دموع عائشة تيمور ونقد خطابي الحداثة والنسوى عن مصر في القرن التاسع عشر

التصنيفات: غير مصنف

دموع عائشة تيمور

ونقد خطابي الحداثة والنسوى عن مصر في القرن التاسع عشر

مقدمة

إن عملية دراسة التحول نحو الحداثة في مصر في القرن التاسع عشر لا تحظى بالقدر الذي تتطلبه من البحث والجدل (۱). وباستثناء حالات معدودة (٢)، فإن الخطاب السائد للتحديث يقدم تاريخ القرن التاسع عشر في صورة خط مستقيم ونبرة بطولية إذ قام ذلك الخطاب بوضع عملية إقامة الدولة القومية ومؤسساتها المختلفة – من صحافة ومدارس وجيش وصناعة – إبان حكم محمد على (١٨٥٠ – ١٨٤٨) في موقع الصدارة بالنسبة السرد التاريخي لحركة التقدم. وقد قام خطاب الحداثة كذلك بتأكيد الآثار الدرامية والإيجابية لهذه المؤسسات بالنسبة إلى بقية المجتمع بطبقاته المختلفة وجنسيه، الرجل والمرأة. وإن وجهة النظر المقننة للتغيير الذي طرأ على وضع المرأة في مصرفي القرن التاسع عشر هي نتاج هذا الخطاب الذي يرى أن التغيرات الناشئة في تعليم المرأة وظروفها الصحية والتوظيفية نجمت عن التحول الكبير الذي خضع له المجتمع وبمساندة من الصفوة السياسية والثقافية من الرجال.

إلا أن المثير للتساؤل في وجهة النظر الرجولية تلك لتحسن وضع المرأة في المجتمع الحديث هو أن الأدلة التاريخية المقدمة لتأكيد ذلك هي أدلة واهنة ومشكوك في صحتها، إذ إنها تتغاضى عن الحقيقة التاريخية التي تشير إلى أن مشروع التحديث الذي بدأه محمد على كان قد تعرض لضربة قاضية من قبل القوى الغربية في معاهدة ١٨٤١، والتي أدت إلى تفكيك أسسه الاقتصادية والسياسية (۳)، مما أدي إلى حدوث تدهور في العديد من المؤسسات الحديثة للدولة خلال السنوات الأخيرة من فترة حكم محمد علي (4)، ثم عانت من تحولات أشد وطأة خلال حكم كل من عباس (١٨٤٨ – ١٨٥٤) وسعيد (١٨٥٤ – ١٧٦3)(٥).

وإن معظم الدراسات النظرية التي تؤكد الآثار الفعالة للتحديث على المرأة المصرية تستشهد بقيام الدولة عام ۱۸۳۲ بإنشاء مدرسة للمولدات تضم مجموعة صغيرة من الطالبات معظمهن من الجواري واليتيمات، ثم تنتقل الدراسات لتشير إلى عام ۱۸۷۳ حينما أقامت الدولة مدرسة أميرية للبنات. وتستخدم الدراسات هذين المثلين كمؤشرين أساسيين لدور مؤسسات الدولة في تقدم وضع المرأة (٦). وفي محاولة لملء الفراغ التاريخي (٤١ عامًا) بين زمن إنشاء مدرسة المولدات ومدرسة البنات، تشير بعض الدراسات إلى الدور الذي لعبته المدارس التبشيرية (٧) التي لم تكن تتمتع بشعبية كبيرة بين الأغلبية المسلمة ويشير البعض الآخر إلى اعتماد الطبقات العليا في تعليم بناتهن على المدرسين الأوروبيين (۸).

وقد ولدت عائشة تيمور (۱۸٤٠ – ۱۹۰۲)، موضوع دراستنا هذه، وبلغت ما بلغته من مكانة في تلك الحقبة التاريخية التي لم تحظ سوى بالقدر اليسير من الاهتمام، ونظراً لما شهدته تلك الفترة من اضمحلال في معظم المؤسسات الحديثة فإن سيرة عائشة تيمور تعكس كلا من الغموض التاريخي الذى يغلف تلك الفترة الانتقالية، والجذور الثقافية لقضايا التفرقة الثقافية والاجتماعية بين الجنسين. ومع ذلك كثيراً ما تستعمل سيرتها من قبل المؤرخين الحداثيين في سبيل الإشارة إلى صورة هامشية إلى جهود التحديث التي قامت بها الدولة وصفوتها الرجولية (٩). وعلي النقيض من ذلك تقوم بعض الكاتبات النسويات بالاستعانة بسيرتها لإبراز الطابع الليبرالي للصفوة التي قادت عملية التحديث (١٠)، ولإكساب حركة التحديث المصرية مظهر التعمق والتواصل التاريخي في منتصف القرن التاسع عشر عندما توقفت الدولة عن القيام بالمبادرات في هذا المجال (۱۱).

ويرجع تعدد صور تناول سيرة عائشة تيمور إلى كون والدها إسماعيل تيمور يشغل منصبًا إداريًا بارزاً في الدولة، ومن هنا كان ميل الكثيرين إلى إرجاع الاختلافات التي ميزت طفولة عائشة تيمور وشبابها المبكر (۱۸٤٠ – ۱۸۷۰) إلى علاقة والدها بالدولة، بل إن معظم النماذج التي تتناول سيرة عائشة تيمور تظهر والدها في صورة عضو متفتح من أعضاء صفوة الدولة الحديثة، إلا أن هذه التناولات لا توجه القدر الكافي من الانتباه إلى أن إسماعيل تيمور كان يحتل موقعاً غامضاً في إطار النظام الإداري الحديث لخبرته في اللغات الشرقية – التركية والعربية والفارسية ومعرفته باللغات الأوروبية (۱۲). فإن علاقته باللغات الشرقية جعلته أقرب إلى مفاهيم النظام الاجتماعي القديم والطبقة الأرستقراطية وأشكال التعليم الأدبي والديني القديمة، بدلاً من أساليب التعليم الحديث أو المفاهيم والتعريفات الأوروبية الخاصة بالأدوار والفروق الاجتماعية والثقافية القائمة بين الجنسين.

وتأكيداً لوجهة النظر هذه بشأن موظفي الدولة من ممثلي القديم والحديث وعلاقة إسماعيل تيمور بهم وأثر ذلك على وضع عائشة تيمور الاجتماعي وعلى تطورها كشاعرة في منتصف القرن، أود الاستشهاد برأي هدى شعراوي في عائشة. إن هدى شعراوي التي كانت حينها شابه في مقتبل العمر، والتي أصبحت فيما بعد زعيمة الحركة النسوية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، كانت قد التقت بعائشة تيمور التي كانت تكبرها في العمر، ووصفتها بإنها ست كده آلا توركا، أي (امرأة من نتاج النظام التركي القديم)(١٣). وقد أضافت محاورة هدى شعراوي – (كان مفهومًا في سياق الخطاب السائد حينذاك) – “أنها لم تكن آلا فرانكاأى أنها لم تكن (متفرنجة) (١٤). وإذا أخذنا في الاعتبار أن هدى شعراوي نفسها كانت ذات أصول تركية وأرستقراطية، فإننا لا نجد في وصفها لعائشة تيمور ما ينقص من قدرها. وإنما يشير ذلك إلى أن الأرستقراطية المصرية كانت قد أوجدت لنفسها تقسيمتها الاجتماعية والتاريخية، وعلي أساس إنتمائها إلى النظام الاجتماعي القديم وثقافتها المتمثلة في تعلم اللغات الشرقية في منتصف القرن التاسع عشر، كانت عائشة تيمور تنتمي إلى هذا الجيل من النساء الأرستقراطيات اللاتي لم تتح لهن فرصة التعرف على المؤثرات الأوروبية أو التعرض لتأثيراتها.

إن هدفي الأساسي من هذه الدراسة هو استعراض التغيرات الجديدة التي طرأت على الأدوار والعلاقات بين الجنسين كما تبدو من خلال سيرة عائشة تيمور، كجزء لا يتجزأ من تاريخ النظام الاجتماعي القائم على الفصل التام بين الجنسين (١٥)، وهو نظام لم تتعرض فيه الأسر بالقدر نفسه إلى تأثير المفاهيم الحديثة والنماذج الليبرالية، ولكنه اشترك في اتباع مفاهيم متماثله فعلى سبيل المثال، كانت دراسة الفقه الإسلامي في سن صغيرة توظف لتكريس المفاهيم الإسلامية النسائية والواجبات الزوجية وطهارة المرأة. وقد وفرت هذه الدراسة لعائشة تيمور إطارًا ثقافيًا للدخول إلى مجال دراسة الأدب والشعر. كما أن محاولات عائشة تيمور الراشدة من أجل التوفيق بين طموحاتها الأدبية المتجددة من جهة وواجباتها المنزلية من جهة أخرى دفعتها إلى الاعتماد علي غيرها من النساء تبعًا للنظام الاجتماعي السائد حينذاك والقائم على الفصل بين الجنسين.

وإبان حكم الخديوي – وهو لقب عثماني استحدثه حاكم مصر الجديد إسماعيل (١٨٦٣ – ۱۸۷۹)، كان لعودة مساندة الدولة لعملية تحديث المجتمع، وتشجيع قيام المرأة بدور فيه فضله في تهيئة الفرصة كي تلعب عائشة تيمور دوراً عامًا جديداً، وذلك عندما وضعت معرفتها باللغتين التركية والفارسية في خدمة البلاط الملكي وضيوفه في المنطقة. وبصفتها مترجمة لبلاط والدة الخديوي، كثيراً ما كانت تتغيب عن منزلها. ونتيجة لذلك لم تتمكن من ملاحظة الدلائل الأولية على تدهور صحة ابنتها الوحيدة، ونجد في حداد عائشة تيمور على ابنتها وحزنها الشديد لموتها ما يشير إلى أنها كانت قد تشربت المفهوم الحديث للأمومة الذى يجعل الأم هي المسئولة الأساسية عن رعاية الأطفال.

وعلي النقيض من خطاب التحديث الذى يتعامل مع الأدوار العامة الجديدة للمرأة دون وجود أي اعتبارات للتفرقة على أساس الجنس، بعكس الأدوار الناجمة عن النظام الاجتماعي القائم على الفصل بين الجنسين، فالتعريفات الجديدة قد تشكلت على أساس الخبرات الاجتماعية للرجال في هذا المجال. مثلاً، التأكيد على ذاتية المرأة واستقلاليتها استمر جزءًا من التعريف التاريخي للرجولة، ومن هنا اصطدمت هذه الأدوار الجديدة بالتعريف الخاص بالأنوثة الذى حمل المرأة المسئولية الرئيسية تجاه الاحتياجات الخاصة بالآخرين – من رجال وأطفال – في الأسرة. إلا أن لجوء عائشة تيمور إلى الاستعانة بالسياسة النسائية القديمة القائمة على الاعتماد على نساء أخريات في سبيل مواجهة المشكلة الحديثة الطابع التي واجهتها لم يكن مخرجاً مناسباً وحلاً ناجحاً لمشكلتها؛ إذ أدت إلى حدوث تعارض في مصالح نساء تنتمين إلى أجيال وطبقات مختلفة، في حين احتفظ مفهوم الرجولة بمكانته كنموذج عام مثالي وسائد. وقد قضت عائشة تيمور سنوات سبعا تبكي وفاة ابنتها توحيدة التي كانت ضحية لذلك الصراع، وإن تلك التجربة تعمل على إبراز جانب من جوانب الحداثة في مصر قلما يخضع للدراسة. كما أن لجوء أسرتها إلى الاستعانة ببعض أساليب الطب الحديث في محاولة لإعادتها بالقوة إلى حالتها الطبيعية ولو بدرجة بسيطة، يقدم في حد ذاته مثالاً لجوانب القهر المتعلقة بالحداثة.

يعلق دعاة الحركة النسوية (١٦) والمؤرخون (۱۷) المحدثون أهمية تاريخية بالغة ببزوغ نجم عائشة تيمور على رأس قائمة الشاعرات في زمانها، ويعتبرونها طليعة اليقظة النسويةفي مصر ونموذجاً للمرأة المصرية الحديثة (۱۸). وقامت معظم النصوص الحداثية والنسوية بإبراز بعض ملامح تاريخ عائشة تيمور الخاص، مع التزام الصمت حيال جوانب أخرى من حياتها. فعلى سبيل المثال يتم التركيز على بدايات صراعها ضد المفاهيم الأبوية السائدة عندما كانت فتاة صغيرة تقاوم جهود والدتها لتعليمها الحياكة والتطريز، وتظهر اهتمامًا بالتعليم الأدبي، ثم كيف بدأت بمساعدة والدها بالتعلم والاستعداد لتلك المهنة الجديدة، وكيف نجحت في النهاية في تثبيت أقدامها لتكون من أشهر الشاعرات في تلك الحقبة.

وتستخدم تلك النصوص مفهوم النسوية مرادفًا لمفهوم الحداثة الذي كانت نماذجه وأساليبه نحو التغيير تتصف بالنزعة الثورية، ويوحي ذلك بأن الحداثة كانت تعنى حينذاك رفض أن يقتصر دور المرأة الأساسى علي كونها أما وزوجة في إطار الأسرة. كما أن المرأة التي تقاوم تلك الأدوار الجديدة تعتبر امرأة تقليدية وبالتالي كان ينظر إليها على أنها من خصوم التغيير والتحرر المترتب على المشاركة في الحياة العامة، وترى النصوص الحداثية أن توفر نمط جديد من التعليم بالنسبة إلى المرأة يؤدى إلى حدوث تحول جذرى في أدوارها الاجتماعية التي تميزها عن الرجل، بالإضافة إلى ما تقدمه للمرأة من زيادة في الفرص والخيارات. وفي إطار ذلك الكفاح؛ من أجل فرض تلك المفاهيم النسائية الحديثة لعب الرجل (ممثلاً في والد عائشة تيمور الذى كان ينظر إلى الأدوار الجديدة للمرأة باستحسان) دورًا أساسيًا نحو التغير، بينما قامت بعض النساء بوضع العقبات أمام حدوث أي تغيير (مثل والدة عائشة تيمور التي اتخذت من قصر دور المرأة في إطار المنزل نموذجاً تقليديًا إسلاميًا).

وفي الوقت نفسه، قام عدد كبير من الكاتبات ودعاة النسوية ممن ركزوا على الدور الهام الذي لعبته أسرتها في سبيل بزوغ نجم عائشة تيمور في القرن التاسع عشر بالإشارة إليها بلقب عائشة التيمورية، كما يتضح في كتابات زينب فواز (۱۹) في القرن التاسع عشر، مروراً بسهير القلماوي ودرية شفيق في منتصف القرن العشرين (٢٠). إلا أنه من الواضح أن عائشة تيمور نفسها لم تستخدم ذلك اللقب أبداً؛ إذ ظهر اسمها على غلاف أحد كتبها مشيراً إليها على أنها عائشة ابنة المرحوم إسماعيل باشا تيمور (۲۱)، وقد تميز هذا النسق الأدبي والاجتماعي بكونه إسلاميًا وشرعيًا في آن؛ إذ قدمها على أنها تحمل هوية شرعية، وفي ذلك شيء من الطرافة إذ بينما نجد أن بعض الكاتبات ودعاة النسوية لم يؤكدوا ذاتيتها المستقلة، فإننا نلاحظ أن النسق الاجتماعي والإسلامي كان قد أبرز تلك النقطة في القرن التاسع عشر.

وهما هو لافت للنظر، أن علاقة عائشة تيمور بأسرتها قد خضعت إلى حد كبير لتناول خاص يخفف من حدتها، فباستثناء إشارات إلى صراع عائشة تيمور في طفولتها مع والدتها، نلاحظ أن المصادر المعنية تميل إلى التزام الصمت حيال الطريقة التي اتبعتها عائشة تيمور للتوفيق بين أدوارها في حياتها الخاصة كزوجة وأم من جهة، والأدوار التي لعبتها في الحياة العامة، كما تتجاهل التضحيات التي قامت بها لتأمين مكانتها كشاعرة بارزة. فقد قدمت تلك النصوص حياة عائشة تيمور الراشدة في صورة مليئة بالإنجازات؛ حيث بلغت مكانة أدبية عالية وأصبحت على رأس شاعرات القرن التاسع عشر في مصر، أى أن الحداثة قد حققت وعودها لابنتها؛ إذ إن تمرد عائشة تيمور على التقاليد وتبنيها تطلعات وآمالاً حديثة قد قويل بالتقدير وذيوع صيتها والاعتراف بإنجازاتها.

أود فيما يلي تقديم رؤية أكثر إبهاماً وتشابكا لتجارب عائشة تيمور بناء على عملية إعادة بناء مفصلة لمراحل مختلفة من حياتها، وأود في أثناء ذلك إعادة النظر في وجهة النظر التي ينقلها خطاب الحداثة فيما يتعلق بطبيعة التغير في المجتمع المصري: جذوره، وما يمثله بالنسبة إلى المرأة، وما يحمله من تبعات.

التغيرات التي طرأت على النظام الاجتماعي القائم على الفصل بين الجنسين وأساليب احتواء تلك التغيرات: عائشة تيمور وسنوات الطفولة (١٨٤٠ ١٨٥٤)

ولدت عائشة تيمور عام ١٨٤٠ الأسرة تنتمي إلى الطبقة الارستقراطية الثرية، وكان لأسرتها تاريخ طويل فيما يتعلق بتوفير فرص التعليم المنزلي الخصوصي للبنات (۲۲). وكان جدود أبيها – الذين ترجع أصولهم إلى تركيا والإقليم الكردي في المنطقة قد وجدوا طريقهم إلى مصر في أوائل القرن التاسع عشر؛ حيث صنعوا لأنفسهم اسماً معروفاً وثروة كبيرة بصفتهم جنوداً وموظفين (23). كان لانتمائهم إلى أصول تركية في النظام الإداري الجديد ما جعلهم ضمن الأرستقراطية المصرية، وعلى الرغم من اختلاف أصولهم العرقية عما هو سائد، إلا أن كونهم مسلمين، ضمن لهم قبولاً ثقافياً في المجتمع الجديد.

أما والدتها فكانت جارية شركسية تحررت من الرق (٢٤)، فحتى تاريخ إلغاء الرق عام ۱۸۷۷ كان العديد من أعضاء الأرستقراطية المصرية يتزوجون بالجاريات القوقازيات البيضاوات للمحافظة على جذورهم العرقية المميزة، على أن يتم منح تلك الجواري الحرية بمجرد إنجابهن من أسيادهن.

وبينما كان والد عائشة تيمور شديد الاهتمام بالنشاط والإنتاج الأدبي، كان اهتمام سيدات الأسرة موجهاً أساساً نحو توفير فرص تعليم حرف النساء للفتيات، إلا أن الابنة الكبرى عائشة أظهرت بوادر تمرد عندما عبرت عن حرصها على نيل درجة من التعليم الأدبي. وقد استجابت الأسرة لرغبتها، وكان ذلك خروجاً على التقاليدالسائدة بين طبقتها، التي كانت تقصر تعليم المرأة على التعليم الديني. أما أسرة عائشة فقد هزمت مفاهيم الأنوثة عندما أضافت كلاً من الدراسة الأدبية والفقه إلى تعليمها (٢٥)، وهما علمان لم يتعارضا مع أي من الأدوار الاجتماعية السائدة حينذاك. فإن دراسة النساء الفقه، كانت تركز بلا شك على الواجبات الزوجية والطهارة (٢٦). فلماذا إذن تمت إضافتها إلى تعليم فتيات الطبقة العليا في منتصف القرن بالذات؟.

بإمكاننا أن نتصور في هذا السياق أن ذلك يرجع إلى شيوع عادة استقدام معلمات أوروبيات للقيام بتعليم فتيات تلك الطبقة (۲۷)؛ مما أدى إلى اكتسابهن المفاهيم النسائية الأوروبية الخاصة بالواجبات الزوجية والنظافة، وبالتالي كانت إضافة دراسة الفقه إلى تعليم فتيات الطبقة العليا بهدف مواجهة التأثير الوافد من خلال تقديم إطار ثقافي مغاير. وبالرغم من عدم وجود على أن عائشة تيمور تلقت علوماً على أيدى معلمات أوربيات، إلا أن تلقيها تعليمًا أدبيًا تضمن أيضًا – دروساً في المفاهيم الإسلامية الخاصة بالأنوثة والواجبات الزوجية في المستقبل.

وبالتالي قام التعليم الإسلامي الجديدبتأكيد المفاهيم السائدة حينذاك والمتعلقة بالفروق بين الجنسين فيما يختص بشرف المرأة والزواج والأمومة والبيت، ومثل بالتالي أول محاولة نحو الاقتراب من عقد أبوىمتغير لا يقوم بمخالفة الممارسات فيما هو مقبول بالنسبة إلى تعليم البنات وإنما يعمل على بناء وتطوير المفاهيم السائدة. وكان ذلك النظام الجديد مقبولاً جزئياً على أساس أن الاهتمام بالأدب يمكن احتواؤه في إطار حياة ما قبل الزواج، إلا أنه بمجرد أن تتزوج المرأة لا يمكن أن يكون للأدب مكان في حياة المرأة الزوجة والأم.

كانت عائشة كبرى أختيها كما كان لها أخ يصغرها بكثير ولد في العام السابق على وفاة والدهم في عام ۱۸۷۲ (۲۸). ونتيجة لذلك كانت البنات موضع اهتمام الأسرة، ونظرًا إلى عدم وجود بنين انشغل والد عائشة تيمور بشئون بناته. فلم يكن على دراية باهتمامات بناته المختلفه فحسب، وإنما قام بدور مساند لابنته عائشة في صراعها مع والدتها في سبيل إضافة دروس الأدب إلى قائمة المواد الدراسية النسائية التي تتلقاها.

وقد ذكرت عائشة تيمور قصصًا عديدة من تجارب طفولتها التي أدت بها إلى كتابة الشعر أوردتها في المقدمات التي كتبتها لمؤلفاتها بالعربية والفارسية والتركية، وفيما يلي وصف بالعربية لأولى مراحل تمردها على محاولات والدتها لتعليمها حرف النساء الخاصة بطبقتها الاجتماعية:

إن إخفاق الفتاة في اكتساب القدر الكافي من تلك المهارات كان سيمثل مدعاة للانتقاد تجاه كل من الأم وابنتها من قبل المجتمع. وبينما يمثل موقف الأم تجاه رغبة ابنتها في التغيير، موقفًا تقليديًا محافظًا، إلا أنه في الوقت ذاته يعكس فهمًا جيداً لطبيعة ومتطلبات النظام الأبوي. فعلى النقيض من فهم الابنة الساذج للموقف (والمتمثل في حبها الأدب وكراهيتها التطريز)، يمكن تفسير موقف الأم على أنه يعبر عن إدراك منها بأن التغير الذي تسعى الابنة لتحقيقه يتطلب تأييدًا من السلطة الأبوية، إلا أن تعرض تمرد الابنة – مهما كانت مكانتها لمواجهة عنيفة من قبل الأب والمجتمع. ومن هنا يكون موقف الأم المتشدد هو بغرض حماية الابنة من تلك القوى من ناحية، واختبار مدى استعداد الأب لمسايرة التغيير الذي تسعي الابنة لتحقيقه.

وبينما كانت الفتيات الصغيرات في صميم مسئوليات الأم، ولم يكن من المعتاد أن يتدخل الأب بين الأم وابنتها، إلا أن لجوء الأم إلى أساليب مختلفة من الاقناع والضغوط والإجبار، وفشلها مع ذلك في تحقيق النتائج المرجوة، دفع الوالد إلى الأخذ بزمام الأمور.

ونتيجة لذلك سعى إلى مشاركة زوجته، وإقناعها بحكمة القيام بتغييرات محدودة في بعض القواعد السائدة في سبيل ضمان عدم المساس بالقواعد الأساسية والثابتة، ومع ثبوت فشل أسلوب الإجبار، رأى الوالد أهمية أن تتم السيطرة علي تمرد الابنة وتقليص تبعات ذلك التمرد إلى أقصى حد. وبالتالي، كان من رأيه أنهم بهذا الاستثناء لاهتمامات عائشة الأدبية يضمنون عفتابنتها وأن تمضي خطوات تربية أختيها طبقًا لما هو مخطط لهما.

وطبقًا لما تورده عائشة، فإنه يبدو أن والدها كان يخشى من أن يؤدى استمرار الصراع بين الأم وابنتها إلى عواقب أكثر خطورة من مجرد تعلم الابنة القراءة والكتابة، وقد أخبر زوجته صراحة أن اتخاذها موقفًا متشددًا، والوقوف في وجه اهتمامات ابنتهما، قد يدفع عائشة نحو مظاهر من التمرد والتحدى ذات عواقب وخيمة، أي ما قد يهدد عفتها. وكان هذا الخطر يمثل تهديداً كبيرًا ؛ إذ قد يتصاعد مظهر بسيط من مظاهر التمرد، ليتحول إلى صورة تحد وتجاوز للقواعد الأبوية السائدة، ومن هنا كان اقتراحه أن يتم احتمال مظاهر تمرد الابنة لتجنب حدوث ما هو أكثر خطورة.

وقد كان في استجابتها وموافقتها علي اقتراح الوالد، فضل في تهيئة ظروف النجاح، ومن الملاحظ أن معظم المحللين يكادون لا يعيرون دور الأم أي اهتمام، على الرغم من أهمية تعاونها مع الوالد، بالنسبة إلى ما حققته عائشة من نجاح وإنجاز. فقد كان في وسع الأم لو استمرت في اعتراضها ومعارضتها، أن تعوق جهود كل من الأب والابنة في ذلك الصدد، وليست هنالك أية دلائل علي قيام الأم بذلك الدور السلبي المعارض، ومن جهة أخرى، ونتيجة لتعاون الأم، نجد أن مرحلة التمرد لدى عائشة، مرت دون المساس بقواعد أبوية أخرى.

وفي النقاش الدائر بين والدى عائشة، استشهد والدها بالرأي الإسلامي الشائع في القرن التاسع عشر، والقائل بأن تعليم البنات يجيز الرحمة الإلهية للمرء بعد وفاته. ويلاحظ في هذا المثال أن الإسلام كان يتم تقديمه في صورة الدين الذى يشجع الآباء على تعليم بناتهم. كما يتضح أن فكرة وجود نساء كاتبات لم تكن ظاهرة غير مسبوقة في المجتمع المصري، إذ كانت هناك ثلاث نساء على الأقل بارزات في مجالات التعليم ونظم الشعر والكتابة، فقد استعانت عائشة تيمور في شبابها بهؤلاء النساء لتعليمها عروض الشعر وقواعد النحو في اللغة العربية.

وكان إسماعيل تيمور قد استقدم اثنين من المعلمين، تلقت عائشة علي أيديهما دروسًا في اللغة التركية والفارسية، بالإضافة إلى الفقه وقواعد اللغة العربية، وكان ترتيب اللغات المختلفة التي يتم الاهتمام بتعلمها يعكس جانبين: وهما التعليم المثالي طبقًا للمفاهيم القديمة في إطار الطبقة الأرستقراطية من جهة، والخلفية التاريخية الخاصة بكل أسرة من جهة أخرى. وقد كانت اللغة التركية هي لغة الحوار والكتابة السائدة بين أفراد الطبقة الأرستقراطية، أما إضافة اللغة الفارسية إلى تعليم عائشة فيرجع إلى أصول أبيها الكردية، بينما أضيفت اللغة العربية كلغة ثالثة. ويشير ذلك إلى الاهتمامات اللغوية السائدة في منتصف القرن التاسع عشر، في إطار الصفوة من الطبقة الأرستقراطية، والتي كانت موجهة نحو اللغات المستخدمة في المنطقة، وعدم اهتمام الأسرة باللغات الأوروبية حينذاك.

كما أن استعانة إسماعيل تيمور بمعلمين بدلاً من المعلمات لمعاونة ابنته في تحصيل ومتابعة البرنامج التعليمي المكثف الذى أعده لها، إنما تؤكد الافتراض القائم على أن قواعد الفصل بين الجنسين كانت علي درجة من المرونة بما يتيح ذلك، وقد كانوا يستعينون بمعلمين ممن تخطوا مرحلة الشباب؛ وذلك لضمان تعليم أمن للبنات. أما دروس الفقه فقد كان الغرض منها ضمان وجود إطار أخلاقي لما تتلقاه من علوم جيدة، وبما يدفعها إلى الالتزام بالقواعد الاجتماعية السائدة، كما كان وسيلة أخرى لجأ إليها الأب لضمان تربية ابنته، بما يتوافق مع الأعراف الإسلامية الأبوية التي تؤكد على مفهوم العفاف.

وفي مقابل مساعدة ابنته في اشباع مجالات اهتمامها الجيدة تلك، نجد والدها يقول الصلة بين سعيها الرجولي أحادى التوجه نحو طموحاتها الأدبية، وهجرها دورها كأم نحو ابنتها المتوفاة؛ دفعها إلى القيام بحرق القصائد كافة، التي كانت قد كتبتها في تلك الفترة.

إن دراسة عائشة الأدب، وإعدادها لاحتراف الأدب قد توقف ببلوغها الخامسة عشرة من العمر؛ إذ حملها الزواج أعباء منزلية، بالإضافة إلى مسئوليات الأمومة، هكذا أصبح تاريخ عائشة الشخصى والعائلي على مدى العقد التالي من حياتها، يكاد لا يغاير نمط حياة معاصراتها. بل إنه لم يتضح عدد أبنائها، إذ لم تذكر سوى اثنين منهم مقربين إلى نفسها، وهما ابنتها الكبرى وابنها الأصغر، وكانا يؤيدانها في اهتمامها بالأدب. كما كان لها ابن آخر تغنت بإنجازاته في إحدى قصائدها، إضافة إلى ابنة أخرى لها.

وقد وصفت عائشة ابنتها الكبرى توحيدة، بأنها فتاة فريدة بمقاييس ذلك الزمان، وقد تحدثت عنها في مقدمة مجموعة قصائدها، المنشورة بالتركية والفارسية في قولها (۳۸):

بعد إنقضاء عشر سنوات، كانت الثمرة الأولى من ثمرات فؤادى وهي توحيدةنفحة نفسي وروح أنسى قد بلغت التاسعة من عمرها، فكنت أتمتع برؤيتها تقضى يومها من الصباح إلى الظهر بين المحابر والأقلام، وتشغل بقية يومها إلى المساء بإبرتها فتنسج بها بدائع الصنائع، فأدعو لها بالتوفيق شاعرة بحزني علي ما فرط مني، يوم كنت في سنها من النفرة من مثل هذا العمل. ولما بلغت ابنتى الثانية عشرة من عمرها عمدت إلى خدمة أمها وأبيها، فضلاً عن مباشرتها إدارة المنزل، ومن فيه من الخدم والأتباع؛ فتسنى لي أن أنصرف إلى زوايا الراحة (۳۹).

حينئذ خطر لي أن أستأنف ما فاتني في صغرى من تعلم فن العروض، فجئت بمعلمةولكن لم يعض على الشروع في الدرس ستة أشهر، حتى انتقلت المعلمة إلى رحمة ربها، وكانت بنتي تلازم دروسنا في تلك المدة، فاستطاعت بسبب حداثة سنها وتوقد ذهنها أن تلم بفن العروض أكثر من إلمامي به (٤٠).

ونلاحظ مما سبق – ظهور تعريفين اثنين على الأقل للأنوثة، وقد مثلت توحيدة مفهومًا أشمل للأنوثة؛ إذ كانت تستمع إلى كل من تعلم اللغات وحرف النساء بالقدر نفسه، وعلى النقيض، من ذلك نجد أن عائشة تمثل نموذجاً نسائياً ذا خصائص رجولية في كراهيتها لحرف النساء، ورفضها ما هو أنثوى، ذلك إضافة إلى انفصالها النسبي عما يمت إلى الشئون المنزلية بصلة، ونلاحظ في الاقتباس السابق أنها تشبه علاقتها بالعملية الأدبية، بعلاقة الصوفي الذي يعزل نفسه في زاوية، أى في مكان منعزل بعيد عن عوامل التشتيت كافة؛ حيث يكون بوسع الصوفي تكوين علاقة ذاتية مع الله. أما في حالة عائشة، فنجد أن توحيدة هي التي خلقت مثل هذا المكان في إطار المنزل، وذلك بتحمل المهام المنزلية التي قد تتدخل في تعليم وتدريب والدتها الأدبي. إذ كانت الشاعرة، مثلها في ذلك مثل الصوفي، في حاجة إلى التأمل، الذى كان يتطلب بدوره، قدراً من الانعزال عن الجو العام.

إن تمكن عائشة من أدوات حرفة الأدب، قد تحقق من خلال اختلاف الدور الذي لعبته، عما كان سائدًا بين بنات جنسها؛ إذ أنها قامت بالتخلي عن دورها في رعاية زوجها وأبنائها. وقد كانت وفاة زوجها، في تلك المرحلة، ضمن العوامل التي ساعدتها دون تعرضها للمعارضة. وقد أدى ذلك إلى تكون مفهوم متناقض للأنوثة عند عائشة، حيث كانت تعي وجود صراع بين الأدوار الاجتماعية المفروضة عليهن من قبل المجتمع، تبعًا لانتمائهن إلى جنس النساء، والتي تجعلهن الراعيات الأساسيات لأسرهن، والمفاهيم الرجولية لميولهن وحرفهن الجديدة والمغايرة. وقد حمل ذلك مفاهيم متصارعة لحياة المرأة الخاصة واهتماماتها العامة بما يصعب تحقيق توافق وتكامل بينها.

وقد امتلأت حياة عائشة تيمور بأمثلة للطبيعة المتنافرة التي سادت هذين المفهومين المتعلقين بالأنوثة، فقد تم تنشئة عائشة في طفولتها، كما لو كانت ابنًا بديلاً، فتعلمت أساليب الكتابة الأدبية لا حرف النساء، إلا أنه وبمجرد أن تزوجت. تم قمع ميولها الأدبية من قبل المفاهيم السائدة حول المرأة والأمومة. وقد اعتمدت رغبتها في مواصلة اهتمامها ودراستها الأدب والكتابة على نجاحها في التخلي عن الوظائف الأنثوية، وعلى إلقائها بتلك التبعات علي عاتق امرأة أخرى – وهي ابنتها. وكان من الصعب للأخريات من النساء، تحقيق إنجازات في مثل تلك الأدوار العامة الجديدة، لتعذر وجود المساعدة، أو توفر الإمكانات لتلقي العون من امرأة أخرى.

بل إن سعادة توحيدة وقدرتها على الجمع بين الاهتمامات ذات الطابع النسائي الرجولي في المراحل المبكرة من حياتها، لم يكتب لها الصمود والاستمرار فيما بعد، إذ إنها حملت علي عاتقها الأعباء المنزلية التي تخلصت والدتها منها في سبيل تحقيق طموحاتها الأدبية. وقد أدى ذلك إلى تخلى توحيدة عن إشباع ميولها الأدبية، وعن تحقيق طموحاتها الخاصة في هذا المجال. وقد كان ذلك مثالاً لجو عام من التنافس بين النساء، يقوم على عدم نجاح المرأة في تحقيق أية إنجازات، إلا على حساب امرأة أخرى تضحي بطموحاتها الشخصية في سبيل الآخرين.

الثالثة للخديوى إسماعيل، بإنشاء أول مدرسة أميرية غير مهنية للفتيات في عام ۱۸۷۳ (50)، وذلك من مالها الخاص. وعلى الرغم من تعبير البلاط عن التزامه الرسمى بحركة التحديث، إلا أنه يتضح أن ذلك كان خاضعًا لعوامل السن والمصالح الثقافية والإقليمية المتباينة.

وقد ترتب على اندماج عائشة تيمور في أنشطة القصر، ووفاة زوجها، كثرة تغيبها عن أسرتها، ويفسر لنا ذلك الأسباب التي أدت إلى عدم ملاحظتها، بوادر تدهور صحة توحيدة، كما قامت توحيدة نفسها بإخفاء علامات مرضها عن والدتها؛ كي لا تؤثر على مهامها خارج المنزل. وقد اكتشفت عائشة مرض ابنتها متأخراً جداً وعلى الرغم من جهودها المستميتة لعلاج ابنتها على أيدي العديد من الأطباء (٥١)، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، اذ ماتت توحيدة وهي في الثامنة عشرة من عمرها.

وقد كان رد فعل عائشة لوفاة ابنتها غير عادى، وذا دلائل عديدة، فقد قامت بحرق معظم قصائدها المكتوبة باللغتين التركية والعربية. كما أحرقت كل القصائد المصوغة باللغة الفارسية، والتي كتبتها خلال السنوات الست السابقة؛ وقد بررت ذلك بأنها وجدت قصائدها الفارسية في ملف خاص بتوحيدة، فقامت بحرقها جميعًا؛ تعبيراً عن احتراق قلبها علي وفاة ابنتها، ويمكن هنا إضافة إدراكها اللاواعي بأن زيارات العائلة المالكة الفارسية هي التي أبعدتها عن منزلها، وأخرت اكتشافها لمرض ابنتها. ومع قيامها بالتخلص من معظم أعمالها الشعرية، بدأت حياة حزن وبكاء على ابنتها، على مدى سبع سنوات؛ فقد أخذت تبكي ليل نهار؛ مما أدى إلى إصابتها بداء في عينيها أما من ناحية الشعر الذى كتبته في تلك الفترة، فلم يتعد قصيدة رثاء واحدة طويلة في ذكرى توحيدة.

ويبدو أن تصرفها هذا كان اعترافًا بأن حياة ابنتها هي الثمن الذي دفعته؛ مقابل مواصلة طموحاتها الأدبية، وهو هدف تطلب كما شرحت التخلي عن مسئوليات الأمومة كافة؛ حيث لا مجال لاعتماد الابنة على أمها في رعاية شئونها. كما أيقظت وفاة توحيدة الصراع الشديد بين الأدوار المختلفة الخاصة بالجنسين: إن الدور الرئيس للمرأة هو رعاية الأبناء، بينما يختص نموذج الأديب بالرجل المتفرغ لأدبه. وبينما كانت عائشة تتلقى تعليمها الأدبي وتمارس كتابة الشعر لتكون شاعرة، مثلما يفعل الشعراء من الرجال، اجتاحها شعور بالذنب لتخليها عن مسئوليتها كأم، وفي سبيل أن تظل أما صالحةكان عليها أن تضحى بطموحاتها كأديبة، أي أن تخضع حاجاتها الاجتماعية والنفسية والشخصية للآخرين. وقد كان قيام عائشة بحرق قصائدها المكتوبة كافة في تلك الفترة؛ تعبيراً عن رفضها للطبيعة الذاتية والرجولية لممارستها الشعرية، والتي ساهمت في وفاة ابنتها.

وكانت قصيدتها الطويلة في رثاء توحيدة، سعيا لربط جوانب ذاتها: ما هو أدبي بما هو أمومي، وهي الجوانب التي كان لانفصالها من قبل نتائجه المفجعة. ومن المثير أن هذه القصيدة تعتبر في حد ذاتها ضمن أنواع الشعر العربي – الرثاء – والذي يؤكد اختلاف المرأة عن الرجل؛ من حيث النوع (والمتمثل في تعلقها العاطفي الشديد بغيرها)، مما يؤهلها للتعبير عن حزنها بشكل فعال. إذ كانت الخنساءوهي من أوائل وإحدى أبرز الشاعرات المسلمات، قد ألفت قصيدة في رثاء إخوتها في إحدى المعارك، وقد ساهم ذلك في جعل شعر الرثاء مجالاً لشاعرات من النساء؛ إذ أكد على دور المرأة الرئيسي في التعبير عن الحزن والأسى علي المستوى العام (٥٢)، وهو ما لجأت إليه عائشة في محاولتها تضميد جراح نفسها بعد وفاة ابنتها.

لقد استمرت عائشة في بكاء ابنتها طوال سبع سنوات، ولم يحظ ذلك برضا بعض أبناء عائشة – رجال الأسرة – ولا صديقاتها، وفي محاولة لإنهاء حزنها استغلوا انهيارها العاطفي؛ لتبرير عملية حجزها، وعزلها في المنزل، ثم قاموا باستغلال حبها الشديد لابنها الأصفر، مع وعدهم بنشر ما تبقي من شعرها؛ وذلك للقضاء على رفضها المفاهيم النسائية والتي ساهمت في وفاة ابنتها، وقد كان لهذا الموقف الذي فرضه عليها من حولها تأثيره علي كتاباتها، إذ بدأت في السنوات التالية تظهر في شعرها، بوادر لبعض التنازلات التي لجأت إليها تحت ضغوط القوي الأبوية المحيطة بها، فقد سادت شعرها تيمات اجتماعية وقومية محافظة مع توقف نقدها لمفهوم الأنوثة الجديدة، الذي كانت تمثله.

لقد رأت أسرة عائشة وأعضاء طبقتها الاجتماعية في انهيارها على المستويين: العاطفي والاجتماعي، ضربة شديدة الوقع على القواعد الاجتماعية السائدة، إذ كان حزنها وبكاؤها على الابنة لا الابن – خرقاً للأهمية الكبرى التي يعلقها المجتمع على الابن كمصدر للأمان المادي والعاطفي بالنسبه إلى الأم. أما عن قيامها بحرق شعرها وهجرها طموحاتها الأدبية فلقد ألقى بالشكوك حول بريق الأدوار الجديدة لنساء طبقتها.

وقد كان لفشل أبنائها في اقناعها بإنهاء بكائها على ابنتها والذى استمر لسنوات طويلة، الأثر في لجوئها إلى أساليب حديثة قهرية، ويوضح حفيدها سلوكهم تجاهها فيما يلي:

إن أمك يا بنى لم تبق عندها الآن رغبة في قراءة شئ من كتب الأدب. وسأنصرف إلى الانكباب على تفسير القرآن ومطالعة الحديث النبوي، وإني وهبتك ما عندى من الكتب والأوراق فاصنع بها ما شئت. وإذا رأيت فيها جدارة بالطبع فاطبعها (٥٨).

يبدو هذا الكلام صادرًا عن عائشة التي استمرت في حالة من الكآبة، وقد أصبحت أعمالها الشعرية محدودة؛ إذ إنها سلمت ابنها القصائد التي نجت من عملية الحرق التي تلت وفاة ابنتها. فتحولت إلى قراءة القرآن والحديث، ربما على سبيل العزاء، أو سعيًا من أجل التكفير عن ذنبها المتمثل لديها في الانشغال بالشعر.

ولم يكن من الواضح ما إذا كانت عملية نشر شعر عائشة قد تمت لمساعدتها في التغلب علي حزنها، أو لاستعادة ودفع الشهرة الأدبية التي كانت تتمتع بها عائلة تيمور، إذ إن والدها إسماعيل تيمور كان من رعاة الإنتاج الأدبى. ومما لا شك فيه، أن نشر قصائد عائشة تيمور كان سيقوى من مكانة عائلتها الأدبية، حيث يتم التأكيد على مهارات وقدرات فرد من الجيل الجديد لعائلة تيمور. وكان لتغير الأدوار الاجتماعية الخاصة بالجنسين، وتحول ذلك إلى قضية عامة مثيرة للجدل في السبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عشر أثر علي العائلة؛ فإننا نلاحظ حرص عائلة عائشة تيمور علي إبراز دور عائشة الريادي كشاعرة من عائلة تيمور. ومع تراجع اهتمام عائشة بالشعر، أصبحت عملية نشر قصائدها ذات أهمية كبرى بالنسبة لأسرتها، وفي صالح عائلتها لا من أجل عائشة فحسب.

لقد خرجت عائشة من حالة الحزن والبكاء علي ابنتها في فترة مليئة بالأحداث (1880 – 1881)، وهي السنوات التي شهدت أواخر مراحل النضوج للحركة السياسية والاجتماعية الوطنية والتي سبقت الاحتلال البريطاني لمصر، وهي الفترة التي ساندت فيها عائشة وأسرتها معارضي الحركة الوطنية المصرية المتقدمة اجتماعيًا، ومن هنا كان الاعتراف بعائشة كشاعرة متميزة. تعبيراً عن موقف سیاسي واجتماعي محافظ. فنظراً إلى انتمائها إلى الارستقراطية التركية، والتي كانت معرضة في تلك الفترة لتهديد مصالحها الطبقية والسلطة التي تتمتع بها، قامت عائشة بكتابة قصائد دفاعًا عن الخديوي ممثل مصالح الطبقة الراقية عرقيًاونجد أنها في بعض قصائدها الجديدة توجه الهجوم إلى زعماء الثورة الوطنية، واصفة إياهم بضعف العقل والإلحاد لتجرؤهم على التشكيك في الأسرة الحاكمة. كما اعتبرت عائشة نفي هؤلاء الزعماء بعد الاحتلال البريطاني عقابًا عادلاً ( ٥٩).

ويظهرها موقفها هذا بصورة المدافعة والمؤمنة بالنظام الاجتماعي والسياسي القائم. وترى مي زيادة، كاتبة سيرة عائشة الكاملة والمتشابكة أن موقف عائشة السياسي المحافظ يتوافق مع كتاباتها الشعرية، التي لم تأت بالجديد فيما يتعلق بالأنماط الشعرية، أو القضايا المتناولة (٦٠)، ومرة أخرى، يتضح لنا هنا أن عائشة قد مثلت عنصر التغيير من داخل الأنواع الأدبية السائدة والقواعد الاجتماعية والثقافية القائمة حينذاك؛ إذ لم يكن بزوغ نجمها قبل وبعد مأساتها الشخصية مرتبطًا بعملية تمرد وتحد للقواعد الأدبية والاجتماعية والسياسية وقتها. بل كان شفاؤها النفسى المحدود ونشر مجموعة كاملة لأشعارها في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، والاعتراف بها كشاعرة رائدة، جانبًا من جوانب البناء المحافظ للمجتمع الحديث.

إن القراءة النقدية لخطاب الحداثة الذي اتخذ من عائشة تيمور مثالاً للطبيعة التقدمية للأدوار الجديدة الاجتماعية منها والثقافية التي تعتمد علي الجنس، توضح أن ذلك الخطاب كان إشكالاً من حيث تعبيره عن التغيير. إن الأهمية المبالغ فيها التي يتم إضفاؤها على دور والد عائشة من جهة، وتركيز النقاش على دور والدتها السلبي من جهة أخرى، إضافة إلى الصمت التام إزاء دور الابنة نفسها، والتضحيات التي قامت بها، إنما تشير كلها إلى وجود خطاب يستهين بالمرأة، ويتجاهل إسهاماتها كأم وكأبنة في سبيل حدوث التغيير. كما أن الهجوم على والدة عائشة بصفتها من دعاة المحافظة على المفاهيم القديمة للأنوثة يمثل تشويها، لما كان مقصوداً بالتغيير، فلم يقم الدور الحديث للمرأة بالتوفيق بين الاهتمامات الجديدة للمرأة، وأنشطتها المختلفة، ودورها كربة منزل من ناحية أخرى؛ بوصفهما نشاطين على الدرجة ذاتها من الأهمية، فيما يتصل بالمفاهيم النسائية الحديثة للعمل. هكذا قام خطاب الحداثة بالمبالغة في بوادر الثورة على القديم مع إخفاء محدودية التغير التي حققها في حياة المرأة.

وختامًا، فإن الصمت إزاء تعاون والدة عائشة بما ضمن لابنتها النجاح في حرفتها الأدبية وكذلك دور توحيدة في مساندة والدتها، بتوفير الوقت اللازم لها للتفرغ للأدب، بالإضافة إلى دور المعلمات اللاتي قمن بمساعدة عائشة على التمكن من أدواتها الأدبية، إنما يقوم بالتقليل من إسهامات النساء في حياة عائشة من أجل بزوغ نجمها. وبالتالي، فإن استبعاد كل تلك الأدوار من السيرة الحداثية يجعل الخطاب مضللاً لمفهوم عملية التغيير.

في الوقت ذاته، التركيز على دور والد عائشة أدى إلى تقديم وجهة نظر شديدة الرجولية بشأن التغير، وكذلك تبنى المفاهيم الأبوية للأدوار الجديدة. فلم تتطرق سيرة عائشة إلى تلقى عائشة تعليمًا أدبيًا كان على حساب تعلمها حرف النساء، أي على حساب كونها من جنس النساء. إن معاملة المرأة على أنها ابن بديل، يقوم بتجاهل وضع اجتماعي أبوي سائد، يتوقع من المرأة دومًا القيام بدورها في رعاية الرجال والأطفال، مما يترك القليل من الوقت لإشباع ميولها غير الأسرية، ويضعف من فرص المرأة في التميز في حرف الرجال، الذين تخلو حياتهم من المسئوليات المنزلية، والذين تقوم المرأة على العناية بشئونهم.

إنه من الصعب اعتبار هذا الوضع مساويًا ما بين الرجل والمرأة، من حيث الحقوق والحريات؛ إذ إن المنطق السائد الذى يتجاهل الجنس، يقوم على الاستهانة بالمرأة وإنكار دورها في رعاية أسرتها، في مقابل السمو بخبرات الرجال كأساس للتغيير (٦١)، يشير ذلك إلى أنه ما كان للمرأة أن تواصل متابعة اهتماماتها الجديدة، إلا بتقبلها لتلك الأدوار الاجتماعية، فلم يكن في وسع المرأة ممارسة حريتها، إلا في أن تصبح رجلاً فخريًا، أما في سبيل المساواة، فكان عليها أن تنكر أدوارها كافة كامرأة، وتقبل باستمرار استهانة المجتمع بهم.

* – میرفت حاتم: أستاذة مساعدة بقسم العلوم السياسية في جامعة هوارد في واشنطن ولها دراسات عديدة عن المرأة في تاريخ الشرق الأوسط.

1 – إن دراسة Peter Gran بعنوان:

Islamic Roots of Capitalism: Egypt 1760 – 1840 (Austin: University of Texas Press، 1979).

هي الدراسة الوحيدة التي سعت إلى تتبع معانى التحول، في نظام الاقتصاد السياسي الجديد، من خلال بحث كيفية نجاح مؤسسات التعليم الديني والأدبي الشائعة ثقافيًا في استيعاب ذلك التغير، في نهايات القرن الثامن عشر، والنصف الأول من القرن التاسع عشر.

2 – يقدم كتاب Judith Tucker بعنوان:

Women in Nineteenth Century Egypt (Cambridge: Cambridge University Press، 1985).

إحدى أوائل الدراسات النقدية، لبعض الفرضيات النظرية لخطاب الحداثة، وذلك في إطار يتناول الآثار السلبية لتحول الاقتصاد المصري إلى النظام الرأسمالي، وانعكاسات ذلك على الطبقة العاملة الريفية رجالاً نساء.

كما يقوم كتاب Timothy Mitchell بعنوان Colonizing Egypt

(Cambridge: Cambridge University Press، 1988).

بمناقشة الطبيعة التقدميةلمؤسسات الدولة.

3 – Afaf Lutfi al-Sayyid Marsot، Egypt in the Reign of Mohanimed Ali (Cambridge: Cambridge University Press، 1984)، pp. 246- 7.

4 – المصدر نفسه.

5 – عبد الرحمن الرافعي، عصر اسماعيل، الجزء الأول (القاهرة: دار المعارف، ۱۹۸۲)، الفصلان ۱ – ۲.

6 – المصدر نفسه، ص ۲۰۳، أنظر أيضًا:

Leila Ahmed، Women and Gender in Islam (Yale University Press، 1992)، pp. 134 – 5.

7 – محمد كمال يحيى، الجذور التاريخية لتحرير المرأة المصرية في العصر الحديث (الهيئة المصرية العامة للكتاب، ۱۹۸۳)، ص 75 – ۷۷.

8 – Leila Ahmed سبق ذكره، ص ١٣٥.

9 – عبد الرحمن الرافعي، عصر إسماعيل، الجزء الثانى (القاهرة: دار المعارف، ۱۹۸۷)، ص ۲۹۹.

10 – Margot Badran and Miriam Cooke، “Introduction”، In Opening the Gates: A Century of Arab Feminist Writing، eds. Margot Badran and Mirian Cooke (Bloomington: Indiana University Press، 1990)، p. XXX.

11 – المصدر نفسه.

۱۲ أحمد كمال زاده، جدتي: عرض وتحليلفي حلية الطراز: ديوان عائشة التيمورية (القاهرة: مطبعة دار الكتاب العربي، ١٩٥٢).

١٣ الآنسة مى، شاعرة الطليعة: عائشة تيمور (القاهرة: دار الهلال، ١٩٥٦)، ص ٥٦.

١٤ المصدر نفسه.

١٥ المزيد حول التفاعلات الداخلية المعقدة لنظام الفصل بين الجنسين في مصر في القرن التاسع عشر، انظر:

Mervat Hatem، “The Politics of Sexuality and Gender In Segregated Patriarchal Systems: the Case of Eighteenth- and Nineteenth- Century Egypt”، Feminist Studies 12 no. 2 (1986)، pp. 251- 274.

١٦ درية شفيق، المرأة المصرية (القاهرة: مطبعة مصر، ١٩٥٥)، ص ٨٩.

سهير القلماوي، عائشة التيموريةفي حلية الطراز: ديوان عائشة التيمورية (القاهرة: دار الكتاب العربي، ۱۹5۲)، ص ۲۲.

بنت الشاطئ، الشاعرةفي حلية الطراز: ديوان عائشة التيمورية (القاهرة: دار الكتاب العربي، 1952)، ص۲5.

مي زيادة، كاتبة تقدم شاعرةفي حلية الطراز: ديوان عائشة التيمورية (القاهرة: دار الكتاب العربي، ١٩٥٢)، ص ٣٤.

۱۷ – عبد الرحمن الرافعي، عصر محمد على (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٥١)، ص ٥٢٣.

محمد كمال يحيى، سبق ذكره، ص ٨٦.

لطيفة محمد سالم، المرأة المصرية والتغيير الاجتماعي (الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٤)، ص ۱۷ ۱۸.

۱۸ مي زيادة، سبق ذكره، ص ٣٤.

ومحمد كمال يحيى سبق ذكره، ص ٨٦.

١٩ زينب فواز، كتاب الدر المنثور في طبقات ربات الخدور (القاهرة: المطبعة الأميرية، ۱۸۹۸)، ص ۳.

۲۰ سهير القلماوي، سبق ذكره، ص۲۱.

دریه شفیق، سبق ذكره، ص ۸۹.

۲۱ عائشة بنت المرحوم إسماعيل باشا تيمور، نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال (القاهرة: مطبعة محمد أفندى مصطفي، ١٨٨٦).

Jonathan P.Berkey، “Women and Islamic Education In the Mamluk Period”، in Women in Middle East History، eds. Nikki Keddie and Beth Baron (New Haven: Yale University Press، 1991)، p. 145.

۲۳ أحمد كمال زاده، سبق ذكره، ص ١٦.

٢٤ مي زيادة، سبق ذكره، ص٥٦.

٢٥ لفتت Denise Spellberg الأنظار إلى أن تعليم الفقه للفتيات الصغيرات، كان يمثل تطورًا جديدًا في تعريف التعليم الديني المناسب لتلك الفئة.

٢٦ الاتصال بـ Denise Spellberg.

۲۷ – Leila Ahmed، سبق ذكره، ص ١٣٥.

۲۸ المصدر نفسه.

۲۹ عائشة تيمور، نتائج الأحوال….، سبق ذكره، ص ۲ – ۳.

30 – تم التوصل إلى هذا العمر بالتقريب اعتمادًا على وصف عائشة لابنتها، والوقت الذي بدأت فيه في تعلم لغات أخرى والتربية النسوية. ويمكن افتراض أن عائشة تيمور بدأت في تعليم ابنتها ذلك في السن نفسها الذي قامت فيه أمها هي بالعملية نفسها. انظر مى زيادة، كاتبة تقدم شاعرة، سبق ذكره، ص ٦٨.

٣١ الجزء التالي من مقدمة الترجمة الفارسية والتركية لديوان عائشة باللغة العربية بعنوان عجائب الآثار، وقد ورد في كتاب كاتبة تقدم شاعرة لمى زيادة تحت عنوان مقدمة الديوان الفارسي والتركي، ص ٦٤.

۳۲ مي زيادة، سبق ذكره، ص ٦١.

33 – المصدر نفسه، ص ٦٥.

٣٤ المصدر نفسه.

٣٥ المصدر نفسه.

٣٦ أشارت بنت الشاطئ إلى زواجها في سن ١٥ عامًا. انظر: بنت الشاطئ، سبق ذكره، ص 27.

37 – المصدر نفسه.

۳۸ ضمنت مى زيادة ترجمات لهذه المقدمة القريبة إلى السيرة الذاتية للنص الفارسي، في كتابها كاتبة تقدم شاعرة. وقد قام بالترجمة محب الدين الخطيب، وهو صحفي بجريدة الأهرام.

39 – عائشة تيمور، مقدمة الديوان التركي والفارسيفي كتاب مى زيادة كاتبة تقدم شاعرة، سبق ذكره، ص ٦٨.

40 – المصدر نفسه، ص ٦٩.

٤١ مي زيادة، سبق ذكره، ص۷۱.

42 – قصة الأزهر: رحاب العلم والدين (القاهرة: دار الهلال، ۱۹۷۳)، ص ۲۱، ۱۹۱.

43 – المصدر نفسه، ص۲۱.

44 – درية شفيق، سبق ذكره، ص ۹۱ – ۹۲.

45 – مي زيادة، سبق ذكره، ص ۸۲.

هدى شعراوى، مذكرات رائدة المرأة العربية (القاهرة: دار الهلال، ۱۹۸۱)، ص ٤٥.

٤٦ هدى شعراوي، سبق ذكره، ص 46.

٤٧ مي زيادة، سبق ذكره، ص ٦٢.

48 – عبد الرحمن الرافعي، عصر إسماعيل، الجزء الأول، سبق ذكره، ص 201.

49 – المصدر نفسه.

50 – إلياس الأيوبي، طريق مصر في عهد الخديوي إسماعيل باشا (١٨٦٣ ١٨٧٩) الجزء الأول، (القاهرة: دار الكتب، ۱۹۲۳)، ص ٢٠٤.

٥١ مي زيادة، سبق ذكره، ص ٧٤.

٥٢ كان لـ Denise Spellberg بعض الفضل في الإشارة إلى تلك النقطة، في إطار مناقشتها كيفية اکتساب بعض الأشكال القديمة مضمونًا جديدًا.

٥3 – أحمد كمال زاده، سبق ذكره، ص۱۸.

54 – Laverne Kuhnke، Lives at Risk: Public Health in Nineteenth Century Egypt (Cairo: The American University in Cairo، 1990)، pp. 155- 6.

55 – إن اللجوء إلى أسلوب العزل، وما صاحبه من سلطة تمارسها الأسرة على المصابين بالاكتئاب، كان يمثل منهجًا خاضعًا للتطور، في مصر القرن التاسع عشر. وقد تم استخدام أسلوبي العزل وسلطة الأسرة، في حالة مى زيادة بعد سبعين عامًا، من استخدامه مع عائشة. وقد ادعت أسرة مي زيادة كذلك أن عزلها في مؤسسة خاصة بالأمراض العقلية، هو جزء من محاولة إنهاء حالة الاكتئاب لديها.

٥٦ مي زيادة سبق ذكره، ص ٧٤.

٥٧ المصدر نفسه، ص ٧٥.

٥8 – المصدر نفسه.

٥٩ المصدر نفسه، ص ١٠٤ – ١٠٥.

60- المصدر نفسه.

61 – Adriana Cavarero، “Equality and Sexual Difference: Amnesia in Political Thought”، Beyond Equality and Difference، eds. Gisela Bock and Susan James (London: Routledge، 1992)، p.39.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي