العلوم السياسية في الشرق الأوسط

العلوم السياسية في الشرق الأوسط ودراسة المرأة والنوع الاجتماعي في سياقات وطنية ومقارنة ودولية

الكمالية والنساء التركيات*

تقديم المحررة:

اختارت زهرة أرات (Zehra Arat)، العالمة السياسية التركية المعروفة، هذا المقال الذي نشر عام 1994، لأنه يعكس تقييمها النقدي لما يطلق عليه كثيرون اسم السياسات الكمالية“. يشير مصطلح الكماليةإلى التغيرات التي أدخلها مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية – في أعوام العشرينيات والثلاثينيات، والتي يزعم كثيرون أنها ارتقت بوضع النساء التركيات. وهناك العديد من الكاتبات التركيات، سواء نسويات أو قوميات، اللاتي يواصلن الافتخار بهذه التغيرات على أساس أنها أدت إلى تقدم وضع المرأة التركية بين نظيراتها في المجتمعات الإسلامية والصناعية. وتقدم المؤلفة نقدًا لهذه التغيرات، حيث تضعها في سياقات اجتماعية وسياسية توضح أن تأثيرها كان محدودًا.

 

الكمالية والنساء التركيات

زهرة كاباساكال أرات

تتمتع النساء التركيات بقدر كبير من الحقوق المدنية والسياسية ووجود مرئي بدرجة كبيرة في الحياة العامة مقارنة بنظرائهن في البلدان النامية الأخرى، وخاصة بلدان العالم الإسلامي. وقد حصلت النساء التركيات، في فترة مبكرة من بداية العشرينيات، على حقوقهن القانونية بما في ذلك: الحق في اختيار الزوج، والحق في رفع قضية طلاق، والحق في طلب الوصاية على الطفل. وفي عام ١٩٢٣، أصبح التعليم الابتدائي المجاني الزاميًا للجنسين. وحصلت النساء على الحق في التصويت والترشيح في الانتخابات البلدية عام ١٩٣٠، وفي الانتخابات الوطنية عام 1934. وعلى الرغم من أن هذه الحقوق لم تتمتع بها جميع الإناث على قدم المساواة، فقد تمكنت كثير من النساء التركيات من النفاذ إلى التعليم، والمناصب العامة، وفرص العمل – لقد اكتسبن حقوقًا يمكن مقارنتها بالحقوق التي اكتسبتها النساء في البلدان الصناعية. وفي واقع الأمر، كانت المؤشرات الإحصائية لتمثيل الإناث بين المهنيين في تركيا أكبر من نظيرتها في كثير من البلدان الغربية. تشير أرقام السبعينيات إلى وجود محامية من كل خمسة محامين وطبيبة من كل ستة أطباء في تركيا.1 كما احتلت تركيا الموقع الثالث بين جميع الأمم، بعد الولايات المتحدة وكندا، في مجال جذب النساء إلى الأوساط الأكاديمية.2

ما دلالة هذه المؤشرات؟ إن البعض يعتبرها دليلاً على تحرر المرأة التركية، ويعزوه إلى جهود مصطفى كمال أتاتورك والإصلاحات الكماليةفي العشرينيات والثلاثينيات.3 ويشير آخرون إلى عدم استخدام هذه الحقوق على قدم المساواة، كما يشيرون إلى الفجوة بين نساء الحضر بالطبقات العليا والوسطى ونساء الريف من الطبقة الدنيا. ويجادل بعض المحللين، دون تشكك في مدى إخلاص المؤسس في السعي لتحرير النساء، أن تأثير الإصلاحات الكمالية كان محدودًا بسبب سطوة الجماعات المحافظة والتقاليد الإسلامية، وخاصة في المناطق الريفية. كما أن صوت ممثلي الأيديولوجية التقليدية كان مسموعًا في الجمعية الوطنية الكبرى، وهي الكيان التشريعي في عام ١٩٢٠. لقد وجهوا أسئلة إلى الوزراء الذين شرعوا في برامج تقدمية، وفرضوا على بعضهم أحيانًا تقديم استقالاتهم، ومع ذلك، لم يتدخل مصطفي كمال أتاتورك في النقاشات البرلمانية. على أن مؤيديه اليوم يفسرون صمته، ليس من زاوية اللامبالاة أو الاتفاق في الرأي، وإنما كاستراتيجية محسوبة نابعة من طبيعته الحذرة. ووفقًا لهذا الخط الفكري، قدم أتاتورك أفكارًا لكنه لم يدافع عنها في البرلمان عندما واجهت مقاومة. وفي المقابل، كان يُفضل تكرارها في الخطب العامة، بما يمكنه من الفوز بدعم الجمهور، الذين يمارسون بدورهم ضغوطًا على ممثليهم في البرلمان.4

وهناك تفسير آخر لمحدودية تأثير الإصلاحات، يؤكد السياق الاجتماعي الاقتصادي ويرى أن السبب يرجع إلى أن الإصلاحات كان سابقة على التنمية الاقتصادية، إن تركيا مجتمع زراعي ضخم، يفتقر إلى كل من البرجوازية كبيرة الحجم والطبقة العاملة الصناعية. ولهذا، يصعب أن تستوعب القوى العاملة النسائية الصغيرة واللاسياسية حقوق النساء. وبالتالي، كانت نفس نسوية الدولةلدى النزعة الكمالية تقصر عن إحداث تأثير وطني، أو التحرر الكامل.5

وتناقش هذه الورقة الحجة الأخيرة، وتوضح أن حفز التنمية الاقتصادية والتحديث على النمط الغربي قادت الإصلاحات الكمالية إلى منح بعض الحقوق وخلق بعض الفرص أمام النساء التركيات. إن كلاً من التنمية والتحديث في تركيا كان يعني التغريب، وحاولت الإصلاحات الكمالية إعادة تنظيم الحياة عن طريق إحلال الأبوية الغربية العلمانية محل الأبوية الإسلامية. كما سعت النزعة الكمالية إلى تحسين حياة النساء، ولكن فقط إلى المستوى السائد في الغرب، حيث كان يجري حينذاك إدراك الأنثى باعتبارها الجنس الثاني“.

لم تستهدف الإصلاحات الكمالية تحرير النساء أو تعزيز تطوير الوعي الأنثوي والهوية الأنثوية. لكنها ناضلت من أجل تسليح النساء التركيات بالتعليم والمهارات التي تقود إلى الارتقاء بمساهماتهن في الأبوية الجمهورية بأن يصبحن زوجات وأمهات أفضل.6 ومع استهداف تحقيق التنمية الاجتماعية الاقتصادية، لا يمكن القول إن هذه الإصلاحات نسوية، كما أن إدراكها لدور النساء وتعريف الكيان النسائي لا يؤهلها لأن تمثل توجهًا نسويًّا تحت رعاية الدولة” – كما فعل بعض المحللين.7 لقد تجاهلت النزعة الكمالية فكرة هيمنة النوع الاجتماعي، بنفس الطريقة التي أنكرت بها الصراعات الطبقية. وكان النضال الشرعي الوحيد، في دولة الحزب الواحد هذه، نضالاً ضد التهديدات العسكرية والاقتصادية التي تفرضها القوى الخارجية التي احتلت البلد بعد الحرب العالمية الأولى. ولم يعترف توجهها القومي الساعي إلى تمثيل الجميع ( corporatist nationalism) بأي مصالح خاصة أو أي صراع للمصالح. فقد كان يجب توحيد السكان حول الهدف الوطني، وضرورة استعدادهم للتضحية بكل المطالب الأخرى من أجل الأمةوالبلد“. وبالتالي، كان كل من تعليم النساء ومشاركتهن يُعتبر بمثابة أدوات للتنمية الوطنية وليس وسيلة لخلق وعي فردي بالوجود من أجل أنفسهنأو تطوير وعي جماعي لتشكيل طبقة للنوع الاجتماعي. ونقدم فيما يلي تحليلاً لبنية النظام الكمالي البطريركية8 على ثلاثة مستويات: في سياق أطر سياستها الخطابية، والقانونية، والإدارية. وفي داخل هذه الأطر، يمكن ملاحظة أن الكلمات والأفعال لم تكن متناقضة، بل بالأحرى كانت متسقة في عملية إعادة بناء المجتمع التقليدي داخل سياق قومي جديد.

لقد كانت خطابات مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية وأيديولوجية الدولة, بمثابة أساس لتحليل الإطار الخطابي للإصلاحات الكمالية. وتوضح خطابات أتاتورك أنه وضع النساء في مكانة عالية باعتبارهن قوى إنتاجية وإنجابية. ومع ذلك، لا تضم تلك النصوص أي إقرار بحقوق المرأة، كما لم تُقدم التغيرات المقترحة كفرص يمكن أن تستخدمها النساء، أو يجب أن تستخدمها، لتلبية احتياجاتها الفردية أو إمكاناتها.

كان أتاتورك يعتبر النساء قوة اجتماعية ذات تأثير إيجابي وسلبي. ففي عام ١٩٢٣، بدأ إحدى خطبه بقوله: “يجب أن نؤمن بأن كل شيء على الأرض هو من إنتاج المرأة، إلا أنه سرعان ما أضاف أن مساهماتهن لم تكن إيجابية دائمًا. كما يُحِّمل النساء مسؤولية بلادة الذكور خلال العصر العثماني: كانت بعض أفكارنا عن السلاطين خاطئة. كانت نتاجًا للاقتراحات العقيمة التي قدمتها أمهاتنا“.9 على أن الاعتراف بمساهمة النساء الاجتماعية تقوده إلى الاعتراف بإمكانية استخدامهن من أجل التغيير الاجتماعي. ويستمر قائلاً:

إذا رأينا أن وجود أحد الجنسين كافيًّا لتشكيل مجتمع مسلح بالاحتياجات المعاصرة، فإن أكثر من نصف ذلك المجتمع سيظل ضعيفًا ولهذا، إذا كانت المعرفة والتكنولوجيا ضرورة لمجتمعنا، يتأتي إذن على رجالنا ونسائنا اكتسابهما على قدم المساواة.10

على أن أتاتورك، بعد هذه التصريحات المساواتية، يلقي الضوء على الأمومة باعتبارها أهم وظيفة وفضيلة لدى النساء. ثم يدافع عن تعليم النساء، ليس بوصفه حقًا لهن، أو هدفًا في ذاته، أو وسيلة لتحرير النساء، وإنما كوسيلة لتحسين نوعية الأبوية بحيث يلقي الجيل القادم من الرجال تربية أفضل. ويقول:

الأمومة أهم واجبات المرأة. ويمكن فهم أهمية هذا الواجب بصورة أفضل، إذا وضعنا في اعتبارنا أن أول تعليم يكون في حضن الأم. لقد قررت أمتنا أن تصبح أمة قوية. وتتطلب الظروف اليوم تحقيق تقدم المرأة في جمع الجوانب. ولهذا، يجب أيضًا تنوير نساءنا وتعليمهن مثل الرجال، ودراستهن في جميع المراحل التعليمية. وبعد ذلك، يسير النساء والرجال جنبًا إلى جنب، وكل منهما يساعد الآخر في الحياة الاجتماعية. 11

إن عبارة يسير الرجال والنساء جنبًا إلى جنبتقضي ضمنًا التعاون، لكنها لا تعني بالضرورة أن يتحمل الرجال والنساء نفس المسؤوليات. فتقسيم العمل بين الجنسين يُعتبر حتميًّا، إن لم يكن جوهريًّا، وتشكل الأمومة وظيفة النساء الأساسية. ومن المتوقع أن تستخدم النساء المتعلماتمعرفتهن في البيت أولاً. وقبل كل شيء، كما يقول في خطبة أخرى، إن المرأة ، التي تعطي الرجل أول كلمات النصح والتعلم، وهي التي تمارس عليه أول تأثير للأمومة“.12 وبالتالي، يمنح أتاتورك للرجال أهمية مركزية ويكلف المرأة بدور هامشي، باعتبارها تسهم بشكل غير مباشر في تيسير عملية التحديث. ومع ذلك، تتطلب الأمومة، في المجتمع الحديث الذي يتصوره، صفات إضافية أكثر تقدمًا للمرأة. ويجادل قائلاً:

إن التعليم الذي يجب أن توفره الأمهات لأطفالهن اليوم ليس بسيطًا، كما كان الحال في الماضي. يجب أن تكتسب أمهات اليوم العديد من الصفات السامية من أجل تربية أطفالهن بالصفات الضرورية وتطويرهم كأفراد ناشطين في الحياة اليوم. ولهذا، فإن نساءنا مجبرات على أن يصبحن أكثر تنويرًا، وأكثر ازدهارًا، وأكثر معرفة من الرجال. هذا هو الطريق، إذا كانت النساء راغبات بالفعل في الاضطلاع بدور أمهات هذه الأمة.13

ويؤكد أتاتورك، مثله مثل العديد من القادة القوميين الآخرين، أهمية التعليم بسبب قدرته التحويلية؛ ويعتبر التعليم أكثر الطرق فاعلية لتغيير العقلية التقليدية إلى عقل حديث وعلمائي. وبالإضافة إلى تأكيد التعليم، يؤكد نهجه التحديثي أيضًا أهمية ارتداء ملابس أقرب إلى ملابس الغربيين. وقد طرح نمطًا صارمًا لملبس الرجال ومقترحات لتغيير ثاب النساء ومظهرهن. إن عدم رضاه عن نمط الأزياء السائد ورمزيته يبدو واضحًا في خطبة ألقاها في كاستومونو، في 30 أغسطس ١٩٢٥:

في بعض الأماكن، أرى النساء يخفين وجوههن وعيونهن بقطعة من القماش، إیشارب، أو شيء مماثل لتغطية الرأس. وعندما يمر رجل، يدرن ظهورهن له، أو يجلسن على الأرض. ما معنى هذا السلوك وتفسيره؟ أيها السادة، هل تتخذ الأمهات والفتيات في أمة متحضرة هذا الموقف السخيف والمبتذل؟ انه موقف يثير السخرية من أمتنا، ويجب تصحيحه على الفور.14

وهنا، مرة أخرى، لا يكمن الهدف في تحرير المرأة من السيطرة الاجتماعية، وإنما في تحويل تركيا إلى أمة متحضرةيقبلها الغرب. وعلى الرغم من أن أتاتورك نفسه يعي زيف الارتباط بين وجهة النظر والمظهر، فقد كانت العديد من خطبه الأخرى تعكس قلقه من أن يساوي الغرب بين الإفراط في غطاء النساء الأتراك والجهل. وعلى سبيل المثال، يتناول خطابه إلى سكان أزمير، في 31 يناير ۱۹۲۳، هذه القضية:

يتركز اهتمام الأجانب، في بلداتنا ومدننا، على الطريقة التي تستخدمها النساء لتغطية أنفسهن. وتجعلهم تلك الملاحظات يفترضون أن نساءنا لا يشاهدن أي شيء. لكن الغطاء الذي يتطلبه الدين يجب، باختصار، أن يتسم بالبساطة بحيث لا يُشكل عبئًا على المرأة ويقلل من احترامها. لا يجب أن يقود شكل الغطاء إلى عزل المرأة عن حياتها ووجودها.15

وتبدو حساسية أتاتورك تجاه الإدراك الأوروبي للنساء التركيات أكثر وضوحًا في خطابه الذي ألقاه بالفرع النسائي للهلال الأحمر، في ٢١ مارس ۱۹۲۳:

على الرغم من كل التضحيات والخدمات التي تقدمها نساءنا، وكل ما لديهن من كفاءة لا تقل عن كفاءة الرجال، فإن أعداءنا وملاحظاتهم الضحلة التي تجهل روح النساء التركيات تعزو بعض الصفات لنسائنا. يقول البعض ان نساءنا يعيشون حياة خامدة، وليس لهن صلة بالعلم والمعرفة، ولا ينخرطن في الحياة المتحضرة والحياة العامة، وأنهن محرومات من كل شيء، وأن الرجال الأتراك يبعدون النساء عن الحياة والعالم والإنسانية ومكاسب العمل السيدات الموقرات، إن هذه الصورة التي تضلل أعداءنا تنبع خاصة من مظهر نساءنا، وطريقة ملبسهن، وإخفائهن لوجوههن.16

وعلى الرغم من اقتراح تغيير مظهر النساء والاعتدال في الحجاب، لم يكن مسموحًا للنساء بالعمل أو الارتداء بحرية. ففي ٢١ مارس ۱۹۲۳، عندما ألقى خطابه للنساء في أزمير، انتقد أتاتورك بعض النساء لأنهن يحاكين الأسلوب والسلوك الغربيويصلن بنمط ملبسهن إلى الحد الأقصى بارتداء ملابس غير كافية، لا ترتديها النساء حتى في أكثر المراقص الأوروبية ليبرالية“.17 كما وجه تحذيرًا أيضًا إلى المرأة الحديثة الجديدة حول ضرورة عدم المغالاة في مظهرها بعد الإصلاح أو محاكاة النساء الغربيات، بل عليهن المحافظة على احتشامهن. ومن أجل مشاركة النساء مع الرجال في الحياة العامة، فقد حث النساء التركيات على ارتداء الملابس التي يمليها شرع الله ويفرضها دينناوأن يتمسكن بكل سلوك فاضل“.18 وهذا يعني أن المرأة التركية المثالية يجب أن تكون لاجنسية، حيث كانت هناك نساء رفيقاتفي أثناء النضال الوطني ضد الاحتلال الأوروبي، ومن المتوقع منها الآن أن تكون محايدة جنسيًّافي حياة العمل من أجل الحفاظ على شرفها وطهارتها.19

وعلى الرغم من هذه الانتقادات لمظهر النساء، وخاصة مظهر الاحتجاب المفرط، لم يتبنى سياسات لتغيير الموقف. لقد كانت قوانين الملبس لعام ١٩٢٥ تحظر الثياب التقليدية للرجال، لكنها لم تمس ثياب المرأة أو حجابها، كأداة للفصل السيكولوجي والبدني بين الجنسين. وفي عام 1935، اقترح المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الشعبي حظر الحجاب، لكن الدولة لم تتخذ أي إجراء قانوني، ولم يُطبق هذا الحظر إلا في عدد قليل من البلديات.20

خلال السنوات المبكرة من الجمهورية، كانت الجمعية الوطنية الكبرى، بوصفها الهيئة التمثيلية للشعب ذي السيادة، مشغولة بإعداد القوانين اللازمة لإعادة تنظيم جميع جوانب الحياة عمليًّا. وقد تناولت تلك القوانين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، العلاقات بين الجنسين، وأشار بعضها إلى دور النساء في المجتمع وتمييزه عن دور الرجال.

وفي عام ١٩٢٦، تبنت الجمعية الوطنية الكبرى القانون المدني السويسري أساسًا لقانونها المدني، وكان يتضمن قانون الأسرة، وقد ألغى القانون المدني تعدد الزوجات، ومنع زواج الأطفال بفرض حد أدنى لسن الزواج،21 واعتبر النساء مساويات قانونًا للرجال في مجالات بعينها (مثل: عند الشهادة بالمحاكم، وفي الميراث، وفي الاحتفاظ بالممتلكات). كما منح النساء أيضًا حق اختيار الزوج، وحق طلب الطلاق، والاحتفاظ بحق الأمومة حتى بعد الطلاق. كل ذلك كان محدودًا أو غير مقر في الشريعة الإسلامية، والتي كانت بمثابة المصدر الرئيسي للقوانين العثمانية. ومع ذلك، أخفق القانون المدني في ترسيخ المساواة القانونية الكاملة بين الجنسين، واشتمل على بنود عديدة وضعت الرجال في أول مرتبة بين المتساويين. وهو أمر لا يثير الدهشة، لأن عدم المساواة بين الجنسين تخللت أيضًا جميع النظم القانونية والاجتماعية الغربية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن النموذج السويسري لم يخالف قيم الكاثوليك المحافظين في سويسرا، ولم يكن أكثر النماذج تقدمية التي يمكن تبنيها.

كان الإنجاز الرئيسي للقانون المدني يتمثل في ترسيخ سيطرة الدولة على مؤسسة الأسرة. فقبل تبني القانون المدني، كان يجري ترتيب الزواج والأسرة وفقًا للتقاليد الإسلامية التي تعتبر الزواج اتفاقًا مُلزمًا خاصًا يتم أمام اثنين من الشهود. وعلى الرغم من مباركة أحد الأئمة لهذا الاتحاد الزواجي، لم يتطلب الأمر وجود ممثل قانوني للإشراف على عقد الزواج. وبالمثل، يمكن إنهاء الزواج بتطليق شفاهي. ومن الناحية الأخرى، أدخل القانون المدني مجموعة من البنود التفصيلية التي لا تقتصر على تنظيم الزواج فحسب وإنما تمتد لتشمل أيضًا الخطوبة والطلاق.

لقد حظر القانون تعدد الزوجات واعترف بالأسرة النووية باعتبارها المؤسسة التي يتولى القانون تنظيمها وحمايتها. وعلى الرغم من أن مبادئ القانون العامة وبنوده تعاملت مع الزوج والزوجة باعتبارهما متساويين قانونًا، فإن تقسيم العمل داخل الأسرة ومسؤوليات وحقوق كل طرف منهما، والتي نص عليها القانون صراحة، كان يقدم صورة لا تتسم بالمساواة إلى حد كبير.22ويمكن تلخيص مواد القانون التي ترسخ الهيمنة الذكورية داخل الأسرة على النحو التالي:

الرجل هو رأس اتحاد الزواج (المادة 152/1) حق ومسؤولية اتخاذ قرار محل السكن هو حق الزوج (المادة 152 /11).23 يتولى الزوج مسؤولية إعاشة زوجته وأطفاله (المادة 152 /11).

علي الرغم من أن الأب والأم يتقاسمان مسؤوليات الوصاية، فعند حدوث اختلاف، يُمنح حق الوصاية للأب (المادة 263). وبوصفه الوصي، فإن الأب (وليس الأم) يتمتع بحق الاستفادة من دخل أطفاله ويحتفظ بالفائض منه (بعد تلبية احتياجات الأطفال) لنفسه (المواد 280 و 281). الزوج يمثل اتحاد الزواج (المادة 154)

على الرغم من أن الزوجة تتمتع ببعض الحقوق التمثيلية، فإن هذه الحقوق محدودة بالتمثيل العام في الأمور التي تتناول توفير الاحتياجات المستمرة للمنزل” (المادة 155).

يمكن للزوجة أن تعمل في وظيفة أو حرفة، ولكن فقط بناء على إذن صريح أو ضمني من الزوج (المادة 159 /1).24 ومن ناحية أخرى، يمكن أن يطلب الزوج من زوجته المساهمة في ميزانية الأسرة بقدر معقول” (المادة 190).

عند الزواج، يجب أن تستخدم الزوجة اسم أسرة زوجها (المادة153 /1). تتولى الزوجة مسؤولية رعاية المنزل (المادة 153 /11). ومع ذلك، لم تمنح أبدًا الدور الأساسي الذي تنص عليه، في واقع الأمر، المادة 153/11: “للدرجة التي تقدر عليها، تُعد الزوجة بمثابة المساعد والمستشار للزوج لتحقيق سعادة الأسرة” .

لقد أبقى الإطار القانوني على التقسيم الجنسي للعمل، وأسس التبعية الاجتماعية والاقتصادية للنساء على الرجال. وبناء على ذلك، لم يكن المجتمع (منذ ذلك الحين) يتناول العملبوصفه حقًا للنساء، أو كوسيلة لتلبية احتياجاتها الفردية.25

وعلاوة على ذلك، كانت المواد التي اشتمل عليها القانون المدني لصالح الرجال تخفف من تأثير المواد المتعلقة بالمساواة. وعلى سبيل المثال، على الرغم من أن القانون يمنح الزوجة الحق في طلب الطلاق، تنظر قضية الطلاق بمحكمة في الموقع السكني للمدعي (مادة 136) – لأن القانون يتطلب أيضًا من الزوجة أن تعتبر مسكن زوجها بمثابة مسكنها القانوني، حتى وإن كانا منفصلين فقد كانت المحكمة المختصة تقع، في واقع الأمر، دائمًا في موقع سكن الزوج.

وللزواج مرة أخرى، كان القانون يفرض قيدًا على النساء فقط. كانت المادة 95 تنص على أن المرأة التي تصبح أرملة لوفاة زوجها، أو تطلق، أو عند بطلان زواجها، لا يمكنها أن تتزوج مرة أخرى إلا بعد مرور 300 يوم على وفاة الزوج أو طلاقها أو ثبوت بطلان الزواج“. ولم ينص القانون على فترة انتظار بالنسبة للرجال.

كما كان هناك تأكيد أيضًا على عذرية المرأة، وكان اكتشاف عدم عذريتها مُدرجًا بين الشروط التي تبيح بطلان الزواج. وتجادل حتى السلطات القانونية المعاصرة أنه وفقًا للقواعد الأخلاقية والاجتماعية لبلدنا، فإن الاكتشاف المتأخر أن الزوجة التي مفترضًا أنها عذراء لم تكن كذلك يشكل ’خطأ جوهريًّا في الصفات‘، من جانب الرجل، سواء ذاتيًّا أو موضوعيًّا.26 وبالمثل، يعزز التفسير القضائي للمهام والمسؤوليات التي كلف بها القانون المدني النساء عدم المساواة، ويُمنح الطلاق للأزواج على بعض الأسس – عند اغتصاب الزوجة،27 أو فشلها في مهارات التنظيف والطهي 28لأن ذلك يتسبب في مشاجرات وعدم توافق في الزواج.

وعلى الرغم من أن عدم المساواة في المعاملة بين الجنسين في القانون المدني يجري عادة تبريرها على أساس أنها تحمي النساء، تجدر الإشارة إلى غياب ترتيبات دستورية لحماية الزوجة أو الأطفال ضد سوء معاملة الزوج أو الأب لهم. يمكن أن تطلب المرأة الطلاق عند تعرضها للإساءة البدنية والنفسية المستمرة، لكنها لا تقدر على إقامة دعوى جنائية ضده، حيث لا يوجد تعريف لهذه الجريمة في القانون. أما عن الإساءة، فإن العلاقة بين الزوج والزوجة كانت تُعتبر شأنًا خاصًا ولا تضطلع فيه الدولة بدور حمائي.

وعلاوة على بنود القانون المدني، فإننا نجد عدم المساواة بين الجنسين في القانون الجنائي وقانون العمل أيضًا. لقد شهد عام ١٩٢٦ تحيزات صريحة على أساس النوع الاجتماعي، والقيود المفروضة على النساء، في القانون الجنائي – وخاصة حول الزنا والإجهاض. يُعتبر الزنا، والذي يشكل أساسًا للطلاق وفقًا لقانون الأسرة، تهديدًا أيضًا للأخلاق العامة، كما يُعتبر عملاً إجراميًّا (المواد 440- 444). وتبدو عدم المساواة في معاملة الزوج والزوجة في التعريفات المنفصلة للزنا لكل جنس، فضلاً عن العقوبات التي تُفرض على كل منهما. فعلى حين أن حادثة واحدة لعلاقة جنسية تكفي لاتهام المرأة المتزوجة بالزنا (المادة 440)، فلا يوجه الاتهام إلى الرجل إلا عند وجود علاقة مستمرة بينه وبين امرأة أخرى تماثل علاقة الزوج والزوجة (المادة 441). وعلاوة على ذلك، لا يمكن اتهام الزوج بجريمة الزنا من جانب زوجته إذا كانت المتورطة في الموضوع أمرأة غير متزوجة. أما إذا كانت امرأة متزوجة، فإن شكوى الزوجة لا تكفي مع ذلك لتوجيه الاتهام. لكن زوج الزوجة الزانية من حقه تقديم شكوى.

وينكر القانون الجنائي أيضًا الحقوق الإنجابية للنساء. فقد حظرت المادتان 468 و469 الإجهاض، وتنصان على مقاضاة أي امرأة تُجهض (أو كل من يساعدها في الإجهاض).29 كما أن المواد التي نظمت حياة العمل لم تخلو أيضًا من التحيز القائم على النوع الاجتماعي. يضم قانون العمل قيودًا قانونية على مشاركة النساء في قوة العمل والحياة العامة. فالمادة 683، على سبيل المثال، تمنع النساء في أي عمر من العمل تحت الأرض أو تحت الماء. كما أنها تقيد أيضًا توظيف النساء، بحظر عملهن في وظائف تتضمن أنشطة بدنية خطيرة وسامة، على أساس أن هذه الأنشطة من شأنها تهديد الوظيفة الإنجابية للمرأة. وبناء على ذلك، لم يكن بإمكان النساء السعي للعمل في وظائف ذات أجور مرتفعة نسبيًّا مثل: العمل في مجالات التعدين، والبناء، أو الصناعات الثقيلة والتحويلية.30

ضمت الإدارة العامة مجالاً آخر للتوظيف غير مسموح للنساء العمل به. ارتكازًا على مبدأ الحكومة الواحدة، كانت الحكومة الوطنية التركية تتسم بالمركزية الشديدة. فقد كان تنفيذ القانون وتنفيذ السياسة على مستوي الإقليم أو البلدة تتم إدارته عن طريق محافظين يتولى مجلس الوزراء تعيينهم. وظلت هذه المواقع الحكومية – مثل مكتب الوالي في الأقاليم، والقائمقام في البلدات – مغلقة أمام النساء. وعلي الرغم من أن القانون لا يضم قيودًا صريحة ترتكز على النوع الاجتماعي بشأن التعيين في تلك المناصب، كانت النساء مستبعدات من البرامج التدريبية التالية للحصول على الليسانس، والمطلوبة للالتحاق بهذه المناصب، وبذلك تحول الحكومة دون تمتع النساء بحق شغل هذه المناصب.

وهناك تناقض واضح بين استبعاد النساء من مناصب الإدارة العامة وترسيخ حقوق النساء الانتخابية (حيث سُمح للنساء بالترشيح في انتخابات الحكومات البلدية عام ١٩٣٠، وللبرلمان عام ١٩٣٤). ويتعمق التناقض إذا ما قبلنا الحجة الشائعة التي تطرح أن النساء التركيات حصلن على حق الاقتراع في وقت لم يبدين فيه أي وجود سياسي حيوي. وقد كشفت بعض الدراسات الحديثة عن وجود منظمات وحركات نسائية نشطة حينذاك. ففي بداية العشرينيات، أثارت بعض النساء، أعضاء اتحاد المرأة التركية، مطالب سياسية. ومع ذلك، تمت التضحية بمصالحهن من أجل الوحدة الوطنية. وقد تحدث معهن أتاتورك نفسه عندما حاولن في عام ١٩٢٣ تأسيس حزب سياسي، وأقنعهن بالتضحية بالفكرة.31 ذلك، في عام ١٩٢٧، لم يُشجع محاولة الاتحاد تقديم مرشحاته في الانتخابات البرلمانية.32 وبالمثل، رُفضت طلبات النساء لعضوية الحزب السياسي في الثلاثينيات.33 وإذا كانت مطالب النساء قُمعت بنجاح، لماذا لم يتم أيضًا تجاهل مطالبهن في حق الانتخاب؟ ويكمن التفسير في حساسية أتاتورك للتصورات الغربية عن النظام التركي الجديد. تجادل تكيلي أن أتاتورك كان مهتمًا بانطباعات الغرب عن نظامه كديكتاتور. وقاده موقفه الدفاعي إلى تشجيع المقرطةفي الثلاثينيات. وهكذا، كان حق المرأة في الانتخاب حركة رمزية، جزءًا من بناء صورة ديمقراطية من شأنها تمييز حكم الحزب الواحد التركي عن النظم المتراصة الأخرى في ذلك الزمن، وخاصة منذ حكم هتلر في ألمانيا.34 ومع ذلك، استمر التلاعب بالنساء بعد إدخالهن في العملية الانتخابية، ولم يُسفر حق الاقتراع عن زيادة تسييس النساء أو أفعالهن السياسية المستقلة. وعلى الرغم من أن النساء المرشحات أحرزن 4.5% من المقاعد الانتخابية في الانتخابات الوطنية لعام 1935، كانت جميع النساء البالغ عددهن ۱۷ امرأة، قام أتاتورك باختيارهن، كانت جميع هؤلاء النساء يتصفن بأنهن مطيعاتولا يسببن أية مشكلات في البرلمان، ويقمن بأداء الواجبات المكلفات بها بهدوء، ولا يتحدثن أو يسألن كثيرًا، ومكرسات بالكامل لخدمة مبادئ أتاتورك، ويضطلعن بحماس بواجبتاهن کرموز لتلك المبادئ“.35

يُعتبر ميدان التعليم أفضل موقع يوضح تأثير السياسات الإدارية على النساء. فالتعليم ليس مؤسسة مهمة للتنمية فحسب، وإنما يعد أيضًا فاعلاً رئيسيًّا للتنشئة السياسية. وعلاوة على ذلك، كما توضح مقتطفات خطب كمال أتاتورك، أضفى النظام الكمالي قيمة كبيرة على تعليم النساء. ومع ذلك، وبغض النظر عن الخطابة، لم تكن سياسة التعليم تتسم بالمساواة؛ فقد عززت في واقع الأمر الأدوار التقليدية للجنسين. ويمكن تحديد التلقين البطريركي في السنوات الأولى من الجمهورية في ثلاثة موضوعات متداخلة الارتباط: عدم الاختلاط بالنظام المدرسي، وعدم الاختلاط داخل المدارس المشتركة، وتوجيه اتهامات صريحة للطالبات.

وعلى الرغم من وجود أنصار للتعليم المشترك، فلم يوجد خلال السنوات الأولى من الجمهورية إلا في المرحلة الابتدائية، وعلى المستوى الجامعي، وظلت المدارس المتوسطة والعليا غير مختلطة. وعلى الرغم من أن المساواة في التعليم للمجموعتين كانت تحظى بتقييم عال مع زيادة عدد مدارس الإناث بما كان أحيانًا علي حساب مدارس الذكور، فإن عدد مدارس الإناث ظل بمثابة جزءًا ضئيلاً بالنسبة لعدد مدارس الذكور. فبينما كانت توجد ۷۲ مدرسة متوسطة للذكور، وعدم وجود أي مدرسة متوسطة للإناث، خلال العام الدراسي ١٩٢٣١٩٢٤، فقد شهد العام الدراسي التالي تقليصًا في عدد مدارس الذكور إلى 56 مدرسة وافتتاح 8 مدارس متوسطة للطالبات. وفي العام الدراسي ١٩٢٥١٩٢٦، تغيرت هذه الأعداد إلى 54 و15 على الترتيب. 36 وفي العام الدراسي ۱۹۲۷۱۹۲۸، بدأ التعليم المختلط في المدارس المتوسطة.37 ومع ذلك، استغرق الأمر حوالي عشر سنوات، حتى العام الدراسي 1934-1935، كي تبدأ المدارس العليا في تطبيق الاختلاط – وحتى عندئذ، كان مسموحًا به فقط في تلك المدن التي تضم مدرسة عليا واحدة فقط.38

ومع ذلك، ومع بداية الإدماج التدريجي للمدارس المتوسطة والعليا ذات التشديد الأكاديمي، احتفظت مدارس المعلمين، والمدارس المهنية والتقنية، وفي تعليم الكبار بالنظام التعليمي غير المختلط. وتجدر الإشارة إلى أن الجمهور كان يفضل تعليم الفتيات بالمدارس المهنية والتقنية بدرجة كبيرة. وخلال العام الدراسي ١٩٤٢١٩٤٣، كان ٢٦% فقط من مجموع الإناث الملتحقات بالمدارس الثانوية في المدارس المتوسطة والعليا الأكاديمية، بينما استوعبت المدارس المهنية والتقنية نسبة 74% المتبقية. 39

وتوضح المناهج التعليمية بالمدارس المهنية اختلافات صارخة على أساس النوع الاجتماعي. كانت بعض المدارس موجهة نحو تدريب العمال والتقنيين الصناعيين المهرة؛ لكن المدارس المخصصة للفتيات، وخاصة معاهد البنات، كانت تؤكد الاقتصاد المنزلي، ورعاية الطفل، والطهي، والحياكة. ووفقًا للبيانات الرسمية، كانت المناهج الدراسية بمدارس البنات تهدف إلى إمداد الفتيات بالتعليم النظري والعملي الذي يسهم في تدريبهن على إدارة المنزل صحيًّا وتنظيميًّا واقتصاديًّا وذوقيًّا، بما يتيح لهن تأسيس زيجات سعيدة، وبالتالي يسهمن في التنمية الاجتماعية للبلد“.40

ويقدم الجدول رقم (۱) بیانات حول معدلات الالتحاق المبكرة المتاحة، بما يسهم في إجراء تحليلات مقارنة. يوضح الجدول التحاق الإناث فقط بمعاهد البنات، بالإضافة إلى مدارس الرعاية الصحية المتخصصة في التمريض ورعاية الأطفال وتدريب القابلات – بغية تعزيز الأدوار النسائية التقليدية في المجتمع. وعلاوة على ذلك، وحتى بين المدارس الموجهة للإناث، كان التحاق الإناث ضئيلاً بالمدارس التي تمنح التدريب المهني الذي يساعد على الالتحاق بالعمل. لم تكن الإناث ممثلات في 11 مدرسة مهنية تقدم تدريبًا صناعيًّا يمكن أن يجلب لهن وظائف، ومن الناحية الأخرى، كان حوالي نصف مجموع الطالبات متركزًا في معاهد البنات.41

على أن المدارس المهنية التي تخصصت في تدريس العمل الأنثوي، الذي لا يؤدي إلى أي تطوير فكري أو إبداعي أو استقلالية، بالكاد ما كان بإمكانه إعداد تلك الفتيات للوظائف. وعلاوة على ذلك، غالبًا ما كان العدد المحدود من المدارس الموجهة نحو التوظيف، والمتاحة للفتيات، يقود إلى وظائف واسعة العمالة وقليلة الأجر، ولا تتيح للنساء المشاركة في عمليات صنع القرار داخل العمل.42 وبالتالي، أسفر التخصص والانجذاب إلى المدارس المهنية عن نظام تعليمي أدى إلى تأبيد الأدوار التقليدية للجنسين. كما كانت المعاملة التفضيلية بين الجنسين واضحة أيضًا في المناهج الدراسية بالمدارس الثانوية الأخرى.

جدول رقم (۱): التحاق الفتيات بالمدارس المهنية، ١٩٤٢– 43

نوع المدرسة

إجمالي عدد البنات

% للبنات من مجموع الملتحقين

%لمجموع البنات الملتحقين

مدرسة المعلمين

التعليم الابتدائي

6 سنوات

837

8.65

11.5

3 سنوات

1576

60.47

21.75

تعليم مهني

236

55.92

3.26

معاهد البنين للفنون والحرف

البنات

3471

100.00

47.90

البنين

البناء

المدارس التقنية

تسجيل الأراضي

9

11.54

0.12

السكك الحديدية

المالية

4

2.62

0.06

التجارة

المدارس المتوسطة

254

17.20

3.51

المدارس العليا

167

14.87

2.30

المعاهد الموسيقية

200

54.49

2.76

الفنون الجميلة

78

28.06

1.08

الحياكة

56

60.21

0.77

الشرطة

الرعاية الصحية

مساعدة طبيب

ممرضة مساعدة بالمعمل

148

100.00

2.04

رعاية الطفل

31

100.00

0.43

التوليد

127

100.00

1.75

الزراعة

المزارع الإقليمية

الصحة البيطرية

الغابات

الميكانيكيات

المعوقون(الصمالبكمالعمي)

52

38.52

0.72

Mine Tan, Kadın: Ekonomik Yasamı ve Egitimi. Turkiye İs Bankası Kultur Yayınları. (Ankara: TISA Matbaası, 1979), 206-207.

كان قانون ١٩٢٤ حول توحيد التعليم (رقم430) يسعى إلى العلمانية والمركزية والتوحيد القياسي للمناهج التعليمية للمدارس التي تقدم نفس المستوى من التعليم، وتُصدر نفس النوع من الدبلومات. وعلى الرغم من أن القانون أنهى الاختلافات الإقليمية أو الموجودة بين المؤسسات، فلم يتمكن من الوفاء بمبدأ الفصل مع المساواةبالنسبة للطلاب والطالبات الملتحقين بالمدارس المتوسطة أو العليا المنتظمة.

وكان هناك تحديد لبعض الموضوعات التي تقوم المدارس بتدريسها باعتبارها أنثوية أو ذكورية، ولم تُدرس إلا إلى المجموعة ذات الصلة“. وعند إدخال التربية الوطنية والتربية العسكرية في المناهج الدراسية بالمدارس المتوسطة والعليا، كان تدريسهم قاصرًا على البنين فقط. وفي المقابل، كان تدريس الحياكة والتطريز والاقتصاد المنزلي ورعاية الطفل قاصرًا على البنات. وفيما بعد، أُضيفت هاتين المادتين إلى المناهج الدراسية للبنات، لكن الفصول لم تكن مختلطة، حتى في المدارس المتكاملة. وعلاوة على ذلك، كانت طبيعة التدريبات والأنشطة مختلفة. وعلى سبيل المثال، كان ضعف الوقت تقریبًا مخصصًا للتدريبات العسكرية للبنين، وتضمنت الحصص التدريب العسكري وليس الدفاع المدني فحسب. وفي فترات مختلفة من تعليمهم، كان البنين يحصلون على وقت أطول في معامل العلوم، أو يأخذهم المدرسة إلى رحلات ميدانية لاستكمال دروسهم في التاريخ أو الجغرافيا. وفي الوقت نفسه، كانت البنات تتعلم التقنيات الحديثة لتدبير المنزل.43

لقد كانت المناهج الدراسية عام ١٩٢٤ بمدارس المعلمين للتعليم الابتدائي غير مختلطة أيضًا. وبينما كانت مدارس البنين ومدارس البنات متطابقة في توزيع الحصص العلمية والمهنية، كان التمايز في المعاملة واضحًا في المواد التطبيقية. فالزراعة كانت قاصرة على مدارس المعلمين للذكور فقط، وكان الطلاب ينفقون ضعف الوقت في الموضوعات الإبداعية مثل الرسم، والحرف، والخط. أما في مدارس البنات، فقد كانت تلك الساعات تُستخدم لدروس الحياكة، والاقتصاد المنزلي (الغسيل، والكي، والتنظيف)، والتطريز، ورعاية الطفل.44

وبينما كانت المدارس متكاملة، فقد خضعت المناهج الدراسية للتغيير أيضًا. فقد شهدت أواخر الثلاثينيات تغيرات في المناهج الأكاديمية، بحيث أصبح الطلاب والطالبات يدرسون أساسًا نفس المواد، ويحضرون دروس أغلب المواد في نفس فصول الدراسة. ومع ذلك، كان الانفصال سائدًا في الجدول. فقد كان البنين والبنات يحضرون أقسام مختلفة من التربية البدنية، حسب الاختلافات البيولوجية. على أن فصول الفن والحرف كانت تُقسم الطلاب والطالبات على أساس الأدوار التقليدية للجنسين.45 وكان البنين يحضرون مرة أسبوعيًّا فصول الفنون والحرف التي يطلق عليها دائما أعمال يدوية“. وفي نفس تلك الساعات، كان الطالبات يحضرن فصول التدبير المنزلي“. فعلى حين يحصل البنين على دروس في الحرف مثل تجليد الكتب، والنجارة، والورق، كانت البنات تتدرب على الطهي، والتخليل، والخبز، والحياكة، ورعاية الطفل.

قد أُدخلت هذه المواد لتطوير المهارات البناءة والإبداعية، والاحترام الذاتي، والاستقلال لدى الطلاب، فضلاً عن الكشف عن جدارتهم ومواهبهم. ومع ذلك، كانوا يميلون إلى كبت هذه السمات عمليًّا. ويميلون، في المقابل، إلى تشجيع الاتساق مع تشكيل وسلوك الهوية القائمة على النوع الاجتماعي. إن هذا النوع من الانفصال والتخصص الذي يحدث خلال فترة المراهقة (عندما يكون الأطفال على درجة كبيرة من الوعي بهويتهم الجنسية وتعريف أدوار الجنسين) يجب أن ينتج عن جهد واع في التلقي (indoctrination).

في المدارس المتوسطة والعليا، حيث يتعلم الجنسين في نفس الفصول، كان البنات والبنين يجلسون عادة متباعدين. كانت البنات تتجمع عادة في أحد جوانب الفصل أو في المقاعد الأمامية. وبالمثل، وبقدر ما يسمح التصميم المعماري للمدرسة، كان يجري توجيه البنين والبنات نحو استخدام بوابات وأبواب مختلفة للدخول أو الخروج من المبنى. إن عدم الاختلاط في الفضاء الاجتماعي داخل بناء المدرسة كان يستهدف السيطرة على النشاط الجنسي للذكور والإناث (على الرغم من تعرض الإناث، بوجه خاص، إلى مزيد من القمع المهين).46

كانت الطالبات تتعرض لتدقيق شديد من جانب المعلمات.47 وتتعرض الطالبة للعقاب لأي لمحة للأنوثة، كما كان رد فعل العاملين بالمدرسة يتمثل في سلوك غير رسمي من التوبيخ العنيف، والإهانة، أو العقاب. ولم يكن مسموحًا للفتيات بوضع مستحضرات التجميل، بل كان عليهن اتباع قوانين صارمة فيما يتعلق بالملبس وتصفيف الشعر. فقد كان المطلوب أن يكون شعر الطالبة قصيرًا أو مربوطًا في شكل ضفائر أو ذيل الحصان. كانت جميع أغطية الشعر أو الإكسسوار ممنوعة – ما عدا الدبابيس. وبالمثل، تصميم الزي كان بسيطًا، يضم خطوطًا طويلة، مع جوارب سميكة وداكنة اللون (عادة من اللون البني أو الأسود). وتشير كل هذه الممارسات إلى جهد متسق لتحويل النساء الشابات إلى مواطنات وعاملات بلاجنس“. إن زيادة نفاذ النساء إلى التعليم، بالإضافة إلى المعاملة غير المتساوية والسيطرة الاجتماعية الصارمة المقترنة به، لم يؤد إلى إنهاء التحيزات البطريركية، بل أسفر عن إعادة إنتاجها في جميع المجالات – سواء القديمة أو الجديدة.

مع إضفاء العلمانية على الزواج، وتعليم النساء، ومشاركتهن في العملية الانتخابية، أبعد النظام الجمهوري نفسه عن الميراث الإسلامي للإمبراطورية العثمانية، وعزز تطوير أيديولوجية علمانية تضفي شرعية على الدولة الجديدة.48 وعلى الرغم من هذه الإصلاحات، استمرت الدولة الكمالية في توظيف تعريف تقليدي للأدوار النسائية، وأكدت الإنجاب ورعاية الأطفال بوصفها الوظائف الأساسية للمرأة. وبالتعامل مع النساء كرموز وأدوات للتحديث والتغريب، بدلاً من اعتبارهن شركاء متساويات بالكامل مع الرجال، لم تستهدف الإصلاحات الكمالية إنجاز الكثير بالنسبة إلى المرأة. فالمبادئ التي أرستها خطب أتاتورك كانت تتحول إلى سياسات يجري تنفيذها تحت قيادته، بالإضافة إلى السياسات التي صاغتها الحكومات التي تلت. إن تعزيز تعليم الإناث، على سبيل المثال، كان يشوبه قلق حول مدى تأثير النساء على أبناءهم الرجال، لأن الأم هي أول مُعلم للطفل. ومن هنا جاء تطوير منهج أنثويمن أجل تحويل الإناث المتخلفاتإلى أمهات أكفاء وزوجات عمليات.49 ومن خلال إصلاح بعض المؤسسات التي ضمت النساء بالفعل (الأسرة، على سبيل المثال)، وتوسيع أدوار النساء في مؤسسات أخرى (المدارس، على سبيل المثال)، أصبح النظام الكمالي قادرًا على إعادة بناء البنى البطريركية وإضفاء الشرعية عليها.

ولا تزال الآثار التقليدية للإصلاحات والعقلية الكمالية مستمرة حتى الوقت الحاضر. وإلى يومنا هذا، لا يزال تعليم النساء وتوظيفهن محدودًا. لقد كان النفاذ إلى التعليم والعمل أيسر بالنسبة لنساء الطبقة العليا بالحضر، لكنهما فشلا في تحرير حتى ذلك القطاع من السكان. وتشير البحوث إلى أن تعليم النساء في تركيا يواصل تأخره بحيث يقل كثيرًا عن تعليم الرجال، حتى بين النساء المتعلمات، ولا تزال المشاركة النسائية في قوة العمل صغيرة.50 ويتفق الباحثون على أن التعليم في تركيا لم يسهم في تغيير أدوار الجنسين أو حفز مشاركة النساء في الاقتصاد والحياة العامة، بل ساعد في عملية إعادة إنتاج الأيديولوجية البطريركية، 51 أو كوسيلة للحصول على المكانة الاجتماعية.52 إن النساء اللاتي يعملن خارج المنزل، يفعلن ذلك لتلبية الاحتياجات الاقتصادية للأسرة ولم يحصلن على الاستقلال المالي .53 ومع ذلك، هناك دائمًا إمكانية أن تدرك النساء، مثل جميع المجموعات المقموعة، هذه البنية ويطالبن بالتغيير. إن الحركة / الحركات النسوية التي حققت انتشارًا وحيوية منذ الثمانينيات تُعد دليلاً على هذا الوعي.54

وبالتالي، وبصفتي واحدة من هؤلاء النساء، حاولت أن أقدم تحليلاً منطقيًّا للجذور التاريخية لهذا البناء. وفقط من خلال التفحص الدقيق لحدود ولنوايا الإصلاحات الكمالية يمكننا أن نستوعب البني التي تنظم أفعال النساء في تركيا المعاصرة. وعندئذ فقط يمكننا التخلص من المظهر الكاذب للمساواة الاجتماعية، والتحرك نحو مجتمع من العدل والتماثل.

* هذه الدراسة صيغة موجزة ومنقحة من البحث التالي:

Zehra F. Kabascal Arat, “Kemalism and Turkish Women”, Women and Politics volume 14, number 4 (Fall 1994), pp. 57-80.

1- انظر/ي:

Ayse Oncu, “Uzman Mesleklerde Turk Kadiri,” (Turkish Women in Professional Occupations), in Nermin Abdan-Unat. ed., Turk Toplumunda Kadın (Women in Turkish Society), Socyal Bilimler Arastırmaları Dizisi 1., 2nd. ed. (Istanbul: Arastırma. Egitim, Ekin Yayınlari, and Turk Socyal Bilimler Dernegi, 1982), 253- 267; 253.

2- أمم الكتلة الشرقيةلا تتدرج في هذا التصنيف، انظر/ي:

Fatma Mansur Cosar, “Women in Turkish Society,” in Lois Beck and Nikki Keddie, eds., Women in the Moslem World (Cambridg`e: harvard University Press, 1978), 124-140; 136.

3- انظر/ي:

A. Afetianan, Tarih Boyunca Turk Kadınının Hak ve Gorevleri (Turkish Women’s Rights and Duties throughout History). Ataturk Kitapları Dizisi: 3 (Istanbul: Milli Egitim Basımevi, 1982); Emel Dogramacı, Status of Women in Turkey, 3rd ed., (Ankara: Meteksan Co., Inc., 1989); Tezel Taskıran, Cumhuriyetin 50. Yılında Turk Kadın Haklan (Women’s Rights at the Fiftieth Anniversary of the Republic), (Ankara: Basbakanlık Kultur Mustesarlıgı, Basbakanlık Basımevi, 1973).

4- انظر/ي:

Nermin Abadan-Unat, “Toplumbilim Acısından Atatkun Kadın Devrimi Uzerine Dusunceleri” (A Sociological Approach to Ataturk’s Thoughts on Women’s Reforms), Proceedings of the International Conference on Ataturk, paper No: 66, Vol. 3. Bogazici Universitesi, November 9-13, 1981 (Bebek, Istanbul: Bogazici Universitesi Matbaas1, 1981), 9; Mine Tan, “Ataturk’cu Dusunus ve Karma Egitim” (Ataturkist Thinking and Co-education), Proceedings of the International Conference on Ataturk, Paper No: 61, Vol. 3, Bougazici Universitesi, November 9-13, 1981 (Bebek, Istanbul: Bogazici Universitesi Matbaası, 1981), 12.

5- أنظر/ي:

Deniz Kandiyoti, “Emancipated but Unliberated? Reflections on the Turkish Case” Feminist Studies 13:2 (Summer 1987), 317-338; Sirin Tekeli ed., Kadınlar ve Siyasal Toplumsal Hayat (Women and Political and Social Life) (Ankara: Bitikim Yayınları, 1982), 208.

6- إن خضوع حقوق النساء ومصالحهن إلى المصلحة الوطنيةليست متفردًا في تركيا، لكنه ممارسة شائعة في البلدان النامية. وللإطلاع على مزيد من المناقشات والأمثلة، انظر/ي: Nilufer Cagatay and Yasemin Nuhoglu Soysal, “Uluslasma Sureci ve Feminism Uzerine Karsirmalı Dusunceler” (Comparative Reflections on the Process of Nation-Formation and Feminism), in Sirin Tekeli, ed., Kadin Bakis Acisindan 1980’ler Turiye’sinde Kadin (Women in the Turkey of the 1980s from a Women’s Perspective) (Istanbul: İletisim Yayinlari, 1990), 301-311; K. Jayawardena, Feminism and Nationalism in the Third World (London: Zed Press, 1988); Nadia H. Youssef, “Women in the Moslem World,” in B. Iglitzin and R. Ross, eds., Women in the World (Oxford: Clio Books, 1976).

7- انظري:

Deniz Kandiyoti, “Ataerkil Oruntuler: Turk Toplumunda Erkek Egemenligimin Cozulmesine Yonelik Notlar,” (Patriarchal Weaves: Notes on Dismantling the Patriarchal Hegemony in Turkish Society) in Tekeli, Kadın Bakis Acisindan. 1990, 341-351; Deniz Kandiyoti, “End of Empire: Islam, Nationalism and Women in Turkey,” in Deniz Kandiyoti, ed., Women, Islam, and the State (Philadelphia: Temple University Press, 1991), 22-47; 42; Sirin Tekeli, Kadinlar Lcin (For Women) (Istanbul: Alay Yayıncılık, 1988), 315.

على الرغم من اتفاقي مع تحليل هؤلاء الباحثين، فإنني أجد اختيارهم لمصطلح نسوية الدولة” – عند تعريف الإصلاحات الكمالية – غير موفق. فمن أجل إطلاق تسمية نسويعلى أية حركة أو أعمال، يجب أن تعترف بعدم المساواة بين الجنسين وبالهيمنة الذكورية. وبمعالجتهما كقضايا سياسية، يجب اتخاذ تدابير واعية للقضاء على الهيمنة. ومن ناحية أخرى، يوافق الباحثان على أن الإصلاحات الكمالية لم توضح تلك الجهود أو النوايا. وللإطلاع على عرض وتحليل موجزين للمناقشات والإصلاحات التي تناولت قضايا المرأةفي تركيا، انظر/ي: Deniz Kandiyoti, “Women and the Turkish State: Political Actors or Symbolic Pawns?” in Nira Yuval-Davis and Floya Anthias, eds., Women-Nation-State (New York: St. Martin’s Press, 1989), 126-149.

وأعتقد أن مصطلح نسوية الدولةأنسب وصف لما يُسمى النظم الاشتراكيةالتي اعترفت بالسيطرة على النساء في ظل الرأسمالية، وتناولت الموضوع بوصفه قضية سياسية، لكنها لم تتمكن من تحديد جذور البطريركية، وبالتالي فشلت في تحرير النساء. وللقراءة حول نسوية الدول الاشتراكية، انظر/ي:

Maxine Molyneux, “Women in Socialist Societies: Problems of Theory and Practice”, in Kate Young, Carol Wolkoiwitz and Roslyn McCullagh, eds., Of Marriage and the Market: Women’s Subordination Internationally and Its Lessons (London: Routledge, 1984), 55-90; and Lydia Sargent, ed. Women and Revolution: A Discussion of the Unhappy Marriage of Marxism and Feminism (Boston: South End Press, 1981).

8- السنوات التي تناظر الحكم الكمالي هي موضوع نزاع. فالفترة التي بدأت بتنظيم الجمعية الوطنية الكبرى في عام ١٩٢٠، أو إنشاء الجمهورية التركية عام ١٩٢٣، وتنتهي بوفاة أتاتورك عام ١٩٣٨ تشيع الإشارة إليها باسم الحكم الكمالي أو العصر الكمالي. ومع معرفة أن الكمالية – برغم تعريفها المبهم بداية وتكرار إعادة تعريفها كانت الأيديولوجية الرسميةلتركيا (دون أية معارضة ناجحة، على الأقل حتى منتصف الستينيات)، ولم يتغير نهجها تجاه النساء، فإنني أوسع التعريف الكرونولوجي للعصر الكمالي بحيث يشمل أعوام الستينيات.

9- انظر/ي:

Ataturk’un Soylev ve Demecleri (Ataturk’s Speeches and Statements) 2 (1989): 89.

10- انظر/ي: Ataturk, Speeches,2:89

11- انظر/ي: Ataturk, Speeches, 2:89-90

12- من المسودات التي كتبها أتاتورك بخط يده في عام ١٩٣٠ ونشرت عن طريق:

Afetinan and quoted in Emel Dogramacı, Status of Women in Turkey, 164.

۱۳انظر/ي: Ataturk, Speeches, 2:126

14- انظر/ي: Ataturk, Speeches,2:227

15- انظر/ي:Ataturk, Speeches, 2:91

16- انظر/ي:Ataturk, Speeches, 2:152-153

17- انظر/ي:Ataturk, Speeches, 2:153

18- انظر/ي:Ataturk, Speeches, 2:154

19- انظر/ي:

Deniz Kandiyoti, “Emancipated but Unliberated? Reflections on the Turkish Case,” Feminist Studies 13:2 (Summer 1987), 317-338; 328.

20- انظر/ي:

Bernard Lewis, The Emergence of Modern Turkey 2nd ed., (Oxford: Oxford University Press, 1968), 271.

21- من حيث الأساس، بلغ الحد الأدنى للسن ١٨ و ١٧ سنة للرجال والنساء على الترتيب. ومع ذلك، ففي 16 يونيو ١٩٣٨، تم خفض السن مع القانون الجديد (رقم 3453) إلى

17 للرجال و15 للنساء.

22- في كتابها بعنوان The Patriarchal Paradox: Women and Politics in Turkey Fairleigh Dickinson University Press, 1989 )، تتناول Yesim Arat القانون المدني بوصفه الإطار القانوني ل البطريركية الجمهورية“. انظر/ي ص 33-34.

23- استُخدم هذا البند، في الممارسة العملية، للمحافظة على سيطرة الزوج واستقلاله. وناصرت عديد من قرارات المحاكم أن الزوجة حتى إذا امتلكت بيتًا وعاشت فيه دون دفع إيجار، بما يخدم مصالح الزوج المادية، فإن ذلك يضعه في موقف تابع. وبالتالي، فمن حق الزوج طبيعيًّا أن يفضل حريته على مصالحه المادية ويسعي للسلام“.

انظر/ي:

Feyzi Necmeddin Feyzioglu, Aile Hukuku (Family Law), 3rd ed. (Istanbul: Filiz Kitabevi, 1986), 182-183. p. 86.

24- مع ذلك، وفي حالة استخدام الزوج لهذا الحق تعسفيًّا، يمكن أن تلجأ الزوجة إلى المحكمة للحصول على إذن. وهذه المادة من بين المواد التي تعدلت في الثمانينيات لصالح النساء.

25- يشير بحث مسحي أجري في الستينيات والسبعينيات إلى أن السبب الرئيسي وراء عمل النساء كان الحاجة إلى توفير دخل تكميلي، وغالبًا كانت المرأة تسهم بمجمل دخلها في ميزانية الأسرة، وكانت النساء العاملات يملن إلى تسليم مكاسبهن إلى أفراد الأسرة الآخرين، وعادة إلى الزوج. انظر/ي:

Tekeli, Kadınlar ve Siyasal Toplumsal Hayat, 225.

26- انظر/ي:Feyzioglu, Aile Hukuku, 123

27- على الرغم من أن النساء كن ضحايا وكانت المرأة بريئة، لأن الموقف كان عارًا على الزوج في المجتمع المحلي، فإن عدم الاتساق في الأسرة والذي نتج عن الاغتصاب كان أساسًا مقبولاً لكي يُطلق الزوج زوجته, انظر/ي: Feyzioglu, Aile Hukuku,321-313

28- لكن قرارات المحاكم العليا رفضت ذلك كسبب شرعي للطلاق في الأيام الأولى من الزواج، حيث لم يكن متوقعًا من الزوجة بعد أن تكون زوجة ذات خبرة“. انظر/ي: Feyzioglu, Aile Hukuku, 123

29- في عام 1965، كان قانون التخطيط السكاني يبيح الإجهاض ولكن فقط إذا كانت حياة الأم في خطر، أما القانون الجديد للتخطيط السكاني (رقم ٢٩٢٧)، والذي صدر عام ۱۹۸۳، فقد أباح الإجهاض خلال الأسابيع العشرة الأولى من الحمل، لكنه أشار بعد ذلك إلى ظرف تهديد الصحة، واقترح سجن المرأة والمتورطين الآخرين لمدد تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات. وعلاوة على ذلك، وفيما يتعلق بالإجهاض القانوني، اشترط القانون موافقة الوصي على الصغار وزوج المرأة المتزوجة.

30- انظر/ي:

Gulten Kazgan, “Turk Ekonomisinde Kadınların Isgucune Katilmasi, Mesleki Dagilimi, Egitim Duzeyi ve Sosyo-Ekonomik Statusu,” (Women’s Participation in the Work Force, Occupational Distribution. Educational Level, and Socioeconomic Status in Turkish Economy) in Abadan-Unat, Turk Toplumunda Kadın, 137-170; 145.

31- انظر/ي:

Zafer Toprak, “Kandınlar Halk Firkasa,” (People’s Party of Women), Tarih ve Toplum 51 (March 1988), 30-31.

32- انظر/ي:

Nukhet Sirmanm “Feminism in Turkey: A Short History,” New Perspectives in Turkey, 3:1 (Fall, 1989): 1-34, 13.

33- انظر/ي: Tekeli, Kadinlar ve Siyasal Toplumsal Hayat,215

34- انظر/ي Tekeli, Kadinlar ve Siyasal Toplumsal Hayat, 214-217, Tekeli, Kadınlar Icin (Istanbul: Alay Yayincilik, 1988), 289-294.

35-أنظر/ي Tekeli ,Kadnlar icin,300

36- أنظر/ي: Tan, “Ataturk cu Dustunis ve Karma Egitim,”17

37- أنظر/ي: Tan, “Ataturk cu Dustunis ve Karma Egitim,”18

38- أنظر/ي: Tan, “Ataturk cu Dustunis ve Karma Egitim,”19

39- أنظر/ي:

Mine Tan, Kadınlar: Ekonomik Yasamu ve Egitimi (Woman: Her Economic Life and Education). Turkiye Is Bankasi Kultur Yayinlari (Ankara: TISA Matbaasi, 1979), 206.

40- من تقييم المنهج الدراسي لوزارة التعليم، كما ورد في: Tan Kadin,210.

41- وجدت هيئة تخطيط الدولة أن ٢٤% فقط من خريجات تلك المعاهد بين 1958 -1959 و1963-1964، واصلت التعليم العالي، و30% حصلن على وظائف في مجالات ترتبط قليلاً أو لا ترتبط على الإطلاق بموضوعات دراساتهن بالمدرسة، وظلت 41% بالبيت. انظر/ي:Tan, Kadin, 1979, 211

42- أنظر/ي:

Fatma Gok, “Turkiye’de Egitim ve Kadinar,” (Education and Women in Turkey), in Tekeli, Kadin Bakis Acisindan, 165-182.

43. انظر/ي:

Hasan-Ali Yucel. Turkiye’de Orta Ogretim (The Secondary Education in Turkey), (Istanbul: Devlet Basimevi, 1938), 145-236, Tables of Curricula.

44. انظر/ي:Yucel, Secondary Education in Turkey,229-230

45-لا يزال عدم الاختلاط سائدًا في هذه المجالات حتى الآن.

46- ترتكز المعلومات المتعلقة بالضوابط المدرسية بدرجة كبيرة على القصص الشخصية التي يرويها الآباء والأقارب وأصدقاء الأسرة. وقد خاض جيلي خبرة بعض هذه السياسات في السبعينيات.

47. لا يقتصر انطباق هذه القواعد على المدارس المختلطة فحسب، بل كانت شائعة بالمدارس المهنية أيضًا.

48. انظر/ي:

Tekeli, Kadinlar ve Siyasal Toplumsal Hayat, Kandiyotim “Ataerkil Oruntuler” 314-356

49. تمشيًا مع الحركات الإصلاحية الأخرى في الشرق الأوسط، والتي لاحظتها كانديوتي، فإن أمية المرأة، وعزلتها، وممارسة تعدد الزوجات لم تكن تُدان لأنها تحجب بفجاجة حقوق الإنسان الفردية لنصف السكان فحسب، وإنما لأنها أدت أيضًا إلى وجود أمهات جاهلات يتسمن بالضحالة وشريكات ماكرات، واتحادات زوجية غير مستقرة، وأفراد کسولات وغير منتجات في المجتمع“. انظر/ي: “Introduction” in Deniz Kandiyoti, ed., Women, Islam, and the State (Philadelphia: Temple University Press, 1991), 1-21, 10.

50. انظر/ي:

Kazgan, “Turk Ekonomisinde Kadinlarin Isgucune Katilmasi”; Ferhunde Ozbaym “Turkiye’de Kirsal/Kentsel Kesimde Egitimin Kadinlar Uzerine Etkisi.” (The Impact of Education on Women in Rural and Urban Sectors in Turkey). In Abadan-Unat, 171-197; Gok, “Turkiye’de Egitimi ve Kadinlar,” Table 1, 174.

وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة لعام ۱٩٨٩۱۹۹۰، هناك 75% من النساء الشابات (في الفترة العمرية 15-٢٤ سنة) متعلمات، و٤٢% فقط من المجموعة العمرية للتعليم الثانوي ملتحقات به بالفعل. وكان معدل الالتحاق بالتعليم العالي أقل بدرجة كبيرة، بمقدار 10%. لكل 100 من الذكور الملتحقين بالمدارس الثانوية، كانت هناك 64 امرأة فقط. كان التحاق الإناث بالتعليم العالي ومتوسط سنوات تعليمهن المدرسي يبلغ نصف نظيره لدى الذكور في الحالتين. لقد شكلت النساء 33% من قوة العمل، و3% من العاملين الإداريين. انظر/ي:

Human Development Report 1993, United Nations (New York: Oxford

University Press, 1993).

51. انظر/ي: Gok, “Education and Women inTurkey,” 169-171

٥٢. انظر/ي:

Ozbay, “Turkiye’de Kirsal/Kentsel Kesimde Egitimin Kadinlar Uzerine Etkisi,” Abadan Unat, 195-196.

53. تلاحظ تكيلي القمع النفسي وأيضًا الاقتصادي للمرأة العاملة، وخاصة للنساء اللاتي يعملن موظفات بالخدمة الحكوميةويمثلن النساء الجدد المتعلماتبالنظام: “في واقع الأمر، هذه المرأة مضطهدة أيضًا. الأسر يمكنها بالكاد أن تعيش بمرتبات الوظيفة الحكومية. وبعد ساعات العمل الطويلة، يقع على عاتقها عبء العمل المنزلي ورعاية الطفل والحياكة. إن زوجها لا يفشل فحسب في مشاركتها مسؤوليات الأسرة المعيشية، وإنما يتوقع منها – بوصفه رأس الأسرة – نفس الاهتمام، الرعاية والطاعة التي يحصل عليها إذا كان متزوجًا من امرأة لا تعمل” … هؤلاء النساء اللاتي ليس بإمكانهن تغيير العلاقات داخل الأسرة، برغم وضعهن ودورهن في الدولة، يقبلن عمل مزدوج وخضوع مزدوج. ومن أجل تبرير اضطهادهن أمام أنفسهن وفي عيون الآخرين، فإنهن ينقلن نفس الدور إلى بناتهن. الجيل التالي من هؤلاء النساء – اللاتي لم يتمتعن أبدًا بالمساواة الفعلية أو التحرر، واللاتي لم يكن بإمكانهن حتى اتخاذ قرار حول ماذا يرغبن لأنفسهن، ولم يكن بإمكانهن أن يجدن هويتهن – يعملن في بنوك ومكاتب، بالآلاف، وعندما يشعرن بالإرهاق بين البيت والعمل، يقلن: “إن لم تكن هناك ضرورة اقتصادية، كنت أفضل أن أبقى بالمنزل، وأكون امرأة بيتي“. انظر/ي:

Kadinlar Icin, 316-317

54- انظر/ي: “Nukhet Sirman, “Feminism in Turkey. في هذه الدراسة لمختلف الحركات النسائية في تركيا، تقدم سيرمان تعريفًا لأحداث الثمانينيات باعتبارها تطويرًا لحركة تُعد بدرجة كبيرة استجابة لمحدودية طبيعة نسوية الدولةللنظام الكمالي والقيود التي فرضها. وبرغم اقتران تلك الحركات بأيديولوجية أرثوذكسية متعارضة ومختلفة (بما في ذلك المحافظين الدينيين)، فإنها تتناول الحركات النسائية التي انتشرت خلال السنوات العشر الماضية بوصفها نسوية، لأن تلك الحركات وضعت النساء في مركز النقاش السياسي.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي