الوطنية والنسوية

تاريخ النشر:

2002

كتابة:

الوطنية والنسوية

المرأة الفلسطينية والانتفاضة.. لا تراجع

نهلة عبده

لا تراجع“.. تعبير تؤكده مجدداً النساء الناشطات في الانتفاضة الفلسطينية المستمرة. وبإشارة غير مباشرة إلى تجربة الجزائر، وإشارة مباشرة إلى تاريخ الاستعباد في فلسطين، يبرز دور المرأة الفلسطينية في تحقيق تقدم تاريخي. ما هو الأساس المادي لهذا الاعتقاد الراسخ حول وجود اختلاف وتغيير؟ هل هي حرارة الانتفاضة التي تبدو وكأنها تبدد ولو مؤقتاً بعض الاختلافات القديمة داخل المجتمع الفلسطيني التقليدي؟ أم أن هناك عملية أصيلة من التغير الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي تنخرط فيها المرأة وتتعهد برعايتها، حتى بعد تحقيق الاستقلال الوطني؟

تعني كلمة الانتفاضة اليقظة التلقائية التي تنتج عن صدمة قاسية (أصل الكلمة هو انتفض، أي استيقظ نتيجة صدمة أو هزة)، وتدل على عملية اهتزاز أساسية أو تنظيف المنزل (والأصل هنا هو نفض أو قلب كل شئ رأساً على عقب). وفيما يتعلق الأمر بالانتفاضة، فمن العبث البحث عن أي حركة تلقائية غير مخططة أو غير منظومة. فالانتفاضة تتضمن عملية من التغيير الأساسي، والمطلوب هو دراسة طابع هذه الحركة وطبيعة مشاركة المرأة فيها. وسوف نتناول في هذا الفصل التساؤلات التالية: ما الذي تغير في العلاقات الاجتماعية الفلسطينية التي تضع النوع الاجتماعي في منظورها؟ وهل هو تغير رئيسي، سواء بالنسبة للمجتمع الفلسطيني بشكل عام أو المرأة بوجه خاص؟ كيف تدرك النساء الناشطات مفهوم

الوطنية كأيديولوجية تُعد بمثابة قناع يتوارى خلفه كل من النوع الاجتماعي والطبقة؟ وبعبارة أخرى، ما هي الأسس الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية الجديدة بالنسبة لإيمان المرأة بالتغير الحقيقي أو الأساسي الممكن؟

للإجابة على هذه الأسئلة، سندرس العلاقة بين النسوية والوطنية عن طريق وضع نضال المرأة الفلسطينية داخل إطار تاريخي. يرتكز هذا البحث على عمل ميداني بالضفة الغربية وقطاع غزة خلال صيف 1990. وقد جرت أغلب المقابلات في بيت سحور (الضفة الغربية) وبيت حانون (قطاع غزة) خلال شهري يونيو ويوليو ١٩٩٩. كما قمت أيضًا بزيارة عديد من المشروعات التعاونية في الضفة الغربية، كجزء من دراستي للبُعد الاقتصادي من الانتفاضة.

 

تتعلق المشكلة المفاهيمية الرئيسية هنا بالعلاقة بين تحرير المرأة والتحرير الوطني. والوطنية ليست شكلاً محايداً للتعبير. فعلى الرغم من الطابع التاريخي الذي تكتسبه كشكل من أشكال النضال المعادي للاستعمار، لا تدور الوطنية حول حرية النوع الاجتماعي، أو حرية الطبقة،أو الحرية العرقية. لقد كتبت بينيديكت أندرسون عام 1993 تقول إن لقد ثبت أن الوطنية تمثل خروجاً غير مريح عن القياس بالنسبة للنظرية الماركسية، ولهذا السبب تحديداً لاقت تجاهلاً وليس مواجهة“(1). كان النضال الوطني في ذلك الحين ما يزال مقتصراً إلى حد كبير على بلدان العالم الثالث، وكان يمكن، في تلك الفترة، تحديد نمطين رئيسيين من أنماط النضال الوطني: نضال جنوب أفريقيا، والنضال الفلسطيني. أما اليوم، فمن الواضح أن أعوام التسعينيات كانت تؤذن بمرحلة تاريخية جديدة في تطور المسألة الوطنية. وأثناء كتابتي لهذا الفصل، كنت أتذكر دائماً النقاشات العاصفة التي شهدتها الحكومة الكندية حول اتفاقيات بحيرة ميخ، فضلاً عن قضية الكويبيك باعتبارهم يشكلون مجتمعًا قائما بذاته“. لم تعُد السيادة الوطنية قضية مشتعلة لشعوب العالم الثالث فقط؛ كذلك لا يبدو أن الطابع الوطني، المعادي بوجه خاص للكولوينالية والإمبريالية، يشكل الاهتمام الرئيسي للنضالات الوطنية.

إن الأحداث المأساوية الأخيرة التي شهدتها أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى الحركات القومية الانفصالية في الاتحاد السوفيتي السابق، لم تترك مجالاً للشك حول تعددية أشكال الوطنية وأهدافها. وتتطلب مهمة تعريف الوطنية، بل وإعادة تعريفها في وجه كل تلك التعقيدات، بذل جهود جماعية وواسعة النطاق. ومن الأرجح أن يتوقف أي تعريف شامل للقضية على الناتج المستقبلي لتلك الحركات الوطنية / القومية الجديدة.

ومع ذلك، ولخدمة أغراض هذه الدراسة، سوف نستخدم مفهوم الوطنية في سياق خاص، تحديداً، بقدر ما يتشابك مع تعبئة النساء في النضال الوطني. توضح الخبرة التاريخية السابقة أن النساء كن مستبعدات بدرجة كبيرة من الاضطلاع بأي دور قيادي نشط في النضال الوطني. وفي الحالات التي شاركن فيها بنشاط بالفعل، كانت خبرتهن شديدة المرارة. وفي جميع حركات التحرر تقريباً، التي شاركت فيها النساء بنشاط، أصبح تراجع أدوارهن بشكل عام، حقيقة من حقائق الحياة بعد إنجاز التحرر الوطني وإنشاء الدولة القومية.

تطرح الأدبيات أن أيديولوجية الوطنية تُعد قوة ضارية قادرة على استخدام النساء المشاركات في العمل الوطني، وكذلك سوء استخدامهن، بل والإساءة إليهن. تروج الوطنية بشكل عام لخطاب خاص حول المرأة. ويجري تعريف النساء خلال هذا الخطاب باعتبارهن المسئولات عن صون جنود الوطن، وأبطاله الوطنيين، والقوى البشرية وإعادة إنتاجها. ويمكن أيضًا استخدام مفهوم الوطنية كسلاح ذو حدين: كآلية للهيمنة والقمع، وكقوة كامنة للتحرر الاجتماعي وتحرر النوع الاجتماعي.

وفي حين يركز هذا الفصل على الشكل الثاني لمفهوم الوطنية أي النضال من أجل التحرر فسوف نتعرض بإيجاز لمناقشة بعض الملامح المميزة لتعبئة المرأة من أجل صيانة، وإعادة إنتاج مفهوم الوطنية على المستوى المؤسسي للدولة. يشيد مفهوم الوطنية الرسمية بأيديولوجية الأمومة، التي تحيل النساء إلى البيت بتركيزها على تحديد الميدان المناسب لهن في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال تربية الأطفال والاضطلاع بالمسئوليات الأسرية كزوجات وأمهات (٢). وتُعتبر إعادة الإنتاج البيولوجي والاجتماعي بمثابة المسئولية المقدسة الموكلة للنساء.

وبغض النظر عن الشكل الذي تتخذه الدولة القومية، فإن تلك الدولة التي تحصر دور المرأة في إعادة الإنتاج (المقصود هنا الدور الإنجابي) باعتباره دوراً أساسياً، لا تحمل داخلها بذور التمييز على أساس الجنس فحسب، وإنما تشتمل أيضًا على بذور التمييز العرقي/ العنصري. ويصدق ذلك على حالة إسرائيل، حيث كانت الحاجة إلى دولة تقتصر على اليهود، والأمهات اليهوديات، تُعد ملمحاً رئيسياً متاصلاً في صلب المؤسسات السياسية والقضائية الإسرائيلية. وبالتالي، كان متوقعًا من النساء اليهوديات الإسرائيليات أن يعدن إنتاج الأمة اليهودية في الداخل، فضلاً عن إعادة إنتاج الطائفة اليهودية الدولية في الخارج. ويتطلب الأمر أن تمتلك الأمهات اليهوديات عددًا كاف من الأطفال من أجل التعويض عن الأطفال الذين تم فقدهم في محرقة النازي، وما يُطلق عليه في إسرائيل المحرقة الديموغرافية والاستيعاب” (۳)

وعلى الرغم من اختلاف الوسائل التي تستخدمها الدول القومية في تنفيذ السياسات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، عادة ما تتسم هذه السياسات بطبيعة قمعية. وفي داخل السياق الإسرائيلي، نجد أن القومية اليهودية، وهو تعبير مخفف للتعبير عما يعد في الواقع عنصرية ديموغرافية، تسفر عن إنتاج سياسات منقسمة عنصرياً في مجال النوع الاجتماعي. وعلاوة على استخدام إسرائيل للوسائل الاقتصادية والسياسية (مثل الحد من تيسر الحصول على التعليم، والعمل، والحركة الاجتماعية) من أجل تثبيط همة السكان العرب الفلسطينيين، تتبنى أيضًا سياسات منحازة عنصرياً نحو مواطنيها من النساء. وتضم هذه السياسات تقليص فوائد التأمين القومي للأطفال العرب، وتشجيع عيادات الإجهاض، وحصول النساء العربيات على وسائل منع الحمل بالمجان. كما قامت إسرائيل، في نفس الوقت، بعمل كل ما هو ممكن من أجل تشجيع معدلات مواليدها، بوضع عراقيل أمام حصول النساء اليهوديات على وسائل منع الحمل، فضلاً عن تقديم حوافز أخرى مثل إنشاء صندوق تشجيع الإنجاببهدف دعم قروض الإسكان للأسر اليهودية التي تنجب أكثر من ثلاثة أطفال“(4).

إن بناء هوية المرأة على أساس عنصري أو عرقي محض يصدق بنفس القدر في حالة نظام جنوب أفريقيا. لقد حصلت المرأة على حق الانتخاب بموجب قانون صدر عام 1930 وينص على ما يلي: “كلمة المرأة تعني المرأة التي تنحدر من أصل أو نسب أوروبي أو تنتمي لسلالة أوروبية“. تقوم الأمهات، من وجهة نظر نظام الفصل العنصري، بدور جوهري في تقديم دعم شخصي للحلول العسكرية وإضفاء المشروعية عليها في مواجهة نظام الفصل العنصري“(5) ولا تقتصر هذه السياسات على الدول غير الديمقراطية. فالديمقراطيات الليبرالية، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، معروفة باستبعاد النساء الفقيرات والملونات، وإجبارهن على التعقيم أو استخدام وسائل تنظيم الأسرة مثل حقن ديبوبروفيراالمعروف إنها تسبب السرطان (6)

توضح هذه الأمثلة ضرورة التمييز، من الناحيتين النظرية والسياسية، بين الأيديولوجية الوطنية للدولة القمعية وبين أيديولوجية نضال التحرر الوطني. وعلى الرغم من ذلك، يجدر أن يدرك الرجال والنساء المنخرطين في النضال الوطني الملمح القمعي الممكن الوطنية المؤسسية. فقد تشكلت، على سبيل المثال، عناصر الثقافة الوطنية الفلسطينية كرد فعل للثقافة السياسية الاسرائيلية. ومن زاوية تاريخية، تركز مفهوم الوطنية الفلسطينية حول أفكار مثل أم الشهداءأو الوطن الأم الخصيبمن ناحية، وحول فلسطين وطن الآباءمن ناحية أخرى. إن شعارات مثل يضربنا الإسرائيليون على الحدود، لكننا نضربهم في غرف النوم؛ أو قصيدة محمود درويش الشهيرة سجل.. أنا عربية.. وأطفالي ثمانية.. وتاسعهم سيأتي بعد صيفية. فهل تغضب؟توضح بجلاء الثقافة الوطنية العميقة لدى الفلسطينيين في الشتات. وبقدر ما تشكل تلك القيم الوطنية الشعبية الهوية والكرامة الفلسطينية، ولو بشكل جزئي، فإنها في نفس الوقت تعد قيم منحازة وغير مقبولة بالنسبة للنساء.

ومع ذلك، وعلى خلاف الأشكال المؤسسية الوطنية، تستطيع الثقافة الوطنية الناتجة في سياق النضال الوطني أن تكون تحريرية وتقدمية. لكن ذلك يتوقف على درجة انخراط النساء بنشاط، فضلاً عن نجاحهن في وضع قضايا المرأة في موضع الصدارة بالبرنامج الوطني. ويعتمد الجانب التحريري من حركة التحرر الوطني بنفس القدر على مدى قدرته على تحقيق التضافر بين نضال المرأة والنضال الطبقي. وسوف أتناول، فيما يلي تقييم النضال الوطني الفلسطيني من زاوية مكوناته المرتبطة بالنوع الاجتماعي والطبقة.

من الأهمية إجراء إعادة بناء لأحد أبعاد التاريخ الفلسطيني التي لم تحظ سوى باهتمام قليل، ونعني مشاركة المرأة في النضال الوطني قبل الانتفاضة. سوف نحدد ثلاث مراحل تاريخية لتطور المرأة: (1) الفترة الواقعة بين عامي ١٩٢٠ ١٩٤٨؛ (٢) الفترة الواقعة بين عامي ١٩٤٩ ١٩٦٧؛ (٣) الفترة الممتدة منذ عام 1967. إن عملية التقسيم إلى مراحل ليس يسيرة كما يمكن أن تبدو، إذ توجد فترات انقطاع عبر تلك السلسلة المتصلة. وباستثناء المرحلة الأولى، من ١٩٢٠ إلى 1948، شهد تطور الثقافة الفلسطينية بشكل عام، والنساء بوجه خاص، حالة تمزق مأساوية. تختلف الظروف المادية، وما يترتب عليها من أنماط أيديولوجية وثقافية للعلاقات التي تطورت بين الفلسطينيين بعد عام ١٩٤٨، اختلافاً جذرياً من مجتمع لآخر. فالفلسطينيون الذين بقوا في فلسطين بعد إنشاء دولة إسرائيل، ورزحوا تحت نير الحكم العسكري، وتحولوا إلى أقلية من المواطنين من الدرجة الثانية، قد كانوا منخرطين في أشكال بعينها من النضال والبقاء. واتبع غالبية الفلسطينيون الذين طُردوا من فلسطين بعد عام 1948 أشكالاً مختلفة من البقاء والنضال. وعلاوة على ذلك، كانت العلاقات الاجتماعية والعلاقات بين الجنسين تختلف من منطقة لأخرى بين الفلسطينيين، وفقاً للنظام السياسي الاقتصادي بكل دولة مضيفة“.

واجه الفلسطينيون، خلال تلك الفترة، شكلين من أشكال الحكم القمعي: الكولونيالية البريطانية، والاستيطان الصهيوني. أدت هذه القوى إلى تكثيف عملية التحول الفلسطيني، مما قاد بدوره تدريجياً إلى تآكل الاقتصاد الزراعي التقليدي الذي كان يحقق اكتفاء ذاتياً نسبياً. إن نزع ملكية ما يزيد عن ٢٣% من الأراضي المنزرعة في فلسطين، وما ترتب عليها من تحول الفلاحين إلى بروليتاريا، قد أثرت على أحد أهم الهياكل الاجتماعية/ الثقافية في المجتمع الفلسطيني، وتحديداً الحامولا” – أو الأسرة الممتدة – الفلسطينية.

لم تكن الحامولا التقليدية وحدة غير متمايزة من الاعتماد المتبادل. كانت تتسم ببنية تراتبية هرمية، وأبوية، وترتكز على النوع الاجتماعي، والسن، والفروق الطبقية. ويصدق ذلك بوجه خاص منذ تطور الرأسمالية في فلسطين في بداية القرن العشرين.(۷) انتشرت بنية الحامولا بين ملاك الأراضي والفلاحين الأثرياء أكثر من انتشارها بين الفلاحين الفقراء ومن لا يملكون أرضاً. وعلى الرغم من ذلك، استمرت هيمنة القيم الثقافية المرتكزة على الحامولا. فمن خلال زواج الأقارب والاستبعاد التقليدي للمرأة من الملكية، كان المتوقع من النساء أن يقمن بدور صون وإعادة إنتاج السلطة الاجتماعية للحامولا وموقفها السياسي. وفي إطار هذا البناء الاجتماعي، كان يتم تعريف النساء، كما كانت النساء يعرفن أنفسهن، فقط باعتبارهن أمهات وشقيقات وزوجات وبنات الذكور داخل الحامولا. باستخدام تعبير روسانا روساندا، كان هذا الاستبدال للهوية، والمرتبط بالملكية، يتجلى في الفروق الطبقية لمشاركة النساء الفلسطينيات في المقاومة الوطنية خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين(٨) وفي أثناء تمرد الفلاحين عام ١٩٢٩، وثورة 1936 – ۱۹۳۹، كان التاريخ المدون يتحدث عن نشاط مجموعة واحدة فقط من النساء: أولئك المنتميات لطبقات النخبة. وهنا تدل كلمة المنتمياتعلى هويتي النوع الاجتماعي والطبقة اللتين اكتسبتهما هؤلاء النسوة أثناء نشاطهن السياسي.

استخدمت النساء أساليب تقديم العرائض، وتنظيم الإضرابات، وإرسال وفود إلى لندن, فضلاً عن الموكب الشهير الذي ضم ١٢٠ سيارة للنساء المحجبات، ونجحن في تنسيق جهودهن من خلال تقديم المناشدات من أجل أزواجهن وأبنائهن وآبائهن. إن أشكال الملكية مثل ابني، والدي، أسرتي، زوجي – كانت بديلاً عن الهوية النسائية. وعلى سبيل المثال، كانت الهيئة التنفيذية لأول مؤتمر نسائي عربي، ثم المنظمة النسائية الأساسية، تضم الأسماء التالية: “الرئيسة، حرم الدكتور خاليدي؛ وأمينة الصندوق الآنسة شاهندة دوزدار؛ والعضواتالسيدات: جمال حسيني، موسى علمي، عوني عبد الهادي، شكري ديب.. .”(9) لم ترد الإشارة إلى أي واحدة من النساء المذكورات باسمها، باستثناء أمينة الصندوق، بل وردت باعتبارهن بنات، وزوجات، وشقيقات عائلات ملاك الأراضي.(١٠)

كان هدف الحركة يتمثل في الإبقاء على الوضع الراهن وإصلاحه، وليس في القيام بثورة للإطاحة بالاستعمار البريطاني وتغيير العلاقات الاجتماعية. وهكذا، أرسل المؤتمر الأول للمرأة العربية (انعقد في أكتوبر ١٩٢٩) مذكرة تنص على ما يلي: “نحن النساء العربيات في فلسطين، نظراً للصعوبات الاقتصادية والسياسية الضخمة التي واجهناها، ونظراً لأن هدفنا لم ينل حتى الآن التعاطف والمساعدة التي يستحقها، فقد قررنا أخيرًا أن ندعم رجالنا في هذا الهدف… “. أو يأمل مؤتمر المرأة العربية مخلصاً أن تتعاطف سعادتكم (الحاكم البريطاني) مع هدفنا، وتساعدنا في تحقيق مطالبنا العادلة والمشروعة“.(11) وتجدر الإشارة إلى أن كلمة مطالبناتشير إلى مطالب البرجوازية الوطنية الفلسطينية التقليدية. ولا تكمن مشكلة هذا الشكل من النشاط والهوية النسائية في طابعه الثانوي والمساعد فحسب، إذ أن دور المرأة الريفية والفقيرة، كما سنرى، لم يكن يختلف جذرياً. لقد كان دور الطبقة موضع خلاف. وقد ساعدت هؤلاء النسوة، بانتحال ثقافة رجال النخبة، على إعادة إنتاج ثقافة تدعو إلى نفي وتهميش دور المرأة.

وبقدر ما يتعلق الأمر بسيادة المجتمع الريفي، تؤكد روساندا أن السلطة تفصل الرجال عن زملائهم بأكثر مما يفصل الفقر بين العبيد الذكور والعبيد الإناث؛ كما تفصل الصناعة أكثر من الزراعة عبر تقسيم مجال الوجود، وهو أمر له وزنه في السياق الفلسطيني.(12) إن الفلاحات، مثلهن مثل النساء الريفيات العربيات الأخريات، لم يعرفن أبدا الحجاب، ولم يحدث أبداً فصلهن، وإنما كُن يشاركن دائماً في العمل في الحقل كمنتجات مباشرات.(۱۳) وكان فقدان الأرض لا يعني بالنسبة للمرأة الريفية فقدان المكانة الاجتماعية الطبقية فهي مسألة لم تكن تهمها في المقام الأول، بل كان فقدان الأرض يعني نهايتها ونهاية حياة أطفالها. وخلال انتفاضة 1936 1939، كانت المناطق الريفية، بدرجة كبيرة، ميدان حرب العصابات التي تفجرت في كافة أنحاء فلسطين. وعلى الرغم من الطابع المساعد لمشاركة المرأة السياسية في هذا النضال، كان دورها يشتمل على المخاطرة بحياتها.

وعلى الرغم من أن قدراً كبيراً من التبعية الاقتصادية للفقراء على الأغنياء داخل الحامولا كان يتضائل في ظل الاستعمار البريطاني والصهيونية، فإن أيديولوجية الأسرة القائمة على الزوجين والدور المساعد الثانوي للمرأة ظلت باقية دون مساس. وفي الواقع، حدث تحول تاريخي في الدور الهامشي والثانوي للمرأة بعد إنشاء دولة إسرائيل وطرد ما يزيد عن 80% من الشعب الفلسطيني. وأصبح شعار العرض قبل الأرضأداة ثقافية قوية في الرد على عمليات الطرد والترحيل، والتي كان يصاحبها عادة مذابح للنساء والأطفال، فضلاً عن حالات الاغتصاب.(١٤) لقد أصبحت علاقة الاندماج بين الشرف والهوية شديدة القوة في مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.(15)

أما بالنسبة للفلسطينيين في المنفى، فمن المفهوم أن المسألة الوطنية وقضية التحرر الوطني كان تحل محل جميع القضايا وأهداف التحرر الأخرى، مثل المسائل المتعلقة بالطبقة أو النوع الاجتماعي. كما كان مفهوماً أيضًا أن النساء الفلسطينيات الناشطات والمناضلات باتحاد المرأة الفلسطينية (النساء اللاجئات خارج فلسطين)، عندما يتواجدن في المؤتمرات النسائية الدولية، يغالين في تأكيد مأزق الأمة الفلسطينية، لدرجة استبعاد الحديث عن مأزقهن كنساء. (١٦)

إن تعزيز الثقافة التقليدية، رغم اجتثاث القاعدة المادية التي أدت إلى إنهاضها في المقام الأول، ليس غريباً على تجمعات مخيمات اللاجئين. وقد مرت الأقلية الفلسطينية في إسرائيل – يُشار إليهم خلاف ذلك بعرب إسرائيل – بظروف مماثلة. ومما يبعث على السخرية هنا أن نفس الدولة التي تحاول، على الصعيدين السياسي والقانوني، الحد منهم عدديا، قد خلقت ظروفاً موضوعية أدت إلى تقوية حاجتهم الملموسة للتوسع ديموغرفياً. إن رد فعل الفلسطينيين في إسرائيل – بعد خضوعهم للحكم العسكري من 1949 حتى 1966، ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، وإنكار حقهم في التمثيل الاجتماعي والسياسيجاء متمثلاً في ارتفاع معدلات الإنجاب. وسواء كانت ردود الأفعال هذه تتسم بطبيعة اقتصادية كما شرح لي أحد الباحثين الاجتماعيين أو كانت وسيلة لتأكيد هويتهم، فما من شك أن المرأة كانت الضحية الأساسية لرد الفعل الوطني هذا. ولم يكن استخدام أساليب مؤلمة لإحداث الإجهاض، مثل حمل الأشياء الثقيلة، خافياً على أحد.(17)

تمثل الفترة الثالثة لمشاركة النساء الفلسطينيات في النضال الوطني، من 1967 حتى اليوم، تحولاً دالاً في وعي المرأة ونشاطها المنظم، وخاصة بالنسبة للنساء في الانتفاضة. ومع ذلك وقبل مناقشة الانتفاضة، يجدر إلقاء نظرة سريعة على ظروف المرأة الفلسطينية خلال عشرين عاماً من الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

تجدر الإشارة، على أقل تقدير، إلى مواصلة إسرائيل عمليات نزع ملكية الموارد الطبيعية الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فقد صادرت ما يزيد عن 50% من الأراضي في الضفة الغربية و60% في غزة منذ عام 1967، وعانى المزارعون في الأراضي المحتلة من الحرمان من الحصول على المياه، في حين كان يتم تحويل الموارد المائية إلى المستوطنات اليهودية حديثة الإنشاء. لقد فرضت الحكومة الإسرائيلية سيطرة كاملة على ما يمكن أن يقوم المزارعون الفلسطينيون بزراعته، وكيفية زراعته وتوقيتها. وتحولت الأراضي المحتلة، التي يزيد عدد سكانها عن 1,7 مليون نسمة، إلى سوق استهلاكي للمنتجات الإسرائيلية. وأسفرت عملية التحول الإجباري إلى بروليتاريا عن وجود جيش احتياطي ضخم من العمالة الفلسطينية الرخيصة التي يستخدمها كل من رأس المال الإسرائيلي والدولة الإسرائيلية. يهاجر يومياً أكثر من مائة وخمسين ألف عامل فلسطيني إلى إسرائيل بحثاً عن عمل. وهناك توثيق جيد حول ظروف العمل الوحشية التي يعاني منها العمال الفلسطينيون في إسرائيل.(18)

لم يستنزف الحكم العسكري الإسرائيلي الأراضي المحتلة استنزافاً اقتصادياً فحسب، وإنما استنزفها سياسياً وثقافياً أيضًا. كما حرم الحكم العسكري العمال الفلسطينيين، بحظره للنقابات، من حقهم في الدفاع عن أنفسهم أو حتى حقهم في تمثيل أنفسهم. وواجهت جميع محاولات التمثيل السياسي التي قام بها الفلسطينيون معاملة وحشية من جانب الإسرائيليين. وأمامنا مثال حي واضح، وهو اغتيال رؤساء البلديات المنتخبين ديمقراطياً في الضفة الغربية في أواخر السبعينيات. وفي الواقع، وبقدر ما يتعلق الأمر بالتمثيل السياسي، حاولت إسرائيل تكراراً التدخل بشكل مباشر في العملية السياسية عن طريق خلق قيادة بديلة للفلسطينيين. ومن بين الأمثلة على ذلك إنشاء ما يسمى عصبة القرية، وهي عبارة عن مجموعة من الرجال المسلحين، يمولهم الجيش الإسرائيلي ويدعمهم بالكامل. كما مارست إسرائيل أيضًا سياسة الحرمان الثقافي، بنفس قدر أهمية قمعها الاقتصادي والسياسي في الأراضي المحتلة. لقد حُرِم الفلسطينيون، كنساء وطلاب، من حقهم في التنظيم، أو إنشاء أي مؤسسة وطنية أو اجتماعية. لم يكن مسموحًا تدريس أي منهج دراسي فلسطيني في المدارس أو الجامعات. وتدخلت إسرائيل في موضوعات الدراسة، وكيفية تدريسها بالجامعات الفلسطينية، وكانت مؤسسات التعليم العالي بشكل عام، والجامعات بوجه خاص، مستهدفة عادة لعمليات الإغلاق بعد اندلاع الإضرابات أو المظاهرات. ولا يثير الدهشة ما يبذله الفلسطينيون من جهود كبيرة للحفاظ على هويتهم الثقافية. لذا، ينبغي النظر إلى الانتفاضة لا كجزء لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني المتصل فحسب، وإنما أيضًا باعتبارها التراكم المنطقي لعشرين سنة من الاحتلال العسكري.

ولا يمكن إنكار أن قهر النساء لا يمكن عزله عن الظروف البنيوية الأكبر التي يعشن في ظلها. كما أن تحريرهن يرتبط ارتباطاً جدلياً بتحرير مجتمعهن ككل وتنميته. لكن الناشطات الفلسطينيات أخفقن، حتى أواخر السبعينيات، في تبيان كيفية تحقيق التضافر بين تحرير المرأة والتحرير الوطني. وقد استمرت النساء الفلسطينيات في الشتات، حتى نهاية الثمانينيات، في إعطاء أولوية للنضال الوطني على حساب قضيتهن.

تجدر الإشارة إلى ملاحظة منهجية، قبل توضيح بعض نتائجي حول هذه القضايا. لقد ذهبت إلى موقع العمل الميداني ولدي، بشكل أو آخر، فهم واضح لما أنوي القيام به، ومن أتطلع إلى مقابلتهن. كنت استهدف النساء المنظمات، والناشطات، والنساء في المواقع القيادية. ومع ذلك، وبعد إقامتي فترة قصيرة في الضفة الغربية، أدركت أنني أحتاج إلى الحديث مع النساء العاديات غير المنتميات إلى تنظيمات، في القرى وفي مخيمات اللاجئين، حتى أتمكن من الوصول إلى جوهر التغيرات التي تحدث على الصعيد الاجتماعي وفي مجال النوع الاجتماعي. وعلى الرغم من صعوبة التحرك بين المخيمات والقرى، حيث كانت تخضع عادة لحظر التجول، نجحت في زيارة مختلف القرى ومخيمات اللاجئين. لقد كان الوقت الذي أمضيته مع هؤلاء النسوة قيما بدرجة كبيرة، سواء من الناحية النظرية أو الامبيريقية.

هناك بعض التوثيق حول تسييس المرأة الفلسطينية خلال السنتين الأوليتين من الانتفاضة. وتضمنت الوثائق بيانات تتعلق بالالتزام السياسي للمرأة وتصميمها على الاضطلاع بدور جوهري في العملية السياسية، مما يطرح مستو عالياً من الوعي السياسي.(19) ومع ذلك, تتطلب عملية تقييم نشاط المرأة السياسي متابعة وتحليلاً دائمين. فعلى الرغم من انخفاض حجم وكثافة المظاهرات النسائية منذ بداية الانتفاضة، ما تزال المواجهات المباشرة مع الجيش الإسرائيلي من جانب الشباب، وخاصة النساء، تشكل حدثاً يومياً. لقد أصبحت مواجهة الجيش الإسرائيلي عملاً من أعمال الوعي الذاتي تقوم به أغلب النساء دون خوف.

تتفاخر النساء الشابات في رام الله، والنساء في منتصف العمر والمسنات في بيت سحور، على سبيل المثال، بمواقفهن الشجاعة في مواجهة رجال الجيش الإسرائيلي. في أثناء زيارتي لمنزل إحدى الأسر الممتدة في بيت سحور، تحدثت المرأة العجوز، وثلاث من زوجات أبنائها، عن لامبالاتهن الكاملة في مواجهة رجال الجيش الإسرائيلي. وفي هذا المنزل على وجه الخصوص، حيث لم يحصل أي فرد على قدر دال من التعليم الرسمي، كانت الثقة في النفس هي المناخ السائد بوضوح.

تضم أشكال المواجهة التي تمارسها المرأة التظاهر وإلقاء الحجارة، لكنها لا تقتصر على ذلك. فاحتجاز ما يزيد عن 17 ألف رجل من كل الأعمار أضاف إلى النساء مسئوليات عديدة.(٢٠) وعندما رفضت قرى بيت سحور أن تدفع الضرائب للمَسئولين العسكريين، كانت النساء هن اللاتي وقفن في مواجهة العقاب الجماعي والغارات على المنازل. وقد سمعت القصة التالية حول إحدى تلك الغارات: “أغار عدد من مسئولي الضرائب، يصاحبهم رجال الجيش، على منزل حديث التجهيز بالأثاث، يريدون جمع كمية كبيرة من المال. لقد دخلوا المنزل بالقوة، وأخبروا ربة البيت إنها إذا وافقت على دفع ولو شيكل واحد فقط (أقل من نصف دولار) سوف يلغون كل ضرائبها ويغادرون المنزل. لكن المرأة، التزاماً منها بما أدركت أنه قرار جماعي للقرية، رفضت هذا الطلب. وظلت المرأة ترقب رجال الجيش لعدة ساعات في صمت وهم يصادرون كل عفشها ويخلون منزلها. وعندما أنهوا مهمتهم، تبعتهم المرأة ومعها طاولة جانبية، وقالت لهم ألا ينسوا أخذ آخر قطعة من الأثاث في منزلها“. (٢١).

تنتشر أيضًا مواجهات النساء مع المسئولين الإسرائيليين بين النساء اللاجئات أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية. التقيت خلال إحدى رحلاتي من رام الله إلى القدس مع إحدى النساء اللاجئات كانت قد عادت لتوها من المحكمة العسكرية. طلب منها القاضي دفع كفالة للإفراج عن ابنها المسجون، لكنها رفضت أن تدفع الكفالة للمحكمة، وعندما سألتها عن سبب رفضها، قالت: لقد تحدثت إلى القاضي باللغة العربية، ولست متأكدة إن كان قد فهم، لكنني لا أهتم بذلك، وقلت له اسمع أيها القاضي! أنا من جالازون (مخيم للاجئين)، ولدي 7 أطفال. لقد احتجزت ثلاثة منهم، أحدهم للمرة الثالثة، والآن أنت تطلب الرابعلن أدفع لك حتى شيكل واحد.. . حيث أقيم ليس أفضل حالاً من المكان الذي يوجد فيه أبنائيوأعرف أنك إذا أفرجت عنه اليوم، سوف تحتجزه مرة أخرى غداًوأنا لن أكافئك على ما تفعله فينا. (22)

ونجد قصصاً مشابهة حول الوعي السياسي الوطني للمرأة في تقريبًا كل مدينة وقرية ومخيم للاجئين. وما من شك في أن مواجهة السلطات الإسرائيلية خلال سنوات الاحتلال، والمواجهات اليومية خلال السنوات الثلاثة السابقة، قد أدت إلى تصعيد الوعي السياسي للجماهير الفلسطينية. وعلاوة على ذلك، تتمثل إحدى الملامح المذهلة للانتفاضة في ارتفاع المستوى التنظيمي الذي يبدو واضحاً التزام الغالبية به. وعلى الرغم من غياب جهاز للدولة، هناك إجماع شعبي حول التعليمات التي تصدرها القيادة الموحدة للانتفاضة في بيانها نصف الشهري. لقد أصبحت الإضرابات التجارية، والمظاهرات، والمواجهات اليومية مع الجيش الإسرائيلي جزءًا من الحياة العادية في الأراضي المحتلة. لكن السؤال المطروح هو: هل كان هذا الوعي السياسي الوطني مصحوباً بوعي في المجال الاجتماعي الذي يضع في منظوره النوع الاجتماعي؟ سوف تنتقل الآن لدراسة هذه القضية.

إن ظاهرة المنظمات النسائية في الأراضي المحتلة، وخاصة في الضفة الغربية، ليست بجديدة، فقد تأسست جميع المنظمات أو اللجان النسائية الأربعة (المعروفة باسم الأطر) في أواخر السبعينيات. جاء تأسيس الأطر الأربعة بداية باعتبارها الأجنحة النسائية للأحزاب السياسية الرئيسية الأربعة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبهدف أساسي يتمثل في حشد النساء سياسياً. ومع ذلك، حدث تغير كبير، خلال الانتفاضة، في البنية الكمية، النوعية لهذه الأطر. وعلى الرغم من عدم قدرة أي إطار على تقديم دليل موثق لحجم عضويته، قدم اتحاد لجان العمل النسائي تقديراً لحجم عضويته في العام الثاني من الانتفاضة يصل إلى 10 الآف امرأة. وقد طرحت ممثلة عن لجان المرأة الفلسطينية إن حجم العضوية يزيد عن العشرة آلاف.

وبغض النظر عن عدم وضوح أو دقة هذه الإحصاءات، فما يبدو واضحاً هو وجود حركة نسائية منظمة في المدن أساساً، وأيضًا في القرى ومخيمات اللاجئين بالضفة الغربية. (يختلف الوضع في قطاع غزة، وسوف نتناوله فيما يلي أدناه). يعمل كل إطار من الأطر النسائية الأربعة بصورة منفصلة. وتقوم مختلف المجموعات بتنسيق أنشطتها في الأحداث الرئيسية، كالمظاهرات، أو الإضرابات، أو ردود الأفعال الجماعية إزاء حدث قومي أو دولي. تشتمل الخدمات والأنشطة المشتركة للأطر النسائية على توفير مراكز الرعاية اليومية؛ وتنظيم شبكات الدعم الاجتماعي بين النساء، وخاصة المعرضات لضغوط؛ وتنظيم حملات محو الأمية في القرى ومخيمات اللاجئين، وتنظيم التثقيف الصحي على مستوى المجتمع المحلي. وقد جرت محاولة في عام ١٩٨٨، بعد الإعلان عن الدولة الفلسطينية المستقلة، لتوحيد كل الأطر النسائية من خلال المجلس الأعلى للجان المرأة. لكن هذه المحاولة لم تُكلل بالنجاح، لأسباب مختلفة.

كان الهدف الرئيسي لمشروعات التنمية التي أقامتها لجان المرأة، هو التغلب على افتقاد الاستقلال الاقتصادي لدى المجتمع الفلسطيني بشكل عام، والمرأة بوجه خاص. ومن بين المجموعات النسائية الأربعة، انخرطت مجموعتان اتحاد لجان العمل النسائي، ولجنة المرأة الفلسطينية في الترويج بنشاط للتعاونيات من أجل النساء. كان الهدف المعلن لهذه المشروعات يتمثل في تعزيز الاستقلال الاقتصادي للنساء وتوفير الخطوات اللازمة نحو تحريرهن“. وترى النساء القائمات على التنظيم في كلتا اللجنتين أن جميع المحاولات الرامية إلى تحرير المرأة سوف تظل دون جدوى، إلى أن تتخذ المرأة دوراً نشطًا في عملية الإنتاج.

تتضمن أغلب مشروعات التنمية الاقتصادية والمشروعات التعاونية المدرة للدخل إعداد الطعام، وتصنيع الطعام والملابس. وهناك تعاونيات أخرى تضم أنشطة صناعية صغيرة النطاق، مثل مشروع نقش النحاس في قرية العيسوية بالضفة الغربية. وقد شرحت لي إحدى القائمات على التنظيم أن فكرة التعاونيات نبعت جزئياً كرد فعل لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، وكوسيلة لتعزيز اقتصاد الاكتفاء الذاتي بين الفلسطينيين. ويتم بناء هذه التعاونيات داخل سياق اقتصاد البيت. كان كل مشروع يضم 6 نساء في المتوسط، وكان يُدار داخل البيت. وخلال السنتين الأولتين من الانتفاضة عندما كانت اللجان الشعبية ولجان الجوار مزدهرة قبل أن يحظرها النظام العسكري فيما بعد اتسع انتشار هذه التعاونيات في كافة أنحاء الضفة الغربية. وتخصصت كل تعاونية في إنتاج أو تصنيع إحدى السلع. وبالتالي، كان عصير الليمون يُنتَج في المناطق القريبة من زراعات الليمون، كما كان يجري تصنيع عصير العنب ومربى العنب في القرى التي تكثر فيها زراعة العنب.

هل يوجد عنصر اشتراكي في التعاونيات؟ في واقع الأمر، يعتبر القائمون على تنظيم هذه الأشكال من الأنشطة أنها مثالية بالنسبة للتحرر الطبقي وتحرر النوع الاجتماعي. تقول إحدى الناشطات: “في سياق مجتمع تقليدي، حيث يمضي أغلب النساء وقتهن في المنزل، تُعد هذه التعاونيات خطوة كبيرة للأمامفالنساء يشاركن في عملية الإنتاج، ويعملن على تطوير مهاراتهن في مجال التسويق، ويشعرن أنهن جزءاً منتجاً في مجتمعهن… “.(٢٣) إن هذه المشروعات لا تمهد الطريق أمام الاستقلال الاقتصادي للمرأة فحسب، وإنما تمدهن أيضًا بخبرة تعلُم الاقتصاد البديل.

ومن الجيد أن تنخرط النساء الناشطات في عملية بناء (أو على الأقل بذر بذور) الاقتصاد البديل. لكن هناك شك في أن تساعد التعاونيات المنزلية على تحرير النساء، إذ إنها تضعهن في إطار الأدوار المنزلية التقليدية. وبعد مرور ثلاث سنوات من التجرية في هذه التعاونيات، بدأت بعض النساء الناشطات في مناقشة جدواها وإمكاناتها التحريرية. وتطرح الناشطات اللاتي يقبلن ما تشتمل عليه هذه المشروعات من رمز وطني من خلال وضع السلع الفلسطينية في مواجهة المنتجات الإسرائيلية أن القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذه المشروعات محدودة حداً. فالعائد الناجم عن المشروعات صغيرة النطاق لا يتسم سوى بقيمة اقتصادية محدودة. لقد قدمت إحدى الناشطات من بيت حانون (غزة) انتقاداً حاداً للآثار الاجتماعية والآثار على التشكيل الاجتماعي والثقافي لكل من الرجل والمرأة (النوع الاجتماعي) الناجمة عن تلك التعاونيات، وقد وضعت الأمر على النحو التالي: “إننا وأمهاتنا في هذه القرية نتحمل أعباء مفرطة في مجال الأعمال المنزليةومزيد من العمل في المنزل يعني استغلالنا استغلالاً مزدوجاً، وزيادة عزلتنا عن العالم الخارجي” (٢٤). وعلى الرغم من هذا الانتقاد، ظلت تعاونيات النساء دون مساس إلى درجة كبيرة. وما تزال التعاونيات المنزلية يتم الدفاع عنها باعتبارها مشروعات وطنية مهمة وإنجازات مهمة للمرأة.

هناك مشروع حديث، مشروع بيتيللو (أخذ تسميته من اسم قرية في الضفة الغربية)، يبدو أنه خطوة في الاتجاه الصحيح. أنشئت تعاونية بيتيللو في صيف 1989، وضمت 15 – 17 امرأة. تتولى هذه التعاونية إنتاج العديد من المواد الغذائية، و يجري العمل خارج المنزل. ونظراً لأن العاملات يباشرن بأنفسهن عمليات الإنتاج والإدارة، والحسابات، والتسويق، فمن المرجح أن تحقق هذه التجربة فائدة للنساء المشاركات أكثر مما تحققه المشروعات صغيرة النطاق التي ترتكز على العمل داخل المنزل.

إن الجهود المنظمة الرامية إلى النهوض باستقلال المرأة الاقتصادي تحمل بين طياتها بذور تحرير المرأة. لكن المسألة التي نحتاج، كنساء، إلى وضعها بعين الاعتبار هي من الذي نهتم أكثر بخدمته؟ هل هو الاقتصاد الوطني أم أنه الاستقلال الاقتصادي للمرأة؟ لم ينل هذا التساؤل إجابة بعد. إن المناقشات التي أجريتها مع القائمات على تنظيم مختلف مشروعات وتعاونيات النساء قادتني إلى الاعتقاد بأنه حتى القائمات على عملية التنظيم يمنحن الأولوية باستمرار للقضايا الوطنية وذلك على حساب قضايا تحرر المرأة. وقد طرحت إحدى القائمات على تنظيم التعاونيات الأمر بوضوح على النحو التالي: “عليك أن تدركي أن تنظيم النساء حول القضايا الوطنية أيسر من تنظيمهن حول قضاياهن كنساء“. كما حصلت على رد فعل مماثل من مدير مشروع نقش النحاس، الذي اعتبر أن مشروعاتهم تحمل أهدافاً وطنية، وقال مجادلاً: “من المهم جدًا بالنسبة لنا أن نحافظ على ثقافتنا…” (٢٥). وما تزال هناك مقاومة لفكرة ضرورة إيلاء وزن مستقل لقضايا المرأة، ووضعها في الاعتبار على قدم المساواة مع مهام التحرر الوطني السياسي.

هل تؤدي الانتفاضة إلى إحداث تغير اجتماعي أساسي بين الفلسطينيين؟ لقد بدأت كثير من الممارسات الثقافية التقليدية في الاختفاء، وخاصة ممارسات القهر. يشير درويش إلى تقلص أهمية البذخ والإنفاق في الإعداد للزواج، مع إلغاء المهر، وإحلال الزواج المبني على الاختيار الفردي محل الزيجات المرتبة(٢٦). ويمكنني هنا إضافة المعنى الذي أضفاه الناس على بعض من تلك التغيرات. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالزواج المبني على الاختيار بين الناشطين سياسياً، علمت بحدوث أكثر من ٢٥ حالة زواج بين أزواج من أديان مختلفة (بين المسلمين والمسيحيين) في منطقة رام الله منذ بدء الانتفاضة. وفي بعض الحالات، كانت العناصر القيادية، من الرجال والنساء، تتدخل لإقناع والدي العروسين. يحمل هذا التغير الثقافي بين جنباته بذور مجتمع علماني مستقبلي. وبطبيعة الحال، لا ينتشر الزواج بين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، بل هو محدود بشريحة معينة. وعلاوة على ذلك، يبدو أن هذه الممارسة تدفعها السياسة أكثر مما يدفعها المجرى العاديللتغير الاجتماعي.

أما بالنسبة لحفلات الزفاف، فقد أصبحت الحفلات الباذخة المتباهية قليلة جداً، واختفى مهر العروسة في كثير من الحالات. لكن التمايزات الطبقية بين الفلسطينيين ظلت قائمة. فالبرجوازية الكبيرة في غزة والضفة الغربية ما 4تزال تمتع بنمط الحياة المسرف، وتدير شئونها الاجتماعية بالأسلوب القديم. كذلك لم تلق التغيرات التي طرأت على حفلات الزفاف الترحيب من جانب كل فرد في القرى ومخيمات اللاجئين؛ فالاستعداد للزفاف يُعد، من الناحية التقليدية، أهم الأحداث الاجتماعية في القرية، وعندما سألت النساء في بيت سحور وبيت حانون (غزة) حول هذا التغير، أجابت إحداهن بحزن، وهي في منتصف العمر، قائلة: “لقد نسينا فرحة حفلات الزفافلقد تحولت حفلات الزفاف لدينا إلى حفلات صباحيةاعتدنا، قبل الانتفاضة، أن تعرف القرية كلها بأمر الزفافكما اعتدنا أن نقدم جميعاً يد المساعدةأما الآن فهي (أي العروس) تترك منزلها كما لو كانت تُجر إلى قبرها…”(۲۷). ويجدر توضيح أن إدراك التغيرات الاجتماعية والمرور بخبرتها يختلف باختلاف الطبقة، والجيل، والوعي السياسي؛ كما تختلف أيضًا خبرة التغير بين سكان الريف والحضر. على أية حال، ويبدو أن ظاهرة الزواج المختلط، والتغيرات التي طرأت على حفلات الزفاف، قد نتجت عن الفترة السياسية المتأججة أكثر من كونها ناتجاً لعملية التغير الاجتماعي الثقافي المتواصلة.

مازالت الانتفاضة تواصل إبراز عدد من التناقضات الاجتماعية ووضعها في موقع الأولوية، وخاصة ما يرتبط بالعلاقات بين الجنسين. فموضوع الجنس والعلاقات الجنسية يُعد، على سبيل المثال، من المحظورات الاجتماعية في الثقافة العربية. ولا يمكن مناقشة القضايا المتعلقة بالجنس علانية، حتى إن كانت ذات طابع جنائي، مثل الاغتصاب. كما أن العلاقات الجنسية قبل الزواج، أو خارج إطاره، محظورة على النساء. وقد أدت عمليات اغتصاب النساء الفلسطينيات والتحرش الجنسي بهن، خلال إنشاء دولة إسرائيل، إلى فرض مزيد من القيود على حركة المرأة، خاصة بين اللاجئات. ومع ذلك، ففي فترة مبكرة تصل إلى منتصف السبعينيات، ومع التعبئة السياسية للعديد من النسوة، بدأت المظاهرات ترفع في الشوارع شعار الأرض قبل العرض (أي قضية التحرر الوطني تسبق قضية الشرف).

وخلال الانتفاضة، ازداد تسييس قضية الشرف. لقد تعرضت أعداد من النساء، أساساً في مخيمات اللاجئين والقرى، إلى الاغتصاب أو التحرش الجنسي من جانب الجنود الإسرائيليين أو المتعاونين معهم من الفلسطينيين. وفي بداية الانتفاضة، كان يتم إخفاء مثل هذه الوقائع، أو تناولها في سرية تامة. أما الآن، فإن الأطر تتناول بعض حالات الاغتصاب السياسي، وحتى القيادة الوطنية الموحدة تتدخل في بعض الحالات. ومع وضع هذه القضية في موقع الصدارة، لم يُعد أسلوب التعامل مع قضية الاغتصاب باعتبارها مسألة شرف، وإنما قضية سياسية ذات اهتمام جماهيري عام. ومع الأسف، تتناول المواجهة حالات الاغتصاب السياسي فحسب. أما حالات الاغتصاب الاجتماعي، فما زالت تحوطه السرية، مثل سفاح القربي، والذي يعتبر الحديث عنه من المحظورات.

لقد أدت الانتفاضة إلى بعض التخفيف في القواعد المتعلقة بسلوكيات المرأة. كانت المسألة تخذ أحياناً شكل ابتكار الأساليب لإخفاء الشباب الفلسطيني من الجيش الإسرائيلي. أخبرتني إحدى النساء كيف أنقذت يوماً ما صبياً، كان الجيش يلاحقه، بأن سمحت له بالاختفاء في الحمام مع ابنتها. وقد فسرت الأمر بأن شرف ابنتها أغلى شئ عندها، لكن الهدف الوطني كان أكثر أهمية في تلك الفترة.

كان الوعي في المجال الاجتماعي الذي يضع النوع الاجتماعي في منظوره أقل تطورًا من الوعي الوطني السياسي، وهو ما لوحظ بوضوح في الاجتماع الذي عُقد في يوليو 1990 مع ممثلي اللجان النسائية الثلاثة الكبرى في بيت سحور. وفي سياق المناقشات التي دارت حول تحرر المرأة، برزت قضية التغيرات الممكنة داخل الأسرة المعيشية. قالت امرأة كبيرة في السن: “أستطيع أن أخرج في أي وقت، وأحضر أي اجتماع.. . ولا يمانع زوجي في أن أرتدي.. .. بنطلونًاوعادة ما يشجعني في الواقع على الخروج، ويتولى هو رعاية الأطفال وإعداد الطعام…” أومأت موافقة امرأة أخرى تحمل طفلها الرضيع بين ذراعيها، لكن امرأة ثالثة، جاءت من المطبخ تحمل القهوة، اعترضت: “كلا، وأضافت: “المرأة لم تنل حقوقها بعد، ولم تتحرر بعد. أعرف أنكِ ستقومين في المنزل بغسيل الصحون، وسيقف زوجك بالقرب من الثلاجة طالباً منكِ أن تعطيه كوباً من الماء البارد.. .”. وواصلت قائلة: “إذا كنا نحن النساء قد حققنا أشياء بعينها، فذلك يرجع إلينا وإلى تصميمنا.. . ما زال رجالنا تقليديون، ومازالت وظيفتنا أن نحررهم…” (28)

ومما يثير الدهشة إن أكثر المناقشات انتقاداً حول العلاقات بين الرجل والمرأة كانت تلك التي دارت مع النساء في قطاع غزة. فعلى الرغم من حالة الفقر المدقع، والكثافة السكانية المفرطة، واليأس الشديد، أبدى الناشطون من الرجال والنساء حسا اجتماعيا نقديا قوياً. قمت في بيت حانون (غزة) بزيارة فاطمةفي منزل والديها(٢٩). وعندما وصلت، وجدت أفراد الأسرة وأصدقائها من الجنسين، ومن مختلف المجموعات العمرية، يجلسون معًا. جميع النساء في هذا المنزل وبالطبع أغلب النساء في القرية غير محجبات. وعندما بدأت مناقشاتنا، بقى كل من فاطمة وأمينة وخالد في الغرفة. وعلى خلاف النقاشات التي جرت في أماكن أخرى، لم تبدأ فاطمة حديثها بالتغيرات السياسية التي حدثت للنساء، وإنما بدأت بنفسها. قالت فاطمة مؤكدة: “النساء أقوياء، إننا لا نحتاج إلى الرجال ليعلموننا أو يخبرونا المسائل السياسية…. نحن نعيش السياسةإننا نحتاج من الرجال أن يفهمونا فقط، ولا يتدخلوا في خياراتنا.. . أذكر أنني عندما وقفت ضد أخي الأكبر، واخترت الرجل الذي أرغب في العيش معه، عرفت عندئذ أنني جرحت شقيقي لأنني أخذت أحد أدواره التقليدية. لكنني، في نفس الوقت، عرفت أنني جعلته يحترمني أكثر ويعاملني على قدم المساواة مع أي رجل في القرية“.

وافقت أمينة على ذلك، وأضافت: “يضايقني بالفعل الكيل بمكيالين في مجتمعنا ولدى رجالنا. فبغض النظر عن حجم التزامِك السياسي، يتوقع منك الرجال أن تكوني أما مثالية، وزوجة مثالية، وامرأة تقليدية مثاليةإنني أعيش في منزلي، لكنه لا يبعد عن منزل أمي سوى بأقل من مجموعة سكنية واحدة. لقد تمكنت من إقناع أمي أن لدي حياتي أعيشها بطريقتي. لكن الجيران لا يفهمون حتى الآن لماذا لا أزور أمي كل يوم(٣٠).

لقد أقنعتني رحلتي إلى غزة بضرورة مناقشة قضية لم يكن من الممكن أن تثار خلال إقامتي في القدس، ورام الله، وبيت سحور، أو أي مدينة أخرى في الضفة الغربية. إنها قضية الأصولية الإسلامية وتأثيرها على الحركة النسائية، فضلاً عن رد فعل الحركة النسائية إزاءها.

حذر أحد النشطاء في غزة من المبالغة في حجم الأصولية الإسلامية وتأثيرها على الانتفاضة. كان متذمراً من استخدام الإعلام الإسرائيلي والغربي لمنظمة حماس وتحجب النساء كوسيلة لتشويه وحدة الانتفاضة وقوتها. وعلى الرغم من إمكانية وجود بعض الصحة في تلك التأكيدات، يجدر دراستها بصورة ناقدة.

لا يمكن إنكار انتشار الحركات الدينية، وخاصة الإسلام في الشرق الأوسط، وبوجه خاص بعد ظاهرة الخوميني في إيران. ويتطلب الأمر أن يشرح لنا دارسو الحركات الإسلامية أسباب قوة أطروحاتهم في بعض الأماكن، في حين لا تكتسب نفس القوة في أماكن أخرى، ويمكننا أن نتساءل، بالنسبة للأراضي المحتلة، عن أسباب انتشار الحركات الدينية في قطاع غزة وليس في الضفة الغربية. تتعدد الأسباب وتختلف. فبنية غزة تختلف عن بنية الضفة الغربية اقتصادياً، وجغرافياً، وديموغرافياً، نجد، للوهلة الأولى، أن قطاع غزة يضم كثافة سكانية عالية أكثر من 70% من سكانه لاجئين. وكثير من الأرض التي لم تصادرها عن إسرائيل تخضع لملكية طبقة صغيرة جداً من ملاك الأراضي. إن القطاع، وهو متخلف اقتصاديا، ليست له نفس الأهمية الجغرافية التي تتسم بها الضفة الغربية. ويسود في غزة شعور بأن المنطقة كانت مُهمشة اقتصادياً وسياسياً من جانب القيادة الفلسطينية. سواء على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية، أو القيادة الموحدة، أو المنظمات النسائية. لقد كانت الانتفاضة قوية في قطاع غزة بوجه خاص. واليوم، فإن ما يزيد عن 70% من مجموع المحتجزين في معتقل الأنصار 3 (معتقل في الصحراء) هم من القطاع. كما أن غالبية الحالات الموثقة للوحشية الإسرائيلية، فضلاً عن الاغتصاب والتحرش الجنسي والمضايقات، نجدها في قطاع غزة.

ويطرح تحليلي أنه نظرًا لتهميش غزة والفقر المدقع ونظرًا لغياب أية حلول سياسية لتلك الصعوبات فقد تولدت حالة من الإحباط أصبحت أرضًا خصبة للحركة الدينية. قال لى أحد النشطاء الماركسيين لقد لجأت أنا نفسي للدين لمدة ثلاث سنوات. ربيت لحيتي وأمضيت أغلب وقتي في منازل الشيوخ“. وعندما سألته عن السبب قال: “في أواخر السبعينيات، بعد حصولي على درجتى الجامعية، عدت إلى قريتي في غزةوبقيت لفترة طويلة بدون عمل. لم يكن هناك شئ يمكن أن أقوم به. لا توجد كتب للقراءة. لا يوجد مكان يمكن الذهاب إليه، فقط الأكل والنوم. والناس لا يعيشون حياتهم بالأكل والنوم فقط. لقد قررت أن أترك لحيني تنمو وأتدين. وبعد فترة شعرت أنني أعيش من أجل شئ، وحياتي بدأت تصبح ذات معنى.” ثم أضاف يشرح ما الذي جعله يغير رأيه: “في أعوام الثمانينيات، وبعد الغزو الإسرائيلي للبنان، عادت الحياة من جديد إلى غزةحياة المقاومة. والآن مع الانتفاضة، أشعر أنني استعيد كرامتي كإنسان“. (۳۱) إن اللجوء للحياة الدينية، كنمط للمقاومة السياسية، ليس مقصوراً على قطاع غزة؛ فدراسة سعد الدين إبراهيم المعمقة لهذه الظاهرة في مصر تقدم تفسيراً مماثلاً. (3۲)

ومن زاوية أثر الإحياء الديني على المرأة، نجد القضية أكثر تعقيداً. لا تطرح حماس نفسها كحركة دينية فحسب، وإنما أيضًا كحركة سياسية. كما أنها لا تتردد في استخدام القوة من أجل تثبيت أقدامها على الأرض ونيل الاعتراف بها كقوة سياسية. وتحاول حماس، كي تظهر كحركة مهيمنة، أن تفرض الرمزية الدينية في الشارع. ويعد تحجب النساء الجانب الأكثر وضوحاً. لقد كانت النساء يتعرضن للضرب في شوارع غزة بسبب عدم ارتدائهن الحجاب، فضلاً عن إلقاء الطماطم والزجاجات الفارغة عليهن لنفس السبب. ففي طريقنا من مدينة غزة إلى بيت حانون، تعرضت سيارتنا وهي سيارة محلية إلى التوقيف ثلاث مرات من جانب بعض الصبية. وعلى الرغم من أن السائق قدمني باعتباري صحفية (دون أن يستأذنني)، لم تسلم السيارة من قذف الأحجار. وعندما نظرت خارج نافذة السيارة شاهدت صبياً صغيراً، يجلس مع صبية آخرين، يصرخ نحوي قائلاً: “غطي رأسك!”، فبدأت في مجادلته، لكنني قررت عندئذ أن لدي أشياء أفضل أقوم بها.. . وغطيت رأسي!

في بيت حانون، لم تكن فاطمة أو أمينة محجبتين، ومع ذلك كان لكل منهما فهم مختلف حول كيفية معالجة قضية التحجب. تقول أمينة: “إنني أمارس نشاطاً, ويجب أن أتواحج دائماً بالخارج للعمل. وعدم ارتدائي الحجاب سوف يقيد حركتي، ولذا ليس لدى مانع من ارتدائه. أما هنا معك، فأنا غير محجبةلقد ذهبت أمس إلى المدينة ووضعت الحجاب فوق رأسي، ولم أصادف أي مشكلة في التحرك. وعندما رجعت إلى قريتي، خلعت الحجاب“.

رفضت فاطمة هذا الموقف.”كلاعليك أن تدركي أن ما يريدونه ليس الحجاب وحده. لقد بدأوا في فرض الحجاب عليك، ثم فرض الجلباب، وينتهون بعودتنا إلى البيتوأخشى بعد ذلك ألا يسمحوا للمرأة بترك منزلها إلا عند وفاتها أو عندما تلد.. .”. ثم انفجرت في الضحك قائلة: “حتى الولادة في المستشفى قد لا يكون مسموحاً بها“. ضحك كل من بالغرفة لبرهة، ثم واصلت فاطمة قائلة بصوت عالٍ:”لن نسمح لما حدث في الجزائر أن يحدث لنا هنا.. . فقد قطعنا شوطاً طويلاً. لا ينبغي أن نسمح لهم بإيقافنا“.

وعندما سألتهن من الذي يمكن أن يوقفهن. وضعت فاطمة وأمينة المسئولية على كاهل القادة في جميع المستويات. قالت أمينة: “لا يمكن حل المشكلة على المستوى الفردينحن في بيت حانون يجب أن نحل المشكلة. إننا نتحرك في كافة أنحاء القرية ونحن غير محجبات، ولا يقول أحد أي شيء. لكن الناس هنا يعرفون بعضهم البعض، كما تساعدنا أيضًا العلاقات الأسرية. ماذا عن النساء في المناطق الأكبر اللاتي لا يستندن إلى دعم أسري؟“. وقد اتفقت فاطمة وأمينة، كما اتفق الرجال الذين دخلوا الحجرة أثناء المناقشة، على ضرورة أن تعمل القيادة الموحدة للانتفاضة، وبدعم كامل من منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج، من أجل معالجة هذه القضية بسرعة وفوراً.

إن النساء اللاتي يهتممن بقضية الحجاب يشعرن بخيبة أمل شديدة من أسلوب معالجة الأحزاب السياسية الفلسطينية للقضية. فالقوى اليسارية، التي تضم اللجان النسائية الثلاثة الكبيرة، تجاهلت القضية تماماً أو همشتها. والقوميون، الذين ينتمون إلى منظمة فتح، استسلموا، في عدد من المرات، أمام حماس. فقد تم تشجيع النساء على ارتداء الحجاب؛ أو للدقة إصدار الأوامر إليهن. وتطرح بعض النسوة أن منظمة فتح تستخدم هذا التكنيك للإبقاء على وجود نسائها في الشارع من ناحية، ولتجنب أي مواجهات وصدامات داخلية بين القطاعات الدينية والعلمانية من السكان من ناحية أخرى. ومهما كانت الأسباب، ينبغي أن تتخذ القيادة الوطنية الفلسطينية سواء جناحها الاشتراكي أو القومي موقفاً ضد هذه الحركة الرجعية اجتماعياً.

وقبل أن نترك هذه القضية، تجدر الإشارة إلى ملاحظتين. إن المشكلة، كما تفهمها إحدى النساء من غزة، ليست مشكلة الحجاب أو الجلباب. فالتحجب في غزة ليس اختياريًا، وهو ما يختلف عن الحال في مصر، حيث ارتداء الحجاب اختياري كما يطرح سعد الدين إبراهيم. النساء في غزة ليس أمامهن اختيار ارتداء الحجاب أو عدم ارتدائه فهذا الشكل للرداء مفروض عليهن. وتشير امرأتان ناشطتان في غزة اخترن ترك لجنتهن بسبب قضية الحجابإلى أن غالبية النساء الشابات اللاتي يتبعن الأوامر الدينية لسن متدينات، لكنهن يفعلن ذلك بسبب الضغوط الاجتماعية أو الأسرية. وقد وضعت إحدى النساء الأمر بصورة ساخرة على النحو التالي: “يمكنك، في شوارع غزة، رؤية نساء شابات مرتديات الحجاب، في حين تتألق وجوههن خلف الحجاب مثل الفاكهة النَضِرة…”.

وبالفعل، يرتدي عدد قليل من النساء الرداء الديني الصحيحالأبيض أو الأسود. لكن الجلاليب التي رأيتها كانت في أغلبها متعددة الألوان، ومن أقمشة وأنماط متنوعة. ويصدق نفس الشيء على الحجاب، فهو من ألوان متعددة، وبعضه من الحرير، والبعض الآخر من القطن، وأخيرًا، يتطلب الأمر تناول المكون الطبقي لهذه الظاهرة. تتمتع نساء الطبقة العليا في غزة بحصانة معينة ضد كل ذلك، وقد وضعت إحدى السيدات المسألة على النحو التالي:”إنهن يختبئن في سياراتهن الفارهة، ولا يهاجمهن أحد أو يقذفهن بالأحجار” (۳۳).

قبل أن أترك الضفة الغربية في صيف ۱۹۹۰، حصلت على ورقة عمل مهمة حول مخاطر الأصولية، والورقة من إعداد لجنة دراسات المرأة في مركز بيسان للبحوث والتنمية. كان المركز يقوم بالإعداد لنقاش عام واسع النطاق لمناقشة ظاهرة الإكراه وفرض الحجاب، والإعداد لاستراتيجيات لمقاومة هذه الظاهرة“. لقد ظهر خلال الانتفاضة عدد من مراكز البحوث والدراسات النسائية؛ من بينها مركز معلومات وبحوث المرأة، الذي تقول مديرته، د. سها هندية، إنه يعالج قضية المرأة والشريعة الإسلامية. يقوم المركز بإعداد دراسة حول كيفية تعديل أو تغيير قوانين الأحوال الشخصية. وتضم بعض القضايا محل الدراسة، كما تقول د. سها، الموضوعات التالية: تعدد الزوجات، حقوق الملكية للمرأة، وحقها في العمل، وفي الدراسة، وحقها في اختيار شريك حياتها.

درسنا في هذا الفصل تعقيدات التحولات الاجتماعية، وأيضًا ما يجرى من تحولات في مجال النوع الاجتماعي بين النساء اللاتي يخضن نضال التحرر الوطني. وقد حاولت أن أوضح أن الانتفاضة أدت إلى تكثيف النشاط السياسي للمرأة في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة تقريباً. لقد شاركت النساء اللاجئات، والقرويات، والحضريات، في الانتفاضة بدرجة كبيرة. ولا خلاف على نشاطهن وتضحياتهن. وليست مبالغة أن تطرح الانتفاضة شعار لا تراجع“. فما تم بناؤه على الجبهتين السياسية الوطنية، والاجتماعية التي تضع في منظورها النوع الاجتماعيلا يمكن أن يتراجع. إن الحركة النسائية، وخاصة في الضفة الغربية، تنخرط بنشاط في بناء مجتمع فلسطيني جديد قائم على المساواة. وعلى الرغم من ذلك، ما زال أمام النساء الفلسطينيات طريق طويل عليهن السير فيه حتى ينلن حقوقهن كاملة.

تواجه الحركة صعوبات عديدة، ونظراً لسرية أعضاء القيادة الوطنية الموحدة، يصعب تقييم درجة الاستقلال الذاتي التي تتمتع بها الأطر النسائية الأربعة. هل يمكن أن يكون غياب اهتمام اللجان النسائية الأصيل بالنضال في قضايا المرأة مرتبطاً بتبعية تلك اللجان لهيئات أعلى تضم قيادة ذكورية للانتفاضة؟ لقد أكدت هذا الإحساس إلين كتاب، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بيرزيت، وبدأت تدرك، هي وغيرها من النشطاء والمثقفين، مدى خطورة المشكلة.

تميل المناقشات النساء في القواعد الشعبية الجماهيرية إلى طرح وجود مشكلات بنيوية جدية داخل اللجان النسائية. وتقول حنان ميخائيل عشراوي بتأكيد: “لقد أزال النشاط النسائي في الانتفاضة أساس السلطة الذكورية. فالتراتبيات الهرمية الجديدة تتحدى التراتبيات التقليدية (3٤). لكن ذلك ليس صحيحاً سوى جزئياً، فعلى الرغم من أن السلطة الذكورية قد ضعفت إلى حد ما، فإن الاختلافات الطبقية الاجتماعية بين الفلسطينيين تنعكس في الحركة النسائية. وربما يمثل طابع الطبقة الوسطى في قيادة اللجان النسائية عقبة أمام تحولها إلى قيادة شعبية. ويجدر أن تتجنب الحركة النسائية الفلسطينية الوقوع في شرك المؤسسية.

ينبغي أن تواجه النساء الفلسطينيات ذلك التحدي المتمثل في ابتكار أساليب أكثر ملائمة في مجالي الاتصال والتنظيم، حتى ينجحن في الإبقاء على النضال الشعبي وتطويره. وعلينا أن نتذكر أن الحركة الدينية لم تبرز في الثورة الجزائرية إلا في فترة تقترب من نهاية النضال. وتمكنت بعد التحرير من إظهار نفسها كقوة حقيقية. ومن الضروري أن تتحين النساء الفلسطينيات الفرصة ويبدأن العمل فوراً، ليس فقط من أجل تأكيد وجودهن في الانتفاضة؛ فمن الضروري أن يفرض وجودهن أيضًا في مستويات أعلى بالقيادة الفلسطينية العامة.

كان يصعب إنجاز هذا البحث بدون الفلسطينيين، النساء والرجال، الذين قاموا بالانتفاضة وما يزالون مستمرين في انتفاضتهم. ولم يكن ممكناً أن تستمر الانتفاضة بدون العديد من الأطفال، والنساء، والرجال، الذين وهبوا حياتهم، وآمالهم، وأحلامهم، للآخرين من أجل أن يأملوا ويناضلوا بهدف تحقيق حياة حرة. إنني أتوجه بامتناني العميق إلى شعبي كله.

ومن المؤلم بالنسبة لي أن تظل أسماء الكثير مجهولة لأسباب تتعلق بالأمان. ومع ذلك، فإنني أود أن أتوجه بالشكر إلى نساء بيت حانون (قطاع غزة)، وبيت سحور (الضفة الغربية)، لما أبدينه من دفء وحماس أثناء وجودي معهن. وأود أن أتوجه بشكر خاص إلى أمال معمر، وهيفاء أسعد، ومها صباغ، اللاتي قمن بتنظيم عديد من الاجتماعات، وأتحن لي زيارة التعاونيات النسائية. وسوف أعمل، مع هؤلاء النسوة، من أجل تحقيق شعارلا تراجع“.

– Abdo, Nahla (1987) Women, Family and Social Change in the Middle East: The Palestinian Case Toronto: Canadian Scholarship Press.

– A fshar, Haleh, (ed.) (1987) Women, State an Ideology in the Third Work, London: Macmillan.

– Ahmed, J Al-e (1964) Gharbzadegi, Tehran (in Persian).

– Akbar, Mansoor (1989) “Revolutionary Changes and Social Resistance in Aghanistan”, Asian pro-file Vol. 17, No. 3 (June), pp. 271-81.

– Amrane, Djamila (1991) les Femmes Algeriennes dans la Guerre, Paris: Plon.

– Anderson, Benedict (1983) Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Na-tionalism. London: Verso.

– Beck, L and N Keddie (eds.) (1978) Women in the Muslim World. Cambridge, Mass: Harvard University Press.

– Fanon, Frantz (1982) Sociologie d ‘une Revolution. Paris: Maspero (1st ed. 1959).

– Gadant, Monique (ed.) (1986) Women of the Mediterranean, London Zed Books.

– Ghoussoub, Mai (1987) “Feminism – or the Eternal masculine in the Arab World “ New Left Re-view 161 (Jan-Fab), pp. 3-13.

– Hammami, Rema and Martina Rieker (1988) “Feminist Orientalism and Oriental Marxism”, New Left Reveiw 170 (July August), pp. 93106.

– hess, Beth and Myra Ferree (eds.) (1987) Analyzing Gender, Beverly hills: Sage.

– Higgins, Patricia (1985)” Women in the Islamic Republic of Oran: Legal, Social and Ideological Changes”,Signs Vol. 10, No. 3 (Spring) pp. 477-95.

hiltermann, Joost (1991) Behind the Intifada: Labor and women’s Movements in the Occupied Territories, Princeton, NJ: princetion Uni versity Press.

– Jayawardena, Kumari (1986) Feminism and Nationalicm in the Third World, London: Zed Books.

– Kabeer, Naila (1988) “ Subordination and Struggle Women in Afghanistan”, New Left Review 168 (March-April), pp. 95-121.

– Kamali, Mohammad hashim (1985) Law in Afghanistan: A study of the Constitutions, Mat-rimonial Law and the Judiciary, Leiden: EJ Brill.

الفصل السابع من كتاب

Moghadam, Valentine 1994, Gender and National Identity: Women and Politics in Muslim Societies Zed Books Ltd. London.

والعنوان الأصلي للفصل:

Nationalist and Feminism: Palestinian women and the Intifada No Going Back

1- Benedict Anderson, Imagined Communities: Relfections on the Origin and Spread of Na-tionalism. London: Verso. 91983), pp. 13.

2- Deborah Gaitskell and ElaineUnterhalter, “ Mothers of the Nation: A Comparative Analyisof Na-tion, Race and motherhood in Afrikaner Nationalism and the African National Cogredd”, in Floya Anthias and Nira Yuval-Davis, (eds.) Woman Nation-State, London: Macmillan, (1989), pp. 58-78.

3- Nira Yaval-Davis, National Reproduction and the Demographic Race in Israel”, in Yuval- Davis and Anthias (eds. ) Women Nationion-State, p. 94.

4- المرجع السابق، ص96

5- اقتباس ورد ف Yuval-Davis and Anthias (eds. ) women-Nation-State, pp. 64, 67

6- Bell Hooks, “Political solidarity Between Women, Feminist Review 21 and 23, 1986: Betsy Hartman’ Reproductive Rights and wrongs New York: Harper and Row Publishers, 1987)

7- Nahla Abdo, Women, Family and Social Change in the Middle East: The Palestinian case to- ronto: Canadian Scholarshop Press, 1987); Abdo, Colonial Capitalism and Rual Class Formation: A Case Study in the Social, Political and Economic Transformation of the Palestinians, 1920-47 Tornoto: University of Toronto, Department of Sociology, 1989), (unpublished phD dis-sertation)

8- Rossana Rossanda, “A Feminist Culture”, in Monique Gadant (ed.) women of the Med-iterranean (London: Zed press, 1986), p. 191

9- Matiel Mughannam, The Arab Women and the Palestinian Problem London: Hyperion, 1976), p.76

10- Abdo, op. Cit., p. 21.

11- Mughannam, op. Cit., pp. 74-5.

12- Rossanda, op. Cit., p. 191

13- Abdo Colonial Capitalism

14- Abdo, women, Family and Social Change

15- يراجع: غازي الخليلي، المرأة الفلسطينية و الثورة (بيروت: مركز الدراسات الفلسطينية، 1977)

16- Conference reports, World Congress of Women, Moscow (11-14 May 1987)

17- كانت حالات الإجهاض نتيجة لحمل أشياء ثقيلة أو شرب مرة آمرا مألوفا في مدينة الناصرة التي كبرت فيها و أذكر امرآة حامل قامت بتحريك ماكينة حياكة ثقيلة من موضعها إلي موضع آخر. و في اليوم التالي قالت لي إنها آنهت حملها في دورة المياه.

18- Susan Rockwell, “ Palestinian Women workers in the Israeli Occupies Gaza strip” Journal of Palestine Studies XIV (2) (1985): 114-36; Meron Benvenisti and Sholmo Khayat, The West Band and Gaza atles. (Jerusalem: West Bank Data Base, 1988).

19- Marwan Darweish,“The Intifada Social Change”, Race and Class 31 (2) (October-December 1989),, pp. 47-61; Rita Giacaman and Penny Johnson, Building Barricades and breaking Bar-riers”, pp. 155-69 in Zachary Lockman and Joel Beinine (es.) Intifada: The Palestinian Uprising Against Israeli Occupation (Boston: South End Press 1989)

20- Database Project on Palestinian Human Rights 1988-90 (Chicago: Palestine Human Rights In-formation, Centre, 1990).

21- مقابلة في بيت سحور, يونيو 1990.

22- من رام الله إلي القدس, يونيو 1990.

23- مقابلة مع مجموعة من النساء الناشطات، القدس،يونيو 1990.

24- مقابلة في بيت حانون،قطاع غزة،يونيو 1990.

25- زيارة إلي مشروع نقش النحاس، يونيو 1990.

26- راجع Darweish ،مرجع سابق،ص 59.

27- مقابلة في بيت سحور،الضفة الغربية،1990.

28- مقابلة مع ممثلات الأطر النسائية،بيت سحور،الضفة الغربية،يوليو 1990،

29- جميع الأسماء تم تغييرها حماية للخصوصية،

30- مقابلة في بيت حانون،قطاع غزة،يونيو 1990،

31- مقابلة مع رجل من غزة،يونيو 1990.

32- Saad Eddin Ibrahim. The New Arab Social Order: A study of the Social Impact of Oil Wealth (Boulder, Colo: Westview Press, 1982).

33- مقابلة في غزة،يونيو 1990.

34- Giacaman and Johnson, op. Cit., p. 160.

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي