بانوراما للتغيُرات في مجال إصلاح قطاع الصحة

بانوراما للتغيُرات في مجال إصلاح قطاع الصحة

في البلدان ذات الدخل المنخفض

هيلاري ستاندينج*

ملخص:

تناقش هذه الورقة عمليات إصلاح قطاع الصحة وانعكاساتها على أنشطة الدفاع عن الصحة الجنسية والإنجابية في البلدان ذات الدخل المنخفض. وبدءاً من أواخر الثمانينيات، تسطر الورقة الخطوط العريضة للتحولات الاقتصادية الكلية والاتجاهات السياسية الرئيسية التي تؤثر على البلدان المعتمدة على المعونة الخارجية وكذلك على عمليات الإصلاح الرئيسية في قطاع الصحة. وتنظر الورقة بعدئذ في الآثار المترتبة على برامج الاقتصاد الكلى والإصلاح المتعاقبة فيما يتعلق بالدعوة والمناصرة للصحة الجنسية والإنجابية.

يركز النقاش الدولي اليوم على الشروط التي يتوجب توافرها من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودور الحكومات فيما يتعلق بهذه الشروط، كما يتناول أيضًا كيفية تحسين أداء قطاعات الصحة الحكومية وموظفيها ونظم تقديم الخدمات. ويكمن أحد التحديات الخطيرة في كيفية إعادة التفاوض بشأن السياسات المتعلقة بخدمات الصحة الجنسية والإنجابية والمساحة السياسية والمالية المتاحة لها في إطار أنظمة الصحة على المستويين الوطني والدولي. إن الدعوة إلى حماية الصحة الإنجابية والجنسية يتوجب أن تتخطى الخط الفاصل بين رؤية الصحة الإنجابية للجميع وبين العمل على الأولويات، مما يعني التعبير بوضوح عن رؤية مطلعة للاحتياجات والأولويات. كذلك فإن الداعين إلى زيادة تمويل البرامج الخاصة بالصحة الإنجابية والجنسية بحاجة إلى إيجاد توازن ملائم بين الاهتمام بتعزيز النظم الصحية من جهة ونظم تقديم الخدمات والبرامج الصحية من جهة أخرى،علاوة على حاجتهم إلى خلق تحالفات مع مصلحي قطاعات الصحة التقدميين.

كلمات مفتاحية:

الإصلاحات الطارئة على قطاعات الصحة: الصحة الجنسية والإنجابية: الفقر وخفض الفقر : السياسات والبرامج الصحية: حملات الدفاع والعملية السياسية.

طرأت العديد من عمليات الإصلاح على قطاعات الصحة في الكثير من البلدان على مدى العقد الأخير أو يزيد. وبينما لم يكن وراء هذه الإصلاحات بالضرورة نفس القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في كل البلدان، غير أنه هناك بعض المحاور المشتركة المدرجة على الأجندة الدولية فيما يتعلق بإصلاح قطاع الصحة،وهو ما يرجع جزئيًا إلى هيمنة هيئات التمويل متعددة الأطراف والهيئات الثنائية على وضع شروط النقاش حول السياسات الاقتصادية الكلية في البلدان النامية. وتركز هذه الورقة بالأساس على إعطاء نظرة عامة على تجارب الدول ذات الدخل المنخفض في آسيا وأفريقيا جنوبي الصحراء (التي يقل الدخل القومي الإجمالي بها للفرد عن ٧٥٥ دولار أمريكي)، وهى الدول الأكثر اعتماداً على المساعدات الخارجية، والتي تتشابه برامج إصلاح القطاع الصحي فيها. على أي حال، فالأمر لا يقتصر فقط على تلك الدول، فهناك بعض الجوانب المشابهة فى تجربة البلدان ذات الدخل المتوسط،وخاصة فى البلدان ذات الاقتصاد الانتقالي في الكتلة الشيوعية السابقة في وسط آسيا وشرقها التي ظهرت بها ضغوط مماثلة داخل قطاعات الصحة بالرغم من اعتمادها الأقل على المعونة.

تعرضت خدمات القطاع العام في البلدان التي سبق ذكرها للتدهور مع ارتفاع التكاليف وعجز الاستثمارات عن تغطية الاحتياجات. وقد ترتب على ذلك هروب مستخدمى الخدمات إلى صور بديلة لتوفير الخدمات،جاءت غالبًا في إطار أسواق غير خاضعة للتنظيم. كما ترتب على ذلك أيضًا ارتفاع ملحوظ في نسبة ما تقتطعه الأسرة من ميزانيتها للإنفاق على الصحة. ويمكن القول أن الحكومات، بصفة عامة،تجاهد في سبيل تطوير آليات للتمويل في سياق عدم التكافؤ الحاد في الدخول وقلة نسبة الحصول على الخدمات والوصول إليها واستعمالها من قبل الطبقات الفقيرة. وفي كثير من تلك البلدان يثقل كاهل الخدمات الصحية على نحو خطير من جراء بعض الأمراض مثل مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدزبالإضافة إلى إنها تواجه أعباءً متزايدة بسبب زيادة أعداد المسنين وارتفاع نسبة الأمراض غير المعدية. وهكذا فإن كل ما سبق يتطلب تغيرًا في السياسات للاستجابة لهذه الأعباء، لقد ساهمت بعض من هذه العوامل في توسيع نطاق الإجماع التقني على ضرورة إصلاح قطاعات الصحة. ولقد بدأ تصدير هذا الإجماع حول العالم منذ أواخر الثمانينيات،مع البناء بصورة خاصة على تجارب الإصلاح التي جرت في الولايات المتحدة وبريطانيا (1،2).

تتناول هذه الورقة ثلاث أسئلة رئيسية : ما هي البيئة الاقتصادية الكلية ونوع السياسات التي نشأت عمليات الإصلاح لمناهضتها ؟ وما هو شكل عمليات الإصلاح أو المبادرات ذات الصلة التي تم اقتراحها أو تجربتها بالفعل في قطاعات الصحة؟ وأخيرًا ما هي الآثار التي ترتبت على هذه الإصلاحات فيما يتعلق بالدعوة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية؟

جدير بالذكر أن التسلسل الزمنى أدناه لا يعنى حدوث عمليات الإصلاح على مدار فترات زمنية واضحة ومحددة، فإن برامج الإصلاح لا تزال متذبذبه وهى تخضع لتعديل مستمر على ضوء التغيرات المستمرة في السياسات والبيئة الاقتصادية الكلية.

البيئة الاقتصادية الكلية ونوع السياسات

كان عقد الثمانينيات بمثابة عقد الأزمات الاقتصادية في العديد من الدول ذات الدخل المنخفض، وبصفة خاصة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء. وقد أثر انخفاض أسعار السلع وانهيار النظم المالية وبرامج التكييف الهيكلي على الاستثمار العام والإنفاق، مما كان له آثاراً بالغة على القطاعات الصحية. وقد أصيبت المنشآت الصحية التابعة للقطاع العام على كل المستويات بخلل مزمن في ظل نقص المعدات الضرورية أو تحطمها وعدم انتظام إمدادات العقاقير والمستلزمات الجراحية،بالإضافة إلى تدهور جودة الخدمات. وافتقرت الكثير من المنشآت للعاملين في القطاع الصحي حيث انخفضت الأجور وانعدم انتظامها في أغلب الأحيان. وقد أصبح من المألوف فى ذلك الوقت أن يتقاضى العاملون مبالغًا مالية من المرضى بصورة غير رسمية: حيث طور الأشخاص الذين يقومون بتوفير الخدمات استراتيجيات خاصة بهم لكسب القوت عوضاً لهم عن نقص الرواتب (۳).

كذلك تعثرت نظم الإشراف، كما توقفت سلسلة الإحالة من المستويات الأولية إلى المستويات العليا عن العمل بشكل جيد. وتزايدت شكاوى المستشفيات من عدم وجود بعض البنود مثل العقاقير والمستلزمات الجراحية، واعتمدت على الأقارب للقيام بأعمال التمريض الأساسية. وقد ظهرت أسواق من مقدمي الخدمات تضمنوا بعض موظفي الحكومة الذين يعملون في وظائف أخرى مساءًا لزيادة دخلهم“. ولم تكن هذه الأسواق تخضع للتنظيم ولم يكن يتم التحقق من عنصر الكفاءة بها إلا فيما ندر. كذلك، ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية خاصة بالنسبة للفقراء ولم تزل حتى الآن مستمرة في الارتفاع. وتسارع الهروب إلى القطاع الخاص في مقابل انخفاض استخدام الخدمات العامة. علاوة على ذلك، تزايد الاتجاه نحو انفاق المواطنين على الصحة،وعلاج البعض لأنفسهم في كثير من الأحيان ،وقد مثلت عمليات أو ما يطلق عليه مداواة الذات (4 – 6).وقد مثلت عمليات الإصلاح التى طرأت على قطاعات الصحة أثناء هذه الحقبة الزمنية محاولة للاستجابة للتحديات الخطيرة التي فرضها تدهور الخدمات الصحية في العديد من البلدان الفقيرة (7 ).

شهدت هذه الفترة ظهور ما أصبح فيما بعد البرنامج السائد لعمليات إصلاح القطاعات الصحية بدفع قوى من قبل البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية وعدد من هيئات المعونة الثنائية والهيئات متعددة الأطراف. وقد تأثرت عمليات الإصلاح على نحو خاص بعمليات الإصلاح الإدارية في النظم الصحية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كما اهتمت هذه الإصلاحات بإعادة تعريف العلاقات بين الدولة ومقدمي الخدمات والمنتفعين بها وغيرهم من المنظمات ذات الصلة بالصحة مثل مجالس إدارات المستشفيات وموردي السلع والخدمات للقطاع الخاص (4).

ركزت هذه الإصلاحات بصفة خاصة على تحسين عمل وزارات الصحة الوطنية عن طريق إدارة الموارد المالية والبشرية بصورة أكثر كفاءة (١). كان توجه الاصلاح المالي، هو خفض الاعتماد على التمويل العام والتأكيد على المزج بين الآليات العامة والخاصة لتحسين التحكم في الأسعار وزيادة مردود التكلفة. وقد تضمنت هذه الآليات رسوم الاستخدام وخطط الدفع مقدماً ونظم التأمينات (8). كذلك ارتبطت إدارة الموارد البشرية بإصلاح عقود الخدمات المدنية وإدخال وسائل أخرى لمتابعة الأداء مثل هياكل الرواتب العطية على الحوافز.

وفيما يتعلق بتحسين جودة تقديم الخدجمات، تم تشجيع الحكومات على تطوير مناهج أكثر انتقائية للرعاية الصحية الأساسية وذلك بتقديم ما سمى مجموعة خدمات الحد الأدنى المضمونة، وهي حزمة من التدخلات الطبية المنتقاة منخفضة التكاليف(9). وقد تمت التوصية باللامركزية في مجال الخدمات الصحية بحيث توكل إدارة الخدمات الصحية للمستويات الحكومية الدنيا أو للهيئات الأخرى كوسيلة لزيادة المحاسبية بالنسبة للسكان المحليين. وتم الدفع بتطوير وزيادة أشكال التعاقد مع مقدمى الخدمات من القطاع الخاص في كل من القطاعات الربحية وغير الربحية،وذلك استجابة للاستخدام واسع الانتشار لهذه الخدمات. ويمكن القول أن ذلك قد جاء انعكاسًا للنظرة الأيديولوجية السائدة بشأن جودة القطاع الخاص الفائقة وكفاءته ومزايا استخدام العقود التنافسية كوسيلة لإدخال تغييرات على القطاع العام من أجل زيادة فعاليته (1،10).

كذلك حفزت بعض الاعتبارات الإقليمية بعض المبادرات الهامة مثل مبادرة باماكو” (Bamako Initiative) التي قادتها مجموعة من البلدان الإفريقية التي أثار قلقها التدهور الشديد في الخدمات الصحية بها. ركزت مبادرة باماكوعلى تحسين الخدمات عن طريق الاعتماد على المجتمع المحلي لتمويل الإمدادات الأساسية (۱۱). وقد كانت لهذه المبادرة نتائج متضاربة، فبينما أدت إلى تحسين قدرة بعض الفئات الفقيرة في بعض البلدان على الحصول على الخدمات. إلا أن تأثيرها على إتاحة الخدمات للفئات الأكثر فقراً والجماعات المهمشة كان ضعيفًا (۱۲).

ولقد أثار ذلك المنهج السائد قلق العديد من الأطراف. أخذ الناشطون فى مجال الدعوة للصحة موقفًا نقديًا منسجمًا من عمليات إصلاح قطاع الصحة ورأوا أنها نابعة من أجندة التكييف الهيكلي والخصخصة وما يدفعان إليه للتحكم في التكلفة (13،14). وقد أبدت الهيئات التي كانت تدفع بقوة نحو الإصلاح قلقها إزاء غياب أثر هذه الإصلاحات على عمل الأنظمة الصحية. كما ثبت صعوبة تنفيذ الإصلاحات عملياً خاصة عندما اقتضت عمل إصلاحات هيكلية أكثر اتساعاً في القطاع العام وفي شؤون الإدارة ولقد كان هناك أيضًا تخوف أكثر عمومية من كون شعار الانصاف والكفاءة والجودةيعطى في الواقع أهمية أكبر للكفاءة مقارنة بالانصاف والجودة (١٥).

كذلك، كانت هناك مخاوف أخرى بأن المدخل القائل بأن مقاس واحد يناسب الجميعلا يأخذ في الاعتبار العوامل الخاصة بالسياق مثل طبيعة النظام السياسي التي تؤثر على مخرجات عمليات الإصلاح. ولكونه عملية تقنوقراطية بالدرجة الأولى،أغفل إصلاح قطاعات الصحة أطرافاً فاعلة هامة مثل منظمات المجتمع المدني،كما أغفل أيضًا ما كان يحدث على مستوى تقديم الخدمات الصحية، حيث كان التركيز على تغيير مستوى الأنظمة دون أن يصاحب هذا التغيير متابعة لنتائجه على الصحة أو لأثر تلك النتائج على عملية تقديم الخدمات (3،17).

كانت الصحة الجنسية والإنجابية شبه غائبة عن هذا البرنامج بالذات. وهذا أمر قد يثير الدهشة نظراً للأهمية الدولية لبرنامج العمل الخاص بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية لعام ١٩٩٤ الذي عززته من جديد خطة عمل مؤتمر بكين للمرأة، حيث ساهم كلاهما في بلورة رؤية حقوقية وشمولية ومترابطة للصحة الإنجابية.

ويرجع ذلك بشكل كبير إلى ثلاثة أسباب، أولها هو وجود فجوة خطيرة في اللغة والخطاب بين الاثنين، فواحد منهما يتحدث بلغة إدارية / تقنوقراطية (وفي كثير من الأوجه يستمر في التحدث بها)،أما الآخر فيتحدث بلغة الدعوة والدفاع، ونادراً ما يتفاعل أنصار هذين الخطابين سواء على المستويات الدولية أو الوطنية أو المحلية. أما السبب الثاني فهو أنه بينما كانت إصلاحات قطاعات الصحة تركز بالأساس على التدخل في جانب العرض مثل آليات التمويل وإدارة الموارد البشرية، كانت حملات الدفاع عن الصحة الجنسية والإنجابية على المسترى القطاعي أكثر اهتمامًا بالخدمات وكيفية تقديمها. وعلى مستو أوسع، فقد ركزت هذه الحملات على الحاجة إلى القضاء على عدم المساواة المتعلقة بالنوع الاجتماعي وإلى انتهاج مداخل ريادية في هذا الصدد كشرط أساسي وقبلى لتحسين مستوى الصحة الإنجابية. أما ثالث هذه الأسباب فهو ميل القائمين على إصلاح قطاع الصحة إلى النظر إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية على أنها برامج رأسية أو برامج موجهة لاهتمامات خاصة“. ومن ثم فقد أغفل مصلحو قطاع الصحة، الذين كانوا ينظرون إلى تلك الخدمات بهذا الشكل. هذه البرامج ولم يعيروها أي اهتمام إلا بوصفها تحدياً بيروقراطياً لتحسين كفاءة جانب العرض. ومن جانبهم، فإن القائمين على حملات الدفاع عن الصحة الجنسية والإنجابية لم يتفهموا على نحو كاف أهمية الاشتباك مع عمليات الإصلاح على مستوى الأنظمة (١٨).

بحلول منتصف التسعينات، طرأت تحولات في الهيكل المالي الدولي فقد استمرت النسبة الإجمالية لميزانيات المعونة ثنائية الأطراف من التحويلات الدولية نحو الدول الأكثر فقرًا في الانخفاض، وعلى الرغم من هذا ارتفعت نسبة القروض المقدمة من الهيئات متعددة الأطراف خاصة في مجال الإنفاق على قطاعات من أمثلة قطاعات الصحة (19) كنوع من الاستجابة الجزئية للاهتمام المتنامي بأثر برامج التكييف الهيكلي على القطاعات الاجتماعية في البلدان الفقيرة. أما في البلدان التي تتلقى دعماً كبيراً موجهًا نحو قطاعات الصحة، فقد كان هناك ابتعاد عن التمويل القائم على تمويل مانحين محددين لمشروعات محددة، إلى ما عُرف ببرامج الاستثمار القطاعي والمداخل واسعة النطاق (SWAPS).

وقد تركزت الحجة المناهضة للتمويل الموجه إلى مشروعات بعينها على أن مثل هذا التمويل قد شوه التخطيط الوطني وعرقل وضع الأولويات عن طريق خلق جزر من برامج وخدمات ذات موارد أفضل، كما أن ذلك قد أوجد أيضًا نوعًا من عدم الفعالية والارتباك حيث لم يكن هناك تنسيق للجهود بين الهيئات الممولة لتلك الأنشطة في كثير من الأحيان. ومن ثم، فقد كان هناك تحركًا باتجاه التخطيط والتمويل طويلي المدى لقطاع الصحة وغيره من القطاعات. وقد كان ذلك موضع مباحثات بين الحكومات و مجموعةمانحي المعونات والهيئات متعددة الأطراف (1،20) ولم يعن ذلك نهاية التمويل الموجه إلى مشروعات بعينها، فقد استمر الكثير من التمويل الموازيفى نفس الدول التي تتبنى منهج الاستثمار القطاعي والمداخل واسعة النطاق (SWAPS) إلا أن بعض المنظمات غير الحكومية مازالت تعرب عن بعض القلق إزاء فقد التمويل.

وإدراكًا للقيود المفروضة على الإصلاحات التي يحث عليها العرض والتي تتسم بالتركيز على النواحي التقنية، نتج عن ذلك تفكير أكثر رحابة بشأن إصلاحات قطاع الصحة. فقد أدى ذلك،على سبيل المثال، إلى إيلاء مزيد من الاهتمام نحو احتياجات المنتفعين بالخدمات ومخاوفهم ونحو التركيز على أهمية إشراك طائفة أوسع من المعنيين بالأمر، وإن كان ذلك على مستوى الخطاب،وقد قامت بعض البلدان بوضع آليات مؤسسية للتعرف على رأى المنتفعين بشأن بعض القضايا مثل تحديد الأولويات (21). وفي بلدان أخرى طورت تحالفات الأطراف المعنية فى المجتمع المدني مثل جماعات المستهلكين والنقابات استراتيجيات للدعوة والدفاع تمكنهم من التعبير عن احتياجات مستخدمي الخدمات وعن مصالحهم (22،23).

ويمكن رصد اتجاهين متسارعين في قطاعات الصحة، الأول هو اللامركزية في صورها العديدة (24،25)،والآخر هو النمو المستمر واستخدام الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص، لقد أدى ذلك إلى تحول مصاحب في التركيز نحو المخاوف الخاصة بالإدارة الرشيدة والمحاسبية وكيفية يمكن تنظيم سوق الخدمات على نحو أفضل (23).

أدى تقييم أثر العقد الأول من عمليات الإصلاح التي طرأت على قطاعات الصحة إلى إثارة بعض المخاوف حول فشلها النسبي في عدد من البلدان، وبخاصة في دول أفريقيا جنوبي الصحراء، في إدخال أية تحسينات ملموسة فيما يتعلق بتقديم الخدمات، وبشكل خاص للطبقات الفقيرة (5،26). ولا يمكن أن نرجع هذا الفشل برمته إلى قطاعات الصحة، حيث أن مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدزقد أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية في بعض البلدان بشكل يتخطى بكثير مسألة تقديم الخدمات الصحية، كما أثر بنحو خطير على المؤشرات الصحية والاجتماعية (27). إن الفشل المنهجى الأوسع فيما يتعلق بالإدارة الجيدة، والذي ارتبط في كثير من الأحيان بالنزاعات المسلحة في بعض الأجزاء الأكثر فقراً من العالم، قد أسهم بشكل رئيسي في وقوع الأزمات التي تعرض لها النظام الصحي. وعلى الرغم من هذا،وفي بلدان أخرى أيضًا، أثارت الفجوات الآخذة في الاتساع بين الأغنياء والفقراء فيما يتعلق بالوضع الصحي وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية (على سبيل المثال في الصين والهند) أسئلة خطيرة بشأن محتوى عمليات الإصلاح واتجاهها (17،28،29).

وبرغم ذلك، ظلت المكونات الأساسية لعمليات إصلاح قطاع الصحة كما هي ولكن مع التركيز على بعض العناصر دون غيرها. لقد ساد في جهود الإصلاح المبكرة التركيز على إدارة الخدمات الصحية ومنظور الموارد البشرية فيما يتعلق بإعادة الهيكلة. ثم أصبحت مرحلة منتصف التسعينيات حقبة العاملين في اقتصاديات الصبحة والوبائيات، حيث تحول التركيز إلى تقدير الأولويات الخاصة بالاحتياجات الصحية وكيفية الوفاء بها.

وانبثاقًا من تقرير التنمية الدولية لعام 1993 (9)،والعمل الذي قامت به منظمة الصحة العالمية في هارفارد، أصبح تحليل العبء العالمي للمرض، ومنهجيات تحديد الأولويات المصاحبة له هو الأساس الموصى به للتخطيط، ووضع المخصصات للإنفاق في مجال الصحة. وتم بالفعل تبني هذه المنهجيات في العديد من البلدان(30). وقد ارتبطت هذه المنهجيات على نحو خاص بتطور مفاهيم حزم الخدمات الأساسيةو التدخلات الانتقائيةالمبنية على تقدير للاحتياجات الصحية الأهم والحد الأقصى للمكاسب الصحية لكل وحدة من أوجه الإنفاق. وعلى الرغم من قوة هذه الأدوات، إلا أن منتقديها قد أثاروا جدلاً حول موضوعية هذه التدابير وطبيعة أساليب التصنيف والترتيبات المستخدمة،غير المرتبطة بسياق معين،والتحيز المحتمل للنوع الاجتماعي نتيجة لنقص البيانات التي لا توضح الفروق على أساس النوع. وبالتالي حول إدخال عوامل عدم المساواة على أساس النوع في الصحة (31 – 33)

تشير النتائج التي توصلت إليها دراسات ميدانية عديدة خلال العقد الأخير إلى أن الكثيرين، ومنهم الفقراء يلجأون إلى خدمات صحية خاصة أو مستقلة، مما نتج عنه اهتمام أعظم بسبل تنظيم القطاع الخاص واستغلاله في تقديم الخدمات، مما أدى إلى القيام بتجارب ومبادرات في التعاقد مع القطاع الخاص على تقديم خدمات منتقاة،وفي التسويق الاجتماعي لحزم مجمعة تضم بعض السلع والخدمات الصحية مثل الواقي الذكري ووسائل منع الحمل والشبك الواقي من الناموس(34 – 35).

اتضحت التحديات السياسية والتنظيمية التي اعترضت تنفيذ برنامج القاهرة بدرجة أكبر في هذه الفترة، فالصحة الجنسية والإنجابية كانت رؤية لما يجب إحرازه،وثبت أن ترجمتها إلى الواقع أقل سهولة(3،37). وبالإضافة إلى ذللك ظلت هناك فجوة كبيرة بين الهموم الأوسع الخاصة بقضايا تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، وتقديم الخدمات فى الواقع من ناحية،وبين مقاربات إصلاح قطاعات الصحة على مستوى النظم من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال، كان هناك عدد كبير من المبادرات والمشاريع النموذجية الصغيرة بالإضافة إلى الكثير من التجارب الجيدة خاصة بين المنظمات غير الحكومية لتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية عالية الجودة بصفة خاصة للنساء،غير أن هذه البرامج والمبادرات قد افتقرت إلى الخبرة الكافية أو إلى القدرة التى تمكنها من وضع الرؤية الشاملة لبرنامج العمل الخاص بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية موضع التنفيذ. ويرجع ذلك إلى بعض الأسباب المؤسسية والإدارية والسياسية حيث افتقرت الكثير من البرامج إلى القدرة على تقديم الخدمات على نحو متكامل ومترابط أو إلى القدرة على توسيع نطاق تقديم الخدمات أبعد من تنظيم الأسرة وخدمات رعاية الأمومة والطفولة. وغالبًا ما شعر المديرون والعاملون بالتهديد بسبب الإندماج واستمر مانحو المساعدات في تمويل هذه الخدمات رأسياً على الرغم من الخطاب الرنان عن الاستثمار القطاعي والمداخل واسعة النطاق (SWAPS) والتحرك في اتجاهها.( 38،43)

لم يكن هناك ما يدل على مشاركة المعنيين بالأمر أو المدافعين عن الحقوق الجنسية والإنجابية بشكل كبير في مبادرات إصلاح قطاعات الصحة أو في المفاوضات مع مانحي المساعدات. كذلك، لا تشارك الوكالة الدولية للمعونة الأمريكية، والتي تعد أكبر مانح للمساعدات في مجال الصحة الإنجابية،في الاستثمار القطاعي والمداخل واسعة النطاق (SWAPS)(44). وفي الوقت نفسه، شكلت التدخلات البيروقراطية الدولية مثل برامج الأمومة الآمنةوالإدارة المتكاملة لأمراض الطفولةمزيدًا من السبل المتوازية التي كانت لديها في أغلب الأحيان هياكل إدارية وميزانيات منفصلة.

البيئة الاقتصادية الكلية ونوع السياسات

لقد شهدت هذه الفترة مؤشرات على أن الأحساس بإنتصار الاقتصاديات الليبرالية الجديدة الذي ساد من قبل في المؤسسات المالية الدولية ، قد حل محله تقييم أكثر جدية لفشل الجهود التنموية (45). ولقد تجسد ذلك بشكل ملحوظ فى الهجوم القاسي الأخير على مقاربة مقاس واحد يناسب الجميعالتي ينتهجها صندوق النقد الدولي إزاء التكييف الهيكلي بفضل جهود جوزيف ستيجليتز” Joseph Stiglitz الحائز على جائزة نوبل والنائب الأسبق لرئيس البنك الدولي والاقتصادي الرئيسي به (٤٦). وبالنظر مليًا إلى أبعد من القطاع، نجد أن الفقر قد عاود الظهور مرة أخرى كهم عالمي في المنتديات الاقتصادية الكلية الرئيسية مثل اجتماعات مجموعة الدول الصناعية السبع والمؤسسات المالية الدولية (47). وقد برزت الصحة مرة أخرى في برامج المعونة الدولية مع إعادة التأكيد على أوجه الصلة المتعددة بين الفقر وضعف الصحة (٤٨).

وقد نتج عن ذلك فيض من المبادرات حديثة العهد،وخاصة لجنة الاقتصاديات الكلية والصحة، التي أنشأتها منظمة الصحة العالمية والتي دعى تقريرها في نهاية عام ٢٠٠١ إلى ضرورة زيادة الاستثمارات الدولية في مجال الصحة إلى ۲۷ مليار دولار أمريكي سنوياً على مدى الأعوام الخمسة التالية (٤٩). غير أنه يجب النظر إلى ذلك في ضوء الفجوة المستمرة بين وعد الدول الصناعية بتمويل مثل هذه التوصيات والالتزامات الدولية من جهة، وبين الواقع الملموس من جهة أخرى.

وتربط المبادرة الخاصة بالدول الفقيرة ذات المديونية الكبيرة، والتي تركز على الدول الأربعين الأكثر فقراً، بين الاعفاء من الديون وزيادة الإنفاق القومي على القطاع الاجتماعي، حيث يطلب من البلدان التي تتلقى قروضاً بشروط ميسرة من البنك الدولي (أي قروض بفوائد امتيازية تكون في متناول البلدان ذات الدخل المنخفض) بتقديم بيان بالاستراتيجيات التي تعتزم الدول انتهاجها لتقليل الفقر بحيث تتناول استراتيجيات الإقتصاد الكلى والسياسات التي من الممكن أن تؤدي إلى نمو يعود بالنفع على الفقراء (50). وقد تحول البنك الدولي ذاته نحو ضرورة استشارة البلدان الفقيرة ومن ثم فإنه يتوقع من الدول الآن أن تقوم بتقدير نسبة ودرجة الفقر على أن يتضمن ذلك التشاور مع الفئات الفقيرة بشأن همومها واحتياجاتها. وقد برزت المخاوف الصحية على نحو جلي في هذه المشاورات، وقد أكدت تلك الفئات بصفة خاصة على الآثار المدمرة للأمراض الخطيرة التي تعوق قدرتهم على العمل والتكلفة الباهظة للعلاج التي تتسبب بدورها في المزيد من الإفقار (51 ،52).

وقد شهدت المناظرات الدولية بشأن الفقر تحولاً من استخدام مفهوم يغلب عليه التركيز على الدخل نحو مفهوم الفقر الذى يركز على المخاطر والضعف والإقصاء (53،54). وقد أدى ذلك إلى أن احتلت المخاطر الصحية موقع القلب من المناظرات حول السياسات الصحية. لقد كان من الواضح منذ أمد بعيد أن اعتلال الصحة يمكن أن يكون سبباً للفقر ونتيجة له في ذات الوقت، غير أن ذلك قد أُسقط من البرامج الدولية خلال الثمانينيات كما ذكر آنفا. وقد أسهمت المشاورات التي جرت لإعداد بيانات بالاستراتيجيات التي تعتزم الدول انتهاجها لتقليل الفقر في إعادة التأكيد على هذه الرؤية الأوسع للفقر والتي تُعتبر الأقوى تأثيرًا في الوقت الراهن على استراتيجيات الحماية الاجتماعية الناشئة. وقد نتج عن هذه الاستراتيجيات الجديدة بعض التجريب مع آليات شبكة الأمان لحماية الفقراء ضد الأمراض المدمرة ولتوفير التأمين الأساسي للرعاية الصحية (18،53،55،56).

لقد أصبحت التزامات الهيئات الدولية لتقليل نسبة الفقر جزءاً لا يتجزأ من أهداف التنمية الدولية” (IDTS). وجاءت أهداف الألفية التنموية” (MDGs) لتحل محلها وشددت عليها في أغلب الأحوال. ومما يثير الجدل أن التزام أهداف التنمية الدولية بتوفير الصحة الإنجابية للجميع قد أُسقط من أهداف الألفية التنموية نتيجة المعارضة المحافظين لبرنامج القاهرة (57،58). وما تبقى هو بعض مؤشرات الصحة الجنسية والإنجابية عالية المستوى، من بينها نسبة الوفيات بين الأمهات ونسبة وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر والأهداف الخاصة بالوقاية من مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

كذلك طرأت بعض التغييرات على الخطاب الخاص بالصحة الدولية، فبينما سادت اللغة الحقوقية على لغة المؤيدين ولغة الأمم المتحدة،تزايد هيمنة مفهوم الصحة كسلعة عامة عالميةعلى المناظرات الدولية (على سبيل المثال في اجتماعات لجنة الاقتصاديات الكلية والصحة). وتُعرف السلعة العامة العالميةفنيًا بوصفها سلعة استخدامها من قبل شخص واحد لا يمنع غيره من استخدامها ( غير تنافسية) وأن استخدامها متاح للجميع (لا يمكن استثناء أحد من استخدامها ). وهي أيضًا السلعة التي تمتد منافعها عبر الحدود الوطنية. ومن أمثلة السلع العامة العالمية في مجال الصحة مبادرات القضاء على الأمراض والبحوث الطبية الحيوية المشتركة والتنمية والتطعيمات بأسعار في متناول الجميع (59). وفي حقبة يتزايد فيها الاهتمام (خاصة في البلدان ذات الدخل المرتفع) بالطبيعة الدولية المتنامية للتهديدات الناجمة عن الأمراض المعدية، جمع مفهوم السلعة العامة العالمية بين المصلحة الذاتية والإيثار.

إن خطاب الصحة كسلعة عامة عالميةمتأصل في كثير من المبادرات الدولية،وتحالفات المصالح بشأن قضايا الصحة بين الهيئات الدولية والحكومات الوطنية،والمنظمات الخيرية الخاصة،والمصالح التجارية مثل شركات الأدوية. وتهدف هذه الشراكات الجديدة بين القطاعين العام والخاص إلى تعزيز التوصل إلى مخرجات مشتركة (حتى الآن يحدث هذا غالباً في المجال الطبي/ الحيوي)، مثل عقاقير أو أمصال معينة، على سبيل المثال فى التحالف العالمي بشأن الأمصال والتطعيم وفي برنامج منظمة الصحة العالمية لتخفيض نسبة الملاريا.

لم تزل العناصر الرئيسية لبرنامج الإصلاح خاصة الإصلاح المالي والمؤسسي وتشجيع دور القطاع الخاص وتنظيمه تحتل أهمية كبيرة، إلا أن قضايا الإدارة الجيدة والمحاسبية قد أصبحت موضع اهتمام رئيسي في ظل البيئة الحالية الخاصة بالإقتصادي الكلي والسياسات السائدة. ويعد هذا جزءًا من المناظرات الدولية الأسع حول الظروف الضرورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والدور الذي تلعبه الحكومات في خلقها،وكيفية تحسين أداء الأنظمة الحكومية البيروقراطية ونظم تقديم الخدمات في قطاعات الصحة (60).

ومن ثم فإن النقاش الآن لا يدور حول من يقدم الخدمات، بقدر تعلقه بكيفية تقديم تلك الخدمات. كما أن هذا النقاش يعكس الإهتمام باستعادة دور الحكومات كمنظم وضامن لخدمات موثوق منها ولكن في سياق يشمل أطرافاً فاعلة ومصالح متعددة. ولقد أدى ذلك عمليًا إلى تحول الاهتمام إلى السبل المختلفة لمحاسبة الحكومات ومقدمى الخدمات، وبصفة خاصة فيما يتعلق بدور منظمات المجتمع المدني في هذه العملية. وتوضح الإصدارات المتعاقبة لتقرير التنمية الدولية بشكل كبير التسلسل الزمني لهذا النقاش والتغيرات في الخطاب المهيمن على اقتصاديات التنمية. وهنا يمكن للمرء أن يلحظ التحول من التحمس السابق لخصخصة السلع والخدمات الاجتماعية وتقليل السيطرة الحكوميةإلى موقف ناتج عن تدبر أكثر عمقًا لأهمية الدور الذي تلعبه الحكومات في تنظيم الخدمات وإدارتها أو تقديمها(9،53،61).

لقد ساقت كل من الأهداف الدولية الخاصة بتقليل نسبة الفقر والتأكيد المتجدد على الترابط بين الصحة والفقر مخاوف الحماية الاجتماعية إلى مقدمة الاهتمامات، مما أثر بالتالى على عمليات الإصلاح في مجال تمويل قطاعات الصحة (٦٢). وتمعن العديد من البلدان التفكير في نماذج تعتمد على التأمين للوفاء بالاحتياجات الصحية أو لتقوم بتقدير إمكانية تطبيقها(52). وفي الدول الفقيرة والدول ذات الدخل المتوسط، يجرى الآن تقسيم السكان بصورة متزايدة إلى قطاعات من حيث كيفية الوفاء باحتياجاتهم من الرعاية الصحية على مستوى الفرد والأسرة. ويتألف ذلك من مشروعات للتأمين العام أو الخاص على العاملين في القطاع الرسمى بالقطاع الصحى، والتأمين الصحي الأساسي أو لتمويل المجتمع المحلي للفقراء متوسطي الحال والقروض الصغيرة وصناديق شبكة الأمان من أجل الأمراض المدمرة للفئات شديدة الفقر(18).

وتثير هذه الآليات الخاصة بالتمويل قضايا أكبر بشأن الانصاف النوعى، والمساواة الاجتماعية (١٨). كما أنه يمكن القول بأن تشديد اللوبى المهتم بتخفيض الفقر على توفير الحماية على مستوى الفرد والأسرة (التي تعتبر سلعة اجتماعية من نواحي كثيرة)، يصرف الانتباه عن أجندة الصحة العامة الأكثر اتساعاً بشأن الرعاية الصحية الوقائية وتحسين البيئة التي تعود بالنفع على نساء الطبقات الفقيرة بشكل خاص.

كذلك شهدت هذه الفترة ظهور آليات تمويل دولية جديدة متصلة على نحو واضح بالبرنامج الخاص بتقليل الفقر. لقد بادرت الدول الصناعية السبع بإنشاء الصندوق العالمي لمحاربة أمراض الإيدز والدرن والملاريا عام ۲۰۰۱ ولكن هذا الصندوق قد عجز في المرحلة الأولية على الأقل عن تغطية المبالغ المتعهد بها على نحو كبير. ولقد أدى هذا الإتجاه الخيرى الإنساني الجديد، كما جسدته مؤسسة جيتسعلى أفضل وجه إلى توجيه مبالغ كبيرة من الأموال مباشرة إلى بعض التدخلات الطبية الحيوية بصفة رئيسية مثل التطعيم وتحسين إمداد الدواء. وقد ضخت هذه المنح الضخمة ديناميكية جديدة غير مخطط لها على الساحة الصحية الدولية،كما أنها كانت السبب أيضًا وراء ظهور توترات جديدة وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان على التركيز على النظم الصحية، يبدو أن مثل هذه التدخلات تسجل على نحو متزايد عودة إلى المقاربات الرأسيةوالطبية الحيوية للصحة. وسيصعب تعايش هذه المقاربات مع المدخل الذى يركز على إصلاح الأنظمة في تناوله للإصلاح القطاعي.

يطرح المناخ الاقتصادي الكلى الحالي وبرنامج السياسات الخاص بالصحة العالمية عدداً من التحديات. ففي ظل إدارة الرئيس الأمريكي بوش،تحركت قوى محاربة للتقدمية، من أجل إلغاء المكاسب التي حققتها حملات الدفاع عن الصحة الجنسية والانجابية خلال العقد الأخير. كذلك همشت عمليات الإصلاح التي طرأت على قطاعات الصحة برنامج القاهرة على نحو كبير، كما إن إعادة التنظيم الرأسي كان أمرًا ضمنيًا في المبادرات الدولية على سبيل المثال الصندوق العالمي. وهكذا، فإن كل ما سبق لا يبشر بالخير بالنسبة للصحة الجنسية والإنجابية.

إن أحد التحديات الخطيرة يكمن في كيفية استخدام هذه الحملات الدفاعية لإعادة التفاوض بشأن السياسات الخاصة بخدمات الصحة الجنسية والانجابية والموارد المالية المتاحة لها داخل النظم الصحية الوطنية وعلى المستوى الدولي أيضًا، كما يكمن أحد هذه التحديات

أيضًا في القدرة على بناء جسور (أو بالأحرى إعادة بناء جسور) بين مختلف المعنيين بالأمر ومجموعات المصالح لمحاولة بلورة سياسات مؤثرة.

أولاً : لم يزل هناك الكثير الذي يتوجب القيام به لوضع المفهوم الموسع للصحة الجنسية والانجابية موضع التنفيذ وهو المفهوم الذي خرج إلى الوجود نتيجة لحملات الدفاع القوية بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية وكذلك للتقدم فيما يتجاوز البرامج للتعامل مع إصلاح الأنظمة الصحية، ولكن أيضًا مع المحددات الأوسع للصحة الإنجابية، مثل عدم المساواة بين النوعين الإجتماعيين. وفي الوقت نفسه، يجب على حملات الدفاع عن الصحة الجنسية والإنجابية أن تتجاوز الخط الفاصل بين الرؤية الدولية للصحة الإنجابية للجميع والحاجة المُلحة للعمل على القضايا ذات الأولوية مثل انتشار الأمراض والوفيات بين الأمهات،مما يعني التعبير عن رؤية قوية ومطلعة بشأن الاحتياجات والألويات ( 36،37). وفي واقع الأمر، لم يذهب كل شئ أدراج الريح مع أهداف الألفية التنموية، فوفيات الأمهات لم تزل هدفاً رئيسياً وموضوعاً للاهتمام الدولي. وينطبق نفس القول أيضًا على مرض الإيدز، والمساواة بين النوعين وتمكين المرأة، خاصة في سياق الأهداف في مجال التعليم. وهكذا، فإن المهمة الآن ستكون الدعوة إلى تبنى فهم أوضح وقبول أكثر لحقيقة مؤداها أن المحددات الأوسع للوفيات بين الأمهات ونقل فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز ، والأمراض المنقولة جنسيًا والوقاية منها تغطى جميع جوانب الصحة الجنسية والإنجابية، كما تضمنها برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية. غير أنه من الصعوبة بمكان تحديد كم الأهداف التي يمكن الوصول إليها من بين أهداف الألفية التنموية والتى تقع خارج نطاق البرنامج المشار إليه آنفًا.

ثانياً : تحتاج إصلاحات قطاع الصحة إلى اهتمام على المستويين الوطني والدولي. فعلى المستوى الوطني،يحتاج المدافعون عن صحة المرأة إلى النظر في الآثار المترتبة على تمويل عمليات الإصلاح من حيث احتمالات تأثير ذلك على توافر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وإمكانية الحصول عليها (63،64). وفي سياق الضغط من أجل زيادة التمويل الوطني للصحة الإنجابية، يعتاد المدافعون إلى بلورة رؤية بشأن التوازن المناسب بين الاهتمام بتعزيز النظم الصحية من ناحية وبين العمل على زيادة تقديم الخدمات والأنشطة المرتكزة على البرامج أو توفيرها ، كما يحتاجوا أيضًا إلى خلق تحالفات مع مصلحي النظم التقدميين.

ثالثاً : تحتاج حملات الدفاع الدولية عن الصحة الإنجابية والجنسية إلى زيادة الحجج التي لا يمكن لمصلحي النظم المتزمتين ضحدها بوصفها مصالح خاصة“. وهنا، يمكن بناء جسر مفيد بين مداخل الدفاع الحقوقية وغيرها من ألوان الخطاب حول الإلتزامات الخاصة بالإنفاق العالمي مثل السلع العامة العالمية. ولكي تكون القضية رابحة. هناك احتياج لتطوير الحجم التي تبين أن الصحة الجنسية والإنجابية تقتضى اهتمامًا على المستوى الدولى، وليس فقط اهتمام محلي أو وطنى. وهذا يعني التعلم من النجاحات، على سبيل المثال من لجنة الاقتصاديات الكلية والصحة،وجماعات الضغط في المجال التعليم، الذين نجحوا في وضع حجج قوية بشأن رأس المال البشريلزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم (49،65) وربما يكون الوقت قد حان الآن للبدء في الدعوة إلى إنشاء لجنة للاقتصاديات الكلية تُعنى بالصحة الإنجابية.

تعد هذه الورقة نسخة مطولة من ورقة العمل المقدمة فى مؤتمر حول عمليات الإصلاح الطارئة على قطاعات الصحة وآثارها على الصحة الإنجابية والجنسية الذى عقد فى ۲٥ ۲۸ فبراير ۲۰۰۲ في بلاجيو بإيطاليا. ونحن نتقدم بالشكر للمشاركين على ملاحظاتهم وإلى جان بويس لمساعدته في التحرير.

* زميلة ببرنامج الصحة والتغيرات الاجتماعية بمعهد دراسات التنمية، جامعة سوسكس, برايتون المملكة المتحدة

مراجع:

1-Cassels A. Health sector reform : key issues in less developed countries . Journal of International Development 1995 ; 7 ( 3 ) : 329-47

2-Berman P , editor . Health Sector Reform in Developing Countries , Boston : Harvard University Press , 1995 .

3-Simms C , Rowson M , Peattie S. The bitterest pill of all : the collapse of Africa’s health system . London :Save the Children Fund UK , 2001 .

4- Standing H. Frameworks for Understanding Gender Inequalities and Health Sector Reform : An Analysis and Review of Policy Issues . Working Paper Series No 99.06 . Cambridge MA : Harvard

Center for Population and Development Studies , 1999 .

5-Standing H , Bloom G. Pluralism and Marketisation in the Health Sector : Meeting Health Needs in Contexts of Social Change in Low and Middle Income Countries . IDS Working Paper 136. Brighton : Institute of Development Studies , 2001 .

6-Aiansworth M , Shaw P. Financing Health Services through User Fees and Insurance : Case Studies from sub – Saharan Africa . Washington DC : World Bank , 1996 .

7-Nabarro D , Cassels A. Strengthening Health Management Capacity in Developing Countries . London : Overseas Development Administration , 1994 .

8-Kutzin J. Experience with Organizational and Financing Reform of the Health Sector : Current Concerns . SHS Papers No. 8 ( SHS / CC / 94.3 ) . Geneva : World Health Organization , 1995 .

9-World Bank . Investing in Health : World Development Report . Oxford : Oxford University Press , 1993 .

10-Standing H. Gender and equity in health sector reform programmes : a review . Health Policy and Planning 1997 ; 12 ( 1 ) : 1-18 .

11-Jarrett SW , Ofasu – Amaah . Strengthening health services for MCH in Africa ; the first four years of the Bamako Initiative ; Health Policy and Planning 1992 ; 7 ( 2 ) : 164-76 .

12-McPake B , Hanson A , Mills A. Community financing of health care in Africa : an evaluation of the Bamako Initiative . Social Science and Medicine 1993 ; 36 ( 11 ) : 1383-95 . 21

13-Sahn D , Bernier R. Has structural adjustment led to health sector reform in Africa . In : Berman P editor . Health Sector Reform in Developing Countries . Boston : Harvard University Press , 1995 .

14-Quadeer I , Sen K , Nayar KR . Public Health and the Poverty of Reforms : The South Asian Predicament . New Delhi : Sage , 2001 .

15-Leon DA , Walt G , Gilson L. International perspectives on health inequalities and policy . BMJ 2001 ; 322 ( 10 March ) : 591-94 .

16-Giusti D , Criel B , Bethune X. Public versus private health care delivery : beyond the slogans [ Viewpoint ] Health Policy and Planning 1997 ; 12 ( 3 ) : 193-98 .

17-Cassels A. Aid instruments and health systems development : an analysis of current practice . Health Policy and Planning 1996 ; 11 ( 4 ) : 354-68 .

18-Standing H. Gender impact of health reforms- the current state of policy and implementation . Women’s Health Journal 2000 ; 3-4 ( July – December ) : 10-19 .

19-Walt G et al . Health sector development : from aid co – ordination to resource management . Health Policy and Planning 1999 ; 14 ( 3 ) : 207-18 .

20-Evers B. Economic liberalisation – Health sector reform – Gender and reproductive health . Working document for discussion at Reproductive Health Advisory Group meeting , October 1999 .

21-Zwi AB , Mills A. Health policy in less developed countries : past trends and future directions . Journal of International Development 1995 ; 7 ( 3 ) : 299-328 .

22-Loewenson R. Public Participation in Health : Making People Matter . IDS Working Paper 84. Sussex : Institute of Development Studies , 1999 .

23-Cornwall A , Lucas H , Pastuer K. ( editors ) Accountability Through participation : developing workable partnership models in the health sector . IDS Bulletin 2000 ; 31 ( 1 ) .

24-Collins C , Green A. Decentralization and primary health care : some negative implications in developing countries . International Journal of Health Services 1994 ; 24 ( 3 ) : 459-75

25-Kolehmainen – Aitken Rl , editor . Myths and Realities about the Decentralization of Health Systems . 57 .

Boston : Management Sciences for Health , 1999 .

26-Simms C , Milimo JT , Bloom G. Reasons for the Rise in Childhood Mortality During the 1980s in Zambia . IDS Working Paper 76. Brighton : Institute of Development studies , 1998 .

27-Bloom G , Lucas H with Edun A , et al . Health and Poverty in Sub – Saharan Africa . IDS Working Paper 103. Brighton : Institute of Development Studies , 2000 .

28-Bloom G , Wilkes A , editors . Health in transition : reforming China’s rural health services . IDS Bulletin 1997 ; 28 ( 1 ) .

29-Das Gupta M , Chen LC , Krishnan TN , editors . Health , Poverty and Development in India . Delhi : Oxford University of Press , 1996 .

30-Murray CJL , Lopez AD , editors . The Global Burden of Disease , Vol.1 . Boston : Harvard School of Public Health / World Health Organization / World Bank , 1996 .

31-Reichenbach LJ . Priority Setting in International Health : Beyond DALYS and Cost Effectiveness Analysis . Working Paper Series No 99.06 . Cambridge MA : Harvard Center for Population and Development Studies , 2001 .

32-Hanson K. Measuring up : gender , burden of disease and priority setting . In : Sen G , George A , Ostlín P , editors . Engendering International Health : the Challenge of Equity . Boston : MIT Press , 2002.

33-Nygaard E. Is it feasible or desirable to measure the burdens of disease as a single number . Reproductive Health Matters 2000 ; 9 ( 15 ) : 117-25

34-Mills A , Broomberg J. Experiences of Contracting : An Overview of the Literature . WHO / ICO / MESD.33 . Geneva : World Health Organization , 1998 .

35-Smith E et al . Working with Private Sector Providers for Better Health Care : An Introductory Guide . London : Options / London School of Hygiene & Tropical Medecine , 2001 .

36-DeJong J. The role and limitations of the Cairo International Conference on Population and Development . Social Science and Medecine 1999 ; 51 : 941-53 .

37-Petchesky R. Reproductive and Sexual Rights : Charting the Course of Transnational Women’s NGOs . UNRISD Occasional Paper 8. Geneva : United Nations Reasearch Institute for Social Development , 2000 .

38-International Council on Management of Population Programmes . Managing Quality Reproductive Health Programmes : After Cairo and Beyond . Report of an International Seminar , Addis Ababa , December 1996. Kuala Lumpur : ICOMP , 1997 .

39-Hardee K et al . Reproductive health policies and programs in eight countries : progress since Cairo . International Family Planning Perspectives 1999 ; 25 ( Suppl ) : S2-9

40-Mayhew SH , Lush L , Cleland J et al . Implementing the integration of component services for reproductive health . Studies in Family Planning 2000 ; 31 ( 2 ) : 151-62 .

41-Mayhew SH , Walt G , Lush L. Donor involvement in reproductive health : saying one thing and doing another ? International Journal of Health Services ( forthcoming 2002 ) .

42-UN Population Fund . Reorientation of national family planning programmes towards a broader reproductive health approach , including family planning and sexual health , in East and South East Asia . Occasional paper series No 5 , New York : UNFPA , 1998 .

43-Walker G. Implementation challenges of reproductive health , including family planning and sexual health : issues concerning the integration of reproductive health components , 1999. At : http://www.unescap.org/pop/icpd/walker.htm , accessed 11 April 2002

44-Foster M , Lessons of Experience from Health Sector SWAps , London : CAPE / Overseas Development Instituite , 1999 .

45-Stiglitz JE . More instruments and broader goals : moving toward the post – Washington consensus . World Institute for Development Economics Research , WIDER Annual Lectures 2. Helsinki : WIDER , 1998 .

46-Stiglitz JE . What I learned at the World Economic Crisis , 2000. The Insider . The New Republic On Line . At : http://www.thenewrepublic.com/041700/stiglitz041700.html accessed 18 July 2001 .

47- Sachs J. A new global consensus on helping the poorest of the poor . Proceedings of the World Bank Annual Conference on Development Economics , Washington : IBRD , 2000. P 39-47 .

48-Gwatkin D. Poverty and inequalities in health within developing countries : filling the information gap . In : Leon D , Walt G , editors . Poverty , Inequality and Health : An International Perspective . Oxford : Oxford University Press , 2000. P 217-46 .

49-World Health Organization . Macro economics and Health : Investing in Health for Development . Report of the Commission on Macro economics and Health . Geneva : WHO , 2001 .

50-Review of the PRSP Experience . Issues Paper for the International Conference on Poverty Reduction World Bank . At : Strategies , 14- 17 January 2002. Washington DC : http://www.worldbank.org/poverty/strategies/review/index.htm , accessed 9 May 2002 .

51-Narayan D , Chambers R , Shah MK . Crying Out for Change . Voices of the Poor . Washington DC : World Bank , 2000 .

52-Gwatkin DR . Reducing Health Inequalities in Developing Countries . In Oxford Textbook of Public Health , 4th edition , Oxford : Oxford University Press , 2002. p . 1791-1810

53-World Bank . Attacting Poverty : World Development Report 2000/2001 . Oxford : Oxford University Press , 2001 .

54-Gwatkin DR . Health inequalities and the health of the poor : what do we know ? What can we do ? Bulletin of World Health Organization 2000 ; 78 ( 1 ) : 3-18

55-Gertler P. On the road to health insurance : the Asian experience . World Development 1998 ; 26 ( 4 ) : 717-32 .

56-Pollner JD . Managing Catastrophic Disaster Risks Using Alternative Risk Financing and Pooled Insurance Structures . Washington DC : World Bank , 2001 .

57-Girard F. Reproductive health under attack at the United Nations ( letter ) Reprodutive Health Matters 2001 ; 9 ( 18 ) : 68

58-Berer M. Images , reproductive health and the collateral damage to women of fundementalism and war . Reproductive Health Matters 2001 ; 9 ( 18 ) : 6-11 .

59-Kaul I , Grunberg I , Stern MA . Global Public Goods : International Cooperation in the 21st Century . New York : Oxford University Press for UN Development Programme , 1999 .

60-World Health Organization . Health Systems : Improving Performance . World Health Report 2000 . Geneva : WHO , 2000 .

61-World Bank . The State in a Changing World . World Development Report . Oxford : Oxford University Press , 1997 .

62-International Labor Organization . Income Security and Social Protection in a Changing World : World Labor Report 2000. Geneva : ILO , 2000 .

63-Gomez E. Gender , equity and access to health services : an empirical approximation . Pan American Journal of Public Health 2002 ; 11 ( 5/6 ) : 327-34

64-Standing H. Towards an equitable financing strategy for reproductive health . IDS Working Paper 155. Brighton : Institute of Development Studies , 2002 .

65-Schultz P , editor . Investmnent in Women’s Human Capital . Chicago : Universitry of Chicago Press , 1995 .

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي