ يضفون معان على فئة العرقمن واقع تجاربهم الشخصية كمحلفين في القضايا التي يحكم فيها بالإعدام (Fleury – Steiner 2002). ومن الأمثلة أيضًا حكايات الناس العاديين في سباق حياتهم اليومية عن المواقف الإشكالية التي ينتج عنها صراع ونزاعات، مثل مشكلات المستهلكين والنزاعات بين المالك والمستأجر، وأنواع الشغب العام المثيرة للضيق، والفشل في العلاقات (Ewick and Silbey 1998, Merry 1990). ونضرب مثلا آخر بحكايات ضباط الشرطة الذين يعتمدون على تعدد هوياتهم – كضباط يفرضون القانون، وآباء أو أمهات، وبيض أو سود، ونساء أو رجال – في اتخاذ قرارات من واقع اجتهاداتهم الشخصية في ميدان عملهم، بما لا ينفصل عن أدوارهم المؤسسية (كموظفين حكوميين مثلاً)، مع ارتباطها أيضًا بفهمهم الشخصي للأخلاق والقانون (Oberweis and Musheno 2001). إن هذا الخط من خطوط البحث العلمي يحلل بوضوح استخدامات اللغة في النزاعات ويستكشف صياغة الوعي القانوني بصفته ممارسة ثقافية.

التاريخ القانوني الإسلامي

ومن المجالات الأخرى الجديرة بالذكر بسبب أهميتها في دراسة النساء اللاتي يعشن في مجتمعات إسلامية هو مجال تطور التاريخ القانوني الإسلامي. لقد اعتقدت معظم الأبحاث الغربية أن القانون الإسلامي [الشريعة الإسلامية] أمر ثابت لا يتغير، صالح لكل زمان، وأن فقه الشريعة الإسلامية ساكن، بل أنه آخذ في التدهور منذ القرن العاشر الميلادي. ولطالما قبل الكثير من الباحثين المستشرقين فكرة إغلاق باب الاجتهاد” (التأويل) في الفقه الإسلامي عند هذا التاريخ واعتبروها حقيقة موضوعية، كما رسخ لديهم الاعتقاد بأن فقهاء المسلمين عملوا منذ ذلك الحين بنصوص مقدسة مستقرةولا شيء غيرها، فدأبوا على تطبيق النصوص القانونية [نصوص الشريعة] لا على تفسير شرع الله (ومن الأمثلة على ذلك كتابات المستشرقين: Joseph Schacht, Ignaz Goldizer, Carl Heinrich Becker أنظري / أنظر : Hallaq 2002/ 3, 1).

لكن البحوث التاريخية التي أجريت حديثًا تشككت بشدة في تصوير الشريعة الإسلامية عبر الألفية الأخيرة في هيئة تتسم بالسكون والركود. فقد أوضح عدد من الباحثين والباحثات أن الكثير من الأطروحات التي كتبها المسلمون قد أكدت على أن القانون الإسلامي أبعد ما يكون عن الثبات، فالقانون يتغير بتغير الظروف. بل أوضح بعض المؤرخين والمؤرخات أن فقهاء المسلمين في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر لم يتقيدوا بتطبيق نصوص شرعية محفوظة عن ظهر قلب تطبيقا آليًا، فصراعات القوى التي نشبت بين القرويين والأعيان من أهل البلد، وحقوق الملكية للنساء، وقضايا الزواج والطلاق والحضانة، أتاحت للفقهاء فرصًا واسعة للتقدير حيثيات كل نزاع قانوني (أي التفكير فيها بإمعان) مقابل دلائل العدالة المستمدة من القرآن والسنة بالإضافة إلى الأحكام السابقة (أنظري/ أنظر: Zilf 1997, Tucker 1998). وبالمثل، يؤكد المؤرخ وائل حلاق على أنه بينما كانت ممارسة الاجتهاد ربما مثار خلاف، إلا إنه لم يحدث أبدًا إجماع نهائي على أن القانون لا يقبل التأويل (Hallaq 1996). ويشير إبراهيم موسى إلى أن المسلمين قد ركزوا في فترة ما بعد الاستعمار على أمور الثقافة والسياسة والدولة القومية والعلمانية، وكلها أمور تأثرت بالجدل الذي ثار في نهايات القرن العشرين حول موضوع الجندر. كما كتب قائلاً إن الحياة المختلفة جذريًاللمسلمين المعاصرين مقارنة بالمناخ الذي وضعت فيه المناهج التأويلية الكثيرة المستخدمة في تفسير النصوص القانونية – تحتم إعادة التفكير أساسًا في مشروع التفسير (Moosa 2001/ 2).

وقد اهتم بعض الباحثين والباحثات اهتمامًا خاصًا بالممارسات القانونية، على النقيض من الفقه القانوني، باعتبارها وسيلة لمعارضة الحكمة الموروثة. وقد بحث عدد لا بأس به من الباحثين الفتوى، كجنس من أجناس الرأي الديني القانوني الإسلامي، باعتبارها مصدرًا من مصادر التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والديني، فوجدوها أرضًا خصبة للبحث لما تتيحه لهم من معرفة بالمشكلات اليومية الفعلية لمجتمعات بعينها. ومن الأسباب التي تجعل الفتاوى جديرة بالدراسة ما تتمتع به من سمة سياقية، فالمفتي الذي يصدر الفتوى يعتمد على نصوص مصادر نصية مقدسة (العلوم الشرعية) ثم يمزج بينها وبين المعرفة الملموسةبالأوضاع المحلية، بحيث ترد الفتوى على الأسئلة بأسلوب ذي علاقة بهذه الأوضاع. وقد قدم محمد مسعود وبرينكلي ميسيك وديفيد باورز (Mohammad Masud, Brinkley Messick and David Powers 1996) مجلدًا هامًا يحتوي بين دفتيه على مقالات عن القانون الإسلامي والتاريخ والأنثروبولوجيا، تحاول تقديم شيء من الفهم للظروف المحتملة والفعلية لرجال الفتوى بوجه خاص، والأوضاع المحلية للمجتمعات في الحقبة التي سبقت الحداثة والمجتمعات الحديثة والمعاصرة. ويهدف هذا المجلد إلى توضيح أن الفتوى نوع من التفسير القانوني يتميز عن الأحكام الرسمية التي يصدرها القضاة الذين تعينهم الدولة، فمع أن الفتوى ليست ملزمة إلا أنها وسيلة يوصل بها مفسر الشريعة رأيًا آمرًا جازمًا إلى العامة. والجهود المشتركة التي بذلها المشاركون في تأليف هذا المجلد تقدم تاريخ الصيغة القانونية للفتوى وبنيتها والتحولات التي طرأت على هذه الصيغة، وذلك مع ما طرأ على ممارسة الإفتاء من تحول من كونها نشاطًا خاصًا مستقلاً لا تتحكم فيه الدولة، إلى مكون من مكونات إدارة الشأن القضائي تتزايد أهميته مع الأيام.

وتوضح المقالات كيف بدأ المفتي مفسرًا مستقلاً للشريعة، يصدر آراء شرعية ردًا على أسئلة معينة يتقدم بها المواطنون إليه بشكل خصوصي، في إطار مقاييس وضعتها سلفًا إحدى مدارس الفكر الشرعي الإسلامي، ثم أضحى شخصًا يلعب وظيفة هامة مبررة قانونيًا أمام الدولة. وتختلف أوضاع رجال الفتوى اليوم وفقًا لأشكال الحكومات التي تحكم بلدانهم، بيد أننا نرى أن القانون العلماني والمؤسسات التي قلصت من سلطة المفتين قد أزاحتهم جانبًا.إلا أن الفتوى ما زالت تلعب دورًا مؤثرًا في إقامة معنى الاستقرار القانوني والمحافظة عليه وتبرير سلطة القانون، سواء صدرت الفتاوى بناء على طلب شخصي من أحد المواطنين أم من خلال هيئات تديرها الدولة. وتعتبر الفتاوى مكملة للنظام القانوني الإسلامي، لذا استخرجت الفتاوى – عن طريق التفسير – مبادئ قانونية من المصادر المتاحة (من المصادر النصية والمنطق والمعتقدات الإسلامية) لتقدمها للمسلمين الذين يواجهون مشكلات في حياتهم اليومية. وحيث أن المفتين يرتبطون في الغالب الأعم بمذاهب شرعية معينة ويأتون من مختلف أرجاء العالم، فإنهم يمثلون تحديًا للباحثين والقضاة الذين يتلقون الفتوى لتفسير تفاصيل متعلقة بثقافات وتقاليد محلية مختلفة تخص الكتابات القانونية للمسلمين وأساليبهم النقاشية. أما الفتاوى نفسها فتقدم سجلاً قيمًا لما يشغل بال المسلمين ويهمهم في الزمن الذي يعيشون فيه.

 

تظل أمامنا إذن مهمة جمع ما نفهمه من كل الدراسات القانونية والنسوية المعاصرة التي تناولت النساء اللاتي انحدرن من أصول شرق أوسطية أو مسلمة. أما بقية هذه المادة فتعنى بتحديد نقاط الالتقاء والتباعد بين التطورات التي شهدتها السنوات الأخيرة في النظرية القانونية المعاصرة وفي نطاق دراسات الجندر التي تناولت مجتمعات الشرق الأوسط ومجتمعات المسلمين بنظرة نقدية، محاولة استكشاف الآليات التاريخية والنصية والاجتماعية التي تتعرض بها النساء للقهر. ونجد في عدد من الدراسات القانونية النسوية النظرية الحديثة على سبيل المثال تقارير هامة عن قوة القانون التي أكسبت بعض القضايا أهمية مركزية. ومن أمثلة هذه القضايا الصيغة القانونية للحياة الجنسية للأنثى، والحقوق والاختيارات الإنجابية، والطاعة، وأدوار الأمومة، وغياب العدالة في العلاقة الزوجية، ووقوع النساء ضحايا للاغتصاب والعنف المنزلي. كما أن مسألة سيادة الذكور، والعلاقة بين النظام الأبوي والطبقة والفقر والأصل العرقي في الدولة الرأسمالية الليبرالية، كلها من المسائل التي تولد عنها كم معتبر من الكتابات المتعلقة بأثرها على النساء. ومع ما في هذا العمل من تنوير، فإنه يميل في المقام الأول إلى الاهتمام بالطرق التي يؤسس بها القانون ما تعنيه النساء وخبراتهن، بحيث يجعل الموضوع” (أي النساء) موضعًا سلبيًا نسبيًا في أيدي القانون (مثلاً: (Smart 1989, 1990, 1995 Fineman and Thomadsen 1991, Fineman 1995).

ومن الأهداف الهامة ربط الحقائق الأكثر تجريدًا وعمومية التي شرحتها النظرية القانونية بالتفصيل بالأحوال المحلية النوعية. وقد كان موضوع الدراسة في دراسات الجندر التي تناولت مجتمعات الشرق الأوسط والمجتمعات الإسلامية هو العمليات التاريخية والنصية والاجتماعية التي أسهمت في قهر النساء وإخضاعهن. وقد ألقى الكثير من هذه الدراسات الضوء على المعاني الخاصة بمصطلح الأبوية، وكثيرًا ما وضحته بالآليات الداخلية الحميمة التي تنظم بها العلاقات بين الرجال والنساء بنظام مميز ثقافيًا وتاريخيًا. ومن أمثلة هذه الدراسات كتابات عالمة الاجتماع دينيز كانديوتي، حيث قدمت تحليلاً متخصصًا لاستراتيجيات النساء وآليات التواؤم التي يتخذنها، والتي تؤدي إلى فهم النظم الأبوية على أسس ثقافية وزمنية (مثلاً: Kandiyoti 1988, 1991, 1996, 2002). وبالمثل، تحلل عالمة الأنثروبولوجيا، سوزان هيرش، الجندر والخطاب والقانون الإسلامي في إطار السياق الثقافي الخاص لمحكمة إسلامية في منطقة ساحلية بكينيا، وقد رسمت صورة دقيقة لمظاهر تطبيق وتحويل الجندر من خلال حل النزاعات في المحكمة وخارجها (Hirsch 1998). كما أن العديد من الدراسات قد وضحت انتشار الشروط الأبوية في إيران التي كثيرًا ما حالت دون مشاركة النساء في المجال العام (Afshar 1985, Haeri 1989, 1992, Afkhami and Friedl 1994, Gocek and Balaghi 1994).

وقد ظهرت آثار القانون واللوائح القانونية بكثافة في بعض التقارير عن النساء اللاتي يعشن في مجتمعات شرق أوسطية أو إسلامية (مثلاً: Zilf 1997, Hirsch 1998, Tucker 1998). لكن تلك الأعمال – باستثناءات قليلة – لم تتفاعل نقديًا مع قوة القانون من منظور قائم على المعرفة بالتطورات الحديثة في النظرية القانونية وفي نصوص فقه القانون التي تأخذ النقد النسوي لسلطة الذكورة في القانون مأخذًا جادًا. ونجد أن هذه الدراسات عن النساء والجندر في الشرق الأوسط أو في مجتمعات المسلمين، أو فيهما معًا، إما تميل إلى أخذ قوة القانون كأمر مسلم به، أو لا تذكرها إطلاقًا. وإلى حد بعيد، لم يحظ تحليل الصيغ القانونية المستندة إلى العلاقات الاجتماعية المحلية بما يستحقه من تنظير. إن كون القانون مرآة تنعكس فيها مصالح جماعات معينة من الرجال، وكون رؤيتهم هي الرؤية العامة التي يتمتع بها أصحاب القوة الاجتماعية، هما جانبان لم يتم تناولهما بعمق سوى في حفنة من الكتابات عن النساء المسلمات (Mernissi 1987, 1991, 1995). وقد بذل الجدل الدائر داخل النسوية الإسلامية مؤخرًا جهوداً جبارة لإعادة قراءة التراث الإسلامي لإدخال مكان النساء في الفكر الإسلامي المعاصر، لكن القليل من هذه المناظرات هي التي حاولت الانشغال بقضايا فقه القانون (انظري / أنظر: Moosa 2001/ 2)

القانون والجندر والثقافة

لكن هناك بعض الكتابات المهمة التي أنجزت حديثًا وركزت على دور القانون في العلاقات الاجتماعية في مجتمعات معينة في الشرق الأوسط أو عالم المسلمين، ورسمت خريطة لسبل مثمرة للبحث في موضوع نقاط تقاطع القانون والجندر والثقافة مع بعضهم البعض. ففي مجال الحقوق – وخاصة حقوق النساء وحقوق الإنسان – تطعن هذه الكتابات في الثبات الظاهري للخطاب الإسلامي المعاصر حول الشريعة الإسلامية ونصوصها المعتمدة. فجوديث تاكر مثلاً تقدم في كتابها المعنون في بيت القانون: الجندر والقانون الإسلامي في سوريا وفلسطين تحت حكم الإمبراطورية العثمانية تقريرًا تاريخيًا باهرًا لأنشطة المحاكم الإسلامية بدمشق ونابلس والقدس في القرن الثامن عشر (Judith Tucker, In the House of the Law: Gender and Islamic Law in Ottoman Syria and Palestine 1998). وهي تستخدم وثائق تداولتها المحاكم ومجموعات من الفتاوى لتصل إلى قضية العلاقات بين النساء والرجال، وتتأمل الخطاب القانوني الإسلامي الخاص بعلاقات الجندر، بناء على ما ورد في التراث الهام لفاطمة المرنيسي، وتكشف المقاربة اللاتاريخية واللاسياسية إلى القانون الإسلامي كما يعرضه الإسلاميون المعاصرون، والذي يضع ما جاء في الشريعة الإسلامية عن الجندر كأمر أحادي، غير قابل للتغيير، وبالغ القداسة، وقانون ذي جذور تضرب في فترة صدر الإسلام تحدد وتؤسس الفرق بين الرجال والنساء على نحو يصلح لكل زمان (Tucker 1998, 9). وتؤكد جوديث تاكر أن المفكرين الإسلاميين الحاليين إذ يرجعون إلى عصر النبي محمد (ص) والصحابة الأولين للتأسيس مجموعة من المعايير تحكم علاقات الذكور بالإناث في الحاضر وتجرم النشاط الجنسي المحرم، فإنهم يبدون القليل من الاهتمام النظامي بالقرون الفاصلة في التاريخ الإسلامي أو الفكر الإسلامي” (المرجع السابق). وتهدف جوديث تاكر إذن إلى الطعن في مصداقية الروايات التي يرويها الإسلاميون عما ورد في الأصول عن رأي القانون الإسلامي في مسألة الجندر، وإلى وصف كيف تطور القانون الإسلامي عبر الزمن من خلال تفسيرات النصوص ذات الحجية وأحكام القضاة المسلمين.

 

تذهب جوديث تاكر إلى إمكانية حدوث تغير في تفسير القانون الإسلامي الذي يرزح تحت ثقل مختلف أنواع المصادر، بما في ذلك العرف الاجتماعي المحلي والملاءمة السياسية وأهواء المسؤولين المحليين. لذلك، من الأهمية بمكان أن نلقي نظرة مدققة على قرارات رجال القانون المحليين لنرى كيف فهموا المبدأ القانوني في علاقته بأوضاع أو مشكلات معينة. تبدي جوديث تاكر مراعاة تامة للدور الرئيسي الذي تلعبه الفتاوى في تطور العقيدة الإسلامية، وقد كتبت عن بعض الفتاوى التي ترجع إلى الفترة الواقعة ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر في سوريا وفلسطين، وهي فتاوى رسبتها القضايا القانونية الرسمية التي نظرها قضاة المحاكم الشرعية. وكانت الوظيفة الرئيسية للمحكمة القيام بأعمال مكتب التسجيل الرسمي للإمبراطورية العثمانية، فتسجل عمليات بيع وشراء ووقف العقارات وتأسيس شركات الأعمال وإصدار شهادات القروض وتقسيم الأملاك، لكنها اختصت أيضًا بكم متواضع من حالات التقاضي التي كانت تقصدها لأغراض الحصول على أحكام لا تسجيل تعاملات (Tucker 1998, 17- 18). وكان أهل المجتمع المحلي يقصدون المحاكم لتسجيل عقود الزواج، والتنازع على ترتيبات الزواج، والتباحث في بعض حالات الطلاق، والخلاف على حضانة الأطفال، والشكوى من هتك العرض. وكان القضاة المحاكم يصدرون أحكامًا واجبة النفاذة حالات التقاضي وغيرها من النزاعات، وكانوا موظفين رسميين بأجر تدفعه لهم الإمبراطورية العثمانية.

لكن، ماذا عن وظيفة المفتي حينذاك؟ لقد كان القضاة موظفين مأجورين في الإمبراطورية، أما معظم المفتين فكانوا من الأهالي، ولم يشكلوا جزءًا من سلم الوظائف الرسمية العثمانية. ولم يكن رجال الفتوى بتصرفون بصفتهم موظفين رسميين في الدولة حين أصدروا منطوق الفتاوى الموجودة في النصوص الإسلامية، بل كانوا يستجيبون لأفراد يطلبون الرأي الشرعي. وتخبرنا جوديث تاكر أن الرسالة الأولى للمفتي كانت توجيه النصح الشرعي للمجتمع المحلي الذي كانوا جزءًا منه. وحيث أن الكثير من الفتاوى كانت توجه دون إشارة إلى القضية المنظورة أمام المحكمة التي تنتظر الفتوى، يمكننا الزعم بأن رجال الفتوى كانوا يتصرفون جزئيًا على الأقل كوسطاء لحل النزاع بين الناس الذين يرغون اللجوء إلى المحكمة من الأساس (Tucker 1998, 21).

لكن لا يمكن صرف النظر بسهولة عن تأثير رجال الفتوى على المحاكم، فقد تعاملوا مع الكثير من الأعراف المحلية والقضايا الاجتماعية التي لا تذكر غالبًا في سجلات المحاكم الرسمية، وبالتالي حولوا مسار بعض القضايا بحيث قلل ذلك من بعض أنواع القضايا التي يرفعها أهل الحضر أمام المحكمة، مما أثر في كيفية تطبيق القضاة الرسميين التعاليم القانونية. وقد شكل هذا بدوره تطورًا في الفقه الإسلامي فيما يتعلق بشؤون الحياة اليومية (مثل الزواج وحضانة الأطفال وهتك العرض) وذلك بالحد من الفرص المتاحة لسجلات المحاكم الرسمية لشرح الآثار المترتبة على تغير الظروف الاجتماعية والسياسية. وحسبما تقول جوديث تاكر، كان من الممكن لرجال الفتوى الحفاظ على خط اتصال مباشر مع مجتمعاتهم المحلية، والترحيب بالاضطلاع بالمشكلات القانونية التي تثار خارج مقر المحكمة” (Tucker 1998, 22). كما أن رجال الفتوى كانوا يمارسون الضغط بمعرفتهم بالتعاليم القانونية الشرعية وخبراتهم السابقة على الأوضاع الواقعية الملموسة لأفراد مجتمعاتهم، وذلك في عملية إصدار الفتاوى التي يمكن أن تصير جزءًا من سلك القضاء، سواء داخل أو خارج نظام المحكمة، لحل المشكلات وفض النزاعات (Tucker 1998, 179).

كينيا في فترة ما بعد الاستعمار

تناولت جوديث تاكر السجلات القانونية في سوريا وفلسطين في بدايات فترة الحداثة، أما الباحثة الأنثروبولوجية سوزان هيرش فتقدم لنا تحليلاً للتركيب الخطابي للجندر في المحاكم التي عمل بها قضاة في المناطق الساحلية لكينيا في فترة ما بعد الاستعمار. وفي كتابها عن النطق والصبر: الجندر وخطابات النزاع في محكمة إسلامية أفريقية توضح سوزان هيرش كيف أن خطابات النزاع يؤلفها أفراد متأثرون بانتمائهم إلى جنس دون آخر، مما يحدد بالتالي قدراتهم والفرص المتاحة لهم وميولهمفيما يتعلق بالشهادات المروية وغيرها من أشكال الكلام التي تتداول في قاعة محكمة إسلامية (Susan Hirsch, Pronouncing and Persevering: Gender and the Discourses of Disputing In an African Islamic Court 1998, 33). ويشير عنوان الكتاب إلى صورة الزوج المسلم الذي ينطق بيمين الطلاق وفقًا للشريعة الإسلامية، وزوجته الصبورة التي تتحمل في صمت صعوبات الزواج والطلاق دون شكوى، لكن المؤلفة تخبرنا أن هذه الصورة ليست صحيحة على طول الخط، ففي فترة ما بعد الاستعمار على الأقل، لم تكن صور قانون الشريعة الإسلامية وعلاقات القوى بين الرجال والنساء قوالب جامدة يخضع لها الجميع ولا مثلاً عتيقة عفا عليها الزمن يمكن تجاهلها أو نبذها بسهولة” (Hirsch 1998, 3). فالأزواج والزوجات قد يطعنون في هذه القواعد أحيانًا، كما تلعب المسلمات السواحيليات دورًا فعالاً في متابعة الدعاوى في المحكمة ويسردن حكايات فصيحة تتحدى ظروف حياتهن وأوضاعهن الناشئة عن كونهن نساء، وكذلك أوضاعهن القانونية، واللغوية” (Hirsch 1998, 10). ويركز هذا الكتاب على الممارسات القانونية، والطعون القانونية التي يتقدم بها الرجال والنساء إلى محاكم القاضي” [أي المحاكم الإسلامية] بغية تحسين أحوال حياتهم وحياتهن، كما يوضح الكتاب كيف يتشكل النوع (الرجل والمرأة) اجتماعيًا ويخضع لتحولات أساسية من خلال الإجراءات القانونية المرتبطة بالمحاكم الإسلامية محاكم القاضي“.

وتضع سوزان هيرش المحاكم الإسلامية في مومباسا وماليندي في الإطار الأوسع للمحاكم القانونية في كينيا، وتشير إلى أن أصحاب السلطة في هذه المحاكم يتميزون في الحقيقة بالرقة البالغة. ويمكن للرجال المسلمين أن يمارسوا خارج قاعة المحكمة سلطة تنافس سلطة القضاة إذا ما نطقوا ببعض الأحكام القانونية مثل الطلاق دون الرجوع إلى المحكمة أو بتجاهل حكم المحكمة تمامًا. وواقع الأمر أن المسلمين السواحيليين ينقدون المحاكم التي يعمل بها قضاة نقدًا مريرًا، إذ يعتبرونها وسيلة لإضعاف الرجال والسماح للنساء بإذاعة قصص مخجلة على الملأ” (Hirsch 1998, 10).وتكتب هيرش قائلة:

خارج المحكمة يشكو الرجال المسلمون من الشكوى بشأن القضايا التي تنظرها أو تتوسط فيها، ويزعمون أن القضاة يميلون إلى محاباة النساء. لقد فقدت محاكم القاضيمشروعيتها في فترة ما بعد الاستعمار، ويتم توجيه القد إلى القضاة بشكل متكرر لارتباطهم بالدولة وتحيزهم. وكثيرًا ما يعزى عجز الرجال عن الاحتفاظ بزمام الأمور والسلطة في محاكم القاضيإلى تدخل الدولة العلمانية بشكل غير مشروع في عمل هذه المحاكم، بما يوحي أن المحاكم لو كانت تتبع الإسلام بحق لنال الرجال مزيدًا من السلطة على زوجاتهم (Hirsch 1998, 239).

ولا يقتصر الصدام مع سلطة القضاة على تشكيك عامة السواحليين المسلمين في محاكمهم، بما ينعكس على تقديرهم لهم، بل يثيره أيضًا موقعهم في الدولة العلمانية اسمًا في كينيا، والتي يشكل فيها المسلمون طائفة من الأقلية ويظل المسيحيون أغلبية قوية في دولة تعترف بتعدد النظم القانونية.

وتعترف كينيا للمسلمين بحق الفصل في قضايا الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال، أمام محكمة القاضيالإسلامية، لكن سوزان هيرش تقول إن هذا الوضع يمثل سلاحًا ذا حدين، حيث تتعرض النساء للانتقاص من قيمة تصرفهن حين يلجأن إلى محاكم القاضيحتى لو كسبن قضاياهن. فهن أولاً ينتهكن معايير المجتمع حين يروين مشكلات شخصية على الملأ في مكان عام، وثانيًا بحكم كون المرأة تنتمي إلى أحد طرفي الذكورة والأنوثة فإن المجتمع يحكم على ما تدلي به في شهادتها وغيرها من أشكال الحديث من خلال المعايير الخاصة بالجندر، ومن خلال وضع المرأة كموضوع لا كذات في قانون الشريعة الإسلامية. ويعزز هذا الوضع من الفهم الثقافي المتأصل لمركز النساء والرجال بالنسبة لبعضهم البعض. وتوفر هذه المحاكم مواقع لإدخال تحسينات مركبة على علاقات القوى بين الرجال والنساء من منطلق الجندر، وتلجأ إليها النساء السواحيليات باعتبارها مؤسسة تزعزع سلطة الرجال في المجتمع المحلي (Hirsch 1998, 239). لكن لابد من دفع الثمن، فعلى سبيل المثال تعرض أحد القضاة للإهانة في أحد شوارع مومباسا في سنة ١٩٩٢م لأنه حكم بالطلاق لإحدى النساء، وقد اعترف هذا القاضي بأن الكثير من الرجال غير راضين عما يحدث لهم في المحاكم، ولكنه قرر رغم ما أصابه من جراح الاستمرار في القضاء بالعدل لصالح النساء، باسم الإسلام” (المرجع السابق).

 

ربما تبدو مواجهة هذا التنوع في وجهات النظر تجاه القانون أمرًا مربكًا. فمختلف المقاربات إلى دراسة القانون تقترح نقاط بداية شديدة الاختلاف عن بعضها البعض لفهم ماهية القانون، وما الذي ينبغي أن يكون عليه، وعلى أي أساس تتخذ القرارات القانونية. ولا يوجد إطار واحد يجمع بين الدراسات القانونية المعاصرة ويميزها. فالقانون يعتبر شيئًا مسهبًا، وديناميكيًا، ومتعدد الأوجه. وعمومًا، تشترك هذه المداخل في أساس واحد هو أن القانون لا يمكن فهمه إلا في علاقته بسياق اجتماعي وسياسي، من حيث الطرق التي تطورت بها التفاصيل القانونية استجابة للأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملموسة. وهكذا تمضي الباحثات والباحثون المتخصصون في الدراسات القانونية لدراسة وتفسير وشرح ما يطرأ من الظواهر الاجتماعية القانونية مسلحين بأدوات الأفرع المعرفية الأخرى خارج المجال القانوني، ألا وهي مجالات الاقتصاد والاجتماع والفلسفة والعلوم السياسية والتاريخ والأدب.

وما زال الجدل الدائر حول خضوع النساء يشكل الكثير من إنتاج الباحثين والباحثات في مجال دراسات الجندر في الشرق الأوسط وعالم المسلمين. وقد تزايد الشعور بتأثير النظرية النسوية في السنوات القليلة الماضية. كما أن الخلفيات المعيارية والمادية للأبوية في الكثير من هذه المجتمعات، ومع تزايد جاذبية الأيديولوجيات المحافظة، صارت كلها موضوعًا لـ. “الوصف الكثيفكما يتبين في كتابات باحثات من أمثال جوديث تاكر وسوزان هيرش. ولا يقتصر الأمر على تزايد دراسة وشرح مسألة قهر النساء وإخضاعهن، بل وفاعليتهن أيضًا، وهي دراسة تجري في مجال نظري أكثر تعقيدًا مما سبق، وهو مجال يقدم تعريفًا محددًا أفضل مما سبقه للقوة التحليلية الكاملة في لفظ مجرد، هو لفظ الأبوية، وعلاقته بالإسلام. لكن التركيز على دور القانون في عمليات التحول الاقتصادي الاجتماعي والثقافي لهذه المناطق لم ينل القدر الذي يستحقه من الدراسة، ويظل مجالاً حرجًا علينا أن نفهمه مع تصاعد الضغوط لتحقيق العولمة، وهي ضغوط تؤدي إلى ضم الكثير من هذه المناطق المتأثرة بتلك التحولات إلى الاقتصاد العالمي.

K. Abrams, Hearing the call of stories, in California Law Review 79 (1991), 971–1054.

M. Afkhami and E. Friedl (eds.), In the eye of the storm. Women in post-revolutionary Iran, London 1994.

H. Afshar, The legal, social, and political position of women in Iran, in International Journal of the Sociology of Law 13 (1985), 47–60.

A. Altman, Critical legal studies. A liberal critique, Princeton, N.J. 1990.

M. P. Baumgartner (ed.), The social organization of law, San Diego 1999.

D. Black, The behavior of law, New York 1976.

——, Sociological justice, New York 1989.

——, The social structure of right and wrong, San Diego 1993.

J. Brigham, The constitution of interests. Beyond the politics of rights, New York 1996.

R. Delgado, Storytelling for oppositionists and others. A plea for narrative, in Michigan Law Review 87 (1989), 2411–41.

J. Elkins (ed.), Pedagogy of narrative. A symposium, in Journal of Legal Education 40 (1990), 1–250.

P. Ewick and S. Silbey, The common place of law, Chicago 1998.

M. Fineman, The neutered mother, the sexual family, and other twentieth century tragedies, New York 1995.

M. Fineman and N. Thomadsen (eds.), The boundaries of law. Feminism and legal theory, London 1991.

B. Fleury-Steiner, Narratives of the death sentence. Toward a theory of legal narrativity, in Law and Society Review 36 (2002), 549–76.

D. M. Frankford, Social structure of right and wrong. Normativity without agents, in Law and Social Inquiry 20 (1995), 787–828.

F. Göçek and S. Balaghi (eds.), Reconstructing gender in the Middle East. Tradition, identity, and power, New York 1994.

S. Haeri, Law of desire. Temporary marriage in Shi‘i Iran, Syracuse, N.Y. 1989.

——, Temporary marriage and the state in Iran. An Islamic discourse on female sexuality, in Social Research 59 (1992), 201–23.

W. B. Hallaq, Was the gate of ijtihad closed? in International Journal of Middle East Studies 16 (1984), 3–41.

——, Ijtihad in Sunni legal theory. A developmental account, in M. K. Masud, B. Messick, and D. S. Powers (eds.), Islamic

legal interpretation. Muftis and their fatwas, Cambridge, Mass. 1996, 33–43.

——, The quest for origins or doctrine? Islamic legal studies as colonialist discourse, in UCLA Journal of Islamic and Near Eastern Languages 2 (2002/3), 1–45.

S. F. Hirsch, Pronouncing and persevering. Gender and the discourses of disputing in an African Islamic court, Chicago 1998.

D. Kandiyoti, Bargaining with patriarchy, in Gender and Society 2:3 (1988), 274–90.

——, Women, Islam and the state, Philadelphia 1991.

——, Gendering the Middle East. Emerging perspectives, New York 1996.

D. Kandiyoti and A. Saktanber, Fragments of culture. The everyday in modern Turkey, New Brunswick, N.J. 2002.

C. MacKinnon, Feminism unmodified. Discourses on life and law, Cambridge, Mass. 1987.

——, Toward a feminist theory of the state, Cambridge, Mass. 1989.

——, Only words, Cambridge, Mass. 1993.

M. K. Masud, B. Messick, and D. S. Powers (eds.), Islamic legal interpretation. Muftis and their fatwas, Cambridge, Mass. 1996.

F. Mernissi, Beyond the veil. Male-female dynamics in a modern Muslim society, Bloomington, Ind. 1987 (rev. ed.).

——, The veil and the male elite. A feminist interpretation of women’s rights in Islam, trans. M. J. Lakeland, New York 1991.

——, The harem within, New York 1995.

S. E. Merry, Getting justice and getting even. Legal consciousness among working-class Americans, Chicago 1990.

E. Moosa, The poetics and politics of law after empire. Reading women’s rights in the contestations of law, in UCLA Journal of Islamic and Near Eastern Law 1 (2001/2), 1–46.

T. Oberweis and M. Musheno, Knowing rights. State actor’s stories of power, identity, and morality, Aldershot, U.K. 2001.

C. Smart, Feminism and the power of law, London 1989.

——, Law’s truth. Women’s experience, in R. Graycar (ed.), Dissenting opinions. Feminist explorations in law and society, Sydney 1990, 1–20.

——, Law, crime and sexuality. Essays in feminism, Thousand Oaks 1995.

J. Tucker, In the house of the law. Gender and Islamic law in Ottoman Syria and Palestine, Berkeley 1998.

James B. White, When words lose their meaning. Constitutions and reconstitutions of language, character, and community, Chicago 1984.

——, The legal imagination, Chicago 1973, abridged ed. 1985.

——, The edge of meaning, Chicago 2001.

M. C. Zilfi (ed.), Women in the Ottoman Empire. Middle Eastern women in the early modern era, Leiden 1997.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي