بعد إغلاق دار الخدمات النقابية وجمعية المساعدة القانونية

اعداد بواسطة:

الدولة تتجه لتصفية المجتمع المدني والمنظمات ترد باستمرار حملة الحق في التنظيموفتح مقارها النقابية لدار الخدمات والمساعدة القانونية

سؤال يطرح نفسه بقوة الآن بعد أن قامت السلطات التنفيذية بإغلاق منظمتين حقوقيتين على مدى ثلاثة أشهر.

البداية كانت إغلاق المقار الثلاثة لدار الخدمات النقابية والعمالية في أبريل الماضي، وقد لجأت الدارللقضاء وفي الوقت نفسه قامت باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحصول على حقها في الإشهار بموجب القانون ٨٤ لسنة ٢٠٠٢ بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية واستمرار التفاوض على مدى شهرين بين الدارو وزارة التضامن“.

لكن فوجئت الداربصدور قرار الرفض بتاريخ ۳۱/ 7/ 2007 لإعتراض الجهات الأمنية استنادًا للمادة (11) من قانون الجمعيات في حين أن القانون لا يعطي للجهات الأمنية هذا الحق، وبعد أقل من شهرين جاء الدور على جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان لتدخل بذلك علاقة الحكومة بمنظمات العمل الأهلي في منعطف خطير حيث لجأت السلطات التنفيذية للتلويح باستخدام وسيلة تلويث السمعة وهذا ما تبين من الخبر الذي نشر في إحدى الصحف الخاصة على لسان عبد العظيم وزير محافظ القاهرة، وأرجع فيه أسباب اتجاهه لحل جمعية المساعدة هو وجود تجاوزات مالية، وهذا ما رفضته جمعية المساعدة وأصدرت بيانًا أكدت فيه استعدادها لتحويل جميع أوراقها للجهاز المركزي للمحاسبة.

كما أصدرت المنظمات المشاركة في الحملة بيان للتضامن مع جمعية المساعدة وعقد مؤتمر صحفي بمقر الجمعية لهذا الغرض ومن المفارقة أن قرار حل الجمعية نشر بتاريخ 6/ 9/ 2007 في وسائل الإعلام، وتحديدًا في جريدة الأخبار، بينما الجمعية وهي الجهة المعنية بالقرار تسلمت القرار بعد مرور أسبوع من نشر، ونص القرار أرجع سبب حل الجمعية لحصولها على أموال من جهات خارجية دون موافقة وزير التضامن الإجتماعي بالمخالفة للفقرة الثانية المادة 17 من القانون 84 لسنة ٢٠٠٢ بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

وقد قررت المنظمات المشاركة في حملة الحق في التنظيمتقديم جميع أشكال الدعم لجمعية المساعدة، وأعلنت العديد من المؤسسات الحقوقية عن استعدادها استضافة جمعية المساعدة القانونيةلممارسة عملها، وتقديم الدعم القانوني، ومساندتها في الإجراءات التي سوف تتخذها للجوء للقضاء ووصفت المنظمات غير الحكومية قرار الحل بأنه قرار سیاسی صدر على خلفية قيام جمعية المساعدة بالتضامن مع ضحايا التعذيب في أقسام الشرطة، وهذا على غرار ما حدث مع دار الخدمات النقابية والعماليةالتي تعرضت لهجوم شديد من قبل جهات تنفيذية أرادت تحميل الدار مسئولية الإضرابات العمالية في محاولة مكشوفة للتغطية على الأسباب الحقيقية التي دفعت بالعمال للإضراب، وهي مطالبهم الإقتصادية من أجور وأرباح وغيرها من فساد مالي وإداري.

المثير للقلق أن هذا التصعيد ضد المنظمات غير الحكومية يأتي في وقت تؤكد فيه التصريحات الرسمية لوزير التضامن الاجتماعي بأن هناك اتجاهًا لإجراء تعديلات على قانون رقم 84 لسنة ۲۰۰۲ بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقد أرسلت المنظمات غير الحكومية المشاركة في حملة حرية التنظيمبخطاب لوزير التضامن تطالبه بعقد لقاء للتعرف على وجهة نظرها وتقديم اقتراحاتها قبل عرض تلك التعديلات على مجلس الشعب، وحرصت المنظمات على تسليم الخطاب بشكل رسمي وأخذت رقم صادر (۱۰۱۳ ص) بتاريخ ۱۰/ 7/ 2007 وحتى كتابة هذه السطور لم تتلق المنظمات ردًا بل عبر المصادفة حصلت مؤخرًا المنظمات على نسخة من القرار الوزاري رقم 15 بتاريخ ۱۷/ 1/ 2007 وينص على تشكيل مجموعة عمل مهمتها دراسة ووضع المقترحات الخاصة بتعديل بعض مواد القانون رقم 84 لسنة ٢٠٠٢ بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية وكان من الملاحظ أن مجموعة العمل تتشكل من جمعيات ذات طابع خدمي وتم استبعاد المنظمات التي تعمل في مجالي التنمية وحقوق الإنسان التي لها مشاكل ورؤى قد تختلف بطبيعة الحال مع المنظمات ذات الطابع الخدمي.

ما سبق يثير العديد من التساؤلات حول مفهوم الحق في التنظيمبين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية والتطبيق في الواقع؟ العلاقة بين سلطة الدولة ومفهوم العمل الأهلي وحاولت ورشة العمل التي نظمتها الحملة بمقر نقابة الصحفيين بتاريخ ١٠/ 9/ 2007 الإجابة عن هذه التساؤلات.

فقدم د. أيمن عبد الوهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تشخيصًا لواقع المجتمع المدني في مصر، موضحًا أن هناك ما يقرب من 75% من المنظمات تعمل في المجال الخدمي و٢٥% الأخرى تعمل في المجال التنموي فضلاً على أن ٣٥% من المنظمات تتركز في العاصمة، المدن الكبرى (القاهرة – الجيزة الإسكندرية) ولا يمكن أن نفصل واقع المنظمات غير الحكومية عن باقي مؤسسات المجتمع المدني، فهناك تغييب لدور النقابات والأندية وعمدًا يتم التعامل مع المجتمع المدني باعتباره جزرًا منفصلة.

د. أيمن عبد الوهاب، منظمات العمل الأهلي حافظت على الأمن الاجتماعي

أوضح عبد الوهاب بأنه بالرغم مما سبق لكن المجتمع المدني استطاع على مدى السنوات الخمس الماضية تحقيق عدد من الخطوات الإيجابية وحافظ على تثبيت الأمن الإجتماعي.

جمال فهمي: البيئة الاستبدادية تعوق فكرة تنظيم الجماهير

أما جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحفيين فتحد عن العلاقة التكاملية بين جميع الحريات العامة ورأى بأنه لا يمكن الوصول إلى مجتمع مدني متحرر وقوي في إطار بيئة سياسية استبدادية، وأوضح أن هذه البيئة هي التي أدت إلى غياب فكرة تنظيم الجماهير وهذا يشكل عائقًا أمام حركة المجتمع المدني وعليه يجب أن يقوم بترتيب أولوياته وأكد أن حرية التعبير والتنظيم وجهان لعملة واحدة، وعلى الإعلاميين إدارك ذلك في التعامل مع ملف المجتمع المدني، ونبه من إنجرار البعض لمحاولة تشويه المنظمات غير الحكومية وطالب الإعلاميين بتحري الدقة مع إعمال حقهم في النقد إذا ما وجد ما يبرر ذلك.

الغلق هو العقاب على فضح التعذيب في أقسام الشرطة

في الجلسة الثانية عرض طاهر أبو النصر المحامي بمركز هشام مبارك البنود المزمع إضافتها للقانون رقم 84 لسنة ٢٠٠٢ بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية والتي تشكل عائقًا أمام ممارسة المنظمات لأنشطتها بإستقلالية، وانتقد أيضًا تدخل الأمن في شئون المنظمات غير الحكومية والذي وصل إلى درجة حرمان منظمة من حقها في التأسيس ناهيك عن التدخلات المستمرة، ومحاولة عرقلة أنشطة المنظمات التي تتجاوز الخطوط الحمراء من وجهة نظر الأمن.

الحكومة تتجه إلى تصفية منظمات حقوق الإنسان!

في السياق ذاته تحد شريف الهلاليمدير المؤسسة العربية للدفاع عن المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن تعمد الحكومة المتكرر إغفال المبادرات والمشروعات التي تتقدم بها المنظمات الحقوقية بشأن القوانين التي تنظم العمل الأهلي وهذا ما حد عامي ١٩٩٩ و۲۰۰۲ وخرجت القوانين كما تريد الحكومة ونبه من مغبة أن يتكرر السيناريو نفسه هذه المرة مشيرًا إلى أن الدلائل تؤكد هذا الاحتمال وفي ختام ورشة العمل تم استعراض إعلان المبادئ الذي أقرته المنظمات المشاركة في حملة حرية التنظيموالذي يعبر عن رؤيتها ويرفض جميع أشكال الوصاية والهيمنة من جانب الجهات الإدارية في شئون العمل الأهلي، وقام إعلان المبادئ بتقديم تعريف للعمل الأهلي وجميع المنظمات والجمعيات والمؤسسات لا تستهدف الربح وتستجيب لحاجات جماعية، أيًا كان شكلها القانوني وهي منظمات شرعية وفقًا للدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها من الحكومة المصرية.

أكد الإعلان حرية تأسيس المنظمات الأهلية بمجرد الإخطار ودون الحاجة إلى لحصول على ترخيص مسبق، أكد حق الأشخاص في الانضمام أو الانفصال عن عضوية الجمعية وأعطى صلاحيات واختصاصات للجمعية العمومية بما يسهم في إعمال الشفافية والمراقبة الذاتية وفي الوقت نفسه يضمن إدارة المنظمات بشكل مستقل.

أكد إعلان المبادئ أهمية وضرورة تطبيق الإدارة الرشيدة للمنظمات الأهلية واتباع المنظمات الأهلية مبادئ الشفافية والمحاسبية فيما يتعلق بتسيير عملها واتخاذ قراراتها وحق أعضاء الجمعية العمومية في الإطلاع على سجلات وقرارات المنظمة، ونشر ميزانيات المنظمة بشكل سنوي وحق جميع أعضاء المنظمة خاصة ذات العضوية في الترشيح والتصويت في انتخابات مجلس الإدارة، وحق أعضاء المنظمات الأهلية والمجتمع بصفة عامة في الإطلاع على تقارير توضح نشاط ومالية المنظمة بشكل دوري.

طالبت المنظمات بكفالة حرية الاجتماع وحرية التعبير للمنظمات الأهلية وإلغاء العقوبات السالبة للحرية.

في الختام أكدت المنظمات غير الحكومية المشاركة في الحملة (عددها الآن 45 منظمة غير حكومية) استمرارها في عملها المشترك من أجل خلق بيئة أفضل تسمح باتساع حركة المجتمع المدني، وقيامه بدور في الدفاع عن قضايا المواطنين وتمكينهم من الحصول على حقوقهم.

 

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي