الرأفة من حق من؟!

اعداد بواسطة:

المطالبة بتعديل تشريعي يضع ضوابط لاستخدام المادة (١٧)

الرعب والصدمة والغضب كلها مشاعر تصيب المجتمع بعد كل حادثة اغتصاب، ويثار جدل يكاد يكون محسومًا في إتجاه واحد وهو تطبيق أقصى عقوبة والتي تصل في الاغتصاب المقترن بالخطف إلى الإعدام، ووصل الغضب لدرجة المطالبة بالإعدام العلني.

كما طالب كثير من القانونيين بإلغاء المادة 17 في جرائم الاغتصاب وهي المادة التي تجيز الرأفة مع الجاني وتنزل بالعقوبة من الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة والإعدام إلى عقوبة الجنحة، وهذا ما يحمل في طياته إدانة واتهامًا للضحية وإهدارًا مضاعفًا لحقها.

القانون رادع والعقوبة مغلظة

وفي أكثر من حوار قالت الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقًا – : “إن المشرع وصل بالعقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وبالإعدام إذا ما كانت مصحوبة بالخطف، ولكن المادة 17 من قانون العقوبات تجيز لمحكمة الجنايات أن تهبط بالعقوبة المقررة درجة أو درجتين إذا وجدت في ظروف الدعوى ما يقتضي رأفة القضاة وهو يندرج تحت السلطة التقديرية للقاضي، فإذا كانت العقوبة المقررة للاغتصاب المصحوب بالخطف هي الإعدام فالمحكمة رغم هذا النص إذا وجدت في ظروف الدعوى ما يقتضي الرأفة فمن حقها أن تهبط بالعقوبة إلى السجن المؤبد أو إلى السجن المشدد وتتراوح مدة الأحكام هنا بين 3 سنوات كحد أدنی و١٥ سنة كحد أقصى، لذا من الضروري كما تقول د. فوزية: “تقييد المادة 17 بضرورة وجود ضوابط للتخفيف المقرر وذلك بوضع حالات محددة على سبيل الحصر لا تستطيع المحكمة أن تهبط بالعقوبة إلا إذا توافر أحدها“.

ويشير النائب محمد خلیل صاحب مشروع قانون الإعدام العلني للمغتصبين إلى أنه من المنطقي أن تتناسب العقوبة مع حجم الجريمة وهو يرى أن العلانية هي أقوى درجات التأثير في النفس البشرية فهي تمثل الرادع الحقيقي لهؤلاء المغتصبين، ويرى في إسقاط المادة 17 مع العلانية في تنفيذ العقوبة الحل الرادع لهذ الظاهرة.

ويقول طاهر أبو النصر محام وناشط في مجال حقوق الإنسان: “أن المادة 17 عقوبات لا تضمن المواءمة في الحقوق بين الضحية والجاني، كما لا تضمن للضحية القصاص من الجاني فحتى لو المتهم استحق الرأفة فلابد من مراعاة حق الطرف الآخر المجني عليه، فالعقوبة المخففة تؤدي إلى نظرة معكوسة على المجني عليها حيث تدفع الناس للبحث عن المبرر الجاني، كما أن جرائم أمن الدولة لا تطبق فيها المادة 17 وأنا أرى أن الاغتصاب أيضًا من القضايا التي تمس أمن الدولة فلابد من إسقاط استخدام هذه المادة في قضايا الاغتصاب، كما أن صياغة هذه المادة بهذا الشكل صياغة معيبة لابد من وضع ضوابط لاستخدامها وهذه الضوابط تراقب وجودها من عدمه محكمة النقض فالأحكام المخففة هي في الحقيقة حكم بالموت المدني على الضحية، هناك حوالي 90% من قضايا الاغتصاب تستخدم فيها المادة 17 وهذا يرسخ فكرة نظرة المجتمع الذكورية التي تجعل المرأة دائمًا المدانة ويؤكد طاهر أبو النصر أن منظمات المجتمع المدني عليها دور مهم جدًا يتمثل في تبني الحالات التي تتعرض للاغتصاب وتأهيلهن للعودة لحياتهن الطبيعية وأن تتبنى حملة لإسقاط مادة الرأفة من قضايا الاغتصاب وأن تسعى هذه المؤسسات للاتصال بمجتمعاتها حتى تغير من ثقافتها ويضم رؤوف توفيق الصحفي صوته لصوت طاهر أبو النصر فيرى أن المادة 17 لا تضمن حق الضحية فجريمة الاغتصاب لابد أن تكون عقوبتها الإعدام فورًا حيث أن فيها تعرضًا لجسد المرأة وإهدار لحقها في الحياة بشكل طبيعي ويؤكد أن تغليظ العقوبة هو الحل الوحيد وأن إسقاط المادة 17 أمر واجب فنحن في حاجة لتعديل تشريعي يضمن عدم وجود ثغرات في القانون تضمن لأحد الإفلات من العقوبة ويضيف أن دور الإعلام هو حث رجال التشريع على أن يصدروا تشريعات لتحمي الإناث من الاغتصاب، وأن يتكتلوا لتوصيل رأيهم إلى المشرع ليصدر القانون الذي يجرم الاغتصاب وأن منظمات المجتمع المدني لابد أن تتكاتف مع الإعلام لأداء هذا الدور.

أما صفاء زكي مراد المحامية ترى أن استخدام المادة 17 مادة الرأفة في كثير من قضايا الإغتصاب يرجح لثقافة القاضي ورؤيته للقضية رؤيته الاجتماعية والإنسانية للقضية وهي ما تتباين من شخص لآخر، وترى أن تغليظ العقوبة ليس حلاً وإنما رادع وأننا في حاجة لتعديل تشريعي يتمثل في استثناء قضايا الإغتصاب من القضايا التي تستخدم فيها المادة 17 فمثلاً ينص القانون على عدم استخدام المادة 17 في التخابر فلماذا لا نستثن الاغتصاب هو الآخر فهو أيضًا أمر خطير يمس استقرار الدولة، كما أن المادة 17 عمومًا تحتاج إلى وضوح ضوابط معينة وتحتاج لتعديل.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي