عمل النساء في السوق بدون أجر

تاريخ النشر:

2015

عمل النساء في السوق بدون أجر:

العمل لدى الأسرة في الاقتصاد غير الرسمى بـ مصر

تؤكد الأدبيات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للنساء أهمية العمل في السوق بأجر كأحد المحاور الأساسية لتمتع النساء بالاستقلال الاقتصادي والمشاركة في الحياة العامة، على النحو الذي يعزز مكانتهن الاجتماعية وقدرتهن على المشاركة في صنع القرار، سواء على الصعيد السياسي أو مؤسسات العمل أو في داخل الأسرة.

وفي تصورنا أن العمل في المجال غير الرسمى(1) يفتقر إلى العديد من الشروط اللازمة لتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، حيث يخرج هذا العمل بحكم التعريف، عن نطاق أي حماية قانونية، سواء تعلق الأمر بقانون العمل أو الحد الأدنى للأجور أو قوانين التأمينات الاجتماعية، كما يخرج أيضًا عن نطاق الحماية النقابية. وتزداد الصورة قتامة إذ أن جزءًا معتبرًا من عمل النساء في الاقتصاد غير الرسمي يتمثل في عمل لدى الأسرة بدون أجر، كما هو الحال في مصر. فالأمر هنا لا يتعلق فقط بالافتقار إلى الحماية القانونية والتأمينات الاجتماعية والحماية النقابية، بل يتعلق أيضًا بفقدان أول الشروط الضرورية لتوفير الحد الأدنى من الاستقلال الاقتصادي للنساء الذي يفترض تحققه من خلال العمل في السوق.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسة يمكن أن تندرج ضمن الأدبيات المتعلقة بسوق العمل في مصر وموقع النساء فيها، وهي دراسات تتسم بالثراء والتعدد، لكنها تركز على إحدى الظواهر التي لم تحظ باهتمام منفرد على صعيد تلك الأدبيات. فظاهرة عمل النساء في السوق بدون أجر إما يتم التعرض لها ضمن العمل غير الرسمي ككل، أو يتم التعرض لها ضمن عمل النساء غير المدفوع ككل، وخاصة في الريف، بحيث تشمل الخدمات المنزلية ورعاية الأسرة والاقتصاد المعيشي والعمل للسوق في حزمة واحدة. ومن ناحية أخرى تندرج هذه الدراسة أيضًا ضمن الأدبيات المتعلقة بتمكين النساء ومشاركتهن في صنع القرار وخاصة في داخل الأسرة، وهي أدبيات ما زالت تتسم بالندرة النسبية على صعيد الدراسات الاقتصادية في مصر.

ونقوم في هذه الدراسة بتحليل ظاهرة عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في الاقتصاد غير الرسمي، سواء على مستوى الفكر الاقتصادي، أو الواقع المصرى، على النحو الذي تكشف عنه البيانات الخام للمسح التتبعى لسوق العمل 2012(2).

 

يرتبط موقف الفكر الاقتصادي من الاقتصاد غير الرسمي وموقع النساء فيه ارتباطا وثيقا بالتطور في تعريف ومفهوم الاقتصاد غير الرسمي. ففي البداية ركز التعريف على الوحدات الممارسة للنشاط الاقتصادي ومدى التزامها بالقوانين السارية المنظمة للعمل على النحو الذي تحدده تشريعات الدول المختلفة. ويظهر ذلك بوضوح في التعريف الذي تبنته منظمة العمل الدولية في عام 1993 والذي تحدث عن القطاع غير الرسمىووصفه بأنه يتألف من مشروعات تجارية خاصة غير منظمة بصورة قانونية وغير مسجلة وفقا لأي شكل من الأشكال المحددة للتشريع الوطني(3). ثم انتقل التركيز في مرحلة تالية من المنشآت التي تمارس النشاط الاقتصادي إلى البشر الذين يقومون بذلك النشاط وعلاقات العمل التي يعملون في ظلها، فظهر مفهوم العمل غير الرسميالذي لا يسجل في عقود قانونية رسمية ولا يتمتع بالحماية الاجتماعية أو التأمين الصحي. وقد طرحت منظمة العمل الدولية هذا المفهوم في عام 2003 لينطبق على جميع فرص العمل غير الرسمية سواء كانت تتم ممارستها في منشآت تنتمى للقطاع الرسمي أو القطاع غير الرسمي أو في نطاق الأسرة(4). ووفقا لهذا التعريف يشمل العمل غير الرسمى ما يلي:

1 – الأشخاص العاملون في القطاع غير الرسمي (باستثناء من يحظى منهم بعلاقة عمل وسمية) ويتضمن هؤلاء:

  • الأشخاص العاملين لحساب أنفسهم في منشآتهم الخاصة.

  • أصحاب العمل في منشآت غير رسمية.

  • أفراد الأسرة المساهمين العاملون في منشآت غير رسمية.

  • أعضاء تعاونيات المنتجين غير الرسمية.

2 – العمالة غير الرسمية في القطاع الرسمي وخاصة:

  • العاملون في منشآت رسمية الذين لا يتمتعون بحماية قوانين العمل المحلية ولا الحماية الاجتماعية من خلال عملهم، كما لا يتمتعون بإجازات سنوية أو مرضية مدفوعة الأجر، بما في ذلك العمال المؤقتون وعمال اليومية والعمال الخارجيون (من منازلهم) في مجال الصناعة.

  • أفراد الأسرة المساهمون الذين يعملون في منشآت أسرية رسمية.

  • عمال الخدمة المنزلية بأجر الذين لا يتمتعون بحماية قوانين العمل ولا الحماية الاجتماعية من خلال عملهم، كما لا يتمتعون بإجازات سنوية أو مرضية مدفوعة الأجر.

وهكذا تبلور مفهومان للاقتصاد غير الرسمي، مفهوم ضيق يركز على المشروعات التي تمارس عملها بعيدا عن القوانين السارية، ومفهوم أوسع يركز على العاملين الذين يعملون دون حماية قانونية ولا اجتماعية سواء تم ذلك في مشروعات رسمية أو غير رسمية. وفي إطار هذين المفهومين تمثلت التيارات الرئيسية للفكر الاقتصادي في تناول قضية الاقتصاد غير الرسمي وعمالة النساء غير الرسمية فيما يلى:

1 – التيار المعنى بكيفية إدماج المشروعات غير الرسمية في القطاع الرسمي Formalization

وينشغل هذا التيار في الفكر الاقتصادي بالأساس بكيفية إخضاع المشروعات غير الرسمية للتسجيل القانوني وللضرائب على وجه التحديد. وينطلق من أن هناك مجموعة من العوامل التي تدفع أصحاب المشروعات الصغيرة إلى عدم تسجيل مشروعاتهم والعمل خارج نطاق القوانين المنظمة للعمل، سواء كان ذلك بسبب تعقد تلك القوانين وما يقترن بها من إجراءات بيروقراطية تعوق في ذاتها تأسيس وسير الأعمال، فضلا عن ارتفاع معدلات الضرائب(5)، أو لأن أصحاب الأعمال يرون أن تكلفة الالتزام بتلك القوانين وما يترتب عليها من تحمل أعباء مالية على رأسها رسوم تسجيل وضرائب وتأمينات اجتماعية على العاملين فضلاً عن الخضوع للرقابة والإشراف على الجودة والسلامة الصحية والمهنية.. تلك التكاليف تفوق المزايا التي يمكن الحصول عليها في حالة التسجيل الرسمي وفي مقدمتها حماية حقوق الملكية وتخفيض تكلفة الائتمان وتفادي المدفوعات غير الرسمية.(6).

ويركز أصحاب هذا التيار في تناول الاقتصاد غير الرسمي على أن وجود مشروعات تعمل خارج إطار القوانين الرسمية يؤدى إلى فقدان الدولة لموارد ضريبية مهمة كان يفترض أن تؤول للخزانة العامة(7)، كما أنه يخل بقواعد المنافسة في السوق، حيث تتمكن المشروعات غير الرسمية من تخفيض تكلفة إنتاجها وأسعار منتجاتها مقارنة بالمشروعات الرسمية المحملة بأعباء الضرائب والتأمينات والالتزام بمواصفات الجودة. كما أن وجود حجم ضخم من الأصول غير المسجلة بشكل قانوني، وعلى رأسها الأصول العقارية، يؤدى بذاته إلى عدم إمكانية استخدامها كضمان للحصول على الائتمان المصرفي وتوفير التمويل اللازم للمشروعات، وهو ما يؤدى إلى تفويت فرصة متاحة لرفع معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي. ويعد من أبرز مفكري هذا التيار الاقتصادي هرناندو دو سوتومن بيرو الذي يعود إليه مصطلح رأس المال الميت” Dead Capital الممثل في الأصول غير المسجلة والتي لا يمكن استخدامها كضمان للاقتراض(8).

ويرى أصحاب هذا التيار أن إخضاع المشروعات غير الرسمية للقانون سيكفل زيادة الموارد الضريبية للدولة وتوفير المنافسة العادلة في السوق، وزيادة حجم التمويل المتاح للاستثمار ورفع معدلات النمو الاقتصادي. إلا أنهم يرون أن السبيل الرئيسي لإدماج المشروعات غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي يتمثل في تخفيض معدلات الضرائب على المشروعات وتخفيف القيود البيروقراطية وتبسيط إجراءات تأسيس وتسجيل المشروعات(9)، فضلا عن توفير قدر أكبر من المرونةفي قوانين العمل لا سيما فيما يتعلق بحرية أصحاب العمل في فصل العمال وتخفيض حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية على العاملين وتعويضات الفصل من العمل(10). وتتوافق هذه الآراء إلى حد كبير مع المدرسة النيوليبرالية وتتكرر بشكل واضح في تقارير وإصدارات كل من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنتدى دافوس الاقتصادي العالمي وشبكة الحرية الاقتصادية(11).

2 – التيار المعنى بأسباب انتشار الاقتصاد غير الرسمي والعلاقة بينه وبين الاقتصاد الرسمي:

يركز هذا التيار في تناول الاقتصاد غير الرسمى على تحليل العوامل التي أدت إلى توسع وانتشار هذا النوع من علاقات الإنتاج على الصعيد العالمي، لا سيما في دول العالم الثالث، فيركز الاقتصاديون على الدور الذي لعبته العولمة والسياسات الكلية النيوليبرالية في زيادة الطابع غير الرسمى للعمل. فمن ناحية أدت العولمة وانفتاح الأسواق إلى زيادة حدة المنافسة بين الشركات الأجنبية والمحلية وهو ما أدى إلى تزايد السعى إلى تخفيض نفقات الإنتاج من خلال تخفيض أجور العاملين وعدم الارتباط بعقود قانونية للعمل أو التأمينات الاجتماعية والصحية. ومن ناحية أخرى ارتبطت العولمة في كثير من دول العالم الثالث بنمو نشاط التعهيد Outsourcing والتعاقد من الباطن Sub- contracting للعمل لحساب الشركات دولية النشاط، وهو الأمر الذي اقترن بوجه عام بتدهور شروط العمل، لا سيما في ظل صعوبة التعرف في كثير من الأحيان على صاحب العمل النهائي الذي يتم العمل لحسابه(12).

وعلى صعيد آخر أسفر الاندماج في الاقتصاد العالمي عن عجز بعض الدول عن تحقيق نمو اقتصادی، في الوقت الذي ركزت فيه بعض الدول الأخرى التي حققت نموا على استخدام استراتيجيات كثيفة الاستخدام لرأس المال، وبالتالي عجزت هاتان المجموعتان من الدول عن خلق عدد كافٍ من الوظائف اللائقة لاستيعاب قوة العمل، وخاصة في المجتمعات التي تتسم فيها العوامل الديموجرافية بمعدلات مرتفعة لنمو القوى العاملة(13). كما اعتمد النمو في بعض الدول على قطاع الخدمات ذات المحتوى التكنولوجي المرتفع وهو ما يعنى بذاته استبعاد ذوى المهارات الأقل والتي كان يمكن استيعابها في الأنشطة الصناعية من سوق العمل مما دفع بأعداد كبيرة من العاملين غير القادرين على المنافسة إلى الاقتصاد غير الرسمي، سواء تمثل هؤلاء في العاملين بالشركات التي تمت خصخصتها في إطار سياسات التكيف الهيكلي أو المهاجرين عبر الحدود أو المهاجرين من الريف إلى المدينة(14).

کما ترکز بعض الأدبيات الاقتصادية الدور الذي لعبته السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تقوم على تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي والخصخصة وتراجع الإنفاق العام، في تخفيض معدلات العمل اللائق في القطاع الحكومي والمشروعات العامة(15)، وفي الاقتصاد ككل، لا سيما في ظل تبنى سياسات كلية انكماشية تركز اهتمامها على تخفيض معدلات التضخم حتى لو ترتب على ذلك التضحية بهدف زيادة معدلات التشغيل(16).

وعلى الرغم من الإشارة دوما إلى ما يمثله وضع المشروعات غير الرسمية من إخلال بقواعد المنافسة العادلة نظرا لعدم خضوعها للضرائب والقوانين المنظمة للعمل، بما يعنيه إنتاجها بالمقارنة بالمشروعات الرسمية، تشير الدراسات إلى أن القطاع الرسمي يعتمد في واقع الأمر على المشروعات غير الرسمية في تعظيم أرباحه سواء من خلال عمليات التعهيد والتعاقد من الباطن بتكلفة منخفضة، أو بالحصول على مستلزمات إنتاج منخفضة الأسعار، فضلاً عن استخدام تلك المشروعات في عمليات الصيانة المعداته وتوزيع منتجاته(17). وتظهر العلاقة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي في الأشكال العديدة للعمالة غير المسجلة التي تعمل لحساب المشروعات الرسمية والتي لا يرغب صاحب العمل في تعيينها لديه رسميًا. كما تتعدد الأمثلة على العلاقة بين القطاعين لتشمل مجالات الصناعة والتجارة والخدمات، كما في حالة النساء اللائي يعملن من منازلهن وفقًا لترتيبات العمل من الباطن، والمصانع الصغيرة التي تنتج الملابس الجاهزة لحساب الشركات الكبرى في الخارج، والباعة في السوق الذين يبيعون بالعمولة منتجات المشروعات الرسمية، وعمال النظافة الذين يتولون تنظيف مكاتب الشركات الرسمية من خلال ترتيبات العمل من الباطن، وموردي الأغذية وخدمات النقل والملابس بأسعار وتكاليف منخفضة للمشروعات الرسمية، فضلا عن توفير سلع وخدمات منخفضة الأسعار للمستهلكين من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة(18).

3 – التيار المعنى بعلاقات العمل ومدى توافر شروط العمل اللائق في الاقتصاد غير الرسمي:

تمثل دراسات منظمة العمل الدولية والفكر الاقتصادي النسوى أبرز نماذج هذا التيار الذي يركز على شروط العمل في الاقتصاد غير الرسمي ويستهدف تحسينها بتوفير الحماية القانونية والاجتماعية للعاملين، مع الاهتمام بوجه خاص بوضع النساء. فمع دخول أعداد متزايدة من الرجال في سوق العمل غير الرسمي وتدهور شروط العمل، يتم دفع النساء إلى التركز في الأعمال ذات الدخول الأكثر انخفاضًا، سواء كعاملات لحساب أنفسهن أو كعاملات بالإنتاج من الباطن، أو كخادمات منازل، فضلاً عن العمل لدى الأسرة بدون أجر(19)، فتعمل النساء في الأنشطة ذات أدنى قيمة مضافة كما يعملن في الأنشطة غير المرئية” Invisible حيث يشكلن من خلال الإنتاج بالمنزل نسبة معتبرة من قوة العمل في الصناعات التصديرية الرئيسية(20)، ولا سيما في الأعمال اليدوية والمهام كثيفة العمل(21).

وفي محاولة لتفسير تركز النساء في العمل غير الرسمى رغم ما يقترن به من انخفاض في الأجور وافتقار للتأمينات الاجتماعية والصحية ترى مارثا تشن(22) أن السبب هو أن النساء أقل قدرة من الرجال على المنافسة في أسواق العمل ورأس المال والمنتجات، سواء للانخفاض النسبي في مستوى تعليمهن ومهاراتهن أو لافتقارهن إلى ملكية الأصول والمعرفة الفنية اللازمة لريادة الأعمال، فضلاً عن القيود المفروضة على حركتهن وقدرتهن على التنقل في ظل منظومة القيم الثقافية والاجتماعية السائدة والتي تقصر دور النساء على المجال الإنجابي ورعاية الأسرة، ولا تشجع على الاستثمار في تعليم النساء وتدريبهن. وتلخص شيما رامانيالموقف في أن النساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي هن أسهل في التوظيف والفصل وأقل تكلفة وأكثر قابلية للاستغلال(23). وفي السياق المصرى تؤكد جاكلين وهبة أن الحركة من الوظائف غير الرسمية إلى الوظائف شبه الرسمية أو الرسمية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على نوعية التعليم وعلى كون الموظف ذكرا أم أنثى، بحيث تعتبر الوظيفة غير الرسمية فيما يبدو خطوة على الطريق بالنسبة للعاملين الذكور ممن تلقوا تعليمًا عاليًا، بينما تمثل نهاية الطريق بالنسبة للنساء العاملات وللذكور غير المتعلمين(24).

وتؤكد نايلة كبيرأن الدور المهم الذي يلعبه العمل المنزلى غير المدفوع للنساء في رفاهية الأسرة، هو الذي يفسر تركزهن في العمل غير الرسمي، حيث لا يمكن مواجهة مسئوليات العمل الرسمي جنبا إلى جنب مع مسئوليات العمل المنزلي. لذا فإن النساء اللاتي تمكنَّ من الاستمرار في العمل في السوق إلى جانب مسئوليات رعاية الأسرة، تركزن في الغالب في أشكال العمل الحر(تعمل لدى نفسها) أو العمل بالقطعة، مما يوفر لهن مرونة أكبر في استخدام الوقت. كما أن مسئولية النساء عن العمل المنزلى وما له من أثر على رفاهية الأسرة هي التي تفسر لماذا تقوم النساء عندما يعملن بأجر بتخصيص دخلهن بشكل أساسي لتحسين معيشة أطفالهن(25).

وتتعرض النساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي لتمييز مزدوج ضدهن فيما يتعلق بالأجور، فمن ناحية هن يتقاضين أجورًا أقل من أجور الاقتصاد الرسمي، ومن ناحية أخرى فإنهن في داخل الاقتصاد غير الرسمى يتقاضين في المتوسط أجورًا أقل من متوسط أجور الرجال(26)، وفي السياق المصرى تؤكد العديد من الدراسات هذه الظاهرة. فتشير فاطمة الحميدي إلى وجود تمييز في الأجور – لا تبرره الفروق في مستويات التعليم أو الخبرة – في غير صالح النساء العاملات في القطاع الخاص سواء تعلق الأمر بقطاعات النشاط التي تتنافس مباشرة مع الأسواق الأجنبية، أو القطاعات التي لا تتعرض لتلك المنافسة، وأن هذا التمييز يكون أكبر في القطاعات التي تتنافس مباشرة مع الأجانب(27)، وهو ما قد يتفق مع الأدبيات العالمية بشأن أثر العولمة على نمو الاقتصاد غير الرسمى كإحدى آليات المنافسة عبر تخفيض الأجور ونفقات الإنتاج.

ولا تخضع العمالة أو أماكن العمل غير الرسمى بوجه عام للقوانين الوطنية المتعلقة بالصحة المهنية، إلا أن احتمالات تعرض النساء على وجه التحديد لمخاطر عالية تتعلق بالصحة والسلامة المهنية تعد مرتفعة مقارنة بالرجال، ولا سيما خادمات المنازل والعاملات الزراعيات وعاملات إنتاج السلع المصنوعة في المنزل، فضلاً عن العاملات لدى الأسرة. وتتعرض النساء اللائي في سن الإنجاب والحوامل العاملات في الزراعة بوجه خاص للمبيدات شديدة الخطورة التي لا تؤذى صحتهن فحسب، بل أيضًا صحة أطفالهن، وقد يولد الأطفال بتشوهات خلقية نتيجة تعرضهم في الرحم لكيماويات سامة تسبب لهم الإعاقة طوال حياتهم. وتتفاقم هذه المشكلات في ظل تراجع دور الدولة عن توفير الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية بسبب السياسات الاقتصادية النيوليبرالية ولأن الأمراض ذات الصلة بالعمل التي تؤثر على النساء لا تشخص عادة على النحو الواجب ولا يدفع عنها التعويض المناسب بالمقارنة مع الرجال“(28).

وعلى صعيد آخر يعتبر الحق في التنظيم والتمثيل والحوار المجتمعي من الأمور الحيوية كي يتمكن العاملون في الاقتصاد غير الرسمي من تحسين شروط عملهم من خلال التفاوض الجماعي وتشكيل مجموعات ضغط مع المنظمات السياسية في مجال التشريعات والنفاذ إلى الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية. إلا أنه يتم النظر للنساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي عادة باعتبارهن عاملات بلا صوتحيث يواجهن عوائق أكبر في المشاركة في التنظيمات العمالية(29)، بسبب ضخامة أعباء العمل/ المنزل، فضلاً عن ضعف تمثيلهن في مواقع صنع القرار في داخل تلك التنظيمات مقارنة بالرجال. وتظهر هذه المشكلة بشكل أكبر بالنسبة للعاملات في الإنتاج من المنزل ومن الباطن، حيث يبقين معزولات عن صاحب العمل وعن العمال الآخرين وعن التنظيمات العمالية التي قد لا تعترف بهن كعاملات أصلا، ويعجزن عن تحديد هوية رب العمل الحقيقي الذي يتعين أن يتحمل المسئولية عن الحقوق والحماية الاجتماعية الخاصة بهن.

وعلى الرغم من أنه لا توجد علاقة بسيطة بين العمل في المجال غير الرسمى وبين أن يكون المرء فقيرا، كما أنه لا توجد علاقة بسيطة بأن من يعمل في الاقتصاد الرسمي سيخرج من دائرة الفقر، لكن هناك علاقة قوية بين أن تكون امرأة تعمل في الاقتصاد غير الرسمى وأن تكون إنسانا فقيرًا. فترى شيما رامانيأن الارتباط بين عمل النساء في الاقتصاد غير الرسمى والفقر يمكن أن يعزى إلى أن النساء يعملن في الغالب كأجيرات وليس كربات عمل من ناحية، ويحصلن على أجور تقل كثيرًا عن الرجال من ناحية أخرى، فضلاً عن تركزهن في أدنى سلم الوظائف من ناحية ثالثة(30). كما أن العاملات الفقيرات لا يمتلكن عادة الموارد المالية ولا المعلومات أو وسائل تنمية المهارات، ويعاني بعضهن، في ظل نظام القيم السائد، من العزلة الإجبارية ومحدودية القدرة على التنقل، لذا فإن هؤلاء النساء يصبحن أكثر عرضة للتأثر سلبا بالتغيرات في نمط الطلب في السوق أو فقدان الأسواق المحلية والخارجية لمن ينخرطن في أعمال من الباطن، فضلا عن مشكلات ارتفاع نفقات المعيشة وتكاليف الإنتاج(31). ومن ناحية أخرى فإن افتقار العاملات في الاقتصاد غير الرسمي للتأمين الصحى وارتفاع مخاطر تعرضهن لإصابات وأمراض بسبب العمل مع عدم قدرتهن على مواجهة ارتفاع تكاليف العلاج، يمكن أن تؤدى إلى توقفهن عن العمل لفترة طويلة بما يعنيه ذلك من توقف مصدر الدخل الذي يعتمدن عليه في مواجهة تكاليف الحياة(32).

وتؤكد نايلة كبير أنه على الرغم من الربط الدائم بين الحصول على عمل بأجر وبين الانتقال إلى مستوى أفضل للمعيشة والخروج من دائرة الفقر، فإن تحقيق هذا التحول في الواقع أمر صعب وخاصة بالنسبة للنساء. فالأسواق ليست مجرد مكان لشراء وبيع قوة العمل على النحو الذي يرد في كتب الاقتصاد، وإنما ترتبط تلك الأسواق في الواقع بعلاقات القوة بين الطبقات وأطراف النوع الاجتماعي والأجناس والأعراق. ويظهر أثر النوع الاجتماعي على الأسواق في انعدام المساواة والقدرة على الاختيار والتعبير عن المصالح بين الرجال والنساء وهو الأمر الذي يظهر في القيود المفروضة على النساء في داخل الأسرة وفي المحيط العام. وفي مقدمة الأمثلة على تلك القيود فرض تفضيلات الرجال على استخدام النساء لوقتهن، أو التزام النساء بالعمل في مزارع ومنشآت (مشروعات) الرجال، وتخصيص المسئولية الأولى عن العمل المنزلى ورعاية الأطفال للنساء، وطبيعة القيم الاجتماعية السائدة بصدد أنواع النشاط المقبولة لكل من النساء والرجال، والقيود على تنقل النساء وحركتهن في المحيط العام، والقوانين التي قد تعطيهن حقوقا متواضعة للملكية والتصرفات المالية أو لا تعطيهن حقوقا على الإطلاق في هذا الشأن، والقوانين والسياسات التي تقوم على التمييز بين أطراف النوع الاجتماعي والتي يمكن أن تعكس اتجاهات الأطراف ذات النفوذ من أصحاب أعمال ومسئولين حكوميين واتحادات عمال وغرف تجارية(33). وبالتالي فإن إدخال النوع الاجتماعي في تحليل أسواق العمل يوضح أن النساء يصادفن صعوبات أكثر من الرجال في ترجمة عملهن إلى عمل مدفوع، وفى ترجمة عملهن المدفوع إلى دخل أكبر. ويعكس تدنى المركز النسبي للنساء في سوق العمل أثر القيم السائدة وأثر فقر الموارد المتاحة لهن، حيث تدخل النساء الفقيرات سوق العمل وهن في حال أسوأ من الرجال الفقراء من حيث مستوى الصحة والتغذية والتعليم والمهارات فضلا عن الأصول الإنتاجية، ويترجم هذا الفرق في فجوة في الأجور ورأس المال في غير صالح النساء، فضلاً عما يمكن أن تعكسه تلك الفجوة من التمييز الصريح ضد النساء(34).

أما فيما يتعلق بأثر العمل على تمكين النساء فتشير نايلة كبيرإلى أن التمكين يعني في واقع الأمر أن يكون المرء قادرا على الاختيار(35)، وهو ما يتطلب بداهة أن تكون هناك بدائل متاحة للاختيار بينها، كما أن المقصود هو الاختيارات الاستراتيجية في الحياة (نمط الحياة، أين تعيش، هل تتزوج أم لا، من الذي تتزوجه، هل تنجب أطفالاً، كم عددهم، حرية التنقل، حرية اختيار الأصدقاء) وبالتالي فإن تمكين النساء يعني اتساع قدرتهن على صنع خيارات استراتيجية في الحياة في ظل ظروف كانت تنكر عليهن هذه القدرة من قبل. ويتطلب هذا التمكين حدوث تغيرات على ثلاثة محاور مترابطة ويؤثر كل منها في الآخر، يتمثل أولها في الموارد المادية والبشرية والاجتماعية (أصول مادية، تمويل، تعلیم، مهارات، التزامات عائلية وشبكة علاقات اجتماعية) ويتمثل العنصر الثاني في الإحساس بالذات والقدرة على تحديد الاختيارات والأهداف والتحرك نحو تحقيقها Agency، ويمثل هذان العنصران معًا الإمكانات المتاحةللمرء كي يحيا كما يريد. أما العنصر الثالث فيتمثل في الإنجازات، أى مدى النجاح أو الفشل في تحقيق تلك الأهداف. فإذا كان الفشل في تحقيق الإنجازات يعزى إلى عدم التناسب في توزيع الإمكانات المتاحة أصلاً للنساء فإن هذا الفشل يصبح في واقع الأمر تعبيرا عن عدم التمكين Disempowerment.

ولتأكيد أهمية التوزيع العادل للإمكانات على تمكين النساء تشير نايلة كبيرإلى أن ارتفاع معدلات النمو لم يكن دائما ذا أثر موات على تحسين حياة النساء، وأن الحالات التي حدث فيها ذلك هي الحالات التي اقترن فيها النمو بارتفاع معدلات تعليم وتوظيف النساء(36)، وهو الأمر الذي انعكس على إحساسهن بذواتهن وحقوقهن، وساعد على تحقيق تغيير أوسع في هيكل الفرص المتاحة لحدوث تغيير إيجابي في رفاهة النساء. ولكنها تؤكد أن الأمر يظل رهنا بنوع التعليم ونوع الوظائف المتاحة للنساء وما يقترن بها من علاقات عمل، وأن الدراسات توضح أن العمل الرسمي الدائم بأجر يأتي في المقدمة من حيث الأثر الإيجابي على تمكين النساء (بمعنى قدرتهن على الاختيار الحر والمشاركة في القرارات الاستراتيجية في حياتهن)(37). وتؤكد بينا آجراوالأن العمل في حد ذاته لا يوفر للنساء حماية كافية في مواجهة التعرض للعنف البدني من الزوج، حيث يمكن أن يتمثل في عمل بدون أجر في مزرعة أو مشروع مملوك للأسرة. إلا أنها تسارع إلى التأكيد بأنه حتى في حالة حصول النساء على دخل من العمل فإن هذا قد لا يوفر لهن حماية كافية من التعرض لعنف الزوج، بعكس الحال فيما لو كان لديهن ممتلكات (كما في حالة امتلاك أراضٍ أو عقارات) بما يتيح لهن القدرة/ أو التلويح بالقدرة على الانفصال وإعالة أنفسهن(38).

وفي تفسيره لضعف مشاركة النساء في اتخاذ القرارات التي تتعلق باختياراتهن الأساسية في الحياة يرى أمارتيا سنأن اتخاذ القرارات داخل الأسرة يخضع للقوة التفاوضية بين أعضائها. وتتمثل نظريته عن النزاعات التعاونية“(39) Cooperative Conflicts في أنه على الرغم من وجود مصلحة مشتركة لأعضاء الأسرة في التعاون لكن لكل منهم مصالحه الفردية التي تتنازعه عندما يقوم بالاختيار بين مجموعة البدائل التي تمس حياة الأسرة ككل. ويرى سنأن الشخص الذي يخرج بنتائج في المفاوضات تتفق بشكل أكبر مع تفضيلاته مقارنة بالطرف الآخر هو عادة الطرف الذي يكون أكثر حرصًا على مصالحه الفردية وأكثر مساهمة في دخل الأسرة وأقل تعرضًا للخسارة لو انهارت علاقة الزواج. ويخلص من ذلك إلى أن النساء يتمتعن بمركز تفاوضي أضعف في علاقة الزواج، ليس فقط لأن مساهمتهن النقدية في دخل الأسرة أقل ولأنهن غالبًا ما يكن الخاسر الأكبر من انهيار الزواج، ولكن أيضًا لأن النساء، خاصة في المجتمعات التقليدية، يملن إلى عدم التفكير في مصلحتهن الذاتية ويمنحن الأولوية للقلق على مستوى رفاهية الأسرة، وهو ما يجعلهن شريكات في تقبل واستمرار عدم تمتعهن بالمساواة.

ربط أمارتيا سنبين المساهمة المادية في دخل الأسرة وتمكين النساء من المشاركة في اتخاذ القرار واجه بعض النقد من الفكر الاقتصادي النسوى على أساس أن القوة التفاوضية يمكن أن تكون لها أبعاد ثقافية أقوى من النقود، واستندت سيسيل جاكسونعلى سبيل المثال إلى دراسة ميدانية أجرتها على إحدى القبائل في أوغندا للتأكيد على أن الدور الذي تقوم به النساء في الزراعة وتأمين خدمات المعيشة اليومية للأسرة، بالإضافة إلى نظام القيم السائد هناك والذي يقلل من شأن الرجل الأعزب والمطلق تجعل من الاعتماد المتبادل داخل الأسرة عملية معقدة لتوازن القوى(40).

إلا أن النقد الأكبر لـ أمارتيا سنقد انصب على مقولة الوعى الخاطئ“False Perception للنساء وافتقارهن إلى رؤية مصالحهن الذاتية مما يجعلهن في واقع الأمر شريكات في استمرار وتعميق مركزهن المتدني داخل الأسرة. فأكدت بينا آجراوالأن الأدلة الميدانية تدحض هذه المقولة تماما، فالأبحاث الميدانية التي تستطلع آراء النساء في مناخ يستطعن التعبير فيه عن أنفسهن بحرية تكشف عن أمثلة لا حصر لها لمقاومتهن اليومية لانعدام المساواة داخل الأسرة، سواء فيما يتعلق بتوزيع الموارد أو السيطرة عليها أو العبء المزدوج للعمل داخل وخارج المنزل. وأوضحت أن من أبرز أساليب المقاومة سعى النساء الريفيات المحصول على دخل نقدي خاص بهن، لا يعلم عنه الزوج شيئًا، سواء من خلال العمل سرًا أو بيع جزء من مخزون الأسرة من الحبوب أو المشاركة مع بعض الصديقات في تربية بعض الحيوانات للبيع في السوق. کما أكدت بينا آجراوالأنه إذا كانت النساء ينفقن هذه النقود على الأبناء فإن هذا لا يعد دليلاً على وعيهن الخاطئ بمصالحهن، بل على العكس قد يشير إلى استثمارهن في توفير الحماية الاجتماعية لهن في شيخوختهن(41). وفي السياق نفسه تؤكد نايلة كبيرأن قدرة النساء على تحديد أهدافهن والتحرك نحو تحقيقها لا يمكن أن تختزل في مدى مشاركتهن في صنع القرار، حيث يتضمن الأمر في الواقع العملي دائرة أوسع من الأفعال تشمل التفاوض والجدال والخداع والمناورة والمقاومة والاحتجاج، وهي أمور يمكن التعبير عنها سواء من خلال التفكير والتحرك الفردي أو الجماعي(42).

يتضح من كل ما سبق أن قضية تمكين النساء ترتبط ارتباطًا وثيقًا ليس فقط بالفرصة المتكافئة للحصول على عمل، بل بالفرصة المتكافئة لاكتساب القدرات المؤهلة للعمل أصلاً، ونوع وشروط العمل الذي يحصلن عليه. ومن هنا يأتي تركيزنا في هذه الدراسة على تحليل ظاهرة عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في الاقتصاد غير الرسمى بمصر.

يرتبط نمو واتساع الاقتصاد غير الرسمي في مصر خلال العقدين الماضيين ارتباطًا كبيرًا بطبيعة السياسات الاقتصادية المطبقة والتي عجزت عن توفير فرص العمل الكريم لاستيعاب النمو المطرد في قوة العمل. فقد تجلت أزمة النظام الرأسمالي المصري في نمط للاستثمار يركز على المشروعات كثيفة رأس المال وكثيفة الاستخدام للطاقة، بما يتناقض مع الخصائص الرئيسية للمجتمع المصرى، كمجتمع يتميز بوفرة الأيدي العاملة، وارتفاع معدلات البطالة. وتركزت الاستثمارات بالأساس في القاهرة والإسكندرية والمدن الكبرى في الوجه البحرى، في تحيز واضح للحضر على حساب الريف من ناحية، ولمحافظات الدلتا على حساب الصعيد والمحافظات الحدودية من ناحية أخرى.

ومع تطبيق سياسات التكيف الهيكلي منذ بداية التسعينيات، أسفر النمو الاقتصادي في مصر عن تدهور شروط العمل نتيجة سياسات الخصخصة وتصفية المصانع وتحرير العلاقة الإيجارية في الزراعة وتقليص دور التعاونيات في توفير مستلزمات الإنتاج والتمويل وتسويق الحاصلات الزراعية.

وتجلت أزمة النموذج المصرى للنمو في عجز القطاع الخاص الرسمي عن توليد فرص عمل تكفى لتعويض النقص الناجم عن تراجع القطاع العام، حيث شكلت الاحتكارات المتحالفة سلطة الدولة مع عائقًا رئيسيًا أمام نمو القطاع الخاص وخلق وتوسيع قاعدة عريضة من المشروعات المتوسطة والصغيرة. حيث شكلت الاحتكارات المتحالفة مع سلطة الدولة عائقًا رئيسيًا أمام نمو القطاع الخاص وخلق وتوسيع قاعدة عريضة من المشروعات المتوسطة والصغيرة. ونشير هنا إلى أن البنك الدولى أصدر تقريرا عام 2006 أكد فيه أن هيمنة الاحتكارات في مصر تعوق نمو القطاع الخاص. وفي عام 2014 عاد البنك الدولى وأصدر تقريرًا عن سوق العمل في مصر يغطى الفترة 1998 – 2012 أكد فيه أن شركات رجال الأعمال ذوى العلاقات السياسية القوية وفرت 11% فقط من كل الوظائف في القطاع الخاص بمصر، في حين أن تلك الشركات هي التي حصلت على الأراضي الرخيصة واستأثرت بنحو 92% من القروض الممنوحة للقطاع الخاص وعلى الجزء الأكبر من دعم الطاقة. كما أكد أن الشركات الكبيرة القريبة من السلطة قد استأثرت بتراخيص حكومية تكفل لها مركزا احتكاريا في صناعات الأسمنت والحديد والصلب، يحول دون دخول ونمو شركات منافسة ويحول بالتالي دون خلق وظائف جديدة(43).

وأسفر نموذج النمو الرأسمالي في مصر عن تدهور واتساع نطاق علاقات العمل غير الرسمية ليشمل ليس فقط المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي توفر نحو 70% من الوظائف في مصر والتي تتمثل عادة في مشروعات غير مسجلة وغير مرخصة ولا تحتفظ بسجلات حسابية منتظمة، بل امتدت علاقات العمل غير الرسمية لتشمل نحو 51% من العاملين في الشركات الخاصة الرسمية، الذين يجرى تعيينهم بدون عقود قانونية ولا تأمينات اجتماعية(44).

وعلى الرغم من أن تصاعد واتساع نصيب العمل غير الرسمي من إجمالي المشتغلين في مصر خلال العقدين الماضيين قد شمل كلا من الرجال والنساء، لكن اتجاهات وطبيعة علاقات العمل لكل منهما قد اختلفت بشكل واضح. فعلى حين توزعت الزيادة في العمل غير الرسمي للرجال بين العمل بأجر، وريادة الأعمال (سواء في شكل صاحب عمل ويستخدم آخرين، أو صاحب عمل ولا يستخدم أحدًا) فإن نمو عمالة النساء في الاقتصاد غير الرسمى قد تركزت بالدرجة الأولى في العمل لدى الأسرة بدون أجر، مقابل تراجع نصيب العمل بأجر أو كصاحبة عمل ولا تستخدم أحدًا.

1 – حجم وطبيعة الظاهرة:

تشير البيانات المستخرجة من المسح التتبعي لسوق العمل 2012 إلى أن العمل لدى الأسرة بدون أجر يمثل الشكل الرئيسي لعمل النساء في الاقتصاد غير الرسمي في مصر، وأن نصيبه قد ارتفع من 29% في عام 1998 إلى 46.4% في عام 2012، أما بالنسبة للرجال فإن العمل لدى الأسرة بدون أجر يمثل نسبة متواضعة بلغت 13.2% في عام 1998 وتراجعت لتقتصر على 7.4% فقط في عام 2012.

فعلى الرغم من التعامل مع الاقتصاد غير الرسمى بوجه عام باعتباره الإسفنجة التي تمتص قدرًا من فائض عرض العمل الناتج عن انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي و/ أو تبني سياسات استثمار كثيفة رأس المال ولا تولد بالتالي فرص عمل كافية أو بسبب الركود والأزمات الاقتصادية(45)، فإنه من الواضح أن هذا الدور يختلف بالنسبة لكل من الرجال والنساء. ففي حين يمثل الاقتصاد غير الرسمى بالنسبة للرجل فرصة بديلة للعمل مقابل دخل نقدی، تقترن بشروط مجحفة من حيث الوضع القانوني والحماية الاجتماعية وحرية التنظيم النقابي، فإن الاقتصاد غير الرسمي لا يوفر، فيما يبدو، تلك الفرصة أصلاً للنساء بنفس القدر ولا بنفس الشروط، بحيث يصبح العمل لدى الأسرة بدون أجر هو الملاذ الأخير لهن(46)!

فتعترف التقارير الرسمية على سبيل المثال بأن نسبة البطالة بين النساء تبلغ 24.7% مقابل 9.1 فقط للرجال(47)، کما تعترف بأن معظم المنشآت في القطاع الخاص تشترط عند الإعلان لشغل وظائف أن يكون المتقدمون من الرجال“(48). وتؤكد العديد من الدراسات المحلية(49) وتقارير البنك الدولى أن هناك فجوة دائمة في الأجور في غير صالح النساء في القطاع الخاص الرسمي، وأن هذه الفجوة تتسع مع ارتفاع مستويات التعليم، وهو ما يشكل بذاته عنصرًا طاردًا للنساء من العمل في ذلك القطاع(50)، فضلاً عن افتقار العمل لدى القطاع الخاص إلى الظروف الداعمة/ صديقة الأسرة، فيما يتعلق بإجازات الوضع مدفوعة الأجر وتوافر دور الحضانة وعدد ومواعيد ساعات العمل، بما يجعل من الصعب على النساء التوفيق بين مسئوليات العمل ومسئوليات رعاية الأسرة، وهي المسئوليات التي تستمر النساء في تحملها بشكل يكاد يكون منفردًا حتى بعد خروجها للعمل في السوق(51)، وتزايد احتمالات تعرض النساء للتحرش الجنسي في مواقع العمل(52)، وبأن يعهد إليهن بالمهام الدنيا لذلك العمل(53). وتشير بعض الدراسات إلى أنه في ظل تراجع فرص التوظيف في القطاع العام تفضل النساء، وخاصة الحاصلات على تعليم جامعی، عدم العمل على الإطلاق بدلاً من العمل في القطاع الخاص(54)، وإلى أن الوظيفة غير الرسمية في مصر تمثل فيما يبدو خطوة على الطريق بالنسبة للعاملين من الذكور ممن تلقوا تعليمًا عاليًا قبل الانتقال إلى وظيفة رسمية، في حين يمثل العمل غير الرسمي نهاية الطريق بالنسبة للعاملين غير المتعلمين وكذلك بالنسبة للإناث(55).

وكما هو الحال في العديد من دول العالم الثالث تتركز ظاهرة عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر بالأساس في الأقاليم، بعيدًا عن العاصمة والمدن الكبرى التي تستأثر عادة بالعدد الأكبر من المؤسسات الحكومية والمشروعات الرسمية. ففي الحالة المصرية يتركز عمل النساء لدى الأسرة في الأقاليم وخاصة في صعيد مصر، كما أنها تتركز على مستوى الأقاليم في الريف مقابل الحضر ولا سيما في ريف الوجه القبلى. فيشير الجدول رقم(1) إلى أن صعيد مصر يستأثر بنحو 62.7% من عمالة النساء لدى الأسرة بدون أجر، كما يستأثر الوجه البحرى بنحو 35.4%، مقابل 1.9% للقاهرة الكبرى والإسكندرية وإقليم القناة مجتمعين.

جدول رقم(1)

عمالة النساء لدى الأسرة بدون أجر

موزعة طبقًا للمناطق الجغرافية المختلفة

المنطقة

%

القاهرة الكبرى

1.1

الإسكندرية وإقليم القناة

0.8

حضر الوجه البحري

4.1

حضر الوجه القبلي

11.3

ريف الوجه البحري

31.3

ريف الوجه القبلي

51.4

الإجمالي

100.0

المصدر: مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعى لسوق العمل في مصر 2012

  • المسح لا يغطى المحافظات الحدودية: مرسى مطروح، الوادي الجديد، البحر الأحمر، شمال وجنوب سيناء.

ويعكس هذا النمط للتركز الجغرافي للظاهرة في جزء منه السياسات الاقتصادية المتبعة والتي تؤدي إلى تركيز الاستثمارات، وبالتالى فرص العمل، في العاصمة والمدن الكبرى وما حولها، لا سيما بعد انسحاب الدولة من مجال الاستثمار في المشروعات الاقتصادية، من ناحية، فضلا عن تدهور شروط العمل للنساء في القطاع الخاص من ناحية أخرى.

كما يتمثل أحد أسباب تركز ظاهرة عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في الأقاليم بوجه عام في الافتقار لشبكة الطرق ووسائل الانتقال الآمنة التي يمكن استخدامها في حال توافر وظائف بأجر في المجال الرسمي تتطلب الانتقال لمسافات طويلة نسبيًا، نظرًا لتركز وظائف القطاع الخاص الرسمي في المدن الكبرى بمصر. ويضخم من هذا الأثر القيود الاجتماعية المفروضة على حركة النساء في ظل نظام القيم السائد. فيشير أحد التقارير الصادرة عن البنك الدولى إلى أن النساء اللائي يقمن على بعد 40 كيلو مترًا من مركز المدن الكبرى يصل معدل توظيفهن في القطاع الخاص الرسمي إلى حوالى 16%، ولكن خارج هذا النطاق يهبط معدل التوظيف إلى 3% أو أقل“(56).

يضاف إلى هذه العوامل فيما يتعلق بالصعيد بوجه خاص ما تؤكده العديد من الدراسات الميدانية من استهجان فكرة خروج النساء للعمل بأجر، في إطار منظومة القيم السائدة، إلا إذا تعلق الأمر بوظائف تحظى بالوجاهة الاجتماعية كما هو الحال في التحاق النساء المتعلمات بالعمل في وظائف حكومية أو مؤسسات كبيرة.. وفيما عدا ذلك فإما العمل لدى الأسرة أو لا عمل.

2 – السمات الديموجرافية الرئيسية للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر:

تمثل النساء المتزوجات النسبة الغالبة من النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر، حيث تبلغ تلك النسبة 88.4% في الريف و 76.1% في الحضر. وعلى الرغم من عدم وجود أي أسئلة صريحة في استمارة استقصاء المسح التتبعى لسوق العمل يمكن من خلالها تحديد طبيعة العلاقة الأسرية بين المرأة العاملة وصاحب العمل، فإن غلبة صفة الزوجة على هؤلاء النساء يمكن أن يكون مؤشرًا على أن صاحب العمل في الغالبية العظمي من الحالات هو الزوج نفسه.

وتقع غالبية النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في الاقتصاد غير الرسمي (76%) في الشريحة العمرية 20 – 49 عامًا، أي ما فوق سن الزواج حتى الكهولة. وهو ما يتسق إلى حد كبير مع حقيقة أن النسبة الغالبة من هؤلاء النساء متزوجات. وتتراجع نسبة هؤلاء النساء بشكل ملموس في الشرائح العمرية الأعلى بحيث لا تتجاوز 3% في الشريحة العمرية 60 – 64 عامًا، وهو ما يعكس التراجع الطبيعي في القدرات الجسدية والصحية اللازمة للعمل مع التقدم في السن بوجه عام، فضلاً عن نمط القيم والعادات السائدة في الواقع الاجتماعي المصري، الذي يحظى فيه أعضاء الأسرة كبار السن بدرجة أعلى من التوقير(57)، كما يحل الأبناء ونساء الأسرة الأصغر سنًا عادة محل الأم أو الحماة في تحمل أعباء الأعمال التي تتم في نطاق الأسرة.

أما من حيث الحالة التعليمية للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر فيتركز معظمهن في فئة الأميات، سواء تعلق الأمر بالريف (63.9%) أو الحضر (58.7%). وعلى الرغم أنه قد يكون من المفهوم تضاؤل فرص الالتحاق بعمل جيد أمام النساء الأميات، بحيث يعتبر العمل لدى الأسرة بدون أجر هو البديل المتاح لهن، فلعله من المثير للاهتمام أن نسبة معتبرة من العاملات لدى الأسرة بدون أجر تتمثل في الحاصلات على مؤهل متوسط (18.4% في الريف و 21.7% في الحضر). وعلى الرغم من امتداد الظاهرة لتشمل بعض النساء الجامعيات لكن نسبتهن، كما هو متوقع، تتسم بالضآلة بحيث لا تتجاوز 0.9% في الريف و 2.2% في الحضر.

وعلى صعيد آخر تتركز النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في الشرائح الثلاث الدنيا لمستويات الثروة في كل من الريف والحضر، أي أن الغالبية العظمى منهن ينتمين إلى طبقة الفقراء (63.9% في الريف و 71.9% في الحضر) والشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة (24.9% في الريف و 13.1% في الحضر)، وتتوافق هذه المعطيات إلى حد كبير مع ما توصلت إليه الأدبيات المتعلقة بعمل النساء من أن هناك علاقة قوية بين أن تكون امرأة تعمل في الاقتصاد غير الرسمى وأن تكون إنسانًا فقيرًا(58). كما تتوافق مع ما توصلت إليه بعض الدراسات في السياق المصرى، حيث أكدت دراسة لهبة نصار أن هناك فرقًا كبيرًا في احتمالات التعرض للفقر بين أصحاب الوظائف الدائمة والوظائف المؤقتة، وأن النساء يتحملن القدر الأكبر من نتائج التدهور في شروط العمل(59). كما أوضحت دراسة لحنان نظير ورشا رمضان أن كون المرء يعمل في الاقتصاد غير الرسمى يزيد احتمالات أن يقع بين براثن الفقر، كما أنه إذا كان الشخص عاملاً زراعيًّا غير ماهر فإن هذا يزيد احتمالات أن يكون فقيرا ويعمل في الاقتصاد غير الرسمي(60).

يشير التحليل السابق إلى أنه يمكن تلخيص الصورة العامة أو السمات الغالبة للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمي على النحو التالي: نساء متزوجات، شابات وفي أواسط العمر، يغلب عليهن الأمية، ويحمل بعضهن مؤهلات متوسطة أو تحت المتوسطة، وينتمين لشريحة الفقراء والشريحة الدنيا للطبقة المتوسطة في كل من الريف والحضر، ويتركزن بوجه خاص في صعيد مصر.

والسؤال الذي لا بد وأن يتطرق إلى الأذهان الآن ما هي الأنشطة الاقتصادية التي تعمل بها أولئك النسوة، وإلى أي مدى تتسق أو تتباين مجالات عملهن مع السمات الديموجرافية سالفة الذكر؟.

1 – الأنشطة الاقتصادية ومجالات العمل:

يمثل النشاط الزراعي المجال الرئيسي لعمل النساء في السوق لدى الأسرة بدون أجر بنسبة تصل إلى 83.7%، يليه بفارق كبير تجارة التجزئة (12.4%)، أما النشاط الصناعي فلا يستوعب إلا نحو 3.1% فقط من تلك العمالة، ويتمثل أساسًا في صناعة الخشب ومنتجاته، وصناعة الجلد ومنتجاته والملابس الجاهزة والمنتجات الغذائية. وفيما عدا ذلك تتوزع عمالة النساء لدى الأسرة بنسب ضئيلة في كل من أنشطة خدمات الغذاء والمشروبات والأنشطة القانونية والمحاسبية والتعليم والأنشطة الإدارية.

جدول رقم (2)

مجالات عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر

في المناطق الجغرافية المختلفة

%

نوع النشاط الاقتصادي

القاهرة الكبرى

الإسكندرية والقناة

حضر الوجه البحري

حضر الوجه القبلي

ريف الوجه البحري

ريف الوجه القبلي

زراعة المحاصيل ومنتجات الحيوان والصيد وأنشطة الخدمات ذات الصلة

36.6

76.6

82.0

90.9

صناعة المنتجات الغذائية

1.7

0.7

صناعة الملابس الجاهزة

16.6

1.7

صناعة الجلد ومنتجاته

50.0

صناعة الخشب ومنجاته عدا صناعة الأثاث

9.1

5.0

1.5

تجارة التجزئة عدا المركبات ذات المحركات والدراجات النارية

16.7

100.0

27.3

13.3

17.4

6.5

أنشطة خدمات الغذاء والمشروبات

16.7

الأنشطة القانونية والمحاسبية

0.6

الأنشطة الإدارية وخدمات الدعم

0.4

التعليم

1.7

الإجمالي

100.0

100.0

100.0

100.0

100.0

100.0

مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل في مصر 2012

وعلى الرغم من انطباق تلك الصورة العامة على كل المناطق الجغرافية، فيلاحظ أن النشاط الزراعي لا يوجد بالطبع في إقليم القاهرة الكبرى والإسكندرية ومدن القناة، في حين يمثل المجال الرئيسي لاستيعاب عمالة النساء لدى الأسرة بدون أجر في بقية الأقاليم بنسبة تتراوح بين 63.6% و 90.9%، مع ارتفاع النصيب النسبي لذلك النشاط في الصعيد مقارنة بالوجه البحرى، وفي الريف مقارنة بالحضر، وذلك على النحو الموضح في الجدول رقم (2). ولعله من المثير للاهتمام أن النشاط الزراعي وتربية الحيوانات يمثل في كل الأحوال المجال الرئيسي لعمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في الريف بغض النظر عن مستوى التعليم الذي حصلن عليه، حيث يستوعب هذا النشاط نحو 79% من الحاصلات على مؤهل متوسط ونحو 25% من الحاصلات على مؤهل جامعي في الريف. وهو ما قد يعكس ندرة فرص العمل البديلة من ناحية، والقيود المفروضة على حركة النساء في ظل نظام القيم السائد من ناحية أخرى.

ولعله من الظواهر المثيرة للاهتمام وجود للنساء الحاصلات على مؤهل جامعي في العمل لدى الأسرة بدون أجر في مجال الأنشطة القانونية والمحاسبية في ريف الوجه البحرى، ووجود للنساء الحاصلات على مؤهل متوسط في العمل لدى الأسرة بدون أجر في مجال التعليم في حضر الوجه القبلى، وهو ما قد يعكس ضعف فرص العمل المهني وريادة الأعمال للنساء الجامعيات في الريف بحيث يتمثل البديل الوحيد أمامهن في العمل لدى الأسرة في ذات النشاط المهني بدون أجر، كما يعكس تراجع دور الدولة في مجال الخدمات التعليمية وتدهور مستوى تلك الخدمات في الصعيد على النحو الذي يترك المجال للقطاع الخاص ليكون البديل حتى ولو كان القائم بالعمل نساء حاصلات على مؤهل متوسط.

هذا وتوضح المعلومات المتعلقة بشكل وطبيعة مكان عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمى أن الأماكن الرئيسية لممارسة العمل لهؤلاء النساء تتمثل إما في الحقل أو المزرعة (46.3%) أو منزلها الخاص (41.3%)، وهو ما يتفق مع حقيقة أن النشاط الزراعي هو الذي يستحوذ على الغالبية الساحقة من عمل هؤلاء النساء، سواء تعلق الأمر بالعمل في الحقل أو بنشاط تربية الدواجن والحيوانات، كما يعكس حقيقة أنهن أساسًا متزوجات ويعملن في الغالب لدى الزوج أو أسرته.

وفيما عدا الحقل والمنزل الخاص تعكس بقية أماكن العمل مجالات النشاط الاقتصادي الرئيسية لهؤلاء النساء ممثلة في تجارة التجزئة والأنشطة المتعلقة بخدمات الغذاء والمشروبات، سواء تمثل موقع العمل في محل أو مطعم (6.9%)، أو بائعة في السوق (1.1%). وتوزعت النسبة الباقية بين كشك، فترينة/ ثلاجة مشروبات متصلة بالمنزل أو غير متصلة بالمنزل، قفص أو ترابيزة، بائعة متجولة بعربة، عشةإلخ.، فضلا عن مكتب أو شقة، وهو ما قد يتسق مع الأنشطة القانونية والمحاسبية ونشاط التعليم والأنشطة الإدارية التي وجود بها نسبة ضئيلة من هؤلاء النساء خاصة في الأقاليم كما سلفت الإشارة.

ومن الجدير بالملاحظة أن التعبير الذي تستخدمه منظمة العمل الدولية عند الإشارة للعاملين لدى الأسرة بدون أجر، هو أنهم أفراد الأسرة المساهمون“(61) وهو ما يعكس نظرة لهؤلاء العاملين تعتبرهم بشكل من الأشكال ضمن أرباب وأصحاب هذا العمل الأسرى. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو إلى أي مدى تتمتع النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر بوضع إشرافي أو مكانة تتيح لهن المشاركة الفعلية في إدارة العمل. وتتمثل الإجابة في الواقع المصرى على ما يبدو بالنفي. حيث تشير البيانات المستخرجة من المسح التتبعي لسوق العمل إلى أن نسبة من يتطلب عملهن الإشراف على الآخرين من بين النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر لم تتجاوز 2.2% في الحضر و1.4% في الريف(62)، بما یعنى أن النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر يمارسن عملهن باعتبارهن مجرد نفروليس كشريكات في ملكية المشروع، بل إنهن في واقع الأمر يمثلن البديل الذي تستخدمه الأسرة توفيرًا لتكلفة عامل بأجر، أو عجزًا عن تحمل تلك التكلفة.

كما تشير البيانات المستخرجة من المسح التتبعي لسوق العمل إلى أن طبيعة الأعمال التي تقوم بها النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر، تتسم بشكل أساسي بأنها أعمال يدوية بسيطة لا تتطلب مهارات فنية ولا مؤهلات علمية، ويتم التدريب عليها من خلال ممارسة العمل داخل الأسرة. وتتوافق تلك المواصفات في حقيقة الأمر مع السمات الديموجرافية الرئيسية لهؤلاء النساء باعتبار أن غالبيتهن أميات كما سلفت الإشارة، بحيث يمكن القول بأنه بوجه عام لا توجد فجوة بين مواصفات هؤلاء النساء ومواصفات أو متطلبات الأعمال الموكلة إليهن.

2 – ظروف العمل، ومدى توافر شروط العمل اللائق:

تنصرف شروط العمل اللائق بوجه عام إلى ما يتمتع به العامل من حقوق من حيث الحصول على أجر نقدي يكفل له ولأسرته الحياة الكريمة والتمتع بإجازات مدفوعة الأجر، ووجود حد أقصى لساعات عمل تتم في مواعيد ملائمة وتتوفر لها شروط السلامة والصحة المهنية، ومدى توفر الحماية القانونية للعامل من خلال عقد عمل يتسم بالاستقرار، وحماية اجتماعية من خلال نظام للتأمينات الاجتماعية والمعاشات والتأمين الصحى، وأخيرًا حق العامل في التنظيم النقابي(63).

وتشترك النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر مع بقية العاملات في الاقتصاد غير الرسمي في عدم التمتع بعقود قانونية أو حماية اجتماعية، وهي بالطبع من العناصر الأساسية في شروط العمل اللائق، ولكن أخذًا في الاعتبار أن هؤلاء النساء يفتقرن أيضًا إلى عنصر الأجر النقدي والإجازات مدفوعة الأجر فإن التساؤل لابد وأن يثور عن وضعهن المقارن بالنساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي بأجر، وما إذا كان مجمل شروط عملهن لدى الأسرة أفضل أو أسوا من العاملات الأجيرات.

جدول رقم(3)

مقارنة بين ظروف عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر أو في المجال غير الرسمى بأجر

البيان

حضر

ريف

جملة

متوسط ساعات العمل اليومية(ساعة)

لدى الأسرة بدون أجر

عمل غير رسمي بأجر

6.2

8.3

5.3

7.3

5.5

8.0

العمل ليلا بعد السابعة مساء(% من الحالات)

لدى الأسرة بدون أجر

عمل غير رسمي بأجر

43.5

34.2

29.0

19.5

31.5

27.9

مدى وجود تأمين اجتماعي

لدى الأسرة بدون أجر

عميل غير رسمي بأجر

مدى وجود عقد قانوني

لدى الأسرة بدون أجر

عمل غير رسمي بأجر

مدى الانضمام لنقابة عمالية أو مهنية أو رابطة

لدى أسرة بدون أجر

عمل غير رسمي بأجر

8.5

0.2

2.4

0.2

5.9

مدى وجود تأمين صحي أو خدمات علاجية

لدى الأسرة بدون أجر

عمل غير رسمي بأجر

1.8

0.5

4.1

0.4

2.8

مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعى لسوق العمل في مصر 2012

ويشير الجدول رقم (3) إلى أنه باستثناء عدد ساعات العمل فإن شروط عمل النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر تعتبر أسوأ من العاملات بأجر في الاقتصاد غير الرسمى، سواء تعلق الأمر بالاضطرار إلى العمل ليلاً بعد السابعة مساء، أو عدم القدرة على التنظيم والتفاوض من خلال نقابات وروابط مهنية أو عالمية، أو عدم التمتع بتأمين صحى وخدمات علاجية من خلال العمل. وتعكس هذه الظروف حقيقة أن قانون العمل ينص بالفعل على استبعاد أفراد أسرة صاحب العملمن سريان القانون فيما يتعلق بتنظيم التشغيل واشتراطات السلامة الصحية والمهنية، واللوائح المالية والإدارية(64).

وهنا لابد من التأكيد على عدد من الملاحظات. أولها أن البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل 2012 تشير إلى أن متوسط ساعات العمل للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر تقل كثيرا عن العاملات بأجر(خمس ساعات ونصف ساعة مقابل 8 ساعات) وأن هذه الظاهرة تنطبق على كل من الريف والحضر. ومع ذلك ففي تصورنا أنه لابد من التعامل مع تلك النتيجة بكثير من الحذر والتذكير بأن إحدى الملاحظات الأساسية على البيانات الخام للمسح أنها متحيزة لأدنى فيما يتعلق بعمل النساء الريفيات في السوق على وجه التحديد(65). وقد لاحظنا أن الأسئلة المطروحة في المسح تحدد مفهوم العمل للسوق في كل عمل بغرض البيع أو التسويق/ الحصول على أجر/ أو مشروع أسرى بهدف البيع أو التسويق“. ورغم سلامة المفهوم فإنه عندما يكون الجزء الأكبر من العمل لدى الأسرة وبدون أجر فربما يحدث اللبس لدى المبحوثات فيما إذا كان هذا يمثل حقيقة عملا للسوق(66). ناهيك عن أن العمل بالزراعة في الريف المصري يسود فيه الأسلوب المعروف بالمزاملةحيث تقوم النساء بمساعدة الأسر الأخرى في القرية في بعض أنشطتهم الزراعية الموسمية، مقابل قيام نساء الأسر الأخرى بعمل الشيء نفسه مع أسرهن. هذا الشق من عمل النساء شائع في الريف المصرى(67)، وفي تصورنا أن المجالات المحددة لعمل السوق في المسح لم تتمكن من أخذه في الاعتبار(68). وبالتالي فليس من المؤكد أن ساعات عمل النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمي هي حقا أقصر من ساعات عمل النساء الأجيرات.

ولعله من الملاحظات المهمة أيضًا التي يشير إليها الجدول رقم (3) أن هناك نسبة من النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر(0.4%) يتمتعن بتأمين صحي وخدمات علاجية من خلال العمل، رغم أنهن لا يتمتعن بتأمين اجتماعي من خلال ذلك العمل. وتجد هذه الظاهرة تفسيرها في أن بعض هؤلاء النساء لديهن تأمين من خلال النقابات المهنية والتي يشترط عضويتها لممارسة العمل، كما هو الحال بالنسبة لنقابة المحامين على سبيل المثال. ومن ناحية أخرى فإن البيانات التفصيلية لهذه الشريحة من العاملات لدى الأسرة بدون أجر توضح أن بعضهن لديه اشتراك في تأمين صحى عن طريق الهيئة العامة للتأمين الصحى، سواء لأنهن سبق أن عملن في المجال الرسمي(69)، أو لأنهن يحصلن على هذا التأمين الصحي والخدمات العلاجية من خلال نظام علاج الأسر، بموجب اشتراك الزوج أو الأب(70).

ويتمثل أحد مجالات المقارنة أيضًا بين شروط عمل النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر والنساء العاملات بأجر في الاقتصاد غير الرسمي في مدى ما يتسم به هذا العمل من استقرار. وتوضح البيانات المستخرجة من المسح التتبعي لسوق العمل أن النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر يتمتعن بدرجة أكبر من الاستقرار في عملهن بالمقارنة بالعاملات بأجر، حيث يتمثل عملهن في عمل دائم في أكثر من 88% من الحالات، بعكس العاملات بأجر، واللائي تقتصر نسبة العاملات منهن في عمل دائم على نحو 43.5%. فقط. ومع ذلك فأتصور أنه يجب التعامل مع هذه النتيجة بحذر وعدم القفز إلى افتراض أن النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر يتمتعن بدرجة أعلى من شروط العمل اللائق في هذا الشأن. فالواقع أننا إذا تذكرنا أن معظم النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر متزوجات يعملن على الأرجح لدى الزوج أو أسرته، يصبح استقرار العمل مفهومًا، لأنه ببساطة مرتبط باستمرار واستقرار علاقة الزواج نفسها، كما أنه يمكن تفسير انخفاض نسبة ديمومة العمل في المجال غير الرسمى للنساء العاملات بأجر ليس فقط بهشاشة علاقة العمل ولكن ربما أيضًا بسبب سعيهن المستمر لتغيير العمل والبحث عن شروط أفضل، وهي الإمكانية التي قد لا تتوافر للنساء العاملات لدى الأسرة.

3 – مدى الرضا عن العمل:

يشير التحليل الذي قدمناه حتى الآن لظروف وشروط عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر إلى أن تلك الشروط تعتبر أسوأ مما عليه الحال بالنسبة للعاملات بأجر في المجال غير الرسمي، ومع ذلك فإن البيانات المستخرجة من المسح التتبعي لسوق العمل تشير إلى أن النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر يشعرن بالرضا عن عملهن بدرجة أكبر من العاملات بأجر في المجال غير الرسمي. حيث تبلغ نسبة من يشعرن بالرضا نوعًا ما والرضا التام عن العمل نحو 81.9% من إجمالي المبحوثات العاملات لدى الأسرة بدون أجر، في حين تبلغ تلك النسبة للنساء العاملات بأجر في المجال غير الرسمى نحو 59.6 % فقط.

جدول رقم(4)

تفاصيل عناصر الرضا عن العمل لدى الأسرة بدون أجر

%

البيان

غير راضٍ تماماً

غير راضٍ نوعًا ما

محايد

راضٍ نوعًا ما

راضٍ تمامًا

لا ينطبق

1 – الاستقرار (الأمن الوظيفي)

عمل لدى الأسرة بدون أجر

2.8

3.4

5.4

12.8

35.6

40.0

عمل غير رسمي بأجر

10.9

15.3

12.9

24.0

17.8

10.1

2 – نوع العمل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

1.9

3.4

9.6

29.9

48.8

6.4

عمل غير رسمي بأجر

11.5

12.9

13.9

33.5

27.9

0.3

3 – عدد ساعات العمل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

1.3

4.7

9.4

24.4

47.3

12.9

عمل غير رسمي بأجر

9.7

12.9

14.3

29.3

31.0

2.8

4 – مواعيد العمل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

2.1

2.4

6.8

20.6

50.1

18.0

عمل غير رسمي بأجر

8.7

9.1

10.8

35.9

32.4

13.1

5 – ظروف وبيئة العمل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

2.4

5.4

10.3

26.5

49.9

5.5

عمل غير رسمي بأجر

7.7

9.4

20.2

32.4

29.6

0.7

6 – المسافة للعمل والتنقل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

1.7

2.4

6.2

17.6

45.4

26.7

عمل غير رسمي بأجر

6.6

7.0

12.9

31.3

40.1

2.1

7 – المواءمة بين المؤهلات والقدرات وبين العمل

عمل لدى الأسرة بدون أجر

3.8

3.9

7.9

19.1

50.1

15.2

عمل غير رسمي بأجر

12.2

7.7

12.2

27.2

33.4

7.3

مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعى لسوق العمل في مصر 2012

ويشير الجدول رقم (4) إلى أن درجة رضا العاملات لدى الأسرة بدون أجر أعلى من النساء العاملات بأجر في الاقتصاد غير الرسمى فيما يتعلق بكل عناصر الرضا الوظيفي والتي تشمل الاستقرار(الأمن الوظيفي) ونوع العمل وعدد ساعاته ومواعيده، فضلا عن ظروف وبيئة العمل، والمسافة للعمل والتنقل، والمواءمة بين المؤهلات والقدرات وبين العمل. وجاء في أعلى سلم درجات الرضا الوظيفي كل من عنصري المواءمة بين المؤهلات والقدرات والعمل، ومواعيد العمل، وهو ما يعكس إلى حد كبير حقيقة أن غالبية العاملات لدى الأسرة بدون أجر أميات أو حاصلات على قدر متواضع من التعليم بالفعل، كما يعكس ما قد تتسم به مواعيد العمل لدى الأسرة من مرونة توفر للنساء الفرصة لرعاية الأطفال والقيام بمهام الرعاية لأسرهن. ولعله مما يعزز هذا التفسير أن رعاية الأطفال قد مثلت 26.7% من أسباب تحول النساء اللائي کن يعملن في المجال غير الرسمى بأجر إلى العمل لدى الأسرة بدون أجر، وهي نسبة ترتفع بشكل ملحوظ عن المتوسط العام لنساء المسح ككل والذي لا يتجاوز فيه هذا السبب 15% .

وفى تصورنا أن جزءًا مهمًا من تفسير مسألة رضا النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمي عن تفاصيل علاقة العمل، قد يرجع إلى أنهن لا ينظرن لأنفسهن باعتبارهن نساء عاملات، بل ينظرن لهذا العمل باعتباره امتدادًا للواجبات الأسرية، خاصة في ظل عدم وجود أي نوع من العلاقة التعاقدية ناهيك عن أي أجر محدد. فتشير البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل 2012 إلى أنه عند توجيه السؤال للعاملات لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمي ما علاقتك بصاحب العمل قبل حصولك على هذا العمل“(71) لم يتم تسجيل أي إجابة من أي مبحوثة من بينهن، في حين أن إجابات العاملات بأجر في نفس المجال عددت أشكال العلاقة مع صاحب العمل وما إذا كان أحد أفراد الأسرة المعيشية أو قريب من خارج الأسرة المعيشة أو جار أو معرفة شخصية، أو أنه لا توجد علاقة ..الخ، بما يعكس الوعي بأنهن في علاقة عمل حقيقية حتى ولو كان صاحب العمل هو أحد أفراد الأسرة.

تؤكد الأدبيات المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية، والحركات النسوية جميعًا أن التمكين الاقتصادي للنساء يمثل شرطًا ضروريًا لزيادة مشاركتهن في صناعة القرار سواء على المستوى السياسي أو في مؤسسات العمل أو في داخل الأسرة. كما تتفق تلك الأدبيات على أن إزالة كل القيود التي تحول دون زيادة مشاركة النساء في العمل بأجر وفي ريادة الأعمال تمثل نقطة البدء لتمكينهن الاقتصادي، باعتبار أن العمل في السوق بأجر يشكل أحد المحاور الأساسية لتمتع النساء بالاستقلال الاقتصادي والمشاركة في الحياة العامة، على النحو الذي يعزز مكانتهن الاجتماعية وقدرتهن على المشاركة في صنع القرار. وقد تبنت الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة هذا المفهوم للتمكين الاقتصادي للنساء، بدءًا باتفاقية إزالة كل صور التمييز ضد النساء CEDAW في عام 1979(72)، واتفاقيات المساواة بين طرفي النوع الاجتماعي في إطار منظمة العمل الدولية (73). وتعهدت 189 دولة وقعت على إعلان مؤتمر الأمم المتحدة للنساء في بكين عام 1995 باتخاذ إجراءات ملموسة لزيادة مراكز النساء في الاقتصاد(74). وتم التأكيد على تلك الأهداف بعد مرور عشرين عامًا بالاتفاق على إزالة التفرقة الوظيفية(75). كما أدرجت الأمم المتحدة هدف تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء ضمن الأهداف الإنمائية الثمانية التي تم تحديدها في عام 2000 واتفقت دول العالم على تحقيقها ببلوغ عام 2015، والمعروفة بأهداف الألفية. وركزت تلك الأهداف بوجه خاص على إزالة التفاوت بين الجنسين في التعليم بمراحله كافة، وزيادة نصيب النساء من الأعمال مدفوعة الأجر في القطاع غير الزراعي (76).

وعلى صعيد الفكر الاقتصادي تؤكد أعمال أمارتيا سنالحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، على سبيل المثال، أهمية العمل في السوق بأجر كسبيل لتدعيم حرية النساء، فحرية المرأة في اتخاذ القرارات الخاصة بالإنجاب ورعاية الأطفال وتغيير تقسيم العمل المستند إلى النوع الاجتماعي، كل ذلك يرتبط بحرية العمل خارج المنزل مقابل أجر. فحصول النساء على دخل مستقل يؤدى إلى تحسين مكانتهن الاجتماعية في داخل الأسرة وفي المجتمع ككل(77). ويؤكد سنأن هناك فرقًا بين السياسات والإجراءات التي ترمي إلى تحسين رفاهية ومستوى جودة الحياة للنساء من خلال إزالة التمييز وتحقيق ظروف حياة أفضل، والسياسات الإجراءات التي تدعم شعور النساء بذواتهن وحقهن في المساواة Women’s Agency. ففي النوع الأول من السياسات تكون النساء في موقف المتلقي، أما النوع الثاني من السياسات فيجعل النساء طرفًا فاعلاً يسعى بنفسه إلى إنجاز التحولات الاجتماعية والسياسية التي تؤدى إلى تحسين حياة كل النساء والرجال.

أما على صعيد الفكر الماركسي التقليدي فيتم الربط تلقائيا بين عمل النساء في السوق بأجر وتعزيز مكانتهن الاجتماعية والسياسية، فتشير أعمال روزا لوكسمبورجعلى سبيل المثال إلى أن حصول النساء على المساواة السياسية يتعين أن يستند إلى أرضية اقتصادية صلبة تتمثل في عملهن بأجر. فالعمل بأجر والاتحادات العمالية والديمقراطية الاشتراكية قد أدت جميعها إلى الارتقاء بالمرأة العاملة(78).

والسؤال الآن هو هل يؤدي عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر، باعتباره عملا للسوق، إلى تعزيز مكانتهن داخل الأسرة وإحساسهن بذواتهن وحقوقهن، كما يفترض أن يكون عليه الحال بالنسبة للعاملات بأجر؟ وهل تختلف مكانة النساء العاملات في السوق لدى الأسرة بدون أجر، عن مكانة ربة المنزل التي لا تعمل للسوق؟

1 – مكانة النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر من حيث حرية اختيار مجال العمل:

تتمتع النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر كما سلفت الإشارة بدرجة أكبر من الاستقرار في عملهن بالمقارنة بالعاملات بأجر، ولكن السؤال هو إلى أي مدى تملك هؤلاء النساء حرية الاختيار بين الاستمرار في ذلك العمل أو البحث عن عمل بديل؟ وعلى الرغم من عدم وجود أسئلة في استمارة استقصاء البحث التتبعي لسوق العمل تتيح التعرف بشكل مباشر على تلك الجوانب ففي تصورنا أن ارتباط العمل بعلاقة الزواج أو بالأسرة يجعل مسألة حرية الاختيار أو القدرة على تغيير العمل مسألة صعبة. فالقضية هنا لا تتعلق فقط بحرية الاختيار ولكن أيضًا بمدى القدرة على تحمل عواقب ذلك الاختيار. وفي كل الأحوال فالمؤكد أن علاقة الزواج ورأى الأسرة قد مثل أحد الجوانب المهمة في تحول بعض النساء من العمل بأجر في المجال غير الرسمى إلى العمل لدى الأسرة بدون أجر، وخاصة في الريف (48.5% مقابل 25% في الحضر) كما أن رعاية الطفل قد مثلت ثاني أكبر سبب لترك العمل في المجال غير الرسمي بأجر والتحول إلى العمل لدى الأسرة بدون أجر(26.9% في الريف و 25% في الحضر). وفي تصورنا أنه بالإضافة إلى أثر علاقة الزواج ورأى الأسرة في حدوث هذا التحول فإنه يعكس أيضًا تدنى شروط العمل في الاقتصاد غير الرسمي سواء من حيث الحق في الحصول على إجازات الوضع مدفوعة الأجر أو مدة تلك الإجازات، أو مواعيد وعدد ساعات العمل.

جدول رقم (5)

أسباب عدم الاستمرار في العمل بأجر

من بين النساء العاملات حاليًا لدي الأسرة بدون أجر

%

أسباب ترك العمل بأجر

حضر

ريف

جملة

رفض الزواج أو الخطيب

25

26.9

26.7

رفض الأب

3.9

3.

رفض فرد آخر من أفراد الأسرة

7.7

6.7

لا توجد وظائف مناسبة

25

9.

6.7

لرعاية الأطفال

25

26.9

26.7

لا ترغب في العمل

11.5

10.0

الزواج

25

19.2

20.0

الإجمالي

100.0

100.0

100.0

مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل في مصر 2012

ويمكن القول أنه على الرغم أن عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر قد لا يتطابق مع مفهوم العمل القسري، فإنه وبكل تأكيد لا يعكس، في تصورنا، قدرًا كبيرًا من حرية الاختيار، سواء لعدم توافر البديل موضوعيًّا في ظل مستويات تعليم ومهارات هؤلاء النساء والتي قد تكون ناتجة أصلاً عن قرارات الأسرة ونظام القيم السائد، أو نظرًا للتكلفة المرتفعة التي قد يتحملنها في حالة الصدام مع الزوج أو الأسرة بسبب اختیار عمل بديل.

2 – مكانة النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر من حيث المشاركة في صنع القرار:

تشير المعلومات المستخرجة من البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل إلى أن مشاركة الزوجات العاملات لدى الأسرة بدون أجر في صنع القرارات في داخل الأسرة تختلف طبقًا لطبيعة القرار. فترتفع نسبة المشاركة في القرارات وثيقة الصلة بالعمل المنزلي، والقرارات المتعلقة بهؤلاء النساء شخصيًا، وتنخفض نسبة المشاركة في القرارات ذات الوزن الاقتصادي الكبير بالنسبة للأسرة والقرارات المتعلقة بمستقبل الأبناء. كما أنه بوجه عام ترتفع نسبة مشاركة الزوجات العاملات لدى الأسرة بدون أجر في صنع القرار في الحضر مقارنة بالريف.

أما من حيث الوضع المقارن للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر من حيث المشاركة في اتخاذ القرار، فيشير الجدول رقم (6) إلى أن هذه المشاركة بوجه عام أقل من مستوى مشاركة النساء العاملات بأجر، ويظهر ذلك بشكل أوضح وقطعي في الريف. ويمكن تفسير تلك النتيجة بما تشير إليه الأدبيات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للنساء من أن عمل النساء بأجر يدعم استقلالهن الاقتصاي ويزيد من فرص مشاركتهن في صنع القرار داخل الأسرة. كما يتفق ذلك مع ما توضحه نتائج المسح العالمي للقيم 2012 عن مصر والذى يوضح أن أكثر من 60% من المبحوثات يرين أن الحصول على وظيفة هو أفضل وسيلة كي تكون المرأة شخصًا مستقلاً (79).

أما عند المقارنة بالنساء غير العاملات فيشير الجدول إلى أن مشاركة النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في صنع القرار تكون أعلى من النساء بدون عمل للسوق في القرارات التي تتعلق بالمشاركة في تحمل مسئوليات رعاية الأبناء، والتعامل مع المحيط الخارجي، كما هو الحال في اصطحاب الطفل للطبيب أو الوحدة الصحية للعلاج، والتعامل مع المدرسين والمدرسة، وإرسال الطفل للمدرسة يوميًا وشراء طلبات واحتياجات للأولاد.

جدول رقم (6)

الموقف المقارن لمشاركة النساء في صنع القرار داخل الأسرة

(نسبة اللائي يتخذن القرار وحدهن أو مع الزوج %)

الموضوع

حضر

ريف

جملة

شراء حاجة كبيرة في البيت

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

36.8

73.7

58.2

43.6

48.6

44.5

42.5

60.1

50.0

شراء الطلبات اليومية

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

83.0

83.6

75.2

69.5

81.9

63.6

71.4

82.7

68.3

زيارة أهلها/ أصحابها أو أقاربها

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

73.6

78.7

75.2

60.8

70.8

64.4

62.5

74.5

68.8

أكل كل يوم

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل سوق

92.4

83.6

84.9

71.6

84.7

73.2

74.6

84.2

78.0

الذهاب للطبيب/ الوحدة الصحية للعلاج

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

84.9

82.0

79.7

67.9

79.2

69.4

70.3

80.5

73.5

شراء ملابس لنفسها

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

88.7

85.2

82.2

70.4

76.4

62.7

73.0

80.5

76.6

أخذ الطفل للطبيب/ الوحدة الصحية للعلاج

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

77.3

72.1

68.6

62.0

68.1

60.2

64.2

69.9

63.6

التعامل مع المدرسين والمدرسة

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

45.3

42.6

28.8

24.9

40.3

22.1

27.8

41.4

24.8

إرسال الطفل للمدرسة يوميًا

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

43.4

41.0

30.7

29.9

38.9

25.3

32.6

39.9

27.5

شراء طلبات واحتياجات للأولاد

  • عمل لدى الأسرة بدون أجر

  • عمل في المجال غير الرسمي بأجر

  • بدون عمل للسوق

71.7

73.8

59.7

57.3

66.7

51.6

59.4

69.9

54.8

مستخرج بمعرفة الباحثة من البيانات الخام للمسح التتبعي لسوق العمل في مصر 2012

إلا أن الظاهرة الجديرة بالاهتمام هي أن مكانة النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر تأتي في مرتبة أدنى النساء اللائي لا يعملن للسوق فيما يتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرارات ذات الوزن الاقتصادي الكبير بالنسبة للأسرة مثل قرار شراء حاجة كبيرة للبيت، وأيضًا في القرارات المتعلقة بهن شخصيًا مثل شراء ملابس لنفسها أو زيارة أهلها وأصدقائها، أو الذهاب للطبيب للعلاج. وتعزز نتائج المسح السكاني والصحي 2014 الظاهرة نفسها حيث تشير إلى انخفاض نسبة مشاركة النساء العاملات بدون أجر نقدى في صنع القرار مقارنة بكل من العاملات بأجر نقدي أو بالنساء بلا عمل(80)

3 – الموقف المقارن للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر من حيث حرية التنقل:

تعد حرية التنقل أحد المعايير المهمة لتمكين النساء، جنبًا إلى جنب مع معيار مشاركتهن في صنع القرار في داخل الأسرة وفي المحيط العام سواء على صعيد العمل أو الحياة السياسية. ومن المؤكد على الصعيد الاقتصادي أن القيود التي قد يفرضها المجتمع والتقاليد على حرية النساء في التنقل تحد بذاتها من فرصهن في التعليم والعمل والتدريب والترقي، بما لذلك من أثر على إجمالي مساهمتهن في النشاط الاقتصادي من جهة، وما يتمتعن به من مكانة في المجتمع من ناحية أخرى.

وتشير المعلومات المستخرجة من البيانات الخام للمسح التتبعى لسوق العمل إلى أنه عند مقارنة درجة حرية التنقل التي تحظى بها الزوجات، سواء لممارسة مسئوليات رعاية الأسرة والأبناء (الذهاب إلى السوق، اصطحاب الطفل للطبيب أو الوحدة الصحية للعلاج) أو الوفاء باحتياجاتهن الشخصية (الذهاب إلى العيادة أو الوحدة الصحية للعلاج، زيارة الأقارب والأصدقاء والجيران) نجد أن الزوجات العاملات لدى الأسرة بدون أجر لديهن حرية في التنقل أكبر من النساء اللاتي لا يعملن للسوق على الإطلاق، وخاصة في الريف. ولكن لا تزال هذه الحرية في التنقل أقل من الزوجات العاملات بأجر في المجال غير الرسمي.

وإذا كانت القيود على حرية النساء في التنقل تحد من فرص مشاركتهن في العمل للسوق بأجر، فإنها تحد أيضًا من فرص حصولهن على الرعاية الصحية اللازمة لهن، ويظهر أثر ذلك على النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر بدرجة أكبر من النساء العاملات بأجر. وهذا هو ما توضحه نتائج المسح السكاني والصحى 2014، حيث تشير تلك النتائج إلى أن نسبة النساء اللاتي ذكرن وجود مشاكل كبيرة في الحصول على الخدمات الصحية كانت دائما أعلى فيما بين النساء اللائي لا يعملن بعائد نقدى مقارنة بالنساء اللائي يعملن بعائد نقدي، وأن هذه الظاهرة تنطبق سواء تعلق الأمر بأسباب تخص القيود على حرية التنقل (أخذ الإذن للذهاب للعلاج، المسافة للوحدة الصحية، لابد من وسيلة مواصلات، لا تريد الذهاب بمفردها) أو تعلق الأمر بتردي الخدمات العامة (عدم وجود مقدم خدمة، عدم وجود أدوية) أو بعدم وجود دخل نقدي (أخذ نقود للعلاج) أو بالعادات والتقاليد (عدم وجود مقدمة خدمة سيدة)(81).

4- اتجاهات النساء نحو التعرض للعنف الجسدي:

تشير العديد من الأدبيات إلى أن عمل النساء للسوق يدعم إحساسهن بذاتهن وبحقهن في المساواة. وعلى الرغم من ندرة المسوح الرسمية التي تركز على هذا الجانب، فربما يساعد على كشف بعض العناصر المتعلقة بهذا الموضوع، المعلومات المتوافرة في المسح السكاني الصحي 2014 عن اتجاهات النساء نحو التعرض للعنف الجسدي، ومدى الاختلاف بين النساء العاملات للسوق بأجر أو بدون أجر وبين النساء اللاتي لا يعملن في السوق.

جدول رقم(7)

نسبة السيدات اللاتي سبق لهن الزواج

ووافقن على أن الزوج له مبرر لضرب أو عقاب زوجته لأسباب محددة

%

البيان

أحرقت الطعام

جادلته

خرجت بدون إذنه

أهملت الأطفال

رفضت ممارسة الجنس معه

الموافقة على الضرب لسبب واحد على الأقل

لا تعمل

7.1

13.4

29.8

25.3

20.5

37.0

تعمل بعائد نقدي

4.4

6.6

15.1

14.7

13.2

24.1

تعمل بعائد غير نقدي

20.8

30.3

45.4

43.0

39.4

62.3

وزارة الصحة والسكان، المسح السكاني الصحي 2014، مايو 2015، ص 223

فتشير بيانات المسح السكاني والصحي 2014 إلى أنه على الرغم من وجود تقبل عام لدى النساء اللائي سبق لهن الزواج لمسألة ضرب الزوجة فإن درجة ذلك التقبل تنخفض لدى النساء اللائي يعملن للسوق بأجر نقدي (24.1% من المبحوثات) مقارنة بالنساء اللائي لا يعملن (39%). ولكن الأمر المثير للاهتمام حقا هو أن أعلى نسبة لتقبل مبدأ ضرب الزوجة (62.3%) تأتى من جانب النساء العاملات بدون أجر نقدي، وذلك على النحو الموضح في الجدول رقم (7). كما تشير بيانات نفس المسح إلى أن نسبة طلب المساعدة أو على الأقل إخبار شخص ما عند التعرض للعنف الجسدي تنخفض لدى النساء اللائي لا يعملن بأجر نقدي عنها لدى العاملات بأجر نقدى(82).

يمثل العمل لدى الأسرة بدون أجر الشكل الرئيسي لعمل النساء في الاقتصاد غير الرسمي في مصر، ويتركز في الأقاليم وخاصة في صعيد مصر، كما أنه يتركز على مستوى الأقاليم في الريف مقابل الحضر، ولا سيما في ريف الوجه القبلي. ويعكس هذا النمط للتركز الجغرافي للظاهرة في جزء منه السياسات الاقتصادية المتبعة والتي تؤدي إلى تركيز الاستثمارات، وبالتالى فرص العمل، في العاصمة والمدن الكبرى وما حولها، كما يعكس القيود الاجتماعية المفروضة على حركة النساء في ظل نظام القيم السائد خاصة الافتقار لشبكة الطرق ووسائل الانتقال الآمنة التي يمكن استخدامها في حال توافر وظائف بأجر في المجال الرسمى تتطلب الانتقال لمسافات طويلة نسبيا، فضلا عن أثر هذه العوامل جميعها في افتقار هؤلاء النساء للمؤهلات اللازمة لفرص عمل أفضل. وتتلخص الصورة العامة أو السمات الغالبة للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في المجال غير الرسمي على النحو التالي: نساء متزوجات، شابات وفي أواسط العمر، يغلب عليهن الأمية، ويحمل بعضهن مؤهلات متوسطة أو تحت المتوسط، وينتمين لشريحة الفقراء والشريحة الدنيا للطبقة المتوسطة في كل من الريف الحضر.

وعلى الرغم من أن النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر في الاقتصاد غير الرسمى يعملن للسوق لكن هذا لم يؤد إلى تعزيز حريتهن في الاختيار أو شعورهن بذواتهن وحقوقهن ولا مكانتهن في داخل الأسرة. ومع التسليم بأن تلك النتائج تتفق إلى حد كبير مع الأدبيات الاقتصادية التي تربط بين العمل بأجر نقدي دائم ومستقر وبين إحساس النساء بذواتهن ومصالحهن إلا أن الظاهرة الجديرة بالاهتمام هي أنه باستثناء حرية التنقل فإن وضع العاملات لدى الأسرة بدون أجر في كل تلك الجوانب يأتي في مرتبة أدنى ليس فقط من النساء العاملات بأجر ولكن أيضًا أدنى من النساء اللائي لا يعملن للسوق أصلاً.

وفي تصورنا أن هذه الظاهرة يمكن أن تجد تفسيرها في أن الأثر النهائي لعمل النساء في السوق على إحساسهن بذواتهن وحقهن في المساواة يتوقف إلى حد كبير على النظرة الاجتماعية لذلك العمل، فإذا كانت نظرة المجتمع إلى نوع معين من العمل نظرة دونية فإن قيام النساء بهذا النوع من العمل لن يؤدى إلى تعزيز مكانتهن. وهكذا فإن تدنى شروط ونوعية عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر ينعكس على تدني نظرة المجتمع إلى هذا العمل ونظرتهن إلى أنفسهن، كما ينعكس على نظرة الزوج إلى الزوجة التي تعمل لديهبدون أجر بحيث تصبح فيما يبدو في مرتبة أدنى وأقل جدارة بالاحترام من الحرم المصونالتي لا تعمل.

أهم التوصيات:

أولاًتطوير مسوح سوق العمل لإلقاء الضوء على الجوانب التفصيلية للعمل غير الرسمي، بما يمكن من الدراسة المتعمقة لحجم وطبيعة والآثار الاقتصادية والاجتماعية للعمالة غير الرسمية.

ثانيًا – قيام الحركة النسوية في إطار منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والبرلمان بما يلي:

(1) رفع مستوى وعى النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر بأنهن طرف في علاقة عمل حقيقية للسوق، وليست امتدادًا لواجباتهن الأسرية.

(2) العمل على إيجاد آلية لمد مظلة التأمينات الاجتماعية للعاملات لدى الأسرة بدون أجر، مع الاسترشاد بتجارب الدول الأخرى في توفير الحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع غير الرسمي.

(3) العمل على إيجاد آليات مبتكرة لتنظيم العاملات لدى الأسرة بدون أجر في كل مجال من مجالات النشاط، وإقامة العلاقة بينها وبين التنظيمات النقابية ذات الصلة.

(4) الضغط لمد مظلة التأمين الصحي الشامل لتغطى المواطنين كافة.

(5) الضغط لحفز الدولة على التوسع في شق الطرق وشبكة النقل العام الأمن والآدمي، ودور حضانة الأطفال منخفضة التكلفة، وخاصة في الأقاليم.

(6) الضغط لإعداد وتفعيل الموازنات المستجيبة الاجتماعي فيما يتعلق بمنظومة التعليم والصحة والمرافق العامة وخاصة في الأقاليم.

(7) الضغط لاستصدار التعديلات التشريعية اللازمة في قانون العمل، بما يضمن بيئة عمل صديقة للأسرةفيها يتعلق بإجازات الوضع ورعاية الطفل، والعمل نصف الوقت.

(8) تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بإنشاء دور الحضانة في المنشآت التي يعمل بها حد أدنى محدد من النساء.

(9) العمل على مواجهة الموروث الثقافي الذي يمارس أثرًا سلبيًا على حق النساء في العمل والحركة من خلال نظام التعليم وأجهزة الإعلام والمؤسسات الدينية، وخاصة في القرى والأقاليم، وبوجه خاص في الصعيد.

  1. أعد هذا المسح بمعرفة كل من منتدى البحوث الإقتصادية ERF والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وبرعاية منظمة العمل الد,لية . ويغطى هذا المسح أكثر من 12 الف أسرة تتضمن 49.186 ألف شخص ، ويغطى جميع المحافظات المصرية (باستثناء المحافظات الحدودية الخمس الممثلة في مطروح والوادي الجديد والبحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء) ويمثل فيها كل من الريف والحضر ، كما يوفر المسح بيانات المبحوثين طبقاً للنوع ، والمستوى التعليمي والسن والحالة الأجتماعية وموقف التوظيف / البطالة ، ونوع العمل ، والدخل ، ومؤشرات المستوى الاقتصادي وقد استخرجنا من بيانات المسح عينه تمثل الشريحة العمرية التي تقع في تعريف قوة العمل (15- أقل من 65) وبلغ عدد مفردات هذه العينة 30065 شخصا. وقد بلغ عدد النساء في هذه العينة 15217 مفردة ، بلغ عدد المشتغلات منهن 2678 مفردة توزعت بين 1530 في العمل الرسمي و 1148 في العمل غير الرسمي.
  2. ILO, Resolution Concerning Statistics of Employment in the Informal Sector, 1993.
  3. ILO, Statistics Update on Employment in the Informal Economy, Genève, ILO Department of Statistics, 201, p.12
  4. Schneider, Friedrich, Andreas Buchan and Claudio Montenegro, Shadow Economics All over the World: New Estimates for 162 Countries from 1999 to 2007, Human Development Economics Unit, the World Bank, 2010.

– Omar E Garci-Bolivar, Informal Economy: Is It a Problem, a Solution or Both, the Perspective of the Informal Business, Northern University School of , Law and Economics Papers, 2006/1

  1. Ahmed Galal The Economics of Formalization: Potential Winners and Losers from Formalization in Egypt, ECES Working Paper 95, 2004.

وتجدر الإشارة إلى أنه عندما تولى الدكتور أحمد جلال منصب وزير الإقتصاد في عام 2013 أنشاء في الوزارة وحدة العدالة الإقتصادية التي تمثلت مهمتها الأساسية في دراسة وتحديد آليات إدماج المشروعات غير الرسمية في الأقتصاد الرسمي وما زالت الوحدة قائمة حتى الأن تمارس عملها لتحقيق هذا الهدف.

  1. ماجدة قنديل ، نحو زيادة الإيرادات العامة وتعزيز النشاط الإقتصادي في مصر ، المركز المصري للدراسات الإقتصادية سلسلة آراء في السياسة الاقتصادية العدد 31 يوليو 2012.
  2. أنظز/ي :

– Hernando Do Soto, The Mystery of Capital: Why Capitalism Triumphs in the West and Fails Everywhere Else, New York Basic Books , 2002.

– Hernando Do Soto, The Other OathL The Invisible Revolution in The Third World m New York Haper Collins, 1989.

  1. Ahmed Gala, The Economics of Formalization, OP. Cit.
  2. JaclineWahbaand RaguiAssaad, Flexible Labor Regulations and Informality in Egypt, ERF Working Paper915, May 2015.

ماجدة قنديل ، توفير فرص العمل في مصر: الآفاق قصيرة ومتوسطة الأجل ، المركز المصري للدراسات الإقتصادية سلسلة أراء السياسة الإقتصادية العدد 29 ابريل 2012.

  1. James Gwarney, Robert Lawson, Herbert Grubel, Jakob de Haan, Jan-Egbert and EelcoZandberg, World Economic Freedom Report 2009, Economic Geedom Network, Canada.

-Salem Ben Nasser al Ismaily, Asan Al-Busaidi, Miguel Cervantes & Fred McMahon, Economic Freedom of the Arab World 2015 Annual Report, Fraser Institute, Canad.

  1. Marilyn Carr & Martha Alter Chen, Globalization and the Informal Economy: How Global Trade and Investment on the Working Poor, InternaionalLabour Organization, Geneva, 2002.

-Martha Alter Chen, The Informal Economy: Definitions, Theeories and Policies, Weigo Working Paper No.1 August 2012, p. 13.

  1. HenrikHuitfeldt, Sida and Johannes Jutting, Informality and Informal Employment, OECD Development Centre, 2009,100.
  2. Sylvia Chant and Carolyn Pedwell, Women, Gender and the Informal Economy: An Assessment of ILO research and Suggested Ways Forward, ILO, 2008, p.12
  3. Juan Pablo Perez Sainz, Labor Exclusion in Latin America: Old and New Tendencies Rethinking Informalization: PovrtyPrecarous Jobs and Social Protection, Cornell University Open Access Repository, May 2005, p.68-69.
  4. James Heintz&RoberPollin, Informalization, Economic Groth and The Challenge of Creating Viable Labor Standards in Developing Countries Rethinking In formalization: Poverty, Precarous Jobs and Social Protection, Cornell University Open Access Repository, May 2005, p. 51
  5. Alejandro Portes and Josef Borocz, The Informal Sector Undere Capitalism and State Socialism: a Preliminary Comparison, Social Justice, Vol.15, Nos.3-4,

– Alia EL-Mahdy, Towards Decent Work in the Informal Sector : the Case of Egypt, ILO, Genevam Employment Paper 2002\5

(17) ILO. Decent Work and the Informal Economy, ILO Conference, 90th Session, Report VI, 2002, P.38

-Kate Meagher, Unlocking the Informal Economy; A Literature Review on Linkages Between Formal and Informal Economies in Developing Countries, Wiego Working Paper No. 27, April 2013.

(18) Sylivia Chant and Carolyn Pedwell, Women, Gender and the Informal Economy, OP. Cit., ILO, 2008.

-LourdsBeneriam Changing Employment Patterns and the Informalization of Jobs: Gender Trends and Gender Dimensions, ILO, Geneva, 2001.

-Marilyn Carr & Martha Alter Chen, Globalization and the Informal Economy, OP. Cit., ILO, Geneva, 2002.

-ILO. Decent Work and the Informal Economy, OP. Cit., 2002.

(19)Ingeborg Wick, Women Working in the Shadows: The Informal Economy and Export Processing Zone, Sudwind Institute furOkonomie and Okumene, Siegburg\ Munich, 2010.

(20) ShymaaV .Ramania, Ajay Thutupalli, tamasMedovarszki, stupaChattopadhyay and Vena Ravichandran, Women in the Informal economy: Experiments in Governance from Emerging Countries, United Nations University, Policy Brief No. 5, 2013, p. l.

(21) Martha Chan, Women and Informality: a Global Picture, The Global Movement, SAIS Review, 21 (1), 2001, P.7.

(22) shymaa V. Ramani, Ajay Thutupalli, TamasMedovarszki, StupaChattopadhyay and VeenaRavichandran, Women in the Informal Economy, OP. cit., p.2.

(23) JacklineWahba, Informality in Egypt : a Stepping Stone or a Dead End? ERF Working Paper 456, January 2009.

(24) NaliaKabeer, Gender, Labour Markets and Poverty: An Overview, International Poverty in Focus No. 13, January 2008, P. 3.

( 25) Sylvia Chant and Carolyn Pedwell, ILO, 2008, OP. cit., P. 4.

(26) Fatma El-Hamidi, Trade Libralization, Gender Segmentation, and wage Discrimination: Evidence from Egypt, ERF Working Paper 414, June 2008.

(27) الامم المتحده اناند جروفر, تقرير المقرر الخاص المعني بحق كل انسان في التمتع بأعلي مستوي ممكن من الصحه البدنيه والعقليه, ابريل 2012 , ص 20-21 ز

(28) Christine Bonner and Dave Spooner, Organizing in the Informal Economy: A Challenge for Trade Unions, IPG 2\2011.

-ILO.Decent Work and the Informal Economy, OP. Cit.

(29) ShymaaV.Ramani et al., Women in the Informal Economy , OP . cit.

(30) Donna L. Doane,Living in the Backgraound: Home-based Women Workers and Poverty Pirsitence, Chronic Poverty Research Centre, Working Paber97, November 2007.

(31) Francie Lund and Anna Marriott, Occupational Health and Sefety and the Poorest, Wiego Working Paper (social Protection) No. 20, April 2011, P.8

(32) NaliaKabeer, Women’s Economic Empowerment and Inclusive Growth: Labour Markets and Enterprise Development, SIG Working Paper 2012\1, Canada, P.52.

(33) NaliaKabeer, Gender, Labour Markets and Poverty: An Overview, OP.Cit, B. 3.
(34) NaliaKabeer, Resources, Agencym Achievements: Reflactions on the Measuremet of Women’s Empowerment ,Institue of Social studies, Development and Change, Vol. 30, 1999, P.437-438.

(35) NaliaKabeer et al., Paid Work, Women’s Empowerment and Inclusive Growth: Transforming the Structurres of Constraint, UN Women , January 2013

(36) NaliaKabeer, women’s EconomicEmprowerment and Inclusive Growth, SIG Working Paper 2012\l, P.50.

(37)BinaAgrawal, Coperative Conflicts, false Perceptions and Relative Capabilities, Arguments for a Better World , Essays in Honor of AmartyaSen, volum II: Society, Institutions and Development, Oxford press, 2008, P. 169-171.

(38) AmartyaSen, Gender and Cooperative Conflicts, in I. Tinker (ed.). Persistent Inequalities, Women and World Development, New York, Oxford University Press, 1990, P. 123-149.

(39) Cecile Jackson, Cooperative Conflicts and Gender Relation: Experimental Evidence from Southeast Ugand, International Association for Feminist Economics, Feminsit Economics Research Notesm Volume 19, Issue 4, 2013.

(40) BinaAgrawal, Cooperative Conflicts, False Perceptions and Relative Capabilities, False Perceptions and Relative Capabilities, Arguments for a Better World, Essays in Honor of AmartyaSen, Volume II: Society, Institutions and Development, Oxford Press, 2008, p.165-166

(41) Naila Kabeer, Resources, Agency, Achievemens: Reflections on the Measurement of Women’s Empowerment, OP.CIT, p.438.

(42) World Bank Group, More Jobs, Better Jobs: A Priority for Egypt, June 2014.

(43) World Bank Group, IBID, p. 104, 127.

(44) انظر/ي على سبيل المثال:

– أنان جروفر ، الأمم المتحدة ، الجمعية العامة ، مجلس حقوق الإنسان ، تقرير المقرر الخاص المعنى بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى مكن من الصحة البدنية والعقلية ، إبريل 2012 ، النسخة العربية ، ص 7.

– Zoe, ElenamHorn, No Cusion to Fall Back on, The Global Economic crisis and Informal Workers, Synthesis Report – Inclusive cities (Weigo, 200).

– Sylvia Chant and Carolyn Pedwell, Women, Gender and the Informal Economy: An Assessment of ILO Research and Suggested Ways Forward, London School of Economics, 2008, p.12

(45) انظر/ي على سبيل المثال فيما يتعلق يأثر الأزمة المالية العالمية على كل من النساء والرجال في مصر الدراسة الميدانية :

– Rania Roushdy and May Gadallah, Labor Market Adjustment During The World Financial Crisis: Evidence from Egypt ERF, Working Paper 643, October 2011.

(46) انظر/ي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نتائج بحث القوى العاملة عن الفترة يناير – مارس 2015.

(47) انظر/ي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المرأة والرجل في مصر 2011، ص 154.

(48) انظر/ي :

– Fatma El Hamidi & Mons Said, Have Economic Reform Paid Off? Gender Occupational Inequality in The New Millennium in Egypt”. A study presented at the annual ECED Conference in June 2007.

– Fatma El Hamidi Trade Liberaliation Gender Segmentaition and Wagw Discrimination : evidence from Egypt ERF Working Paper 414, June 2008.

– Amirah El Haddad, Female Wages in the Egyptian Textiles and /clothing industry: Low Pay or discrimination ? ERF, Working paper 638 September 2011.

– Mona Said, Wages and Inequality in the Egyptian Labor Market in an Era of Financial Crisis and Revolution, ERF, Working Paper 912, May, 2015.

(49) A Priority for Egypt, June 2014, p. 85 The World Bank, More jobs, Better jobs:

(50) انظر/ي :

– سلوى العنتري تقدير قيمة العمل المنزلي غير المدفوع للنساء في مصر ، مؤسسة المرأة الجديدة ، ديسمبر 2014 ، ص 96-97.

– Hania Sholkamy, How Private Lives Determine Work Options: Reflections on Poor Women’s Employment in Egypt, Trajectories of Female employment in the Mediterrancan, Palgrave Macmilan, London, 2012, p.124.

(51) منى عزت ، أستغلال أجساد النساء بين الهيمنة الذكورية وسلطة العمل ، مؤسسة المرأة الجديدة ، 2009.

– طريف شوقى محمد فرج وعادل محمد هريدي ، التحرش الجنسي بالمرأة العاملة ، دراسة نفسية استكشافية على عينة من العاملات المصريات ، مجلة كلية الأدراب جامعة بني سويف ، العدد السابق اكتوبر 2004،

(52) Ghada Barsoum et al, At Work When There in no Respect: Quality Issues For Young Women in Egypt, Mena Gender and Work, Working Paper 2 , Population Council, Cairo, 2009.

(53) Rana Hindi, Women’s Participation in the Egyptian Labor Market : 1998-2012, ERF Working Paper 707, May 2015.

(54) Jackline Wahba, Informality in Egypt: a Stepping Stone or AA Dead end? ERF, Working Paper 465, January 2000.

(55) The World Bank, Op. Cit., p.89.

(56) وفقاً للاستقصاء العالمي للقيم الذي تجرية مؤسسة World Values Survey Association أوضحت إجابة المبحوثين في مصر في عام 2012 أن 59% من النساء ة 56% من الرجال يرون أن كبار السن يحظون بالأحترام ، وكانت أعلى نسبة تؤمن بذلك هي فئة المبحوثين في الشريحة العمرية خمسين عاماً فما فوق (61%) . أنظر/ي إجابة السؤال 1523 في :

World Values Survey 2012-2014, Egypt 2012 WV6, Results.

(57) انظر/ي الجزء المتعلق بالفكر الاقتصادي وعمالة النساء في الاقتصاد غير الرسمي في موضع سابق من هذه الدراسة.

(58) Heba Nassar, Growth, Employment Policies and Economic Linkages in Egypt, ILO. Employment Sector, Working Paper 85, 2011.

(59) Hanan Nazier and Raha Ramadan, Informality and Poverty: a Causality Dilemma with Application of Egypt, ERF Working Paper 895, December 2014.

(60) ILO, General Report, Seventh Conference of Labour Statistics, Geneva, 24 November -3 December 2003, p.51.

(61) السوق رقم 5105 ، استمارة الاستقصاء الفردي ، القسم 5.1

(62) Sylvia Chant and Carolyn Pedwell, Women, Gender and The Informal Economy: An Assessment of ILO Research and Suggested Ways Forward, London School of Economics, 2008.

(63) قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ، مادة (4)

(64) انظر/ي سلوى العنتر ، تقدير قيم العمل المنزل غير المدفوع للنساء في مصر، مؤسسة المرأة الجديدة ، ديسمبر 2014، ص 54-55.

(65) أقر القائمون بتنظيم المسح بإمكانية حدوث هذا اللبس وحاولوا تنبيه القائمين على إجراء المقابلات إلى الأخطاء التي يمكن أن ترد في هذا المجال ” يحتمل نقص شمول الحصر لعمالة المرأة التي تعمل لحسابها خاصة في الأنشطة التي تزاول داخل المنزل مثل ، تجارة الخضروات ، الفاكهة ، الحلوى ، منتجات الألبان ، البيض … ألخ حياكة الملابس ، التطريز ، شغل التريكو والإبرة للغير … إلخ ، الصناعات اليدوية مثل صناعة الأقفاص ، السجاد ، غزل الصوف أو القطن … الخ.

كما أقر القائمون بالمسح بأنه يجب التحقق مما إذا كان الطالب / الطالبة أو الأنثى المتفرغة لأعمال المنزل زاولت أياً من الأعمال خلال أسبوع البحث لعبض الوقت لحساب الأسرة أو لمساعدة أحد أفرادها في إنتاج سلعة أو خدمة بغرض البيع أو المقايضة بدون أجر سواء داخل المنشأة أو خارج المنشآت (داخل المنزل أو خارجة) فإذا كانت الإجابة بنعم فيكون الفرد مشتغلاً وتصحح الإجابات على ضوء ذلك .

انظر/ي : الجهاز المركزي للتعبة العامة والإحصاء ، ومنتدى البحوث الإقتصادية ، البحث التتبعي لخصائص سوق العمل في مصر ، كتيب تعليمات الباحثين ، فبراير 2012 ص 8.

(66) انظر/ي على سبيل المثال : بشير صقر ، الفلاح المصري لا يلدغ من جحر مرتين – عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحي في مصر ، مركز أبحاث ودراسات الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي ، مايو 2010.

www.ahewar. Org/debat/s.asp?aid=261701&=3

(67) حددت استمارة الاستقصاء 17 مجالا للعمل ليس من بينها مساعدة الغير في الأنشطة الزراعية استمارة الاستقصاء الفردي الفصل 4 القسم 2ر4 . المسح التتبعي لسوق العمل في مصر 2012

(68) تشير المادة 76 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمينات الاجتماعية إلى أن شرط الانتفاع بمزايا نظام التأمين الصحي تقتصر على مجرد أن يكون المريض قد اشترك فيه لمدة ثلاثة أشهر متصلة أو ستة أشهر متقطعة ، وأن هذا الشرط لا يسري على العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة ووحداتت القطاع العام كما لا يسري على أصحاب المعاشات كما تشير المادة 74 إلى أن أحكام العلاج والرعاية الطبية المنصوص عليها في القانون تسري على أصحاب المعاشات ما لم يطلبو عدم الانتفاع بها.

(69) تشير المادة 75 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمينات الاجتماعية إلى أنه يجوز لرئيس الوزراء أن يصدر قرارا بسريان أحكام التأمين الصحي على زوج المؤمن عليه أو صاحب المعاش ومن يعولهم من أولاد.

(70) سؤال رقم 5136 ، استمارة الاستقصاء الفردي ، القسم 5.1

(71) www.ohchr.org/en/professionalIntersest/pages/CEDAW.aspx

(72) www.ilo.org/gender/Aboutus/ILOandGenderEquality/lang–en/index

(73) United Nations, Report of the Fourth World Conference on Women, Beijing, 4-15 September 1995, p.2-5.

(74) The Beijing Platform for Action turns 20, www.unwomen.Org/en

(75) www.un.org/ar/millenniumgoals

(76) Amartya Sen, Development as Freedom, New York, Anchor Books, 1999, p.194

(77) Rosa Luxemburg, Women’s Sufferage and Class Struggle in Dick Howard, Selected Political Writings of Rosa Luxemburg, 1912, New York, Monthly Review Press, 1971. P.2016-221

(78) المسح العالمي للقيم ، مصدر سبق ذكره ، إجابة السؤال رقم 48

(79) وزارة الصحة والسكان المسح السكاني الصحي 2014 نلية 2015 ، ص 222

(80) المصدر السابق ص 130

(81) وزارة الصحة والسكان المسح السكاني الصحي 2014 مايو 2015، ص 244

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي