خواطر على الطريق- الديمقراطية

اعداد بواسطة:

الديمقراطية

يتحدث الناس كثيرًا هذه الأيام عن التغيير والإصلاح، والديمقراطية، وهذا ما أثار بداخلي رغبة للتعمق في مفهوم الديمقراطية. انطباعي الأولي هو أن كل إنسان يحمل مفهومه الشخصي عن هذه الكلمة. فالتعريف الشائع الذي تعلمناه في المدرسة يقول إن الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب، أو حكم الشعب لنفسه من خلال ممثليه، أعتقد أن هذا التعريف لم يعد كافيًا وحده، وأن الكلمة تحتاج إلى مزيد من التفصيل والاجتهاد.

في حديث البعض، أشعر أن الديمقراطية تعني حرية التعبير: كما تمتد عند آخرين إلى الشفافية والمحاسبية: وهناك من يتناولها من منظور اقتصادي اجتماعي، ومن يراها نقيضًا للشمولية والدكتاتورية والاستبداد، وأحيانًا يتم تناولها كأداة، أو وسيلة، بينما تدخل في أحيان أخرى تحت بند الفلسفة والفكر، وهي قد تكون ذات مغزى ليبرالي بحت، أو تحمل أبعاد المساواة.

هي إذن كلمة تتسع لعديد من التعريفات والمقاربات، وهو ما يدفعني إلى طرح فكرة أن الديمقراطية بالنسبة لي هي نقيض الأبوية، والنظام البطرياركي الذي يضع الناس في علاقات تراتبية مبنية على أعراف قد تكون ثقافية، أو اجتماعية، أو دينية، أو جغرافية، ولكنها أعراف طورها البشر لخدمة مصالح أفراد أو فئات محددة. وهي تتسم في كثير من الأحيان بالطابع التعسفي، وتجعلنا نخضع إراديًا أو لا إراديًا إلى أمور قد لا تبدو منطقية دائمًا. قد يقول البعض إن هذا التراتب أمر ضروري لسير المجتمعات: نعم، هناك حاجة إلى تدرج في المسئوليات، وهو ما يعني في الوقت نفسه القابلية لتحمل المسئوليات مع القدرة على تحمل تبعاتها، والاستجابة للمحاسبة المترتبة عليها. إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال فرض الطاعة العمياء، وكأن الحياة أصبحت عبارة عن ثكنة عسكرية كبيرة.

فما هو مبرر مطالبة الأطفال بتنفيذ كل ما يطلبه الكبار، مع علمنا بكم الأخطاء التي يقع فيها الكبار؟ وما معنى اعتبار النساء إجماليًا، وداخل كل فئة حسب معايير التراتبية التي تنطبق على هذه الفئة، أقل قدرة على التفكير، والإنجاز، والإبداع، والمساهمة الفعالة؟ ولماذا يضطر التلميذ أن يستجيب دون مناقشة لأوامر معلمه، الذي بدوره يتابع تعليمات مديره، بينما هذا الأخير يخضع لسلطة الإدارة التعليمية التي تقع في مرتبة أدنى من الوزارة التي يرأسها الوزير ويقوم فيها بدور الآمر الناهي؟ هذا، في حين يتحدث الجميع عن خراب العملية التعليمية برمتها. إن ما ينطبق على هذه الأمثلة صورة مصغرة لما يحدث على المستوى المجتمع: فلنفكر معًا في معنى الديمقراطية

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي