العولمة من أسفل

التصنيفات: التحالفات, الحركات

تاريخ النشر:

2010

اعداد بواسطة:

العولمة من أسفل

«عولمة ضد العولمة»

إيمان حسن*

يتفق الباحثون على أن العملية التاريخية الحاكمة لتطور العلاقات الدولية منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين هي العولمة، وبصفة عامة يشير مفهوم العولمة في جوهره إلى عملية مركبة لها أبعادها الاقتصادية والسياسية والاتصالية والثقافية، تتسم بالصيرورة، ولها مؤشرات يمكن رصدها كميًا وكيفيًا (1). وتتمثل أبرز مؤشراتها في بروز دور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمي وحيدة في إطار نظام عالمي جديد يقوم على قطبية واحدة، وتصاعد ثورة المعلومات والاتصالات وانسيابها عبر الحدود الدولية، وتنامي دور الشركات الرأسمالية العملاقة متعددة الجنسيات، وانسياب حركة رؤوس الأموال والسلع والخدمات، واتساع حركة تدويل الهياكل النقدية والتسويقية وشيوع قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان على نطاق عالمی واسع.

وتهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة ما يسمى بالعولمة من أسفل ، أو حركة مناهضة العولمة، أو عولمة ضد العولمة، بالرد على عدد من التساؤلات المهمة، منها: ما العولمة من أسفل؟ وكيف تكونت؟ وما تداعياتها؟ وما علاقتها بالمجتمع المدني والحركة العالمية لحقوق الإنسان؟ ثم تقدم الورقة نموذجًا لأبرز نماذج تلك الحركة وهي المنتدى الاجتماعي العالمي.

 

وتُظهر المتابعة لأدبيات العولمة تعدد تعريفاتها على نحو مفرط، وأن بعض هذه التعريفات يشوبها الاختلاف والارتباك أحياناً” (2)، حيث تطرح محاولات تعريف العولمة اتجاهين رئيسيين:

  • الاتجاه الأول: ينظر للعولمة باعتبارها عملية تطور طبیعی تلقائى يوفر فرصًا متكافئة للنمو، نتيجة زيادة الترابط التدريجي للعالم، ويكون لثورة الاتصال المبنية على الثورة العلمية والتطور الاقتصادي دورًا فاعلاً.

  • والاتجاه الثاني: ينظر للعولمة باعتبارها عملية تستهدف تحقيق هيمنة الأطراف الأقوى، بقصد إشاعة نمط أو نموذج معين على الصعيد العالمي، تحت قيادة قوة محددة هي الولايات المتحدة الأمريكية.

والإشكالية هنا هي أن العولمة موجودة في العقود الأخيرة بالمفهومين السابقين وعلى نحو متصاعد، إما تحت وطأة الثورة المتسارعة في تكنولوجيا الاتصال، أو بسبب الانتصار الحاسم للنموذج الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية(3). ويرى فريق من الباحثين أن هذه العولمة رغم تأكيدها على قيم الحرية وحقوق الإنسان، لكنها تؤثر سلبيًا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك على حقوق الجماعات والشعوب.

ويمكن القول بأن هناك عددا من الأبعاد المشتركة في تعريفات ظاهرة العولمة، فهى عملية متعددة الأبعاد، شاملة لجوانب الحياة كافة، تعبر اقتصادياً عن نمط الاقتصاد الحر وحرية السوق وإزالة الحواجز التجارية والحواجز على حركة رؤوس الأموال عالميًا، وسياسيًا تقدم نموذج الديمقراطية الليبرالية (بما ينطوى عليه من قيم الحرية الفردية والحق في المنافسة)، هذا بالإضافة إلى أثر الثورة التكنولوجية على تطور مجتمع المعلومات عالميًا ونشر أنماط ثقافية معينة تقوم على نمط الثقافة الغربية وخاصة الأمريكية وإشاعة هذه الأنناط.

بهذا المعنى يرى السيد يس أن العولمة تتضمن ثلاث عمليات يمكن أن تكشف عن جوهرها، الأولى تتعلق بانتشار المعلومات، والثانية تتعلق بتذويب الحدود بين الدول، والثالثة تتصل بزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات، وأن هذه العمليات قد تؤدى إلى نتائج سلبية بالنسبة لبعض المجتمعات وإلى نتائج إيجابية بالنسبة لبعضها الآخر (4).

وتبين متابعة المفاهيم والممارسات التي ارتبطت بعملية العولمة، وجود مكون سياسي لها، وهو ما يُشار له بنمط الديمقراطية الليبرالية، والذي يشمل عدة عناصر أبرزها: الأخذ بنظام تعدد الأحزاب، وإجراء انتخابات دورية حرة، يتحقق من خلالها التمثيل السياسي للمواطنين، واحترام الحقوق المدنية والسياسية، باعتبارها منظومة القيم اللازمة لقيام النظام الديمقراطي، وازدياد دور المجتمع المدني بعناصره المختلفة من نقابات وجمعيات أهلية.

ويعود ارتباط المجتمع المدني بالديمقراطية باعتبارها الجانب السياسي لعملية العولمة، إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تعبر عن الإرادة الحرة والتطوعية للمواطنين، وأنها تمثل مدخلاً لمشاركة المواطنين في شئون مجتمعهم، وتطلق قدراتهم ومبادراتهم في كل المجالات.

وارتبط بالدعوة إلى ازدياد دور المجتمع المدني، الحديث عن إعادة تعريف دور الدولة وعلاقتها بالمجتمع، كما ارتبط بإعادة النظر في مفهوم سيادة الدولة، حيث انطوى تسارع عمليات العولمة في العقد الأخير من القرن العشرين على عدد من التداعيات السلبية فيما يتصل بقدرة الدولة على مباشرة العديد من مظاهر سلطاتها السيادية. وقد أثير في هذا الإطار عدد من التساؤلات حول مدى تأثر الدولة بنتائج العولمة، وأثر ذلك على مستقبل السيادة الوطنية وحدود دورها، وبرزت في هذا الشأن ثلاث وجهات نظر : الأولى ترى أن من أهم ملامح العولمة انحسار قوة الدولة نظرًا لسقوط الحواجز الفاصلة بين الدول، مع إطلاق حرية الانتقال والانتشار لكل شيء عبر الدول ودون التقيد بأى حدود، بدءًا من السلع والخدمات وحتى المعلومات والأفكار، وأنماط الاستهلاك، الأمر الذي أدى إلى نقل مراكز صنع القرار إلى وحدات أكبر (الأمم المتحدة – قد تأخذ شكل الحكومة العالمية – وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية، والشركات العملاقة متعددة الجنسيات)، أو وحدات أصغر (مثل المنظمات القاعدية المحلية Grassroots)، وهذه الوحدات لا تتطابق حدودها مع حدود الدولة، ولكنها تصبح هي مناط التحليل (5). ويرى «دانيال جين» أن رحيل الدولة عن أبراج التحكم والقيادةيشكل معلماً كبيراً يميز بين القرنين العشرين والحادي والعشرين(6). ويذهب كنيشي أوهماى في دراسته نهاية الدولة القومية، إلى أن هذه الدول التي تقوم آليات الأسواق الرأسمالية الكوكبية بتقزيم قدرتها على التحكم بمعدلات الصرف أو حماية عملاتها، أصبحت بالغة الهشاشة أمام النظام المفروض عليها بفعل قرارات اقتصادية متخذة في أماكن أخرى، ومن قبل أناس ومؤسسات غير خاضعة لسيطرتها الفعلية، وأن تلك الدولة القومية تتحول باطراد إلى وهم ماضوي، وهذه الدول حسب تعبيره لیست سوى نسيجٍ لحشد متباين من الأقاليم والمناطق ذات الاحتياجات المختلفة(7).

أما وجهة النظر الثانية فتذهب إلى أن التطورات الراهنة سوف تنال فقط من طبيعة الوظائف والأدوار التي تضطلع بها الدولة، بالمقارنة بما كان عليه الحال في ظل النظام الدولي التقليدي، فالدولة هي القادرة على تحقيق التوازن بين المطالب المتنافسة بل والمتصارعة وكذلك إصلاح الاختلالات الناجمة عن التفاعل الحر لقوى السوق، أي أن هذا التوجه برى أن المستقبل لاستمرار دور الدولة ولكن بعد تطويعه، الأمر الذي يدعو إلى عملية إعادة تعريف لهذا الدور(8)، فهذا الاتجاه لا ينكر أزمة الدولة القومية في عصر العولمة، لكنه لا يعتبر تلك الأزمة شاملة، فدولة ما بعد الحرب الباردة تؤدى وظائف، وتتخلف عن أخرى، وتبتكر ثالثة، لا عهد لها بها من قبل، فتلك الأزمة ستؤدى إلى تغير ما في طبيعتها. ويذهب فيليب جنرى إلى أنه رغم أن الدولة قد فقدت وظيفتها الاقتصادية، لكنها لم تفقد أهميتها بخصوص الوظيفة النفسية المتمثلة في خلق روابط عاطفية مع مواطنيها، ويتفق إيريك هويزلاون مع هذا التوجه، وإن كان يؤكد استمرار أهمية الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وأن هذه الوظيفة سوف تزداد أهميتها في المستقبل.

أما وجهة النظر الثالثة وهي الاتجاه الأقل شيوعا فتنفى عن الدولة «ظلال الأزمة»، وتخفف من حدتها وتعيد تفسيرها، وتعادل ما بين الآثار السلبية والإيجابية للعولمة على هذا التيار، حيث يعرب «جون دان» عن تشككه في أن الدولة نمر الدولة. وقد تعددت . بأزمة، ويرى أنها تواجه فقط ثورة في التوقعات، ويؤكد «آلان روزيس» أن الدول المستقلة ستظل تلعب دورًا رئيسيًا في وضع القوانين والسياسات وكذلك في تفسيرها وتطبيقها (9). ويذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة تقوى سيطرة الحكومات ولا تضعفها، بل إنها تتيح فرصًا غير مسبوقة أمام النخب السياسية الداخلية لإحكام إدارتها السياسية للمجتمع (10).

لقد طرح الباحثون العديد من الرؤى بشأن مستقبل الدولة في ضوء متغيرات العولمة وتداعياتها، وتطرق البحث إلى أهم تلك الرؤى والسيناريوهات، وهي اختفاء الدولة واستمرار الدولة كما هي، وتغير طبيعة وظائف الدولة، وهو السيناريو الذي تميل الدراسة إلى الأخذ به، بما يتكيف مع التطورات والضغوط التي يطرحها النظام الدولى ويتفاعل معها، مع الوضع في الاعتبار أن تأثيرات العولمة على سيادة الدولة لا تتم بالقدر نفسه على جميع الدول، حيث يرى البعض أن الدول النامية أكثر عرضة للتأثر بدرجة أكبر بتأثيرات العولمة لعدم قدرتها على منافسة الدول المتقدمة (11). ومن ثم ظهرت الحاجة إلى دعوة بعض المفكرين والباحثين إلى إعادة تعريف دور الدولة.

في هذا الإطار أبرز بعض الباحثين عددا من الآثار الإيجابية للعولمة على المجتمع المدني وفي القلب منها المنظمات غير الحكومية، أولها: أنه في ظل تراجع دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي سلطت الأضواء على الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات غير الحكومية لامتصاص الآثار السلبية للتحرير الاقتصادي وسياسات التكيف الهيكلي، الأمر الذي أدى إلى تصاعد وزن هذه المنظمات وحجمها في العالم. وقد بدأت هذه المنظمات في متابعة العديد من القضايا التنموية المتعلقة بقضايا الفقر والبطالة والجماعات المهمشة وقضايا حقوق الإنسان وحماية البيئة وقضايا استغلال المرأة، ونجحت في تنمية الاتصال والتنسيق بينها وبين العديد من الشبكات والمنظمات الدولية(12). وثانيها: أن العولمة أدت بما تحمله من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية ومعلوماتية إلى التأكيد على أهمية تفعيل علاقات تنسيقية جيدة بين هذه المنظمات، نظرًا للدور المهم الذي تضطلع به في إنجاح عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وثالثها: أن الاعتناء بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والتأكيد على قيم الحرية والتسامح والحوار وقبول الاختلاف، قد لاقى قبولاً واسعًا في العالم ولدى مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة المنظمات غير الحكومية، الأمر الذي ساعد على إيجاد قاعدة مشتركة لدى هذه المنظمات للتنسيق والتعاون فيما بينها (13). ومن أبرز انعكاسات شيوع هذه الثقافة المدنية الاتجاه في العقود الأخيرة نحو تأسيس منظمات غير حكومية – في مختلف دول العالم تتبنى قضايا حقوق الإنسان وتراقب وترصد عملية التحول الديمقراطي، وقد عرفت هذه المنظمات في الأدبيات وفي الممارسة بأنها منظمات دفاعية Advocacy Organizations، وحصلت على دعم ومساندة دوليين، ليس فقط من خلال التمويل، وإنما من خلال المساندة الأدبية والتكاتف وإبراز الصوت الواحد، وكان التشبيك Networking – وهو أحد آليات التعاون المهمة التي تطرحها العولمة – آلية أساسية في تقوية صوت المطالبة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ورابعها: أن الثورة التكنولوجية والاتصالية التي صاحبت العولمة أدت إلى انهيار الحواجز بين الدول والكيانات المختلفة، وإلى سرعة التفاعل بينها اعتمادًا على وسائل الاتصال الإلكتروني وغيرها من وسائل الاتصال العالمية. وقد انعكس هذا بدوره على المجتمع المدني، حيث أدت إلى تطوير أساليب وأدوات جديدة للتفاعل بين منظماته وإحداث تدفق معرفى ومعلوماتي” (14)

على أنه يوجد فريق من الباحثين أشار إلى الجوانب السلبية للعولمة على المجتمع المدني، وميز هذا الاتجاه بين مفهومين للعولمة، هما: العولمة من أعلى، والعولمة من أسفل، وأسماها آخرون عولمة ضد العولمة. ويرى هذا الاتجاه أن العولمة بمعناها السائد، والذي ارتبط بسيادة القطب الواحد، وبالسعى لفرض نظام بعينه على دول العالم، وبالذات في المجال الاقتصادي، قد أدى إلى مزيد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وازدياد الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، واتساع الهوة نفسها بين الأغنياء والفقراء داخل المجتمع الواحد، وأن العولمة بمعناها السائد تتضمن فرض قيم وجدول أعمال الدول المتقدمة على مؤسسات المجتمع المدني في الدول النامية، مما يجعل هذه المؤسسات غير قادرة على تلبية الاحتياجات والأولويات الضرورية والخاصة بمجتمعاتها، وطرح ممثلو هذا الاتجاه مفهومًا آخر في مواجهة مفهوم العولمة من أعلى، وهي العولمة من أسفل والتي ارتبطت ببروز حركة عالمية لمناهضة العولمة عابرة للدول، انعكست في التزايد والانتشار للشبكات الدفاعية العابرة للدول، وهي حركة مدنية على مستوى العالم تهدف إلى إحداث بعض المكاسب الكبيرة بشأن المصالح والمنافع العامة، وتسعى لكي تكون قوة موازية للشركات متعدية الجنسيات، ويمكن أن تصبح مصدرًا للضغط الديمقراطي على الحكومات (15)، وتهدف الشبكات الدفاعية العابرة للدول إلى بناء روابط جديدة بين الفاعلين في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية من أجل الحوار وتبادل الخبرات حول قضايا البيئة وحقوق الإنسان(16).

ويرى بعض الباحثين أننا نعيش اليوم في عالم ثلاثي القوى، يتمثل في: المنظمات الدولية الكبيرة مثل منظمة التجارة العالمية، والدولة، والقوة الثالثة هي ما يعرف بالمجتمع المدني العالمي (17). وتعتمد حركة مناهضة العولمة على احتجاجات الشوارع سواء المظاهرات أو عمليات العصيان المدني التي اجتاحت عاصمة بعد أخرى. ففى 1995 تظاهر الآلاف في مدريد في أثناء الاجتماع السنوى للبنك الدولي، وفي 1998 تم تنظيم عصيان مدني في مونتريال في أثناء انعقاد القمة لإصدار اتفاقية الاستثمار متعددة الأطراف Multi Lateral Investment Agreement، ثم وصلت الحركة إلى أوج ازدهارها في حركة العصيان المدنى التي شارك فيها 50 ألف شخص في سياتل 1999 في أثناء انعقاد اجتماع منظمة التجارة العالمية. وقد تبع ذلك مظاهرة حاشدة في دافوس عام 2000 عند اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي، ثم مظاهرة أخرى كبرى في أثناء الاجتماع السنوى للبنك الدولى وصندوق النقد بواشنطن في العام نفسه، ثم في براغ، ثم في دافوس مرة أخرى في يناير 2001، وتمتد السلسلة لتشمل أيضًا مظاهرات «كيبك» في أثناء انعقاد مؤتمر الاتفاق على معاهدة للتجارة الحرة لدول الأمريكتين، ثم تبعها مظاهرات جنوة في صيف 2001، والمسألة المهمة هنا هي أن هذه الحركات عملت على ربط كل هذه المنظمات المالية الدولية ببعضها البعض في ذهن المواطن العادي (18).

هو ظاهرة عالمية تتخطى الحدود، حيث ينتظم المواطنون من كل الأجناس والعقائد للدفاع عن قضايا وقيم عالمية، هناك توافق حولها، مثل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والمرأة والبيئة والعدالة الاجتماعية، ويضم المجتمع المدني العديد من العناصر والمكونات التي تتمثل في المنظمات غير الحكومية الدولية والأفراد والمنظمات القاعدية والتحالفات والروابط المرنة وشبكات المنظمات غير الحكومية .

ويمكن إرجاع نمو ظاهرة المجتمع المدنى العالمى إلى عدة عوامل من أهمها: نمو وتزايد دور المجتمع المدني على المستوى المحلى ومناصرته لمشكلات وقضايا ذات طابع عالمي مثل البيئة والمرأة وحقوق الإنسان. وتزايد دور وأهمية المنظمات غير الحكومية على المستوى الدولى وتفعيل علاقتها بالأمم المتحدة، وقد ساعد على تفعيل هذه العلاقة تزايد حجم دور الأمم المتحدة ذاته في ضوء تزايد المشكلات الدولية وعدم قدرة الحكومات على التعامل معها من ناحية، وتطور نظم الاتصالات والمعلومات من ناحية أخرى، الأمر الذي ساعد هذه المنظمات على خلق قنوات اتصال قوية مع الأمم المتحدة ومنظماتها(19).

وفي هذا الإطار فإن تنظيمات المجتمع المدني تلعب أدوارًا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ومهنية على المستوى العالمي، يمكن إيجازها في: تطوير العلاقات وبناء نظام اتصالي بين أطراف المجتمع المدنى العالمي، حيث تقوم منظمات المجتمع المدني العالمي بعمليات تجميع الأفراد والمجموعات والمنظمات ذات الاتجاهات المشتركة، والهدف لا يتمثل في مجرد التنسيق بين الأطراف وتفعيل التعاون، وإنها توفير سبل المنظمة للاتصال وتبادل المعلومات والخبرات والأفكار (20)، كما أن هناك العديد من منظمات المجتمع المدني العالمي التي تنشط في مجال بناء القدرات Capacity Building لمؤسسات المجتمع المدني، سواء على المستوى المحلى أو الإقليمي أو الدولي، وتقوم في هذا الإطار برفع مستوى قدرات المنظمات الصغيرة الأخرى، وذلك من خلال تدفق المعرفة والبرامج التدريبية وإصدار نشرات التوعية، أو توفير البيانات والمعلومات التي من شأنها تطوير عمل ونشاط هذه المنظمات (21).

کما تعمل منظمات المجتمع المدني العالمي على التأثير في مضمون السياسات محل الاهتمام وتوجهاتها، وعلى تهيئة المناخ المواتي لأفكارها، ويتم ذلك من خلال وسائل متعددة أبرزها المؤتمرات والمحافل الدولية والبيانات، والإعلام، والاتصال بصانعي السياسات، وأحيانًا استخدام أسلوب المظاهرات وحشد التعبئة، وكل ذلك بهدف التأثير في الأفكار والآراء، ومن ثم ينبغي أن تتوافر لها رؤية واضحة نقدية وليست محايدة (22). وفي هذا السياق، يسهم المجتمع المدني العالمي في التعريف بالمشكلات الدولية والتأثير في اتخاذ سياسات إزائها، ويقوم في هذا الإطار يخلق روابط مع الإعلام لإثارة رأى عام وتوفير المعلومات وخلق المساندة له. ومن ذلك الدور الذي لعبه المجتمع المدني العالمي فيما يتعلق بقضايا حقوق المرأة، خاصة بعد المؤتمر العالمي للمرأة الذي عقد في بكين عام 1995 (23)، ومن ثم فإن القيام بتعديل برامج عمل المؤسسات الدولية أو استحداثها، يُعد من الأدوار المهمة التي يقوم بها المجتمع المدنى العالمي، حيث يقوم بتوجيه حملات دفاعية للتأثير على المؤسسات الاقتصادية العالمية لاتخاذ ترتيبات مؤسسية تتجاوب مع مطالب واحتياجات المجتمعات المختلفة التي يمثلها هذا المجتمع المدنى العالمي. وتكشف الدراسات المختلفة حول صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، عن ضغوط المجتمع المدني العالمي على المؤسسات السابقة، والتي دفعت البعض منها خاصة البنك الدولي للتكيف مع الفاعل الدولي الجديد. وتبرز هنا أهمية الدور الذي تلعبه بعض المنظمات في نطاق تحسين المعيشة وتقديم الخدمات، وذلك من خلال إعادة توزيع الموارد التي يتم تعبئتها من مصادر أخرى. وعلى هذا يمكن تقسیم عمل هذه المنظمات إلى شقين: الأول يتعلق بتعبئة الموارد من مصادر مختلفة، والتي تشمل الموارد المادية والعينية والجهود التطوعية، أما الشق الثاني فيتعلق بإعادة توزيع هذه الموارد على الفئات المستفيدة، وتشتمل هذه المنظمات على المنظمات الخيرية ومنظمات المساعدة الاجتماعية (24).

کما يعتبر الدور المعرفي والثقافي، من أهم المجالات التي ينشط فيها المجتمع المدني العالمي، فمن بين الآلاف من المنظمات الدولية غير الحكومية، هناك منظمات تهدف إلى نشر المعرفة عن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منها ما يركز على السياسة (منتدى حل الصراعات)، ومنها ما يركز على الجوانب الاجتماعية والثقافية، ومنها ما يركز على الاقتصاد في الدول المتقدمة والدول النامية (25).

مع ازدياد التركيز بالدراسة والتحليل على دور المنظمات الدولية غير الحكومية، تحقق الذيوع والانتشار لمفهوم الشبكة Network والتشبيك Networking، وهما يعكسان مجموعة من العمليات والأنشطة التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية لتحقيق التضامن والمساندة فيما بينها.

وتعرف الشبكة بأنها إطار طوعي أو اختياري يضم أفراداً أو مجموعات أو منظمات بطريقة أفقية غير تراتبية – تهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات والاتصال.

فالشبكة هي آلية للاتصال والتواصل، تمثل مصدرًا للقوة والتأثير، وتطرح إطارًا تضامنيًا لتفعيل الدور وتقديم المساندة للمنظمات غير الحكومية(26).

وتعتبر الشبكات العابرة للدول ذات أهمية دولية وإقليمية ومحلية أيضًا، حيث تساهم في تحقيق التقارب والتشابك بين النماذج الاجتماعية والثقافية القادرة على مساندة عمليات التكامل الإقليمي والدولي، وذلك عبر بناء روابط جديدة بين الفاعلين في المجتمعات المدنية والدول والمنظمات الدولية، الأمر الذي يؤدي إلى إتاحة مزيد من الفرض من أجل الحوار وتبادل الخبرات في مجالات وقضايا عديدة مثل البيئة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة(27).

وبحكم التعريف والمهام، فإن نشاط شبكات المنظمات غير الحكومية يميل إلى العمل بشكل أفقي، فلا يوجد مركز ولا أطراف، فمراكز الشبكة تنتشر في كل مكان ولا مجال فيها لهوامش أو أطراف، والقيادة يتم تداولها بين المراكز، وهي لا تهدف إلى الحفاظ على الذات وإنما يرتبط تواجدها بتحقيق أهداف محددة، ولذلك تستطيع هذه الشبكات أن تغير هيكلها أو بنيتها، ويمكن أن تختفى في حالة انتفاء الهدف من تأسيسها(28).

في هذا الإطار، تتبنى شبكات المنظمات غير الحكومية العابرة للدول عددًا من الأهداف التي ترتبط بطبيعة دورها في تعزيز المجتمع المدني ودعم المنظمات غير الحكومية المحلية والتأثير على السياسات العامة، ويتمثل ذلك في عدة مجالات:

  • مجال تعبئة الطاقات والإمكانات داخل المجتمع المدني، فيتم استحداث الأفكار والخطط والأطروحات المستقبلية من خلال إيجاد طرق مبتكرة للتعامل والاتصال بين الأطراف المختلفة. وعلى سبيل المثال فإن الشبكات التي تنشأ من أجل دعم حقوق الإنسان أو حماية البيئة أو مساندة حقوق الأطفال العاملين أو غيرها، تقوم بتعبئة الأفراد والجماعات من منظور الموارد الإنسانية والمادية، وتسعى لتطوير العلاقات وتدعيمها فيما بينهم لتحقيق أهدافهم المشتركة.

  • مجال دعم وسائل الاتصال وتبادل المعلومات، حيث يمثل الدور الاتصالي للشبكة العمود الفقرى لها، نظرًا لأهمية تدفق المعلومات بين عناصر وأطراف المجتمع المدني بطريقة ميسرة للجميع.

  • مجال المساندة ودعم قدرات المجتمع المدني، فتكون الشبكات بمثابة مراكز مساندة لقدرات المنظمات غير الحكومية ودعم وتطوير لها ولباقى مؤسسات المجتمع المدني. ومن ثم تقوم هذه الشبكات بمحاولة توفير البرامج التدريبية المتنوعة، والبحوث المتخصصة بهدف رفع كفاءة هذه المنظمات وقدراتها.

  • مجال التأثير على السياسات العامة، خاصة التنموية منها، الأمر الذي يتطلب تكوين رؤية نقدية واضحة للقضايا المجتمعية المثارة، ومحاولة التأثير على المنظمات العاملة والمهتمة بهذه القضايا لتبني هذه الرؤى.

ولا شك أن تحقيق هذه الأهداف المتنوعة التي تدور حول تعبئة الطاقات الجديدة، وبناء التواصل والاتصال والتأثير في السياسات العامة، ودعم قدرات المنظمات غير الحكومية، يدفع هذه الشبكات إلى تبني مجموعة من الوسائل المتكاملة والمتداخلة لتحقيق هذه الأهداف، فتلجأ إلى إصدار النشرات والكتيبات، أو تنظيم الاجتماعات المشتركة والزيارات المتبادلة، بهدف تبادل الخبرات بين جميع الأطراف.

وعادة ما تحرص هذه الشبكات على توفير شبكة الاتصال الإلكتروني بين أعضائها، وبث العديد من البحوث والدراسات المتخصصة، كما تلجأ إلى توفير برامج تدريبية متنوعة وفقاً لاحتياجات وأولويات أعضاء الشبكة.

وتقوم استراتيجية هذه الشبكات للتأثير في المجتمع الدولي على مستويين متكاملين من العمل، أولهما: الانتشار الكمي من خلال عدد المنظمات غير الحكومية المشاركة في المؤتمرات الدولية والمنتديات العالمية، والحرص على توزيعها وتمثيلها جغرافياً، وثانيهما: المستوى الكيفي، وذلك من خلال نوعية موضوعات التفاعلات وقضاياها والعلاقات المتبادلة بينها، وتيسير الإجراءات التي تنظم مشاركة المنظمات غير الحكومية في المؤتمرات الدولية.

ويعتبر أحد مظاهر ازدياد أهمية دور المنظمات غير الحكومية، ما لجأت إليه الأمم المتحدة للبيئة في تنظيمها سلسلة من المؤتمرات التي تبنتها لبحث عدد من القضايا العالمية، عندما كانت المناقشة تتم على مستويين متوازيين – وفي الوقت نفسه مناقشة على مستوى الوفود الرسمية للحكومات، ومناقشة أخرى تتم بين ممثلي المنظمات الأهلية في هذه الدولة. ففى مؤتمر ربو على سبيل المثال استخدمت NGOs عدة استراتيجيات للتأثير في المؤتمر الرسمي، وذلك عن طريق المشاركة في الأعمال التحضيرية القومية والإقليمية له، في أعقاب مناشدة الجمعية العامة للحكومات بضرورة اشتراك تلك المنظمات، وتم ضم البعض منها إلى الوفود الرسمية لتمنح فرصة للتفاوض والمشاركة في صياغة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، كما دافعت منظمات حقوق الإنسان في مؤتمر فيينا عام 1993 عن مبادئ العالمية والاعتماد المتبادل وعدم فصل حقوق الإنسان أو تجزئتها. وقامت المنظمات غير الحكومية في المؤتمر ذاته بتشكيل الحملة العالمية لحقوق المرأة، وقد تكونت من 90 منظمة غير حكومية، ركزت على العنف ضد المرأة كقضية يتم إدماجها ضمن أجندة حقوق الإنسان (29).

تناولت العديد من الدراسات والأبحاث انعكاسات العولمة على حقوق الإنسان، ركز بعضها على الآثار السلبية أو المخاطر المترتبة على العولمة بما أسفرت عنه من ظهور التكتلات والاحتكارات الاقتصادية العالمية الكبرى التي تحاول إحكام قبضتها على الاقتصاد العالمي، وآثار ذلك – اقتصاديًا واجتماعيًا من زاوية اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء سواء بين المجتمعات أو الدول، نظرًا لتراجع دور الدولة الاقتصادي ووظائفها، والتوجه نحو الخصخصة، وتوجهت بعض الدراسات والأبحاث لدراسة الآثار الإيجابية للعولمة وما تحمله من فرص وإمكانات لحركة حقوق الإنسان، ولعل من أهم هذه الآثار بروز قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتسامح وقبول الآخر، وتعاظم تأثير التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات وتدفق المعلومات وإنشاء العديد من المنظمات التي تتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم وازدياد التفاعل بينها، وتأسيس الشبكات الدفاعية الإقليمية والعالمية والتي تضم أعضاء من كل دول العالم.

أما الاتجاه الأول، والذي ركز على مخاطر العولمة، فقد أشار إلى أن زيادة الاستثمارات والاحتكارات الدولية والتغلغل المتنامي للشركات متعددة الجنسية، قد أدى إلى ازدياد فرص انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات؛ نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية وانهيار خدمات الحماية الاجتماعية، وارتفاع نسبة البطالة، والمزيد من الإفقار والتهميش لوضع المرأة. ويعتقد بعض الباحثين أن حقوق الإنسان باتت تستخدم في عصر العولمة كسلاح للهيمنة على شعوب دول العالم الثالث لتجعل النظام العالمي الجديد أكثر تقبلاً لديهم. وأن هذا الخطاب الغربي المسيطر في حقوق الإنسان يؤكد فقط على الحقوق السياسية والمدنية، مستبعدًا بذلك ومغيبًا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق الجماعية للشعوب (30).

وفى إطار التركيز على ما تتضمنه العولمة من بعض الفرص والآثار الإيجابية على حقوق الإنسان، تم الربط بين الليبرالية الاقتصادية والليبرالية السياسية من زاويتين: الأولى أن الاستثمار الأجنبي في الدول النامية سوف يؤدى إلى تعزيز الاستقرار السياسي، وتحديث الطبقة الوسطى وتزايد مساحة الحريات السياسية والمدنية، والزاوية الثانية أن التواصل مع النظام العالمي له تأثير إيجابي على احترام حقوق الإنسان، وأنه يمكن ممارسة ضغوط عالمية على الحكومات في هذا الشأن، ومن ثم توقع حدوث تحسن في حقوق الإنسان، خاصة مع توجه الدولة نحو مستويات أعلى في الحرية الاقتصادية (31).

وتتناول إحدى الدراسات قضية انعكاسات العولمة على المنظمات غير الحكومية من منطلق الفرص التي تتيحها والمخاطر التي ترتبط بها، وضرورة العمل على استغلال الفرص وتقليل المخاطر، ومنها أن العولمة تعلى من قيمة عدد من القيم والمبادئ الإيجابية تتمثل فيما يعرف بالثقافة المدنية، التي تؤكد الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن من أبرز مظاهر شيوع هذه القيم تزايد المنظمات غير الحكومية التي تتبنى قضايا حقوق الإنسان، ومن ثم أصبحت المنظمات الدفاعية والثقافة المدنية «مظهرا من مظاهر العولمة»، بما لها من انعكاسات على المجتمع المدني. وأن التطور التكنولوجي قد أسهم في تشكيل ما يعرف باسم المجتمع المدني العالمي، حيث أصبحت المؤسسات المدنية في مختلف دول العالم تتواصل فيما بينها عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني، وما يعنيه ذلك من تدفق معرفى ومعلوماتي، وهو العامل الذي أثر إيجاباً في التوجه نحو تأسيس الشبكات العالمية والإقليمية التي تتبنى قضايا إنسانية ذات سمة عالمية مثل المرأة وحقوق الإنسان والبيئةإلخ.

وتذهب هذه الدراسة إلى أن القرن الحادي والعشرين سوف يشهد تطورًا وتعميقًا في دور هذه الشبكات في الحد من هيمنة قوى السوق الرأسمالية في مواجهة الآثار السلبية لها (32).

والشبكات الدفاعية العابرة للدول هي هياكل وأبنية اتصالية تهدف إلى إحداث التأثير في الخطاب والإجراءات والسياسات المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان. وتتضمن هؤلاء الفاعلين الذين يعملون دوليًا في قضية معينة، ويحاول النشطاء في هذه الشبكات ليس فقط التأثير في المخرجات السياسية، ولكن أيضًا القيام بصياغة القضايا من أجل أن تجعلها قابلة للفهم والإدراك من قبل الجمهور أو العامة المستهدفة. وتقوم العديد من الشبكات الدفاعية العابرة للدول بربط النشطاء في الدول المتقدمة مع الآخرين في الدول النامية. وتحاول المنظمات غير الحكومية الوطنية الارتباط بهذه الشبكات لتفعيل دورها، وتلقى المساندة والدعم من أجل خلق ضغط على دولهم من الخارج.

ويكون الهدف هنا هو تغيير سلوك الدولة (33). ويمكن تقسيم وظائف الشبكات الدفاعية على عدد من المستويات:

أ على المستوى السياسي: تنعكس في التزايد والانتشار لحركات حقوق الإنسان، وخاصة عبر روابط وعلاقات التضامن الأفقية العابرة للدول التي تكونها الحركات الاجتماعية. كذلك تقوم بالضغط على الحكومات لتحقيق مزيد من الديمقراطية.

ب على المستوى الاقتصادي: تتم ممارسة هذا الدور عبر تشجيع المقاومة ومساندتها لسياسات التحرير الاقتصادي وبرامج التكيف الهيكلي، وارتفاع الأسعار والتكلفة العالية للمعيشة، وزيادة التفاوتات في مستوى الدخول، وكذلك عبر مساندة الحركات الاجتماعية العمالية والفلاحية.

ج على المستوى الثقافي: تكون وظيفة هذه الشبكات أكثر أهمية على المستوى الثقافي، حيث تقوم بمساندة المقاومة لمحاولات الهيمنة من قبل الثقافة الغربية، والتأكيد على التواجد والصمود والهوية الثقافية للأفراد المحليين (34).

لقد تحقق الذيوع والانتشار لمفهومي الشبكة والتشبيك Networking، منذ بداية عقد التسعينيات على وجه الخصوص – وارتبط بزيادة الإدراك بأن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس قضية محلية، ولكنه يتطلب التواصل والتنسيق والدعم المتبادل على المستويات الإقليمية والدولية. وتمثل هذا في ظهور عدد من الشبكات والمنتديات والمنظمات الدفاعية الدولية.

وتتناول هذه الورقة البحثية بالدراسة التعرف على إحدى الشبكات التي تتمتع بقدر من الفاعلية في علاقتها بقضايا حقوق الإنسان، لتبين الملامح الأساسية التي تميزها من ناحية التأسيس، والإطار التنظيمي والنظام الأساسي والعضوية وخطط العمل، وهو: المنتدى الاجتماعي العالمي أو الحركة المناهضة للعولمة، وهو مجال لتجمع نشطاء مؤسسات المجتمع المدنى على المستوى العالمي، وخاصة نشطاء حقوق الإنسان، فهو منتدى في مواجهة سياسات الليبرالية الجديدة، عضويته مفتوحة لمن يتبنى الميثاق المعلن له، وهو ساحة لتبادل الخبرات ووضع البدائل في مواجهة سياسات العولمة.

يمثل المنتدى الاجتماعي العالمي ساحة واسعة لكل منظمات المجتمع المدنى وحركاته التي تعارض سياسات الليبرالية الجديدة، ويستهدف «بناء عالم جديد يؤسس على مجموعة من القيم على رأسها: العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية البيئة»، ويجد المنضمون والناشطون في هذا المنتدى في الهيكل الحالي للاقتصاد العالمي تهديدًا لكل هذه القيم. كما يهدف المنتدى إلى خلق مجال لتبادل الخبرات والتفاعل الديمقراطي للأفكار والرؤى الخاصة بوضع استراتيجيات بديلة. وفي هذا الإطار يمثل المنتدى مبادرة لإنشاء مجتمع مدني عالمي إنساني وديمقراطي غير ومي، وغير حزبي ويحترم التنوع والتعدد (35).

ظهرت فكرة تأسيس المنتدى بعد تفجر الاحتجاجات الجماهيرية التي انطلقت في الشوارع في مدينة سياتل الأمريكية عام 1999، بمناسبة انعقاد مؤتمر منظمة التجارة العالمية، وأطلق هذه الفكرة البرازيلي «أوديو جريشو» رئيس معهد أيزوس البرازيلي، في فبراير عام 2000، وتحمس لها برنارد كاسات مدير جريدة اللوموند دبلوماتيك ورئيس منظمة Attach في فرنسا، واقترح عقد المنتدى في البرازيل، وبالتحديد في ولاية «بورتو اليجري» عاصمة سان باولو. وبالفعل عقد اتفاق تعاون بين ثمان منظمات برازيلية غير حكومية تتبنى عقد هذا المنتدى وتنظيمه، وعقد المنتدى الاجتماعي العالمي الأول في الفترة من 25 – 30 يناير 2001 (36).

وتنطوي عضوية المنتدى على التعددية والتنوع، وهو ليس حركة عقائدية أو أيديولوجية أو حزبية. فالمشاركة مفتوحة لكل المنظمات التي تقبل بمبادئ الميثاق المعلن. فبمبادرة من 8 منظمات برازيلية تم تشكيل اللجنة التنظيمية للمنتدى الاجتماعي العالمي، التي تتولى عملية بناء وعولمة المنتدى. وتتولى اللجنة التي تتخذ من ساو باولو مقراً لها، مسئولية دعم أنشطة المنتدى. وتتخذ كل قرارات اللجنة التنظيمية بالإجماع، أما قضايا السياسة العامة والتوجيهات، فضلاً عن الوسائل المنهجية الخاصة بتقدير الأحداث السنوية البارزة، فيدور حولها الجدل، وتحل في المجلس العالمي للمنتدى (IC)، وتضم اللجنة التنظيمية، المنظمات الثماني التي أطلقت مبادرة تأسيس أول منتدى.

وبعد الدورة الأولى للمنتدى الاجتماعي العالمي (2001)، قامت اللجنة التنظيمية للمنتدى بتشكيل المجلس العالمي لدعم عملية عولمة المنتدى. وقد تم تشكيل المجلس في البرازيل في يونيو 2001 في حضور أكثر من 70 منظمة وشبكة من عدد كبير من الدول. وقد عكس المجلس العالمي تصور المنتدى الاجتماعي العالمي كعملية دائمة طويلة المدى من أجل العمل المشترك على خلق بدائل لتوجهات الليبرالية الجديدة لصالح نظام اجتماعی جدید.

وعُقد الاجتماع الأول للمجلس العالمي في الفترة من 9 – 11 يونيو عام 2001. ونشأ كهيئة دائمة تؤمن استمرارية عمل المنتدى، ويلعب المجلس دورًا استشاريًا في تحديد التوجه الاستراتيجي للمنتدى الاجتماعي العالمي، واستمرت اللجنة التنظيمية في العمل كمنظم وميسر يعمل بالتوافق مع المجلس العالمي. ويمثل المجلس العالمى موقعًا لحوار دائر مفتوح في علاقة اتصال وتفاعل مع الحركات الاجتماعية. أي أنه ليس سلطة في بناء سلطوي، ولا يملك آليات لتمثيل أطراف مختلفة أو للتصويت واتخاذ القرارات. وقد وافق المجلس العالمي على مبادئ المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي أعدته اللجنة التنظيمية البرازيلية.. والتي تعمل كسكرتارية له.

يتضمن ميثاق المنتدى عدداً من المبادئ الأساسية هي :

  • المنتدى هو ساحة التقاء مفتوح للتفكير المتفاعل والحوار الديمقراطي للأفكار، ولصياغة المقترحات والتبادل الحر للخبرات، ولعقد الصلات من أجل النشاط المؤثر، ولالتقاء جماعات وحركات المجتمع المدني التي تناهض الليبرالية الجديدة وتناهض سيطرة رأس المال على العالم، وتناهض أي شكل من أشكال الإمبريالية. ويوجه المنتدى أنشطته إلى «بناء مجتمع يشمل كوكب الأرض كله، ولإقامة علاقات مثمرة بين الإنسان والإنسان وبينه وبين الأرض».

  • المنتدى عملية عالمية، فكل اللقاءات التي تنظم كجزء من هذه العملية ذات بعد دولي، وفي المنتدى صيغت كل البدائل المقترحة ضد عملية العولمة، لتؤكد أن عولمة الجموع المتضامنة هي التي سوف تسود كمرحلة جديدة في تاريخ العالم، وهي العولمة التي تحترم حقوق الإنسان في عمومها، وحقوق كل المواطنين، المرأة والرجل، وحقوق كل الأمم، وحقوق البيئة، إنها عولمة تتأسس على أنظمة ديمقراطية دولية ومؤسسات في خدمة العدل الاجتماعي والمساواة وسلطة الشعوب.

  • يجمع المنتدى الاجتماعي العالمي منظمات وحركات المجتمع المدنى من كل البلاد في العالم، ويخلق بينها روابط، ولكنه يتعمد ألا يكون هيئة تمثل المجتمع المدني العالمي، وألا يكون منظمة، وأن لا يفوض أحدا لتمثيل المشاركين في المنتدى، ولا يُستدعى المشاركون في المنتدى لاتخاذ قرارات باعتبارهم هيئة، سواء عن طريق التصويت أو الإجماع، كما لا يُشكل المنتدى موقع سلطة يتنازع المشاركون على اعتلائه في أثناء لقاءاتهم، ولا يدعى أنه يشكل اختياراً وحيداً للتفاعل، والحركة بين المنظمات والحركات المشاركة فيه.

  • والجماعات المشاركة في المنتدى لها الحق في أثناء انعقاد المنتدى في إصدار البيانات، أو التحرك الذي قد تقرره، سواء بمفردها أو بالتنسيق مع جماعات أخرى مشاركة . ويتكفل المنتدى الاجتماعي العالمي بنشر مثل هذه القرارات وتوزيعها على أوسع نطاق، بكل الوسائل المتاحة له دون خضوعها لتوجيه منه، أو رفعها إلى مستويات أعلى، أو إخضاعها لرقابة، أو حظرها.

  • المنتدى مسار تعددی متنوع غير عقائدي وغير حزبي، يوطد الصلات بأشكال غير مركزية بين المنظمات والحركات المرتبطة بنشاط ملموس، سواء أكان محلياً أم عالمياً، مستهدفًا بناء عالم مختلف. ويظل المنتدى دائمًا منفتحًا للتعددية والتنوع في الأنشطة وفي أساليب العمل التي تراها المنظمات والحركات التي تشارك بها وفيها، بالإضافة إلى السماح بالتعدد في النوع والعرق والثقافة للأجيال والقدرات الطبيعية، بشرط الالتزام بمبادئ هذا الميثاق.

  • يعارض المنتدى كل أنصار الشمولية، وكل من يختزل الرؤى إلى مفردات جزئية (اقتصاد أو تنمية أو تاريخ)، كما يعارض استخدام العنف كأداة تحكم اجتماعى بواسطة الدولة، ويتمسك باحترامه لحقوق الإنسان والممارسة الحقيقية للديمقراطية.

والمنتدى هو عملية لتشجيع المنظمات والحركات المشاركة على طرح نشاطهم المحلى أو القومي، مما يشجعهم على البحث عن أشكال مشاركة فعالة عالمية المضمون لقضايا مثل قضايا المواطنة العالمية، وقد صدقت على هذا الميثاق وأقرته المنظمات التي تشكل اللجنة المنظمة للمنتدى الاجتماعي العالمي في ساو باولو في 9/ 4/ 2001، واللجنة الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي في 10 / 6/ 2001.

مما سبق يتضح أن الدوافع الرئيسية لقيام هذا المنتدى إنا نبعت من المنظمات المكونة له، لهيكل الاقتصاد العالمي الحالي وسياسات الليبرالية الجديدة. فقد تشكل المنتدى الاجتماعي العالمي في مواجهة منتدى دافوس الاقتصادي، حيث تصنع السياسات في دافوس، بينما يضع المشاركون في المنتدى الاجتماعي العالمي (بورتو اليجري) استراتيجيات البدائل. وتكون مناسبة انعقاد المنتدى هي مناسبة لطرح هذه الاستراتيجيات.

عُقد حتى عام 2010، عشر دورات للمنتدى، الأولى والثانية والثالثة في بورتو اليجرى في يناير أعوام 2001، و2002، و2003، وعقدت الدورة الرابعة في بومباي بالهند عام 2004، والدورة الخامسة في بورتو اليجرى عام 2005. وتوالى انعقاد الدورات بعد ذلك في نيروبي ثم بدأت في الانعقاد بشكل إقليمي وقاري، ثم عادت أخيرًا إلى البرازيل. وقد ركزت الدورتان الأولى والثانية للمنتدى على قضايا التوجه نحو الخصخصة، وآثار سياسات التكيف الهيكلى وحرية التجارة على أوضاع الأطراف الضعيفة في المجتمع الدولي، وبلورة استراتيجيات بديلة في مواجهة سياسات الليبرالية الجديدة. بينما ركزت الدورة الثالثة على موضوعات: خصخصة موارد الطبيعة وبراءات الحياة، ومخاطر تسليع العلاقات الاجتماعية، والقيم الفكرية والثقافية في ظل العولمة، كما أولت هذه الدورة التي بدأت أعمالها في 24 يناير 2003، اهتمامًا وتركيزًا على موضوع مخاطر عسكرة العولمة، خاصة أن طبول الحرب على العراق كانت تدق بقوة، مع رفض الإدارة الأمريكية نداءات المجتمع الدولى لوقف الحرب ضدها. وقد بدأت أعمال هذه الدورة بمسيرة مليونية ضد الحرب، وتأييدًا لنضال الشعب الفلسطيني، وكانت محاضرة الختام للمفكر الأمريكي ناعوم تشومسكى الذي أطلق فيها صيحة احتجاج ضد السياسة الأمريكية والحرب العدوانية التي تعتزم شنها ضد العراق، کما أصدرت هذه الدورة في ختام أعمالها نداءً إلى شعوب العالم للتظاهر في كل مدن الدنيا يوم 15 فبراير 2003، وهو النداء الذي استجابت له 700 مدينة في مختلف القارات، أطلقت صيحة احتجاج مشتركة ضد الحرب.

وانتقلت الدورة الرابعة إلى بومباي بالهند في يناير 2004، حيث ركزت على قضايا العسكرة: الحرب والسلام. والعولمة والأمن الاقتصادي والاجتماعي، والتنمية المستدامة. والأرض والمياه، والسيادة على الغذاء، والاضطهاد الديني والعرقي واللغوي، والاستعباد والاضطهاد والتمييز، وقضايا النوع والجنس، والعمل وقضايا العمالة، والإعلام والثقافة والمعرفة.

وعاد المؤتمر في دورته الخامسة إلى بورتو اليجري بالبرازيل في يناير 2005، بمشاركة 150 ألفاً من نشطاء المجتمع المدني وممثلى الحركات الاجتماعية في العالم، لمناقشة جدول أعمال تم إعداد برنامجه، بحيث يتبع منهجية جديدة تهدف إلى توسيع نقاط الالتقاء وتبادل الخبرات والحوار حول قضايا رئيسية اقترحها المجلس العالمي للمنتدى، بعد استبيان شاركت فيه منظمات أهلية وممثلون لحركات اجتماعية في مختلف أنحاء العالم (38).

وبتحليل الإجابات التي تجمعت في الاستبيان – والتحليل تم بواسطة المجلس العالمي للمنتدى الاجتماعي العالمي – كانت النتيجة هي اختيار أحد عشر موضوعاً رئيسياً تدور حولها كل أنشطة المنتدى الاجتماعي العالمي في دورته الخامسة. هذه الموضوعات هي (39):

  • تحديد وتأمين الموارد والاحتياجات البشرية والبيئية، في مواجهة الاحتكارات العالمية.

  • اقتصادات سيادة البشر على الموارد الطبيعية وفقا لمبدأ الإتاحة في مواجهة الاحتكارات الرأسمالية العالمية.

  • السلام، ونزع السلاح، والصراع ضد الحرب واتفاقيات التجارة الحرة والديون.

  • حرية الفكر واستعادة حقوق الملكية الفكرية والتكنولوجية وجعلها على المشاع.

  • التعريف المحدد لمفاهيم التنوع، والتعدد، والهوية الذاتية.

  • الصراع الاجتماعي والبدائل الديمقراطية في مواجهة هيمنة أفكار العولمة الجديدة.

  • الأخلاق والرؤى الكونية والقيم الروحية.. والتحديات التي تواجه بناء عالم جديد واستراتيجيات المقاومة.

  • الاتصال والحوار والتشبيك من أجل مقاومة الهيمنة، وتبادل الخبرات بهدف بلورة البدائل.

  • الفنون والإبداع : نسج وبناء ثقافة المقاومة للبشر.

  • حق وجدارة المواطن في عالم عادل.

  • بناء نظام ديمقراطي عالمي، يقوم على مبدأ التكامل في مواجهة الهيمنة والاحتكار.

وعادة ما يتم تناول هذه القضايا عبر عدد من الأنشطة، وهي المؤتمرات والندوات المتخصصة والشهادات الحية – وهي كليات تلقيها شخصيات قيادية بارزة من نشطاء المجتمع المدني – والحوارات والموائد المستديرة والأنشطة الفنية وورش العمل.

وأخيرًا، فقد سعت هذه الورقة للتعرف على الحركات والشبكات المناهضة للعولمة وخلق ما يسمى «العولمة من أسفل» في مواجهة «العولمة من أعلي»، وذلك عبر دراسة للمنتدى الاجتماعي العالمي، وقد خلصت الورقة في هذا الإطار إلى أن المنتدى الاجتماعي العالمي يقدم إطارًا واسعًا لعمل الشبكات الدفاعية في مجال حقوق الإنسان، فالمنتدى الاجتماعي العالمي من ناحية، فضاء واسع لتجمع مؤسسات المجتمع المدني بجميع أنواعها وتنوعاتها. ومن ناحية ثانية، ينطلق المنتدى الاجتماعي العالمي من مناهضته للعولمة، وفكرته قائمة على مناهضة سياسات الليبرالية الجديدة، والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الضعيفة دولياً، ومن ناحية ثالثة، تجدر الإشارة إلى وجود رؤية للمنتدى لدوره تجاه قضية حقوق الإنسان، فتعكس رؤية المنتدى ورسالته نموذجًا لصنع البدائل ولاختيار نموذج للحياة ينتصر لمصالح الضعفاء والمهمشين، عبر الاشتباك مع كل عناصر أجندة الليبرالية الجديدة باستراتيجيات بديلة. وتلعب التطورات التكنولوجية الهائلة في مجال الإنترنت والبريد الإلكتروني من ناحية رابعة، دورًا كبيرًا في التواصل بين المنتدى والمنظمات الأهلية في دول العالم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير المنتدى ما زال محدودًا على تحسين أحوال حقوق الإنسان عموماً، كما أن هناك تخوفًا من أن يتحول المنتدى الاجتماعي العالمي إلى ما يطلق عليه البعض «سوق عكاظ»، حيث يتم عرض للخبرات دون تقدم أو تحركات فاعلة.

*مدرسة العلوم السياسية، كلية الاقتصاد، جامعة 6 أكتوبر، وعضوة مجلس أمناء بمؤسسة المرأة الجديدة وبمؤسسة تنمية المجتمع بحلوان (بشاير).

(1) السيد يس، في مفهوم العولمة، في: أسامة أمين الخولى (محرراً)، العرب والعولمة، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1 ، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1998) ص ص 25 – 26.

(2) أحمد يوسف أحمد، العولمة والنظام الإقليمي العربي، في حسن نافعة وسيف عبد الفتاح (محرران)، العولمة: قضايا ومفاهيم (القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2000) ص 32.

(3) المرجع السابق ذكره، ص 33 .

(4) السيد يس، في مفهوم العولمة، في: أسامة أمين الخولى (محرراً)، العرب والعولمة، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1 ، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1998)، ص ص 25 – 26.

(5) لمزيد من المعلومات حول التوجه الأول:

محمود خليل، العولمة والسيادة: إعادة صياغة وظائف الدولة، سلسلة كراسات استراتيجية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 136، (2004)، ص ص 1 – 16.

(6) دانييل جين وجوزيف ستانسلاف، برجا التحكم والقيادة: المعركة بين الدولة والسوق هي التي تعيد تشكيل العالم الحديث، في فرانك جي وجون بولي (محرران)، العولمة: الطوفان أم الإنقاذ، ترجمة فاضل جتكر، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية والمنظمة العربية للترجمة، 2004)، ص 373.

(7) كنيتشي أو هماي، نهاية الدولة القومية، المرجع السابق ذكره، ص 365 .

(8) محمود خليل، مرجع سبق ذكره، ص 17.

(9) نيفين مسعد، الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية: حالة الحقل، سبتمبر 1997 .، ص 6.

(10) انظر/ ی عرضًا لمزيد من الأمثلة والآراء في: إبراهيم عرفات، السياسة المقارنة في إطار العولمة، في: د. حسن نافعة ود. سيف عبد الفتاح (مشرفان ومحرران)، العولمة والعلوم (القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2000)، ص 151.

(11) محمود خليل، مرجع سبق ذكره، ص 24.

(12) نهى أحمد صلاح شتية، إقامة شبكات المنظمات غير الحكومية مع دراسة مقارنة للشبكة العربية للمنظمات الأهلية ومنظمة التحالف العالمي لمشاركة المواطن سيفيكس، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2004ء ، ص 70.

(13) أماني قنديل، انعكاسات العولمة على المنظمات الأهلية : دمج أم إقصاء، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية) ص ص 53 – 54.

(14) نهی صلاح، مرجع سبق ذكره، ص 68 .

(15) انظر/ ي:

– Aziz, Nikhil. The Human Rights Debate in an Era of Globalization, in: Peter Van Ness (ed.) Debating Human Rights (New York: Routledge and Kegan Paul, 1999) Pp 32-48.

– Barber, Benjamin. Globalization Democracy, The American Prospects Magazine, (September 2000), pp 1 – 9.

(16) Perlas, Nicanor. Civil Society: The Third Global Power, (2000), https://www.southerncrassreview.org/infor3.de/fts

(17) Keck, Margaret E. and Sikkink, Kathryn. Op. Cit.

(18) منار الشوريجي، الحركة العالمية المناهضة للعولمة، بحث مقدم إلى المؤتمر السنوى الأول لبرنامج الدراسات المصرية الإفريقية حول أفريقيا والعولمةعقد بجامعة القاهرة 12 – 14 فبراير 2002.

(19) أماني قنديل، المجتمع المدني العالمي (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 2002).، ص ص 18 – 19 .

(20) أماني قنديل، المرجع السابق ذكره، ص 50.

(21) نهي شتية، مرجع سبق ذكره، ص 91.

(22) أماني قنديل، المجتمع المدنى العالمي، مرجع سبق ذكره، ص 50 .

(23) نهى شتية، مرجع سبق ذكره، ص 93.

(24) المرجع السابق ذكره، ص 94.

(25) أماني قنديل، المجتمع المدنى العالمي، مرجع سبق ذكره، ص 53.

(26) Keck, Margaret E. and Sikkink, Kathryn. Transnational Advocacy: Networking in (26) International and Regional Politics, ISSI 159/1999 © UNESCO (1999)

(27) Ibid

(28) محيى الدين قاسم، 22 – محيى الدين قاسم، الاتجاهات المعاصرة في دراسة المنظمات الدولية غير الحكومية، القاهرة، (2001).، ص 20.

(29) محی الدین قاسم، الاتجاهات المعاصرة….، المرجع السابق ذكره، ص 19.

(30) انظر/ ي:

– Brysk, Alison. Globalization and Human Rights: Transnational Threats and Opportunity, paper prepared for the confrence on “Transnationalism” UCLA, May 5-8 1999.

– Bob, Clifford. (2000), Globalization and the Social Construction of Human Rights Campaign, https://hypatia.ss.uci.edu/Brysk/Bob.html

– Rosenau. James N. Human Rights in a Turbulent and Globalized World,

https://www.pbs.org/globalization/ transcript.html.

– Trakul Kamol. (1998). Globalization and Human Rights, https://www.hurights.or.jp/asia-pasific/no-12-globalization.htm. – Aziz, Nikhl. Op. Cit, p p 32-36..

(31) انظري:

– Meyer, William H. Human Rights and MNCs, Human Rights Quarterly, Vol. 18 (May 1996). pp 375-380.

– Milner. Wesley T. Emerging Human Rights Challenge: The Effects of Globalization and Economic Liberalization.

https://www.pbs.org/globalization/transcript.html

(32) أماني قنديل، المجتمع المدني في مصر، مرجع سبق ذكره، ص ص 203 – 205.

(33) Keck. Margaret E. and Kathryn, Op. Cit

(34) Ibid

(35) مدحت الزاهد، بورتو اليجري: عولمة ضد العولمة، كتاب تحت النشر، يصدره مركز دعم التنمية للاستشارات والتدريب.

(36) www.forumsocialmondial.org.br/main.asp?id menc7&cdlanguage=2

(307) www.forumsocialmondial.org.br/main.asp?id menc7&cdlanguage=2. op. cit.

(38) مدحت الزاهد، بورتو اليجري….، مرجع سبق ذكره.

(39) ww.forumsocialmondial.org.br/main.asp?id_menc7&cdlanguage=2. op. cit.

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي