العمل المنزلي والأجور والمال

تاريخ النشر:

2015

ترجمة:

العمل المنزلي والأجور والمال

فئة المرأة المعيلة في الرأسمالية المالية (*)

ملخص

طبقًا لما قالته مجموعة من المؤلفين والمعلقين المشهورين، أفرز النظام الاجتماعي الاقتصادي ما بعد الفوردي Post Fordist فئة جديدة من العاملات، وهي فئة المرأة المعيلة“. ويطرح هذا المقال هذه الفئة للتمحيص النقدي. ونشير إلى أنه بينما فكرة المرأة المعيلة نفسها مطروحة لكل شكل من أشكال النقد النسوي، فهي بالإضافة إلى ذلك تفرض مواجهة مع عدد من القضايا المهمة للتحليلات النسوية للتغيرات التي طرأت على عمل النساء مدفوع الأجر وغير مدفوع الأجر في ما بعد الفوردية المعاصرة التي جرت أمولتها. ونحن نسعى وراء قضيتين معينتين. أولا: التحولات إلى العمل الإنجابي الاجتماعي، بما في ذلك التحولات إلى قياس العمل المنزلي وتقييمه، ثانيا: أمولة الأجور (والقدرات المتغيرة) على وجه الخصوص، والمال بصورة أكثر عمومية. ونشير إلى أنه إذا كانت التغيرات التي طرأت على عمل النساء لابد من استيعابها وفهمها، فلابد للنظرية النسوية من تجديد تحليلاتها للعمل المنزلي والأجور والمال وإعادة النظر فيها.

 

يتخذ هذا المقال فئة المرأة المعيلة موضوعا لتحليله. فهذه الفئة تحظى باهتمام متزايد في كل من التعليق الأكاديمي وخاصة السوسيولوجي والشعبي (انظر/ ي على سبيل المثال Drago, Black, and Wooden 2005; Warren 2007; Mundy 2012). وفي هذا التعليق يُعزى الاهتمام بفئة العمال هذه إلى قضيتين. أولى هاتين القضيتين هي الزيادة الهائلة المزعومة في أعداد الأسر المعيشية، مهما كان تكوينها، التي تمثل فيها النساء المصدر الرئيسي للدخل المكتسب، وهي الزيادة التي يزعمون أنها مميزة بشكل خاص في الاقتصادات التي سبق تنظيمها (وإن كان بشكل مؤقت) من خلال العقد الاجتماعي الفوردي. وتتعلق القضية الثانية بمجموعة من التغيرات الاجتماعية والثقافية المفترض أنها تنبع من الزيادة الهائلة في عدد النساء المعيلات. ولسنا في هذا المقال معنيين بدقائق هذه النقاشات الدائرة (المتناقضة والمملة والمتسمة بالحشو في الغالب)، بل مهتمون بفئة المرأة المعيلة حيث تكشف عن مجموعة من القضايا النقدية المتعلقة بالنساء والعمل في الرأسمالية ما بعد الفوردية المعاصرة التي جرت أمولتها(1). ومن المؤكد، كما سنبين، أن فكرة المرأة المعيلة نفسها عرضة لكل أنماط النقد النسوي، بشكل خاص لأن المفهوم يميل إلى محو تواريخ عمل المرأة مدفوع الأجر في التكوينات الرأسمالية أو تسطيحها. بل إن فكرة المرأة المعيلة نفسها تتطلب مواجهة مع مجموعة من القضايا المهمة للتحليلات النسوية والفهم النسوي لتحولات عمل النساء مدفوع الأجر وغير مدفوع الأجر في الفترة الحالية.

وفي هذا المقال نطرح ثلاث قضايا. أولى هذه القضايا (وربما أوضحها) تتعلق بتفريغ الإعالة باعتبارها فئة عمال في سياق التحولات الجارية للعمل وأسواق العمل والحالة داخل ما بعد الفوردية. وتتعلق القضية الثانية بالتغيرات التي طرأت على العمل الإنجابي الاجتماعي. وبذلك نبحث تشابك العمل المنزلي مع أداء الأصول المالية في الأسواق المالية. وأخيرا ندرس التحولات المالية التي طرأت على الأجور المدفوعة على هيئة نقد وبشكل خاص أمولة الأجور. ونشير إلى أن هذه القضايا، وبشكل خاص الأخيرتين منها، من المهم أن تسجلها التسويات في سياق تحليلات عمل النساء مدفوع الأجر وغير مدفوع الأجرفي الرأسمالية المعاصرة. بل إننا نشير إلى أن سياق الواقع المأمول يتطلب أن تكون النظرية النسوية عرضة لتحليل العمل المنزلي والأجور والمال من جديد، بشكل خاص لأن التحولات المادية التي طرأت على تلك الأنشطة والمواد لا تتحدى الافتراضات التي طالما كان هناك تسليم بها في النظرية النسوية الحالية فحسب، بل كذلك البديهيات الناشئة المتعلقة بها بعد الفوردية الانكماشية عقب الأزمة، بما في ذلك الرأي القائل بأن الأخيرة تؤدي إلى أزمة العمل الإنجابي الاجتماعي. ولكي نبدأ طرح كيف ولماذا تثير هذه التحولات تلك التحديات، نتوجه أولا إلى المرأة المعيلةوبشكل خاص كيف تتطلب الأخيرة الربط بين خيوط كل أنماط النقد النسوي.

طبقا لما قاله عدد من المؤلفين والمعلقين المشهورين، فقد أفرز النظام ما بعد الفوردي فئة جديدة من المرأة العاملة، وهي المرأة المعيلة“. ولذلك تستكشف ليزا مانديفي كتابها الشهير الذي يحظى بقدر كبير من الاهتمام الجنس الأغنى” (2012) ما تسميه الأغلبية الجديدة من النساء المعيلاتوكيف أن هذا، في رأيها، يغير الجنس والحب والأسرة“(x. 2012). وتقول مانديإنه على مر عقود أفسح نموذج عائل الأسرة الذكر الطريق لنموذج تعول فيه النساء الأسر بانتظام ويكسبن أكثر من أزواجهن” (2012, 6). وبناء على هذا التغير، تزعم ماندي أن حوالي 40 بالمائة من الزوجات العاملات الأمريكيات يكسبن الآن أكثر من أزواجهن، وهي نسبة زادت بشكل حاد في هذا البلد وبلدان كثيرة أخرى، حيث دخل المزيد من النساء قوة العمل وبقين ملتزمات تجاهها” (2012, 6)، وهي تعلن أن هذه هي الفترة التي حققت فيها النساء قوة كسبهن، وهو اتجاه تتوقع أن يزداد بشكل خاص، لأنه على المستوى العالمي يدخل سوق العمل جيل من الشابات أفضل تعليما من الشبان“(2012, 6). وتمضي قائلة: إن هؤلاء الشابات على استعداد لأن يصبحن جيل النساء الأقوى من الناحية المالية في التاريخ” (2012, 6). وفي الوقت نفسه تعلن سوزان دويل موريس، مدربة تطوير الحياة العملية والقيادة للمديرات المقيمة في المملكة المتحدة إن عدد النساء اللائي يكسبن مبلغًا كبيرًا من مكاسب الأسرة، وإن لم يكن الأغلبية، يزداد عالميا. وهي تزعم أن نساءً أكثر من الرجال يتخرجن في الجامعة، وتمثل النساء 80% من كل قرارات الاستهلاك وتدرك الشركات الآن أن النساء اللائي في المناصب القيادية العليا يحققن ربحية وحوكمة شركات أفضل، كما يعكسن قاعدتهن الاستهلاكية“. وتمضي دويل موريسقائلة: إن هذه التحولات سوف تؤثر على طريقة إدارة النساء المهنيات لحياتهن العملية، وديناميكيات علاقاتهن الشخصية، وكيفية احتفاظ مكان العمل بهذا العدد المتزايد من المواهب النسائية” (Doyle- Morris 2013). وليست أستراليا معفية من هذه الادعاءات. فالواقع أن التغطية الإعلامية الأخيرة لـ تقرير ناتسم عن الدخل والثروة: الأسرة الحديثة الشكل المتغير للأسر الأسترالية” (Cassells et al. 2013) ركزت جل اهتمامها على كيف يجلب عدد أكبر من النساء الأستراليات إلى البيت حصة الأسد من دخل الأسرة” Wells and Carroll 2013)). وفي تلك التقارير يُعزى ذلك إلى حصول النساء على قدر أعلى من التعليم” (ر).

هناك عدد من الطرق التي يمكن بها استغلال هذه الادعاءات المغالى فيها، أولا، وربما الأمر الأكثر وضوحا، يمكن أن نشير إلى كيف أن رؤى تحقيق السلطة المالية والاقتصادية التي تتضمن هذه الروايات – وكذلك تلك الخاصة بتقدم الحياة المهنية التنفيذية والبحث عن مصادر جديدة للريح – تعمل بصعوبة مع الأزمة الاقتصادية الحالية. وهي بشكل خاص تعمل على نحو غير مريح، بل وكريه، في وقت تسيطر عليه أزمات الديون السيادية، والركود الحالي، والبطالة المتزايدة، وإجراءات التقشف ذات الصبغة المؤسسية, والديون الشخصية الصعبة، وحالة عدم الاستقرار العامة، والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية العميقة، بما في ذلك التفاوتات بين النساء (انظر/ ي على سبيل المثال، Perrons 2012). وبمقدار بقاء روايات ظهور المرأة المعيلة صامتة بشأن هذه القضايا، يمكننا التساؤل عن كيفية توريطها في علاقات الميزة والإخضاع في الرأسمالية ما بعد الفوردية الانكماشية، وبشكل خاص علاقات الميزة والإخضاع النافذة بين النساء.

ومع ذلك، فإنه إلى جانب الإشارة إلى الصمت بشأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة، يمكننا كذلك إبراز الأسلوب الذي تتجنب بها هذه الروايات، في تعجلها لإنتاج سرد منتصر عن نجاح النساء الاقتصادي والمالي، قضية مهمة أخرى. فهي تتجاهل على وجه التحديد كيف أن الزيادات السريعة في معدلات توظيف النساء وتفكيك نموذج الرجل المعيل تسير جنبا إلى جنب مع قمع الأجور ومستويات المعيشة المتناقصة Fraser 2009))، وكذلك ظروف التوظيف المربوطة بظهور اقتصاد عدم الأمان السياسي Beck 2000)). وهذا الأمر الأخير مشهود على نحو نموذجي في تفكيك عقود ساعات العمل القياسية وإبدالها بعقود – كعقود ساعات العمل الصفرية التي تقتضي أن يكون العمال مستعدين دوما للعمل؛ أي التي تقتضي حالة دائمة من جاهزية العمل (Adkins 2012). وهذا مشهود كذلك على نحو نموذجي في عدم ضمان عروض التوظيف المعاصرة للبقاء الاقتصادي(Peck 2001: Wacquant 2010) وأسهم في ظهور ما أسمته جوديث بتلر(2004) الحياة غير المستقرة باعتبارها حالة وجود معممة؛ أي حياة موارد الحقوق الاجتماعية الخاصة بالمواطَنة الديمقراطية غير المضمونة.

ومع أنه يمكننا طرح مجموعة من الأسئلة المتعلقة بها تستبعده تلك الروايات، يمكننا كذلك تحري الادعاءات التي يبدو أن تلك الروايات تدعيها فيما يتعلق بحداثة الإعالة النسائية بشكل خاص وكسب مال أكثر بصورة أكثر عمومية. وعلى سبيل المثال يمكن أن نشير إلى تاريخ طويل – وإن كان نخبويًا – لنشاط العمل النسوي بشأن الإعالة النسائية (Vapnek 2011)، وهو تاريخ يزعزع على أقل تقدير أي ادعاء بأن فكرة الإعالة النسائية تختص بها المرحلة الحالية من الرأسمالية. بل إن هيلاري لاند (1980, 62) تتذكر ملاحظة إليانور راثبون (1947) القائمة على دراسات عديدة أجريت في بريطانيا قبيل الحرب العالمية الأولى وبعدها بأن ثلث النساء في التوظيف مدفوع الأجر كن مسئولات بشكل كلي أو جزئي عن إعالة المعالين (انظر/ ي كذلك Pateman 1989). ويمكن أن نشير كذلك إلى أهمية أجور النساء لإعالة الأسر عبر فترات مختلفة من تاريخ الرأسمالية. ومن المهم أن هذا التاريخ شمل الفوردية، وهي الفترة الأساسية لتعبئة نموذج الرجل المعيل، وأجر الأسرة باعتباره البند الرئيسي في التسوية الكينزية فيما بعد الحرب بين رأس المال والعمل. ومع أن رأس المال راسخ بقوة، فقد أضفى سمات مثالية على نماذج الرجل المعيل والأداء بلا أجر لربة البيت التي تؤدي العمل الإنجابي الاجتماعي (المنزلي وعمل الرعاية وغيره من أنواع وظائف العمل الإنجابي على المستوى الاجتماعي) في فضاء منزلي مخصخص، من خلال مجموعة من الآليات الاجتماعية التقنية، فلم تكن تلك المواقع مشغولة عالميا. بل إن التسوية بين العمال وأصحاب العمل التي تميز الفوردية كانت تسوية بين العمال الذكور المنظَّمين والموحَّدين في نقابات وأصحاب العمل، وكانت النتيجة هي أن رجالا كثيرين ونساء كثيرات استُبعدوا لعدم توفر شروطها (Adkins 2005). وهكذا كانت التسوية بين العمل ورأس المال القائم على العقد الجنسي، والمنطوي على حركة مزدوجة من الحرية والإخضاع، كان مجرد جزء من قصة الفوردية.

على وجه التحديد، لم تكن شروط التسوية الكينزية الاستبعادية والمنحازة تعني فحسب أن نساء كثيرات يؤدين عملا مدفوع الأجر داخل الفوردية، بل إن الأجور المكتسبة من هذا العمل (2) مهمة لبقاء الأسر وإعاشتها (Morris 1991)، وكذلك لمشروع تغطية تكاليف أسلوب حياة الاستهلاك الضخم (McDowell 1991). وكان الاستهلاك الضخم بدوره مهما للحفاظ على النموذج المثالي للتوظيف الكامل (Land 1980). وعلاوة على ذلك، وعلى نحو مهم لديناميكيات الإنتاج الفوردي، حيث يتطلب النشاط الإنتاجي قوة عاملة تحركها الطاقة الاجتماعية التي تحتاج بالضرورة إلى تجديد، كان العمل المدفوع الذي تؤديه النساء في سياق الفوردية في الغالب كذلك عملا إنجابيا مدفوع الأجر على المستوى الاجتماعي يفعِّل خدمة الكيان القومي والحفاظ عليه. وفي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، كانت خدمة الرعاية الصحية القومية الموسعة، وهي بند أساسي من بنود دولة الرفاه الفوردية، تعتمد بشدة على عمل الرعاية الاحترافية للنساء، بما في ذلك عمل الرعاية للنساء المجندات بشكل مباشر من المستعمرات والمستعمرات السابقة، بشكل خاص من أجل التمريض والمهن المتصلة بالتمريض (انظر/ ي Doyal, Hunt, and Mellor 1981 Mama 1986) ومع أنه قد أضفت على العمل الإنجابي على المستوى الاجتماعي من كل الأنواع الآن السمة التجارية في أسواق العمل العالمية غير الثابتة على نحو هائل (Ehrenreich and Hochschild 2002) مما ينطوي على أشكال جديدة من استخراج الفائض من الجسد البشري الخلوي بالكامل (Waldby and Cooper 2010)، على الرغم من ذلك فإن العمل الإنجابي الاحترافي الفوردي هذا يؤكد كيف أن عمل النساء مدفوع الأجر (وإن كان في الغالب يعاني من التفرقة والأجر المنخفض والاستغلال بشكل كبير) لم يكن استثنائيا أو هامشيا في هذا السياق. كما يكشف كيف كانت التسوية الكينزية Keynesian والعمل الإنجابي (سواء أكان مدفوع الأجر أم لا) الذي استولت عليه واستغلته كان ضروريا لطرق عمل اقتصاد الفوردية السياسي وتحطم بطريقة استتباعية على نحو خطير على امتداد عدد من المحاور. وهكذا لم يكن العقد الاجتماعي الفوردي عقدا نوعيا صريحا فحسب، بل أدخل أساليب استبعاد و تقسيم وسعت إلى جانب كونها مترسخة فضاءات النقد الديناميكية (Mohanty 2006).

ما نرمي إليه هنا ليس بالطبع مجرد تأكيد أن النساء كن عاملات بأجر في سياق الفوردية أو إعلان أن هذا العمل، إلى جانب العمل غير مدفوع الأجر، أيد التسوية الكينزية فيما بعد الحرب وكان مهما للاقتصاد السياسي وديناميكية الفوردية. بل ما نرمي إليه هو توضيح أن المبالغة الاحتفائية المحيطة بفئة المرأة المعيلة، وبشكل خاص الوضع الطليعي أو الريادي تقريبا الذي تعزوه هذه المبالغة لإسهامات النساء مدفوعة الأجر للأسر وللاقتصاد السياسي الرأسمالي على نحو أعم، تفرغ تاريخ عمل النساء مدفوع الأجر في إطار التكوينات الرأسمالية المعاصرة من مضمونه. وهي تفعل ذلك بشكل خاص فيما يتعلق بتواريخ عمل النساء مدفوع الأجر على امتداد محاور الطبقة والعنصر.

هناك كذلك أساليب أخرى للنقد قد نستحضرها فيما يتعلق بفئة المرأة المعيلة. إذ يمكننا على سبيل المثال ملاحظة كيف أن المبالغة المحيطة بهذه الفئة، وخاصةً وضعها للنساء باعتبارهن موهوبات بقدرة اقتصادية، وقدرات اختراع الذات وتوجيه الذات، وقدرة غير محدودة، وتحصيل وإنجاز علمي استثنائي مرجح لا حد له، وقدرة إنفاق استهلاكي مفرطة، تحمل كل سمات وخواص الخطاب ما بعد النسوي. وكما لاحظت أنجيلا ماكروبي (2009) وآخرون (انظر/ ي على سبيل المثال Whelehan 2000; Gill 2008)، فإنه بينما يعتمد بفاعلية على النسوية ويستعين بها، يقوم هذا الخطاب على افتراض أن مطالب النسوية، وبالأخص المطالب المتعلقة بالمساواة والحرية والاستقلال، قد جرى تلبيتها بالفعل. بل إنه كما تشير ماكروبي فإن ربط القدرة الاقتصادية والمالية والنجاح بالنساء يفترض أن النقد النسوي، بما في ذلك المطالبات بالحقوق الاقتصادية والحريات، لم تعد مطلوبة. وهكذا يغلق الخطاب ما بعد النسوي فضاءًا للنقد النسوي، ذلك أنه يموضع بالضرورة النسوية ومطالبها باعتبارها غير متناغمة مع الحاضر؛ فهي مشروع سياسي خاص بالماضي(3).

في هذا السياق، يمكننا لهذا السبب تحديد موقع المبالغة المحيطة بفئة المرأة المعيلة، وبشكل خاص موقعها الخاص بالنساء باعتبارهن يتحركَن بحرية وبلا قيد عبر الفضاء التعليمي والاقتصادي والمالي وداخله ویراکمن كل أشكال رأس المال من خلال هذه الحركة، باعتبارها على وجه التحديد مثالاً لخطاب ما بعد النسوية. وطبقًا للمبالغة، ليست المرأة المعيلة بحاجة إلى النسوية لأن حقوقها وحرياتها واستقلالها موجود بالكامل، وهو الوجود الذي يموضع مطالب النسوية (وبخاصة مطالب حركة النساء الثانية) على أنها مهجورة وغير ضرورية وتنطوي على مفارقة تاريخية. وبذلك يمكننا إلى حد كبير اعتبار الروايات الشائعة المنتشرة عن المرأة المعيلة على أنها ترمز إلى ثقافة ما بعد النسوية الشائعة.

بينما يمكننا ومعنا الحق إلى حد كبير في ذلك تشكيل أساليب النقد هذه، على الرغم من ذلك فإن فئة المرأة المعيلة تفتح بعض القضايا المهمة التي لا يمكن غلقها أو احتواؤها بسهولة بواسطة أشكال التحليل النسوي الراسخة. وتتعلق إحدى تلك القضايا بفئة المعيل. وتشير أشكال التحليل النسوي بحق إلى أنه بينما كان العمل النسائي مدفوع الأجر استثناء أثناء الفوردية، فعلى الرغم من ذلك، ومع أنه ليس بالضرورة واقعا مُعاشا، فقد كانت الإعالة وضعا ذكوريًا بالكامل. فهي وضع جُسِّد على أنه ذكري. وعلاوة على ذلك جُعِل هذا الوضع الأخير ممكنا بواسطة عمليات العقد الجنسي وتم من خلالها (Pateman 1988 .1989)، وبناء على الوضع المجسد لفئة المعيل – أي شرطه الخاص بكيان ذي سمات جنسية معينة فقد كانت فئة يستحيل بالضرورة أن تشغلها النساء. وبذلك، وبغض النظر عن المكاسب أو الأجور أو الدخل أو المكانة المهنية أو الوظيفية، فيما يتعلق هذا الأمر بالقانون العام أو التدخلات السياسية في ظل شروط العقد الجنسي، لم يمكن للنساء أن يقدمن ادعاءات خاصة بوضع المعيل أو أن يعشنه. واعتمادا على أشكال التحليل النسوي الراسخة، يمكننا لذلك نقد فكرة المرأة المعيلة من خلال استحضار هذه الاستحالة. والواقع أن الاعتماد على هذه الأشكال من التحليل لا يمكننا الإشارة إلى الطابع الذي ينطوي على مفارقة تاريخية لفكرة المرأة المعيلة فحسب، بل كذلك إلى التباسها الثقافي باعتبارها فئة.

ومع ذلك فسوف يلغي أسلوب الجدال هذه التحولات الجذرية والجارية للعمل والحياة التي تتسم بها ما بعد الفوردية، بل يدحض حقيقة أن الإجماع الفوردي بين رأس المال والعمل الذي كان فيه النموذج المثالي للمعيل وأجر الأسرة أساسيا تم تفكيكه جذريا فيما بعد الفوردية. وانطوى هذا التفكيك على عدد من الإجراءات، غير أنه من المهم أن تلك الإجراءات تشمل، فيما يتعلق بما يهمنا هنا، إزالة القيود عن أسواق العمل، وانحلال المساومة الجماعية فيما يتعلق بالأجور، وانتهاء التوظيف مدى الحياة، وتفكيك عقود التوظيف ذات الحقوق وأشكال الإعانات الاجتماعية المتعددة المرتبطة بها، بما في ذلك التأمين من أجل الرعاية الصحية والبطالة وغيرها من المصالح الاجتماعية التي لا تغطي العامل (أو عمال بعينهم على وجه الدقة) فحسب، بل كذلك من يعولهم العمال. والمهم كذلك هو موت تخطيط الدولة المركزي، وتراجع دولة الرفاه والتموين الاجتماعي، وزيادة تطبيق حلول السوق على المشكلاتالتنظيمية(Peck, Theodore and Brenner 2012). وكانت تلك الإجراءات بمثابة وسائل مهمة للتكوين الاجتماعي ما بعد الفوردي الجاري تنفيذه، وهو التكوين الذي قلص إمكانية موقع العائل الذكر. وبذلك فإنه داخل ما بعد الفوردية، أشكال التوظيف المنتظمة والكاملة ما بعد الفوردية (المرتبطة بأجور جُعلت على مستويات ليس لإعالة العامل وحده، بل كذلك الأشخاص المرتبطين بالعامل والأسرة التي يعيشون فيها) حلت محلها أشكال قصيرة الأجل وغير منتظمة من التوظيف، وهي عقود البطالة الجزئية والتوظيف المجردة من الموارد (سواء أكان في هيئة مال أو حقوق اجتماعية قانونية) من أجل التموين الاجتماعي.

الواقع أنه كما لاحظت مجموعة من المعلقين، فإنه داخل ما بعد الفوردية لم يتم تقليص نموذج العائل الذكر والزوجة الأنثى فحسب بل استُبدلت نماذج مثالية جديد وإشكالية على نحو مختلف. على سبيل المثال، في سياق شمال أوروبا، وبشكل خاص في المملكة المتحدة وهولندا، وثقت جين ليويس” (2001) كيف استُبدلت النماذج المثالية للعائل الذكر والزوجة الأنثى بنموذج أسرة العامل البالغ. وفي حالة الولايات المتحدة، وثقت ميلندا كوبر” (2012) كيف استُبدلت هذه النماذج المثالية بنموذج الأسرة العاملة. ومن المهم أن هذه النماذج تفترض أن البالغين جميعًا بغض النظر عن ظروفهم موجودون في سوق العمل أو ينبغي أن يكونوا موجودين فيها؛ أو إذا لم يكونوا في التوظيف، فإنهم يبحثون، أو ينبغي أن يسعوا، بنشاط إلى التوظيف (Adkins 2012). ومن المهم من ناحية اهتماماتنا هنا بيان أن هذه النماذج لا تؤكد تحلل النماذج المثالية الخاصة بالعائل الذكر والزوجة الأنثي المعالة فحسب، بل تشير كذلك من أول وهلة، على نحو يتسم بالمفارقة – إلى كيف أن التكوين الاجتماعي والاقتصادي لما بعد الفوردية يضمن بقاء وضع سوق العمل غير متاح للنساء.

ومع ذلك فإن وضع عدم توافر سوق العمل المعيل للنساء ليست لأن النساء يمكن (أو لا يمكن) أن يكن المصادر الرئيسية للدخل والأجور للأسرة؛ وليس لأن النساء يمكن (أو لا يمكن) أن يكسبن أكثر ممن هم قريبون جدا منهن من الناحية الاجتماعية أو غيرها. فالأمر كذلك لأن الترتيبات الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت وضع سوق العمل المعيل ممكنا في العصر الفوردي غير موجودة فيما بعد الفوردية. وهكذا فإن غياب تموين الدولة وصاحب العمل، وسوق العمل غير الثابتة، وعقود العمل غير القياسية، وتفكيك أجر الأسرة يضمن أن تكون الإعالة كوضع لسوق العمل غير متاحة لكل من الرجال والنساء. وهكذا بينما جعل سباق الفوردية – القائم كما كان على عقد جنسي – فكرة المرأة المعيلة تناقضًا لفظيًا، فإن انقضاء التكوين الاجتماعي الفوردي وظروف ما بعد الفوردية السائدة تضمن أن النساء ما زلن غير قادرات على بلوغ وضع المعيل. ومع ذلك فإن هذا ليس لأن النساء مستبعدات من وضع سوق العمل هذا، أو ما زلن مستبعدات من هذا الوضع، بل لأن هناك تحللا لهذا الوضع. فالواقع أن الترتيبات التي جعلت فئة العامل المعيلة ممكنة قد جرى تفكيكها بشكل جذري. ومهما كانت ظروف العاملات في الرأسمالية ما بعد الفوردية المعاصرة، فمن الخطأ التحليلي تصنيف أي عمال على أنهم نساء معيلات. وذلك لأن مثل هذا التصنيف يصل إلى حد الفشل في فهم التحولات الرئيسية والجارية للعمل وأسواق العمل والأجور والحالة في إطار ما بعد الفوردية.

سوف نعود إلى قضية الأجور، أما الآن فإننا ننتقل إلى قضية أخرى لا تفهمها فكرة المرأة المعيلة. ذلك أن وضع عاملات بعينهن ضمن هذه الفئة لم يدرك كيف أن انكشاف التسوية الكينزية فيما بعد الحرب ينطوي على تفكيك وضع الإعالة الذكورية وأجر الأسرة، كما أنه يستلزم إعادة صياغة لإعادة الإنتاج الاجتماعي وبشكل خاص علاقة إعادة الإنتاج الاجتماعي بعمليات مراكمة رأس المال (انظر Adkins 2009). وهكذا فإن الملمح البارز للإجراءات والوسائل المختلفة المهمة لتجميع تكوين اجتماعي ما بعد فوردي هو أنها عملت على التخلي عن تكاليف التموين الاجتماعي وتكاليف إعادة الإنتاج الاجتماعي من أصحاب العمل ومن الدولة. وبالتالي أعيد توزيع تكاليف هذا التموين ومخاطره عبر الكيان الاجتماعي (انظر على سبيل المثال Taylor- Gooby 2004). إحدى نتائح التخلي وإعادة التوزيع هذا لم تكن فقط انكشاف العقد الجنسي أي الحفاظ على قوة العمل وإعادة إنتاجها من خلال العمل المنزلي الذي يقدم الرعاية والخدمات في المجال الخاص بواسطة النساء بل وإعادة ترتيب أشكال العمل الحميم. وليس الأمر ببساطة هو أن هذا العمل يقدم بشكل متزايد في الأسواق التجارية (كما يدعى ويُفترض في الغالب)، أو أنه يجري تسليعه بشكل متزايد، أو أنه بدلا من أن يكون هذا العمل غير مدفوع الأجر هو الآن مدفوع الأجر. وكذلك ليس الأمر ببساطة، كما يزعمون أحيانا، قضية انتقال هذا العمل من المجال الخاص إلى المجال العام، أو انتقال هذا العمل من مجال الفعل التواصلي إلى مجال الفعل الذرائعي، وهما انتقالان يضعان هذا العمل خارج التبادل الذكري الأنثوي في المجال الخاص.

بالطبع يمكن وصف إعادة هيكلة عمل إعادة الإنتاج الاجتماعي فيما بعد الفوردية، إذا وضعت في سجلات معينة، بهذه الطرق جميعا. وهناك ما يزيد كثيرًا عن هذه القضايا وحدها بالنسبة لإعادة الهيكلة هذه. وإحدى هذه القضايا هي أنه أثناء إعادة تنظيم هذا العمل وإعادة توزيعه، تغير شكله. وعلى نحو خاص، فبدلا من أن يكون شكل عمل يسعى فقط لاستكمال الطاقة الاجتماعية أو استبدالها أو استعادتها، أي إعادة الإنتاج الاجتماعي كما عِيش بشكل نموذجي في الفوردية، فإن هذا العمل الآن منظم ويقدَّر لإمكانيته الواعدة (ومن ثم لا سبيل إلى معرفته). وبطبيعة الحال ارتبطت الوعود بعمل إعادة الإنتاج الاجتماعي في العصر الفوردي. ورُبط قبول التكنولوجيات فيما يتعلق بالعمل المنزلي، على سبيل المثال، بوعود حوافز الكفاءة في صورة توفير الوقت. ومع ذلك فقد صبغت هذه الوعود بلغة الإنتاج الفوردي نفسه؛ حيث قیست الكفاءة المتزايدة من ناحية العمل المستخرج والمخرجات المنتجة عبر وحدات الزمن وداخلها. وبالتالي، وعدت هذه الكفاءات المرتبة والمقاسة من ناحية وحدات الزمن بمكافآت، في هذا المثال، توفر الوقت والزمن الضائع الناتج عن العمل المنزلي الشاق. وسواء تحققت أو لم تتحقق، فقد كانت الوعود المرتبطة بعمل إعادة الإنتاج الاجتماعي في العصر الفوردي لهذا السبب وعودًا وليدة المنطق على نحو نموذجي. والواقع أن زمانية هذه الوعود نفسها كانت كذلك وليدة هذا المنطق، حيث عُبِّر عنها من ناحية وحدات الساعة الخارجية القابلة إرجاعها للخلف.

ومع ذلك فالوعود موضع النقاش المتعلقة بالعمل الإنجابي من الناحية الاجتماعية ما بعد الفوردي من نسق مختلف تماما. فليس الأمر هو أن وعودًا بعينها مرتبطة بهذا العمل، أو أن ترتيبات زمانية بعينها ترتب منطق هذه الوعود المتصلة. بل القضية الحالية هي أن عمل إعادة الإنتاج من الناحية الاجتماعية يحظى بالتقدير ويستحققدرته التعهدية في حد ذاته، من أجل ما يمكن لهذا العمل القيام به. وهذا العمل يتم التعبير عنه بوضوح في قياس العمل الأسري أي العمل المنزلي من خلال تكنيكات وأساليب الاقتصاد المالي. وفي هذه المحاولة الأخيرة (Da, Yan, and Yun 2012) التي تقوم على نموذج الإنتاج الأسرى الذي يقترحه الاقتصادي النيوكلاسيكي جاري بيكر” (1965)، لكنها تنفصل عنه كذلك، يُقاس العمل المنزلي (بما في ذلك العمل الذي يقضى في الطهي والتنظيف والكي) من ناحية العلاقة بتسعير الأصول، بما في ذلك تسعير أصول كالمرافق (على سبيل المثال الماء والكهرباء) وكذلك تسعير الأصول الخاص بالطعام والملابس والمنتجات الاستهلاكية. وفي هذا النموذج يُستخدم ممثل حقيقي للعمل المنزلي. وهذا الممثل الحقيقي هو الاستخدام المنزلي للكهرباء، وهو الممثل الذي اختير لأن الكهرباء تُستخدَم في معظم الإنتاج المنزلي الحديث ولا يمكن تخزينها بسهولة” (Da, Yan, and Yun 2012, i)(4). وباستخدام هذا الممثل يستكشف مصممو هذا النموذج إسهام العمل المنزلي في الأداء المالي للأصول من خلال اختبارات عديدة لتسعير الأصول. وتبين الاختبارات الأخيرة لمصممي النموذج أنه يعمل بشكل جيد” (2012, 4)، وعلى نحو خاص أنه يفسر العائدات على مجموعة من المختارة(5). وهكذا يؤكد مصممو النموذج الحاجة إلى إثارة موضوع العمل المنزلي والإنتاج المنزلي وقياسه على نحو أكثر عمومية (وهو ما يشمل العمل ورأس المال) لفهم أهميته للنمو الاقتصادي.

ليس هناك بالطبع شيء جديد إلى حد كبير في محاولات قياس وتقييم عمل إعادة الإنتاج الاجتماعي غير مدفوع الأجر من ناحية العملات وأدوات السوق والمجال العام. وهناك تاريخ طويل من المحاولات لحساب قيمة العمل المنزلي غير مدفوع الأجر من خلال التكنيكات المرتبطة عادة بقياس قيمة العمل غير مدفوع الأجر، بما في ذلك تقديرات مقابل ذلك في صورة أجور من خلال قياسات نشاط إعادة الإنتاج اجتماعيا بوحدات وقت العمل. ويستحق الأمر تذكر أن هذا تاريخ تتداخل فيه النسوية بشكل كبير (انظر على سبيل المثال Waring 1989). والأمر المهم في قياس وتقييم عمل إعادة الإنتاج الاجتماعي من ناحية علاقته بتسعير الأصول هو أن العمل المنزلي لا يُقاس باعتباره شكلا من العمل بحال من الأحوال، أو على الأقل لا يجري قياسه على أنه مجموعة من الأنشطة التي لها قيم منفعة وقيم تبادل. والواقع أنه بدلاً من كونه نسقا من الأنشطة التي لها قيم منفعة وقيم تبادل محتملة، العملالمنزلي هنا يجري قياسه وتقييمه باعتباره نسقا من الأنشطة التي تكمن أهميتها في صلاتها المباشرة بتسعير الأصول، أي معدل عائد الأصول في الأسواق المالية. وهكذا فإنه في هذه النماذج تُقاس قيمة الأنشطة الإنجابية اجتماعيًا وتقيَّم من ناحية إسهامها في إعادة إنتاج العمل، أو إعادة إنتاج الكيان الاجتماعي، لكن من ناحية إسهامه في ديناميكيات التمويل، وبشكل خاص أداء أصول بعينها في الأسواق المالية.

وهناك نقطة مهمة أخرى لفهم تلك الصياغة، وهي أن الأصول موضع النقاش فيما يتعلق بتلك النماذج هي نفسها مُأَمْوَلة بالكامل. وهكذا، وعلى ما هي عليه في الوقت الراهن من استعداد إلى حد كبير، الأرباح في مرافق كالماء والكهرباء لا تكمن في ملكية الأدوات المالية والبنية التحتية أو في التجارة في تلك الموارد، بل في الاستغلال المالي من خلال الأدوات المالية للأداء المالي المتوقع لتلك الأصول في المستقبل(Leyshon and Thrift 2007). وكما فصَّل ألن وبرايك (2013) فيما يتعلق بأسواق الماء المنزلية، فقد شملت عملية التوريق هذه التحزيموبيع الأسر المعيشية باعتبارها مصدر عائدات حكر(6). ويلاحظ ألن وبايك كذلك أن هذه الآليات تمد نطاق نماذج المرافق المُأَمْوَلة كالماء إلى المجال المنزلي. وبصياغة الروابط المباشرة بين العمل المنزلي وأداء الأصول المورقة كالماء والكهرباء، يكون الاقتصاديون الماليون ونماذجهم يفعلون ما هو أكثر بكثير من مد نطاق الأَمْوَلَة إلى المجال المنزلي. وبشكل خاص فإنه بصياغة هذه الروابط، تضع هذه الصياغة أنشطة العملالمنزلي كمحرك لأداء الأصول المورقة في الأسواق المالية (وعامل مخاطرة فيها)، وهو الأداء القائم بالتالي على المراهنات، والمراهنات على المراهنات، في المستقبل. وفي هذه النماذج، بدلا من أن يكون موقعا لإعادة الإنتاج الاجتماعي (أو حتى محرك للطلب على المرافق والسلع الاستهلاكية)، يُقاس العمل المنزلي ويقيَّم من أجل دوره في نموذج المراكمة القائم على المضاربة المالية، أي من أجل إمكانيته فيما يتعلق العائدات على الأصول المورقة في أسواق المال. وهكذا فإنه بقيام الاقتصاديين ونماذجهم بهذا يخلصون العمل المنزليمن سياقه المباشر ويصيغون أنشطة مثل موضوعات الحساب فيما يتعلق بأسواق المال(7). ولذلك فإن هذه النماذج لا تشبك أنشطة العملالمنزلي في عملية أمولة الاقتصاد المعقدة فحسب، بل كذلك أثناء إنتاج القيمة المالية، وهي العملية ذات التوجه التخميني والتوقعي والمستقبلي. باختصار، هذه النماذج تشبك العمل المنزلي في خلق القيمة المالية التعهدية، بل إنها تقيس هذه الأنشطة وتقيمها من أجل إسهامها في هذا الخلق.

أشار عدد من المعلقين إلى أن إعادة صياغة علاقات إعادة الإنتاج الاجتماعي شملت روابط جديدة مع هذه الأنشطة وأسواق المال. لكن هذه الملاحظات تمت بشكل حصري تقريبا فيما يتعلق بوظائف إعادة الإنتاج اجتماعيًا التي كانت فيما مضى تقدمها الدولة أو تقدم بالاشتراك معها. وهكذا لوحظ على نطاق واسع أن الخدمات التي كانت الدولة تقدمها من قبل بما في ذلك خدمات التعليم والصحة – يتم شراؤها الآن من الأسواق المخصخصة بواسطة أفراد مدينين وأسر مدينة، في الغالب من خلال قروض الرهن العقاري المورقة وغيرها من أشكال القروض والائتمان (انظر: Bryan, Martin, and Raffeny 2009 lapavitsas 2009. 2011). والواقع أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وظروف التقشف والركود والاضطرب الاقتصادي الحالي، فقد اقُترِح أن التمرين الذي يدعمه الدِّين (والانكشاف على المخاطرة الذي يستتبعها) أدى إلى أزمة إعادة إنتاج اجتماعي (انظر توم 2011 )(8) وهي الأزمة المشاركة على نحو خطير في أشكال التفاوت الاجتماعي الاقتصادي الناشئة (انظر Roberts 2013).

ومع ذلك فإنه عند الإشارة إلى تشابك العمل المنزلي في خلق القيمة المالية، وعلى نحو أخص في عوائد الأصول المورقة، يشير التحليل المقدم هنا إلى تعقيد إعادة تشكل إعادة الإنتاج الاجتماعي وتغييره في اللحظة الحالية، وهو التعقيد الذي ليس من السهل أن تدركه فكرة أزمة إعادة الإنتاج الاجتماعي. وتبرز قضيتان. الأولى هي أن تحليلنا يشير إلى أن الروابط بين أنشطة إعادة الإنتاج الاجتماعي والتمويل تتجاوز كثيرًا تلك الأنشطة والوظائف التي ارتبطت من قبل بتموين الدولة وتمتد إلى أنشطة العمل غير مدفوع الأجر داخل الأسر. وعلاوة على ذلك، ينطوي هذا الامتداد على ما هو أكثر بكثير من مجرد فتح الأسرة والفضاء المنزلي لنطاق الأدوات الاجتماعية التقنية الخاصة بالأَمْوَلة كالائتمان والسندات المورقة والقروض. والأمر كذلك لأن هذا الامتداد ينطوي على صياغة روابط مباشرة بين الأصول المورقة، والأسواق المالية، والعمل المنزلي. أما الثانية فهي أن تحليلنا يشير إلى أنه بدلا من مجرد تفريغ أنشطة إعادة الإنتاج الاجتماعي والإحلال الصريح لأشكال تموين السوق المخصخصة مكانها، موضع الخلاف في إعادة تشكيل علاقات إعادة الإنتاج الاجتماعي، هو كذلك تغيير لتلك الأنشطة. وهكذا فإنه في حالة العمل المنزلي لا ينطوي إعادة تشكيله على إبداله بأشكال تموين السوق والشراء المدين فحسب، بل كذلك انتقاله من نشاط العمل المرتبط بإنتاج قيم منفعة أو قيم التبادل إلى مجموعة من الأنشطة المتشابكة في إنتاج القيم المالية. والمهم في هذا الانتقال هو أثر التموين المنزلي غير مدفوع الأجر في عملية الأسواق المالية، بل في صياغتها على أنها جزء من هذه العملية. ويمكن حينئذ افتراض أن العمل المنزلي هو نفسه مُأَمْوَل، وهي أَمْوَلة تتضح في النماذج التي تربط هذا العمل بأداء الأصول المورقة في الأسواق المالية.

ما يوضح إعادة التشكيل لعلاقات إعادة الإنتاج الاجتماعي المنزلي وتغييراته ليس فقط أن سياق ما بعد الفوردية قلص إمكانية دور الرجل المعيل، لكن المهم هو أن التكوين الاجتماعي الذي جُعِلت فيه الإعالة فئة من العمل مدفوع الأجر (التكوين الذي وفر فيه العمل المنزلي غير مدفوع الأجر ومدفوع الأجر والخدمة والرعاية وغيرها من أشكال العمل الحميم الطاقة الاجتماعية اللازمة لإعادة إنتاج قوة العمل واستخراج الفائض من ذلك العمل) قد انتهى. بل إن تشابك العمل المنزلي في أداء أصول الأسواق المالية يشير إلى أن الطاقة الاجتماعية المتشابكة في عمل إعادة الإنتاج الاجتماعي غير مدفوع الأجر – إذا كنا الآن نفهمه على أنه طاقة بحال من الأحوال – ترتبط الآن بتدفقات خلق القيمة التي ليست بالضرورة مربوطة باستخراج الفائض من العمل البشري (مدفوع الأجر). وهكذا، وكما فصل كُتَّاب مثل جريتا كريبنر(2005). معدلات الربح في التمويل في عصر الأَمْوَلة منفصلة بشكل جذري عن التوظيف، أو ربما ينبغي علينا أن نقول بشكل أكثر تحديدًا عن استخراج الفائض من العمال مدفوعي الأجر. بل إن تحليلنا يشير إلى أن دوائر خلق القيمة التي ربما يكون العمل المنزلي متشابكًا فيها ينبغي أن تكون مركز اهتمام كبير للتحليل والاستقصاء النسويين ولا يمكن التعامل معه على أنه أمر مسلم به.

عند إلقاء الضوء على هذه التحولات، ما نصبو إليه ليس مجرد تأكيد أن الأدبيات الخاصة بالمرأة المعيلة خاطئة أو مضللة فحسب. بل إن ما نصبو إليه هو أن التفكير من خلال هذه الفئة الانشقاقية يفرض مواجهة صريحة مع التغيرات التي طرأت على العمل وشكل العمل والتفكير النقدي فيه، خاصة تلك المتصلة بعمل المرأة في ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة. غير أن فئة المرأة المعيلة تتطلب تفكيرًا نقديًا ليس فقط بشأن فئة المعيل والتحولات التي طرأت على أنشطة إعادة الإنتاج الاجتماعي، بل كذلك بشأن القضايا المتعلقة بالمال والمكاسب. وهذا بشكل خاص لأن فئة المعيل هذه بشكلها الفوردي عرفتها علاقة محددة بالمكاسب، أو بالأحرى متعلقة بنوع بعينه من كسب الأجر. وهكذا وكما حددت جين ليويس، كانت الإعالة متعلقة بفكرة الرجال عليهم المسئولية الأولية للكسب والنساء رعاية الصغار والكبار” (Lewis 2001. 153).

لهذا السبب اقترض نموذج الإعالة الخاص بتسوية ما بعد الحرب توظيفًا منتظمًا وكاملاً للذكور وتبعية للإناث، وأن النساء سوف تتم إعالتهن في الغالب من خلال مكاسب أزواجهن وإسهاماتهم الاجتماعية” (Lewis 2001. 153; emphasis added). وفي النقاشات المعاصرة بشأن المرأة المعيلة والأسر التي تعولها النساء، يُفهم المال والمكاسب على أنها مهمة لهذه الفئة. ومن ثم فإن في الأدبيات السوسيولوجية، المرأة المعيلة تُعرَّف عادة بأنها شخص يكسب مالا أكثر من شريكة في أسرة من زوجين وباعتبارها شخصًا يسهم بأغلبية الدخل المكتسب في الأسرة المعيشية أو الأسرة الصغيرة. وهكذا فإنه في إحدى هذه الروايات السوسيولوجية، تُعرَّف إعالة المرأة بأنها الأسر التي فيها الأنثي هي كاسب المال الرئيسي” (Drago. Black. and Wooden 2005. 344) ومع أن هذه التعريفات تبدو في ظاهرها غير إشكالية، فيما يبرز هو أنها تفهم الأجور والمال على أنها فئات بديهية ومسلَّم بها. فهي تفترض على سبيل المثال الأجور المدفوعة في شكل نقود (بما في ذلك ما يمكن أن تفعله الأجور والمال وما لا يمكنها فعله) تظل كما هي عبر الزمان والمكان، وهو اقتراض يخبرنا علم الاجتماع وفلسفة المال أنه خطأ يتعلق بالنظرية الاجتماعية (انظر على سبيل المثال Simmel (1907) 2004)). إنها تفترض بشكل خاص أن الأجور والمال بما في ذلك أموالهم وقواهم الإنجازية ظلت كما هي عبر التحول من الفوردية إلى ما بعد الفوردية الأَمْوَلة.

ومع ذلك فإن هذا الافتراض ليس مستدامًا، بالأخص لأنه في إطار الأجور ما بعد الفوردية المدفوعة في شكل نقود مرت بتغيير كبير ما. والصفة البارزة للأجور في عصر ما بعد الفوردية (اعتبارًا من أواخر السبعينيات) كانت على الأقل قبل الركود الحالي – رفع الإنتاجية والمراكمة الواسعة للثروة بواسطة النخبة الصغيرة. وكما قال ديفيد هارفي مؤخرًا، فقد عشنا ثلاثين عامًا من قمع الأجور” (12. 2010) وهو قمع كان يعني بدوره أن دخل الأسرة أصبح راكدًا. ويتصل قمع الأجور إلى حد ما مع التفكيك والكشف اللذين مع سبق ذكرهما للعقد بين العمل المنظم ورأس المال المميز لتسوية ما بعد الحرب، وظهور أسواق العمل غير الثابتة إلى حد كبير وتطبيع أشكال العمل غير الثابتة وتضمنين أشكال التوظيف غير الثابتة وغير المعيارية. وكان القمع والكساد جزءًا فحسب من قصة الأجور فيما بعد الفوردية. ذلك أنه إلى جانب كون الأجور راكدة فقد كانت في الوقت نفسه مأَمْوَلة بالكامل، وكما أن المنازل والقروض العقارية حُوَّلت إلى أصول قابلة للتعامل تعمل ليس بالضرورة لضمان ملكية المنزل أو مكان السكن فحسب، بل تعد بأرباح في المستقبل والوصول إلى أصول أخرى من خلال الوصول إلى المديونية (Allon 2010; Allon and Redden 2011)، فقد مرت الأجور المدفوعة في شكل نقود بتحول مماثل.

على نحو أكثر تحديدًا، في ظروف ما بعد الفوردية تكمن قيمة الأجور مهما كانت عليه من قمع وكساد وعدم ثبات لا تكمن قيمة الأجور في قيمة المال باعتباره وسيلة التبادل، أو بشكل أكثر تحديدًا في التكافؤ الكلي المجرد (كما عِيش على نحو نموذجي في الفوردية) فحسب، بل كذلك في قيمة المال باعتباره أصلاً قابلاً للتداول. وهذا التحول مُثبَت في كيف أنه في إطار ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة وليس مجرد العمل كوسيلة للتبادل فيما يتعلق بالسلع (أي من أجل شراء السلع والخدمات في الوقت الراهن)، الأجور والدخل يُعْمَلان أو يُرفعان (وسيظلان) لضمان الوصول إلى المديونية في المستقبل. وبشكل خاص، الأجور والمكاسب تُرفَع، وستظل تُرفَع، للوصول إلى الائتمان الفردي وغيره من المنتجات المالية، المثبتة بشكل نموذجي بواسطة انفجار صناعة الائتمان (بما في ذلك صناعتا البطاقة الائتمانية واسعة الانتشار والقروض المسددة من الراتب الشهري). وبينما حاول بعض الكُتَّاب مثل هارفي (2010) شرح نمو صناعة الائتمان بالإشارة إلى قمع الأجر، أي باعتبارها نتيجة للفجوة المنتشرة بين ما يكسبه العالم وما يضطر إلى إنفاقه، وهو الشرح الذي لم يدرك التحول الكامل للأجور والمال موضع النقاش في ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة.

يشير كوستاس لاباس فيستاسإلى عنصر مهم من عناصر هذا التحول (وكذلك إلى التحولات التي طرأت على شكل العمل) (9)، حيث يلاحظ أن أَمْوَلة أجور العمال تتصل بأشكال جديدة من استخراج الربح (2009, 2011). وهكذا فإنه بدلا من أن يكون ذلك نتيجة لفائض القيمة الذي يتم الحصول عليه من استغلال قوة العمل البشري، في ظل ظروف الأَمْوَلة، استطاعت البنوك وغيرها من المؤسسات المالية استخراج الربح مباشرة من أجور العمال ودخولهم، وخاصةً في شكل فائدة مستحقة على أشكال الديون الائتمانية المختلفة. وقد نضيف كذلك أن أَمْوَلة الأجور لا تنطوي على أشكال استخراج الربح الجديدة من الأجور الشخصية فحسب، بل تشمل كذلك التحول إلى مادية الأجور نفسها. وفي الفوردية كان العمال يُعَوَّضون أو يكافأون من خلال الأجور المدفوعة في شكل نقود مقابل استعمال واستغلال و(بالنسبة للبعض) إعادة إنتاج قوة العمل، والمال الذي كان يشكل الأجور التي يتم تشغيلها على أنها وسيلة للتبادل. وفي ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة تغيرت خواص شكل المال. وبشكل خاص، وكما لاحظ محللون فطنون للأمْوَلة، أحد ملامح عملية الأمْوَلة هو أن المال لم يعد يعمل وسيطًا أو وسيلة للتبادل، لكنه ظهر موضوعا للتبادل في حد ذاته(Amato, Doria, and Fantacci 2010: Bryan and Rafferty 2010 : Lash 2007).

هذا التحول الذي طرأ على خواص المال هو المهم لاهتماماتنا هنا، ذلك أن هذا التغير يعني بالضرورة أن مادية الأجور المدفوعة في شكل مال تغيرت في عصر الأمْوَلة، وعلى نحو أكثر تحديدا، الأمر المهم إدراكه في هذا التغير هو أن عمال ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة يكافأون الآن من خلال السلعة التي يمكن إعمالها وإن لم يكن ذلك بالضرورة وبشكل خاص من خلال الحق (إذا تحقق) في التعامل في إمكانية المال التي لم تتحقق حتى الآن (بما في ذلك الالتزامات والمخاطر) باعتبارها قيمة تبادل. وهكذا عندما يضع العمال الأجور المدفوعة في شكل نقود لتعمل في قروض الرهن العقاري المورقة والقروض والائتمان، فهم بالضرورة يضعون المال لا لكي يعمل كوسيلة للتبادل بل كسلعة، أي كمادة هي قيمة في حد ذاتها. وبهذا المعني، يمكن أن نفهم سمات الأجور المدفوعة في شكل نقود في ما بعد الفوردية المُأَمْولة كي تكون أقرب إلى الأصل المعاصر منها إلى المال باعتباره وسيلة تبادل، خاصة عندما ندرك أن وضع المال ليعمل أو التعامل في المال كقيمة ينطوي على التعامل في الإمكانية غير المعروفة للمال باعتباره سلعة، بما في ذلك إمكانية الحصول على المزيد من الأصول(10).

نشير إلى هذا التحول المادي إلى أجور مدفوعة في شكل نقود لابد أنه محوري لأية مناقشة للتغيرات في العلاقة بين النساء والأجور، بما في ذلك مسألة ما يمكن أن تفعله أجور النساء ومكاسبهن في ما بعد الفوردية. وفي النقاشات المتعلقة بظهور ما يسمى المرأة المعيلة هناك افتراض واضح بأن الزيادات في المكاسب يساوي الزيادة في القوة الاجتماعية، بما في ذلك القدرة على توفير أشكال التموين (وبخاصة للأسرة) من خلال مبادلة المال بالبضائع والسلع والخدمات. ومع ذلك فمن الواضح أن هذه المعادلة تتخلى تمامًا عن تحول الأجور والمال الذي أوجزناه هنا. بل إن هذا التحول يجعل معادلة أن المال يساوي القوة الاجتماعية وهو افتراض لا يتم فقط في النقاشات حول المرأة المعيلة بل كذلك في النقاشات حول التعافي الاقتصادي موضع شك جذري. والأمر كذلك لأنه عندما يكسب العمال المال ليس كوسيلة للتبادل بل كسلعة، لا يكون هناك ضمان كما أوضحت الأزمة المالية الأخيرة بالتأكيد أن الحق في تلك السلعة (وفي التعامل في تلك السلعة) يساوي بالضرورة القوة الاجتماعية أو أي نوع من القوة في واقع الأمر.

في هذا المقال طرحنا فئة المرأة المعيلة للتحقيق النقدي. وقلنا إنه مع أن هذه الفئة معرضة لكل شكل من أشكال النقد النسوي القائمة، فمن الضروري أن تستتبع مواجهة هذه الفكرة التي تنطوي على التناقض مواجهة مجموعة من القضايا النقدية المتعلقة بالنساء والعمل في الرأسمالية ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة، وأوضح تلك القضايا هي تفكك العائل باعتباره فئة من العمال، وهو التفكك الذي يجعل فكرة المرأة المعيلة غير منطقية وغير مترابطة. ومع ذلك، فبالإضافة إلى إلقاء الضوء على عدم الترابط هذا، أكدنا كذلك كيف أنه في سياق ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة عمل النساء الإنجابي من الناحية الاجتماعية غير مدفوع الأجر (ومدفوع الأجر) مقحم ومتشابك وفي دوائر القيمة التي مازالت غير مستكشفة في روايات التحولات إلى هذا العمل الحالية. بل أكدنا كيف أن هذا العمل أصبح موضوعًا للحساب فيما يتعلق بالأسواق المالية. ونشير إلى أن هذا الأخير أساسي على نحو خطير من ناحية تحليل عمل النساء، وبشكل خاص لأنه أفكار العملية المفردة الخاصة بالإفراغ والأزمة في إعادة الإنتاج الاجتماعي. ونضيف كذلك أنه يشكك في التمييز الرومانسي الذي غالبًا ما يوضع صراحةً وضمنًا بين عمليات الأمْوَلَة من ناحية والعمل المنزلي والأسري من ناحية أخرى.

أخيرا، عند مواجهة فئة المرأة المعيلة، دُفعنا بالضرورة إلى بحث قضايا الأجور والمال. وهنا أكدنا التحولات التي طرأت على خواص المال في سياق الأَمْوَلة، وبشكل خاص ظهور المال باعتباره قيمة في حد ذاته، أي المال باعتباره سلعة إنتاجية واسعة الانتشار. وقد أكدنا أن هذا التحول المادي لخواص المال من المهم بحثه في أية مناقشة للنساء، والمكاسب والأجور، وبشكل خاص في أية مناقشة بما يمكن لأجور النساء أن تفعله أو لا تفعله في ما بعد الفوردية المُأَمولة. ومن المؤكد أن هذا التحول يعقد فكرة أن كم المال قياس للقوة الاجتماعية، خاصة عندما يُدرَك أن الأجور المدفوعة في شكل نقود تتعلق بالمكافأة ليس صراحة بمادة تعمل كوسيلة للتبادل، بل بمادة يمكن إعمال إمكانيتها (ومعها مخاطرها). والواقع أن هذه الإمكانية تعقد ما أسماه زيمل (وانتقده كذلك) “نظرية عمل النقود” ([1907] 2004, 409)، ليس فقط لأن هذه الإمكانية لا تنتج (ولا يمكنها أن تنتج) خريطة للقوة الاجتماعية، بل لأن هذه الإمكانية منفصلة عن العمل المفترض أنه يكافأ من خلال الأجور في شكل نقود. وفي ظل هذه التحولات في خواص المال والأجور والمكاسب، وكذلك التغيرات التي طرأت على عمل إعادة الإنتاج الاجتماعي، من الواضح أن هذا الأخير ينبغي أن يكون محوريا لأية دراسة لإعادة تشكيل عمل النساء في ما بعد الفوردية المُأَمْوَلة، أي دراسة النوع الاجتماعي والعمل في العصور الحديثة.

(*) Lisa Adkins and Maryanne Deves, “Housework, Wages and Money: The Category of the Female Principal Breadwinner in Financial Capitalism” , Australian Feminist Studies, 2014. Vol. 29, No. 79, 50- 66.

(1) شكل من أشكال الرأسمالية تحدث المراكمة فيه أساسًا من خلال القنوات المالية. للاطلاع على على مناقشة أكثر تفصيلا، انظر

Krippner (2005). 62 LISA ADKINS AND MARYANNE DEVER

(2) في الغالب، وليس بشكل حصري، من أشكال مختلفة للعمل الصناعي، انظر

Pollert (1981), Cavendish (1982), Westwood (1984)

(3) بهذا المعنى، يمكن فهم الثقافة الشائعة ما بعد النسوية على أنها تسهم في خلق ما أشار إليه سكوت لاش على أنه الأساس الذي لا أساس له” (2002. 62).

(4) استخدام هذا القياس مهم من ناحيتين. أولاً: استخدام الزمن الحقيقي، البيانات غير التمثيلية تتوافق تماما مع المقاربة الطوبولوجية للاجتماعي(انظر Adkins and Lury 2012 )( Adkins and Lury 2012). Secondly ثانيًا: استخدام قياس شكل للطاقة التي لا يمكن تخزينها في هذا المثال الكهرباء لتتبع العمل المنزلي ينطلق من روايات هذا العمل ومقاييسه التي تفترض أنه يشمل قدرة متراكمة مجسدة. انظر كذلك أدكنز (2008).

(5) يستحق الأمر التعود على أن الاقتصاديين ونماذجهم لا يصفون الواقع فحسب، بل يتدخلون في صنع الواقع. بشأن ذلك، انظر ماكينزي ومونيسا وسيو (2011).It is worth rehearsing that economists and their وهكذا تعتمد مقولتنا على الاعتراف بالطابع الإنجازي للاقتصاد في الحاضر المعاصر.

(6) يشير ألن وبرايك إلى أن توريق فواتير المياه المنزلية والتعامل فيها محوري لهذه العملية.

(7) بشأن التشابك والتأطير في صنع الأسواق، انظر Callon, Meadel, and Rabehariosa (2002)

(8) انظر كذلك Federici (2012) الذي يشير إلى أن الرأسمالية تعزز الأزمة الدائمة في إعادة الإنتاج الاجتماعي، بل إن هذه الأزمة الدائمة أحد أعمدة المراكمة.

(9) تغير شكل العمل المشارك في المديونية يشمل نسبة من العمل المدين به قبل القيام (Deleuze 1992).

(10) بطبيعة الحال، كما أظهرت الأحداث الأخيرة، هذا التعامل ليس غير إشكالي، بالأخص لأنه يعرض الأفراد والأسر لمخاطر هناك حماية قليلة منها.

* Adkins, Lisa. 2005. ‘The New Economy, Property and Personhood. ‘Theory, Culture and Society 22 (1) : 111-130. doi: 10. 1177/0263276405048437.

* Adkins, Lisa. 2008. ‘From Retroactivation to Futurity: The End of the Sexual Contract. ‘ NORA: Nordic Journal of Feminist and Gender Research 16 (3): 182-201. doi: 10.1080/08038740802300954.

* Adkins, Lisa. 2009. ‘Feminism after Measure. ‘ Feminist theory 10 (3): 323-339. doi: 10.1177/1464700109343255.

* Adkins, Lisa. 2012. ‘Out of Work or Out of Time: Rethinking Labor after the Financial Crisis. ‘ South Atlantic Quarterly 111(4): 621-641. Doi : 10. 1215/00382876-1724111.

* Adkins, Lisa, and Celia Lury. 2012. ‘Special Measurws and value, edited by Lisa Adkins and Celia Lury, 5-23. Oxford: Blackwell.

* Allen, John , and Michael Pryke. 2013. ‘Financialsing Household Water: Thames Water, MEIF, and’ Ring-fenced’ Politics, ” Cambridge Journal of Regions, Economy and Society 6 (3): 419-439. Doi: 10. 1093/rst010.

* Allon, Fiona. 2010. ”Speculating on Everyday Life: The Cultural Economy of the Quotidian.” Journal of Communication Inquiry 34 (4): 366-381. Doi: 10.1177/0196859910383015.

* Allon, Fiona, and Guy Redden. 2012 The Global Financial Crisis and the Cultrue of Continual Growth. Journal of Cultural Economy 5 (4): 375-390. Doi: 10.1080/17530350.2012.703143.

* Amato, Massimo, Luigi Doria, and Luca fantacci. 2010 Introduction. In Money and Calculation : Economic and Sociological Perspectives, edited by Massimo Amato, Luigi Doria, and Luca Fantacci, 1-15. Basingstoke: Palgrave Macmillan.

* Beck, Ulrich. 2000. The Brave New World of Work. Cambridge: Polity.

* Beck, Gary. 1965. A Theory of the Allocation of Time. The Economic Journal 75 https://www.abc.net.au/news/2013-10-24/ more-women-now- breadwinners-report-finds/5041834.

* Beck, Gary. 1965. A Theory of the Allocation of Time. The Economic Journal 75 (299): 493-517. Doi: 10.2307/2228949.

* Brown, Racheal. 2013 Women now Breadwinner in 25pc of Households Post NATSEM Report Finds. ABC News Online. October 24. https://www.abc.net.au/news/2013-10-24/ more-women-now- breadwinners-report-finds/5041834.

* Bryan, Dick, Randy Martin, and Mike Rafferty. 2009. Financialization and Marx: Giving Labor and Capital a Financial Makeover. Rewiew of Radical Political Economics 41 (4): 458-472. Doi: 10.1177/0486613409341368.

* Bryan, Dick, and Michael Rafferty. 2010 A Time and Place for Every thing: Foundations of Commodity Money. In Money and Calculation: Economic and Sociological Perspectives, edited by Massimo Amato, Luigi Doria and Luca Fantacci, 101-121 . Basingstoke : Palgrave Macmillan .

*Butler, Judith. 2004. Precarious Life . London : Verso . Callon , Michel, Cecile Meadel, and Vololona Rebehariosa . 2002 . ”The Economy of Qualities . ” Economy and Spciety 31 (2) : 194-217 . doi : 10 . 1080/03085140220123126 .

* Cassells , Rebecca , Matthew Toohy , Marcia Keegan , and Itisita Mohanty . 2013 . Modern Family : The Changing Shape of Australian Families . AMP . NATSEM Incom and Wealth Repot Issue 34 , October .

* Da, Zhi, Wei Yanm and Hayong Yun, 2012 Household Production and Asset Prices https://www3.ndedu/zda/Houseehold.pdf.

*Deleuze, Gilles, 1992. 1992 Postscript on the Societies of Control. October 59:7.

* Doyal, Lesley, Geoff Hunt, and Jenny Mellor. 1981. Your Life in Their Hand: Migrant Workers in the National Health Service. Critical Social Policy 1 (2): 54-71. Doi:10.1177/026101838100 100206.

* Doyle-Morris, Suzanne. 2013. Career Strategies for Savvy Professional Women. Accessed May 25. www.femalebreadwinners.com.

* Drago, Robert, David Black, and Mark Wooden. 2005. Female Breadwinner Families: Their Existence, Persistence and Sources. Journal of Sociology 41 (4): 343-362. Doi: 10.1177/1440783305058465.

* Ehrenreich, Barbara, and Arlie Russell Hochshild, eds. 2002. Global Woman: Nannies, Maids and Sex Workers in the New Economy. London: Granta.

* Federici, Siliva. 2012 Revolution at Point Zero: Housework, Reproduction, and Feminist Struggle. Oakland: PM Press.

* Fraser, Nancy. 2009. Feminism, Capitalism and the Cunning of History. New Left Review 65: 97-117.

* Gill, Rosalind. 2008. Culture and Subjectivity in Neoliberal and Postfeminist Times Subjectivity 25 (1): 432-445. Doi: 10.1057/sub.2008.28.

*Harvey, David . 2010 . The Enigma of Capital and the Crises of Capitalism . London : Prime Books .

*Krippner , Greta. 2005 . ” The Financialization of the American Economy . ” Socio-Economic Review 3 (2) : 173-208 . doi : 10 . 1093/SER/mwi008 .

*Land, Hilary . 1980 . ” The Family Wage . ” Feminist Review 6 (1) : 55-77 . doi : 10 . 1057/fr.1980.19.

*Lapavitsas , Costas . 2009 . ” Financialised Capitalism : Crisis and Financial Expropriation . ‘

‘ Historical Materialism 17 (2) : 117-148 . doi : 10.1163/156920609X436153.

*Lapavitsas , Costas . 2011. ” Theorizing Financialization . ” Work , Employment and Society 25 (4) : 611-626 . doi: 10.1177/0950017011419708.

*Lash . Scotte . 2002 . Critique of Information . London : Sage .

*Lash , Scotte . 2007 . ” Capitalism and Metaphysics . ” Theory , Culture and Society 24 (5): 1-26 . doi : 10.1177/0263266407081281.

*Leyshon , Andrew , and Nigel Thrift . 2007 . ” The Capitalization of almost Everything : The Future of Finance Capitalism . ” Theory , Culture and Society 24 (7-8): 97-115 . doi: 10.1177/026327640 7084699 .

* Lewis , Jane . 2001 . ” The Decline of the Male Breadwinnwr Model : The Implications for Work and Care . ” Social Politics 8 (2) : 152-170. doi : 10.1093/sp/8.2.152.

* Mackenzie , Donald , Fabian Muniesa , and Lucia Siu , eds . 20011 . Do Economists Make Markets ? On the Performstivity of Economics . Princeton Univirsity press .

* Mama , Amina . 1986 . ” Black Women and the Economic Crisis . ” In Waged Work : A Reader , edited by The Feminist Review Collective , 186-202 . London : Virago .

* McDowell . Linda . 1991 . ” Life without Father and Ford : The New Gender Order of Post-Fordism . ” Transactions of the Institute of British Geographers 16 : 400-421 . doi: 10.2307/623027.

*McRobbie , Angela. 2009 . the Aftermath of Eeminism : Gender , Culture and Social change . London : Sage .

*Mohanty , Chandra Talpade . 2006 . Feminism without Borders : Decolonizaing Theory , Practicing Solidarity . Durham : duke University Press .

*Morris , Lydia . 1991 . The Workings of the Household . Cambridge : Polity .

*Mundy , Liza . 2012 . The Richer Sex : How the New Majority of female Breadwinners Is Transforming Sex , Love , and Famliy . New York : Simon & Schuster .

* Pateman , Carole . 1988 . The Sexual Contract . Cambridge : Polity .

* Pateman , Carole . 1989 . The Disorder of Women : Democracy , Feminism and political Theory . Cambridge : Polity .

* Peck , Jamie . 2001 . Workfare States . New York : Guildford Press .

* Peck , Jamie , Nik Theodore , and Neil Brenner . 2012 . ” Neoliberalism Resurgent ? Market Rule afterthe Great Recession . ” South Atlantic Quartely 111 (2) : 265-288 . doi : 10.1215/00382876-1548212 .

* Perrons , Diane . 2012 . ” Global Financial Crisis , Earnings Inwqualities and Gender . Towards a more Sustainable Model of Development . ” Comparative Sociology 11 (2) : 202-226 . doi :10.1163/156913312X631298 .

* pollert , Anna . 1981 . Girls , wives , Factory Lives . London : Macmillan .

* Rathbone , Eleanor . 1947 . The Disinherited Family . London : Allen and Unwin .

* Roberts , Adrienne . 2013 . ” Financing Social Reprouduction : The Gendered Relations of Debt and Mortgage Finance in Twenty-frist-centutry America . ” new Political Economy 18 (1) : 21-42 . doi: 10.1080/13563467 . 2012 .662951 .

* Simmel , Georg . {1907} 2004 . The Philosophy of Mony / Translated by Tom Bottomore and David frisby . London : Routledge .

* Taylor-Gooby , Peter . 2004 . ” New Risks and Social Change . ” In New Welfare , edited by Peter Taylor-Gooby , 1-28 . Oxford : Oxford University Press .

* Thorne , Barrie . 2011 . ” the Crisis of Care ,” In At the Heart of Work and Family : Engaging the Ideas of Arile Hochschild . edited by Anita Ilta Garey and Karen V . Hansen , 149-160 .

*New Brunswick : Rutgers University Press .

*Vapnek , Lara . 2011 . Breadwinners : Working Women and Economic Independence , 1865-1920 . Champaign : University of Illinois Press .

* Wacquant , Loic . 2010 . ” Crafting the Neoliberal State : Workfare , Prisonfare and Social Insecurity . ” sociological Forum 25 (2) : 197-220 . doi : 10.1111/j.1573-7861.2010.01173.x.

* waldby , Catherine , and Melinda Cooper . 2010 . ” From Reproductive Work t Regenerative Labour : The Female Body and the Stem Cell Industries . ” Feminist Theory 11 (1): 3-22 . doi : 10.1177/1464700109355210.

* Waring , Marilyn . 1989 . If Women Counted : A New Feminist Economics . London : Macmillan .

*Warren , Tracey . 2007 . ” Conceptualizing Breadwinning Work . ” Work Employment and Society 21 (2) : 317-336 . doi : 10.1177/0950017007076642 .

* Wells , Rachel , and Lucy Carroll . 2013 . ” Women Bringing Home the Bacon in more Households . ” Sydeny Morning Herald October 23 . https://www.smh.com.au/national/women/bringinghome- the-becon-in- more-households-20131022-2vze8.html.

* Westwood , Sallie . 1984 . All Day Every Day . London : Pluto Press .

* Whelehan , Imelda . 2000 . Overloaded : Popular Culture and the Future of Feminism . London : Women’s Press .

ليزا ادكينز استاذه كرسي بي اتش بي بيلتون لعلم الاجتماع بجامعه نيو كاسل يأستراليا لها اعمال منشوره علي نطاق واسع في مجالات النظريه الاجتماعيه والنظريه النسويه وعلم اجتماع الاقتصاد وتركز ابحاثها الاخيره علي اعاده هيكله العمل والتغيرات التي طرأت علي علاقه الاقتصاد – المجتمع في رأسماليه ما بعد الفورديه . وظهرت مطبوعات من هذه الابحاث في

South Atlantic Quarterly , Feminist Theory and NORA : Nordic Journal of Feminist and Gender Research .

وأسهمت مؤخرا كذلك في نقاشات تتعلق بإعاده بناء علم الاجتماع من خلال الكتابين

Whats Measure and Value (2012; co- و the Empirical ? (2009; co-edited with Celia Lury ) edited with Celia Lury .

وهي كذلك منظم شبكه الابحاث الدوليه

New Times : transforming Feminist Political Economies .

ماريان ديفر أستاذه مشاركه في مدرسه الانسانيات والعلوم الاجتماعيه بجامعه نيو كاسل بأستراليا . وكانت من قبل مديره مركز دراسات النساء وأبحاث النوع الاجتماعي في جامعه موناش ورئيس جمعيه دراسات النساء والنوع الاجتماعي الاستراليه في الفتره من 2006 الي 2010 . وتشمل اهتمامات ابحاثها الدراسات الارشيفيه والتاريخ الادبي والثقافي النسوي . وتشمل مطبواتها الاخيره كتاب

The Intimate Archive

المشاركه في تأليفه . ونشرت كذلك نقاشات في دراسات النساء والتوع الاجتماعي وعن النساء والعمل والتعليم العالي . وافتتحت في عام 2014 مركز ابحاث الانسانيات / زماله معهد النوع الاجتماعي في الجامعه القوميه الاستراليه . وهي منظمه مشاركه لشبكه ابحاث الارشيف المستقبليه .

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي