قدرة النساء على الوصول للرعاية الطبية

اعداد بواسطة:

بحث يكشف الحقيقة في:

قدرة النساء على الوصول للرعاية الطبية

بعد المستشفيات العامة عن أماكن السكن يضطرهن للجوء لوسائل بديلة للعلاج

لم يكن مجرد سؤال بحثت له عن إجابة.. بل هو واقع رصدته من خلال عملي كطبيبة لأمراض النساء والتوليد, وجاء البحث الميداني ليجيب عن قدرة النساء على الوصول للرعاية الطبية“.

استهدف هذا البحث التعرف علي الخدمات الطبية التي تقدم إلي النساء في مصر، وقدرة النساء علي الاستفادة من هذه الخدمات وإمكانية الوصول إليها، وما هي المعيقات التي تقابلهن عند التعامل مع الخدمات الصحية.

وإذا كانت الرعاية الصحية المقدمة إلي الفئات الفقيرة في مصر تستند بشكل أساسي علي المستشفيات العامة، فإن نسبة ٥,٢٥% من المبحوثات أكدن أن الوصول للمستشفي العام بات صعبًا، كما قررت نسبة ٨,٧١% منهن أنها تضطر لاستخدام أكثر من مواصلة حتي تتمكن من الوصول إلى أقرب مستشفي عام، وقد يكون هذا البعد للمستشفيات العامة عن تجمعات سكن الفقراء أحد أهم أسباب اضطرار الفقيرات من النساء للاستعانة ببدائل عن الخدمة الصحية التي تقدمها الحكومة في المستشفيات العامة، مثل اللجوء للدايات أو إلي المستوصفات القريبة منهن.

ويتضح ذلك من تقرير نسبة ٦٩% من النساء المبحوثات أنهن في حالة المرض بمرض نسائي لا تذهب إلي مستشفي عام إلا عند الضرورة مثل إجراء عمليات، حيث لا يمكن في هذه الحالة غير اللجوء إلي المستشفيات العامة.

ولا تزال نسبة وفيات النساء في مصر نتيجة الحمل والولادة تبلغ ٨٤ سيدة لكل ١٠٠٠٠٠ حالة ولادة، بينما لا تزيد هذه النسبة على ٢٣ لكل ١٠٠٠٠٠بالسعودية, وعن ٤١ لكل ۱۰۰۰۰۰ في الأردن،حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام ٢٠٠٦“. كما أنها لا تزيد علي ٥ لكل ۱۰۰۰۰۰ في كندا للعام نفسه وإذا بحثنا عن أسباب ارتفاع هذه النسبة في مصر، فسوف نجد أن من أهم الدلائل لذلك أن نسبة ٥.٤٢% من النساء محل البحث أتمت الولادة ولو لمرة واحدة عند الداية أي بغير أي ضمانات صحية تستند إلي التقدم العلمي في مجال الصحة الإنجابية.

ويجب الأخذ في الاعتبار أن البحث قد أجري علي مجموعة من النساء في الأحياء الشعبية، مثل: الدرب الأحمر والعباسية وإمبابة وقرية نكله بمحافظة الجيزة، وأن نسبة التعليم الجامعي بين المبحوثات بلغت 20% بينما بلغت نسبة الأميات ٢٤% والباقيات ما بين معرفة القراءة والكتابة والتعليم المتوسط.

إن الولادة في المنزل وما تحمله من مخاطر على حياة الأم والمولود, تكون الخيار الوحيد أمام السيدات إذا ما كانت المستشفيات الحكومية بعيدة عن أماكن إقامتهن وتحتاج لأكثر من مواصلة للوصول إليها. ويدفع النساء إلى اختيار الولادة بالمنزل انخفاض تكلفتها وإحساسهن بالأمان والاهتمام منالدايةالتي تظل مرافقة لها طوال فترة الولادة في المنزل وبين الأهل. كما أننا رصدنا من خلال البحث أنالدايةهي الوحيدة التي مازالت تحرص علي تقديم الرعاية البسيطة للنساء بعد الولادة، حيث تقوم بزيارة الوالدة في اليوم التالي للولادة وبعد أسبوع منها للاطمئنان عليها وعلي وليدها.

أما المستشفيات العامة فتخرج النساء منها بعد الولادة بساعات قليلة ولا تطلب منهن العودة للمتابعة سواء للوالدة أو للمولود.

كما تلاحظ أنه كلما حصلت المرأة علي قدر أكبر من التعليم رفضت العلاج بالمستشفيات الحكومية, بسبب عدم السماح لها باختيار الطبيب المعالج وبسبب الخوف من سوء معاملة الجهاز الطبي كله في المستشفيات الحكومية وتفضل السيدات الرعاية الصحية الخاصة مدفوعة الأجر.

وإن كانت السيدات تفضل الذهاب للولادة بالمستشفيات العامة وذلك لتوفير الأجهزة المتقدمة، والإمكانات الطبية العالية بالإضافة إلى رخص الأسعار، وأخيرًا الثقة في الأطباء الذين يعملون في المستشفيات العامة.

كما اتضح أن من النقاط المهمة والمؤثرة علي قدرة النساء في الحصول علي الرعاية الصحية أن خروج المرأة حتي لطلب الرعاية الطبية يحتاج إلى استئذان أحد أفراد العائلة، ويبدو إن ذهاب المرأة للطبيب مباشرة بغير استئذان أمر غير عادي ومناف للعادات والتقاليد الشعبية، حيث تبين أن نسبة٣,٨٣% من النساء محل البحث تستأذن قبل إن تذهب إلى استشارة طبيب للعلاج في حالة المرض وبنسبة ٥.٧٣% منهن تستأذن الزوج، وبنسبة ١.٤% من الحماةمع أنها لا تشارك بتكلفة الكشف أو العلاجوتستأذن الزوجة من الزوج أو أم الزوج، بينما تستأذن الفتيات من الأب وفي حالة غيابه من الأم ثم من الأخ.. وهكذا. وعمومًا فقد تبين أن هذا الاستئذان يقلل من قدرة النساء في الحصول علي الرعاية الصحية في الوقت المناسب.

أما عن تحمل الأعباء المالية للحصول علي الخدمات الطبية، فقد وجدنا أن نسبة ٥.٢٥% من النساء محل البحث تتحمل أجر الطبيب لنفسها، رغم أنها لا تستطيع الذهاب للطبيب بدون استئذان وبنفس النسبة.

وفي الأسرة يذهب بنسبة 4.60% من الرجال إلى العيادات الخاصة ويختارون بأنفسهم الطبيب المعالج، كما يذهب الزوج أسرع إلى الطبيب بنسبة 8.78%عن زوجته، كما أوضحت الزوجات في البحث. وذلك علي الرغم من أن نسبة ٢.٢٢% من السيدات محل البحث هن اللاتي يعولن الأسرة وبنسبة ٥٠% الزوج هو الذي يعول، وبنسبة ٢% يتعاون الزوج والزوجة في إعالة الأسرة.

إلا أن هذا الواقع الاقتصادي، أن حوالي ربع النساء هن اللاتي يعولن أسرهم, لم يترجم لصالح النساء وقدرتهن في الحصول علي الرعاية الصحية والإنجابية, وهذا الحرمان من الرعاية الطبية ينعكس بالتأكيد علي صحة النساء وعلي ارتفاع نسبة وفياتهن بسبب الحمل والولادة.

كما تلاحظ أن أغلب السيدات لا يذهبن نهائيًا إلي المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج من الأمراض النسائية، مما يدل على أن تكلفة تقديم هذه المستشفيات لمثل هذه الخدمات أعلى بكثير من قدرات الفقراء، وإن كانت نسبة 6.35% من النساء محل البحث تذهب إلي العيادات خاصة وتختار الطبيب للعلاج من الأمراض النسائية، وتحصل علي الخصوصية في الكشف الطبي. فأن ذلك يؤدي إلي استنتاج أن فقدان الخصوصية في المستشفيات العامة أحد أهم الأسباب التي تجعل النساء يترددن كثيرًا قبل الذهاب إليها، خاصة في حالة الشكوي من أمراض نسائية، والتي تحتاج المرأة فيها لخصوصية تتناسب مع العادات والتقاليد الشعبية.

وتري نسبة ٤.٧١% من النساء محل البحث أن أسعار الكشف قد ارتفعت ارتفاعًا ملحوظًا، بينما لم يحدث أي تحسن ملحوظ في الخدمة الطبية مقابل ذلك، بينما تري نسبة 22% منهن أن الخدمة قد ساءت وتري نسبة ٦,٣٦% منهن أن الخدمة كما هي.

ويبين البحث أن معظم النساء محرومات من خدمات وحماية التأمين الصحي بنسبة تصل إلي 81% من نساء البحث، وذلك بسبب ارتباط التأمين الصحي بالعمل فجهات العمل هي أهم مصادر الحصول علي تأمين صحي ونظرا لانتشار البطالة بين النساء فإن ذلك يعني حرمان النساء من الحق في الصحة وغياب حماية التأمين الصحي لهن.

كما اتضح أن نسبة ٧,٧% من النساء محل البحث, تعتبر أن خدمات تنظيم الأسرة غالية الثمن، حيث اعتبرت نسبة ٣,١٠% منهن أن هذه الخدمات غالية إلى حد ما، ونسبة ١٨% اعتبرن أن خدمات تنظيم الأسرة غير رخيصة في الوقت الذي يجب فيه أن تكون وسائل تنظيم الأسرة في متناول الجميع، خاصة الفقراء الذين يعدون المصدر الرئيسي لزيادة النسل.

وقد أوصي البحث لتحسين خدمة الصحة الإنجابية للنساء بضرورة العمل علي تشجيع النساء علي الولادة في المستشفيات العامة.

العمل علي تحسين الخدمة المقدمة للنساء أثناء الحمل والولادة في المستشفيات العامة، والتوسع في هذه الخدمات لتشمل فترة ما بعد الولادة، وما بعد الإجهاض.

ضمان حسن معاملة النساء من قبل الجهاز الطبي بأكمله، وضمان خصوصية الخدمات الطبية للنساء، خاصة أثناء الحمل والولادة.

والعمل علي تدريبالدايات – القابلات – المولدات، ورفع مستواهن الطبي وعمل برامج متابعة لهن، لأنه لا تزال نسبة ٣٠% من النساء تقريبًا تلد عن طريقالداية“.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي