المشاورة الإقليمية عن حق المرأة في السكن الملائم والأرض

اعداد بواسطة:

تم عقد مؤتمر عن حق المرأة في السكن الملائم والأرض في الإسكندرية في الفترة من ٢٣ ٢٦ يوليو ٢٠٠٤، بتنظيم من التحالف الدولي للموئل (HABITAT) – شبكة حقوق الأرض والسكن بالتعاون مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالسكن الملائم (السيد ميلون كوثري) وبتعاون ومساندة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ممثلاً في (السيدة سيسيليا مولر) وبحضور حشد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية على مستوى الوطن العربي من (الأردن فلسطين لبنان سوريا البحرين السودان مصر). وكان الوفد الفلسطيني هو صاحب الحضور الطاغي، فقد تمثل من جميع جوانبه (فلسطين المحتلة داخل الخط الأخضر فلسطينيو لبنان فلسطينيو كندا).

اهتم المؤتمر في ورشة العمل بتحديد محتويات، وتطبيق الحق في السكن الملائم والنوع، والتي تناولت عدم التمييز والمساواة في النوع فيما يتعلق بالحق في السكن بما يتفق واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي أصدرتها الأمم المتحدة (وقد صدقت عليها مصر).

واستمرارًا لورشة العمل بدأت الجلسة الثالثة في اليوم الثاني، وكانت في تطبيق الإطار، وموضوعها الرئيسي عن الربط بين العنف ضد النساء وانتهاك حقهنّ في السكن الملائم، من خلال تعريف الأمم المتحدة للعنف ضد النساء، وكذلك التعريف الخاص بمفهوم السكن، والربط بين النتائج المترتبة على كل منهما لوجود تشابه كبير بينهما، وهو ما تطرق إلى كثير من الموضوعات الخاصة بالعنف الممارس ضد النساء تحديدًا داخل المنزل وعدم وجود بدائل أمامهن، مما يؤدي إلى سوء استغلالهن وازدياد الضغوط عليهن من المجتمع والأسرة، وخضوعهنّ الدائم للتهديد باستخدام العنف، وهو ما يرتبط من ناحية أخرى بحقوق الإرث وعدم تمكين النساء من التملك أو الحصول على إرثهن، ناهيك عما في الإرث نفسه من مشكلات تمييز ليس هذا مجالها، ثم انتقل الموضوع إلى استخدام إطار حق النساء في السكن الملائم في استراتيجيات حل المشكلات، على اعتبار أنه الموضوع الرئيسي، ومحاولة وضع كل مناقشات في هذا الإطار، حتى نحصل على نتائج واضحة.

بعد ذلك نوقش استخدام آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من خلال رؤية على انتداب وتقارير مقرر الأمم المتحدة الخاص للحق في السكن الملائم، وكان المحاضر هو المقرر الخاص نفسه (السيد ميلون كوثري)، وقدم رؤية مفصلة عن تقاريره وانتدابه، وقد سبق له تقديم تقريرين عن السكن الملائم عامي ۲۰۰۱، ٢٠۰۳، ومن المنتظر أن يدخل هذا المؤتمر ضمن تقريره الثالث في عام ٢٠٠٥، وعرض لزيارته السابقة للأراضي المحتلة وأماكن أخرى في الدول النامية، وخرج من هذا بتقديم استبيان حول النساء والسكن الملائم، ويتم تطبيق هذا الاستبيان في كل الأماكن التي قام بزيارتها من قبل الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.

انتقل الموضوع بعد ذلك إلى تحضير واختيار شهادات المشاركين للعرض، حيث سيطبقون منهج التدريب، وقد تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات مقسمة حسب الموضوع ليحضروا شهاداتهم ضمن الإطار التوجيهي لتحديد العناصر القانونية لحق الإنسان في السكن الملائم التي تم اغتصابها، وتوضيح الانتهاكات، والنتائج، والحلول الممكنة، وكانت الموضوعات المطروحة هي:

العنف داخل المنزل والحق في السكن.

الصراع العسكري/ الإثني.

التمييز والفصل فيما يتعلق بالسكن والإخلاء.

العقبات القانونية والثقافية لحق النساء في الأرض، والميراث والتملك.

العولمة وتأثيرها على حق النساء في السكن والأرض.

وقد تم عمل نماذج تدريبية مقسمة على أربع مجموعات، وكان النموذج الأول عن امرأة فلسطينية تقوم سلطات الاحتلال بمصادرة أرضها جزءًا وراء آخر، وكانت النماذج الأخرى عن حالة هدم منازل وإخلاء قسرى، وحالة ميراث للمرأة، وحالة امرأة عاملة في أقسى ظروف العمل والسكن.

بعد ذلك بدأ تبادل الأفكار ووجهات النظر في القضايا والاستراتيجيات فعرض المشاركون اتجاهات قضاياهم وتمت المناقشة حولها مع بداية الجزء الثاني من أجندة العمل، كانت الجلسة التشاورية، وبدأ اليوم بمحاضرة للأستاذة عزة سليمان، عن حق النساء في الميراث والعقبات التي تقابلهنّ في ذلك في المجتمع العربي والإسلامي، واقتران هذا بانتهاك حقهنّ في السكن والأرض. وتناولت المحاضرة مصادرة الميراث التي تتنوع بين الشريعة الإسلامية والقوانين والأعراف لنصل إلى النتيجة الأهم، وهي أن الأعراف هي التي تتسيد الوضع في عدم توريث النساء لا ما هو منصوص عليه شرعًا وقانونًا، فالوضع شرعًا يتنوع بين المساواة بين الرجل والمرأة وحصولها في بعض الأحيان على نصيب أقل، وفي أحيان أخرى على نصيب أكبر، إلا أن الوضع العرفي لا يسمح في أغلب الأحوال بتوريث النساء أصلاً، وخاصة في الأرض، وقد دار النقاش حول هذه الموضوعات جميعًا.

 

وكانت الحالة الأولى عن شابة فلسطينية مقيمة بلبنان اسمها نجوى، كان والدها من نازحي 1967 الذين يملكون أوراقًا ثبوتية، وليس لهم تصنيف طبقًا للـ أنروا” (هيئة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة) تزوج من والدتها اللبنانية بهوية مزورة بما يعني أن الزواج غير مثبت قانونًا، وبعد انفصال والدها عن والدتها، مرض الوالد وتوفى وتهدم المنزل وأصبحت نجوىوأشقاؤها الأربعة مقيمين بالشارع، فليس من حقهم حتى دخول مخيمات اللاجئين بما أنه ليس لهم وجود، وبالتأكيد فإن حالة نجوىليست الوحيدة، ولكنها المثال.

الحالة التالية كانت حالة عزة محمدوهي سيدة تجد مأوى لها ولطفلتيها بعد أن هجرها زوجها وطلقها، حيث يرفض أصحاب المنازل في الأغلب إيواءها لأنها وحيدة بلا رجل، وإذا قبل أحدهم، فإنه يهدف من ذلك إلى التحرش بها ، ورغم قبولها الإقامة بأماكن لا تصلح للسكن الآدمي إلا أن هذا حتى لم يعد متوفرًا بسبب تحرش أصحاب المنازل بها، واستغلالهم جهلها بالقانون لطردها وقتما يريدون، وهي الآن تعيش بلا مأوى وتترك ابنتيها عند الأقارب. ثم قدمت عبلة عبد الهادي من مركز حق المأوى والسكن بالأردن، لدراسة مفصلة عن أوضاع النساء في الأردن، ثمّ بدأ تقديم الشهادات، وتناولت حالات مختلفة منها: حالة سيدة لم تنجب فتزوج زوجها ، ثم بعد كثير من التفاصيل طردها من المنزل، ولم يكن من السهل عليها الحصول على مكان للإقامة، حتى توفيت دون أن يشعر بها أحد في غرفة حقيرة لا تصلح للسكن الآدمي. ثم حالة من الفلسطينيين الذين يملكون أوراق المرأة في ظل قوانين الإرث، والوضع الاجتماعي لتوريث النساء في الأردن، وهو ما ينعكس على الوضع العربي كله بنسب مختلفة. وشرحت كيف أن المرأة ترث فعليًا في الأردن رغم حقها القانوني في ذلك.

ثم استمر تقديم الشهادات، وكان منها حالة سيدة من الأردن تكافح منذ ثلاثين عامًا للحصول على ميراثها من أخوتها الذكور، بينما يقف المجتمع كله في وجهها، بما فيه زوجها، على اعتبار أن ما تفعله لا يجوز، رغم معرفة الجميع بما تعرضت له من تدليس وتزوير ليستولي أشقاؤها على نصيبها، ويعتقد الجميع أن هذا طبيعي. أما غير الطبيعي فهو محاولاتها الحصول على ميراثها. بعدها قدمت حالات متعددة للأوضاع تحت احتلال في فلسطين، وتناولت موضوعات مختلفة، منها حالة هويدا أحمدالتي تم هدم منزلها من قبل جارها، حيث إن المنزل للأسرة كلها – وهي أسرة زوجها فقد هجرها الزوج منذ سنوات طويلة، وذهبت لتقيم عند أهله بالضفة الغربية، وعاشت حياتها كلها لتربية ابنيها، وعندما توفي حموها، قام ابن أخيه بهدم الجزء الذي يخصه من المنزل، وأنذرها أنه يجب أن يحصل على الجزء الباقي، حيث إنه لا يحق لها أن ترث، وترتب على هدم منزله انهيار منزلها المتهالك، وعادت لتحاول البناء عن طريق القروض، رغم كونها مهددة من جارها بالهدم في أي لحظة، وكذلك من سلطات الاحتلال لأنها لم تحصل على تصريح بإعادة البناء.

ثم انتقل الموضوع إلى حالات العنف داخل المنزل من خلال حالة زنا محارم في سوريا نتيجةً ضياع الحدود داخل المنزل، حيث يغتصب الأب ابنتيه منذ صغرهما (الكبيرة ٢٠ عامًا، والصغيرة 13 عامًا) وكيف أن الأم تطلب من ابنتيها تحمل ذلك، لأن زوجها هددها بالطلاق، وهي لا تملك مأوى آخر، وعندما حاولت ابنة الكبرى أن تقدم بلاغًا في والدها أرسل يهددها في سجنه بالقتل، وضربها أخوها لتسحب البلاغ، وكانت النتيجة عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، والفتاتان تعانيان من حالة هيستيريا وانهيار عصبي حاد، والأم لا تملك لهما حلاً.

بعدها قدمت ريم وائلمن جمعية نهوض وتنمية المرأة بمصر، لحالات إحصائية عن العنف ضد المرأة داخل المنزل في مصر والخدمات التي قدمتها (ADEW) للنساء في محاولات لإيوائهن، وشرحت حالات دور الإيواء التي توفرها الدولة للنساء بلا مأوى، وكيف أنها ظروف غير آدمية، فهي أقرب إلى السجون، وتعامل النساء فيها معاملةً أبشع مما تتلقاها في منزل الزوجية، ومع ذلك فهذه المنازل الجماعية يزيد عددها على ثلاثة على مستوى الدولة كلها في القاهرة، وتقدمت باقتراح لإنشاء دور إيواء على مستوى راق تشرف عليها الأمم المتحدة ويتم تكثيفها ونشرها على مستوى الجمهورية.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي