العوامل المرتبطة بالإجهاض القصدي في المستشفيات العامة في تنزانيا

التصنيفات: غير مصنف

العوامل المرتبطة بالإجهاض القصدي في

المستشفيات العامة بدار السلام، تنزانيا

يعد الإجهاض من أقدم الوسائل المعروفة للتعامل مع الحمل غير المرغوب فيه وقد تم استعمال هذه الوسيلة في معظم المجتمعات على مستوى العالم ومع كل الأجناس عبر التاريخ وذلك من خلال استعمال وسائل تقليدية متنوعة (۱). فعلى سبيل المثال، كان الإغريق يشجعون الاجهاض للتحكم في حجم السكان وللحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وفي عام.٤٠٠ ق م. أوصى أفلاطون بالإجهاض للنساء اللاتي يحملن بعد سن الأربعين، وقد تعود هذه النصيحة إلى أسباب صحية. كما اقترح أرسطو استعمال الإجهاض للحد من حجم الأسرة (٢). إن العقبات الثقافية والاجتماعية الموجودة حاليًا أمام الإجهاض قد جاءت في أغلب الحالات كنتيجة لاتجاهات حديثة نسبيًا أنتجتها بعض المجموعات الدينية والنخب الاجتماعية.

ونظرًا للانتشار الواسع لحالات الحمل غير المرغوب فيه يتم إجراء الإجهاض القصدي بكثرة على مستوى العالم، إلا أنه يترتب عليه نتائج خطيرة سواء على الأفراد أو على الأنظمة الصحية في الأقطار التي لا تتوافر فيها إمكانية الحصول على الإجهاض الآمن (۳). إن مسألة الإجهاض غير الآمن تحمل أهمية خاصة بالنسبة للشعوب الأفريقية ويعود ذلك إلى أسباب متعددة، منها الميل المتصاعد نحو التحديث والتحول إلى الحياة الحضارية، والاندراج المبكر لنسب كبيرة من الشباب في الأنشطة الجنسية، ومحدودية توافر والقدرة على الحصول على وسائل منع الحمل الفعالة خاصة بالنسبة للمراهقين في المنطقة.

وعلى الرغم من انتشار الإجهاض ووجود دلائل على الزيادة المؤكدة في عدد عمليات الإجهاض غير الآمن والمضاعفات المترتبة عليها (٤)، لا يتم تناول المسألة باعتبارها مشكلة صحية واجتماعية تستدعي الاهتمام. ويرجع ذلك إلى القضايا السياسية والأخلاقية والدينية المعقدة التي يثيرها هذا الموضوع (٥). وبناء على ما تقدم، فمن الأهمية بمكان النظر إلى الإجهاض على أنه بالأساس قضية صحية وليس قضية عقائدية. إن توافر المعلومات حول وسائل منع الحمل والخدمات المرتبطة بها تعد استراتيجية علاجية مهمة للتقليل من الانتشار الواسع لحالات الحمل غير المرغوب فيه. إلا أن توافر هذه الأمور لا يعني في حد ذاته أنه تم مواجهة مسألة الإجهاض غير الآمن (۳).

هناك صعوبة كبيرة في قياس مدى انتشار الإجهاض في الأقطار التي تجرمه. وتشير سجلات إحدى المستشفيات الاستشارية بدار السلام إلى أن استقبال حالات الإجهاض في أقسام النساء والولادة قد ارتفع من 38% عام ١٩٧٤ إلى ٦١% عام ۱۹۷٦(6). وعلى الرغم من أنه لا يوجد تمييز بين حالات الإجهاض القصدي وحالات الإجهاض الطبيعي، هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الزيادة المشار إليها تمثل نموًا في نسبة الإجهاض غير الشرعي. كما أفادت دراسة أجريت عام ۱۹۸۲ في كينيا أن ٦٠% من حالات الاستقبال في قسم النساء بمستشفى كينياتا الوطني هي حالات إجهاض منها ٦٢% هي عمليات اجهاض ١ غير شرعي (7). أما في السودان، فإن دراسة أجريت عام ١٩٧٥ حول نزيلات مستشفيات الخرطوم تشير إلى وجود استقبال حالة إجهاض مقابل كل حالة ولادة (1).

وينبغي هنا أن نتذكر أن المعلومات المستقاة من المستشفيات تمثل مجرد مؤشرات لما يمكن أن يحدث في المجتمع. فقد أظهرت مسوح ميدانية أجريت في شيلي وكولومبيا أن ما يقرب من ثلث النساء فقط اللاتي قمن بعملية إجهاض قصدي عانين من تعقيدات تطلبت دخولهن إلى المستشفى (۸). إن مراجعة وفيات الأمهات على مدى ١٣ عام في أحد مستشفيات نيجيريا تشير إلى أن الإجهاض شكل أحد أهم ثلاثة أسباب للوفاة (9).

وقد مثلت اللاتي قمن بإجهاض قصدي ٩١% من حالات الوفيات الناتجة عن الإجهاض. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن نسب وفيات الأمهات بسبب الإجهاض في أفريقيا تتراوح بين ما يقل عن ١٠% وصولاً إلى ٦٠%(١٠). إلا أن هناك دراسة أثبتت أن الإجهاض قد تسبب في وصول نسبة وفيات الأمهات إلى 80% في مستشفى كينياتا الوطني وأن ٦٥% من هذه الحالات كانت عبارة عن عمليات إجهاض قصدي (11).

إن خطر الوفاة بسبب المضاعفات الناجمة عن عمليات الإجهاض غير الآمن يتزايد في البلدان النامية حيث ترتفع نسب وفيات الأمهات، وهي تزيد ما بين مائة وخمسمائة مرة مقارنة بنسب الوفيات الناتجة عن عمليات الإجهاض التي تتم في ظروف آمنة. كما ترتفع نسبة الخطورة لدى النساء الفقيرات والمراهقات.

في هذا الإطار، يتضح أن الحياة الجنسية للمراهقين تشكل قلقًا كبيرًا. ففي الدراسة المذكورة أعلاه والتي تمت في نيروبي، مثلت المراهقات ٤٣% من حالات الإجهاض القصدي، كما مثلت النساء العازبات 79% من الحالات، وكانت ٦٠% من اللاتي خصصن هذه العمليات أما طالبات في المدارس أو نساء غير عاملات. وتبين دراسة أخرى حول المستشفى الجامعي في اينوجو بنيجيريا أن ٧١% من النساء اللاتي يعانين من مضاعفات عمليات الإجهاض القصدي وغير الآمن كن في سن ٢٠ سنة أو أقل.

هناك سرية كبيرة تحيط بإجراءات ممارسة عملية الإجهاض غير الشرعي، إلا أن هناك تأكيد شبكات من التضامن الاجتماعي تقوم بتأدية دورها ابتداء من اللحظة التي تصرح فيها المرأة بحدوث الحمل إلى شخص آخر. وفي هذا الإطار يتم اتخاذ قرار الإجهاض، والبحث عمن يقوم بالعملية، وتدبير الأموال اللازمة، والتحويل إلى مستشفى لو حدثت مضاعفات صحية بعد العملية.

تقوم هذه الدراسة بتوثيق المعلومات حول النساء اللاتي تم استقبالهن في أربعة مستشفيات عامة في دار السلام لعلاج مضاعفات ناتجة عن عمليات إجهاض قصدي، وتنتمي هؤلاء النساء أساسًا إلى شريحة ذوي الدخول المنخفضة. ومن المتوقع أن تساهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة في إثارة المناقشات حول إمكانية التقليل من معدلات انتشار والوفيات المترتبة على حالات الحمل غير المرغوب فيه.

ربما تكن هذه الدراسة الاستكشافية هي الأولى من نوعها في تنزانيا وقد استهدفت جمع المعلومات حول موضوع شديد الحساسية، وبالتالي أصبح من الصعب تطبيق منهجية العينة العشوائية بطريقة صارمة. فلم تقم الدراسة بتغطية النساء اللاتي لم يعانين من مضاعفات صحية، كما لم يتم التطرق إلى المستشفيات الخاصة، وهي المستشفيات التي من المفترض إنها تستقبل النساء من الطبقات الوسطى والعليا واللاتي يمتلكن القدرة على تسديد تكاليفها.

وعلى الرغم من ذلك، تشير نتائج الدراسة إلى أن هناك مشكلة تتعلق بالصحة العامة في مجتمعنا وهي مرتبطة بالممارسات غير الآمنة في الإجهاض، وهو ما يتطلب تطوير خطط جادة لمواجهتها.

لقد تم أولاً عمل مقابلات مع كل النساء اللاتي أشار التشخيص إلى أنهن خضن إجهاضًا غير كامل، أو أجهضن بسبب خطورة الحمل، أو بسبب وجود تلوث. وقد قامت ممرضات متمرسات في التعامل مع النساء اللاتي يمارسن الإجهاض بإجراء المقابلات، بعد تدريبهن خصيصًا من أجل الدراسة. هذا وقد تم اختيار الممرضات بالتشاور مع إدارة المستشفيات للتأكد من أنه لن يتم التعامل مع مشاركتهن في الدراسة باعتبار إنها خارج ساعات العمل وبالتالي أثقالهن بالمناوبات ليل نهار. كذلك تم تقديم المعلومات حول الدراسة إلى الأطباء الذين يتابعون النساء، وتدريبهم على توفير بيانات أكثر تفصيلاً عنهن بعد إجراء الفحص الروتيني. وتم إجراء اختبار قبلي لأداة الدراسة في أحدى المستشفيات واستفاد منه فريق البحث ومن الخبرة المكتسبة في إعادة تدريب الباحثين التابعين للمستشفيات الأخرى.

بلغ إجمال العينة ۹٦٥ امرأة من بينهن ٤٥٥ قمن بعمليات إجهاض قصدي، وقد وافقت كل هذه الحالات (٤٥٥) على المشاركة في الدراسة بعد الإطلاع على البيانات المتعلقة بهدف وأهمية هذه الدراسة والتأكيد على سرية المعلومات المقدمة.

وقد تطوعت ٤١٨ امرأة من هذه المجموعة بالتصريح بأنهن قمن بإنهاء الحمل. أما الحالات الباقية (۳۷) واللاتي لم يصرحن بالإجهاض القصدي، فقد تم تشخيصهن من خلال الكشف الطبي بسبب وجود إصابات في الجهاز التناسلي أو بسبب وجود جسم غريب. كما كانت هناك ٨٢ حالة لم يستطع الأطباء الجزم بشأنهن: ذلك أن أولئك النساء لم يعترفن بحدوث إجهاض قصدي كما لم توجد لديهن جروح أو تلوث أو أجسام غريبة وبالتالي تم استبعاد هذه الحالات من التحليل. هذا وقد تمت المقابلات في خصوصية تامة مع النساء في إحدى غرف المستشفى.

القصص الإنجابية والجنسية للنساء

عاشت ما يقرب من فتاة من بين كل خمس مراهق ممن هن أقل من ١٧ سنة قصة ممتدة مع صديق استمرت

جدول رقم (1) الخصائص الديموغرافية للنساء

الخصائص الديموغرافية

النسبة المئوية

السن

14- 17

18 – 19

20 – 29

فوق 30

14%

19%

50%

17%

الحالة الاجتماعية

عازبة

تعيش مع رجل

متزوجة

منفصلة/ مطلقة / أرملة

66%

1%

23%

10%

المستوى التعليمي

أمية أو شبة أمية

تعليم ابتدائي

تعليم ثانوي أو جامعي

طالبة حالياً، من كل المستويات

7%

65%

6%

20 – 23%

مدى إدراك نقص الاحتياجات الأساسية

الغذاء / الملبس / المسكن

الترفيه

10%

أقل من 5%

الديانة

مسلمة

كاثوليكية

من طوائف مسيحية أخرى

49%

26%

24%

قيمة الدين في حياتهن اليومية

مهم جدًا

مهم إلى حد ما

50%

45%

عاشت في المدينة

عام أو أقل

1 – 5 أعوام

6 سنوات أو أكثر

12%

28%

60%

ست سنوات أو أكثر، مما يوحي بحدوث علاقات جنسية مبكرة. وقد وجد أن أدنى سن لحدوث هذه العلاقة كان ١١ سنة. كما تبين أنه بحلول سن ١٧ سنة كان أكثر من نصف النساء قد مارسن علاقة جنسية مرة واحدة على الأقل.

أفادت ما يقرب من النصف أنهن لم يحملن من قبل. من هؤلاء أشارت ٧٦% منهن إلى وجود علاقة جنسية نشيطة، بينما قالت النسبة الباقية أنهن حملن من أول مرة مارسن فيها الجنس.

أفادت 20% من النساء بأن هذا هو الحمل الثاني لهن ١١% بأنه الحمل الثالث، بينما كان الحمل الرابع أو أكثر للنسبة الباقية (٢٣%). كما أفادت ١٤% من النساء (٦٥ امرأة) أنهن خضن عملية إجهاض قصدي في الماضي، وكان من بينهن ٥٣ قمن بهذه العملية مرة واحدة، وتسعة قمن بها مرتين، واثنتان قمن بثلاث عمليات إجهاض، وامرأة واحدة أجرت ست عمليات إجهاض.

مدى معرفة واستعمال وسائل منع الحمل

كانت المعرفة بوسائل منع الحمل منخفضة بصفة عامة في هذه المجموعة، فلم تكن ٤٥% منهن على علم بأية وسيلة منع حمل على الإطلاق. كما وجد أن هناك علاقة عكسية بين مستويات المعرفة والسن. فقد كان هناك جهل تام بوسائل منع الحمل الحديثة منها والتقليدية لدى 89% من النساء في سن ١٧ سنة أو أقل. وكانت هناك مراهقة واحدة من بين ١٥٠ في العينة على علم بستة وسائل تنظيم الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النساء اللاتي لم يحظين بالتعليم الرسمي أو اللاتي حظين بقدر قليل منه قد شكلن أعلى نسبة ممن لا يعرفن شيء عن وسائل منع الحمل (٦٥%). وقد انخفضت هذه النسبة إلى 20% عند اللاتي حصلن على تعليم ثانوي أو جامعي. كما لم يكن لدى ما يقرب من نصف الطالبات حاليًا أي علم بوسائل منع الحمل. وبصفة عامة، كان لدى النساء العازبات سواء من بين الطالبات أو الأخريات معلومات أقل حول وسائل منع الحمل مقارنة بالمتزوجات حاليًا أو سابقًا. وهذا ليس بالمر الغريب حيث أن استعمال وسائل منع الحمل ممنوع بالنسبة للطالبات بمقتضى اللوائح المدرسية، كما أن عيادات تنظيم الأسرة لا ترحب بالنساء العازبات والمراهقات. ويتميز تاريخ سياسة تنظيم الأسرة في تنزانيا باقتصار المعلومات والخدمات على المتزوجات.

جدول رق (2) المعرفة بوسائل منع الحمل واستعمالها حسب الوسيلة

الوسيلة

العلم بالوسيلة

استعمال الوسيلة في أي وقت قبل البحث

استعمال الوسيلة وقت الجماع

الحبوب

63%

30%

4%

الواقي الذكري

42%

10%

4%

اللولب النحاسي

32%

3%

1%

التقويم (51)

26%

10%

6%

الحقن

24%

1%

أقل من 1%

العزل( القذف خارج المهبل)

18%

4%

1%

العازل المهبلي

12%

أقل من 1%

صفر

الكيماويات القاتلة للحيوانات المنوية

12%

1%

أقل من 1%

الوسائل التقليدية

6%

2%

أقل من 1%

إلا أن وزير الصحة قد قام عام ۱۹۸۹ بإعادة تعريف المؤهلات للحصول على خدمات تنظيم الأسرة بحيث تم تضمين أي إنسان مهما كانت حالته الاجتماعية أو عدد أطفاله.

وصلت نسبة المسلمات اللاتي لم يكن لديهن علم بأية وسيلة من وسائل منع الحمل إلى ما يقرب من النصف، وينطبق نفس الأمر على ٤٠% من الكاثوليكيات وثلث المسيحيات الأخريات. هذا بينما كانت ١١% من المسلمات و23% من الكاثوليكيات و ١٤% من المسيحيات الأخريات على علم بست وسائل منع حمل أو أكثر. ولم يكن هناك علاقة دالة إحصائيًا عن المعرفة بهذه الوسائل وبين مدى المشاركة النشطة في الأنشطة الدينية، أو بالنظر إلى لدين على أنه أمر مهم. ويلخص الجدول رقم نسبة النساء اللاتي كن على معرفة بوسائل منع الحمل وقمن باستعمالها.

مثلت حبوب منع الحمل أكثر الوسائل المعروفة والمستعملة، وهذا منطقي حيث ينطبق نفس الأمر على باقي السكان إلا أنه من الملفت للانتباه أن 4% من النساء زعمن أنهن كن يتناولن حبوب منع الحمل حينما حدث الحمل. وقد يرجع ذلك إلى الاستعمال الخاطئ، فعلى سبيل المثال أشارت بعض المستجوبات وخاصة من بين الطالبات أنهن استعرن الحبوب من إحدى الصديقات. كما قامت بعض المراهقات بشراء الحبوب من المحلات مما يشير إلى عدم حصولهن على الإرشادات اللازمة حول طريقة الاستعمال، كما أفادت بعض المراهقات بأنهن استعملن الحبوب فقط وقت الجماع أو بعد حدوثه.

كما مثل العازل الطبي ثاني أكثر وسيلة حديثة استعمالاً. والمرجح أن تكون الحملات الواسعة حول الإيدز وتوزيع العوازل الطبية بدءًا من عام ۱۹۸۸ كوسيلة للحماية من المرض ليس كوسيلة لمنع الحمل قد ساهمت في ارتفاع معدلات الوعي باستعمالها. كما أفادت أكثر من 4% من المبحوثات بحدوث الحمل رغم استعمال هذه الوسيلة. قالت بعض المراهقات أن لديهن شك في قيام شركائهن من الرجال بإحداث قطع في العازل حتى يحملن.

تستند البيانات التالية المتعلقة بالرجال على ما قالته عنهم النساء المستجوبات. تراوحت أعمار الرجال ما بين ١٦ ٥٢ سنة مع أقل من ٤% تحت سن العشرين على الرغم من أنه تم الإشارة في العديد من الحالات إلى أن هذه الأرقام تقديرية.

وقد أفادت ما يقرب من ثلث المراهقات أن الشريك كان يبلغ ٤٥ سنة أو أكثر ولم يكن ذلك غريبًا نظرًا

جدول رقم (3) الحالة الاجتماعية للنساء ونوعية العلاقة

نوع العلاقة

عازبة

متزوجة سابقًا

متزوجة

الإجمالي

الزوج

صفر

23%

88%

23%

الصديق

63%

40%

4%

47%

علاقة عابرة

29%

27%

7%

24%

غريب

7%

7%

1%

5%

أخرى

1%

2%

صفر

1

الإجمالي

67%

10%

23%

100%

لانتشار ظاهرة بابا – السكر“(13) ( sugar-daddy) في المدن الأفريقية. وقد أشارت ما يقرب من ربع الطالبات أن الرجل يبلغ من ٤٥ سنة أو أكثر وكان هناك أقل من 9% ممن عاشرن رجال من نفس شريحتهن العمرية. ويشير الجدول رقم(3) إلى نوعية العلاقة الموجودة بين النساء وأقرانهن المسئولين عن الحمل.

أتضح من الدراسة أن ما يقرب من ٣٠% من النساء عشن علاقة استمرت أقل من سنة مع الرجل المسئول عن الحمل. أما بالنسبة للنساء فوق سن ٣٠ سنة، فإن ٦٤% من اللاتي حملن كن في علاقات ممتدة لأكثر من خلال علاقات استمرت أقل من عام. وقد تميزت مجموعة المراهقات بالعلاقات مع رجال لا يعرفونهم معرفة عميقة أو حتى مع غرباء تمامًا.

وقد أشارت أربعة من كل خمس مسلمات أنهن حملن نتيجة علاقة مع رجل مسلم، كما أشارت ٥٨% من الكاثوليكيات أنهن حملن نتيجة علاقة مع رجل كاثوليكي، وما يقرب من نصف المسيحيات الأخريات نتيجة علاقة مع رجل مسيحي غير كاثوليكي.

اتخاذ قرار الإجهاض

على الرغم من غياب المعلومات حول ما يجري منذ لحظة الشك في وجود حمل حتى الوقت الذي تتجه فيه النساء إلى المؤسسات الصحية بسبب المضاعفات الناتجة عن الإجهاض، فإن المعلومات المستقاة من قصص الإجهاض تشير إلى وجود شبكات من المساعدة تساهم في مراحل متعددة من هذه العملية.

ما يقرب من ٧% من النساء قررن في البداية الاحتفاظ بالحمل ولكنهن غيرن رأيهن فيما بعد. ولم تتخذ 13% من النساء قرارًا فوريًا، بينما قررت ٤٨% من النساء إجراء الإجهاض بمجرد الشك في وجود حمل. وهناك ١٦٥ ممن قررن إخبار الرجل المسئول أولاً بينما قررت 9% الإفصاح عن الموضوع لصديقة أو إحدى القريبات أولاً.

أما أهم الأسباب في اتخاذ قرار الإجهاض، فقد تمثلت فيما يلي:

عدم القدرة اقتصاديًا على تحمل مسئولية إطعام طفل جديد.

حدوث الحمل بطريقة عرضية.

صغر سن الطفل السابق.

ما زالت طالبة.

إلا أن هذه الأسباب شديدة الإيجاز وهي تخفي أشياء كثيرة بقدر ما تفصح عن أشياء أخرى. ويمكن القول أن ذلك ينطبق على أقل تقدير على بعض الحالات. فعلى سبيل المثال، عند الحديث عن أسباب الإجهاض أفادت طالبتان من المجموعة بالقصص التالية:

كانت الفتاة الأولى تلميذة في مدرسة داخلية ثانوية. وقد أمرها مدير المدرسة بالتوجه إلى إحدى الحجرات حيث كان ينتظرها أحد المفتشين وحيث أنها لم تشك البتة في وجود نوايا سيئة توجهت إلى هناك حيث أجبرها على ممارسة الجنس معه. وقد أبلغت والدتها خلال الاجازة بما جرى، فقررت المرأتان إجراء الإجهاض بدلاً من فضح الموضوع. كانت هذه الفتاة تشعر بمرارة شديدة حول ما وصفته بالانحلال الأخلاقي للبالغين وكانت تشعر بكراهية عميقة تجاه أولئك البالغين الذين يدينون الفتيات الصغيرات اللاتي يمارسن الجنس.

أما الفتاة الثانية، فقد كانت في السنة النهائية للمدرسة الابتدائية وكانت تقيم مع أختها المتزوجة. حينما كانت أختها خارج المنزل، كان زوج أختها يدعوها إلى ممارسة الجنس معه، ولم تجد مفرًا سوى الاستسلام لم تدرك هذه الفتاة أنها حامل إلا حينما لاحظت خالتها ذلك وشرحت لها ما معناه. حينما أبلغت الفتاة زوج أختها أنها في مأزق قام بطردها من المنزل ونعتها بالعاهرة. لم تفصح أبدًا لأختها بما حدث، بل ذهبت لتعيش عند خالتها التي ساعدتها على إجراء عملية الإجهاض. وقد شعرت هي الأخرى بمرارة عميقة تجاه سلوك زوج أختها.

أول شخص يباح له بالسر

أكثر من نصف النساء (٥٣%) أبلغن أولاً الرجل المسئول عن الحمل، بينما تحدثت ٢٤% من النساء مع الأم، أو الأخت، أو الخالة، وباحت ١٥% من النساء بالسر لإحدى الصديقات الحميمات. كان هناك ميل لدى المراهقات نحو إبلاغ الأم أو الخالة، بينما لم يظهر هذا الاتجاه بشدة لدى النساء فوق سن ٣٠ سنة. ولم تشر أي من نساء هذه المجموعة إلى أنهن بحن بالسر لأحد الأقرباء الذكور.

وفيما يلي جدول رقم (٤) الذي يتناول ردود أفعال من يؤتمنون بالسر والنصائح التي يسدونها.

الجدول رقم (4)

ردود أفعال ونصائح أول شخص يباح له بالسر

ردود الفعل النصيحة

الجل المسئول عن الحمل

إحدى القريبات

صديقة

أخرى

الإجمالي

أنها أخبار سعيدة

5%

1%

3%

صفر

3%

الاحتفاظ بالحمل

19%

8%

6%

23%

14%

الإجهاض

56%

43%

51%

23%

51%

لامبالاة

15%

18%

18%

15%

16%

أخرى

6%

31%

22%

38%

16%

المساعدة في العثور على من يقوم بالإجهاض وتدبير التكلفة

هناك علاقة قوية بين أول شخص تبوح له النساء بالسر والشخص الذي يرشدهن إلى من سيقوم بالإجهاض. فعلى سبيل المثال، فإن ٦٠% ممن بحن بالموضوع لقريبة حميمة أولاً، أوصلتهن إحدى القريبات بالأشخاص اللذين يجرون الإجهاض. إلا أن 7% فقط من القريبات الحميمات شاركن في الإرشاد إلى شخص يقوم بالإجهاض عندما كان يتم البوح بالسر أولاً لصديقة، وينطبق نفس الأمر على ١٣% من النساء اللاتي اخترن التوجه أولاً إلى الرجل المسئول عن الحمل. ومن الملفت حقًا أن 37% فقط ممن توجهن أولاً إلى الرجل المسئول قد حصلن عن طريقه على وسيلة اتصال بشخص يقوم بالإجهاض. ويبدو أن الرجال المسئولين عن الحمل غير المرغوب فيه لا يتقاسمون عبء تنظيم الإجهاض بنفس الحماس الذي تبديه النساء اللاتي يوفرن الدعم الاجتماعي.

وبصفة عامة، فقد وفرت الصديقات وسيلة الاتصال لما يقرب من ٣٠% من النساء. وعلى الرغم من أن القريبات من الدرجة الأولى لم يوفرن هذه الوسيلة سوى لنسبة ٢٠% من إجمالي الحالات، فقد مثلن نسبة ٤٣% بالنسبة للمراهقات تحت سن ١٧ سنة و ٢٦% بالنسبة لمن هن بين ۱8 – ۱9 سنة واللاتي أفدن أن أمهاتهن، أو شقيقاتهن أو خالتهن هن اللاتي اصطحبتهن عند المجهض.

وعلى الرغم من أن الرجال المسئولين عن الحمل كانوا أقل ميلاً إلى توفير وسيلة الإجهاض، إلا أن ٤٤% منهم قد تحملوا تكاليف العملية. هذا وقد سددت ٣٤% من النساء بنفسها تكاليف الإجهاض بينما تحملت قريبات حميمات هذه التكاليف بالنسبة لـ ۱۹% من الحالات.

قام بعمليات الإجهاض ٣٨٤ شخص وصفت النساء 22% منهم بأنهم دكاترة، و ٦٥% بأنهم ممارسين صحيين آخرين، و 13% منهم بأنهم دجالين“. ومن الصعب التأكد ما إذا كان الدكاترةأطباء حقًا حيث أن أغلبية الناس البسطاء يشيرون إلى أي عامل في مستشفى خاصة أولئك الذين يرتدون المعطف الأبيض على أنهم أطباء. وتشير الخبرات السابقة إلى أن حتى الموظفين في المراتب الدنيا بالمستشفيات مثل القائمين على خدمة الأجنة يمارسون الإجهاض ويتم الإشارة إليهم في الأحياء التي يمارسون فيها أنشطتهم بالدكاترة.

جدول رقم (5)

أين تمت عمليات الإجهاض ومن قام به

نوعية المكان

طبيب

ممارس صحي

دجال

الإجمالي

مكان به تسهيلات صحية

71%

62%

6%

5%

حجرة نوم

29%

37%

88%

42%

أخرى

صفر

1%

6%

2%

يبين الجدول رقم (6) نسبة النساء التي حصلن على نصيحة الذهاب إلى المستشفى أو اللاتي حصلن على أي علاج بعد الإجهاض، وفقًا لطبيعة الحالة المهنية للشخص الذي يمارس الإجهاض

النصيحة / العلاج الذي قدمه من قام بالإجهاض

طبيب

ممارس صحي

دجال

الإجمالي

أن تذهب إلى المستشفى

314%

60%

32%

51%

أدوية

56%

32%

10%

35%

أخرى

13%

8%

58%

14%

لقد تراوحت أسعار عمليات الإجهاض ما بين ٦٠ إلى 20.000 سلن تنزاني بمتوسط ٤٢٤,٤ شلن تنزاني. وقد تقاضى ما بين ٦٠ إلى 70% من الدكاترة أو الممارسين الصحيين الآخرين” 20.00 شلن أو أكثر للعملية. أما الدجالينفقد انخفضت أجورهم بطريقة ملحوظة. ويجدر الإشارة إلى أن الحد الأدنى للراتب الحكومي وقت إجراء الدراسة كان يبلغ شهريًا ٢,٥۰۰ شلن تنزاني (وهو ما يساوي حسب سعر الصرف حينذاك 12.50 دولار أمريكيًا).

وقد تم التوصل إلى أن أغلب عمليات الإجهاض أجريت في منشآت صحية: مستشفى أو مركز طبي أو مستوصف. أما باقي عمليات الإجهاض، فإن أغلبها تم في حجرات عادية مع عدد صغير من العمليات التي أجريت في المساكن أو الفنادق.

حيث أن أغلبية الدكاترةقد أعطوا أدوية، فإن ذلك يسير إلى أنه كانت لديهم فكرة حول كيفية علاج المشاكل المترتبة على الإجهاض. ولكن يبقى أن هناك كم كبير من الدكاترةلم يقدم الدواء المناسب وهذا يثير الشكوك حول ما إذا كانوا حقًا أطباء، ذلك أن أي طبيب يستطيع أن يتعامل مع مثل هذه الحالات ويصف الأدوية الملائمة بدون الحاجة إلى تحويلها لطبيب آخر.

وقد نصحت ٤٠% من القريبات اللاتي أبيح لهن بالسر تطلب الأمر ذلك، يليهن 27% من الرجال المسئولين عن الحمل، بينما اتخذت 23% من النساء قرار الذهاب إلى المستشفى.

مضاعفات ما بعد الإجهاض ونوعية العناية

مثل الإجهاض أكثر الأسباب شيوعًا للاستقبال في أقسام النساء في المستشفيات الأربعة. وقد تم الإجهاض غير الكامل بالنسبة لـ ٧٢% من الحالات، كما شكل التعفن الدموي بعد الإجهاض أكثر المضاعفات الصحية انتشارًا.

وتفيد المعلومات التي تم جمعها من أقسام الاستقبال أن 8% فقط من النساء كن في حالة جيدة بينما كانت ٨٤% من النساء أما في حالة سيئة أو مقبولة. 15% من الحالات كانت تشكو عند دخول المستشفى من ارتفاع درجات الحرارة، كما أن قياس درجات الحرارة فيما بعد قد أظهر أنها مرتفعة عند ٨٥% من الحالات. وتشير بيانات الدراسة إلى أن معظم عمليات الإجهاض تمت بعد ۸ أسابيع من الحمل بينما تمت ١١% من العمليات ما بين ۱۰ ۹ أسابيع، و ٣٧% ما بين ١٦ ١ أسبوع، و ١١% ما بين ٢٠ ١٦ أسبوع.

ما يقرب من ثلث العينة كن يعانين من نزيف مهبلي شدید وقت دخول المستشفى ( ٥٠٠ ملليلتر من الدم أو أكثر مما يتسبب في حدوث الأنيميا). كما تم اعتبار أن 20% منهن بحاجة إلى نقل دم، إلا أن سبع فقط من اللاتي حصلن على نقل دم بسبب العجز في مخزون الدم. كما تم تسجيل صدمات بسبب النزيف أو الجرح لدى 7.0% من الحالات. وأتضح من الفحص وجود إصابات في الأجهزة التناسلية غالبًا في عنق الرحم لدى ٥٣% من نساء العينة من بينهن 8% وجدت لديهن كدمات في عنق الرحم، وتورم، والتهاب، وتمزق بسبب استعمال الجفت. أما النسبة الباقية (٤٥%) فقد وجد لديهن قطع مهبلي وتهتكات. وفي 3% من الحالات وجدت أوراق شجر، وجذور نباتات، وموانع الحمل الرحيمة ممن يستعملنها كوسيلة لمنع الحمل. وقد تم تسجيل إفرازات كريهة الرائحة لدى ١٦ من الحالات، ودلائل على التسمم الدموي عند حوالي ١٥% من الحالات.

هذا وقد تم إجراء ثلاث عمليات استكشاف (فتح بطن) خلال فترة إنجاز هذه الدراسة، وهي على الوجه التالي:

مراهقة تبلغ ١٧ سنة كان قد أحدث لها دجال ثقب في الرحم بسبب استعمال أجهزة غير ملائمة، مما تتطلب إجراء عملية استئصال غير كامل للرحم.

شابة أخرى ظهر أن لديها خراج في الحوض بعد عملية إجهاض غير معقمة، مما تتطلب عملية فتح بطن للتخلص من الصديد.

أما المرأة الثالثة، فكانت قد دخلت المستشفى في البداية على اعتبار أنها تعاني من الأنيميا ومن آلام في البطن، وتبين أنها شاحبة وأن معدتها تؤلمها عند اللمس. اعترفت بأنها حاولت الإجهاض عندما شكت في وجود حمل وعليه تم نقلها إلى قسم النساء وتم تشخيص حالتها على أن لديها انفجار في الرحم، وعندما فتح البطن، اتضح أن الحمل خارج الرحم.

تكلفة الخدمة الصحية

تقوم السياسات الوطنية في تنزانيا على توفير الخدمات الصحية والطبية المجانية لكل المواطنين. وقد جرت محاولة لتقدير تكلفة استقبال وعلاج الحالات تعاني من مضاعفات الإجهاض القصدي. تضمنت الأدوية والوجبات والإقامة والإجراءات الجراحية إلا أن التكلفة التقديرية لم تتضمن ثمن الوقت الذي يقدمه الممارسين الصحيين للعناية بهذه الحالات. حينما تم تقسيم التكاليف على عدد المرضى بلغت التكلفة 1.500 شلن تنزاني في اليوم لكل حالة إجهاض قصدي. وينبغي تناول هذا المبلغ بالمقارنة بالمبالغ المرصودة من وزارة الصحة لعلاج المواطنين والتي تبلغ ۲۱۰ شلن للفرد في العام.

ثلاث حالات فقط تم معالجتهن وخروجهن في نفس اليوم، بينما أمضت ٢٧% من الحالات يومًا واحدًا في المستشفى، ٤٦% أمضت يومان، 23% ما بي بين ٣ ٥ أيام أما بالنسبة الباقية (٤%) فأمضت ست أيام أو أكثر.

الوفيات بسبب الإجهاض

لم يتم تسجيل أية حالة وفاة في المجموعة محل الدراسة، إلا أن المصادر في المستشفيات تشير إلى أن هذا الأمر غير مألوف. وفي الواقع فقد أشارت دراسة سابقة تمت قبل أعوام في أحد المستشفيات الأربعة إلى معدل للوفيات بلغ ٢٦% بالنسبة لـــ ٢٦ حالة من الإجهاض القصدي تم استقبالها على مدى تسعة شهور من بينهن 6 حالات ماتت نتيجة التعفن الدموي (14).

وجهات نظر الذين يوفرون الرعاية الصحية

لقد أبدى العاملين في الوحدات الصحية التي تستقبل الحالات التي تعاني من تعقيدات نتيجة للإجهاض القصدي تعاطفًا مع النساء ويمكن إجمالاً تلخيص وجهات نظرهم فيما يلي:

أن هناك تبديد غير مفيد لوقتهم وللموارد العامة في مواجهة هذه المشكلة الخطيرة والمتزايدة والتي يمكن تفاديها.

كان من الأفضل كثيرًا تمكينهم من إجراء الإجهاض بأنفسهم.

نظرًا لعدم القدرة على التحكم في القرارات التي تتخذها ضحايا الحمل غير المرغوب فيه، فمن الخطأ حرمان هؤلاء النساء من الاستفادة بالوسائل والممارسات الآمنة والحديثة للإجهاض.

وجهات نظر محل الدراسة:

اعتبرت النساء المستجوبات أن القوانين الموجودة قائمة على التمييز لأنها تنفي حق النساء في الاختيار في حالة حدوث حمل غير مرغوب فيه، بينما لا يتحمل الرجال المسئولين عن هذا الحمل هذا الحمل أي من التبعات القاسية المترتب عليه. كما أكدن على أن النساء الفقيرات يحرمن من الحصول على الخدمات الآمنة لأنهن لا يمتلكن ما يكفي لتسديد التكاليف الباهظة في العيادات الخاصة التي تتم فيها عمليات الإجهاض رغم الموانع القانونية.

 

كثيرًا ما يتم تناول موضوع الحمل غير المرغوب فيه والإجهاض بطريقة نظرية من منظور الأخلاقيات والقضايا الاجتماعية والسياسية التي لا تمت بصلة للخبرات الحقيقية التي تعيشها النساء في حياتهن وخاصة تلك التي تتعلق بالتبعات الملمة لحدوث حمل غير مرغوب فيه.

وقد وجدت هذه الدراسة ما يقرب من ثلث ضحایا الإجهاض غير الآمن كن من المراهقات، وأكثر من نصفهن أقل من ١٧ سنة. كما أن حوالي ربعهن كن طالبات في المدارس الابتدائية أو الثانوية. أن هذه النتيجة تتفق مع نتائج دراسات أخرى(7)، حيث تشير العديد من البحوث إلى أن الحياة الجنسية للمراهقين تمثل مشكلة حقيقية في دار السلام (16، 15، 13). فهناك ما بين ٤٠ إلى ٦٠% من طلاب المدارس الذين يمارسون علاقات جنسية، ويشكل الحمل أهم سبب لتسرب البنات من التعليم.

يستسهل البعض اتهام هؤلاء الفتيات بسوء الأخلاق والممارسات وبأنهن غير سويات. أن هذا الحكم خاطئ تمامًا حيث أن سلوك الشباب يترتب بدرجة كبيرة على طريقة تربية المجتمع للأجيال الجديدة. ويبدو أن المعدلات المرتفعة لممارسة المراهقين العلاقات الجنسية ترتبط بالمستويات العالية من التساهل المجتمعي مع غياب التربية الجنسية في المدارس. أن نتائج هذه الدراسة تؤكد على أن المجتمع هو الذي يفسد الفتيات، فمن إجمالي ٦٢ فتاة في الشريحة العمرية من ١٤ ١٧ سنة أفادت ۱۳ فتاة بأنهن حمان نتيجة علاقة مع مراهق. أما باقي المراهقات، فقد قلن أن الشخص الذي مارسن معه الجنس كان أكبر سنًا. ذلك أن ١٩ فتاة أفادت أن الرجل كان يبلغ ٤٥ سنة أو أكثر. كما وجد نفس الأمر مع أكثر من واحدة من كل خمس طالبات. إن ما ينبغي تعديله في المقام الأول هو بالذات سلوك هؤلاء البالغين من الرجال، ثم تطوير برامج للتربية الجنسية تكون مناسبة للشباب.

كما أظهرت الدراسة غياب المعرفة لدى الشابات بشأن وسائل منع الحمل. ذلك أن هناك واحدة فقط من إجمالي ١٥٠ مراهقة كان لديها مستوى عال من المعرفة في هذا الشأن. وكنتيجة لهذا الجهل شبه التام فإن معدلات الاستعمال كانت منخفضة للغاية هي الأخرى. وبالتالي، ليس صحيحًا أن شبابنا لا يمثلون فئة تستحق الأولوية من حيث توفير المعلومات والتربية حول وسائل منع الحمل، فحينما تكون وسائل منع الحمل نادرة – كما كان الحال في الاتحاد السوفييتي لسنوات طويلة ترتفع معدلات الإجهاض. وقد أفاد بوبوف في عام ۱۹۹۱ أن هناك ما يشير إلى أن النساء السوفييتيات يجرين ست عمليات إجهاض أو أكثر في المتوسط خلال حياتهن الإنجابية (7). وعلى العكس انخفضت معدلات الإجهاض حينما توافرت المعلومات والتربية والخدمات المتعلقة بوسائل منع الحمل بطريقة مقصودة لتصل إلى فئة أوسع من السكان.

كما أن معدلات الممارسات الجنسية العابرة مقلقة حقًا إذا أخذنا بعين الاعتبار الأمراض المنقولة جنسيًا ومرض الإيدز، فقد أفادت ٦% من الحالات بأنهن حملن نتيجة ممارسة الجنس مع رجل غريب وكان نصفهن من المراهقات بينما وصفت ما يقرب من ربع العينة الرجال الذين مارس معهم الجنس على أنها علاقات عرضية. وكان ملفتًا أن 12% من النساء المتزوجات حملن عن غير طريق أزواجهن، وأتضح أن ٧٥% من هؤلاء النساء كن في علاقات عارضة أو مع أغراب وبنفس القدر من الأهمية اتضح أن 20% من الرجال المسئولين عن الحمل كانوا هم أنفسهن متزوجين. تشير العديد من التقارير والتصريحات التي تنشرها وسائل الإعلام في تنزانيا إلى أن عدد كبير من البالغين بما في ذلك الأهل والسياسيين وقيادات شعبية أخرى يناهضون بشدة إدراج المعلومات حول وسائل منع الحمل في التربية الجنسية للشباب وهم يرون أن ذلك يمثل تصريحًا لممارسة الجنس غير المشروع.

ولنفس الأسباب السابقة، حينما أدخلت الحكومة برنامج تربوي حول الحياة الأسرية للشباب في المدارس لم يتضمن هذا البرنامج معلومات حول وسائل منع الحمل. كما أن وزارة التعليم في الجزر التنزانية (زانزيبار) على وشك البدء في برنامج مماثل، إلا أن وزير التعليم في زنزيبار قد أعلن في تقرير صحفي نشر في سبتمبر ۱۹۹۲ ما يلي: “لن يكون هناك تقديم معلومات حول الوسائل الحديثة لتنظيم النسل إلى الطلبة مما يطلق لهم العنان لممارسة الجنس غير الشرعي بلا خوفكما أضاف سوف يقتصر المعلمين في دروسهم على تقديم الجسم البشري ولن يسمح لهم بأي حال من الأحوال التحدث في الموضوعات الجنسية مع الطلاب(18)

أن هذا الأسلوب في التفكير يبدو وكأنه يأتي من زمن خارج حقائق الحياة. حيث يتم إطلاق هذه التصريحات دون أن تدعمها أي بيانات، وعادة بغض النظر تمامًا عن الواقع ومدى انخراط المراهقين في الأنشطة الجنسية، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج سلبية مثل التسرب من التعليم بسبب الحمل، والأمومة المبكرة التي تعيشها المراهقات، والمضاعفات الناتجة عن الإجهاض، والتعرض للأمراض المنقولة جنسيًا والإيدز.

ترى هذه الدراسة أن الأهل الذين مروا بتجربة الممارسات الجنسية للمراهقين في أسرهم قد ينظرون إلى هذه المشكلة بطريقة أكثر واقعية. والواقع أن ٥٦% من المبحوثات وأغلبهن من المراهقات والطالبات اللاتي بحن بالسر لأحدى القريبات الحميمات قد نصحن بإنهاء الحمل. كما أن أغلبية القريبات ذهبن أبعد من هذا وبحثن عن شخص يقوم بالإجهاض. وتمثل تكلفة العملية قضية أخرى متعلقة بالصحة العامة. فما من شك أن العواقب المالية باهظة بالنسبة للمرأة، خاصة حينما تكون هذه المرأة فقيرة، مراهقة، عازبة، طالبة، أو قام الرجل المسئول بهجرها. فمن الأرجح أن تحاول الفتيات الأصغر الانتحار أو تلجأن إلى ممارسات مميتة وخطيرة مثل تناول جرعات كبيرة من الكلوروكين، وهي كلها حوادث تتناولها باستمرار الصحافة المحلية.

كما أن التكلفة مرتفعة أيضًا بالنسبة لوزارة الصحة، حيث أن قضاء المرأة يوم واحدًا في المستشفى يساوي سبع مرات الميزانية التي تخصصها الوزارة سنويًا للفرد. بالنسبة للنساء اللاتي يعانين مضاعفات أشد، فإن التكلف ٤٢ مرة المبلغ المرصود. هذا في الوقت الذي لا يتضمن فيه قياس هذه التكلفة ثمن الوقت الذي يخصص الممارس الصحي لمعالجة الحالة. يشير تقرير أحد المستشفيات الأربع في هذه الدراسة إلى أن قسم الولادة والنساء قد أجرى على مدى عام ٤٨٩٧ عملية من بينها ٣٥٤٧ عملية كحت بسبب إجهاض غير كامل يعود عدد كبير من بينها إلى الإجهاض القصدي(19).

أما فيما يتعلق بالتعقيدات الطبية، فعلى الرغم من أنه لم يحدث حالات وفيات في العينة قيد الدراسة إلا أن حدوث الوفيات ليس بالأمر النادر. فكثيرًا ما تموت النساء وهن في الطريق إلى المستشفى أو في أقسام الحوادث ويتم إرسال الجثث مباشرة إلى المشرحة حيث لا يتم تشريحها بطريقة روتينية. وقد توصلت الدراسة إلى وجود مضاعفات خطيرة عند أغلبية من خضن عملية إجهاض غير كامل. أما المضاعفات طويلة الأمد الناتجة عن ممارسات الإجهاض غير الأمن مثل مشاكل الجهاز التناسلي، والعقم، والإجهاض التلقائي، وإصابات عنق حمن والولادات المبكرة فأنها لم تدخل في إطار هذه الدراسة إلا أنه ينبغ عدم إغفال أثارها على المجتمع.

الاستنتاجات

يشكل الحمل غير المرغوب فيه ظاهرة منتشرة، ويمثل الإجهاض غير الآمن مشكلة صحية حقيقية في بلادنا. فالأمر مكلف لكل من الأفراد المعنيين والنظام الصحي للبلاد من حيث الوقت والموارد المالية والبشرية.

أحد الحلول هو توفير وتوسيع إمكانيات الحصول على المعلومات المتعلقة بتنظيم الأسرة وتوفير التثقيف والخدمات لكل قرينتين وللأفراد بما في ذلك المراهقين النشطين جنسيًا. وينبغي تطوير برامج فعالة للتربية الجنسية تتجه للمراهقين داخل وخارج المدارس وتتضمن معلومات صحيحة حول وسائل منع الحمل. كما أن هناك حاجة إلى وجود درجة من التفتح بشأن القضايا المرتبطة بالحياة الجنسية تأخذ بعين الاعتبار واقع الحياة الحالية، والحياة العصرية، والتغييرات السلوكية التي تطرأ لدى الأجيال الجديدة.

كما أن هناك حاجة ماسة لمراجعة وتغيير القوانين الحالية حول الإجهاض، ذلك أن الإبقاء على هذه القوانين المقيدة معناه إنكار حق أعداد غفيرة من النساء الفقيرات في بلادنا في الحصول على الخدمات الآمنة التي يوفرها العلم والتكنولوجيا الحديثين. وهذا يساوي رفض معاملة الفقراء والأغنياء بالمثل. ففي وقتنا هذا، الثريات فقط هن اللاتي يستطعن دفع التكلفة الباهظة لعمليات الإجهاض الآمنة التي يوفرها الطب الخاص. إن القانون باعتباره آداة للعدالة يجب أن يهدف إلى تطوير نوعية حياة الناس وليس إرغامهم على اختيار ممارسات تعرضهم للخطر بينما الممارسات الآمنة ممكنة. وعليه ينبغي أن يجعل القانون الإجهاض الآمن في متناول دائرة أوسع وأن يلبي الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للنساء اللاتي يعشن تجربة الحمل غير المرغوب فيه.

ومن الأرجح انه لو تم تنفيذ هذه الاقتراحات بالعزم المطلوب، فإنه سيمكن مواجهة هذه المشكلة المتعلقة بالصحة العامة من خلال تخفيض وفيات وأمراض الأمهات وجعل الأمومة آمنة.

ملاحظة:

هذا المقال عبارة عن تلخيص للتقرير الكامل الذي صدر في أكتوبر ۱۹۹۲ بنفس العنوان. ونحن نهديه إلى كل أولئك النساء اللاتي تطوعن بتقديم المعلومات الحيوية بالنسبة لهذه الدراسة.

كما يقدم الباحثين تقديرهم لمدى التعاون الذي أبدته الممرضات اللاتي قمن بإجراء المقابلات، والى الأطباء الذين ساعدوا النساء، والى المسئولين في إدارات المستشفيات الأربعة قيد الدراسة، والى كل من قدم بيانات خلفية، وكل من ساعد على تقديم التقرير، والى السكرتارية الفنية.

كما تم تمويل هذه الدراسة بدعم من وحدة بحوث العلوم الاجتماعين والبرنامج الخاص للدراسات، ووحدة التدريب حول التنمية والبحوث في الإنجاب الإنساني، ومنظمة الصحة العالمية، وهي المنظمات التي تفضلت بالتصريح بنشر هذا المقال.


1- the human problem of abortion medical
and legal dimension. IPPE, 1978.

2. Farr, AD, 1980. The Marquis de Sade and
induces abortion. Journal of Medical
ethics. 6():7-10.

3- Sai. Fred, 1978. Social and psychological
problems of African adolescents. Journal
of Biosocial Science. 5 (Supplement).

4- Rogo, K 0, 1989. Legal termination of
pregnancy at Kenyatta national Hospital
using prostaglandins and in midtrimester.
East African medical Journal. 66:333.

5- Meeting of the IPPF/Western Hemisphere
Regional Council, San JosE, Costa Rica, 3-
4 October 1991. Agenda Item 21.

6- Mtimavalye, L A et al, 1980. Maternal
mortality in Dar es Salaam, Tanzania
1974-1977. East African medical Journal.
57:111-18.

7- Aggarwal, V P and Mati. J K, 1980.
Epidemiology of induced abortion in
Nairobi, Kenya. Journal of Obstetrics &
Gynaecology East Central Africa. 1:54.

8- Viel, Benjamin, 1983. Abortion epidemic
in Latin America. Developmant Forum. 11(4)7.

9- Unuigbe, J A et al, 1988. Abortion-related
morbidity and mortality in benin City,
Nigeria 973-1985. International Journal
of Gynecology and Obstetrics. 26(3): 435- 39

10- Aborion-A tabulation of available data on
the frequency and mortality of unsafe
abortion. World Health Organazation,1990.

11-Wanjala S Het al, 1985. mortality due to abortion at the Kenyata National
Hospital 1974-1983. Abortion: Medical Progress and Social Implications.
Proceedings of CIBA Foudations
Symposium 115, London. 4 1.

12- Preliminary results of the National
Demographic Survey. Tanzania Bureau of
Statistics, 1992.

13- Leshabari, M T, 1988. Factors influencing
school adolescent fertility behaviour in Dar
es Salaam, Tanzania. Doctoral of Science
Thesis in Public Health, submitted to Johns
Hopkins University, Baltimore, USA.

14- Mtimavalye, L A, 1980. Induced abortion
and its consequences. Proceedings of the
Scientific Conference, Association of
and Obstetricians Gynaecologists Tanzania, Volume 2

15- Senderowitz, J and Paxman, J M, 1985.
Adolescent fertility: Worldwide concerns.
Population Bulletin. 40(2).

16- mbunda, W M, 1988. Adolescent fertility in
Tanzania, knowledge, perceptions and
practices. Family Planning Association of
Tanzamia (UMATI), Dar es Salaam.

17- Popov, A, 1991. Family planning and
induced abortion in the ASSR: basic health
and demographic characteristics. Studies in
Family Planning. 22 (6): 368-77.

18- Zanzibar to introduce family life education
curriculum. Sunday News, 13 September
1992,6.

19- A report of activities pf the Muhimbil: Medical Center for the period Ist July 197o to 30th June 1980. Muhimbili medical Center, Dar es Salaam, 1981.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي