الدعوة النسوية لإصلاح قانون الأسرة نظرة عامة عبر البلاد

اعداد بواسطة:

ترجمة:

*ياكين إرتورك

ترجمة سهى رأفت

 

مقدمة

يعد تقنين ممارسات التمييز في الحياة الأسرية من أهم المشكلات التي تواجه النساء في جميع أنحاء العالم أثناء سعيهن لتحقيق المساواة والحصول على الحقوق. ويعتبر تعديل القوانين للقضاء على التحيزات الأبوية هو أحد أهم الأهداف المشتركة للحركات النسوية على الصعيد القومي والعالمي. وقد لعبت المناصرة النسوية، وتمثيل النساء في مواقع اتخاذ القرار، والأجندة العالمية للمساواة الجندرية دورًا محوريًا فيما يتعلق بالتشريعات الحساسة جندريًا، والتطورات القضائية في مجال القضايا المتعلقة بالأسرة في العديد من البلدان مؤخرًا.

في العقود السابقة ألهمت المثل العليا الجديدة للعدالة ونظام حقوق الإنسان نضال النساء من أجل المساواة، وسرعان ما أدركن أن الأسرة هي موضع تتشابك فيها انتهاكات حقوق الإنسان في المجالين العام والخاص، وأن قوانين الأسرة هي البنية القانونية للهيمنة والخضوع في كلا المجالين. ومن ثم أصبحت الممارسات التشريعية والقضائية التي تحكم العلاقات الأسرية مجالًا لنضال النساء على الصعيد العالمي، ولا سيما في قضايا مناهضة العنف ضد النساء.

يقدم هذا الفصل مقارنة عامة لثماني دراسات حالة تدور حول إصلاح قانون الأسرة، وهي المكوِّن البحثي في الحملة العالمية لإصلاح قانون الأسرة التي أطلقتها منظمة التضامن النسائي للتعلم، وتضم دراسات الحالة التي يدور حولها النقاش في الفصول التالية، عددًا من البلدان هي: البرازيل والهند وإيران ولبنان وفلسطين ونيجريا والسنغال وتركيا.1

مع الوضع في الاعتبار أن عدم المساواة الجندرية تتجلى في مواضع متنوعة، يفترض البحث أن قوانين الأسرة هي مواضع سياسية تؤسس لسيادة المصالح الأبوية وتبعية النساء بما في ذلك استخدام العنف، ومن هنا تأتي أهمية تلك القوانين. كما أن هذه القوانين المعروفة بقوانين الأحوال الشخصية، مرتبطة بالدساتير والقوانين الوطنية الأخرى مثل قانون العقوبات وقوانين العنف ضد النساء. عادة ما تكمل المفاهيم المتأصلة في التشريعات المعنية بعضها البعض، ولكنها تتباين أو حتى تتناقض مع بعضها البعض وهو ما يجعلها حسَّاسة بطبيعتها.

 

تقدم دراسات الحالة رصدًا للدعوة النسوية لإصلاح قانون الأسرة –في سياقات محددةوخاصة منذ السبعينيات عندما تصاعدت الفاعلية والتعبئة النسوية الجديدة. ويعتمد تقييم دراسات الحالة على رصد أوجه التلاقي أو الاختلاف في الطرق التي اتبعتها النساء في التعبئة أو تكوين تحالفات أو الدعوة. أما المقارنة بين البلاد وفقًا لقانون أسرة نموذجي، أو وفقًا لتحليل قانوني تقني للنصوص القانونية فهو أمر يتعدى نطاق هذا الفصل.1

إن تنوع القوانين وتفسيراتها وكذلك مبادرات التغيير التي تم تناولها في دراسات الحالة تدعو إلى إعادة النظر في بعض الجدالات الساخنة حول النساء والقانون، والتي عادة ما تُصاغ في شكل ثنائيات متعارضة: العلماني مقابل الديني، الأحادي مقابل المتعدد، من أعلى إلى أسفل مقابل من أسفل إلى أعلى، وكذلك الحديث مقابل التقليدي. ومن المهم أيضًا في نقاشنا هذا، التأمل في النظرة الاستشراقية التي تنظر إلى الدين الاسلامي باعتباره الوحيد الذي تتأصل فيه كراهية النساء. وهذا يطرح بعض الأسئلة الاجتماعية ذات الصلة: هل معنى التقدم السير في مسار مستقيم نحو الحداثة؟ هل يمكن للإصلاحات النابعة من أجندات الدولة أن تخدم الأهداف النسوية؟ هل القوانين العلمانية ضمانة المساواة الجندرية؟ كيف يمكن تطوير الحقوق الإنسانية للنساء في ظل التعددية القانونية؟ ما الثقافة الاجتماعية السياسية الأكثر مُلاءَمة لتعامل النسويات مع الدولة؟ ما احتمال حدوث تعبئة نسوية واسعة النطاق في سياقات الاستقطاب السياسي؟ سنحاول استكشاف الإجابة عن هذه الأسئلة عبر هذه المراجعة العامة لدراسات الحالة.

توضح دراسات الحالة أن تبنِّي قانون الأسرة كان جزءا من عملية بناء الدولة القومية التي اتخذت مسارات متنوعة تعكس تباين واختلاف التشكيلات الاجتماعية، وديناميات الحوكمة، وعلاقات القوى بين الدولة والمجتمع والفرد والخطابات الثقافية والاجتماعية والسياسية، ومستويات التطور، وتنوع التعبئة المدنية بما في ذلك النساء. كما سيتم التوضيح لاحقًا، خلال فترات مختلفة من القرن العشرين استلزم بناء الدولة القومية السير في عدة مسارات عند تبنِّي قوانين الأسرة. ففي بعضها تم استبدال أنظمة الأحوال الشخصية بقوانين مدنية موحدة، وفي البعض الآخر تم الحفاظ على أنماط مختلفة من التعددية القانونية القائمة على العرق والدين، وقد مهدت هذه التشكيلات الاجتماعية الطريق لعمل مبادرات إصلاح لاحقة.

تركز دراسات الحالة على مبادرات الإصلاح خلال الثلاثة عقود السابقة، على أن النقاش يتم في سياق تاريخي يوضح الملابسات وخصوصية التجربة في كل بلد على حدة، وفي الوقت نفسه يكشف النقاش عن أوجه التشابه والتحديات المشتركة التي واجهتها النساء أثناء المناصرة لتلك القضية عبر الزمان والمكان. توضح التجربة في كل بلد شكل شبكة العلاقات المعقدة للنظام الأبوي والدولة والمجتمع، والتنافس بين الخطابات الدينية/العلمانية والذي يكبل النشاط النسوي، دافعًا البعض للاعتماد على مصادر نسوية وعلمانية ومصادر حقوق الإنسان الدولية، والبعض الآخر للعمل من داخل إطار ديني /ثقافي. ويبدأ هذا الفصل بمناقشة موجزة عن مسارات متعددة لتبنِّي قانون الأسرة ضمن مسارات تشكيل الدولة القومية الحديثة، ومن ثمَّ تقييم نتائج دراسات الحالة حول الدعوة النسوية المعاصرة لإصلاح القانون، ويختتم الفصل بتأملات في الدروس المستفادة وآفاق نحو الفقه النسوي.1

تتمتع البلاد قيد النظر بمجتمعات متعددة العرقيات والأديان، وكذلك التمسك بعادات أسرية ذكورية وأبوية باستثناء إيران وتركيا، كما تشترك هذه البلاد في تاريخ يشوبه إرث الحكم الاستعماري، بالنظر إلى الكيانات الاجتماعية والسياسية المعقدة والمتنوعة بطبيعتها التي ورثتها الدول الناشئة، تطلب مشروع بناء الدولة القومية إعادة تشكيل أساسية للعلاقات بين الدولة والمجتمع والفرد، ولذا تم اختلاق أسباب لإشاعة التوتر ومطالبات تنافسية بين التشكيلات المستقبلية.

لقد فضل نموذج التحديث، الذي ظل على حاله إلى حد ما حتى الستينيات، إخضاع مراكز القوى التقليدية المهيمنة (القبيلة والديني/العرقي) لسلطة الدولة المركزية، والحداثة التي تم تصميمها على نهج مبادئ ويبرMax Weber “العقلانية القانونيةاستلزمت إنشاء مؤسسات عقلانية وعلمانية؛ حيث كان من المفترض أن التشكيلات التقليدية سوف تتلاشى مع الوقت، ولكن ذلك لم يحدث. فقد أدت عملية مقاومة الاستعمار في تلك البلاد إلى تطرف وتمكين مراكز القوى التقليديةبينما مهدت الطريق في الوقت نفسه لظهور ما يطلق عليه بظاهرة العالم الثالث، كما أنها رفضت نموذج التقدم الخطي لإحداث التطوير، ودعَّمت رؤية ثورية واشتراكية للعالم، مما ساعد على انهيار أسطورة التحديث. في هذا المنعطف، أصبح الدين نصيرًا في مرحلة النضال ضد الاستعمار واحتل مكانًا أساسيًا في التكوين المجتمعي وبناء الهويات.1

وبالتالي قدم القرن العشرون مسارات مختلفة لبناء الدولة مع وجود تداعيات كبيرة عن كيفية معالجة القضايا الخلافية المتعلقة بالدين وقوانين الأحوال الشخصية. وقد مهَّدَت الترتيبات الخاصة التي تم تبنِّيها في هذا المنعطف لوضع الأساس للمعايير القانونية والمؤسسية للأجيال القادمة.

ومن ثم، فإن التراث التاريخي، والتوجه الأيديولوجي للقيادة، وتوازن القوى بين الجماعات المُهيمنة، والتي تتقاطع مع ديناميكيات توقيت الاستقلال، أصبحت عوامل حاسمة في تشكيل النظم التشريعية المتعلقة بالأسرة في كل بلد. عبر السنوات، حدثت إصلاحات في تلك الأنظمة ولكنها لم تطل السمة الأبوية المشتركة التي استمرت دون تغيير يُذكر حتى السبعينيات؛ عندما نجحت النسويات عبر الدراسات الأكاديمية والنشاط النسويفي تحدي المشهد الاجتماعي والسياسي والخطاب العام بشأن الإصلاح.2

لأجل رصد نظرة عامة، تم تناول الاعتماد القانوني في البلاد الثمانية خلال الفترة التأسيسية لبناء الدولة من خلال مسارين عريضين: القوانين المدنية العلمانية الموحدة، وقوانين الأحوال الشخصية العرقية والدينية المتعددة3. لا يهدف تحديد هذين المسارين إلى اقتراح فئات ثابتة لا تقبل التغيير، ولكن لتوفير أساس للتمييز بين الاتجاهات والميول العامة، وتبقى إيران خارج كلا المسارين.

تنتمي البرازيل وتركيا إلى منطقتين جغرافيتين بعيدتين كلٌ عن الأخرى، والواقع التاريخي والثقافي الاجتماعي لكلٍّ منهما مختلف، لكنهما تعكسان نموذجًا للتماسك التشريعي القضائي. توجد أوجه تشابه كبيرة بين البلدين فيما يتعلق بتوقيت بناء الدولة القومية المناهضة للملكية، وتاريخ طويل نسبيًا في التعامل مع المؤسسات المعيارية والديمقراطية، برغم الانقطاعات الدورية بسبب التدخلات العسكرية. البرازيل وتركيا أيضًا عضوتان في النظم الإقليمية لحقوق الإنسان، وهو ما يوفر مستويات إضافية للتقاضي عندما تفشل السبل محليًا عبر اللجوء إلى المحكمتين الأمريكية والأوروبية لحقوق الإنسان على التوالي.

أدى إنشاء جمهورية علمانية في كل من البرازيل (1890) وتركيا (1923) إلى اعتماد قوانين مدنية موحدة مستوحاة من القوانين المدنية الفرنسية والسويسرية على التوالي، لتحل محل القانون البرتغالي الفلبيني في البرازيل (1916)4، والقانون العثماني لحقوق الأسرة (1917)5 في تركيا6. لم تكن النماذج الغربية العلمانية والحديثة التي غذَّت القوانين المدنية الجديدة في البرازيل وتركيا بالضرورة تدعو للمساواة7؛ لأنها كانت تستند عادة إلى مبدأ الأسرة الهرمية التي يرأسها الرجل. وهكذا، رغم تأصل المفاهيم الأبوية في كلتا التجربتين البرازيلية والتركية في عمل قوانين الأسرة، إلا أنهما قدمتا مسارًا للعلمنة المتزايدة بخصوص شئون الأسرة، مما أتاح للنساء في كلا البلدين نقاط بداية لتوسيع نطاق حقوقهن.

أما في البلدان الستة الأخرى، فإن فترة الاستقلال عن الحكم الاستعماري تنتمي بدرجات متفاوتة إلى فترة منتصف التسعينيات، أي مع تراجع وانحسار الظروف المواتية لسَنِّ قوانين موحدة للأسرة، الاستثناء من ذلك هي السنغال، التي تم إعلانها جمهورية علمانية في عام 1963 عندما اتخذت الحكومة خطوة جريئة لإنشاء نظام قانوني / قضائي موحد من خلال إلغاء المحاكم المنفصلة واعتماد قانون الأسرة العلماني الموحد Code de la Famille. ومع ذلك، لم يستمر ذلك طويلًا؛ ففي عام 1971، مع مقاومة قوية من الجماعات الدينية / المحافظة، كان لابد من إقرار استثناءات للمجتمع المسلم وذلك من خلال تضمين جزء منفصل عن قانون الميراث الإسلامي في قانون الأسرة.

كذلك يعكس المسار القانوني المتبع في البلاد الأخرى درجات متفاوتة من استمرار التعددية القانونية / القضائية المتوارثة من الحقبة الاستعمارية. اتسقت قاعدة التفتيت في ظل الاستعمار مع أهداف الحكام الاستعماريين ومكَّنتهم من التحكم في الشعوب والممتلكات والعمل.

ومع ذلك، فإن الأمر المثير للفضول هو لماذا اختارت الدول نظم التعددية القانونية في فترة ما بعد الاستعمار رغم أنها كانت تمثل تحديًا واضحًا لتعزيز سلطة الدولة. ومما يثير الحيرة أيضًا، لماذا تقوم الدول الناشئة والتي تلتزم دستوريًا بالمساواة أمام القانون بإخضاع مواطنيها لمعايير وقوانين مختلفة (Sezgin2013: 3-5). إن المشهد الاجتماعيالسياسي في منتصف القرن العشرين، والظروف الخاصة التي تواجه كل دولة هي المسئولة عن الاختيارات التي تم اتخاذها: اختار البعض توحيد المحاكم مع الحفاظ على معايير التعددية أو العكس، واختار البعض الآخر التفتيت على مستوى المعايير وعلى المستوى المؤسسي. في بعض الحالات، اعتبر الآباء المؤسسون أن الخيارات التي تم اتخاذها في المرحلة الأولية بمنزلة حل وسط مؤقت قصير الأجل، ولكن غالبًا ما أدت تلك الترتيبات إلى خلق مسارات تنظيمية دائمة عصية على التغيير.

إن التعددية القانونية في دول مثل: الهند ولبنان ونيجيريا، تحدد العلاقات بين المجتمعات الدينية والأقلية بالأغلبية؛ ولذلك، فإن الإصلاحات القانونية الجذرية في مثل هذه السياقات يمكن أن تؤدي للانقسام والاستفزاز، على سبيل المثال، في الهند، برغم الديمقراطية الدستورية العلمانية والتزام القيادة بالدعوة لإصلاح قانون الأسرة إلى نظام قانوني علماني موحد، ظلت هناك أربع مجموعات رئيسية من قوانين الأحوال الشخصية الدينية (كل منها متنوع داخليًا ومحل نزاع)، وهي هندوسي، مسلم، مسيحي وبارسيتم تدوينها بشكل منفصل عن الهيكل الرئيسي للقانون المدني الموحد، تفصل المحاكم المدنية في جميع قضايا قانون الأحوال الشخصية.

على الجانب الآخر، حافظ لبنان على التعددية التشريعية والقضائية، فهناك ثماني عشرة طائفة وهناك خمسة عشر قانونًا مختلفًا –تعرف باسم الإعلانات ومعترف بها دستوريًاتمتد جذوره إلى مشروعات بناء الدولة عندما كان لبنان مقاطعة عثمانية1، وعندما كانت البلاد تحت الانتداب الفرنسي(1920–43).. وهكذا، همَّشت الدولة نفسها قانونيًا فيما يتعلق بشئون الأسرة، تاركة المواطنين اللبنانيين لانتماءاتهم وفقًا للقرابة أو الديانة. (جوزيف 2000: 130). التعددية الدينية والتشريعية والقضائية في لبنان شاملة، وهي لا تتمثل فقط في الأحوال الشخصية، بل تمتد أيضًا لنظم التمثيل والحكم. منذ الاستقلال، تم تخصيص مقاعد في البرلمان وأجهزة الدولة وفقًا لنسبة الطوائف الدينية بين السكان، والذي اعتمد بشكل أو بآخر على تعداد عام 1932، وقد مكَّن هذا النظام القادة الدينيين من ترسيخ نفوذهم على الحياة الاجتماعية والسياسية والقانونية، وخلق جبهة أبوية قوية.

يتسم النظام التشريعي والقضائي النيجيري بهيكل مزدوج على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات، إضافة إلى الانقسام بين الشمال والجنوب، بالتنوع الثقافي والديني بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي. في الجنوب، يتم العمل بقانون جنائي مأخوذ عن القانون الإنجليزي في محاكم ذات الطابع الإنجليزي، بينما يُطبق القانون الاسلامي في الشمال من خلال محاكم شرعية. أدت التناقضات بين القانون الإنجليزي والقانون الإسلامي إلى إصلاح النظامين القانوني والقضائي في المنطقة الشمالية؛ مما أدى إلى سَنِّ قانون عقوبات تلتزم بتطبيقه جميع المحاكم.

التعددية القانونية التي ورثتها فلسطين عن ماضيها الاستعماري، تفاقمت بسبب الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني، وهي حالة لا مثيل لها في التاريخ الحديث. قبل الاحتلال الإسرائيلي، عاش الفلسطينيون تحت الحكم العثماني، تلاه الانتداب البريطاني (1922–47). خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1947، والتي أنشأت إسرائيل، تركت الضفة الغربية وقطاع غزة لحكم سياسي مختلف، حيث خضعت الضفة للحكم الأردني وقطاع غزة للحكم المصري. في عام 1967، بعد حرب الأيام الستة، احتلت إسرائيل القدس الشرقية وكل الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان وسيناء. كان كل نظام حكم على الأراضي الفلسطينية يعني إضافة قوانين جديدة إلى الإطار القانوني / القضائي الساري، مما أدَّى إلى تعايش النصوص والمحاكم المتنافسة، وإخضاع الفلسطينيين لخليط من القوانين الموروثة من مصادر وفترات تاريخية مختلفة: 1917 قانون الأسرة العثماني، وقوانين من زمن الانتداب البريطاني، والقوانين الأردنية والمصرية، والأوامر العسكرية الإسرائيلية. أدَّى هذا التعدد في القوانين بطبيعة الحال إلى عدم وجود قانون متَّسق للأحوال الشخصية يحكم الحياة الأسرية وحياة المرأة الفلسطينية، مسلمة كانت أو مسيحية.

أخيرًا، مسار إيران بخصوص قانون الأسرة؛ رغم وجود اتجاهات مشتركة مع البلاد المذكورة أعلاه، فقد اتخذ المسار الإيراني منعطفًا واضحًا في عام 1979 مع الثورة الإسلامية، ومثَّل انحرافًا عن الإصلاحات القانونية الحداثية التي تم وضعها خلال عهد بهلوي. لم تضع الثورة الإسلامية فقط نهاية لهذه الإصلاحات، لكنها كانت تتسم أيضًا بالرجعية عندما فرضت الفصل الصارم بين الجنسين وكذلك فرضت قواعد اللباس. والقوانين التي قدمها الخميني قبل يومين من الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1979، كانت مؤشرًا على تراجع حقوق النساء؛ حيث تم استبدال الإصلاحات السابقة بقانون أسرة قائم على الشريعة، ومحاكم خاصة يترأسها قضاة ذكور من رجال الدين.

في ختام هذا الجزء، يمكن القول إنه بغض النظر عن الطرق المختلفة التي تعاملت بها الدول مع أنظمة الأحوال الشخصية، فقد كانت لها آثار عميقة على مساواة النساء في حق المواطنة والتمتع بحقوق الإنسان العالمية في بعض الحالات فتحت مداخل جديدة، في البعض الآخر حجبت الحقوق ومساحة الحرية الفردية باستثناء البرازيل، كان دور الإسلام والفقه الإسلامي سمة رئيسية في مسارات البلاد التي تم فحصها، وبالنظر إلى التسييس الشديد للإسلام في الوقت الراهن، أصبحت الإستراتيجية المشتركة بين النساء لإصلاح القانون لها متطلبات كثيرة.1

الجزء التالي يكشف كيف واجهت الحركات النسوية في دراسات الحالة التحديات التي فرضتها تلك الاتجاهات والتوجهات، وكيف انعكس ذلك على جهودهن في الدعوة لإصلاح قانون الأسرة في بلادهن.

صعود الفاعلية النسوية الجديدة

أبرز النقاش السابق المسارات المختلفة التي تطورت من خلالها نظم الضبط المتعلقة بشئون الأسرة في أوائل ومنتصف القرن العشرين في البلاد التي تم استعراضها. وقد تعرضت حقوق النساء في النماذج المختلفة لقانون الأسرة، سواء كانت علمانية أو دينية، للاستغلال أو التضحية بها من أجل أولويات أخرى أثناء عملية تكوين الأمة. وعلى مر السنين واصلت الدول العمل على إصلاح القوانين، ورغم استمرار عملية الاصلاح، إلا أنها نادرًا ما كانت تسير في اتجاه مستقيم. فقد أظهرت مبادرات الإصلاح اتجاهات تقدمية وتراجعية في جميع البلاد، وفقًا للتغيرات في العوامل الاجتماعية، وأدى ذلك إلى التوسع في حقوق النساء أحيانًا أو الحد منها في أحيان أخري.

في هذا الشأن، توضح حالة السنغال كيف تم تمزيق قانون الأسرة العلماني الموحد، الذي تم تبنيه في البداية، بسبب المطالبة بقانون قائم على الدين للمجتمع المسلم. والمثال الأكثر وضوحًا هو تركيا، حيث بعد ما يقرب من قرن من العلمانية ومرحلة طويلة من النشاط النسوي الفاعل والتي أدت إلى إصلاحات ناجحة، فإن السلطة الأبوية المزينة بالأسلمة، تعود اليوم بقوة إلى السياسة الاجتماعية والقانون.

تحولت جهود الحركة النسائية العالمية والأمم المتحدة إلى نظام دولي شامل لحقوق النساء. ومع انتشار اهتمامات النساء من المحلي إلى العالمي، تنوعت الحركة النسائية وكذلك أجندة الأمم المتحدة لتحقيق المساواة الجندرية، والتي شهدت تحولات في التركيز من تحقيق المساواة الرسمية إلى دمج النساء في التنمية، إلى تمكين النساء، إلى حقوق الإنسان للنساء، وإلى النساء والسلام (Ertürk 2016، Jain 2005، Snyder 2006). وقد شجع هذا النظام على حدوث تغيير داعم لحقوق النساء على المستوي الوطني –متواضعًا في بعض الأحيان أو مثيرًا للإعجاب في أحيان أخرى –في كل مكان في أركان العالم الأربعة.

 

مثل اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (السيداو)، المعروفة أيضًا باسم الشرعة الدولية لحقوق النساء رغم خلوها من مواد حول مسألة العنف ضد النساءانتصارًا كبيرًا في تغيير شكل العلاقات الدولية. وقد حدثت الطفرة الرئيسية في مجال الحقوق الإنسانية للنساء في التسعينيات؛ ففي عام 1992 اعتمدت لجنة القضاء على التمييز ضد النساء التوصية العامة (19) 1 التي تعرِّف العنف ضد النساء باعتباره شكلًا من أشكال التمييز، وفي عام 1993 اعترف مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان رسميًا بأن العنف ضد النساء يعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان.

على عكس الأجندات السابقة المتعلقة بالنساء، فإن الاعتراف بالعنف ضد النساء باعتباره أحد اهتمامات السياسة العامة، مَثَّلَ دفعة كبيرة لتعبئة النساء في جميع أنحاء العالم، وكذلك أدى لوضع الجوانب المُسلَّم بها في الحياة اليومية والتحريض على العنف موضع المساءلة من خلال الهياكل التشريعية والقضائية. التركيز على العنف ضد النساء واعتماد قوانين مدنية مناهضة للعنف الأسرى، في العديد من البلاد، كشف النقاب عن التقاطعية2 بين العنف ضد النساء وأنظمة الملكية (النفقة والميراث) في قوانين الأسرة، والتي تحدد في نهاية المطاف قدرة النساء على تخطي العنف وطلب الحماية بموجب تشريعات مناهضة العنف الأسري.

لذلك، يمكن القول بأن أجندة مناهضة العنف ضد النساء قد أسفرت عن نتائج تحويلية، لا سيما في ثلاثة جوانب:

(1) في الفهم التقليدي لحقوق الإنسان بما يتجاوز الانتهاكات التي ترتكبها بشكل رئيسي الجهات الحكومية في المجال العام.

(2) أن مبدأ مسئولية الدولة يتضمن المسئولية عن تصرفات الأفراد في المجال الخاص، والاثنان معًا يزيلان الغموض عن ثنائية العام/الخاص في القانون.

(3) تضمين أنواع جديدة من الجرائم في أنظمة العدالة الجنائية. (Ertürk 2016: 133) واليوم، أصبح العنف ضد النساء أحد قضايا السياسة العامة، ليس على أجندة المنظمات النسائية فقط ولكن أيضًا على أجندة الدول المكلفة بمعالجة القوانين التي تحكم العلاقات الأسرية ومطالب النساء في هذا الشأن.

توضح دراسات الحالة كيف وفَّر النضال من أجل سن قوانين مناهضة العنف ضد النساء أرضية إستراتيجية للحركة النسائية للتنسيق والعمل معًا حول دعوة إصلاح قوانين الأسرة، على سبيل المثال، كان إصدار قانون (حظر) العنف ضد الأشخاص1 في نيجيريا هو نتيجة سنوات من النشاط النسوي، والذي انطلق من ورشة عمل، عقدت في أبوجا، للدعوة التشريعية حول مناهضة العنف ضد المرأة في عام 2001. بعد ورشة العمل، قام تحالف الدعوة التشريعية لمناهضة العنف ضد المرأة (LACVAW)، والمؤلف من خمسين منظمة محلية ودولية وأفراد، بالضغط من أجل عمل مشروع قانون وطني يحظر العنف ضد النساء. ونجح التحالف في خلق دعم واسع النطاق لمشروع القانون من خلال الشراكات والتحالفات الإستراتيجية مع الجهات الفاعلة الأخرى ذات التفكير المماثل، بما في ذلك المنظمات الفيدرالية والمشرعون. تم تبني مشروع القانون أخيرًا فقط في عام 2015، مما يكشف عن تسامح المجتمع مع العنف ضد المرأة.

اعتبرت النسويات اللبنانيات التعددية الطائفية عقبة رئيسية في نضالهن من أجل المساواة الجندرية وطالبن بقانون مدني موحد لمواجهة التشظي الاجتماعي في البلد. في عام 1996، اقترح الرئيس قانون الأسرة المدني الاختياري وعرضه على مجلس الوزراء في عام 1998. وكان لا بد من تأجيل مشروع القانون المقترح إلى أجل غير مسمى بسبب المعارضة الشديدة من جميع الطوائف تقريبًا (Joseph 2000; Maktabi 2013)؛ نظرًا لأن العديد من المبادرات التي طرحت لإصلاح أنظمة الأحوال الشخصية أثبتت عدم جدواها حتى الآن، يشير كاتبا دراسة الحالة الخاصة بلبنان إلى أن تركيز الجهود لإصلاح قانون العنف الأسري لعام 2014 قد يكون، على المدي الطويل، أكثر إستراتيجية في تفكيك النظام الذكوري داخل الأسرة.2

باستثناء إيران، تعتبر جميع الدول التي تم استعراضها طرفًا في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (اتفاقية السيداو). تستخدم المنظمات النسائية الاتفاقية لمساءلة حكوماتها عن التزاماتها التعاهدية، ولتوعية السكان من خلال نشر التوصيات الختامية للجنة سيداو بخصوص بلادهن، والضغط على الحكومات لجعل القوانين الوطنية متماشية مع المعايير الدولية. لكن واقع أن معظم الدول أدرجت تحفظات واسعة النطاق على الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق بالأحكام التي تخص الأسرة وحقوق المواطنة، قد أثر على قابلية تلك الاتفاقية للتطبيق الفعال (Arat 2003). لذلك، شنت النسويات حملات موازية تهدف إلى إزالة التحفظات وتعديل القوانين التمييزية. تقدم دراسات الحالة وصفًا وافيًا لشرح كيف أدى التصديق على اتفاقية السيداو قد أعطى دفعة لمبادرات الإصلاح التي تدعو لها النساء في الدول الأطراف3. وقد أدَّى انخراط النساء في النظام الدولي للمساواة الجندرية أيضًا إلى تحدي التشكك النسوي في التعامل مع الدولة؛ وذلك لأن الدولة وأجهزتها أصبحت مراكز مهمة للنساء للعمل على دفعها للامتثال لأحكام القانون الدولي.

على سبيل المثال، تم تحقيق الطفرة باعتماد القانون البرازيلي ماريا دا بِنها Maria da Penha Law في (2006) بشأن مناهضة العنف ضد النساء إلى حد كبير من خلال شن حملات مناصرة القانون في إطار الأدوات الدولية، وكانت مطالبة الحكومة البرازيلية بالامتثال لتوصيات لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ذات أهمية خاصة. وبالمثل، تدين الحملات النسوية في الهند حول الاعتداء الجنسي والوفاة بسبب المهر –وهي حملات من أجل الإصلاح القانونيبنجاحها جزئيًا إلى اتفاقية السيداو 4. في عام 1999، استشهدت المحكمة العليا في الهند بأحكام من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعلان بكين، والمادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في حكمها في قضيتين وفسرت الأحكام القانونية لصالح المساواة في الوضع بين الأم والأب تجاه الابن القاصر. وفي عام 2004، عدل البرلمان التركي مادة المساواة في الدستور بما يتماشى مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. أدخل التعديل صياغة حول مسئولية الدولةلضمان المساواة في الممارسة العملية. ومع ذلك، تم استبعاد مبدأ التمييز الإيجابيالذي طالبت به المجموعات النسائية.

وقد أدَّى الاجتماع الأولي لـ 120 منظمة نسائية في الرباط تمثل سبع عشرة دولة، بقيادة المنظمة النسوية المغربية، الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب (ADFM)، إلى إطلاق حملة المساواة دون تحفظات لعام 2006؛ وذلك للضغط على الحكومات لرفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، ومواءمة القوانين الوطنية بمبادئها، وتبني بروتوكولها الاختياري. في عام 2011، سحب الملك تحفظات المغرب على المادتين 9 (2) و16، وبعد ذلك سحبت الحكومة باقي التحفظات.

غياب دولة ذات سيادة في فلسطين تتم محاسبتها على الامتثال للمعايير الدولية يجعلها حالة مميزة في شأن النشاط النسوي بها. قبل عام 2012، نظرًا لوضعها الدولي، لم يكن للسلطة الوطنية الفلسطينية الحق في التوقيع والتصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لكنها التزمت من جانبها بالالتزام بالقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء. أدَّى ذلك إلى تحفيز الحركة النسائية، حيث أصبح بإمكانها الآن استخدام الاتفاقية كنقطة مرجعية قانونية لصياغة مقترحاتها بشأن إصلاح نظام الأحوال الشخصية.

برغم قصص النجاح العديدة حول كيف ساعدت اتفاقية السيداو وغيرها من آليات لحقوق الإنسان الدولية والإقليمية على وضع المعايير الوطنية في مجال المساواة الجندرية، استمر القانون الدولي المتعلق بحقوق النساء موضع نزاع شديد، فقد أدَّى التحول نحو سياسات الهوية القائمة على الثقافة ونمو الحركات الدينية المتطرفة في حقبة ما بعد الحرب الباردة إلى إطلاق العنان لهجمات جديدة على حركة حقوق الإنسان النسائية. على الجانب الآخر، فإن نموذج الأمن القومي، بصبغته العسكرية والقومية، والذي اكتسب أهمية بعد 11 سبتمبر، قلص حماس الدول واستعدادها للامتثال للمتطلبات الدولية لحقوق الإنسان.

في حالة إيران، بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أصبحت حقوق الإنسان نقطة خلاف بين النظام والمجتمع الدولي من ناحية، والإيرانيين الأكثر ليبرالية من ناحية أخرى. التزم الحكام الجدد بموقف النسبية الثقافية واختاروا أن ينأوا بأنفسهم عن المعايير العالمية لحقوق الإنسان، التي وصفوها بأنها ذات طبيعة غربية، يعكس هذا المقطع من افتتاحية في صحيفة طهران تايمز (6 فبراير 1996)، وقت زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بشأن حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، عقلية المسئولين في إيران في ذلك الوقت.

الجميع يحترم معايير حقوق الإنسان، ومع ذلك، فإن أي حكم على حالة حقوق الإنسان في بلد ما يجب أن يكون منسجمًا مع ثقافة الأمة ودينها وتقاليدها. يجب ألا يستسلم المبعوث الخاص للضغوط المباشرة وغير المباشرة من الولايات المتحدة والقوي الغربية الأخرى التي تهدف إلى استخدام حقوق الإنسان وسيلةً للضغط ضد إيران.” (Karabell 2000: 212)

هذا هو الرأي العام للإسلاميين والمتشددين الآخرين وحلفائهم من النساء، الذين شنوا هجومًا ضد اتفاقية السيداو، التي يعتبرونها تعديًا دخيلًا وغريبًا على الأسرة وثقافة البلاد. في أعقاب الربيع العربي، أصبح هذا الخطاب واضحًا بشكل خاص أثناء محاولات التخلص من تأثير الآليات الدولية لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، في مصر، طالب أعضاء البرلمان السلفيون بقوة بالانسحاب من الاتفاقية.

في حين أن هذه الأمثلة قد تبدو متطرفة، إلا أن الواقع يبقي أنه في جميع المجتمعات التي تتمتع الخطابات الثقافية/الدينية، المدعومة بقوة من قبل مراكز السلطة باعتبارها جزءًا من استراتيجيتها السياسية، تحظى بالدعم الشعبي بما في ذلك من قبل بعض النساء إما من خلال الإجماع الديمقراطي أو القمع، أو التلاعب؛ لذلك، في حين أن المساواة الجندرية قد تكون هدفًا مشتركًا للنساء عمومًا، غالبًا ما تكون هناك اختلافات لا يمكن التوفيق بين تفسيراتها وكيفية تحقيقها بين مختلف المجموعات النسائية.

فمن ناحية أخرى، فيما هو أبعد من الثقافة والدين، غالبًا ما تحدد التعددية القانونية العلاقات بين الأقلية والأغلبية، حيث تكتسب قوانين الأحوال الشخصية معنى جماعيًا وتصبح مصدرًا لتعبئة المجتمع من أجل الاستقلالية. في هذا الصدد، تتشابك عناصر المناصرة النسوية لإصلاح قانون الأحوال الشخصية مع الاهتمامات المجتمعية والدينية والوطنية، وتقع الدعوة النسوية للتغيير التشريعي في مناخ يتسم بالتوتر والنزاع الشديدين على عدة مستويات: بين حقوق الإنسان والخطابات الثقافية، وبين الحقوق الفردية والجماعية (كما هو الحال بالنسبة للتعددية القانونية، على سبيل المثال، في الهند ولبنان)، وأيضَا بين المجموعات النسائية المختلفة. ومع ذلك، فإن هذه الشبكة المعقدة من علاقات القوى والخطابات المتنافسة ليست ثابتة، حيث تشمل كيانات اجتماعية وسياسية في حالة دائمة من التصالح وإعادة التنظيم، مما يتطلب من النسويات تعديل إستراتيجيات هن باستمرار وفقًا لذلك.

حتى الآن، وفَّرت البيئات السياسية الليبرالية مناخًا ملائمًا نسبيًا للنسويات لاستخدام القانون الدولي بوصفه أداة مساومة أساسية لحشد الدعم من المجتمع المدني، بما في ذلك المجموعات النسائية المتنوعة، وذلك لإخضاع الحكومات للمساءلة عن التزاماتها التعاهدية.1 اختارت النساء التي تعيش في بيئات مقيدة، إما كخيار إستراتيجي أو عن قناعة، الدفاع من داخل الأعراف والقيم الدينية الراسخة. ومع ذلك، يجادل البعض بأن هناك حدًّا لمقدار ما يمكن أن تحققه النسويات من خلال تفسير النصوص الدينية، وأن الاعتماد الشديد على مثل هذه الأساليب للإصلاح يمكن أن يميز ما تم تحديده في النصوص الدينية باعتباره الإطار الشرعي الوحيد للمطالبة بالحقوق” (مقتبس في Sezgin 2013: 217. (

قادت النسويات المغربيات من خلال ائتلاف واسعحملة استمرت اثني عشر عامًا لإصلاح المدونة شديدة التمييز، من خلال دمج القراءة التقدمية للنصوص الدينية. ومع ذلك، كانت العملية شديدة الاستقطاب، وفي النهاية، تم حل المعضلة بتأييد الملك للقانون الجديد، حين صرح بأنه يتوافق مع الشريعة.

بلغ الدعم والمعارضة للإصلاحات المقترحة ذروتهما في 12 مارس 2000، عندما أيدت مسيرة واحدة جمعت ما بين 40.000 و100.000 شخص حقوق المرأة، بينما احتج ما بين 100.000 و200.000 شخص على التأثيرات المعادية للإسلام في مسيرة مضادة أخرى. (Maktabi 2013: 292)

يعود نجاح إصلاح قانون الأسرة المغربي إلى ثلاثة عوامل: العمل النسوي الجماعي في بناء الائتلاف، وتأييد الحكومة، والبيئة العالمية التي كانت مواتية لحقوق النساء. (Moghadam and Roudi-Fahimi 2005: 6). على الرغم من محدوديته، فإن قانون الأسرة المغربي لعام 2004، مهم لأنه مؤشر على تحول في ميزان القوي بين موقف الشبكات القبلية الأبوية وسلطة الدولة لصالح أهداف الحركة النسائية، كما أظهر أيضًا أن التغيير من الممكن أن يحدث في بيئة محافظة إلى حد ما من خلال العمل الجماعي.

نظرًا لصعوبة النقاش النسوي أو الحقوقي في إيران بعد ثورة 1979، كانت إستراتيجية الحركة النسائية هي العمل من داخل النموذج الديني، من خلال تحدي التفسيرات المحافظة للفقه الإسلامي والتحاور مع علماء الدين. وفي الوقت نفسه، ركَّزت الحركة النسائية أيضًا على طرق لتقليص تأثير القوانين التمييزية على النساء، وانخرطن في برامج التوعية بين النساء والرجال على حد سواء. وقد كانت حملة المليون توقيع، التي أُطلقت من أجل إصلاح شامل لقانون الأسرة في إيران مستوحاة من التجربة المغربية، وكانت فعالة بشكل خاص في تثقيف النساء والرجال حول حقوقهم ومحدودية القوانين القائمة، وكذلك كان لها الأثر في تشجيع المجتمع المدني للضغط على الدولة من أجل إجراء الإصلاحات.

عندما تتشابك خيوط قانون الأسرة مع التوترات المجتمعية متعددة الأعراق والأديان، تواجه الدعوة النسوية لإصلاح قانون الأسرة تحديات من الخارج والداخل. فبالنسبة للحركة النسوية في الهند، فإن الجدل حول القانون المدني الموحد والذي يعود تاريخه إلى الفترة المبكرة من الاستقلالكان شديد الحساسية لأنه فجَّر اضطرابات، لا تتعلق بالأساس بحقوق النساء ولكن بالأحرى كأداة للوحدة الوطنية، تهمش الاهتمامات الجندرية. في هذا الصدد، فإن تصاعد التوترات الطائفية بشأن قرار المحكمة العليا في قضية شاه بانو (التي منحت بانو الحق في النفقة من زوجها السابق) يوضح كيف ترتبط التوجهات السياسية المجتمعية بقانون الأحوال الشخصية، حيث يجد فيه المجتمع مجالًا للتعبير بوضوح عن الاختلافات. اعتبر المجتمع المسلم هذا الحكم تعديًا على الشريعة الإسلامية. ودفعت ردود الفعل الحكومة إلى بدء الإجراءات البرلمانية التي ألغت قرار المحكمة العليا. كانت هذه القضية علامة فارقة في سعي النساء المسلمات إلى تحقيق العدالة وخوض المعركة السياسية حول قانون الأحوال الشخصية.

تصاعد الأزمة في التفاعلات السياسية الطائفية في الثمانينيات بسبب تسييس قانون الأسرة والربط المتزايد بين القانون المدني الموحد والهيمنة الهندوسية، أدَّى إلى اختطافالقضايا الجندرية واستغلالها في مجالات أخرى. ومع انهيار التوافق العلماني النسوي ظهرت التحولات والانقسامات داخل الحركة النسائية. ومع إعاقة العمل النسوي الجماعي، أخذت المفاوضات مع النظام وجهود الإصلاح النسوية، تلقائيًا، طريقًا مختلفًا في كل من الأديان الرئيسية. ومع ذلك، على الرغم من تنافس الأغلبية / الأقلية وتأثير الأغلبية الهندوسية تحديدًا على حقوق النساء، وخاصة من الأقليات؛ فإن صمود النساء المسلمات منذ قضية شاه بانو 1 في الثمانينيات إلى قضية شايارا بانو في عام 2016- 2في مواجهة المتشددين الإسلاميين وفى مواجهة المواقف السياسية لحركة الهندوتفا (Hindutva) المتطرفة، يسلط الضوء على قوة النسويات في الهند حتى في أوقات الحصار “(الفصل 4 من هذا الكتاب: 66).

وتشير النسويات الفلسطينيات، اللواتي طالما دعين إلى دولة علمانية وتطبيق قانون أحوال شخصية مدني كهدف طويل المدى، أنه كانت هناك لحظات من التحول من نهج علماني إلى نهج توفيقي من أجل تحقيق هدفهن على المدى القصير، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتحالف مع المجموعات النسائية الأخرى.

نجح استخدام مقاربة عالمية الحقوق الإنسانية للنساء كأداة للتفاوض في السياقات التي كان فيها خطاب الدولة أكثر تقبلًا لمؤسسات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية، كما حدث في البرازيل، التي شاركت بنشاط مع كل من الأمم المتحدة وكذلك منظمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان. مشاركة الحركة النسوية في البرازيل في فعاليات العام العالمي للمرأة والمؤتمر العالمي الأول للمرأة الذي اتعقد في المكسيك 1975، ألهمت الحركة في مسيرتها الطويلة من الدعوة لحقوق النساء أسفرت عن الاعتراف بالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في دستور عام 1988.

وفقًا لدراسة الحالة البرازيلية، لعبت الحركة النسوية دورًا رئيسيًا في مواجهة النظام الأبوي في المجالين العام والخاص في ظل كل من العهود الديكتاتورية والديمقراطية. منذ عام 1975 وحتى اعتماد دستور عام 1988 (الذي يشير إلى العودة إلى الديمقراطية)، وبدافع من نموذج حقوق الإنسان، كانت النسويات قوة دافعة من أجل التغييرات في التشريعات التمييزية وإنشاء آليات مؤسسية للنهوض بالمرأة. في هذا السياق، نظمت النسويات اجتماعات على مستوي الدولة وأقامت تحالفات مع مجموعات نسائية مختلفة ونواب لخلق قاعدة عريضة لدعم أجندتهن. تضمنت تلك الأجندة مطالبة الأحزاب السياسية بإدماج منظور حقوق المرأة في برامجها. وفقًا لبيتانجوى (دراسة حالة البرازيل)، كان للدعوة النسوية لحقوق المرأة في البرازيل طابع سياسي قوي بشكل خاص في الثمانينيات. مبكرًا في عام 1976، قدمت مجموعة من النسويات إلى الكونجرس اقتراحًا بإجراء تعديلات على القانون المدني لضمان المساواة بين الرجل والمرأة في شئون الحياة الأسرية، وهو ما تحقق أخيرًا في عام 2002.

كان القانون الدولي أيضًا أداة مساومة أساسية للحركة النسائية التركية، التي ظهرت بعد التحول إلى الديمقراطية بعد الانقلاب العسكري عام 1980 الذي سحق جميع القوى الديمقراطية والجمعيات المدنية في البلاد. في عام 1986، تم جمع سبعة آلاف توقيع وتقديمها إلى البرلمان في إطار حملة تنفيذ اتفاقية القضاء السيداو. كان هذا أول تحرك جماهيري منذ عودة الحكم المدني في عام 1982، مما دفع النسوية التركية سيرين تيكيلي Şirin Tekeli إلى تصوير الحركة النسوية على أنها رائدة في التحول الديمقراطي في تركيا (Tekeli 1990: 20).

توضح الحالة التركية كيف استغلت النسويات بمهارة البيئة التمكينية التي خلقتها عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي (EU) ؛ للضغط من أجل تحقيق أجندتهن للقضاء على القوانين التمييزية. إن التركيز على الإصلاح القانوني ومراقبة تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة قد مكَّن بالفعل النسويات من بناء تحالفات مع المجموعات النسائية الأخرى، والتي استحوذت على الخطاب العام من خلال نقاش حيوي حول حقوق النساء. سلطت النسويات الضوء على التناقضات المتأصلة في القوانين الحالية فيما يتعلق بالتزامات تركيا الدولية، ومتطلبات عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من خلال وسائل الإعلام والحوار مع أعضاء البرلمان. إزالة مفهوم رب الأسرةوإدخال نظام الملكية المتساوية في القانون المدني المعدل (2002) والاعتراف بالجرائم الجنسية في قانون العقوبات الجديد (2005) كجرائم ضد السلامة الجسدية للنساء (مقابل كونها جرائم ضد الأخلاق العامة) هي إنجازات بارزة للدعوة النسوية، ومؤشر على التحول بعيدًا عن تعريف النساء في القانون كفئة بحاجة إلى الحماية، ومن ثم اختراق جوهر العلاقات الذكورية.

كما في حالة النسويات البرازيليات، استمدت الحركة النسائية التركية شرعيتها من تعزيز التضامن عبر ائتلاف من مجموعات نسائية متنوعة ومستقلة والتفاعل مع الأجندة النسوية العالمية ونظم المساواة الجندرية. وللأسف، كما ذكرنا سابقًا، فإن البيئة التمكينية التي أدت إلى عملية إصلاح ناجحة تواجه الآن ردود أفعال عنيفة وكذلك تواجه استبدادًا سياسيًا، والذي يعمل بشكل منهجي على احتواء وتهميش الأجندة النسوية والنشاطية النسوية، مما يضع قيودًا على القضاء المدني بشكل عام.

قبل ختام هذا الجزء، هناك ما يبرر إعادة النظر في حالة لبنان باختصار. كما هو مبين، فإن وضع النساء في لبنان مرتبطٌ بخمسة عشر قانونًا منفصلًا للأحوال الشخصية، مما يجعل الدعوة النسوية لإصلاح قانون الأسرة عملًا صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر. وجود العديد من الولايات القضائية التي تمنح للمجتمعات الدينية الاستقلالية والسلطة يعمل بشدة على تقويض شديد الشخصية القانونية المستقلة للمرأة. إن التنوع الديني الذي يحمي شرعية التعددية الدينية مع عدم التجانس الاجتماعي في الوقت نفسه، يحد من مساحة المناورة النشاط النسوي المستقل للضغط من أجل تغيير قانون الأسرة (Maktabi 2013: 303).

بالقياس بمؤشرات مختلفة، يضع الجمود في مجال إصلاح قوانين الأحوال الشخصية لبنان خلف العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. على سبيل المثال، وفقًا لدراسة لمؤسسة فريدوم هاوس، يحتل لبنان المرتبة الخامسة فيما يتعلق بعدم التمييز والوصول إلى العدالة، ويأتي بعد تونس والمغرب والجزائر ومصر (Nazir and Tomppert 2005: 25). بينما، وفقًا لمكتبي (2013)، تتمتع المرأة اللبنانية بأكثر أشكال حرية التعبير انتشارًا في الشرق الأوسط، بفضل سهولة انتشار وسائل الإعلام والشبكات عبر الوطنية” (المرجع نفسه: 305). هذا الوضع المتناقض لوضع النساء في لبنان هو شهادة واضحة على حقيقة أنه لا يوجد نهج بعينه أو مقاس واحد يناسب الجميعللنسوية الفاعلة ونشاط النساء.

تعليقات ختامية

كشفت مراجعة دراسات الحالة عن الطبيعة الجدلية لإصلاح قانون الأسرة عبر المناطق المختلفة، في علاقة ذلك بتحقيق النساء لانتصارات أو تعرضهن لردود أفعال عنيفة. كما أنها تقدم دليلًا على أنه على الرغم من الاتجاهات المتراجعة، فقد أصبحت الفاعلية النسوية والمطالبة بالمساواة والعدالة راسخة بقوة في الخطاب العام والمشهد السياسي العام.

إن المناخ الصعب الذي تجري فيه النضالات من أجل الحقوق الإنسانية للنساء جعل من الضروري أن تتبنَّى النسويات إستراتيجيات متنوعة عبر الزمان والمكان؛ مِمَّا يدل على أنه لا توجد وصفة سهلة يمكن تطبيقها أو تكرارها في جميع السياقات. ومع ذلك، فإن مبادرات إصلاح القانون النسوية التي تمَّت مراجعتها في دراسات الحالة تقدم دروسًا مستفادة ورؤية واضحة لشن الحملة العالمية لإصلاح قانون الأسرة:

  • قوانين الأسرة، سواء كانت تستند إلى مصادر دينية أو علمانية، هي مفاهيم اجتماعية وسياسية، ومن ثم قابلة للتغيير؛ نظرًا لأن معنى وتأثير التغييرات في القانون وكذلك التحديات الجديدة الناشئة لا يمكن تحديدها مسبقًا بشكل كامل، يجب أن تأخذ إستراتيجيات الدعوة والمناصرة في اعتبارها وضع آليات المراقبة والتدقيق.

  • يمكن أن يكون ما يسمى بثنائية القانون العلماني والديني غير حقيقي. لا نستطيع أن نفترض أن قوانين الأسرة العلمانية لا تؤمن بمساواة النساء – ويمكن أن تكون أبوية مثل القوانين القائمة على المصادر الدينية. ومع ذلك، تكشف دراسات الحالة أن الإصلاحات واسعة النطاق لقانون الأحوال الشخصية في الفترة الأولى، أدخلت معايير جديدة للعلاقات الأسرية، شهدت الأسرة الأبوية تفككا/انقسامًا أدَّى إلى فتح مساحة قانونية أكبر للفرد ولتحرير المرأة1. من ناحية أخري، عندما توافق اعتماد القانون مع أعراف الأسرة الموجودة مسبقًا، تعززت السيطرة الأبوية على المرأة، وفي بعض الحالات، أدَّى التقنين إلى فقدان بعض الحقوق التي كانت متاحة للنساء من قبل. القوانين القائمة على الدين، أضافت بعدًا من القدسيةإلى الأساس الأبوي للقوانين، مما يجعل مبادرات الإصلاح أكثر صعوبة.

  • لذلك، على الرغم من أن النظام التشريعي العلماني ليس غاية في حد ذاته، إلا أنه شرط أساسي لتأسيس مبدأ المساواة أمام القانون؛ لأنه يوفر مدخلًا قانونيًا يمكن للنساء استخدامه للحصول على حقوق متساوية كمواطن. في هذا الصدد، في ظل نظام قانوني علماني، يمكن للنسويات تحقيق نجاحات كبيرة من خلال استخدام أحكام المساواة في الدساتير الوطنية والقانون الدولي لحقوق الإنسان لتحدي القوانين والممارسات التي تنتهك بطبيعتها مبدأ المساواة أمام القانون.

  • تبنِّي معايير حقوق الإنسان العالمية عند صياغة القراءة التقدمية للنصوص الدينية بشأن المساواة الجندرية يمكن أن يسهم في بناء التحالفات وتشتيت جهود المعارضة، إلا أنه يجب التعامل مع مثل هذه الاتجاهات بحذر؛ لأنها على المدى الطويل قد تكون مدمرة للذات وترسخ الإطار الديني باعتباره المصدر الشرعي الوحيد للحقوق، مما يخلق مأزقًا للدعوة النسوية وحقوق النساء.

  • يحدد نظام التعددية القانونية العلاقات بين الأقلية والأغلبية، وفي ظل هذا النظام تكتسب قوانين الأسرة معنى طائفيًا. وحتى عندما تقدم مثل هذه الأنظمة حلولًا علمانية لتمكين الأفراد من الخروج عن المسار الطائفي، فإن الضغوط الطائفية قد تمنع النساء من استخدام الحلول التي تطرحها المؤسسات المدنية. في ظل هذه الظروف، تواجه الدعوة النسوية مهمة بناء قاعدة للتأييد داخل مجتمع معين، وهو ما يحمل خطر الانحراف عن المعايير النسوية والعالمية لحقوق الإنسان، حتى ولو بشكل مؤقت. وفي الوقت نفسه، فهي توضح عبر الممارسات النسوية واسعة النطاق لإصلاح القانون، أهمية المساحات القانونية التي يوفرها نظام التعددية القانونية، وأن استخدام كل مساحة منها لكسب المزيد من الأرض للنساء يمكن أن يكون إستراتيجية قابلة للاستخدام بالنسبة للحركات النسائية.

  • كان للنشاط القضائي تأثير مهم على أحكام المحاكم والسوابق القانونية، التي لعبت دورًا في تحدي القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والحضانة والنفقة وما شابه ذلك، وهذا أدَّى إلى إجراء تعديلات تشريعية مهمة. إن إستراتيجية الدعوة ذات المسارين، التي تنطوي على إصلاح تشريعي وقضائي، لن تعزز المسارين بشكل متبادل فحسب، بل ستزيد أيضًا من تأثير الإستراتيجية.

  • الدعوة إلى الإصلاح التي بدأتها النسويات عبر بناء تحالفات بين المجموعات النسائية المتنوعة والمجتمع المدني بشكل عام، وموضعة تحركاتهن بما يتجاوز مواقف الأحزاب السياسية لن يؤدي إلى التمكين في حد ذاته فحسب، بل سيعطي أيضًا شرعية أكبر لمطالب المرأة تجاه المجتمع الأوسع وسلطات الدولة. ويعتبر الحلفاء داخل الدولة وخارجها عنصرًا أساسيًا في حشد الدعم وتشتيت المعارضة.

  • نادرا ما تحقق حملات الإصلاح القانوني التي يتم إجراؤها بمعزل عن السياقات الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أهدافها؛ لذلك، تتطلب الإستراتيجيات الفعالة اتباع نهج متعدد الجوانب يتضمن التأثير على الخطاب العام، واكتساب الحلفاء من بين مختلف أصحاب المصلحة، وبناء التحالفات.

  • في هذا الصدد، فإن رفع حساسية وسائل الإعلام والخطاب العام بشأن المسائل المتعلقة بالقانون والحقوق الإنسانية للنساء والتزامات الدولة لها فوائد هائلة، حيث أنها ستؤثر على طريقة تفكير السياسيين وصناع القرار والقضاة ومنفذي القانون، وكذلك المواطنين العاديين، مما يساهم في إشاعة الديمقراطية وخلخلة الثقافة الأبوية. بمعنى أخر، من خلال الانخراط في النقاش العام أثناء الدعوة إلى التغيير التشريعي، من المرجح أن تحفز الحركات النسائية التحول الاجتماعي والثقافي بجانب الإصلاح القانوني.

  • توطيد الروابط مع المنظمات النسائية الدولية العابرة للحدود والتواصل معها حول القضايا المشتركة يمكن أن يسهم في بناء بيئة مواتية على المستوى الدولي والتأثير على النقاش العام داخل البلاد وتقبل الدولة للدعوة النسوية لإصلاح القانون.

  • قد يكون للمبادرات التي تأتي من أعلى إلى أسفل تأثير محدود، وتحمل مخاطر تهدئة وكبح جماح الفاعلية النسوية. ومع ذلك، فقد أثبتت الإصلاحات الداعمة للنساء، حتى لو جاءت بشكل فوقي، أنها مفيدة في فتح مساحات جديدة للحقوق والحريات الفردية، والتي استغلتها النسويات لتعزيز مصالحهن.

  • تتمتع الدعوة النسوية لتوسيع الحقوق المدنية بنفوذ أكبر في البيئات المتجانسة نسبيًا مع أنظمة المحاكم الموحدة (المغرب)، على عكس أنظمة المحاكم التعددية التي تخدم المجتمعات متعددة الأديان (لبنان).

  • يعد إنتاج واستخدام البيانات المصنَّفة بحسب الجنس من الأدوات الفعالة التي تستخدمها النسويات في إبراز ارتباط قهر النساء بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقًا، كما يتم استخدمها أيضًا في صياغة أهداف وتوصيات محددة أثناء وضع السياسات.

  • عندما يكون العمل على قوانين الأسرة غير مجدٍ، فإن استخدام قوانين أخرى أو الإصلاحات المدنية يمثل فرصة للالتفاف حول المقاومة.

  • أخيرًا وليس آخرًا، التغيير لا يسير في خط مستقيم، ولكنه عملية جدلية ويتطلب إعادة النظر في إستراتيجيات التغيير وتعديلها.

توضِّح دراسات الحالة التي تمت مراجعتها الشبكة المعقدة للعلاقات الأبوية والدولة والمجتمع، وأيضًا الخطابات المتنافسة التي تحد من النضال النسوي النشط في مكافحة العنف من خلال الإصلاح القانوني، وهو ما يدل بوضوح على أن القانون موضع نزاع؛ لذلك، فإن التمسك بالشرعية الثقافية للمعايير العالمية لحقوق الإنسان في مواجهة الخطابات الثقافية والدينية المهيمنة يمثل تحديًا للعمل النسوي –سواء على المستوى الأكاديمي أو النشاط الميدانيلتحقيق المساواة في القوانين.

الانقسامات الناجمة عن سياسات الهوية، وبُعد نظام حقوق الإنسان عن حياة الجماهير، والانجذاب الشعبي للخطابات الثقافية / الدينية، وتراجع التزام الدولة بحقوق الإنسان، ورد الفعل العنيف تجاه التطورات التي حققتها النساء خلال العقود الماضية، تمثل تحديًا لشرعية الخطابات المنادية بعالمية حقوق الإنسان، ومن ثم تطرح على النسويات والمدافعات عن حقوق الإنسان للمرأة بعض الأسئلة ذات الصلة:

كيف يمكن الدفاع عن عالمية حقوق النساء وتطبيقها على أفضل وجه، آخذين في الاعتبار أن واقع الحياة يقوم على تنوع القواعد الأخلاقية والمؤسسات الاجتماعية؟ هل حقوق الإنسان قابلة للتطبيق عالميًا أو، بالأحرى، هل هناك مشروعية للاختلافات الثقافية عن معايير حقوق الإنسان؟ هل الحقوق العالمية والثقافات الخاصة لا يمكن التوفيق بينها فيما يتعلق بتحقيق العدالة الجندرية؟

 

هذه أسئلة معقدة، ويمكن أن تتراوح الإجابات من النسبية المطلقة بأن الدين هو المصدر الوحيد لمعيار أخلاقي صحيح، إلى العالمية المطلقة بأن الثقافة ليست لها علاقة بحقوق الإنسان العالمية. واليوم، لا تزال الجماعات النسائية وغيرها تدافع عن كلا الموقفين، إلى حد كبير تستخدم مراكز القوى المهيمنة حجج الثقافة والدين ضد عالمية حقوق النساء. ومع ذلك، يطرح آخرون أسئلة مشروعة ذات صلة بالجانب المعرفي والجانب الأخلاقي، والتي ستستمر في صدارة النظرية والتطبيق النسوي (Ertürk 2012). التحدي هو تجنب الوقوع في فخ النسبية في تبني الاختلاف والتنوع الثقافي / الديني لوضع النساء.

الأفكار والمفاهيم المختلفة لا يجب أن تستخدم لإضفاء المشروعية على عدم المساواة، بل يجب استيعابها داخل مفهوم المساواة وليس بديلًا عنه (Yuval-Davis 2006: 281). المقاربات الإطلاقية التي تستخدمها كل الجبهات، تتجاهل الديناميات السياسية للمقاومة والحوار والتعاون المتأصلة في النشاط النسوي والمستلهمة من النموذج العالمي لحقوق الإنسان. من الواضح أن القانون العالمي لحقوق الإنسان في حد ذاته لا يمكن أن يمكِّن الدعوة النسوية من تحقيق المساواة في القانون. هناك قيود متأصلة على قدرة المصادر الخارجية على فرض التغيير داخل مجتمع معين. ومع ذلك، فإن حقيقة استمرار المجتمع الدولي في الانشغال بأعمال دبلوماسية متعددة الأطراف ترتكز على معايير متفق عليها عالميًا، بما في ذلك إطار حقوق الإنسان، تدعم الدفاع عن عالمية قيم حقوق الإنسان، والتي تُعد مصدرًا ثقافيًا لم يتم استخدامه بشكل كامل لمواجهة النماذج الثقافية المُهيمنة.

بالرغم من أن تعددية أصوات النساء تسبب الانقسام في بعض الأحيان، إلا أنها توفر شرطًا مهمًا لبناء عالمية حقوق الإنسان التي تستوعب التنوع ليس فقط بين المجتمعات ولكن أيضًا داخل المجتمعات، والتي سترتبط تجلياتها بطبيعة الحال بالسياق الذي تجري فيه. ومع ذلك، بمجرد إضفاء الطابع المؤسسي على معايير حقوق الإنسان، فإنها قد تخلق اهتمامًا سياسيًا يغير من موازين القوى ويضفي مشروعية على استقلالية الفرد، ومن ثم زيادة الطلب على قاعدة عريضة للديمقراطية والعدالة، وهو ما يجعل الاحتفاء بالثقافة والدين كمجال للشعب متوافقًا مع ثقافة حقوق الإنسان.

النظرية والممارسة النسوية على مشارف مرحلة تتطلب رؤية جديدة تستجيب لهذه التحديات، وتدمج بشكل مقنع كلًا من القوة الأخلاقية والقانونية المتأصلة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. يرجع النجاح الذي حققته الحركة النسائية العالمية حتى الآن في تغيير القوانين الوطنية والدولية على مدى العقود الماضية إلى الترابط بين حركات المقاومة النسائية. وفي مواجهة تغول الاتجاهات السياسية للمحافظين الجدد، والجناح اليمني المناهضة لحقوق النساء، هناك احتياج لإعادة تنشيط قوة هذا الترابط، والتأكيد على التحالفات النسوية عبر حدود البلاد. حينئذ فقط يمكننا الحديث بشكل واقعي عن تصور للفقه القانوني النسوي والدفاع عنه.

 

حتى هذا الحين، يجب على النسويات التأكيد بإصرار على أنه إذا كانت المساواة الجندرية التزامًا بموجب المعاهدات المتفق عليها دوليًا ومدرجة في الدساتير الوطنية، فيجب إعطاؤها الأولوية على أي نص قانوني آخر يحاول الحكم بخلاف ذلك.

 

 

 

 

 

* ياكين ايرتورك Yakın Ertürk

زميلة زائرة في مركز بجامعة روتجرز، مركز القيادة العالمية للمرأة، ومعهد اتحاد القيادات النسائية. عملت عضو هيئة تدريس في أقسام علم الاجتماع بجامعة الرياض السعودية، وجامعة هاستبه في أنقرة تركيا. شغلت مناصب دولية وحقوقية من بينها مديرة المعهد الدولي للبحث والتدريب للنهوض بالمرأة (INSTRAW) بسانت دومينجو – الدومينيكان، ومديرة شعبة النهوض بالمرأة بالأمم المتحدة، والمقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة بالأمم المتحدة، وعضوة لجنة المجلس الأوروبي لمنع التعذيب، من كتبها: “عنف بلا حدود: النموذج والسياسة والممارسة المتعلقة بالعنف ضد النساء“.

1 لمعرفة المناقشات التي دارت عن خلفية مشروع (WLP) Women’s Leadership Project بالإضافة إلى دراسات الحالة، تراجع مقدمة هذا المجلد. يتضمن هذا المجلد أيضًا مقابلات مع ناشطات نسويات في مصر والأردن والمغرب.

2 طور Htun and Weldon (2011) مؤشر قانون الأسرة بناءً على ثلاثة عشر مؤشرًا لقياس المساواة بين الذكور والإناث في قوانين الأسرة وترتيب البلدان وفقًا لذلك، تتراوح الدرجات من 0 (بدون مساواة) إلى 13 (مساواة رسمية كاملة). تم تضمين ثمانية من دراسات الحالة / المقابلات في هذا المجلد في دراسة Htun and Weldon، بدرجات متفاوتة: البرازيل 13، وتركيا 12، والمغرب 10، والهند ونيجيريا 9، والأردن 2، ومصر وإيران 1.

3 على سبيل المثال، في تركيا، مع إنهاء الخلافة، انفصل الدين عن الأمة وخضع لسلطة الدولة، في حين لعب الدين، في أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي، دورًا حاسمًا في التعبئة المناهضة للاستعمار وبناء الدولة. اليوم، أصبحت سياسات الهوية والخطابات المتطرفة جزءًا لا يتجزأ من الدين.

4 هذا لا يعني إنكار التاريخ السابق لهيئات النساء. لكل دولة قصتها الخاصة بالنساء مع بداية الاستقلال وبناء الأمة والنضال من أجل الحصول على الحقوق وهي قصة نادرًا ما تحظى بالاعتراف في روايات التاريخ الرسمية وغالبًا ما يتم تهميشها أو قمعها أو الترويج لها من أجل أولويات أخرى.

5 للحصول على مناقشة أكثر دقة حول تبنِّي قانون الأسرة، انظر Sezgin (2013).

6 منح القانون الفلبيني الزوج الحق في قتل زوجته الزانية. في حين أن زنا الذكور لا يعاقب عليه القانون. على الرغم من أنه في عام 1991 ألغت محكمة العدل العليا هذه المعايير المزدوجة، إلا أن القاعدة ظلت راسخة بقوة في الوعي الثقافي البرازيلي لسنوات.

7 في أواخر القرن الثامن عشر تضمنت إصلاحات التنظيمات (إعادة التنظيم) التي تم اتخاذها في الإمبراطورية اعتماد قانون الأحوال الشخصية العثماني لعام 1876، والذي كان أول محاولة لتقنين وتوحيد الشريعة الإسلامية. تم استخدام ميسيل Micelle كأساس لقانون الأسرة العثماني لعام 1917.

8 يعد هذا هو أول قانون علماني ينظم الأحوال الشخصية في بلد مسلم يحظر تعدد الزوجات ويعطي المرأة حقوقًا متساوية في الميراث والزواج والطلاق وحضانة الأطفال.

9 تخلفت فرنسا وسويسرا عن هذه البلاد في حق المرأة في الاقتراع في فرنسا عام 1944 وفي سويسرا عام 1971؛ بالنسبة للبرازيل وتركيا، كان ذلك في عام 1932 و1934 على التوالي.

10 كانت الإمبراطورية العثمانية (1300-1923) مكونة من مجتمعات طائفية تسمى الملل، تحكم كل منها قوانينها وقادتها. استبدلت إصلاحات التنظيمات نظام الملل بحكومات علمانية على النمط الأوروبي. يمكن تتبع إرثها في الدول التي خلفت الإمبراطورية.

11 للمناقشات حول الإسلام والمرأة المسلمة، انظر Afkhami and Friedl (1997)؛ Arat (2003)؛ Mayer (2012)؛ وWelchman (2007).

12 في 14 يوليو 2017، اعتمدت اللجنة التوصية العامة 35 بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة، لتحديث التوصية العامة 19.

13 تستخدم النسويات التقاطعيةلوصف الارتباطات والصراعات المتبادلة المعقدة التي تواجه النساء كأفراد وجماعات تسعى إلى التنقلبين هياكل العرق والجنس والطبقة، عند التقاطعات التي يواجهن فيها أشكالًا متعددة من العنف (انظر Cabrera 2010).

14 تم رفض مشروع القانون في عام 2003، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى عناوين الموضوعات والأحكام التي تركز على المرأة، في عام 2008، تم تغيير اسم مشروع القانون إلى قانون حظر العنف ضد الأشخاص.

15 تعتبر قضية الحضانة التالية كاشفة (مذكورة في Maktabi 2013: 299): ففي عام 2006، تم نقض قرار محكمة مدنية بشأن استئناف الأم لحضانة طفلها، وكان قد صدر الحكم عن محكمة دينية سنية. يوضح هذا المثال كيف يمكن للمحاكم المدنية تغيير أنظمة الأحوال الشخصية بطرق ملتفة، وذلك باستخدام قوانين جديدة أو تفسيرات جديدة للقوانين القائمة.

16 الأدوات الإقليمية تكمل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: بروتوكول مابوتو (بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة) في السنغال ونيجيريا، اتفاقية اسطنبول بشأن العنف ضد المرأة والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في تركيا، واتفاقية بيليم دو بارا ونظام البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في البرازيل. أعطت محاكم البلدان الأمريكية والأوروبية لحقوق الإنسان أسبقية كبيرة لحقوق المرأة على الصعيد العالمي. في هذا الصدد، هناك حالتان جديران بالملاحظة بشكل خاص. الأول هو القرار التاريخي الذي اتخذه الأول في قضية Velásquez Rodríguez v. Honduras (1988)، وهو أول تطبيق لمعيار العناية الواجبةالذي يجعل الدول مسئولة عن انتهاكات حقوق المرأة التي ارتكبتها جهات فاعلة غير حكومية (Ertürk 2006). والثاني هو حكم الأخير في عام 2009 بشأن قضية عنف أسري (أوبوز ضد تركيا) المرفوعة ضد الحكومة التركية لفشلها في حماية امرأة من هجوم زوجها الطاغي. وجدت المحكمة أن تركيا انتهكت ثلاث مواد من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

17 وقعت الهند على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1980، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى عام 1993.

18 تعزز الحكومات الاستبدادية / العسكرية أيضًا التدابير المؤيدة للمرأة، كجزء من مشروعها لتعزيز سيطرتها على مراكز السلطة الدينية أو العرقية.

19 The Mohd. Ahmad Khan vs. Shah Bano Begum & Ors. or the Shah Bano maintenance case is seen as one of the legal milestones in battle for protection of rights of Muslim women. While the Supreme Court upheld the right to alimony in the case, the judgment set off a political battle as well as a controversy about the extent to which courts can interfere in Muslim personal law. The case laid the ground for Muslim women’s fight for equal rights in matters of marriage and divorce in regular courts, the most recent example being the Shayara Bano case in which the Supreme Court invalidated the practice of instant triple talaq.

20 كانت شايارا بانو واحدة من خمس نساء مسلمات تقدمن بالتماس إلى المحكمة الهندية العليا في عام 2016 للبت في دستورية يمين الطلاق بالثلاث، والتي تسمح للزوج المسلم بتطليق زوجته من جانب واحد بقول طالقثلاث مرات (Shayara Bano v. Union of الهند، عريضة أمر (مدني) رقم 118 لعام 2016.

21 يشير تحريرالمرأة إلى منح الحقوق للمرأة من أعلى، كجزء من مشروع اجتماعي سياسي أوسع، والمعروف أيضًا في الكتابات باسم نسوية الدولة“. في حين أن آليات التحرر توفر للمرأة المساواة في الوصول إلى الحقوق القانونية المتاحة، فإن التحرر الكامل يمكّن المرأة من اختيار ما يجب فعله بحقوق معينة، بما في ذلك تغييرها على سبيل المثال، Molyneux (1985) وKandiyoti (1987).

Afkhami, Mahnaz and E. Friedl (eds.) (1997) Muslim Women and the Politics of Participation, Syracuse: Syracuse University Press.

Arat, Zehra F. K. (2003) “Promoting Women’s Rights against Patriarchal Cultural Claims: The Women’s Convention and Reservations by Muslim States,” in D. Forsythe and P. McMahon (eds.) Global Human Rights Norms: Area Studies Revisited, Lincoln, NE: Nebraska University Press: 231–251.

Cabrera, Patricia M. (2010) Intersectionalities: A Review of Feminist Theories and Debates on Violence against Women and Poverty in Latin America, London: Central American Women’s Network (CAWN).

Ertürk, Yakın (2006) The Due Diligence Standard as a Tool for the Elimination of Violence against Women, Report of Special Rapporteur on Violence against Women, its Causes and Consequences, UN Commission on Human Rights (E/CN.4/2006/61).

——— (2012) “Culture versus Rights Dualism: A Myth or a Reality?” openDemocracy 50.50. 25 April, www.opendemocracy.net/5050/yakin-erturk/culture-versus-rightsdualism-myth-or-reality.

——— (2016) Violence without Borders: Paradigm, Policy and Praxis Concerning Violence Against Women, Washington, DC: Women’s Learning Partnership.

Htun, Mala and S. Laurel Weldon (2011) “State Power, Religion and Women’s Rights: A Comparative Analysis of Family Law,” Indiana Journal of Global Legal Studies, Vol. 18, Issue 1: 145–185.

Jain, Devaki (2005) Women, Development, and the UN: A Sixty Year-Quest for Equality and Justice, Bloomington, IN: Indiana University Press.

Joseph, Suad (2000) “Civic Myths, Citizenship, and Gender in Lebanon,” in Suad Joseph (ed.) Gender and Citizenship in the Middle East, Syracuse, NY: Syracuse University Press: 3–32.

Kandiyoti, Deniz (1987) “Emancipated but Unliberated? Reflections on the Turkish Case,” Feminist Studies, Vol. 13, No. 2: 317–338.

Karabell, Zachary (2000) “Iran and Human Rights,” in David P. Forsythe (ed.), Human Rights and Comparative Foreign Policy, Tokyo: United Nations Press: 206–223.

Maktabi, Rania (2013) “Female Citizenship in the Middle East: Comparing Family Law Reform in Morocco, Egypt, Syria and Lebanon,” Middle East and Governance, Vol. 5: 280–307.

Mayer, Ann E. (2012) Islam and Human Rights: Tradition and Politics, 5th ed., Boulder, CO: Westview Press.

Moghadam, Valentine M. and F. Roudi-Fahimi (2005) Reforming Family Law to Promote Progress in the Middle East and North Africa, Washington, DC: Population Reference Bureau. Feminist advocacy for family law reform 29

Molyneux, Maxine (1985) “Mobilization without Emancipation? Women’s Interests, the State and Revolution in Nicaragua,” Feminist Studies, Vol. 11, No. 2: 227–254.

Nazir, Sameena and Leigh Tomppert (eds.) (2005) Women’s Rights in the Middle East and North Africa: Citizenship and Justice, Boulder, CO: Rowman & Littlefield Publisher, Inc.

Sezgin, Yüksel (2013) Human Rights under State-Enforced Religious Family Laws in Israel, Egypt and India, Cambridge: Cambridge University Press.

Snyder, Margaret (2006) “Unlikely Godmother: The UN and the Global Women’s Movement,” in Myra Marx Ferree and Aili Mari Tripp (eds.) Global Feminism: Transnational Women’s Activism, Organizing, and Human Rights, New York: New York University Press: 24–50.

Tekeli, Şirin (1990) “1980’ler Türkiyesi’nde Kadınlar” [Women in Turkey in the 1980s], in Şirin Tekeli (ed.), Kadın Bakış Açısından 1980’ler Türkiye’sinde Kadın (Women in Turkey in the 1980s from a Woman’s Perspective), İstanbul: İletişim Publishing: 7–41.

Welchman, Lynn (2007) Women and Muslim Family Laws: A Comparative Overview of Textual Development and Advocacy, Amsterdam: Amsterdam University Press.

Yuval-Davis, Nira (2006) “Human/Women’s Rights and Feminist Transversal Politics,” in Myra Marx Ferree and Aili Mari Tripp (eds.) Global Feminism: Transnational Women’s Activism, Organizing, and Human Rights, New York: New York University Press: 275–295.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي