العودة لنظام الكوتا النسائية بين المؤيدين والمعارضين

تحقيق نجوى إبراهيم

مع بدء العد التنازلي لإجراء انتخابات مجلس الشعب تصبح الحاجة ملحة للبحث عن آليات وسبل جديدة تساهم في زيادة تمثيل المرأة وتمكينها في البرلمان.

وقد تعالت أصوات الكثيرات مطالبة بالعودة لنظام الكوتا النسائية أي تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان أسوة بما تم عام 1979 الذي ارتفعت فيه نسبة المرأة في مجلس الشعب إلى 9% نتيجة تطبيق نظام الحصص وتخصيص ٢١ مقعدًا للمرأة.

ومنذ ذلك الوقت وأصبحت قضية الكوتا النسائية مثار جدل واسع بين مؤيد ومعارضفهناك من يرى أنها ضرورة تسهم في زيادة نسبة التمثيل السياسي للمرأة في البرلمان، وإنها لا تتعارض مع مبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور، وهناك من يعتقد أن الكوتا نظام يخالف الدستور خاصة المادة (4) والتي تنص على مبدأ المساواة. وهنا رأى ثالث يرى أن الأفضل العودة إلى نظام القوائم النسبية وليس الكوتا.

 

طرح ثالث للقوائم النسبية
هل تناقض عدد النائبات بإلغاء (الكوتا) أم لأسباب أخري؟ مع اقتراب موسم الانتخابات

من المعروف أن مصر أخذت بنظام المقاعد المخصصة للنساء في البرلمان منذ عام 1978 مما أدى إلى حدوث طفرة غير مسبوقة في نسبة تمثيل المرأة، حيث دخلت 35 سيدة البرلمان في انتخابات 1979، وفي برلمان ١٩٨٤ دخلت 36 سيدة، وكان ذلك أكبر عدد من النائبات يصل إلى مجلس الشعب حتى الآن، ولكن بعد صدور قرار مجلس الشعب بإلغاء المقاعد المخصصة للنساء فإن الـ 30 مقعداً في عام 1987 هبطت بعضوية البرلمان إلى 18 سيدة فقط، ومنذ ذلك الوقت وعدد العضوات في تناقص مستمر، ففي انتخابات 1995 دخل البرلمان 9 سيدات (5 بالانتخاب و4 بالتعيين) وفي انتخابات ۲۰۰۰ دخل 11 سيدة المجلس (۷ بالانتخاب و4 بالتعيين).

وعن مدى دستورية تخصيص مقاعد للمرأة في البرلمان يوضح د/ محمد نور فرحات (أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة الزقايق) أنه قام بإعداد دراسة وتقدم بها المجلس القومي للمرأة حول هذه القضية مشيرًا إلى أنه لا تعارض بين تخصيص حصة من مقاعد المجالس النيابية سواء في مجلس الشعب أو الشورى للنساء وبين قواعد الدستور المصري.

وأكد د. نور فرحات أن الذي أثار اللبس في هذه القضية هي الدعوى التي رفعها المحامي كمال خالدفي الثمانينيات وطعن بعدم دستورية الانتخابات بنظام القائمة على أساس أن هذا النظام لا يساوي بين المرشح المستقل والمرشح الحزبي، والذي حدث عن هيئة المفوضين التابعة للمحكمة الدستورية العليا تصدت لمسألة تخصيص مقاعد للنساء في القوائم دون أن يعرض عليها ذلك، وأشارت في تقريرها إلى أن هذا النظام يتنافى مع مبدأ المساواة في الدستور بين الرجال والنساء، ولكن المحكمة الدستورية لم تفصل في الأمر ولم تصدر حكمًا فيه نظرًا لأنه لم يكن محل نزاع ولم يكن معروضًا عليها، كما أن رأي هيئة المفوضين رأي استشاري، ولكن الحكومة سارعت إلى تعديل القانون وصدر القانون ١٨٨ لعام 1986 قاضيًا بإلغاء مقاعد النساء الـ ٣١.

وأشار د. نور فرحات إلى أن تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان لا يتنافى مع مبدأ المساواة أمام القانون، خاصة أن المشروع مكلف دستوريًا بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، ومن تطبيقات مبدأ تكافؤ الفرص تمكنت الجماعات التي عانت من ظلم تاريخي من رفع هذا الظلم عنها ومنها جماعات النساء، كما أن اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة أجازت تخصيص حصص للنساء في المجالس النيابية وإن كان ذلك بصفة مؤقتة حتى تتمكن المرأة من اكتساب الخبرة التي تمكنها من منازلة الرجال في المعارك الانتخابية، إذا فروح الدستور مع التخصيص وليست ضده، وهناك عشرات الدول أخذت بمبدأ التخصيص.

واستنادًا إلى الحجج والبراهين تؤكد د. فوزية عبد الستار (أستاذ القانون بحقوق القاهرة) أن تخصيص مقاعد للمرأة من شأنه أن يحقق مساواتها بالرجل، خاصة أن ظروف المجتمع وعاداته وتقاليده لا تتيح للمرأة فرصة تمكينها من المجالس النيابية أسوة بالرجل، وبالتالي فإن هذه الحصص سوف تحقق جزءًا من هذه المساواة. وهذا يؤكد أن نظام الكوتا لا يتعارض مع مبدأ المساواة بل إنه يساعد على تحقيقه.

وتشير د. فوزية إلى أن نظام الكوتا لم يصدر ضده حكم بعدم الدستورية ولكنه مجرد طعن، وما يهمنا الحكم وليس الطعن، وبالتالي فلا يوجد ما يمنع من العودة إليه خاصة أن إتفاقية القضاء على أشكال التميز ضد المرأة والتي تدعو للمساواة نصت على تخصيص مقاعد للمرأة في الدول التي تقل فيها مشاركة المرأة في البرلمان تحقيقًا لمبدأ المساواة على أن يكون هذا الوضع مؤقتًا حتى تتم تنمية قدرات المرأة للوصول بها إلى المساواة الحقيقية بالرجل.

القوائم النسبية

أما المحامية أميرة بهي الدين فترى أن الأخذ بنظام الكوتا قد يثير إشكالية عدم الدستورية، فرغم أن هذا النظام متفق مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة والتي صدقت عليها مصر وتنص في أحد بنودها على جميع التدابير الخاصة المؤقتة التي تستهدف التعجيل والمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة، وكلمة مؤقتة هذه تتجنب عدم الدستورية، ولكن هناك كثيرًا من الرجال الذين يتحدثون عن المساواة المزيفة ويشيرون لهذا على أنه انحياز للمرأة، وبالتالي فهذا النظام يثير إشكالية إهدار مبدأ المساواة، وأحيانًا يتم إبطال الانتخابات لهذا السبب، وفي اعتقادي أن الأفضل لزيادة تمثيل نسبة المرأة في البرلمان هو العودة لنظام القوائم النسبية بشرط أن تقوم الأحزاب بوضع المرأة في الأماكن المتقدمة في هذه القوائم كما حدث عام ١٩٨٤، حيث دخل البرلمان حوالي 36 سيدة. أما أمينة الاتحاد النسائي بحزب التجمع الكاتبة فتحية العسالفتؤيد العودة لنظام الكوتا النسائية، ليس فقط في انتخابات مجلس الشعب ولكن في انتخابات المجالس المحلية أيضًا، وترى ان المجالس النيابية المحلية فضلاً. عن فاعلية مشاركتها في الترشيح للانتخابات وتؤدي إلى زيادة القيد للمرأة في جداول الانتخابات، خاصة في ظل ضآلة نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات خاصة والحياة السياسية عامة، فهي لا تمثل سوی ۲% فقط في كل من مجلسي الشعب والشورى، وهذه النسبة لا تمثل نصف المجتمع في مصر.

ليس مطلبنا الوحيد

وتؤكد فتحية العسال أننا كأمينات المرأة بالأحزاب المصرية قمنا بتشكيل لجنة تنسيق بهدف إعداد مطالب موحدة للمرأة في هذه الأحزاب، وكانت من أوائل المطالب التي تنادي بها الأخذ بنظام الكوتا النسائية في الانتخابات القادمة أسوة بما تم في عام 1979، حيث ارتفعت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان إلى 9% كما أن الكوتا ليست المطلب الوحيد لنا بل رأينا إنه من الضروري إنشاء صندوق قومي لدعم وتمويل الحملة الانتخابية للسيدات المرشحات على أن يتم تمويله من داخل الأحزاب وخارجها فضلاً عن التنسيق بين الأحزاب بشأن ترشيح المرأة ودعم مساندة الأحزاب والجمعيات الأهلية للمرشحات ومساعدتهن في تمويل الدعاية الانتخابية، وضرورة وضع برنامج انتخابي موحد للسيدات المرشحات لتوحيد حركتهن في الانتخابات، ولابد من وضع حد لسيطرة نفوذ رأس المال والبلطجة على الانتخابات.

حتى الأحزاب تستبعد المرأة

نسبة تمثيل المرأة في البرلمان لا تتجاوز 2.4%

أما المحامية ميرفت أبو تيحأمين صندوق المرأة بملتقى تنمية المرأة، فترى أن التراجع عن تخصيص مقاعد للمرأة أدى إلى الإنخفاض الشديد في نسبة المرشحات على مستوى الأحزاب بدليل أن نسبة تمثيل المرأة في ظل وجود المقاعد المخصصة كان حوالي 9% أما الآن في ظل النظام الفردي لا يتجاوز ٢.٤% وهذه نسبة ظالمة، وتؤكد أن المرأة لا تزال غير قادرة على خوض المعركة الانتخابية بمفردها خاصة أن الأحزاب السياسية لا تقوم بترشيح عدد كبير من السيدات نتيجة لسيطرة الرجال على المناصب القيادية في معظم الأحزاب، وهي اعتقادي أن العودة لهذا النظام ستؤدي إلى ضرورة ترشيح كل حزب بعدد كثير من السيدات.

وتؤكد ميرفت أبو تيح أن المطالبة بالأخذ بالكوتا هو مطلب مؤقت سيتم إلغاؤه عندما تزيد مشاركة المرأة وتصبح قادرة على خوض معركة انتخابية أسوة بالرجال ويتغير وضعها في المجتمع وتعي أهمية مشاركتها السياسية. وتوافق د. ماجدة عدلي منسق عام بمركز النديمعلى نظام الكوتا ولكن مع عدة تحفظات وهي أنه لا يجوز إجراء انتخابات في ظل حالة الطوارئ، ولا يجوز أن نغفل عن العنف ضد النساء الذي يتم في الشرطة والبيوت وفي المجتمع، ونتخيل أن يتواجد ممثلات تنوب عنهن في البرلمان، فالحريات التي نريدها للنساء لا بد أن توضع بالتوازن مع الحريات التي نطالب بها في المجتمع كإلغاء الطوارئ والعنف في الدولة والتعذيب في أقسام الشرطة، وفي اعتقادي أن الأهم من الكوتا الآن أن يسمح المناخ السائد في المجتمع للمرأة أن تمارس النشاط السياسي. أما د. إبراهيم درويش أستاذ القانون الدستوري يرفض فكرة الأخذ بالكوتا النسائية معللاً ذلك بقوله إن الكوتا نوع من العبث ولا يمكن أن يستقيم مع أي مبدأ دستوري، ويخل بمبدأ المساواة.

ويقول د. إبراهيم إذا أرادت المرأة زيادة النشاط السياسي في مصر، لأسباب تدور حول أوضاع المرأة في مصر بسبب عزوفها عن العمل السياسي، وزيادة نسبة الأمية بين السيدات ومن هنا فالأخذ بهذا النظام لا يفيد ولا يتغير ولا يؤثر في نسبة تمثيلها في الحياة السياسية عامة والمجلس التشريعي خاصة.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي