عرض كتابي: تحدى دعاوى حقوق المرأة المحلية والحركات النسائية من منظور عالمي

التصنيفات: الحركات

تاريخ النشر:

2011

عرض كتابي: تحدى دعاوى حقوق المرأة المحلية والحركات النسائية من منظور عالمي(*)

ميرا ماركس فيري

ترجمة: ياسمين محفوظ**

في حالة وجود الباحثين الذين ما زالوا يرضخون للوهم القائل بأن النساء لسن فاعلات بالسياسة أو أن الحركات النسائية لا تعدو أن تكون ظاهرة للثقافات السياسية بعد الصناعية، فإن هاتين المجموعتين من المقالات من شأنها أن يخلصوهم من هذا التوجه. بالنظر إلى ضعف التغطية من قبل الإعلام الأمريكي لمؤتمر الأمم المتحدة الرابع حول النساء في بكين، فإن هذا يوضح أن الجهود المبذولة لتوثيق دور المرأة العالمي في إعادة الهياكل السياسية تعانى مشكلة جوهرية كون هذه الجهود غير مرئية. وبالرغم من الإشارات التي تقوم بها العلوم السياسية، كمجال بحث، لتبين وعيها بالنساء، إن لم يكن بالجندر كتصنيف سياسي، فإنه لازال أمامها الكثير للحث على الاعتراف بعدم رضا النساء عن وضعهن الراهن. وأيضًا، برغم دعوى دعاة حقوق المرأة الغربيات للتضامن العالمي، فغالبًا لا يتوفر لهن المعرفة بأى شيء بخلاف قضاياهن النسائية لاستخدامها كأساس للمقارنة فيها يختص بتقييم الحركات النسائية في الدول الأخرى.

يتناول هذان الكتابان الضخمان تلك النقاط المجهولة نظرًا لأنهما يخبراننا عن العدد المذهل لمنظمات نسائية أصيلة تتسم بالالتزام بالتغيير السياسي الذي يشمل علاقات الجندر. وفي الحقيقة، فإن مشكلة هذين المجلدين أن القارئ قد يغرق في بحر من المختصرات والأحداث التاريخية لكل بلد فتضيع منه الموضوعات التي تتمحور حول الخصائص القومية. يشكل تنوع سياسات المرأة، بما يحويه الجندر من تعمق في التقسيمات الطبقية والعرقية والدينية وغيرها مغزى مهمًا في هذين الكتابين. وعلى هذا فإن كل كتاب يحتاج لمبدأ في الاختيار. فمجموعة «أمريتا باسو» كانت معدة، بدعم من مؤسسة فورد، كجزء من العمل التمهيدي لمؤتمر بكين، وعليه فهي تركز على الحركات النسائية. ولأن كل كاتبة تعطى تعريفًا للدعوة لحقوق النساء والحركات النسائية بالإضافة إلى دراسات لحالات تنظيم معين في بلد بعينها أو مجموعة بلدان، فإن هذا يعطى الفرصة للتنظير وبالتالي لتقييم ما إذا كان النشاط الذي يتم حقوقيًا نسائيًا أم لا. ولعل أكثر المقالات استرعاًء للاهتمام هي تلك التي تمت من قبل فريق من الكتاب عن اختلاف رؤاهم وأسلوب تقييمهم (مثال: دراسة الحالة التي تمت في كل من البرازيل، المكسيك، كينيا وجنوب أفريقيا)؛ فالمقال الذي يميز بين دور «الزوجة» النيجيرية (حيث تقوم زوجات القادة الرجال بتوجيه النساء لأهداف حزب بعينه) ودعاة حقوق المرأة يعطى رؤى لما هو أبعد من خصوصيات تلك الحالة. ولقد تمت كتابة فصول المجموعة بمعرفة عدد من الدارسين الناشطين الذين قاموا باجراء مقابلات مع مجموعات بعينها تضم عددًا لا بأس به من مختلف الناشطين النسائيين مما يعطى القارئ إحساسًا بالجدل الدائر وتنافسية الآراء في كل بلد. وكذلك، فإن الجمع بين أجندة معينة لكل فصل من ناحية وتنوع الكتاب وتفسيراتهم من ناحية أخرى يجعل الفصول المختلفة تثرى بعضها البعض.

وبالانتقال إلى مجموعة «ماری آن تیتراولت»، نجـد أنـهـا تتسم بالنخبوية أكثـر منهـا بالتجميعية. أما عن تعريفها للثورة فهو مطاطى يشتمل على كل شيء من «تحرير» الكويت إلى قيام دولة إسرائيل(1) وحرب الاستقلال في زيمبابوى مرورًا بنماذج أكثر اعتيادية للثورات الاشتراكية في كل من هذه الدول: كوبا والصين وأنجولا وموزمبيق ووصولاً إلى الثورات الإسلامية في كلا من إيران وأفغانستان. أمـا المقـالات التي تقارن وضع النساء في شمال وجنوب كوريا ويوغوسلافيا (قبل تفكك الائتلاف) فلا تمت للثورات بصورة مباشرة. وبالرغم من هذا، نجد أن أكثر المقالات إمتاعًا وتجديدًا هي تلك التي تنتقد دراسات الحالـة والنتيجة؛ ذلك إنها تبين من خلال دراستها للحالات كيف أن فهم فترات الثورات وما بعـد الثورات يعكس المفاوضة وإعادة المفاوضة التي تطرأ على معاني الجنسية والجندر وأنشطة المرأة، ومثال ذلك من كل ما كتب بهذا الصدد، هو الفصل الذي كتبتـه فـريـدة فرحـى حـول إيران. وعلى هذا، نجد أن «تيتر اولت» تطرح في تعليقها النظرى بآخر المجموعة ربط الأسرة بالاقتصاد والدولة كمؤسسات سياسية، وملاحظة التحيز في الفروق التي تضعها العلـوم السياسية التقليدية بين «العام» و«الخاص». ولكن، لم تكن الإسهامات بهـذا الـصـدد بالسعة التي تتيح لتيتراولت التعميم بشأن آليات التعاطي مع هذه الفروق.

تعكس المجموعتان القول بأن حالات الدراسة تجتمع جغرافيًا أكثر مما يجمعها الاتفاق على مبادئ نظرية. وفي حالة تحدى دعاوى حقوق المرأة المحليـة يبدو أن جزءًا مـن التـزام الممول السياسي هو ترك العمل الحقيقي بين يدى القـراء ليستخرجوا بأنفسهم التعميات والمقارنات بين المناطق من خلال حالات الدراسة. ومن هذه الزاوية، يعد ذلك تحضيرًا جيدًا لمحادثة عالمية كمؤتمر بكين، لإن المجموعة توفر الوعي بمختلف المقارنات المتشعبة: فتبعية احتياجات النساء للتعريفات الحزبية للتقدم يمكن أن ترى في بلدان أخرى غير تشيلي، ولو أن الفصل يتناولها بالتحليل بشكل واضح. أمـا انـعـدام الاستقلالية والقرارات الشعبية بالشكل الذي يستلزم التمويل الخارجي فتتم مناقشته بالتعرض إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة(2)، ولو إنه يناقش حالات أخرى كذلك. نأمل أن يحفز هذا دارسی دعاوی حقوق المرأة لكتابة مثل هذه المقالات التحليلية.

يمكن القول بأن الغرض من التنظيم الجغرافي لمجموعة تيتراولت ليس واضحًا لأنها تبدو كما لو كانت تقطع الترابط النظري للكتاب. فإذا كانت هناك حاجة لفهم دور المرأة وعملية التفاوض على علاقات الجندر في السياقات المتنوعة لحركات التحرير القومية أو الثورات الاشتراكية أو ردود الفعل الإسلامية في مواجهة التغريبيين / التقدميين أو مكافحي الثورات الكاثوليك، فإن تعميمات كتلك لابد أن تأتى من خلال مقارنات غير تعسفية عبر الحدود الجغرافية وليست من داخلها. فالاستخدام غير المحدد لكلمة الثورة لتغطية كل هذه الحالات بالإضافة إلى الخصوصية الجغرافية والتاريخية لكل بلد جعلت الكتاب يخفق عن الإظهار الكامل للرؤى التي كان يمكن لكل دراسة حالة أن تخلقها. ربما يكفي التركيز على مشكلة كون المجهودات النسائية غير مرئية في الوقت الراهن.

 

(*) نشر في مجلة Signs، المجلد 2 2، العدد 3 (ربيع 1997)، ص 748 – 746.

** معيدة بقسم اللغة الإنجليزية/ جامعة القاهرة.

(1) بما إن قيام دولة إسرائيل سنة 1948 كان جزءًا من هيمنة الاحتلال البريطاني وقـائمًا على اغتصاب الأرض وتهجير الفلسطينيين، فإن الدولة لا تتمتع بالشرعية، إنما هي كيان صهیونی محتل، راجع کتاب حرب فلسطين: إعادة كتابة تاريخ حرب 1948، ليوجين روغـان وآفى شـلايـم (محررين)، الأولى –2001 م، الناشر: كامبردج يونيفيرستی برس – كامبردج – المملكة المتحدة.

(2) فلسطين ليست مجموعة أراض بل هي وطن تم تمزيقه واستقطاعه بغية إيجاد وطن لكل من كانت ديانته اليهودية، راجع نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني لعبـد الوهاب المسيري، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت القاهرة 1972 بيروت 1979.

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي