كلاكيت أول مرة

التصنيفات: أرشيف صحفي

كلاكيت أول مرة

کازابلانكا

كازابلانكا

كانت تلك هي المرة الأولى لي بمطار القاهرة الدولي، وبالطبع أول مرة أركب فيها طائرة.

كذلك كانت المرة الأولى التي أسافر فيها بدون عائلتي، ولأول مرة مع رجل غريب.

طالما قلت أن الحياة بدون طيران أفضل، فلا أحد يعلم ما يمكن حدوثه في الهواء، هذا طبعا بالإضافة إلى ما نعرفه ونسمعه باستمرار عن الحوادث المتكررة في كل دول العالم.

وبالرغم من أنني كنت خائفة من ركوب الطائرة، إلا أن الإثارة جعلتني أشعر بالغرابة، والحيرة في نفس الوقت. فقد كان مجرد وجودي في المطار متعة وانتظار الطائرة كان أمتع.

وتكمن الإثارة هنا في سفري لأول مرة. بدون عائلتي، لأول وهلة أحسست بشعور غريب لم أفهمه، لم أكن خائفة ولا حزينة بل كنت منتظرة.

توقعت الكثير عن الدار البيضاء ولذلك لم أشعر بالخوف أو الحزن، ركبت الطائرة واستمتعت بوقتي جدا، وبالرغم من طول الرحلة من مصر إلى الدار البيضاء، إلا أنني لم أشعر بالخوف إلا للحظات، عند الهبوط فقط.

ووصلت أنا ورفيقي عجاتي، وهو مديري، للدار البيضاء.

كان الطريق للفندق ممتعا، ذكرني بالأفلام الفرنسية القديمة، المزارع كثيرة يتوسطها تل صغير الحجم ويعلوه منزل لونه أبيض، طريق طويل مليء بالأشجار، أمتعني النظر إلى الطريق من نافذة السيارة، وأخذني في حلم جميل فتمنيت ألا أستيقظ منه، وبالرغم من ذلك فإنني لم أستقر نفسيا إلا عندما اتصلت بوالدتي، فقد كنت واثقة أنها لن تنام إلى أن تطمئن على ابنتها الوحيدة..

كان البعد عن الأهل لأيام قليلة ممتعا بالرغم من أنني افتقدتهم كثيرا، كنت اتحدث معهم يوميًا تقريبًا، في الحقيقة، كان قلق والديَّ غير واضح، فلم يعترض أحد على سفري، ولكنني شعرت بشعور قلق خفي من هذه الرحلة، وهذا بالطبع طبيعي، ولكن أحدا لم يقلها لي صراحة. لا أعرف لماذا في الحقيقة، ولكنني أعتقد أنهم أدركوا أن طبيعة عملي وعلاقتي بزملائي في العمل لا تستدعي القلق، هذا بالإضافة إلى التوصيات التي انهالت على عجاتي: خلي بالك منها دي أمانة في رقبتكيا عجاتي دي أول سفرية للبنت.

صورة

بالرغم من تحذيرات والدي بعدم توقع الكثير حتى لا أصدم عندما أجد الدار البيضاء مشابهة للقاهرة كثيرا، كانت توقعاتي لهذه المدينة ذات المنازل البيضاء تفوق الواقع، فكنت أعتقد أنها أجمل من القاهرة بكثير وعلي عكس القاهرة، المدينة السياحية التي لا يغمض لها جفن، هي مدينة جميلة ذات منازل بيضاء اللون وتماثل القاهرة في قلة نظافتها وينام أهلها من التاسعة مساء وليس بها أي أماكن سياحية إلا شاطئ المحيط الأطلسي ومسجد الملك الحسن ذو المعمار الرائع الذي لم أجد الفرصة لأزوره، فهي مدينة اقتصادية كثيرة المحلات والقهاوي.

فاجأني العديد من الأشياء منها مستوي المعيشة البسيطة التي يعيشها بسطاء المدينة، ووجود الشحاذين والبائعين المتجولين في الشوارع، والذي فاجأني أكثر التحذيرات التي انهالت علينا، نحن سياح كازابلانكا من أصدقائنا المغاربة والعاملين بالفندق بعدم استخدام الكاميرات والهواتف الخلوية في الشارع وذلك لتجنب الخطورة، فنسبة السرقات عالية جدا، وبالطبع أدي ذلك إلي أننا لم نستطع تصوير الكثير من اللحظات الجميلة التي مررنا بها خلال الأسبوع الذي قضيناه في الدار البيضاء. ولكنني حينما عدت للقاهرة اكتشفت أنها تحذيرات تقال لكل السياح في شتى أرجاء المعمورة ولا يقصد بها إلا بعض الحذر!

قضيت سبعة أيام، أول ثلاثة منها كانت أعيادا، فكانت كل المحلات مغلقة تقريبا طوال الوقت، وكان بالأربعة أيام الأخرى إضراب بين سائقي النقل العام. كان الإضراب أمرا مثيرا بالنسبة لي ولكل زملائي بالعمل: اتفق كل سائقي النقل العام بما فيهاالطاكسيات” – كما يسميها المغاربة – علي شيء واحد: الإضراب حتى تتحقق مطالبهم.

وصل الأمر بهذا الإضراب إلى التهديد بإضراب عام بحيث يتوقف العمل بكل شيء في البلد متضمنا الفنادق، فهدد الفندق الذي نقيم به بالإضراب أيضًا بحيث يخدم رواد الفندق أنفسهم.

وبالرغم من أنه لم تكن هناك فرصة حقيقية للاستمتاع بالدار البيضاء إلا أن روح الدهشة والمرح كانت غالبة علي رحلتي.

وانتهت رحلتي الأولى بإدراك أن هذه المدينة لا تختلف كثيرا عن القاهرة، وإن كانت الثانية بها سبل ترفيه أكثر ومشعة بالحياة والأضواء.

فافتقدت القاهرة كثيرا، وكثيرا ما قلتولا يوم من أيامك يا مصر“.

وانتهت رحلتي الأولى برحلة عودة ممتعة ورجاء برحلات مثيرة مرة أخرى، فقد كانت هذه بمثابة تجربة أولى في كل شيء وأتمنى أن تكون نهايتها هي بداية لتجارب أخرى ممتعة.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي