المفاهيم المختلفة للرجال والنساء حول العلاقات الجنسية ومناقشتها في إطار الزواج في الهند

بقلم:

المفاهيم المختلفة للرجال والنساء

حول العلاقات الجنسية ومناقشتها

في إطار الزواج في الهند

تقدم هذه الورقة تقريرًا حول دراسة تم إجراؤها عن التفاوض حول العلاقة الجنسية بين ٦٥ سيدة متزوجة، و٢٣ رجلاً متزوجًا في سن الإنجاب، في إحدى مناطق الدخل المنخفض في مومباي بالهند، وذلك باستخدام لقاءات معمقة متكررة. وقد أدت المفاهيم المختلفة حول المتعة الجنسية، والقهر الجنسي والقدرة الجنسية لدى النساء والرجال إلى مفاوضات مستمرة حول ممارسة الجنس أو تفاديه. فقد شعرت النساء أنه ليس من اللائق بالنسبة لهن أن يعبرن عن احتياجاتهن الجنسية، بينما عبر الرجال عن رغبتهم في أن تكون النساء أكثر إيجابية ونشاطًا وتعبيرًا فيما يخص الجنس. وظهر أنه من الأرجح أن تشعر النساء بمتعة جنسية أكبر عندما يعشن في انسجام زوجي. كذلك كشفت المقابلات مع النساء إنه كثيرًا ما يطلب منهن ممارسة الجنس ضد رغباتهن، وكن يتفاوضن للحد من هذا، أما الرجال فكانوا دائمًا يرون أن الممارسة الجنسية حق من حقوقهم الزوجية. وترى النساء والرجال معًا أن تكرار الممارسة الجنسية يجب أن يقل مع طول فترة الزواج واكتمال عدد الأطفال، ولكن يبدو أن الرجال أقل تمسكًا بهذا الرأي. وقد كانت مسألة الممارسة الجنسية الآمنة آخر ما يمكن مناقشته داخل العلاقة الزوجية، كما لم تكن نتائج المناقشات في الزواج ثابتة، إذ تملك النساء والرجال على حد سواء القدرة على جعل النتائج لصالحهم. وقد تساهم القدرة المتغيرة في الحصول على الموارد في إعطاء فرصة ومساحة أكبر للنساء للتأثير في طبيعة خبراتهن الجنسية. إن الامتناع واستخدام الواقي الذكري والالتزام بالشريك الوحيد والأساليب الجنسية الأخرى الآمنة هي أحد طرق الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا. وتعكس هذه الممارسات الجنسية سياقًا منطقيًا للوقاية من الأمراض أو منع الحمل، وتؤدي المناقشات الناجحة في الزواج إلى ممارسات جنسية أكثر أمنًا. بالرغم من ذلك فإن القضايا التي تشجع المناقشات في الزواج لا تكون دائمًا بدافع الأمان، وقد يقوم النساء والرجال أيضًا بالنقاش لأسباب شتى وفي مختلف الأوقات، متأثرين أحيانًا باختلاف النوع. هذا وتتعرض هذه الورقة إلى ثلاثة جوانب في الحياة الزوجية الجنسية تتباين حولها وجهات نظر الرجال والنساء، وهي المتعة الجنسية والقهر الجنسي والمعتقدات حول الشئون الجنسية لدى النساء والرجال. وقد أدى هذا التباين في وجهات النظر إلى الحاجة لمناقشات مستمرة حول ممارسة الجنس أو تفاديه. يعتبر النقاش في هذا السياق هو عملية للتواصل بين شخصين لديهما اهتمامات متباينة وشيء ما مشترك، وتفترض المفاوضات الجنسية بين الشركاء في العلاقة الجنسية تفترض عملية من المساومة للوصول إلى اتفاق ما لتعديل سلوكيات جنسية تكون، لأي سبب من الأسباب، غير مقبولة لأحد الشريكين. وتفترض كذلك أن أحد الشريكين، على الأقل لديه، شيء ذو قيمة يستخدمه لدفع المساومة لصالحه، وتعتمد القدرة في التأثير خلال المفاوضات على الشرعية والدعم الاجتماعي الذي يكتسبه أي طرح، والخيارات المفتوحة أمام كل من الشريكين في حال فشل النقاش(1). لذلك يؤثر الفرق في سلطة الزوج والزوجة بصورة ملحوظة في تشكيل نتائج المفاوضات الجنسية. ويرى بعض الباحثين أنه يمكن للنساء مناقشة القضايا الجنسية بشكل أكثر أمانًا إذا تواجدن في بيئة تراعي المساواة في النوع وتتوفر فيها العديد من الخيارات للوقاية وتعتبر فيها المناقشات حول القضايا الجنسية مقبولة ثقافيًا (32). تستكشف هذه الورقة البيئة التي يناقش فيها الأزواج قضايا الجنس في مدينة مومباي بالهند، وتوضح لماذا يحدث أحيانًا ألا تمثل الصحة الجنسية جزءًا من برنامج النقاش. إذ تتحد عملية التفاوض حول الجنس في الزواج حسب المفاهيم المختلفة في المنطقة. تعتبر مصادر المعلومات المكتوبة في الهند حول السلوك الجنسي والمناقشات الجنسية، خاصة في إطار العلاقة الزوجية، قليلة ونادرة. وتسجل مومباي عددًا من الحالات المشخصة من الإيدز/ فيروس نقص المناعة المكتسبة في الهند (4). وفي أغلب الظن فإن العلاقات الجنسية بين النساء والرجال هي الوسيلة الأولية للانتقال. كما أوضحت الدراسات حول السلوك الجنسي للبالغين أن العلاقات الجنسية قبل الزواج والعلاقات خارج الزواج تحدث في جميع طبقات المجتمع ومع عدد متفاوت من الشركاء (5 – 8). وقد وجد أن العنف الجنسي والقهر ينتشران بشكل واسع في زيجات الريف الهندي(9, 10). ولكن لا توجد معلومات حول طبيعة ذلك القهر ومداه. أوضحت دراسة أجريت في عام ١٩٩٥ (11) أن هناك عددًا من العوامل تَحِدَّ كلها من قدرة النساء على التحكم في حياتهن الجنسية والإنجابية، منها اعتماد النساء اقتصاديًا على الرجال، الفقر، عادات التقديس المحلية والاحتكاك المحدود بين النساء المتزوجات وما بين أسرهن الأصلية، وضعية المرأة الدونية في مقابل طغيان سلطة الرجل في المجتمع، الفرص الضيقة المتاحة للنساء للتأثير على اتخاذ القرارات المتعلقة بالقضايا الجنسية ومنع الحمل، المعرفة المحدودة بعمليات الجسم الحيوية، المناقشات المحدودة بين الأزواج والزوجات حول همومهم الجنسية والمتعلقة بالحمل والولادة، التخويف واستعمال العنف بواسطة الأزواج. وقد بحثت هذه الدراسة في وجهات نظر الرجال والنساء على حد السواء حول هذه القضايا. الدراسة ومنهجها: أجريت الدراسة في مجتمع محدود الدخل، به حوالي ۳۰۰۰۰۰ شخص في ضواحي مومبا، حيث الوحدة الاجتماعية الأساسية هي الأسرة الممتدة المكونة من أشخاص تربطهم قرابة من جهة الأب، وزوجاتهم وأطفالهم، وهم يسكنون مساكن مساحتها ۱۰ × ۱۲ قدم. يعيش بعض السكان في هذا المجتمع منذ الولادة، والبعض الآخر مهاجرين إلى المدينة من جميع أنحاء الهند، ويختلفون في الممارسات الدينية والثقافية. وما زالت لديهم روابط مع أسرهم في الريف، حيث يعودون في قمة الموسم الزراعي أو عندما يكونون بلا عمل. ويعمل أغلب الرجال في القطاع غير الرسمي كعمال مهرة وغير مهرة، أما النساء فغالبيتهن يعملن ربات بيوت. في القطاع غير الرسمي يعمل غالبية العاملين كعمال بناء. وجامعي خرق في صناعة القمامة، وخدم بالبيوت، ومساعدين لمهن مختلفة بالمنظمات غير الحكومية. ويعمل عدد قليل من الرجال في الوظائف التي لا تتطلب مهارة عالية، والنساء كمعاونات منزليات، وفي تجارة الجنس والمتعة في الخليج العربي، وهن يعدن بصورة دورية إلى مومباي لزيارة أسرهن. استخدمت أساليب البحث الكيفية لجمع المعلومات في الموضوعات الحساسة، فالنقاش وسط العامة حول القضايا الجنسية ليس شيئًا معتادًا (12,13). كذلك استخدم أسلوب مجموعات النقاش البؤرية الاستطلاعية لمناقشة قضايا الثقافة الجنسية في المنطقة، مع مجموعتين من النساء المتزوجات ومجموعة من الرجال المتزوجين. وأجريت مقابلات مع ۸۷ شخصيات قيادية. وقد ساعدنا هؤلاء على تكوين رواد، عمل كل منهم بمثابة دليل لنا لإجراء المقابلات الشخصية المعمقة التي تمت على مدى ۱۲ شهرًا ابتداء من ديسمبر ۱۹۹5، مع ٦٥ امرأة متزوجة و٢٣ رجلاً متزوجًا في عمر الإنجاب. وقد تم اختيار من يجرون المقابلات والأشخاص الذين تمت مقابلتهم بناءً على النوع والخلفية العرقية واللغة. اشتملت قضايا النقاش على علاقات النوع بين الشركاء المتزوجين والمفاوضات الجنسية وصنع القرار والمعرفة بالأمراض المنتقلة عن طريق الجنس والإيدز ومفاهيم الخطورة واستخدام ممارسات معينة لتقليل الخطر. كذلك أجريت المناقشات باللغة المحلية وسجلت على أشرطة سمعية، ثم استنسخت وترجمت وصنفت وأعطيت رموزًا معينة ثم حللت للخروج بأنماط المفاوضات الجنسية وصنع القرار. وقد كان التفاعل المستمر مع الشخصيات البارزة مفيدًا عند ظهور بعض علامات الاستفهام. تم اختيار الأشخاص للمقابلات بشكل نفعي مع محاولة الاستفادة بقدر كبير من الظروف المواتية، وبمساعدة العاملين بالمنظمات غير الحكومية الموجودة بالمنطقة. لقد اتصلنا ب ۸۷ امرأة و٣٧ رجلاً، منهم ٦٥ امرأة و٢٣ رجلاً شاركوا في الدراسة ولم يكن أي منهم زوجين. جاء هؤلاء من مجتمعات هندوسية ومسلمة وبوذية وكان غالبيتهم من ولاية مهراشيراوالأقلية من ولايات هندية أخرى. وبالرغم من ذلك لم تكن هناك اختلافات كبيرة بين المجتمعات المختلفة فيما يخص البيانات الواردة في هذه الورقة. لقد وجدنا أنه من الصعب تحديد مدى تأثير عملية الاختيار على نتائج الدراسة، فقد كان بعض الذين تمت مقابلتهم على علم تام بمرض الإيدز/ نقصان المناعة المكتسبة نتيجة لعملهم. وقد جعلهم هذا أكثر وعيًا بالسلوك الجنسي الذي يتضمن خطورة. بالإضافة إلى ذلك فقد كنا صريحين جدًا في فترة الاختيار فيما يخص مواضيع النقاش، وكان انطباعنا العام إننا، بين المقابلات مع الشخصيات البارزة ومجموعات النقاش والمقابلات المتعمقة، قد تحدثنا إلى مجموعة من الناس بصورة خالية من التحيز لأي جانب فيما يخص السلوك الجنسي. بالرغم من ذلك فإنه، وكما هو الحال في أي دراسة كيفية، يمكن القول بأنه لا يمكن الوصول لدلالات إحصائية من استخلاص المعاني والفهم العميق للنتائج. تستند هذه الورقة على بيانات تم الحصول عليها من خلال مقابلات معمقة متكررة. تمت مقابلة كل شخص ثلاث مرات في المتوسط بمعدل نصف ساعة إلى ساعتين لكل مقابلة. وقد قوبلت كل النساء في منازلهن، أو في حالة وجود أفراد الأسرة، في منازل جاراتهن. وكانت المقابلات تنقطع أحيانًا بسبب الأطفال أو أفراد الأسرة وأحيانًا كان الأزواج أو أمهات الأزواج يقومون بأداء مهام خارج المنزل أو يتجاذبون أطراف الحديث مع أحد الجيران لإعطائنا بعض الخصوصية. لم تتم مقابلة أي رجل في المنزل، إذ لم يكن من المقبول أن نطلب من النساء الخروج من المنزل لتوفير مناخ الخصوصية. في البدء كانت المقابلات مع الرجال تتم في محال بيع الشاي أو في أحد أركان الشوارع. ولكن بسبب انعدام الخصوصية والانتباه والزحام الذي سببته تلك المقابلات، أجريت معظم المقابلات اللاحقة مع الرجال في فصول المدارس المحلية بعد انتهاء ساعات الدراسة. بعد أن تعرفنا على من سيتم مقابلتهم بواسطة أحد الأشخاص المحليين، قمنا بتوضيح أغراض البحث والمواضيع التي ستتم مناقشتها فيما يتعلق بتجاربهم الحياتية وخاصة في العلاقات الجنسية. وبمجرد موافقة شخص ما على الاشتراك في الدراسة، كنا نقوم بإجراء المقابلة معه عن طفولته ومني استقر في مومباي وعمله وتقسيم العمل المنزلي وإدارة مصادر دخل الأسرة واتصالاته مع أسرته. أما المقابلة الثانية والثالثة فركزت بشكل رئيسي على العلاقات الجنسية، أي كيف استطاع هؤلاء الأشخاص الوصول إلى فهم معين حول الإشباع الجنسي والممارسات الجنسية مع شركائهم، والتفاوض حول العنف (إن وجد) والعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج والأمراض الجنسية. لقد كان صعبًا على النساء الحديث بالتفصيل ولمرات متعددة حول الجنس. وفي كل حالة كانت هنالك نقطة لا تستطيع المرأة الذهاب إلى ما هو أبعد منها في حديثها. خاصةً عند الحديث حول الممارسات الجنسية وتجربتها في الإحساس بالمتعة أو عدمها. في بعض الحالات كانت المرأة تصل إلى هذه النقطة في مرحلة مبكرة من المقابلة، وفي حالات أخرى تبدأ في الدخول في تفاصيل أكثر ثم تتوقف. اعتمدت اللحظة التي تصل فيها المرأة إلى هذه النقطة إلى حد كبير على مشاعرها وتقييمها للباحثة ومدى التفاهم بينهما وحاجتها للحديث والبيئة المحيطة ومدى قرب أفراد العائلة منهما في ذلك الوقت، بالإضافة إلى اقتراب موعد عودة زوجها للمنزل. كان رد فعل النساء إما الرفض التام للاستمرار في الحديث حول الجنس أو السكوت أو اللجوء ردود إلى أسئلة مثل ماذا يمكنني أن أقول لك أكثر من ذلك؟ لقد أفعالهم أخبرتك بكل شيء.” أما الرجال فقد كانت مختلفة، ما عدا ثلاثة منهم كانت لهم ردود فعل مماثلة لتلك التي صدرت عن النساء. بالرغم من أن مواضيع المقابلة لم تتم تغطيتها مع كل من قابلناهم، فقد شعرنا أن الأشخاص لديهم الحق في وضع حد لمثل تلك الأسئلة التي تقتحم خصوصياتهم.

اتفق النساء والرجال على السواء، على أن المتعة الجنسية بمعناها الذي يشمل الإشباع الحسي والمعنوي، هي فكرة قد لا يصل إليها الكثيرون، وقد اختلفت الآراء فيما بينهم حول كيفية حدوث المتعة الجنسية والطرق المثلى للوصول إليها في حالات الزواج.

لقد استخدمت النساء تعبيرات سوخ وسامادهان من اللغة المحلية للتعبير عن المتعة الجنسية الحسية والمعنوية على التوالي. كان الانسجام الزوجي شرطًا مهمًا للوصول إلى المتعة الجنسية عند النساء، ولكن بالرغم من ذلك، لم تكن كل النساء المنسجمات في زواجهن يصلن للمتعة الجنسية. كان احتمال حدوث المتعة والإشباع الجنسي الحسي والمعنوي في العلاقات الجنسية أكبر لدى النساء اللائي يعتبرن أزواجهن أكثر التزامًا تجاه الإنفاق على الأسرة وأكثر احترامًا لهن ولأطفالهن، بينما كان الاحتمال أقل في حالة النساء اللائي يرين أن أزواجهن لا يهتمون بشئون الأسرة أو أن التزامهم تجاهها ضعيف، وفي حالات قليلة، حينما كان الزوج يبذل جهدًا لرعاية أسرته ولا يستطيع لظروف خارجة عن إرادته، كانت النساء تصفن حياتهن الزوجية والجنسية بأنها سعيدة. كانت النساء يعتبرن أن التزام الزوج بتوفير احتياجات الأسرة علامة على الوفاء. وفي تلك الحالات، سواء كانت هناك ضائقة أو كان الحال ميسورًا كانت النساء تشعرن بأنهن وأزواجهن لديهن هدف ومستقل مشترك، واهتمامات مشتركة، كتربية الأطفال على سبيل المثال. وكانت حياة تلك النساء أكثر انسجامًا وتوافقًا مع أزواجهن، كما كن أكثر قبولاً للتآلف في العلاقات الجنسية والاستمتاع بها. وتمثل جاياشري التي تبلغ الرابعة والثلاثين من العمر وهي متزوجة منذ ١٥ عامًا، مثالاً حيًا لهذه الفئة. كان زوجها يعمل بانتظام ولكن مرتبه لم يكن يكفي احتياجاتهما. وكانت هي تسعي لإيجاد عمل بأجر، لكنها لم توفق في ذلك، إذ أن زوجها لم يكن موافقًا على عملها. لقد كانت تستمتع بالعلاقات الجنسية لأنهما كانا في تراضٍ دائم.

إننا نمارس الجنس فقط إذا كنا نحن الاثنين على استعداد لذلك، إذا كنت أنا أشعر بالألم، بينما هو يستمتع، إذن ما الفائدة؟ “.

بينما وصف نصف النساء علاقاتهن الجنسية الحالية بأنها مملة، خاصة عندما كن يشعرن بثقل عبء المسئوليات الأسرية، والإجهاد الجسدي، أو حتى مجرد عدم الرغبة في الممارسة الجنسية حتى لو كن يعشن حياة منسجمة مع أزواجهن.

أنا الآن أشعر بالسأم حيث أجريت عملية تعقيم ولا أميل لممارسة الجنس. ” ” أشعر بالسأم ولكن هو يرغب. لذلك فأنا أقبل أحيانًا “.

عندما كان مستوى رغبة النساء في ممارسة الجنس يختلف عن ذلك الخاص برجالهن، كان لا بد لهم من مناقشة الأمر: الرجال بغرض الممارسة الجنسية والنساء بغرض تفاديها. وكانت غالبية النساء يخضعن لرغبة أزواجهن إذا لم يستطعن تفادي ذلك.

صرحت ثلاث من النساء بأنهن كن يستعملن أسلوب الكلام وأساليب أخرى للوصول للانسجام الجنسي مع أزواجهن. كانت اثنتين منهن متزوجات من رجال ينفقون على أسرهم بشكل ثابت، ولهم علاقات متوافقة ومنسجمة مع زوجاتهم. أن أما الثالثة فقد كانت تعمل في تجارة الجنس سابقًا، وقد قالت بأنها عملت على التأكد من أن زوجها يفي باحتياجاتها الجنسية، بالرغم من أن زواجهما لم يكن مستقرًا.

كانت النساء اللائي يتحملن وحدهن عبء مسئوليات الحياة اليومية، يشعرن بأن تلك المسئوليات تطغي على جميع الاعتبارات الأخرى في حياتهن. وقد كن جميعًا يرين أن الجنس لا يمثل أي نوع من المتعة لديهن. لقد كن يعتبرن أن العلاقات الجنسية غير ممتعة ومملة أو إجبارية في كثير من الأحيان. فعلى سبيل المثال تزوجت جامونا و زينات مرتين، وكانت الاثنتان زوجات ثانيات لأزواجهن، لم يكن أحد الزوجين يحصل على مرتب ثابت، وكان الاثنان يتعاطيان الكحول ولهما علاقات جنسية خارج الزواج. وعندما كانت إحدى الزوجتين تتساءل عن سلوك زوجها تنشب خلافات حادة وتتعرض للضرب دائمًا. وبالرغم من أنهما لم تكونا معتمدتين على زوجيهما ماديًا، إلا أنهما ظلتا متزوجتين منهما لأسباب المكانة الاجتماعية والاحترام، ولتفادي وصمة العار المرتبطة بالزواج الفاشل ولأنهما لم تكونا تتوقعان مساندة أسرتيهما إذا تركت أي منهما زوجها.

تقول جامونا “:

أي سعادة هي التي أجدها مع زوجي؟ إننا نمارس الجنس كأي كلبين يلتقيان في الطريق. هذا الرجل يستغل جسدي فقط، ولا يعط لي أي اعتبار“.

أما زينات ، التي تأمل في السعادة الزوجية والإشباع الجنسي من زوجها الثاني، تقول:

عند ما تحدث الممارسة الجنسية، فإنها تحدث بالقوة وليس بالحب، ليس من القلبأنا لا أشعر بأمان عندما يمارس الجنس معي، إنني فقط أشعر بالحزن يملأ قلبي.. “

المبادرة في العلاقات الجنسية والتعبير عن الرغبة

على العكس من النساء فقد ظهر بأن الرجال كانوا يربطون السعادة الجنسية بالمتعة الجنسية، أكثر من ربطها بالوفاق الزوجي. لقد كان إشباع رغباتهم الجنسية كرجال والمشاركة الراضية والنشطة في العلاقات الجنسية من قبل زوجاتهم هما الشيئان اللذان يمنحان الرجال الإشباع الجنسي الحقيقي. يقول غوبال أنه وزوجته دائمًا على استعداد لممارسة الجنس متى رغب هو في ذلك، وأنهما يشعران بالرضا وبأنهما بحالة جيدة بعد ممارسة الجنس “. ويقول محمود بأنه يرى حياته الجنسية سعيدة جدًا، وأنه يشعر بارتياح عند ممارسة الجنس إننا نفعلها ثانيةً وثانيةً.

إن مجرد ممارسة الجنس مع الزوجات، لم تكن عملية ممتعة عند بعض الرجال، إذ أنهم كانوا يودون لو أن زوجاتهم كن أكثر نشاطًا. وعندما لا يكن كذلك، كان الأزواج لا يشعرون بالإشباع البتة. أما النساء فكن يشعرن بعدم الاشتراك في العملية عندما يكون الجنس قهريًا ومملاً في نظرهن أو عندما يحدث في ظروف ليس بها الخصوصية الكافية.

لم تكن النساء تعبر عن احتياجاتها ومشاعرها الجنسية حتى لأزواجهن، وذلك تمشيًا مع ما يتوقعه منهن المجتمع حسب الثقافة المحلية، خوفًا من أن يعتبرن متطاولات أو ذوات رغبة جنسية عالية أو لديهن علاقات جنسية متعددة أو لا يمكن السيطرة عليهن. البعض منهن اعتبرنها مجازفة يرضين بالدخول فيها، حيث رأين أن استقرار حياتهن الزوجية أكثر أهمية من الإشباع الجنسي المؤقت، واخترن المحافظة على شرفهن أمام الأزواج بتركهم يقومون بالمبادرة دائمًا في الأمور الجنسية. تقول سانجيتا المتزوجة منذ ۱۳ عامًا، وتعيش حياة زوجية منسجمة:

هناك العديد من النساء ممن يشعرن بأحاسيس جنسية، ولكنهن يخجلن من إخبار أزواجهن. وحتى إذا شعرت المرأة برغبة في ممارسة الجنس، فإنها تظل تشعر بالخجل. في الماضي عندما كنت أشعر بالرغبة أحيانًا، كنت أحس بالخجل. فقد يفكر زوجي لا بد أن تكون هذه المرأة سيئة الشخصية، وهذا هو السبب في أنها ترغب في الجنس كثيرًا “.

بالرغم من أن بعض الرجال كانوا يرغبون في أن تكون زوجاتهم معبرات جنسيًا، وأن يشاركن بإيجابية، إلا أنهم كانوا يظنون أيضًا بأنه:

ما من امرأة تعبر عن هذه الرغبات لزوجها… “

لقد كان الرجال الذين أظهروا هذا التناقض من الأجيال الأصغر، وقد نشأوا في مدينة مومباي ولهم نشاط فعال في المنظمات السياسية والاجتماعية في المجتمع المحلي. إن هذا التناقض والتباعد بين توقعات الرجال والنساء حول التعبير الجنسي الصحيح يؤدي إلى شعور الرجال بعدم الإشباع الجنسي. ونتيجة لذلك يلجأ الرجال بدورهم إلى التحفز والنقاش والتحكم ببراعة والقهر في آخر الأمر من أجل الحصول على الجنس.

 

اختلف النساء والرجال في فهمهم لطبيعة القهر الجنسي. فقد اعتبرت النساء الجنس قهريًا عندما كن يشعرن بأنهن مجبرات على ممارسته مع أزواجهن ضد رغبتهن. أما الرجال فكانوا يرون أن الممارسة الجنسية حق من حقوقهم الزوجية، وأن هذا هو السبب الذي يلزم زوجاتهم بقبولها.

لم يجرب أو يستخدم كل النساء والرجال القهر ولم تصل المسألة إلى حد العنف الجسدي إلا في حالات قليلة، إذ كان الرجال يستخدمون أساليب أخرى مثل التشكيك في نزاهة وإخلاص الزوجات وشخصياتهن، أو خلق دراما حول الموضوع أمام أفراد الأسرة. كانت النساء تترددن من الدخول في شجار حول العطاء الجنسي أمام الأطفال. وكن بدورهن يستخدمن وجود الآخرين وعدم توفر الخصوصية والمكان كنقاط في صالحهن، لتبرير عدم رغبتهن في الجنس.

إذا كان الجنس حق من الحقوق الزوجية، فإن رفضه يمثل وصمة في شرف الأسرة. كذلك رأي الرجال أنهم لا يجب أن يبحثوا عن الجنس في مكان آخر طالما كانت زوجاتهم موجودات. كان الأزواج، وأفراد الأسرة الآخرين يعكسون هذه الفكرة للزوجات أحيانًا. وكان الحديث يحمل في طياته تهديدًا باستقرار الأسرة والهجر واتخاذ عشيقة أو زوجة أخرى أو إرجاع الزوجة إلى بيت والديها. لذا كان من واجب الزوجة أن تكون مستعدة لتلبية رغبة زوجها. قالت ليلى:

عندما يحاول أن يقترب مني وأقول لا، إنني أشعر بالسأم أو إنني لن أفعلها، أو أن الأطفال مرضى…. كان يقول ماذا تقولين؟ أخرجي من بيتي، إنني أطعمك! ” وإذا لم أطعه يقوم بضربي ويحصل على ما يريد (أي يمارس الجنس معي) “.

كان الرجال يشعرون بأن لهم دوافعهم عند استخدام العنف الجسدي (لم ينكر الرجال استعمالهم للقوة لحمل زوجاتهم على الاستجابة لهم فى الممارسة الجنسية). قال رافندرا على سبيل المثال، أنه اضطر لإجبار زوجته:

من الطبيعي أن تستجيب المرأة المتزوجة لزوجها، حتى إن كان ذلك ضد رغباتها. إذا قالت لا، فإن زوجها يمكن أن يشبع رغباته في مكان آخر. عندها ستعاني هي لاحقًا. وإذا لم تمنح المرأة لزوجها السعادة، فمن المحتم أن يذهب إلى مكان آخر. لذلك يجب على المرأة أن تقول نعم. إن المرأة يمكنها أن تقول لا لحبيبها وليس لزوجها “.

إن عدم المساواة في علاقات القوة بين النوعين (الرجال والنساء) يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة في النقاش حول الجنس والقهر. فقد برر بعض الرجال استخدامهم للقهر على أساس رفض النساء التعبير عن رغباتهن واحتياجاتهن الجنسية. وبما إنهم يؤمنون بأن الأزواج لهم الحق في ممارسة الجنس في الزواج، فإن العنف دائمًا سيجد تبريرًا له إذا ما استخدم في وجه عدم الرضا أو الرفض. لقد اتضح في علاقات السلطة ما بين أي زوجين، إن تلبية احتياجات الرجل لها الأولوية على موافقة المرأة. فبالنسبة للرجال، وبصورة كبيرة، كان إرضاء احتياجاتهم الذكورية أهم بكثير من الانتباه لشعور المرأة حول رغبتها في الممارسة الجنسية. أما بالنسبة للنساء اللائي كن يتعرضن للقهر في ممارسة الجنس، فقد كان الامتناع عن المشاركة الفعالة وسيلتهن للتحكم في الموقف الذي لا يردنه أصلاً.

وتظل الاستراتيجية الأكثر فعالية التي يستخدمها الرجال هي نشر صورة المرأة/ الزوجة الحسنة التي تطيع زوجها وتكون مستعدة لتلبية رغباته الجنسية عندما يريد.

هناك شعور عام تعبر عنه غالبية النساء وهو أنه ليس من اللطيف أن تقول المرأة لا في كثير من الأحيان. لأنه فوق كل شيء، هو الزوج، وقد تزوجك لهذا الغرض “.

لذا، فإن الثقافة المحلية قد حددت الإطار الذي تستطيع المرأة بداخله مناقشة الممارسات الجنسية والمتطلبات.

وبالرغم من أن النساء تحدين هذه المعتقدات، فإن مجرد وجودها ربما كان ذا تأثير يتحكم فيهن.

المناقشة بدلاً عن الرفض

لم يكن محتومًا على النساء الاستسلام للعنف في جميع الأوقات. فقد حاولت أغلب النساء مناقشة النتائج في كل مرة يحدث فيها الجنس ضد رغباتهن. لقد كن واضحات أيضًا أنهن في ظروف محدودة لهن الحق والقدرة على رفض الجنس، عندما يكون الأزواج تحت تأثير الكحول مثلاً، كان أغلب الأزواج الذين يتعاطون الكحول بشراهة يلجئون إليه لأنه ليس لديهم عمل ثابت، وتتحمل النساء نفقات الأسرة. عندما يسعى الزوج الثمل للجنس، كانت المرأة تشعر بأنه من حقها الرفض، حتى إذا أدى ذلك إلى تعرضها للضرب. كان زوج جويا يتعاطى الكحول ويسعى إلى ممارسة الجنس معها يوميًا، وكانت هي تقبل مرتين في الأسبوع وتقاوم في كل المرات الأخرى. كانت تشعر أن الرجال يحتاجونه وتتمنى لو أنها أعطت زوجها ذلك الحق أحيانًا، لأنه سوف لن يبحث عنه في مكان آخر أو يجبرها عليه في أحيان أخرى.

كانت النساء أيضًا ترفضن الجنس في أثناء نزول الدورة الشهرية، وفي نهاية الحمل وبعد الولادة مباشرة وفي حالات المرض أو الإجهاد. وإذا كانت الحالة مزمنة يتم النقاش حول عدد المرات التي يمارس فيها الزوجان الجنس. عقدت خيرونيسا التي كانت تعاني من هبوط الرحم، اتفاقية في هذا الخصوص مع زوجها، الذي كان ملتزمًا بالاتفاق على مضض في الفترة التي عرفناها فيها. كذلك كانت النساء ترفضن الجنس مع أزواجهن إذا كن يتفادين الحمل ولا يردن استخدام أي موانع، حتى يصل الزوجان إلى حل المشكلة. كانت فريدة تتعامل مع زواجها على أنه عقد به التزامات على الطرفين. فعندما كان زوجها لا يعمل، ترفض هي طلبه لممارسة الجنس، و يقبل هو برفضها.

وعمومًا، فإذا رأت المرأة أن زوجها يسعى إلى الجنس كثيرًا فإنها يمكن أن ترفض أحيانًا. تقول لاكشمي المتزوجة منذ ١٤ عامًا وتعيش في غرفة واحدة بمشاركة ٤ أشخاص بالغين و٤ أطفال:

لا أسمح له بأن يفعلها في كل المرات. لقد أيقظني يومها عند الثانية صباحًا، ألا يتضايق المرء من ذلك؟ ولكن هذه هي رغبة الرجال، لذلك فأنا أسمح له أحيانًا. أما إذا كان يريد ذلك بانتظام، أو كثيرًا، فأنا فعلاً أشعر بالضيق وأخبره بأن المنظر لا يبدو لطيفًا “.

عوامل السن واكتمال عدد الأطفال

لقد ظهر لنا أن الاعتقاد السائد في هذا المجتمع هو أنه بعد سن معين وعندما يكون الزوجان قد أكملا عدد الأطفال الذي يريدانه وحصلا على أشياء أخرى يريدانها من الحياة، فإن التعبير عن الرغبات الجنسية لا بد أن يحدث بعد الكثير من التفكير وفي مرات أقل مما كان عليه عند بدء الزواج وتكوين الأسرة.

إن النساء اللائي كن يشعرن أن زمن الجنس قد فات كن أكثر ترددًا في منحه لأزواجهن ولم يكن يشعرن بالمتعة في الغالب، لكن كانت تدفعهن اعتبارات الاستقرار الزوجي والاحتياجات الجنسية للأزواج، اعتقدت النساء والرجال معًا أن رغبة النساء في الجنس وحاجتهن له تتناقص مع ازدياد فترة الزواج والمسئوليات الأسرية، بينما تنقص رغبة الرجال و حاجتهم إلى الجنس بسرعة أقل أو تظل كما هي.

كان الرجال يلطفون ممارستهم أحيانًا بالاعتقاد بأن النشاط الجنسي لا بد أن يقل تدريجيًا مع السنين. وكان الذين لا يستخدمون القهر المباشر ممن هم متزوجون لسنوات، أكثر ترددًا في فرض مسألة الحقوق الزوجية خوفًا من أن يوصفوا بأنهم متعطشون للجنس في الوقت الذي يفترض أن تكون حاجتهم له قد تناقصت كثيرًا. يعتقد سامبهاجي ، الذي يبلغ من العمر ٣٣ عامًا وهو متزوج منذ ١٣ عامًا، أن زوجته سيسعدها ألا تمارس الجنس ثانية على الإطلاق “. إنها لم تكن توافق دائمًا على طلبه للجنس، ولم يجبرها هو في أي مرة. كانت آراؤه حول ضبط النفس والقناعة الجنسية وتقدم السن مع الجنس تقوده ليقرر ألا يجبر زوجته على ذلك:

ما الفائدة من رغبة جنسية عارمة في هذا السن ؟ إذا كان للزوجين ثلاثة أو أربعة أطفال، فهذا يكفي في صغرنا كنا متحمسين جدًا للجنس، لقد كنا نستمتع به ما استطعنا. وقد أشبعنا رغباتنا. الآن علينا مواجهة الكبر “.

كانت للنساء والرجال الذين أجريت معهم المقابلات آراء مختلفة حول المخاطر المتعلقة بالجنس في الزواج. فبالنسبة للنساء كانت هذه المخاطر تكمن في الجنس العنيف والقسري والحمل غير المرغوب فيه ونتائجه، والآثار الجانبية لموانع الحمل، ونتائج الأمراض المنقولة جنسيًا في حالات عدم الإخلاص في العلاقات الزوجية. لم توضح أي من النساء اللائي أجريت معهن المقابلة أن لها علاقات جنسية خارج الزواج.

قالت 15 امرأة ممن تمت مقابلتهن أن لأزواجهن علاقات خارج الزواج، أو كان لهم ذلك في وقت سابق. أربعة من هؤلاء النساء عانين من أعرض عدوي في السابق وستة منهن رأين أنهن كن في خطر. لم تعان مانيشا أبدًا من أي أعراض مرض جنسي بينما كان زوجها يرتاد بيوت الدعارة وقد عاني هو نفسه من أعراض مثل قرح العضو التناسلي والحكة. وقد حاولت هي اتخاذ بعض المحاذير الوقائية باقتراحها أن يستخدم زوجها العازل الطبي معها، لكنه رفض. عندها بدأت هي في رفض ممارسة الجنس معه في الأيام التي يساورها الشك بأنه قد ذهب فيها إلى بيوت الدعارة. وبالرغم من ذلك لم تكن تكثر من الرفض حتى لا يشعر زوجها بأن له مبرراته للتعامل مع الداعرات.

عانت ليلي و زينات كلتاهما من آلام أثناء الممارسة الجنسية، وقرح في الأعضاء التناسلية وحكة وإحساس بسخونة عند التبول. وقد عاني زوجاهما من نفس الأعراض. لقد ذكرت زينات آنفًا أنها زوجة المدينة بالنسبة لزوجها، فقد كان يمضي نصف العام في الريف مع زوجته الأخرى، كما يمارس الجنس مع نساء أخريات أحيانًا.

كانت زينات تعلم بأنه هو السبب في تلك الأعراض التي تشعر بها. ولحماية نفسها، كانت تتشاجر مع زوجها وترفض ممارسة الجنس معه، لكنه كان يستخدم القوة لقهر مقاومتها. إنها مقتنعة بأن زواجها لن يدوم طويلاً، مما يمنحها الشجاعة لمقاومته “.

ذكرت ليلى أيضًا، في وقت سابق، إنها تشعر بأنه ليس لها خيار آخر غير البقاء متزوجة من زوجها العنيف، سيئ الأخلاق، كثير الشك، الذي يسئ معاملتها، وهي متزوجة به منذ ١٢ عامًا. فقد كان والداها ينصحانها دائمًا بالبقاء معه، وأنه سيتغير ويصبح أفضل. لقد كان زوجها هو الرجل الوحيد الذي تمارس معه الجنس، ولكنها كانت تشك في أن له علاقات جنسية مع نساء أخريات، وكانت إصابتها بأعراض تناسلية تؤكد لها تلك الشكوك. لم تجرؤ ليلى على سؤال زوجها أن يستخدم العازل الطبي، لأنه ما كان ليتردد في ضربها لقد ذكرت أنه كان يثق فيها جنسيًا، ومن ثم كان يمكن أن يشك في المصدر الذي تعرفت منه على العوازل الطبية. لذلك لزمت ليلى الصمت، واستمرت في ممارسة الجنس معه متي أراد ذلك حتى وإن كان أحدهما يعاني من أعراض الإصابة في ذلك الوقت.

وعلي النقيض من هؤلاء النساء لم تكن التسع الأخريات اللائي يرين أنهن معرضات لخطر الأمراض المنقولة جنسيًا بالرغم من علمهن بأنه كانت لأزواجهن علاقات جنسية خارج الزواج، في بعض الحالات، كانت النساء تظن أن علاقة ثلاثية (بينها وبين وزوجها والمرأة الأخرى) سوف تكون خالية من الخطر لأن الجنس هنا محصور بين ثلاثة أفراد.

لقد شعرن بعدم القدرة على اتخاذ أي خطوة لحماية أنفسهن بعدما قمن بتقدير المخاطر الاجتماعية في مقابل الفائدة التي يجنينها من تغيير الوضع القائم لزواجهن. وقد حاولت بعض النساء تقليل النتائج الجسدية والاجتماعية لعلاقات أزواجهن بنساء أخريات عن طريق المناقشة ورفض الجنس أحيانًا. وحاولت أخريات الحديث إلى أزواجهن على أمل تغيير طريقتهم وذلك بأن يعزفن على وتر إحساسهم بالخجل ورغبتهم في المحافظة على المستوى الاجتماعي. وقد اعترفت ثلاث نساء بأنهن قد واجهن المرأة الأخرى في محاولة لاستعادة أزواجهن. في غياب الطرق الممكنة للوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا التي قد تستعملها النساء(13,14)، وفي النهاية تبقى المناقشة وتفادي الممارسة الجنسية الخيارات الوحيدة المطروحة أمامهن الحماية أنفسهن.

كان الرجال أيضًا على وعي بمخاطر الإصابة ونقل الأمراض الجنسية عن طريق العلاقات الجنسية خارج الزواج. أربعة عشر منهم لم يقيموا علاقات جنسية إلا مع زوجاتهم فقط. ومن بين التسعة الآخرين، كان لواحد منهم فقط علاقة جنسية خارج الزواج. أما البقية فقد كانت علاقتهم الجنسية مع الزوجة فقط منذ تاريخ زواجهم، لذلك كانوا يرون أن احتمال تعرضهم لعدوى الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس ونقلها لزوجاتهم هو احتمال شبه منعدم، ولم يكن هناك مبرر، في نظرهم، لأن تستخدم الزوجات هذا السبب كذريعة لرفض المضاجعة الزوجية.

اختلاف علاقات القوة في الممارسات الجنسية والمفاوضة حول الجنس

توضح هذه الدراسة أن مناقشة الأمور الجنسية في الزواج بين النساء والرجال تدور بالأساس حول ممارسة الجنس وعدد مرات الممارسة والأخذ بزمام المبادرة في العملية الجنسية أو التقاعس عن ذلك وفي أحيان قليلة جدًا حول السلامة الجنسية. وتعتمد نتيجة كل مناقشة على أهمية العلاقة الزوجية في نظر كل من الزوجين وعلى الاستقرار الزوجي والانسجام بينهما والآراء المتفق عليها ثقافيًا حول القدرات الجنسية للرجال والنساء والعلاقات الجنسية الزوجية. إن أسباب ونتائج المناقشات حول الجنس تتغير على مدى العلاقة الزوجية، لكنها على كل حال سمة ثابتة من سمات الحياة الزوجية.

لقد اتضح لنا أن النساء يستخدمن منع الجنس كمورد من مواردهن، أو كعامل للمساومة، وذلك لعقاب أو ثواب أزواجهن. وكان عليهن استخدامه بمهارة، واضعات في الاعتبار حماية مصالحهن والمحافظة على سلوكهن في إطار مقبول اجتماعيًا. إن هذه المقايضة تمثل في حد ذاتها تحديًا في وجه الاعتقاد التقليدي بأن للرجال حقوقًا زوجية غير قابلة للنقاش. هناك فهم سائد بأن الجنس هو جزء من الحياة الزوجية، لذلك لا توجد مشروعية في قدرة النساء على رفض أزواجهن باستمرار دون المخاطرة بفقدان الدعم المادي، والتعرض للقهر وأحيانًا العنف الجنسي وعدم الاستقرار وانهيار الزواج.

اعتبرت النساء اللائي يمثل العيش بالنسبة لهن هما يوميًا أن الجنس واجب، وقد جاء الإشباع الجنسي في نهاية قائمة أولوياتهن. أما من كن يتمتعن بحياة أفضل فقد أظهرن الرغبة في حياة جنسية أكثر إشباعًا، ولكنهن ظللن مقتنعات بأن الإشباع الجنسي مصدره الأساسي هو الاستقرار المادي والزوجي. أما الرجال فقد أعطوا أهمية أكبر للإشباع الجنسي عن النساء، وكانوا أكثر تعبيرًا عن الإحباط الذي يصاحب عدم الإشباع. كان الرجال يلجأون لقهر زوجاتهم للحصول على الجنس إذا رفضت الأخيرات، باعتباره حقًا من حقوقهم، حتى لو اعتبرته الزوجات اقتحامًا غير مرغوب فيه.

هذا وتظل هناك ضغوط كبيرة من أجل بقاء المرأة متزوجة طالما أن المكانة الاجتماعية تتوفر عن طريق الزواج. وتقوم الأسر في العادة بدعم هذه الأيديولوجيا برفضهم احتضان الفتيات المتزوجات اللائى يتركن أزواجهن. ويضع هذا قيدًا كبيرًا على حرية النساء في اتخاذ قراراتهن حول الجنس.

يرتبط النقاش حول الممارسة الجنسية الآمنة بفهم الشخص لمفهوم الخطورة، والإحساس بإمكانية تعرضه للمرض وقدرته على اتخاذ أي فعل لتقليل الخطورة. إن الممارسات الجنسية الآمنة والفعالة لا تعتبر إلي الآن جزءًا من أجندة المناقشات حول العلاقات الزوجية في مومباي. فقد اتضح في هذه الدراسة أن النساء قدرة محدودة على حماية أنفسهن من الأمراض المنقولة جنسيًا. وفي نفس الوقت ادّعي كل الرجال، عدا واحد، بأنهم يمارسون الجنس مع زوجاتهم فقط بعد الزواج، مما جعلهم يرون أن ممارستهم الجنسية آمنة.

اتضح أيضًا أن النساء الهنديات يستطعن مناقشة الأمان بصورة أكثر نجاحًا عندما لا تكن هناك أهمية قصوى للمحافظة على استمرار العلاقة، كما في حالات البغايا اللاتي يمارسن الدعارة (15) ولا تتوفر الظروف حاليًا للنساء في مومباي للتمتع بهذه الخيارات.

ارتبطت نوعية الحياة الجنسية والتجارب والممارسات الجنسية بنوعية علاقات القوة بين الزوج والزوجة، والتي ارتبطت بدورها بالموارد المتوفرة للزوجين معًا ولكل منهما على حدة. وهي تضم الموارد الملموسة مثل المكان والخصوصية وعدد ووضع الأشخاص الذين يشاركون الزوجين في المسكن؛ والموارد الاقتصادية مثل دخل الأسرة ومن الذي يساهم فيه؛ والموارد الاجتماعية مثل دعم الأسرة؛ والمفاهيم الأيديولوجية والثقافية حول السلوك المقبول من النساء والرجال. كذلك هناك علاقة معقدة بين الأوضاع الاقتصادية والأسرية، والعنف، ومفهوم النوع والواجبات الاجتماعية من ناحية والمفاهيم المختلفة حول الاحتياجات والرغبات الجنسية في العلاقات الزوجية من ناحية أخرى. وتأخذ المفاوضات الجنسية أشكالاً متعددة في هذا الإطار، ولا تكن النساء دائمًا من الضحايا، ولا الرجال هم المنتصرون في هذا السياق. إذ يخضع أي تفاعل جنسي بين الاثنين للمفاوضة، ويعتمد على الموارد الملموسة والاجتماعية والثقافية التي يستعين بها كل من الشريكين في ذلك الوقت، وعلى تاريخ علاقتهما وقيمة ومعنى الزواج والجنس لكل منهما. يعبر طغيان الرجال واستسلام النساء عن توازن القوى التقليدي المبني على النوع، ويعتبر مقياسًا لمدى استقرار الحياة الزوجية والأسرية. وبالرغم من أن علاقات القوة دائمًا ما تميل لمصلحة الرجال الذين يملكون موارد أكثر من تلك التي تملكها النساء، إلا أن النساء قد بدأت في تحدي هذا التقليد تدريجيًا في جوانب متعددة لحياتهن. ولم تكن نتيجة المفاوضات ثابتة أبدًا إذ كانت للنساء كما للرجال القدرة على التأثير عليها لصالحهن. إن المفاوضة حول الجنس هي أحد أساليب ممارسة السلطة؛ وقد يساهم هذا بالإضافة إلى قدرة الحصول على الموارد في إعطاء فرصة ومساحة أكبر للنساء للتأثير على طبيعة تجاربهن الجنسية.

 

تستند هذه الورقة إلى نتائج مشروع البحث الذي مولته مؤسسة Rockefeller Foundation، المنحة رقم RF وتعتبر الآراء الواردة فيها للكاتب، ولا تعبر عن 93045 – 16 آراء المؤسسة.

الشكر الجزيل لـ

Padma Velaskar, Jayashree Ramakrishna, and Bert Pelto

لتقديمهم النصح خلال فترة هذا المشروع

للمراسلة:

Annie George, Fax :1-415-476-6552 E-mail:mailto:[email protected]

 

1-Agarwal B, 1994, A Field of One’s Own: Gender
and Land Rights in South Asia. Cambridge Universí-
ty Pressa nd Foundation Books, New Delhi.

2- ManeP. Rao Gupta G, Weiss E, 1994. Effec-
tive communication between partners : AIDS and risk
reduction for women. AIDS. G(Suppl 2 ) :S 325-
31.

3- Rao Gupta G, Weiss E. 1993. Women’s lives
and sex : implications for A IDS prevention. Culture.
Medicine and Psychiatry , 17: 399 -412.

4- Surveillance for HIV Infection IAIDS Cases
in India ( 1986 to February 28. 1988 ). National
AIDS Control Organization. 1998. (mimeo)

5- Nag M, 1995 Sexual behavior in India with
risk of HIV / AIDS transmission. Health Transition
Review. 5 ( Supplement ) : 293 – 305.

6- Savara M, Sridhar CR, 1993. Sexual behavior
of urban , educated women: results of a survey
Shakri , Bombay. (manuscript )

7- Savara M, Sridhar CB , 1994. Sexual behavior
amongst different occupational groups in Maharashira
.India and the implications for AlDS education. Indi-
an Journal of Social Work. 55 (4) : G 17 – 32 –

8- Savara M, Sridhar CR, 1992. Sexual behavior
of urban , educated women : results of a survey, Jo
urnal of Family Welfare – 38 (1 ): 30 – 43.

9- Khan ME, Khan I, Mukharjee N, 1998. Men’s

attitude towards sexuality and their sexual behavior
observations from rural Gujarat. Paper presented at
Men , Family Formation and Reproduction , IUSSP
Seminar , Buenos Aires, 13 – 15 May.

10-.Khan ME. Townsend JW, Sinha R et al
1906. Sexual violence within marriage. Seminar, 4177
:32 – 35.

11- George A , Jaswal S , 1995. Understanding
Sexuality : Ethnographic Study of Poor Women in
Bombay. Women and AIDS Program Research Re-
port Series No. 12. International Center for Research i
on Women , Washington DC.

12- Gittelsohn J et al , (eds ), 1994. Listening to
Women Talk About Their Health. Issues and Evi- i
dence from India. Ilar – Anard Publications New
Delhi.

13- Elias CI, Coggins C, 1996. Female – con-
trolled methods to prevent sexual transmission of
HIV / AIDS. AIDS. 10 ( Supp ) 31 :S43 – 51 .

14- Gollub E I Stein ZA, 1993. Commentary
the new female condom – Item 1 on a woman’s AlDS
prevention agenda. American Journal of Public
Health, 83: 498 – 500.

15- Bhave G, Lindan CP, Hudes ES etal, 1995. Im-
pact of an intervention HIV, transmitted diseases and
condom use among sex workers in Bombay, , India.
AIDS – 9 (Supp ) 9:S 21 – 30.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي